الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5 - كتاب الحَجِّ
37 - باب المواقيت
218 -
219 -
عن عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما، أنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:«يُهِلُّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَأَهْلُ الشَّامِ مِنَ الْجُحْفَةِ، وَأَهْلُ نَجْدٍ: مِنْ قَرْنٍ» .
قال عبداللَّه: وَبَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «وَيُهِلُّ (5) أَهْلُ الْيَمَنِ
(1)«وقال» : ليست في نسخة الزهيري، وهي ليست في البخاري، برقم 1524.
(2)
في نسخة الزهيري: «من غيرهن» ، وهي في البخاري، برقم 1524، وفي رقم 1526:«من غير أهلهن» .
(3)
في نسخة الزهيري: «الحج والعمرة» ، وهي في البخاري، برقم 1524، ومسلم، برقم 1181، وفي جميع روايات البخاري ومسلم أيضاً.
(4)
رواه البخاري، كتاب الحج، باب مُهلّ أهل مكة للحج والعمرة، برقم 1524، وباب مهل أهل الشام، برقم 1526، وباب مهل من كان دون المواقيت، برقم 1529، ومسلم، كتاب الحج، باب مواقيت الحج والعمرة، برقم 1181.
(5)
في نسخة الزهيري: «ومُهلُّ» .
مِنْ يَلَمْلَمَ» (1).
58 -
قال الشارح رحمه الله:
هذان الحديثان يتعلقان بالحج، والحج مصدر حج، يحجّ حجاً، وهو قصد الجهة المعظمة، أو الشخص المعظم، يقال له: حج، وسمي أداء المناسك حجاً؛ لأنه توجُّهٌ إلى اللَّه عز وجل لأداء المناسك عند أفضل بقعة، وفي أفضل بقعة، وهي مكة المكرمة حول المسجد الحرام، حول الكعبة المشرفة؛ ولهذا سُمِّي حجاً؛ لأنه مقصود عظيم لملك عظيم سبحانه وتعالى في أفضل بقعة، وبجوار أفضل بيت في الدنيا.
والحج له أركان، وله واجبات، وله شروط، دلّت عليها النصوص، وأوضحها أهل العلم.
فمن شروط الحج: أن يكون الشخص بالغاً مُكلفاً، فلا يجب على صغير، ولا على مجنون ومعتوه، إنما يجب على البالغ العاقل، الذي يجد ما يوصله إلى المسجد الحرام إلى مكة المكرمة، ويرده إلى بلاده مع بقاء ما يحتاجه أهله إن كان له أهل، فإذا كان مستطيعاً من جهة المال، بالغاً، عاقلاً، هذا هو الذي يلزمه الحج.
وهكذا العمرة، فإنها زيارة للبيت العتيق، وهي من جنس الحج، تجب مرة في العمر، كما يجب الحج مرة في العمر، وتكرارهما مستحب، وسُنة وقربة، لكن لا يجب على المكلفين إلا مرة في
(1) رواه البخاري، كتاب الحج، باب ميقات أهل المدينة، ولا يهلّوا قبل ذي الحليفة، برقم 1525، ومسلم، كتاب الحج، باب مواقيت الحج والعمرة، برقم 1182، واللفظ له.
العمر، لا الحج، ولا العمرة جميعاً، واللَّه جعل له مواقيت، والإحرام من المواقيت من واجبات الحج.
وله أركان كما تقدم، منها: الوقوف بعرفة، لبس الإحرام، الطواف، السعي، كل هذه أركان الحج، كونه يُحرم، وكونه يطوف، ويسعى، يقف بعرفة، كل هذه أركان لا بد، هذه أربعة.
وله واجبات، منها: أن يُحرم من الميقات ميقات أهل بلده، أو الميقات الذي يمر عليه إذا جاء من طريق آخر؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس قال ابن عباس رضي الله عنهما:«وقَّت النبي صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة» : [حجر](1) معروف، يقال له أبيار علي، ويقال له وادي العقيق، وهو قُرب المدينة في طرف المدينة من جهتها الجنوبية، من أراد الحج من طريق المدينة يلزمه الإحرام من ذي الحليفة، ولأهل الشام الجحفة إذا جاءوا من طريق الساحل، يحرمون من الجحفة، وإن جاءوا من طريق المدينة أحرموا من ميقات المدينة، ولأهل اليمن يلملم، وهو موضع معروف، ولأهل نجد قرن المنازل، ويسمونه الناس السيل، ويُسمَّى وادي قَرن، هن لهن لهذه البلدان، ولمن أتى عليهن من غير هذه البلدان، إذا جاء النجدي من طريق المدينة، أحرم من [ميقات] المدينة، وإذا جاء المدني من طريق الطائف أحرم من الميقات، من الطائف: من ميقات نجد، وإذا جاء من طريق اليمن، أحرم من ميقات اليمن، وإذا
(1) ما بين المعقوفين كلمة غير واضحة، والذي يظهر أنها:«حجر معروف» ، واللَّه أعلم.
جاء من طريق الشام أحرم من ميقات الشام؛ ولهذا قال: «هن لهن، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج أو العمرة» .
أما من أتى عليهن ما له قصد حج، ولا عمرة، إنما أراد أن يصل جدة فقط، أو أن يصل مكة للزيارة، أو زيارة قريب، أو صديق
ما أراد حجًّا، ولا عمرة، هذا ما يلزمه الإحرام، هذا هو الصواب، إنما يلزم الإحرام من أتى مكة لقصد الحج، أو العمرة، أما من أتى مكة لأمرٍ آخر، أو ما أراد مكة، إنما مرّ بالميقات يريد جدة، أو محلاً آخر، كالمزينة، أو بحرة، ما أراد مكة، فما عليه إحرام، أو أراد مكة لكن ما أراد بها الحج، ولا عمرة أرادها للتجارة، أو لزيارة قريب، أو صديق، أو علاج في مستشفياتها، أو ما أشبه ذلك، لا يلزمه الإحرام على الصحيح، إنما يلزم من أراد الحج، أو العمرة هو الذي بينه الرسول عليه الصلاة والسلام؛ ولهذا لما أتى النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح لحرب كفار قريش، وإخراجهم من مكة، أتاها حلالاً لم يُحرم عليه الصلاة والسلام، قال:«ومن كان دون ذلك» ، يعني منزله دون المواقيت، «فمُهَلّه من حيث أنشأ» ، يحرم من مكانه إذا كان مكانه دون المواقيت، مثل أهل جدة يحرمون من جدة، أهل بحرة يُحرمون من بحرة، أهل أم السلم يحرمون من أم السلم، أهل مزينة يُحرمون من مزينة، الذي مسكنه دون المواقيت أقرب إلى مكة من المواقيت يحرم من محله، فَمُهلَّه من حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة يحرمون من مكة، يعني بالحج.
أما العمرة، فلا يُحرمون من مكة، بل من الحل إذا أرادوا العمرة وهم في مكة يخرجون إلى الحل، كما أمر النبي عائشة أن تخرج إلى الحل، إلى الجعرانة مثلاً، المقصود إلى الحل إلى عرفات، وما أشبه ذلك مما يكون خارج الحرم.
وأما بالحج، يُحرم من مكة، أو من ضواحيها لا بأس، الحج أمره أوسع، يحرم من مكة من الحرم [....](1) من أطراف مكة لا بأس.
وهكذا حديث ابن عمر بين الرسول صلى الله عليه وسلم أنه يُحرم من هذه المواقيت، قال:«يُهلّ أهل المدينة» ؛ فهذا خبر معناه الأمر يدل على وجوب الإهلال إذا أراد الحج، أو العمرة، يُهلّ أهل المدينة من ذي الحليفة، ويُهلّ أهل الشام من الجحفة، ويُهلّ أهل اليمن من يلملم، يُهلّ أهل نجد من قرن، لكن ابن عمر لم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم إهلال أهل اليمن من يلملم، لكنه سمعه من غيره، وقد ثبت في حديث ابن عباس وغيره، وأهل العراق، جاء في حديث عائشة: أنهم يهلون من ذات العرق (2)، وتسمى الضريبة، محل يقال له الضريبة، وقد وقَّته لهم عمر أيضاً، فصادف اجتهاد عمر ما جاءت به السُّنة، فميقاتهم ذات عرق،
(1) ما بين المعقوفين: كلمة غير واضحة، وكأنها: الوسيعة، أو المسيئة، أو الوسيلة، حذفتها، ولا يؤثر حذفها في المعنى.
(2)
أخرج مسلم عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما، يُسْأَلُ عَنِ الْمُهَلِّ، فَقَالَ: سَمِعْتُ - أَحْسَبُهُ رَفَعَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «مُهَلُّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَالطَّرِيقُ الْآخَرُ الْجُحْفَةُ، وَمُهَلُّ أَهْلِ الْعِرَاقِ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ، وَمُهَلُّ أَهْلِ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ، وَمُهَلُّ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ» ، مسلم، كتاب الحج، باب مواقيت الحج والعمرة، برقم 1183.