الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - بابٌ في المذيِ وغيرِهِ
25 -
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كُنْتُ رَجُلاً مَذَّاءً، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمَكَانِ ابْنَتِهِ مِنِّي (1)، فَأَمَرْتُ الْمِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ (2) فَسَأَلَهُ، فَقَالَ:«يَغْسِلُ ذَكَرَهُ، وَيَتَوَضَّأُ» (3).
وللبخارِي «تَوَضَّا، وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ (4)» (5). ولمسلمٍ «تَوَضَّا وَانْضَحْ فَرْجَكَ» (6).
26 -
عن عبَّاد بن تميم عن عبد اللَّه بن زيد بن عاصم المازني رضي الله عنه قال: «شُكِيَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الرَّجُلُ الّذي (7) يُخَيَّلُ إلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلاةِ، فَقَالَ: لا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتاً، أَوْ يَجِدَ رِيحاً» (8).
(1)«مني» : ليست في نسخة الزهيري.
(2)
«بن الأسود» : ليست في نسخة الزهيري.
(3)
رواه البخاري، كتاب الغسل، باب غسل المذي والوضوء منه، برقم 269، وتقدم عنده برقم 132، 178، ومسلم، كتاب الحيض، باب المذي، برقم 303، واللفظ له.
(4)
في نسخة الزهيري: «اغسل ذكرك وتوضأ» ، ولفظ المتن للبخاري، برقم 269.
(5)
رواه البخاري، كتاب الغسل، باب غسل المذي والوضوء منه، برقم 269، واللفظ له، ومسلم، كتاب الحيض، باب المذي، برقم 303.
(6)
رواه مسلم، كتاب الحيض، باب المذي، برقم 19 - (303).
(7)
«الذي» : ليست في نسخة الزهيري، وهي عند البخاري، برقم 137 كما في المتن.
(8)
رواه البخاري، كتاب الوضوء، باب من لا يتوضأ من الشك حتى يستيقن، برقم 137، ومسلم، كتاب الحيض، باب الدليل على أن من تيقن الطهارة ثم شك في الحدث، فله أن يصلي بطهارته تلك، برقم 361، واللفظ له.
7 -
قال الشارح رحمه الله:
هذه الأحاديث الأربعة: الأول منها والثاني يتعلقان بالمسح على الخفين، والمسح على الخفين سنة، مشروع لما فيه من قول رسول اللَّه، ولما فيه من التسهيل والتيسير، لكن بشرط أن يكون ذلك على طهارة، يلبسهما على طهارة، وأن يكون الخفان ساترين، خفان من الجلد أو جوربان من الصوف أومن القطن أو من الشعر أو غير ذلك.
إذا كانا ساترين، ولبسهما على طهارة، فإنه يمسح، ولهذا لما أراد المغيرة أن ينزع الخفين قال له النبي صلى الله عليه وسلم:«دَعْهُمَا، فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ» (1).
وفي الحديث الآخر: «إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلَبِسَ خُفَّيْهِ فَلْيَمْسَحْ عَلَيْهِمَا» (2).
وفي حديث علي رضي الله عنه لما سُئِلَ عن مسح الخفين؟ قال: «يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ لِلْمُقِيمِ، وَثَلَاثَةٌ لِلْمُسَافِرِ بلَيَالِيهِنَّ» (3).
والمسافر يمسح ثلاثاً بلياليها، والمقيم يمسح يوماً وليلة، إذا كان لبسهما على طهارة، وكانا ساترين، ولو كانا من غير جلد يستران الكعبين والقدم، سواء كان ذلك عن: ريح، أو بول، أو غائط
(1) رواه البخاري، برقم 206،ومسلم، برقم 274،وتقدم تخريجه في تخريج حديث المتن، رقم 23.
(2)
سنن الدارقطني، 1/ 203، برقم 1، والبيهقي، 1/ 279، والطحاوي في شرح معاني الآثار، 1/ 84، والحاكم في المستدرك، 1/ 181، وصححه، ووافقه الذهبي، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع، 1/ 81.
(3)
شرح معاني الآثار بنحوه، 1/ 84، معجم ابن الأعرابي، 3/ 1020، ومسند الحميدي، 1/ 25.
لا بأس، كما في حديث حذيفة: أنه بال فتوضأ ومسح على خفيه، لكن إذا كان على جنابة لابد من الخلع إذا كان عليه جنابة، يخلع ويغسل بدنه كله، وإنما يمسح إذا كان الحدث أصغر، يتوضأ ويمسح يوماً وليلة إذا كان مقيماً، وثلاثة أيام بلياليها إذا كان مسافراً، والمبدأ من أول مسح بعد الحدث، يحتسب ذلك من أول مسح بعد الحدث، يحتسب اليوم والليلة من مسحه بعد الحدث.
والحائض والنّفساء كذلك لابد من الخلع، وتغسل بدنها كله، فلا تمسح، إنما المسح يكون من الحدث الأصغر.
حديث علي رضي الله عنه يدل على أن المذي نجس، وأن الإنسان إذا أمذى يتوضأ وضوء الصلاة.
والمذي: ماء لزج يخرج على طرف الذكر عند تحرك الشهوة، فإذا تحركت الشهوة تحرك الذكر، يخرج ماء يقال له المذي، هذا ينقض الوضوء، ويوجب غسل الذكر والأنثيين؛ ولهذا قال لعلي:«يغسل ذكره ويتوضأ» (1)، وفي اللفظ الآخر:«اغسل ذكرك وأنثييك» (2) يعني الخصيتين.
يغسل الذكر والأنثيين، ويتوضأ وضوء الصلاة من المذي.
(1) رواه البخاري، برقم 269، ومسلم، برقم 303، وتقدم تخريجه في تخريج حديث المتن رقم 25.
(2)
رواه أبو داود بلفظ: «فَتَغْسِلُ مِنْ ذَلِكَ فَرْجَكَ وَأُنْثَيَيْكَ» ، كتاب الطهارة، باب في المذي، برقم 211، والبيهقي، 2/ 411، والضياء المقدسي في المختارة، 4/ 18، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، 1/ 381.
أما المني فيوجب الغسل، والفرق بينهما: أن المني: ماء غليظ أبيض ثخين، يخرج بدفع وقوة، أما المذي: فهو ماء لزج خفيف في أعلى طرف الذكر عند تحرك الشهوة، هذا يقال له: مذي، فإذا أصاب الثوب ينضح أو البدن ما يحتاج إلى غسل ينضح، إذا رشه بالماء كفى، ويغسل الذكر والأنثيين ويتوضأ وضوء الصلاة من جهة المذي، سواء كان [المرأة، أو الرجل](1)، كله واحد، لا فرق بين الرجل والمرأة.
أمّا المني، وهو الماء الغليظ الذي يخرج عن شهوة عند دفقٍ بلذَّة، هذا يوجب الغسل؛ سواء في اليقظة أو في النوم.
والحديث الرابع: حديث عبداللَّه بن زيد بن عاصم الأنصاري رضي الله عنه: أنه شُكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل، أو شَكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل [الذي] يخيل إليه: أنه يجد الشيء في الصلاة، ويخيل إليه أنه خرج منه شيء في الصلاة: ريح أو بول، النبي عليه الصلاة والسلام قال:«لا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتاً، أَوْ يَجِدَ رِيحاً» (2)، يعني يلغي الوساوس، لا يعمل بالوساوس والتخيلات؛ لأن هذا يسبب عليه المشاكل، ويجترئ عليه الشيطان ويؤذيه، فلا يلتفت إلى هذه الوسوسة، حتى يسمع صوتاً، أو يجد ريحاً، أو يتحقق في الخروج إذا جزم: أنه خرج منه شيء يتوضأ، مادام عنده شك، خرج منه شيء أم لا؟ فإن طهارته باقية، وليس عليه وضوء، هذا من رحمة اللَّه،
(1) في أصل كلام التسجيل: «المرأة وإلا رجل» ، والذي يظهر ما أثبته.
(2)
رواه البخاري، برقم 137، ومسلم، برقم 361، وتقدم تخريجه في تخريج حديث المتن رقم 26.
وتيسير اللَّه جل وعلا: أن الإنسان لا يلتفت إلى الوساوس. ا. هـ (1).
27 -
وعن أمِّ قيسِ (2) بِنت مِحْصَنٍ الأسَدية «أَنَّهَا أَتَتْ بِابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ، لَمْ يَاكُلِ الطَّعَامَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَجْلَسَهُ (3) فِي حِجْرِهِ، فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَنَضَحَهُ عَلَى ثَوْبِهِ (4)، وَلَمْ يَغْسِلْهُ» (5).
28 -
عن عائشة أم المؤمنين (6) رضي الله عنها، «أَنَّ النَّبِيَّ (7) صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِصَبِيٍّ، فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ، فَدَعَا بِمَاءٍ، فَأَتْبَعَهُ إيَّاهُ» (8).
وَلِمُسْلِمٍ: «فَأَتْبَعَهُ بَوْلَهُ، وَلَمْ يَغْسِلْهُ» (9).
29 -
عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قال: «جَاءَ أَعْرَابِيٌّ، فَبَالَ فِي طَائِفَةِ الْمَسْجِدِ، فَزَجَرَهُ النَّاسُ، فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا قَضَى بَوْلَهُ أَمَرَ النَّبِيُّ
(1) نهاية الوجه الثاني من الشريط الأول.
(2)
بداية الوجه الأول من الشريط الثاني، سجِّل في 6/ 3/ 1409هـ.
(3)
في نسخة الزهيري: «رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم» .
(4)
«على ثوبه» : ليست في نسخة الزهيري.
(5)
رواه البخاري، كتاب الوضوء، باب بول الصبيان، برقم 223، وفي لفظ له برقم 5693:«دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم، بابن لي لم يأكل الطعام، فبال عليه، فدعا بماءٍ، فرشّ عليه» ، ومسلم، كتاب الطهارة، باب حكم بول الطفل الرضيع وكيفية غسله، برقم 287.
(6)
«أم المؤمنين» : ليست في نسخة الزهيري.
(7)
في نسخة الزهيري: «أن رسول اللَّه» .
(8)
رواه البخاري، كتاب الوضوء، باب بول الصبيان، برقم 222 بلفظه، ومسلم، كتاب الطهارة، باب حكم بول الطفل الرضيع وكيفية غسله، برقم 286.
(9)
مسلم، برقم 286، وتقدم تخريجه في تخريج حديث المتن، رقم 28.
- صلى الله عليه وسلم بِذَنُوبٍ مِنِ مَاءٍ، فَأُهْرِيقَ عَلَيْهِ» (1).
30 -
عن أبِي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: «الْفِطْرَةُ خَمْسٌ: الْخِتَانُ، وَالاسْتِحْدَادُ، وَقَصُّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ، وَنَتْفُ الإِبِطِ» (2).
8 -
قال الشارح رحمه الله:
هذه الأحاديث الأربعة الثابتة عن رسول اللَّه عليه الصلاة والسلام تتعلق بأحكام متعددة.
الحديث الأول: حديث أم قيس بنت محصن الأسدية رضي الله عنها، وهي أخت عُكَّاشة بن محصن الصحابي الجليل، تقول: إنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم بصبي لها لم يأكل الطعام، صغير رضيع، لم يأكل الطعام، فبال على ثوب النبي صلى الله عليه وسلم أخذه فأجلسه في حجره، فبال عليه، فدعا بماء فنضحه على ثوبه، ولم يغسله (3).
وهكذا في حديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي أُتي بصبي فبال على
(1) رواه البخاري، كتاب الوضوء، باب ترك النبيّ صلى الله عليه وسلم والناس الأعرابي حتى فرغ من بوله في المسجد، برقم 219، وباب صب الماء على البول في المسجد، برقم 221، ورقم 6025، ومسلم، كتاب الطهارة، باب وجوب غسل البول وغيره من النجاسات إذا حصلت في المسجد، وأن الأرض تطهر بالماء من غير حاجة إلى حفرها، برقم 284، و285.
(2)
رواه البخاري، كتاب اللباس، باب قص الشارب، برقم 5889، وباب تقليم الأظفار، برقم 5891، ومسلم، كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم 257.
(3)
رواه البخاري، برقم 222، ومسلم، برقم 286، وتقدم تخريجه في تخريج حديث المتن، برقم 27.
ثوبه، فدعا بماء، فأتبعه إياه ولم يغسله (1). هذان الحديثان الصحيحان يدلان على أن بول الصبي الصغير الذي لا يتغذَّى إلا بالحليب، بوله يرش، وينضح، ولا يحتاج إلى غسل؛ لأن نجاسته مخففة؛ ولهذا في حديث أبي السمح رضي الله عنه خادم النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«بَوْلُ الْغُلامِ الرَّضِيعِ يُنْضَحُ، وَبَوْلُ الْجَارِيَةِ يُغْسَلُ» (2). وهكذا في حديث علي رضي الله عنه: «بول الغلام الرضيع ينضح، وبول الجارية يغسل» (3).
وهذه الأحاديث كلها تدل على أن الصبي الصغير الذي لا يأكل الطعام، إنما يتغذى بحليب أمه، هذا يرش بوله، إذا أصاب الثوب والبدن، يرش بالماء، وينضح بالماء من غير حاجة إلى غسل، ولا عصر، ولا دَلْك.
(1) مسلم، برقم 286، وتقدم تخريجه في تخريج حديث المتن، برقم 28.
(2)
أخرج أبو داود، كتاب الطهارة، باب بول الصبي يصيب الثوب، برقم 376، والنسائي، كتاب الطهارة، باب بول الجارية، برقم 305، وابن ماجه، كتاب الطهارة، باب ما جاء في بول الصبي الذي لم يطعم، برقم 526، وابن خزيمة، 1/ 143، برقم 283، والحاكم، 1/ 166، والبيهقي، 2/ 415، عن أبي السمح رضي الله عنه قال: كنْتُ أَخْدُمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَكَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَغْتَسِلَ قَالَ: «وَلِّنِي قَفَاكَ» ، فَأُوَلِّيهِ قَفَايَ فَأَسْتُرُهُ بِهِ، فَأُتِيَ بِحَسَنٍ أَوْ حُسَيْنٍ رضي الله عنهما فَبَالَ عَلَى صَدْرِهِ، فَجِئْتُ أَغْسِلُهُ، فَقَالَ:«يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْجَارِيَةِ وَيُرَشُّ مِنْ بَوْلِ الْغُلَامِ» .
(3)
رواه أحمد، 2/ 358، برقم 1148، والترمذي، أبواب السفر والكسوف، باب ما ذكر في نضح بول الغلام الرضيع، برقم 610، وأبو داود موقوفاً بنحوه، كتاب الطهارة، باب بول الصبي يصيب الثوب، برقم 377، وقال محققو المسند، 2/ 358:«إسناده صحيح على شرط مسلم» ، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي، 1/ 324.
أما الجارية فبولها أغلظ يغسل، ولو كانت لا تأكل الطعام، ويغسل غسلاً بالعصر، والفرك، يصب عليه الماء ويعصر، هذا إذا لم يأكلا الطعام؛ أما إذا أكلا الطعام، وتغذيا بالطعام، فإنه يغسل الذكر والأنثى، يغسلان جميعاً، إذا كان الذكر يتغذى بالطعام، أما كونه يأكل الطعام اليسير، وبعض الشيء؛ فإن هذا ما [يغذِّي](1) ، أما إذا كان غذاؤه بالطعام لا بالحليب، فإنه يغسل كالجارية.
والحديث الثاني حديث أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أن أعرابياً بال في طائفة المسجد، فزجره الناس، يعني أنكروا عليه لخبث عمله، وهو البول في المسجد، وكان جاهلاً، حديث العهد بالإسلام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«دعوه» . فلما قضى بوله علّمه النبي صلى الله عليه وسلم «أن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من البول والقذر» (2) ، وإنما بُنيت لذكر اللَّه، وقراءة القرآن، والصلاة. وقال للصحابة كما في الحديث الآخر: حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «إِنَّمَا بُعِثْتُم مُيَسِّرينَ ولم تُبْعَثُوا مُعَسِّرين» (3) ثم أمر بدلو من ماء، فصُب عليه، ولم يأمر بنقل التراب، ولا تحجير الماء، بل صبّ عليه الماء وكفى.
(1) الكلام غير واضح في التسجيل في هذه الكلمة «ما يغذِّي» ، أو «ما يمنع» ، والأول أظهر، واللَّه أعلم.
(2)
رواه البخاري، برقم 221، ومسلم، برقم 285، وتقدم تخريجه في تخريج حديث المتن، برقم 29.
(3)
رواه البخاري، كتاب الوضوء، باب صب الماء على البول في المسجد، برقم 220، ومسلم، كتاب الطهارة، باب وجوب غسل البول وغيره من النجاسات إذا حصلت في المسجد، وأن الأرض تطهر بالماء من غير حاجة إلى حفرها، برقم 284.
هذا يدل على فوائد:
[1]
ــ منها: الرفق بالجاهل، وعدم الشدة على الجاهل حتى لا ينفر من الإسلام.
[2]
ــ منها تعليمه وإرشاده إلى الحكم الشرعي، حتى ينتبه في المرة الأخرى، لا يفعل ما فعل.
[3]
ــ ومن فوائد هذا الحديث: حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنه كان رفيقا ليناً عليه الصلاة والسلام ، حليماً كما قال اللَّه عز وجل:{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} (1)،
ولهذا أرشدهم إلى الرفق بهذا الجاهل، فقال:«إِنَّمَا بُعِثْتُم مُيَسِّرينَ ولم تُبْعَثُوا مُعَسِّرين» رواه البخاري في الصحيح (2) من حديث أبي هريرة، هذا يدل على الرفق بالجاهل، وعلى حسن خلق النبي، وعلى أنه ينبغي للأمة أن يتأسوا به صلى الله عليه وسلم في ذلك، وأن يرفقوا، ويحلموا، ولا يعجلوا.
[4]
-وفيه من الفوائد: أن البول إذا وقع في المسجد مثلاً، أو في بقعة يُكاثر بالماء، يُصبُّ عليه الماء ويكفي، يُصبُّ عليه ماء أكثر منه ويكفي لطهارته، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يُصب عليه سَجْل من ماء،
(1) سورة آل عمران، الآية:159.
(2)
رواه البخاري، برقم 220، وتقدم تخريجه في تخريج أحاديث شرح حديث المتن رقم 29.
والسجل هو الذنوب والدلو شيء واحد، ولم يأمر أن ينقل التراب، ويحجَّر الأرض، يُصبّ عليه الماء ويكفي، يسيح فيه، بهذا تتفرق أجزاؤه، ويغلب عليه الماء الطهور، وينتهي الأمر، لكن لو كان له جرم، أو كان للنجاسة جرم، يؤخذ الجرم، ويطرح بعيداً في القاذورات إذا كانت النجاسة من الغائط، يؤخذ جسم الغائط، أو قطعة من الدم تؤخذ وترفع، أو ما أشبه ذلك من النجاسات التي لها جرم، هذه تُرفع ثم يُصب الماء على محلها، إذا كان محلها رطباً يُصبّ الماء على محلّها، أما إذا كانت يابسة ترفع ويكفي، ولا يحتاج صبّ ماء، إذا كانت القطعة يابسة وقعت في المسجد، ترفع عن المسجد، ولا يحتاج صب الماء على محلها؛ لأنها يابسة، وهكذا لو كانت في بيت الإنسان، أو في حوشه، أو في سطحه، أو في أي مكان، فإذا صُب الماء على البول طَهُر، وهكذا إذا كان في الفرش، يصب عليها الماء، ويُكاثر بالماء ويكفي، ولا يحتاج إلى دَلْكٍ وغسلٍ.
س: إذا كان البول على بلاط؟
ج: يُصب عليه الماء ويكفي، يسيح فيه الماء، ويكفي.
الحديث الرابع: حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الْفِطْرَةُ خَمْسٌ» الفطرة هي السنة التي فطر اللَّه عليها العباد، خَمْس خصال:«الْخِتَانُ، الِاسْتِحْدَادُ، قَصُّ الشَّارِبِ، قلْمُ الْظّفْرِ، نَتْفُ الْإِبْطِ» (1) خمسة،
(1) رواه البخاري بنحوه، برقم 5889، ومسلم، برقم 257، وتقدم تخريجه في تخريج حديث المتن رقم 30.
هذه من السنة، واللَّه فطر عليها العباد، فينبغي للمسلمين الأخذ بها.
أولها: الختان: يختن الذكر بأخذ القلفة التي على رأس الذكر، أي الجلدة؛ لأن هذا أنظف له، وأبعد عن آثار النجاسة، وأعون له على جماع أهله، ومن الفطرة.
والأنثى كذلك: يؤخذ منها شيء يسير من اللحمة التي في مقدمة الفرج، لحمة حمراء يؤخذ منها شيء يسير، وهو ختانها إذا تيسر من يفهم ذلك، وهو سنة مؤكدة.
وذهب بعض أهل العلم إلى الوجوب في حق الرجال، وهذا مشهور عن ابن عباس وجماعة، والجمهور على أنه سنة مؤكدة.
والثاني: الاستحداد: معناه حلق العانة: الشعرة للرجل، والمرأة سنة، هذا الاستحداد، وإذا أزيل الشعر بشيء من الأدوية بدلاً من الاستحداد بالموس، فلا بأس إذا وضع على العانة الشعرة دواء يزيل مثل ما يفعل الناس اليوم يزيل الشعر كفى.
والثالث: قص الشارب، والسنة قص الشارب، ولا يجوز
تطويله، بل يجب قصه. ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «مَنْ لَمْ يَاخُذْ
مِنْ شَارِبِهِ، فَلَيْسَ مِنَّا» (1)، وقال: «قُصُّوا الشَّوَارِبَ، وَأَوْفُوا
(1) مسند أحمد، 32/ 7، برقم 19263، والترمذي، كتاب الأدب، باب ما جاء في قص الشارب، برقم 2761، وقال:«حسن صحيح» ، والنسائي، كتاب الطهارة، قص الشارب، برقم 13، وابن حبان، 12/ 290، برقم 5477، وقال محققو المسند، 32/ 7:«إسناده صحيح، رجاله ثقات» ، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزياداته، 3/ 417.
اللِّحَى» (1)، «وَفِّرُوا اللِّحَى» (2) ، «أَرْخُوا اللِّحَى» (3). الواجب قص الشوارب، أما اللِّحى فيجب توفيرها، وإرخاؤها، وإعفاؤها، ولا يجوز حلقها، ولا قصها، كثير من الناس اليوم ابتلي بمثل هذا، نسأل اللَّه العافية، قص اللحية وحلقها، هذا منكر، الواجب إعفاؤها، وإكرامها، وتوفيرها، أما الشارب فيُقصّ ويُحْفى، كما جاءت به السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام.
الرابع: قلم الظفر: قلم الأظفار: السنة قلمها، لا تتركها تطول من الرجال والنساء.
والخامس: نتف الإبط: كذلك ينتف الإبط، وإن أَزاله بغير النتف بالدواء كفى، إن أزال شعر الإبط بالدواء، أو أزال الأظفار بقصٍّ دون القلم بمقص فلا بأس.
وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للصحابة وأوصاهم بأن لا تُتْرك هذه الأمور أكثر من أربعين ليلة.
قال أنس رضي الله عنه: «وُقِّتَ لَنَا فِي قَصِّ الشَّارِبِ، وَقَلْمِ الظُّفْرِ، وَنَتْفِ الإِبِطِ، وَحَلْقِ الْعَانَةِ، أَنْ لَا نَتْرُكَ ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَة» (4)، وأنه
(1) مسند أحمد، 12/ 34، برقم 7132، بلفظ:«اعفوا» ، وفي مسلم، كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، بلفظ:«احفوا» .
(2)
البخاري، كتاب اللباس، باب تقليم الأظفار، برقم 5892.
(3)
مسلم، كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم 260.
(4)
مسلم، كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم 258.