المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌61 - باب الصيد - الإفهام في شرح عمدة الأحكام

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المحقق

- ‌وكان عملي على النحو الآتي:

- ‌نبذة عن حياة مؤلف العمدة: الإمام عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي

- ‌أولاً: نسبه، ومولده، ونشأته، ومكانته العلمية:

- ‌ثانياً: عبادته وتضرعه، وأوقاته:

- ‌ثالثاً: شيوخه:

- ‌رابعاً: تلامذته:

- ‌خامساً: أقوال العلماء فيه:

- ‌سادساً: أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر:

- ‌سابعاً: جوده وكرمه:

- ‌ثامناً: تصانيفه:

- ‌تاسعاً: وفاته:

- ‌نبذة عن حياة الشارح الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌أولاً: ما قال سماحته عن نفسه

- ‌ثانياً: أوصافه الخَلْقية

- ‌ثالثاً: صفاته الخُلُقية:

- ‌رابعاً: دروسه العلمية في مدينة الرياض

- ‌خامساً: زوجات سماحة الشيخ:

- ‌سادساً: أولاده:

- ‌ثامناً: الجنازة وأصداء الوفاة

- ‌تاسعاً: مشاهد نادرة من جنازة الشيخ

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌1 - كتاب الطهارة

- ‌1 - بابُ دخولِ الخلاءِ والاستطابةِ

- ‌2 - بابُ السواكِ

- ‌3 - بابُ المسحِ على الخفينِ

- ‌4 - بابٌ في المذيِ وغيرِهِ

- ‌5 - بابُ الغسل من الجنابةِ

- ‌6 - باب التَّيَمُّمِ

- ‌7 - بابُ الحيضِ

- ‌2 - كتاب الصلاة

- ‌8 - بابُ المواقيتِ

- ‌9 - باب فضلِ صلاة الجماعة ووجوبها

- ‌10 - بابُ الأَذانِ

- ‌11 - باب استقبالِ القبلة

- ‌12 - بابُ الصُّفوفِ

- ‌13 - بابُ الإِمامةِ

- ‌14 - بابُ صفةِ صلاةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌15 - باب وجوب الطمأنينة في الركوع والسجود

- ‌16 - باب القراءة في الصلاة

- ‌17 - بابُ تركِ الجَهرِ ببسمِ اللَّه الرَّحمنِ الرَّحيمِ

- ‌18 - بابُ سجودِ السَّهو

- ‌19 - بابُ المرورِ بينَ يديِ المصلي

- ‌20 - بابٌ جامعٌ

- ‌21 - بابُ التَّشهدِ

- ‌24 - باب الجمع بين الصلاتين في السفر

- ‌25 - باب قصر الصلاة في السفر

- ‌26 - باب الجمعة

- ‌27 - باب العيدين

- ‌28 - باب صلاة الكسوف

- ‌29 - باب صلاة الاستسقاء

- ‌30 - باب صلاة الخوف

- ‌31 - باب الجنائز

- ‌3 - كتاب الزكاة

- ‌32 - باب صدقة الفطر

- ‌4 - كتاب الصِّيَامِ

- ‌33 - باب الصوم في السفر وغيره

- ‌34 - باب أفضل الصيام وغيره

- ‌35 - باب ليلة القَدر

- ‌36 - باب الاعتكاف

- ‌5 - كتاب الحَجِّ

- ‌37 - باب المواقيت

- ‌38 - باب ما يلبس المُحرِم من الثياب

- ‌39 - باب الفدية

- ‌40 - باب حُرمة مكة

- ‌41 - باب ما يجوز قتله

- ‌42 - باب دخول مكة وغيره

- ‌43 - باب التمتُّع

- ‌44 - باب الهدي

- ‌45 - باب الغسل للمحرم

- ‌46 - باب فسخ الحج إِلى العمرة

- ‌47 - باب المحرم يأكل من صيد الحلال

- ‌6 - كتاب البيوع

- ‌48 - باب ما يُنهى عنه من البيوع

- ‌49 - باب العرايا وغير ذلك

- ‌50 - باب السَّلَم

- ‌51 - باب الشروط في البيع

- ‌52 - باب الربا والصَّرف

- ‌53 - باب الرهن وغيره

- ‌54 - بابُ اللُّقَطة

- ‌7 - كتاب الوصَايا

- ‌8 - كتاب الفرائض

- ‌9 - كتاب النكاح

- ‌55 - باب الصداق

- ‌10 - كتاب الطلاق

- ‌56 - باب العِدَّة

- ‌11 - كتاب اللعان

- ‌12 - كتاب الرضَاع

- ‌13 - كتاب القِصَاص

- ‌14 - [كتاب الحدُود

- ‌57 - باب حدِّ السرقة

- ‌58 - باب حدِّ الخمر

- ‌15 - كتاب الأيمان والنذور

- ‌59 - باب النذر

- ‌60 - باب الْقَضاء

- ‌16 - كتاب الأطعمة

- ‌61 - باب الصيد

- ‌62 - باب الأضاحي

- ‌17 - كتاب الأشربة

- ‌18 - كتاب اِللِّبَاس

- ‌19 - كتاب الجِهاد

- ‌20 - كتاب العتق

- ‌63 - باب بيع المدبَّر

- ‌الفهارس العامة

- ‌1 - فهرس الآيات القرآنية

- ‌2 - فهرس الأحاديث النبوية والآثار

- ‌3 - فهرس الألفاظ الغريبة

- ‌4 - فهرس الأشعار

- ‌5 - فهرس مصادر ومراجع التحقيق

الفصل: ‌61 - باب الصيد

والغراب: طيور خبيثة، تأكل الجيف، ولهذا حَرُمت لخبثها، والنسر كذلك؛ لأنها خبيثة، بخلاف الحمام والقُمري، والصعو (1)، والعصافير، والدجاج، والحبارى، هذه كلها طيور طيبة.

في الحديث الثالث: الدلالة على أن من الآداب بعد الطعام أن لا يغسل يديه حتى يلعقها، أو يُلعِقها غيره، كذلك لا يمسحها بالمنديل حتى يلعقها، هكذا السنة، يلعقها أولاً، ثم يغسلها إن شاء، أو يمسحها بالمنديل، لا يغسلها والطعام فيها، ولا يمسحها والطعام فيها، ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم:«إِذَا أَكَلَ أحدكم طَعَاماً، فَلَا يَمْسَحْ يَدَهُ حَتَّى يَلْعَقَهَا، أَوْ يُلْعِقَهَا» ، إذا كان الطعام له بقية، أما إذا كان الطعام ما له بقية مثل الخبز لا يبقى فيه بقية، هذه يغسلها أو يمسحها (2).

‌61 - باب الصيد

392 -

عن أبي ثَعْلَبَةَ (3) الْخُشَنِيِّ رضي الله عنه قَال: «أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّا بِأَرْضِ قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ، أَفَنَاكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ؟ وَفِي أَرْضِ صَيْدٍ (4)، أَصِيدُ بِقَوْسِي وَبِكَلْبِي الَّذِي لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ، وَبِكَلْبِي الْمُعَلَّمِ، فَمَا يَصْلُحُ لِي؟ قَالَ: «أَمَّا مَا ذَكَرْتَ ــ يَعْنِي ــ مِنْ آنِيَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَإِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَهَا فَلا تَاكُلُوا فِيهَا، وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا

(1) الصَّعْوُ: عُصْفُورٌ صَغيرٌ، أَحْمَرُ الراسِ، تاج العروس، 38/ 422، مادة (صعو).

(2)

آخر الوجه الثاني من الشريط الثامن عشر.

(3)

أول الوجه الأول من الشريط التاسع عشر.

(4)

«صيد» : ليست في نسخة الزهيري، وهي في البخاري، برقم 5496.

ص: 758

فَاغْسِلُوهَا، وَكُلُوا فِيهَا، وَمَا صِدْتَ بِقَوْسِكَ فَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ: فَكُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ الْمُعَلَّمِ، فَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ: فَكُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ غَيْرِ الْمُعَلَّمِ، فَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَكُلْ» (1).

393 -

عن هَمَّامِ بن الحارث، عن عَدِيِّ بن حاتم رضي الله عنه قال:«قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي أُرْسِلُ الْكِلابَ الْمُعَلَّمَةَ، فَيُمْسِكْنَ عَلَيَّ، وَأَذْكُرُ اسْمَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: «إذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُعَلَّمَ، وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عليه (2)، فَكُلْ مَا أَمْسَكَ عَلَيْكَ» قُلْتُ له: وَإِنْ قَتَلْنَ؟ قَالَ: «وَإِنْ قَتَلْنَ، مَا لَمْ يَشْرَكْهَا كَلْبٌ لَيْسَ مِنْهَا» قُلْتُ له: فَإِنِّي أَرْمِي بِالْمِعْرَاضِ الصَّيْدَ فَأُصِيبُ؟ فَقَالَ: «إذَا رَمَيْتَ بِالْمِعْرَاضِ، فَخَرَقَ (3): فَكُلْهُ، وَإِنْ أَصَابَهُ بِعَرْضِهِ (4): فَلا تَاكُلْهُ» (5).

394 -

وحديث الشَّعْبِيِّ عن عدي نحوه، وفيه «إلَاّ أَنْ يَاكُلَ

(1) رواه البخاري، كتاب الذبائح والصيد، باب آنية المجوس والميتة، برقم 5496، بنحوه، وألفاظه مفرقة في صحيح البخاري، برقم 5478، و5488، و5496، ومسلم، كتاب الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان، باب الصيد بالكلاب المعلمة، برقم 1930 بنحوه.

(2)

«عليه» : ليست في نسخة الزهيري، وهي في صحيح مسلم، برقم 1929.

(3)

في نسخة الزهيري: «فخزق» ، وهذا لفظ مسلم، برقم 1929.

(4)

في نسخة الزهيري: «بعرضٍ» ، أما «بعرضه» فهي لفظ مسلم، برقم 1929.

(5)

رواه البخاري، كتاب الذبائح والصيد، باب صيد المعراض، برقم 5476، وذكره البخاري مفرقاً في رقم 2054، و5475، و5476، و5477، و5483، و5484، و5485، و5486، و5487، و7397، ومسلم، كتاب الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان، باب الصيد بالكلاب المعلمة، برقم 1929 بلفظه.

ص: 759

الْكَلْبُ، فَإِنْ أَكَلَ فَلا تَاكُلْ، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ خَالَطَهَا كِلابٌ مِنْ غَيْرِهَا فَلا تَاكُلْ» (1)، فَإِنَّمَا سَمَّيْتَ عَلَى كَلْبِكَ، وَلَمْ تُسَمِّ عَلَى غَيْرِهِ» (2).

وَفِيهِ «إذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُعلَّم (3): فَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، فَإِنْ أَمْسَكَ عَلَيْكَ، فَأَدْرَكْتَهُ حَيّاً، فَاذْبَحْهُ، وَإِنْ أَدْرَكْتَهُ قَدْ قَتَلَ، وَلَمْ يَاكُلْ مِنْهُ: فَكُلْهُ (4)، فَإِنَّ أَخْذَ الْكَلْبِ ذَكَاتُهُ» (5).

وَفِيهِ أَيْضًا «إذَا رَمَيْتَ بِسَهْمِكَ فَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ» (6).

وَفِيهِ «فَإِنْ غَابَ عَنْكَ يَوْماً أَوْ يَوْمَيْنِ ــ وفي رواية: «الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلاثَةَ ــ فَلَمْ تَجِدْ فِيهِ إلَاّ أَثَرَ سَهْمِكَ: فَكُلْ إنْ شِئْتَ، وَإِنْ (7) وَجَدْتَهُ غَرِيقاً فِي الْمَاءِ: فَلا تَاكُلْ، فَإِنَّكَ لا تَدْرِي: الْمَاءُ قَتَلَهُ، أَوْ سَهْمُكَ؟» (8).

(1) البخاري، كتاب الذبائح والصيد، باب إذا أكل الكلب، برقم 5483، وباب ما جاء في الصيد، برقم 5487، ومسلم، كتاب الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان، برقم 2 - (1929).

(2)

البخاري، كتاب الصيد والذبائح، باب إذا وجد مع الصيد كلباً آخر، برقم 5486، ومسلم، برقم 3 - (1929).

(3)

في نسخة الزهيري: «المكلَّب» بدل المعلَّم.

(4)

مسلم، كتاب الصيد والذبائح، باب الصيد بالكلاب المعلمة، برقم 6 - (1929)، ولكن ليس عنده كلمة:«الكلب» .

(5)

مسلم، كتاب الصيد والذبائح، باب الصيد بالكلاب المعلمة، 4 - (1929)، لكن بلفظ:«فإن ذكاته أخذه» .

(6)

مسلم، كتاب الصيد والذبائح، باب الصيد بالكلاب المعلمة، برقم 6 - (1929).

(7)

في نسخة الزهيري: «فإن» .

(8)

هذه الجمل ملفقة من صحيح البخاري، في كتاب الصيد والذبائح، برقم 5484، ففيه:«وإن رميت الصيد فوجدته بعد يومٍ، أو يومين ليس به إلا أثر سهمك، فكل، وإن وقع في الماء فلا تأكل» ، وقوله:«اليومين والثلاثة» رواية البخاري، برقم 5485، وقوله:«فإن وجدته غريقاً في الماء فلا تأكل فإنك لا تدري الماء قتله، أو سهمك» ، هذه الرواية ملفقة من صحيح مسلم، برقم 7 - (1929)، ورقم 6 - (1929).

ص: 760

395 -

عن سالم بن عبد اللَّه بن عمر، عن أبيه رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنِ اقْتَنَى كَلْباً ــ إلَاّ كَلْبَ صَيْدٍ، أَوْ مَاشِيَةٍ ــ فَإِنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ» (1).

قال سالم: وكان أبو هريرة يقول «أَوْ كَلْبَ حَرْثٍ، وَكَانَ صَاحِبَ حَرْثٍ» (2).

116 -

قال الشارح رحمه الله:

هذه الأحاديث الثلاثة تتعلق بالصيد: السهام، والكلاب، والرماح، وتتعلق باقتناء الكلب.

بين النبي صلى الله عليه وسلم أن ما صاده الإنسان بكلبه المُعلَّم فإنه حلال ولو قتله يعني حلال له؛ لأن اللَّه قال: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ} (3).

فإن وجده حياً لم يمت ذبحه، وإن وجد مع كلبه كلاباً أخرى

(1) رواه البخاري، كتاب الذبائح والصيد، باب من اقتنى كلباً ليس بكلب صيد أو ماشية، برقم 5480، و5481، ومسلم، كتاب المساقاة والمزارعة، باب الأمر بقتل الكلاب، وبيان نسخه، وبيان تحريم اقتنائها، إلا لصيد أو زرع، أو ماشية ونحو ذلك، برقم 51 - (1574)، واللفظ له.

(2)

رواه مسلم، كتاب المساقاة والمزارعة، باب الأمر بقتل الكلاب، وبيان نسخه، وبيان تحريم اقتنائها، إلا لصيد أو زرع، أو ماشية ونحو ذلك، برقم 54 - (1574).

(3)

سورة المائدة، الآية:4.

ص: 761

فلا يأكل، فإنه إنما سمَّى على كلبه، كلبه هو المعلم المُهيَّأ لهذا الشيء، وهكذا ما أصاب بالمعراض، وهو الرمح، إذا أصابه بالحد، يعني بالحديدة التي فيه، فخزق (1)، هذا يكون حلالاً، وإن أصابه بالعرض: عرض الرمح؛ فإنه وقيذ فلا يُؤكل، اللَّه جل وعلا قال:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ} (2)، والموقوذة هي التي تضرب بالحجر، أو بعرض الرمح، أو بالخشبة، ونحو ذلك، يقال لها وقيذة إذا ماتت، أما ما طعنه بسن الرمح، وحد الرمح حتى مات فإنه حلال، وبين صلى الله عليه وسلم:«أنه إذَا أَكَلَ الْكَلْبُ لَا يُؤْكَلْ منه» (3)؛ لأنه إذا أكل منه فإنما أمسك على نفسه، ما أمسك على صاحبه، فلا يُؤكل إذا أكل منه.

وسأله عن آنية المشركين، وعن آنية أهل الكتاب هل يستعملونها؟ قال: إن وجدتم غيرها فلا تستعملوها، وإن لم تجدوا غيرها فاغسلوها وكلوا فيها؛ لأنه قد يكون فيها الخمر، والميتات، فإذا وجد غيرها استعمل غيرها، فإن لم يجد غيرها غسلها، وأكل فيها، وذبيحة أهل الكتاب حل لنا؛ لأن الظاهر من طعامهم الحل؛ لأنهم ما يستعملون فيه ما حرم اللَّه.

(1) خزق: خزق السهم، وخسق: إذا أصاب الرمية، ونفذ فيها، وسهم خازق، وخاسق: النهاية في غريب الحديث والأثر، 2/ 28، مادة (خزق).

(2)

سورة المائدة، الآية:3.

(3)

البخاري، برقم 175، ومسلم، برقم 1929، وتقدم تخريجه في تخريج حديث المتن رقم 394.

ص: 762

لكن الأواني قد يستعمل فيها الخمر، ولحوم الميتات التي يستحلونها، فإذا وجدها فيغسلها إذا احتاج إليها، ثم يأكل فيها.

وفي حديث ابن عمر الدلالة على أنه لا يجوز اقتناء الكلاب إلا لأحد ثلاث: إما للصيد، أو الماشية، أو الزرع.

إما ليصيد به، وهو السَّلق المعلم: الكلب المعلم.

وإما للحرث ليحمي المزرعة.

وإما للماشية للغنم، حتى يحميها من الذئاب، هذا لا بأس باقتنائه لصيد، أو حرث، أو ماشية، كما رواه أبو هريرة وغيره.

أما اقتناؤه لغير ذلك، فإنه يُنقص من أجره كل يوم قيراطان، القيراط جزء من أربعين جزءاً من الشيء (1).

(1) القيراط: جزء من أجزاء الدينار، وهو نصف عشره في أكثر البلاد، وأهل الشام يجعلونه جزءاً من أربعة وعشرين، والياء فيه بدل من الراء، فإن أصله قرّاط، وقد تكرر في الحديث

وإن كان القيراط مذكورا في غيرمصر؛ لأنه كان يغلب على أهلها أن يقولوا أعطيت فلاناً قراريط: إذا أسمعه ما يكرهه. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، 4/ 41، مادة (قرط)، وقال في لسان العرب: 7/ 375، مادة (قرط):«والقِرَّاط، والقِيراط مِنَ الْوَزْنِ: مَعْرُوفٌ، وَهُوَ نِصْفُ دانِق، وأَصله قِرّاط بِالتَّشْدِيدِ؛ لأَن جَمْعَهُ قَراريط، فأُبدل من إِحدى حَرْفَيْ تَضْعِيفِهِ يَاءً عَلَى مَا ذُكِرَ فِي دِينَارٍ، كَمَا قَالُوا: دِيبَاجٌ، وَجَمَعُوهُ دَبابيج، وأَما الْقِيرَاطُ الَّذِي فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وأَبي هُرَيْرَةَ فِي تَشْييع الْجِنَازَةِ، فَقَدْ جَاءَ تَفْسِيرُهُ فِيهِ: أَنه مِثْلَ جَبَلِ أُحُد، قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: أَصل الْقِيرَاطِ مِنْ قَوْلِهِمْ قَرَّط عَلَيْهِ إِذا أَعطاه قَلِيلًا قَلِيلًا .. وَفِي حَدِيثِ أَبي ذَرّ: سَتَفْتَحُونَ أَرضاً يُذْكَرُ فِيهَا الْقِيرَاطُ فَاسْتَوْصُوا بأَهلها خَيْرًا؛ فإِن لَهُمْ ذِمّة ورَحِماً، والْقِيرَاطُ: جُزء مِنْ أَجزاء الدِّينَارِ، وَهُوَ نِصْفُ عُشره فِي أَكثر الْبِلَادِ، وأَهل الشَّامِ يَجْعَلُونَهُ جُزْءًا مِنْ أَربعة وَعِشْرِينَ، وَالْيَاءُ فِيهِ بَدَلٌ مِنَ الرَّاءِ وأَصله قِرّاط، وأَراد بالأَرض المُستفتحة مِصر، صَانَهَا اللَّهُ تَعَالَى، وَخَصَّهَا بِالذِّكْرِ، وإِن كَانَ الْقِيرَاطُ مَذْكُورًا فِي غَيْرِهَا؛ لأَنه كَانَ يغلِب عَلَى أَهلها» .

ص: 763

المعنى أنه يُنقص من أجره سهمان من أربع وعشرين من أجره، الذي يحصل له يومياً من صلاة، وصيام، وغير ذلك يفوته نصف السدس.

وعلى قول آخر القيراط يكون سهماً من عشرين، فعلى هذا إذا فاته سهمان من عشرين يكون فاته العُشر.

المقصود أنه ما ينبغي اقتناء الكلاب إلا لهذه الثلاث، فلا يقتنيها لحراسة الأبواب، أو القصور؛ لأنها غير داخلة في الثلاث، فينبغي أن لا تقتنى إلا لهذه الثلاث.

396 -

عن رافع بن خَدِيج رضي الله عنه قال: «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (1) بِذِي الْحُلَيْفَةِ مِنْ تِهَامَةَ (2)، فَأَصَابَ النَّاسَ جُوعٌ، فَأَصَابُوا إبِلاً وَغَنَماً، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي أُخْرَيَاتِ الْقَوْمِ، فَعَجِلُوا وَذَبَحُوا، وَنَصَبُوا الْقُدُورَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْقُدُورِ فَأُكْفِئَتْ، ثُمَّ قَسَمَ، فَعَدَلَ عَشَرَةً مِنَ الْغَنَمِ بِبَعِيرٍ، فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ، فَطَلَبُوهُ، فَأَعْيَاهُمْ، وَكَانَ فِي الْقَوْمِ خَيْلٌ يَسِيرَةٌ، فَأَهْوَى رَجُلٌ مِنْهُمْ بِسَهْمٍ، فَحَبَسَهُ اللَّهُ، فَقَالَ: «إنَّ لِهَذِهِ الْبَهَائِمِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ، فَمَا نَدَّ عَلَيْكُمْ (3) مِنْهَا فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا» قال: قُلْتُ: يَا رَسُولُ اللَّهِ، إنَّنا نلقى (4) الْعَدُوَّ غَداً، وَلَيْسَ (5) مَعَنَا مُدىً، أَفَنَذْبَحُ بِالْقَصَبِ؟ قَالَ: «مَا أَنْهَرَ

(1) في نسخة الزهيري: «مع النبي صلى الله عليه وسلم» ، وهو لفظ البخاري، برقم 2488.

(2)

هو موضع بين حَاذَة وذات عرق من أرض تهامة. معجم البلدان، 2/ 296.

(3)

في نسخة الزهيري: «فما غلبكم» ، ولفظ المتن في صحيح البخاري، برقم 3075، ولفظ:«فما غلبكم» في صحيح البخاري، برقم 2488.

(4)

في نسخة الزهيري: «إنا لاقو» ، و «نلقى» عند البخاري، برقم 3075.

(5)

في نسخة الزهيري: «وليست» ، ولفظ المتن في صحيح البخاري، برقم 3075.

ص: 764

الدَّمَ، وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَكُلُوهُ، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ. وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ. أَمَّا السِّنُّ: فَعَظْمٌ.

وَأَمَّا الظُّفُرُ: فَمُدَى الْحَبَشَةِ» (1). (2).

117 -

قال الشارح رحمه الله:

هذا الحديث حديث رافع، حديث جليل، عظيم، قد اشتمل على فوائد منها:

[1]

ــ أنه لا يجوز التعرض للغنيمة في الجهاد، إلا بعد القسمة بإذن ولي الأمر، فليس للجُند أن يأخذوا من الغنيمة ما شاءوا من الإبل، والغنم، ولا من النقود، بل يجب جمعها حتى تُقسم بين الغانمين؛ ولهذا لما ذبحوا بعض الإبل، والغنم أنكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم، وأمر بإكفاء القدور، ثم قسَّم الغنيمة بينهم، وعدل العشر من الغنم ببعير، كأنها كانت متقاربة في القيمة، فبهذا عدلها ببعير بالقيمة، أما في الضحايا، والهدايا الناقة عن سبعة، ولكن في القيمة على حسب القيمة في البيع والشراء، وقسم الأموال على حسب القيمة.

(1) رواه البخاري، كتاب الشركة، باب قسم الغنائم، برقم 488، وكتاب الجهاد والسير، باب ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم، برقم 3075، ومجموع ألفاظ هذا المتن من هذين الحديثين، ومسلم، كتاب الأضاحي، باب جواز الذبح بكل ما أنهر الدم إلا السن، والظفر، وسائر العظام، برقم 1968 بنحوه.

(2)

في نسخة الزهيري بعد هذا الحديث: «الأوابد: التي قد توحشت، ونفرت من الإنس. يقال: أبدت تأبد أبوداً» .

ص: 765

[قوله](1): «فند منها بعير» أي شرد بعير من الإبل، وعجزوا عن إمساكه، فرماه بعض الجنود بسهم فحبسه اللَّه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«إن لهذه البهائم أوابد» أي شوارد، «كأوابد الوحش» كأوابد: الأسود، والنمور، والذئاب من الوحوش المفترسة، «فما ند عليكم منها فاصنعوا به هكذا» ، أي ما شرد من الإبل، والبقر، والغنم الذي لا تستطيعون إمساكه، فإنه يُرمى مثل ما يُعمل بالصيد، يرمى بالنبل، والبندق، وغيرها حتى يُعطَّل، فيُمسك، ويعامل معاملة الصيد الشارد: الظباء، والوحوش، وأشباهها من الصيود [ما عاد صار](2) كالأهلي، صار حكمها حكم الصيد، إذا ند، إذا شرد على الناس، وعجزوا عن إمساكه يرمونه، فإن قتلوه حل، وإن أدركوه حياً ذبحوه، إذا قتلوه، [مثلاً](3) أصابه الرمح فقتله بحدِّه، أو أصابه الرمي فقتله حلّ؛ لأنه صار في تلك الحالة كالصيد.

[2]

ــ وفيه من الفوائد: قوله: «إنا ملاقو العدو غداً، وليس معنا مُدىً» المُدى: السكاكين، والمدية السكين:«أفنذبح بالقصب؟» قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أنهر الدم ــ أي ما أسال الدم ــ وذُكر اسم اللَّه عليه فكلوا» ، [لا يشترط أن يكون بالسكين](4) ، بالحجر الذي له حد،

(1) ما بين المعقوفين ليس من كلام الشيخ، ولكني أضفته للتوضيح.

(2)

ما بين المعقوفين غير واضح، والأظهر أنه:«ما عاد صار» .

(3)

ما بين المعقوفين غير واضح، والأظهر أنه:«مثلاً» ، ولا يتغير المعنى.

(4)

ما بين المعقوفين أصله في كلام الشيخ رحمه الله: «ما هوب شرط إلا بالسكين» .

ص: 766

وبالقصب الذي له حد إلى آخره، إذا تيسر له ما يقوم مقام السكين يذبح به كفى، ولهذا قال:«ما أنهر الدم، وذكر اسم اللَّه فكلوه، ليس السنَّ والظفر» ، وهذا معناه أنه يجوز الذبح بغير السكين، كالحجارة ذات الحد القوي: أو أخشاب، أو قصب، أو غيرها مما له حد إلا العظم [

] (1).

[3]

ـ منها (2): أنه يحوز التعزير بمثل هذا من إكفاء القدور، وإتلاف اللحم الذي اغتصب.

[4]

ـ ومنها: جواز كون ولي الأمر في آخر الجيش إذا رأى المصلحة حتى لا يعجل الناس، وحتى يطمئنوا في السير، وليلاحظ ضعيفهم، حتى لا يعجلوا عليه، فلا مانع، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم ربما كان في آخر الجيش، وربما تقدم أمامهم، وربما كان بينهم.

[قوله صلى الله عليه وسلم](3): «ما أنهر الدم وذكر اسم اللَّه فكلوه، ليس السن والظفر»

(1) ما بين المعقوفين انقطع فيه كلام سماحة الشيخ بسبب انقطاع الشريط، ثم أعاد شرح الحديث في درس آخر، وأوله من الفائدة الثالثة الآتية في المتن.

(2)

شرح سماحة الشيخ حديث رافع مرة أخرى من أوله، والذي يظهر أن الشيخ بعد انقطاع الشريط - كما ذكرت ذلك آنفاً- لم يكمل شرح الحديث، ثم شرحه في درس آخر من أوله، فبعد أن ذكر لفظ الحديث قال: «هذا يدل على فوائد، منها أنه يجوز التعزير

ومنها جواز كون ولي الأمر في آخر الجيش

ثم قال: «فند منها بعير» ، فحذفت شرح هذه الجملة لأن سماحة الشيخ شرحها في الدرس الأول للحديث في آخر الفائدة الأولى من هذه الفوائد.

(3)

ما بين القوسين أضفته لتوضيح المعنى.

ص: 767