الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 - كتاب البيوع
259 -
عن عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما، عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إذَا تَبَايَعَ الرَّجُلانِ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ، مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، وَكَانَا جَمِيعاً، أَوْ يُخَيِّرَ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، فِإنْ خَيَّر أحدُهُمَا الآخرَ (1)، فَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ، فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ، وإِنْ تَفَرَّقَا بَعْدَ أَنْ تَبَايَعَا وَلَمْ يَتْرُكْ واحدٌ مِنْهُمَا الَبْيعَ، فَقَدْ وَجَبَ الَبيْعُ (2)» (3).
260 -
عن حَكيم بنِ حزامٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا ــ أَوْ قَالَ: حَتَّى يَتَفَرَّقَا ــ فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا» (4).
69 -
قال الشارح رحمه الله:
هذان الحديثان الصحيحان في شأن الخيار في البيع، من طريق ابن عمر رضي الله عنهما، وهو عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب، ومن طريق حكيم ابن حزام القرشي المعروف رضي اللَّه عن الجميع يدلان على أن البيعين
(1)«فإن خَيَّر أحدُهما الآخَرَ» ليست في نسخة الزهيري، وهي عند مسلم، برقم 1531.
(2)
«وإنْ تفَرَّقَا بعدَ أن تَبَايَعا ولمْ يترُكْ واحدٌ منهما البيعَ، فقدْ وجبَ البيعُ» ليست في نسخة الزهيري، وهي عند البخاري، برقم 2112، ومسلم، برقم 44 - (1531).
(3)
رواه البخاري، كتاب البيوع، باب إذا خيّر أحدهما صاحبه بعد البيع، برقم 2112، ومسلم، كتاب البيوع، باب ثبوت خيار المجلس للمتبايعين، برقم 1531، واللفظ له.
(4)
رواه البخاري، كتاب البيوع، باب إذا بين البيعان ولم يكتما ونصحا، برقم 2079، واللفظ له، ومسلم، كتاب البيوع، باب الصدق في البيع والبيان، برقم 1532.
بالخيار، والبيع معروف: مبادلة مالٍ، بمالٍ يقال له بيع.
مبادلة المال بالمال، أو كان المال عيناً، أو منفعةً، يسمى بيعاً في لغة العرب، كما قال اللَّه تعالى: ژوَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ژ (1) أي التبادل تبادل المال بشروط منها:
الرضا، والملك، والرشد إلى غير هذا من شروط البيع المعروفة، فإذا تمت شروطه فهو صحيح، ولصاحبه الخيار، والمشتري كذلك ما لم يتفرقا ما داما في المجلس، فإذا تم البيع بينهما في أرضٍ مثلاً، أو سيارة، أو حيوان: بعير، أو فرس، أو غير ذلك، تم البيع بينهم، اتفقوا على الثمن، وانتهى البيع، كل واحد بالخيار ما داما في المجلس، ما داما في البيت، محل البيع في المجلس الذي في السوق، في المجلس الذي في الطريق، واقفين في السيارة، كل واحد بالخيار، في الطائرة، كل واحد بالخيار، إلا إذا تفرقا لزم البيع، إذا راح (2) كل واحد والآخر مشى، أو خرج أحدهما من البيت، أو تفرقا من البيت، أو نزلوا من الطائرة، أو واحد خرج لشأنه، أو خرج من السيارة، أو كل واحدٍ راح في جهة، تم البيع، لزم البيع، وما داما في محل البيع، أو في الطيارة، أو في
(1) سورة البقرة، الآية:275.
(2)
هكذا في كلام الشيخ: راح، وفي النهاية في غريب الحديث والأثر أثناء كلامه عن حديث:(راح يوم الجمعة): 1/ 38، مادة (راح):«أي مشَى إليها، وذَهَب إلى الصلاة، ولم يُرِد رَواحَ آخِر النَّهار، يقال: راح القومُ، وتَرَوَّحُوا: إذا ساَرُوا أيّ وقْت كانَ» .
السيارة ما نزل أحد، كل واحد بالخيار، [يريد أن يترك البيع فله ذلك](1)، ولو قد تم البيع، إذا قال: أنا هونت، ما طابت نفسي من البيع، سواء كان البائع أو المشتري، له الخيار.
لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «حتى يتفرقا» ، وهذا الذي عليه المحققون من أهل العلم، وهو صريح الأحاديث، فيه هذان الحديثان، وفيه أحاديث أخرى: حديث عبداللَّه بن عمرو بن العاص، وغيره.
إلا إذا خيَّر أحدهما الآخر، ولهذا قال:«ما لم يتفرقا، أو يخير» ، فإذا خير أحدهما الآخر، قال: ترى ما بيننا خيار الآن، إذا خير أحدهما الآخر تم البيع، تعاقدوا: وقال يا فلان، ما بيننا خيار الآن، ثبت البيع ما فيه خيار، فليس فيه خيار، إذا أسقطاه بينهما، وقال أحدهما للآخر: ما فيه خيار من الآن، قال: نعم، أنا موافق ما فيه خيار، تم البيع، ولو ما تفرقا؛ لأن المقصود أن الإنسان قد يستدرك، وقد يبدو له شيء، فإذا جزم بإسقاط الخيار، والآخر جزم بإسقاط الخيار، فالمعنى أنهم قد تأكدوا أن الصفقة صالحة، ولكل واحد ما عليه غضاضة في ذلك.
ثم حث النبي صلى الله عليه وسلم على الصدق، والبيان، وعدم الكذب، وعدم الخيانة، قال:«فإن صدقا ــ أي في بيعهما ــ وبيّنا بورك لهما في بيعهما» ، أي إن صدقا في ما قالا، هذا يقول: السلعة طيبة، وتراها كذا، وصفتها كذا، والآخر يقول: الثمن كذا، وصفته كذا، ولا كذبا،
(1) ما بين المعقوفين أصله في كلام الشيخ: يبغى يهوِّن يهوِّن.