الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصلاة قبل نصف الليل، صلاة المغرب والعشاء؛ لأن وقت العشاء إلى نصف الليل، وقتها الاختياري، ولا يجوز التأخير إلى ما بعد نصف الليل، فإذا حُبِسَ في الطريق أو تعطلت سيارته، أو حصل له زحمة منعته صلى في مكانه، والحمد للَّه.
47 - باب المحرم يأكل من صيد الحلال
(1)
257 -
عن أبي قتادة الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ حَاجَّاً، فَخَرَجُوا مَعَهُ، فَصَرَفَ طَائِفَةً مِنْهُمْ، فِيهِمْ أَبُو قَتَادَةَ، وَقَالَ:«خُذُوا سَاحِلَ الْبَحْرِ، حَتَّى نَلْتَقِيَ» ، فَأَخَذُوا سَاحِلَ الْبَحْرِ، فَلَمَّا انْصَرَفُوا أَحْرَمُوا كُلُّهُمْ، إلَاّ أَبَا قَتَادَةَ، فَلَمْ (2) يُحْرِمْ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَسِيرُونَ، إذْ رَأَوْا حُمُرَ وَحْشٍ، فَحَمَلَ أَبُو قَتَادَةَ عَلَى الْحُمُرِ، فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانَاً، فَنَزَلْنَا، فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمِهَا، ثُمَّ قُلْنَا: أَنَاكُلُ لَحْمَ صَيْدٍ، وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ؟ فَحَمَلْنَا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا، فَأَدْرَكْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ؟ قَالَ:«مِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا، أَوْ أَشَارَ إلَيْهَا؟» قَالُوا: لا، قَالَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (3):«فَكُلُوا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا» (4).
وفي رواية (5): «هَلْ مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ؟» فَقُلْت: نَعَمْ، فَنَاوَلْتُهُ الْعَضُدَ.
(1) قال الشيخ رحمه الله: «
…
صيد حلال.
(2)
في نسخة الزهيري: «لم» بدون الفاء،، وهو لفظ البخاري، برقم 1824:«لم يحرم» .
(3)
«قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم» : ليست في نسخة الزهيري.
(4)
رواه البخاري، كتاب جزاء الصيد، باب لا يشير المحرم إلى الصيد لكي يصطاده الحلال، برقم 1824، ومسلم، كتاب الحج، باب تحريم الصيد للمحرم، برقم 60 - (1196).
(5)
في نسخة الزهيري: «وفي رواية فقال» .
فَأَكَلَها» (1).
258 -
عن الصَّعْبِ بن جَثَّامَةَ اللَّيْثِيِّ رضي الله عنه: أَنَّهُ أَهْدَى إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِمَاراً وَحْشِيَّاً، وَهُوَ بِالأَبْوَاءِ ــ أَوْ بِوَدَّانَ ــ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَى مَا فِي وَجْهِهِ، قَالَ:«إنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ، إلَاّ أَنَّا حُرُمٌ» (2).
وفي لفظ مسلم (3): رِجْلَ حِمَارٍ (4).
وفي لفظٍ: شِقَّ حِمَارٍ (5).
وفي لفظ: عَجُزَ حِمَارٍ (6).
وجه (7) هذا الحديث: أنه ظنَّ أنه صِيْدَ لأجله، والمحرم لا يأكل ما صيد لأجله.
68 -
قال الشارح رضي الله عنه:
هذان الحديثان الصحيحان، حديث أبي قتادة الأنصاري،
(1) رواه البخاري، كتاب الهبة، باب من استوهب من أصحابه شيئاً، برقم 2570.
(2)
رواه البخاري، كتاب جزاء الصيد، باب إذا أهدى للمحرم حماراً وحشياً حياً لم يقبل، برقم (1825)، واللفظ له، ومسلم، كتاب الحج، باب تحريم الصيد للمحرم، برقم 1193.
(3)
في نسخة الزهيري: «وفي لفظٍ لمسلم» .
(4)
رواه مسلم، كتاب الحج، باب تحريم الصيد للمحرم، برقم 54 - (1193).
(5)
رواه مسلم، كتاب الحج، باب تحريم الصيد للمحرم، برقم 54 - (1193).
(6)
رواه مسلم، كتاب الحج، باب تحريم الصيد للمحرم، برقم 54 - (1193).
(7)
في نسخة الزهيري: «قال المصنف: وجه هذا الحديث
…
».
وحديث الصعب بن جثَّامة الليثي في شأن الصيد الذي يهدى للمحرم، الصيد الذي يهدى للمحرم فيه تفصيل:
فإن كان الصيد الذي يهدى للمحرم حياً، كحمار وحش حي، أو غزال حي، أو أرانب حية، فلا يقبله المُحرم، كما ردَّ النبي على الصعب بن جثَّامة الحمار الوحشي؛ لأن المحرم لا يصيد، ولا يشتري الصيد وهو محرم، ولا يقبله هدية وهو محرم.
أما إن كان مذبوحاً، فهذا فيه تفصيل:
فإن كان الصيد ذبحه محرمٌ لم يحل على المحرم، ولا لغير المحرم؛ لأنه ذبح غير شرعي إذا كان ذبحه المحرم، فيكون في حقه كالميتة: حرام.
أما إن كان الذي ذبحه حلالاً، ولم يذبحه من أجل المحرم، بل ذبحه لنفسه، أو ليبيعه، أو ليأكل منه، ثم أهدى منه للمحرم، فلا بأس، فلا حرج؛ ولهذا لما صاد أبو قتادة الحمار الوحشي، وأهدى منه للصحابة المُحرمين، أكلوا، فلما توقفوا سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: لا بأس إذا كنتم لم تأمروه، ولم تشيروا عليه بشيء، فلا بأس، فأكل منه صلى الله عليه وسلم، ناولوه العضد فأكل منها، فدّل ذلك على أن الحلال إذا صاد صيداً ولم يساعده المحرم، لا بإشارة، ولا بأمر، ولا بآلة، ولم يصده لأجله، فلا حرج.
أما إن كان المحرم ساعده، أو أشار إليه، أو أعطاه الرمح، أو ما أشبه ذلك، فإنه لا يحل له، أو صاده الحلال من أجل المحرم، فلا
يحل للمحرم، وعلى هذا يحمل رواية الصعب بن جثامة، التي فيها أنه أهدى رجل حمار، أو عجز حمار، أو شق حمار، يحمل على أنه صاده لأجله، لأجل النبي صلى الله عليه وسلم؛ فلهذا رده النبي صلى الله عليه وسلم عليه، وهذا معنى حديث جابر في السنن، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:«صَيْدُ الْبَرِّ لَكُمْ حَلَالٌ، مَا لَمْ تَصِيدُوهُ، أَوْ يُصَدْ لَكُمْ» (1)،
فإذا صاده المحرم، أو صِيد من أجله، فلا يحل، أما إذا كان ما صاده من أجله، ولا صيد لأجله، وصاده الحلال فلا بأس، وهذا معنى:«صَيْدُ الْبَرِّ لَكُمْ حَلَالٌ، مَا لَمْ تَصِيدُوهُ، أَوْ يُصَدْ لَكُمْ» ، فإذا صاده المُحرم حرُم، أو صيد لأجله حُرم، أما إذا كان صاده الحلال، كما فعل أبو قتادة، لا من أجل المحرم؛ فإنه حلال، يأكل منه المُحرم، ويأكل منه الحلال؛ لأنه لم يصد من أجله، ولم يساعد فيه، ولم يشارك بشيء، فإذا ساعد عليه
(1) مسند أحمد، 23/ 171، برقم 14894، وسنن أبي داود، كتاب المناسك، باب لحم الصيد للمحرم، برقم 1851، والترمذي، كتاب الحج، باب ما جاء في أكل الصيد للمحرم، برقم 846، والنسائي، كتاب مناسك الحج، إذا أشار المحرم إلى الصيد فقتله الحلال، برقم 2827، والحاكم في المستدرك، 1/ 452، وصححه، كما صححه لغيره محققو المسند، 23/ 171، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع الصغير، برقم 3524. وقال عبد القادر الأرناؤوط في جامع الأصول، 3/ 64: «في إسناده المطلب بن عبد اللَّه بن المطلب بن حنطب المخزومي، وهو صدوق، كثير التدليس والإرسال، قال الترمذي: حديث جابر حديث مفسر، والمطلب لا نعرف له سماعاً من جابر. أقول: ولكن يشهد له حديث طلحة الذي بعده، وحديث أبي قتادة الطويل الذي قد تقدم رقم 1336، ولذلك قال الترمذي: وفي الباب عن أبي قتادة، وطلحة. قال: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، لا يرون بأكل الصيد للمحرم بأساً إذا لم يصده، أو يصد من أجله، قال الشافعي: هذا أحسن حديث روي في هذا الباب، والعمل على هذا، وهو قول أحمد وإسحاق» ..
بإشارة، أو بسلاح، أو بأمر، أو أُعطي حياً، سُلِّم له حي، هذا لا يجوز، أو صِيد من أجله، فهذه أحوالٌ ثلاثة:
الأولى: أن يُصاد لأجله.
الثانية: أن يساعد فيه ويشير إليه.
الثالثة: أن يكون حياً.
فهذه الثلاث لا يحل للمحرم.
أما ما غير هذه الثلاث، فلا بأس إذا صاده الحلال، وليس له نية أن يعطيه المحرم، ولم يساعده المحرم، ولم يعطه إلا قطعةً من الصيد، ما أعطاه حيواناً حيَّاً فلا بأس (1).
(1) قبل الآخر من الشريط الحادي عشر، الوجه الثاني، سُجّل في درس الشيخ رحمه الله في
21 -
/ 7/ 1409هـ.