المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌51- باب: فيمن صلى في منزله ثم أدرك الجماعة يصلي معهم - شرح سنن أبي داود للعيني - جـ ٣

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌40- بَاب: فِي المؤذن يَنْتظرُ الإِمَامَ

- ‌41- بَاب: في التَّثوِيْب

- ‌42- بابٌ: في الصَّلاة تقامُ ولمْ يأت الإمَامُ يَنْتظرُونه قُعُوداً

- ‌43- بَاب: التشْدِيد في ترك الجماعة

- ‌44- بَاب: في فضل صلاة الجماعة

- ‌45- بَاب: فَضل المشي إلى الصّلاة

- ‌ 46- بَابُ: الهَدْئ في المَشْي إلَى الصَّلاةِ

- ‌47- بَاب: فيمَنْ خَرج يُريدُ الصّلاة فسُبِق بها

- ‌48- بَاب: في خروج النساء إلى المَسجد

- ‌49- بَابُ: السعْي إلى الصّلاة

- ‌50- بَابُ: الجمع في المَسْجد مرتين

- ‌51- بَاب: فيمَن صَلى في مَنْزله ثم أدرك الجماعةَ يُصَلِي معَهُمْ

- ‌52- بَاب: إذا صَلّى ثم أدرَكَ جَماعةً يُعيدُ

- ‌53- بَابُ: جِمَاع الإمامة وفَضْلِها

- ‌54- بَابُ: كراهية التَّدافُع على الإمامة

- ‌55- بَابُ: مَن أحق بالإمامة

- ‌56- بَابُ: إمامة النِّساءِ

- ‌57- بَاب: في الرجل يَؤمُّ القومَ وَهُمْ لهُ كَارِهُونَ

- ‌59- بَابُ: إمامة الزائر

- ‌60- بَابُ: الإِمَام يَقُوم مكانا أَرْفعَ مِن مكان القَوْم

- ‌62- باب: الإمام يصلي من قعود

- ‌63- بَابُ الرَّجُلَيْن يَؤمُّ أحدُهما صاحبه كَيْفَ يقومانِ

- ‌64- بَابٌ: إذا كانوا ثلاثة كيف يقومون

- ‌65- بَابُ: الإمام ينحرف بعد التسليم

- ‌66- بَابُ: الإِمَام يتطوعُ في مكَانه

- ‌67- بَابُ: الإمام يُحْدثُ بَعْدَ ما يَرْفعُ رأسَه

- ‌68- بَابُ: ما يؤمر به المأموم من اتباع الإمام

- ‌69- بَابُ: التَشْديد فيمَنْ يَرْفعُ قبل الإِمام أو يضع قبله

- ‌70- بَابٌ: فيمَنْ يَنصرفُ قبل الإمام

- ‌72- بَابُ: الرجل يَعْقدُ الثوب في قفاه ثم يصلي

- ‌ 73- بَابٌ: في الرَّجُل يُصَلي في ثَوْب بَعْضُه عَلى غَيْره [

- ‌74- بَابُ: الرَّجل يُصَلي في قميصٍ واحد

- ‌75- بَاب: إذا كان ثوبا ضيقا

- ‌76- بَابُ: مَنْ قالَ: يتّزرُ به إذا كَان ضيقا

- ‌77- بَابُ: الإِسْبَال فِي الصَّلاة

- ‌78- بَاب: فِي كم تُصلِي المرأة

- ‌79- بَابُ المرأةِ تُصَلّي بغَيْر خِمَار

- ‌81- بَابُ الصَلاة في شُعُرِ النسَاء

- ‌82- بَابُ: الرّجُل يُصَلي عَاقصاً شَعْرَه

- ‌83- بَاب: فِي الصَّلاة في النعْلِ

- ‌84- بَاب: المُصَلِّي إذا خَلع نَعْليْه أينَ يضعهما

- ‌85- بَاب: الصلاة عَلَى الخُمْرة

- ‌86- بَابُ: الصلاة على الحصير

- ‌87- بَابُ: الرجل يَسْجُد على ثَوْبه

- ‌88- بَابُ: تفْريع أبْواب الصُّفُوفِ

- ‌89- تَسْويةُ الصُّفوف

- ‌90- بَابُ: الصفُوف بيْن السواري

- ‌91- بَابُ: مَنْ يستحب أن يَلِي الإِمامَ في الصف وكراهية التَّأخُّرِ

- ‌92- بَابُ: مقام الصِّبْيان مِن الصَّفِّ

- ‌94- بَابُ: مَقام الإِمَام مِنَ الصَّفّ

- ‌95- بَابُ: الرَّجُل يُصَلِّي وَحْدهَ خَلفَ الصَّفِّ

- ‌96- بَابُ: الرَّجُل يَركعُ دونَ الصَّف

- ‌97- بَابُ: مَا يَسْتُر المُصلي

- ‌98- بَابُ: الخَطَّ إذا لم يَجِدْ عَصى

- ‌99- باب: الصّلاةِ إلَى الرَّاحلةِ

- ‌100- باب: إذا صلى إلى سارية أو نحوها أين يجعلها منه

- ‌101- باب: الصَّلاةِ إلى المتحدثين والنِّيام

- ‌102- باب: الدنو من الستْرة

- ‌103- باب: مَا يُؤمر المُصلي أَنْ يَدْرأ عن الممر بينَ يديه

- ‌104- باب: مَا يُنهى عنه منَ المُرور ِبين يَدَي المُصلي

- ‌105- باب: مَا يَقْطعُ الصّلاةَ

- ‌106- باب: سترة الإِمَام سترة لِمَنْ خَلفَه

- ‌107- باب: مَنْ قال: المرأةُ لا تَقْطعُ الصَّلاةَ

- ‌108- باب: مَنْ قال: الحمارُ لا يقطعُ الصلاةَ

- ‌109- باب: من قال: الكلبُ لا يَقْطعُ الصلاة

- ‌110- باب: مَنْ قال: لا يقطعُ الصّلاةَ شيءٌ

- ‌111- باب: في رَفع اليدين

- ‌112- باب: افتتاح الصلاة

- ‌113- باب: مَن لم يذكر الرفع عند الركوع

- ‌114- باب: وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة

- ‌115- باب: ما يستفتح به الصلاة من الدعاء

- ‌116- باب: من رأى الاستفتاح بـ " سبحانك

- ‌117- باب: السكتة عند الاستفتاح

- ‌118- باب: من لم ير الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم

- ‌119- باب: من جهر بها

- ‌120- باب: تخفيف الصلاة

- ‌ 121- باب: تخفيف الصلاة للأمر يحدث

- ‌ 122- باب: القراءة في الظهر [

- ‌123- باب: تخفيف الأخريين

- ‌124- باب: قدر القراءة في صلاة الظهر والعصر

- ‌125- باب: قدر القراءة في المغرب

- ‌126- باب: من رأى التخفيف فيها

- ‌127- باب: القراءة في الفجر

- ‌128- باب: الرجل يعيد سورة واحدة في الركعتين

- ‌129- باب: من ترك القراءة في صلاته

الفصل: ‌51- باب: فيمن صلى في منزله ثم أدرك الجماعة يصلي معهم

وحكم هذا الباب: أن تكرار الجماعة في مسجد هل يكره أم لا؟

فنقول: إن صلى فيه غير أهله بأذان وإقامة لا يكره لأهله أن يُصلوا فيه جماعة، ولو صلى فيه أهله بأذان وإقامة أو بعض أهله يكره لغير أهله،

وللباقين من أهله أن يصفوا فيه جماعة. وقال الشافعي: لا يكره. وعن

أبي يوسف: أنه إنما يكره إذا كانت الجماعة الثانية كثيرة، فأما إذا كانوا

ثلاثة أو أربعة فقاموا في راوية من زوايا المسجد فصلوا بجماعة لا يكره.

وروي عن محمد / أنه إنما يكره إذا كانت الثانية على سبيل التداعي [1/ 196 - ب] والاجتماع، فأما إذا لم يكن فلا. واستدل الشافعي بالأحاديث المذكورة

وقال: ولو كان مكروها لما أمره به- عليه السلام، ولأن قضاء حق

المسجد واجب، والقومُ الأخر ما قضوا، فيجب عليهم قضاء حقه به " قامة

الجماعة فيه، وبه قال أحمد، وإسحاق. ولنا ما روى عبد الرحمن بن

أبي بكر، عن أبيه: " أن رسول الله- عليه السلام خرج من بَيْته

ليصلح بين الأنصار لتشاجر جرى بينهم، فرجع وقد صُفيَ في المسجد بجماعة، فدخل رسول الله في منزل بعض أهله فجمع أهله، فصلى بهم جماعة،، ولو لم يكره تكرار الجماعة في المسجد لصلى فيه. ورُوي عن

أنس: أن أصحاب رسول الله كانوا إذا فاتتهم الجماعة في المسجد صلوا

في المسجد فرادى، وهو قول سفيان، وابن المبارك، ومالك. والجواب

عما استدل به الشافعي: أن فيه أمر واحد وهو لا يكره، وإنما يكبره إذا

كان على سبيل التداعي والاجتماع، بل ما احتج به حجة علي، لأنه

عليه السلام لم يأمر أكثر من واحد لحاجتهم إلى إحراز الثواب،

وقُضِي حق المسجد حيْث صُفي فيه بالجَماعة بأذان وإقامة، وعلى هذا

الخلاف تكرار الأذان والإقامة- كما بمن ذلك في الفروع.

****

‌51- بَاب: فيمَن صَلى في مَنْزله ثم أدرك الجماعةَ يُصَلِي معَهُمْ

أي: هذا باب في بيان من صَلى في منْزله، ثم أدرك الجماعة يصلي

معهم، وفي بعض النسخ:" باب فيما جاء فيمن ".

**. شرح سنن أبي داود

ص: 65

557-

ص- نا حفصُ بن عُمر: نا شعبةُ: أخبرني يَعلى بن عطاء، عن جابر؟ بن يزيد بن الأسود، عن أبيه أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو غلام شاب فلما صلى إذا رجلاًن لم يُصليا في ناحية المسجد فَدَعى بهما ترعُدُ (1) فرائصُهما فقال:" ما منعكما أن تُصليا معنا؟ " فقالا (2) : قد صلينا في رحالنا فقال: " لا تفعلوا، إذا صلى أَحدكم في رحله ثم أدرك الإمام ولم يُصل فليُصل معه، فإنها له نافلة "(3) .

ش- جابر بن يزيد السلولي الخزاعي. سمع: أباه. روى عنه: يعلى

ابن عطاء. قال ابن المديني: لم يرو عنه غيرُه. روى له: أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه (4) .

ويزيد بن الأسود الحجازي، وقيل: خزاعي، حليف لقريش ويقال: العامري، معدود في الكوفيين، شهد الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، روى عنه حديثاً في الصلاة وهو هذا. روى عنه: ابنه: جابر بن يزيد. روى له: أبو داود، والترمذي، والنسائي.

قوله:، إنه " أي: يزيد بن الأسود."

قوله: " وهو غلام شاب" جملة اسمية وقعت حالاً عن الضمير الذي في " صلى"..

قوله: " فلما صلى " أي: رسول الله.

قوله: " فدعي بهما " أي: طلبهما.

(1) في سنن أبي داود: " فدعى بهما، فجيء بهما ترعد".

- (2) في سنن أبي داود: " قالا"

(3)

الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في الرجل يصلي وحده ثم يدرك الجماعة (219)، النسائي: كتاب الإمامة، باب: إعادة الفجر مع الجماعة

لمن صلى وحده (2 / 112) .

(4)

انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (4/ 878) .

(5)

انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (4 / 655) ، وأصد الغابة (5 / 476) ، والإصابة (4 / 1 65) .

ص: 66

قوله: " تَرْعُدُ فرائصهما، فيه حذف أي: فطلبهما فجيء بهما بين

يديْه، وقوله:" تَرعد فرائصهما، حال عن الضمير الذي في " بهما "، الفرائص: جمع الفريصة؛ وهي لحمة وَسْط الجنب عند منبض القلب

يفترس عند الفزع، أي: يَرتعد. وقال ابن الأثير: الفريصة: اللحمة

التي جنب الدابة وكتفها لا تزال ترعدُ، وقوله: أترعدُ، من باب نصر ينصر.

قوله:" في رحالنا " الرحال: جمع رَحل، وهو منزل الإنسان ومسكنه نكنُه.

قوله: " فإنها له نافلة " أي: فإن الصلاة التي يصليها مع القوم ثانيا له

تطوع والفرض قد أذي بالأولى، وفيه بحث نبينه عن قريب إن شاء الله

تعالى.

وبه استدل الشافعي أن من صلى في رَحْله ثم صادف جماعه يصلون،

كان علي أن يُصلي معهم أية صلاة كانت من الصلوات الخمس، وبه قال

أحمد، وإسحاق، وهو قول الحسَن، والزهري، وقال الأوزاعي: لا

يصلي في المغرب والصبح، وهو قول النخعي. وقال مالك: لا يصلي

في المغرب فقط، وهو قول الثوري. وقال أصحابنا: لا يصلي في

العصر والصبح، وأما المغرب فإن صلى فيه فعليه أن يضم إليها ركعة رابعةَ

لورود النهي عن التنقل بالبتيراء

وقال الخطابي (1) : ظاهر الحديث حجة على مَن منع في شيء من

الصلوات كلها، ألا ترى يقول: " إذا صلى أحدكم في رحله ثم أدرك

الإمام ولم يصل، فليصل معه "؟ ولم يستثن صلاةَ دون صلاة. فأما نهيه

عليه السلام عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمسً، وبعد

العصر حتى تغرب الشمس، فقد تأولوه على وجهين، أحدهما: أن

ذلك على معنى إنشاء الصلاة ابتداء من غير سببٍ، فأما إذا كان لها

سبب، مثل أن يُصادف / قوماً يصلون جماعةً فإنه يُعيدها معهم ليحرز [1/ 197 - أ]

(1) معالم السنن (1 / 142) .

ص: 67

الفضيلة، والوجه الآخر: أنه منسوخ، لأن حديث جابر بن يزيد (1) متأخر، لأن في قصته أنه شهد مع رسول الله حجة الوداع، ثم ذكر الحديث، وفي قوله:"فإنها نافلة، دليل على أن صلاة التطوع جائزة بعد الفجر قبل طلوع الشمس إذا كان لها سبب، وحجة أصحابنا: قول ابن عباس- رضي الله عنه: " شهد عندي رجال مرضيون، وأرضاهم عندي عُمر أن النبي- علي (2) السلام- نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تشرق الشمس، وبعد العصر حتى تغرب "، وهذا بعمومه يتناولُ الصورة التي فيها النزاع. وقد روي عن أبي طلحة أن المراد بذلك كل صلاةِ. وعن ابن حزم: إن قوماً لم يروا الصلاة في هذه الأوقات كلها. وقال ابن بطال: تواترت الأحاديث عن النبي- عليه السلام أنه نهى عن الصلاة بعد الصبح وبعد العَصْر.

والجواب عما قال الخطابي: أما قوله: " إن ذلك على معنى إنشاء الصلاة ابتداء من غير سبب " فغير مسلم، لأن هذا تخصيص من غير مخصصِ، فنهاية ما في الباب أنهم احتجوا بأنه- عليه السلام قضى سنة الظهر بعد العَصْر، وقاسوا عليها كل صلاة لها سبب، حتى قال النووي: هو عمدة أصحابنا في المسألة وليس لهم أصح دلالة منه. ولكن يخدشه ما ذكره الماوردي منهم وغيره من أن ذلك من خصوصياته صلى الله عليه وسلم. وقال الخطابي- أيضاً-: كان النبي- عليه السلام مخصوصاً بهذا دون الخلق. وقال ابن عقيل: لا وجه له إلا هذا الوجه. وقال الطبري: فعل ذلك تنبيهاً لأمته أن نهيه كان على وجه الكراهة لا التحريم.

وأما قوله: " إنه منسوخ " فغير صحيح، لأن عمر- رضي الله عنه

ما بَرح مع النبي- عليه السلام إلى أن توفي، ولو كان منسوخا لعمل بناسخه مع أنه كان يضرب على الركعتين بعد العصر بمحضر من الصحابة من غير نكيرِ، فدل هذا على أن النهي ليس بمنسوخ، وأن الركعتين بعد

-

(1)

في الأصل: " جابر يزيد بن " كذا.

(2)

مكررة في الأصل.

ص: 68

العصر مخصوصة به دون أمته. وقال أبو جعفر الطحاوي: ويدل على الخصوصية: أن أم سلمة هي التي روت صلاتَه إياهما، قيل لها: أفنَقْضهما إذا فاتتا بعد العصر؟ قالت: لا.

وأما قوله: " دليل على أن صلاة التطوع جائزة بعد الفجر قبل طلوع الشمس " فترده الأحاديث الصحيحة، منها:" لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس "، وغير ذلك من الأحاديث التي وردت في هذا الباب، على أن حديث جابر بن يزيد هذا حكى البيهقي عن الشافعي فيه أنه قال: إسناد مجهول، ثم قال البيهقي: وإنما قال ذلك، لأن يزيد بن الأسْود ليْس له راو غير ابنه جابر، ولا لجابر راوٍ غير يعلى بن عطاء.

فإن قيل: الحديث صححه الترمذي، وذكره ابن منده في " معرفة الصحابة "، ورواه بقية، عن إبراهيم بن يزيد بن ذي حمامة، عن عبد الملك بن عُمير، عن جابر بن يزيد بن الأسود، عن أبيه، فهذا راوٍ آخر لجابر غير يعْلى، وهو ابن عُمير. قلت: لو كان ما كان فلا يُساوِي حديث عمر- رضي الله عنه ويُعارض كلامَ ابن منده: ما قاله علي بن المديني، روى عن جابر بن يزيد يَعْلى بن عطاء، ولم يَرْو عنه غيره- كما ذكرنا-، والنفي مقدم على الإثبات، فيكون يَعْلى مُنْفرداً بهذه الرواية فلا يتابع عليها.

558-

ص- نا ابن معاذ: نا أبي: نا شعبة، عن يعلى بن عطاء، عن جابر بن يزيد (1)، عن أبيه قال: صليتُ مع رسول الله الصبح بمنىً، بمعناه (2) .

ش- ابن مُعاذ: هو عُبيد الله بن معاذ، وقد مر ذكرُهما.

قوله: " بمعناه " أي: بمعنى الحديث المذكور. ورواه الترمذي، والنسائي، عن يزيد بن الأسود قال: شهدت مع النبي- عليه السلام

(1) في الأصل: " زيد " خطأ.

(2)

انظر الحديث السابق.

ص: 69

صلاة الصبح في مسْجد الخِيف، فلما قضى صلاته إذا هو برجلين في أخرى القوم لم يُصليا معه فقال:" علي بهما " فجيء بهما ترعد فرائصهما قال: " ما منعكما أن تصليا معنا؟ " قالا: يا رسول الله، إنا كنا صلينا في رحالنا. قال:" فلا تفعلاً، إذا صليتما في [1/197-ب] رحالكما (1) ، ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم، فإنها لكما نافلة ". / قال الترمذي: حديث حسن صحيح (2) .

وفي رواية للدارقطني والبيهقي:" وليَجْعل التي صلاها في بَيته نافلة "، وقالا: إنها رواية ضعيفة شاذة. قلت: دلت هذه الرواية- وإن كانت ضعيفة- على أن المراد من قوله- عليه السلام في الحديث " فليصل معه " أن يصلي ناوياً للفريضة، لا ناوياً للنفل، لكراهة نية النفل في هذا الوقت فح (3) إذا صلى على هذه الهيئة لا يكره عندنا- أيضاً- ويكون الضمير في قوله:" فإنها نافلة " في الرواية الأولى راجعاً إلى الصلاة التي صلاها في رَحْله، ويمكن أن يكون قوله:" وليجعل التي صلاها في بيْته نافلةً " مخصوصاً بوقت الصبح لكراهة النفل بعدها، يؤيد ذلك كون القضية في الصبح، ويكون العصر في معناه لاشتراكهما في معنى الكراهة، وغيرهما يخرج عنهما لعدم النهي، ويستوي فيه نية النفل ونية الفرض، فافهم.

559-

ص- نا قتيبةُ: نا معن بن عيسى، عن سعيد بن السائب، عن نوح ابن صعصعة، عن يزيد بن عامر قال: جئْتُ والنبي- عليه السلام في الصلاة فجلست ولم أدخل معهم في الصلاة قال: فانصرف علينا رسولُ الله فرأى يزيدَ جالسا فقال: " ألم تُسْلِم يا يَزيدُ؟ " قال: بلى يا رسول الله قد أسلمتُ، قال:" وما (4) منعك أن تدخل مع الناس في صلاتهم؟ " قال: أني كنتُ قد صليتُ في منزلي وأنا أحسبُ أن قد صليتم، فقال:" إذا جئتَ

(1) في الأصل: " رحالهما ".

(2)

الترمذي (219) .

(3)

أي: " فحينئذ "

(4)

في سنن أبي داود: " فما ".

ص: 70

الصلاة (1) فوجدت الناسَ فصل معهم، وإن كنتَ قد صليت تكنْ لك نافلةً وهذه مكتوبة " (2) .

ش- معن بن عيسى: ابن يحيى بن دينار أبو يحيى القزاز الأشجعي مولاهم المدني. سمع: مالك بن أنس، وابن أبي ذئب، وإبراهيم بن طهمان، ومخرمة بن بكير، ومحمد بن هلال. روى عنه: أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، وأبو بكر بن أبي شيبة، وغيرهم. وقال ابن سَعْد: كان يُعالج القز بالمدينة ويشتريه، وكان له غلمان حاكةُ، وكان ثقة كثير الحديث، ثبتاً مأموناً. مات سنة ثمان وتسعة ومائة. روى له الجماعة (3) .

وسعيد بن السائب: الطائفي.

ونوح بن صعصعة: يعد من أهل الحجاز. روى عن: يزيد بن عامر السُوائي. روى عنه: سعيد بن السائب. روى له: أبو داود، وا لنسائي (4) .

ويزيد بن عامر: ابن الأسود بن حبيب بن سواءة بن عامر بن صعصعة، يكنى أبا حاجز السوائي، قيل: إنه شهد حَنيناً مع المشركين ثم أسلم بعد ذلك. روى عنه: السائب بن يزيد، ونوح بن صعصعة، وسعيد بن يسار. روى له: أبو داود (5) .

قوله:" ألم تُسلِم؟ " استفهام على سبيل التقرير، إنما قال ذلك زجرا له لتخلفه عن الجماعة، وانفراده عن الناس وهم يصلون.

(1) في سنن أبي داود: " جئت إلى الصلاة ".

(2)

تفرد به أبو داود.

(3)

انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (28 / 6115) .

(4)

المصدر السابق (30 / 6493) .

(5)

انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (3 / 651) ، وأسد الغابة (5 / 498) ، والإصابة (3 / 659) .

ص: 71

قوله: " تكن لك نافلة " أي: يكن الذي قد صليت في رحلك نافلةً، واسم " تكن " مستتر فيه، و" نافلة، نصب على أنه خبره.

قوله: " وهذه " إشارة إلى الصلاة التي يصليها مع القوم وهو مبتدأ، وخبره: قوله: " مكتوبة ". وهذه الرواية تؤيدُ الرواية التي قال الدارقطني والبيهقي: إنها ضعيفة شاذة. وصريح هذا الحديث يَرد كل ما قاله الخطابي في الحديث السالف من أنه حجة على أصحابنا، وأنه حجة لهم، ويُبيّنُ أن الضمير في قوله في ذلك الحديث:" فإنها نافلة " يَرْجع إلى الصلاة التي صَلاها في رَحْله، لا إلى الصلاة التي صلاها مع القوم ويُبْطل- أيضاً- قوله:" وفيه دليل على أن صلاة التطوع جائزة بعد الفجر قبل طلوع الشمس إذا كان لها سبب، لأن صلاة التطوع بعد الفجر لم توجد في هذا الحديث، لأنه صرح أن الذي يصليها مع القوم مكتوبة، فإذا لم يوجد ذلك كيف يكون دليلاً على ما ادعاه؟ على أن النووي قد صرّح في " الخلاصة " أن إسْناد هذا الحديث ضعيفٌ.

560-

ص- نا أحمد بن صالح قال: قرأتُ على ابن وهب قال: أخبرني عَمْرو، عن بُكير أنه سمع عَفيف بن عَمرو بن المسيب يقول: حدثني رجل من بني أسد بن خزيمة أنه سأل أبا أيوب الأنصاري قال (1) : يصلي أحدنا في منزله الصًلاة، ثم يأتي المسجد وتُقام الصلاةُ فأصلي معهم فأجدُ في نفسي من ذلك شيئاً فقال أبو أيوب: سألنا عن ذلك النبي- عليه السلام فقال: " فذلك (2) له سَهْمُ جَمْعٍ "(3) . [1/198 - أ]

ش- عمرو: ابن الحارث، وبكير: ابن (4) / عبد الله بن الأشج. وعفيف بن عَمرو بن المُسيّب. روى عن: رجل من بني أسد بن خزيمة، عن أبي أيوب الأنصاري. روى عنه: بكير بن عبد الله بن الأشج، ومالك بن أنس. روى له: أبو داود (5)

(1) في سنن أبي داود:" فقال ".

(2)

في سنن أبي داود: " ذلك"،

(3)

تفرد به أبو داود.

(4)

مكررة في الأصل.

(5)

انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (0 3967 / 2) .

ص: 72