المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌124- باب: قدر القراءة في صلاة الظهر والعصر - شرح سنن أبي داود للعيني - جـ ٣

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌40- بَاب: فِي المؤذن يَنْتظرُ الإِمَامَ

- ‌41- بَاب: في التَّثوِيْب

- ‌42- بابٌ: في الصَّلاة تقامُ ولمْ يأت الإمَامُ يَنْتظرُونه قُعُوداً

- ‌43- بَاب: التشْدِيد في ترك الجماعة

- ‌44- بَاب: في فضل صلاة الجماعة

- ‌45- بَاب: فَضل المشي إلى الصّلاة

- ‌ 46- بَابُ: الهَدْئ في المَشْي إلَى الصَّلاةِ

- ‌47- بَاب: فيمَنْ خَرج يُريدُ الصّلاة فسُبِق بها

- ‌48- بَاب: في خروج النساء إلى المَسجد

- ‌49- بَابُ: السعْي إلى الصّلاة

- ‌50- بَابُ: الجمع في المَسْجد مرتين

- ‌51- بَاب: فيمَن صَلى في مَنْزله ثم أدرك الجماعةَ يُصَلِي معَهُمْ

- ‌52- بَاب: إذا صَلّى ثم أدرَكَ جَماعةً يُعيدُ

- ‌53- بَابُ: جِمَاع الإمامة وفَضْلِها

- ‌54- بَابُ: كراهية التَّدافُع على الإمامة

- ‌55- بَابُ: مَن أحق بالإمامة

- ‌56- بَابُ: إمامة النِّساءِ

- ‌57- بَاب: في الرجل يَؤمُّ القومَ وَهُمْ لهُ كَارِهُونَ

- ‌59- بَابُ: إمامة الزائر

- ‌60- بَابُ: الإِمَام يَقُوم مكانا أَرْفعَ مِن مكان القَوْم

- ‌62- باب: الإمام يصلي من قعود

- ‌63- بَابُ الرَّجُلَيْن يَؤمُّ أحدُهما صاحبه كَيْفَ يقومانِ

- ‌64- بَابٌ: إذا كانوا ثلاثة كيف يقومون

- ‌65- بَابُ: الإمام ينحرف بعد التسليم

- ‌66- بَابُ: الإِمَام يتطوعُ في مكَانه

- ‌67- بَابُ: الإمام يُحْدثُ بَعْدَ ما يَرْفعُ رأسَه

- ‌68- بَابُ: ما يؤمر به المأموم من اتباع الإمام

- ‌69- بَابُ: التَشْديد فيمَنْ يَرْفعُ قبل الإِمام أو يضع قبله

- ‌70- بَابٌ: فيمَنْ يَنصرفُ قبل الإمام

- ‌72- بَابُ: الرجل يَعْقدُ الثوب في قفاه ثم يصلي

- ‌ 73- بَابٌ: في الرَّجُل يُصَلي في ثَوْب بَعْضُه عَلى غَيْره [

- ‌74- بَابُ: الرَّجل يُصَلي في قميصٍ واحد

- ‌75- بَاب: إذا كان ثوبا ضيقا

- ‌76- بَابُ: مَنْ قالَ: يتّزرُ به إذا كَان ضيقا

- ‌77- بَابُ: الإِسْبَال فِي الصَّلاة

- ‌78- بَاب: فِي كم تُصلِي المرأة

- ‌79- بَابُ المرأةِ تُصَلّي بغَيْر خِمَار

- ‌81- بَابُ الصَلاة في شُعُرِ النسَاء

- ‌82- بَابُ: الرّجُل يُصَلي عَاقصاً شَعْرَه

- ‌83- بَاب: فِي الصَّلاة في النعْلِ

- ‌84- بَاب: المُصَلِّي إذا خَلع نَعْليْه أينَ يضعهما

- ‌85- بَاب: الصلاة عَلَى الخُمْرة

- ‌86- بَابُ: الصلاة على الحصير

- ‌87- بَابُ: الرجل يَسْجُد على ثَوْبه

- ‌88- بَابُ: تفْريع أبْواب الصُّفُوفِ

- ‌89- تَسْويةُ الصُّفوف

- ‌90- بَابُ: الصفُوف بيْن السواري

- ‌91- بَابُ: مَنْ يستحب أن يَلِي الإِمامَ في الصف وكراهية التَّأخُّرِ

- ‌92- بَابُ: مقام الصِّبْيان مِن الصَّفِّ

- ‌94- بَابُ: مَقام الإِمَام مِنَ الصَّفّ

- ‌95- بَابُ: الرَّجُل يُصَلِّي وَحْدهَ خَلفَ الصَّفِّ

- ‌96- بَابُ: الرَّجُل يَركعُ دونَ الصَّف

- ‌97- بَابُ: مَا يَسْتُر المُصلي

- ‌98- بَابُ: الخَطَّ إذا لم يَجِدْ عَصى

- ‌99- باب: الصّلاةِ إلَى الرَّاحلةِ

- ‌100- باب: إذا صلى إلى سارية أو نحوها أين يجعلها منه

- ‌101- باب: الصَّلاةِ إلى المتحدثين والنِّيام

- ‌102- باب: الدنو من الستْرة

- ‌103- باب: مَا يُؤمر المُصلي أَنْ يَدْرأ عن الممر بينَ يديه

- ‌104- باب: مَا يُنهى عنه منَ المُرور ِبين يَدَي المُصلي

- ‌105- باب: مَا يَقْطعُ الصّلاةَ

- ‌106- باب: سترة الإِمَام سترة لِمَنْ خَلفَه

- ‌107- باب: مَنْ قال: المرأةُ لا تَقْطعُ الصَّلاةَ

- ‌108- باب: مَنْ قال: الحمارُ لا يقطعُ الصلاةَ

- ‌109- باب: من قال: الكلبُ لا يَقْطعُ الصلاة

- ‌110- باب: مَنْ قال: لا يقطعُ الصّلاةَ شيءٌ

- ‌111- باب: في رَفع اليدين

- ‌112- باب: افتتاح الصلاة

- ‌113- باب: مَن لم يذكر الرفع عند الركوع

- ‌114- باب: وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة

- ‌115- باب: ما يستفتح به الصلاة من الدعاء

- ‌116- باب: من رأى الاستفتاح بـ " سبحانك

- ‌117- باب: السكتة عند الاستفتاح

- ‌118- باب: من لم ير الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم

- ‌119- باب: من جهر بها

- ‌120- باب: تخفيف الصلاة

- ‌ 121- باب: تخفيف الصلاة للأمر يحدث

- ‌ 122- باب: القراءة في الظهر [

- ‌123- باب: تخفيف الأخريين

- ‌124- باب: قدر القراءة في صلاة الظهر والعصر

- ‌125- باب: قدر القراءة في المغرب

- ‌126- باب: من رأى التخفيف فيها

- ‌127- باب: القراءة في الفجر

- ‌128- باب: الرجل يعيد سورة واحدة في الركعتين

- ‌129- باب: من ترك القراءة في صلاته

الفصل: ‌124- باب: قدر القراءة في صلاة الظهر والعصر

بأوساط المفصل "، ثم قال في الباب الذي يليه: ورُوي عن عمر، أنه كتب إلى أبي موسى: " أن اقرأ في المغرب بقصار المفصل " (1) .

***

‌124- باب: قدر القراءة في صلاة الظهر والعصر

أي: هذا باب في بيان قدر القراءة في صلاة الظهر، وصلاة العصر، وفي بعض النسخ:" باب في قدر القراءة في الظهر ".

782-

ص- نا موسى بن إسماعيل، نا حماد، عن سماك بن حرب، عن جابر بن سمرة:" أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهرِ، والعصر ب (السمَاءِ وَالطارِقِ) ، (والسماء ذاتَ البُرُوج) ونحوهما من السورِ"(2) .

ش- (والسماء والطارق) مكية، وهي سبع عشرة آية وإحدى وستون كلمة، ومائتان وتسع وثلاثون حرفا، (والسماء ذات البروج) مكية، وهي اثنتان وعشرون آية، ومائة وتسع كلمات، وأربعمائة وثمان وخمسون حرفا، وبهذا الحديث قال صاحب " المبسوط ": يقرأ في الظهر دون ما يقرأ في الفجر، وكان ذكر في الفجر خمسين آية، وفي رواية ستين، وفي رواية أربعين آية وما دون ذلك قدر سورة البروج. والحديث أخرجه: الترمذي، وفي روايته:" كان يقرأ في الظهر والعصر ب (السمَاء ذات البُرُوج) ، (والسمَاء وَالطارِقِ) وشبههما " قدم "البروج " عَلى "َ الطارق "- كما ترى- وفيَ رواية أبي داود على العكس، ولا يفهم من رواية أبي داود أنه كان يقرأ في الركعة الأولى (الطارق)، وفي الثانية:(البروج) لأن الواو لا يدل على الترتيب، بل كان يقرأ أولا " البروج "، وثانيا " الطارق "، لأن " البروج " أطول من

(1) إلى هنا انتهى النقل من نصب الراية.

(2)

الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في القراءة في الظهر والعصر (307)، النسائي: كتاب الافتتاح، باب: القراءة في الركعتين الأوليين من صلاة العصر (2 / 166) .

ص: 467

" الطارق " - كما ذكرنا- فمتى قلنا بقراءة: " الطارق " أولا، يلزم تطويل الثانية على الركعة الأولى، وهو مكروه، ثم قال الترمذي: حديث جابر بن سمرة حديث حسن صحيح، وقد روي عن النبي- عليه السلام:" أنه قرأ في الظهر قدر (تنزيل) السجدة "، وروي عنه:" أنه كان يقرأ في الركعة الأولى من الظهر قدر ثلاثين آية، وفي الركعة الثانية قدر خمس عشرة آية "، والنسائي أيضاً أخرج حديث جابر بن سمرة هذا.

783-

ص- نا عبيد الله بن معاذ، نا أبي، نا شعبة، عن سماك، سمع جابر بن سمرة، قال:" كان رسولُ الله- عليه السلام إذا دَحَضَت الشمسُ صلى الظهرَ، وقَرأَ بنحو من (وَالليْل إذَا يَغْشَى) والعَصرَ كذلك، والصلوَات إلا الصبحَ، فإنه كَان يُطِيلُها (1) "(2) .

ش- معنى " دحضت ": زالت، وسورة الليل مكية، وهي إحدى وعشرون آية، وإحدى وسبعون كلمة، وثلاثمائة وعشرة أحرف، وسورة العصر مكية، وهي ثلاث آيات، وأربع عشرة كلمة، وثمان وستون حرفا، وقالت العلماء: كانت صلاته- عليه السلام تختلف في الإطالة والتخفيف باختلاف الأحوال، فإذا كان القوم يؤثرون التطويل، ولا شغل هناك له ولا لهم طول، وإذا لم يكن كذلك خفف، وقد يريد الإطالة ثم يعرض ما يقتضي التخفيف كبكاء الصبي ونحوه، ويضم إلى [1/274-ب] هذا أنه قد يدخل في الصلاة في أثناء الوقت / فيخفف، وقيل: إنما طوّل في بعض الأوقات وهو الأقل، وخفف في معظمها، فالإطالة لبيان الجوار، والتخفيف لأنه الأفضل، وقد أمر النبي- عليه السلام

(1) في الأصل: " فإنه كان لا يطيلها " خطأ.

(2)

مسلم: كتاب الصلاة، باب: القراءة، في الصبح (460) ، وكتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: استحباب تقديم الظهر في أول الوقت في غير شدة الحر (188/ 618)، النسائي: كتاب الافتتاح، باب: القراءة في الركعتين الأوليين من صلاة العصر (2 / 166) .

-

ص: 468

بالتخفيف- كما مضى- في حديث معاذ وغيره، وقيل: طول في وقت، وخفف في وقت ليتبين أن القراءة فيما زاد على الفاتحة، لا تقدير فيها من حيث الاشتراط، بل يجوز قليلها وكثيرها، والحديث أخرجه مسلم مختصرا، وأخرجه النسائي.

784-

ص- نا محمد بن عيسى، نا معتمر بن سليمان، ويزيد بن هارون، وهشيم، عن سليمان التيمي، عن أمية، عن أبي مجلز، عن ابن عمر:" أن النبيَّ- عليه السلام سَجَدَ في صَلاة الظهرِ ثم قام َ، فَركَعَ، فَرَأوْا (1) أنه قَرأ: (تنزيل) السجدة "(2) .

ش- سليمان التيمي هو: أبو المعتمر سليمان بن طرخان، وأمية. روى عن: أبي مجلز. روى عنه: سليمان التيمي. روى له: أبو داود. وأبو مجلز لاحق بن حميد الأعور البصري.

قوله: " فرأوا أنه " أي: علموا أنه- عليه السلام قرأ في صلاته (الم تنزيل) السجدة، وهي ثلاثون آية- كما ذكرناه-.

ص- قال ابن عيسى: لم يذكر أمية أحد إلا معتمر.

ش- أي: قال محمد بن عيسى، أحد شيوخ أبي داود: لم يذكر أمية في هذه الرواية أحد غير معتمر بن سليمان، ولم يذكر في " الكمال " لأمية نسبا ولا نسبة، ولا تعرض إلى حاله بشيء.

785-

ص- نا مسدد، نا عبد الوارث، عن موسى بن سالم، نا عبد الله ابن عبيد الله، قال:" دَخلتُ على ابنِ عباس في شباب من بني هاشمٍ، فقلنا لشاب" منا: سَلِ ابنَ عباسٍ: كانَ رسولًُ الله يَقرأ فيه الظهر، والعصرِ؟ فقالَ: لا، لا، فقيلَ له: فلعله كان يقرأ في نفسِهِ؟ فقال: خَمَشا! هذه شَر من الأولَى، كان عبداً مَأموراً، بَلَغَ ما أرسِلَ بهِ، وما اخْتَصنا دونَ الناسِ

(1) في سنن أبي داود: " فرأينا".

(2)

تفرد به أبو داود.

ص: 469

بشيء إلا بثلاث خصال: أمرنَا أن نُسبِغَ الوُضوءَ، وأنْ لا نأَكلَ الصدَقَةَ، وأَنْ لاً نُنزِي الحِمًارً علىً الفَرَسِ " (1) .

ش- عبد الوارث بن سعيد البصري.

وموسى بن سالم أبو جهضم الهاشمي، مولى آل العباس بن عبد المطلب. سمع: عبيد الله بن عبد الله، وسلمة بن كهيل. روى عنه: عبد الوارث بن سعيد، ويحيى بن آدم، وحماد بن زيد، والثوري، وإسماعيل ابن علية. قال ابن معين: ثقة. روى له: أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه (2) .

وعبد الله بن عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي القرشي المدني، والد حسين. سمع عمه: عبد الله بن عباس، روى عنه: يحيى بن سعيد الأنصاري (3) .

وأبو جهضم موسى بن سالم، سئل عنه أبو زرعة، فقال: مديني ثقة. روى له: أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.

قوله: " في شباب " الشباب جمع شاب، وكذلك الشبان، وكلمة "في " هاهنا للمصاحبة بمعنى مع شباب كما في قوله تعالى:(ادْخُلُوا في أمَم)(4) .

قوله: "أكان " الهمزة فيه للاستفهام.

قوله: " خمشا " دعاء علي بأن يخمش وجهه، أو جلده، كما يقال: جدعا، وصلباً وطعناً وقطعاً ونحو ذلك من الدعاء بالسوء، وهو

(1) الترمذي: كتاب الجهاد، باب: في كراهية أن تنزي الحمر على الخيل (1701)، النسائي: كتاب الطهارة، باب: الأمر بإسباغ الوضوء (1 / 88) مختصراً، ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب: ما جاء في إسباغ الوضوء

(2)

انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (29 / 6254) .

(3)

المصدر السابق (15 / 03 34) .

(4)

سورة الأعراف: (8 3) .

ص: 470

منصوب بفعل لا يظهر، والخمش في الوجه، والخدش في غيره، وقيل: هما بمعنى.

قوله: " هذه شر من الأولى " أي: هذه المسألة شر من المسألة الأولى،

أو هذه الحالة، وشر بمعنى أشر، لأنه قد علم أن خيرا وشرا يستعملان

للتفضيل على صيغتهما.

قوله: " كان " أي: رسول الله، عبدا مأمورا من الله.

قوله: " وأن لا نأكل الصدقة " المراد بها الزكاة، لأنها حرام على بني

هاشم.

قوله: " وأن لا ننزي " من أنزى ينزي إنزاء، وثلاثيه نزا الذكر على

الأنثى ينزو نزاء، بالكسر، قال في " الصحاح ": " يقال ذلك في

الحافر، والظلْف، والسباع ".

ثم اعلم أن حديث ابن عباس هذا سنده صحيح رواه مسدد بن مسرهد

في " مسنده الكبير " بسند صحيح، وأبو داود أخذه منه، وهو يدل على

مسألتين، الأولى: أن لا قراءة في الظهر، والعصر أصلاً، وبه قالت

طائفة، وقال بعضهم: إذا تركها ناسيا في الظهر، والعصر تمت صلاته

/ واستدلوا على ذلك بما رواه أبو بكر بن أبي شيبة (1) : حدثنا [1/275-أ] عبد الوهاب، عن هشام، عن الحسن، وعن ابن أبي عروبة، عن قتادة

في رجل نسي القراءة في الظهر، والعصر حتى فرغ من صلاته قالا:

" أجزأت عنه إذا أتم الركوع، والسجود "، وقالت طائفة: إذا تركها في

سائر الصلوات ناسيا تمت صلاته، واستدلوا بما رواه أبو بكر بن

أبي شيبة (2) : حدثنا ابن أبي غنية، عن أبيه، عن الحكم، قال: فإذا

صلى الرجل فنسي أن يقرأ حتى فرغ من صلاته؟ قال: يجزئه، ما كل

الناس يقرأ ".

(1) 1لمصنف (1 / 396) .

(2)

1لمصنف (1 / 397) .

ص: 471

وروى أيضاً قال: ثنا عبد الله (1) بن نمير، عن عبيد الله بن عمر،

عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، قال:" صلى عمر المغرب، فلم يقرأ، ف" انصرف قال له الناس: إنك لم تقرأ! قال: فكيف كان الركوع والسجود، تام هو؟ قالوا: نعم، فقال: لا بأس، إني حدثت نفسي بعيرٍ، جهزتها بأقتابها وحقائبها ". وقالت طائفة: القراءة في الصلواتً مستحبة غير واجبة، وإليه ذهب: الأصم، وابن علية، والحسن بن صالح، وابن عيينة، حتى لو لم يقرأ مع القدرة عليها تجزئه صلاته. وقال الشافعي: فرض في الكل. وقال مالك: فرض في ثلاث ركعات. وقال الحسن: فرض في واحدة. وقال أصحابنا: فرض في الركعتين من غير تعيين، ولهم حجج عرفت في موضعها.

والمسألة الثانية: ظاهر الحديث يدل على أن بني هاشم مخصوصون بثلاثة أشياء: إسباغ الوضوء، وترك الأكل من الزكاة، وترك إنزاء الحمير على الخيل، فإن كان المراد من الإسباغ كونه فرضاً فوجه التخصيص ظاهر، وإلا فكل الناس مشتركون في استحباب إسباغ الوضوء.

وأما الأكل من الصدقة " (2) فقد ورد في " صحيح مسلم " (3) في حديث طويل من رواية عبد المطلب بن ربيعة مرفوعا: " إن هذه الصدقات إنما هي أوساخ الناس، وإنها لا تحل لمحمد، ولا لآل محمد "، وفي رواية الطبراني (4) : " إنه لا يحل لكم أهل أبيت من الصدقات شيء، إنما هي غسالة الأيدي، وإن لكم في خمس الخمس ما يغنيكم "، وفي " المصنف " (5ْ) : ثني وكيع، هنا شريك، عن خصيف، عن مجاهد،

(1) في الأصل: " أبو عبد الله " خطأ.

(2)

انظر: نصب الراية (2 / 404) .

(3)

كتاب الزكاة، باب: ترك استعمال النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة (1072/167،168) .

(4)

قال الهيثمي في " المجمع "(3 /91) : " فيه حسين بن قيس الملقب بحنش، وفيه كلام كثير، وقد وثقه أبو محصن ".

(5)

مصنف ابن أبي شيبة (3 / 61) ، وأخرجه ابن جرير في تفسيره (10 / 5) عن ابن وكيع به.

ص: 472

قال: " كان آل محمد صلى الله عليه وسلم لا تحل لهم الصدقة، فجعل لهم خمس الخمس "(1) 0 انتهى.

وبنو هاشم: آل علي، وآل عباس، وآل جعفر، وآل عقيل، وآل الحارث بن عبد المطلب، ومواليهم، وفي " شرح الَاثار " للطحاوي، عن أبي حنيفة: لا بأس بالصدقات كلها على بني هاشم، والحرمة في عهد رسول الله للعوض، وهو خمس الخمس، ف" سقط ذلك بموته عليه السلام حلت لهم الصدقة. قال الطحاوي: وبالجواز نأخذ. وأما إنزاء الحمير على الخيل فإنه جوزه العلماء، لأنه ثبت أنه- عليه السلام ركب البغلة واقتناه، ولو لم يجز " فعله، لأن فيه فتح بابه، ثم الجواب عن قول ابن عباس- رضي الله عنه فقال الخطابي (2) : " هذا وهم من ابن عباس، قد ثبت عن النبي- عليه السلام أنه كان يقرأ في الظهر، والعصر من طرق كثيرة، منها: حديث أبي قتادة، ومنها: حديث خباب بن الأرت "، وقد ذكرناهما.

قلت: عندي جواب أحسن من هذا، مع رعاية الأدب في حق ابن عباس- رضي الله عنهما فنقول: أولا: إسناد ابن عباس في قوله هذا قوله تعالى: (أقيمُوا الصلاة)(3) ، وهو مجمل بيَّنه- عليه السلام بفعله، ثم قال: َ " صلوا كما رأيتموني أصلي "(4) والمرعي هو الأفعال دون الأقوال، فكانت الصلاة اسما للفعل في حق الظهر والعصر، وللفعل والقول في حق غيرهما، ولم يبلغ ابن عباس قراءته- عليه السلام في الظهر والعصر، فلذلك قال في جواب عبد الله بن عبيد الله في الحديث المذكور:" لا، لا "، ف" بلغه خبر قراءته- عليه السلام في الظهر والعصر، وثبت عنده، رجع من ذلك القول،

(1) إلى هنا انتهى النقل من نصب الراية.

(2)

معالم الحق (1 / 174) .

(3)

سورة البقرة: (43) .

(4)

البخاري: كتاب الأذان، باب: الأذان للمسافرين إذا كانوا جماعة والإقامة

(631) من حديث مالك بن الحويرث.

ص: 473