المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌83- باب: في الصلاة في النعل - شرح سنن أبي داود للعيني - جـ ٣

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌40- بَاب: فِي المؤذن يَنْتظرُ الإِمَامَ

- ‌41- بَاب: في التَّثوِيْب

- ‌42- بابٌ: في الصَّلاة تقامُ ولمْ يأت الإمَامُ يَنْتظرُونه قُعُوداً

- ‌43- بَاب: التشْدِيد في ترك الجماعة

- ‌44- بَاب: في فضل صلاة الجماعة

- ‌45- بَاب: فَضل المشي إلى الصّلاة

- ‌ 46- بَابُ: الهَدْئ في المَشْي إلَى الصَّلاةِ

- ‌47- بَاب: فيمَنْ خَرج يُريدُ الصّلاة فسُبِق بها

- ‌48- بَاب: في خروج النساء إلى المَسجد

- ‌49- بَابُ: السعْي إلى الصّلاة

- ‌50- بَابُ: الجمع في المَسْجد مرتين

- ‌51- بَاب: فيمَن صَلى في مَنْزله ثم أدرك الجماعةَ يُصَلِي معَهُمْ

- ‌52- بَاب: إذا صَلّى ثم أدرَكَ جَماعةً يُعيدُ

- ‌53- بَابُ: جِمَاع الإمامة وفَضْلِها

- ‌54- بَابُ: كراهية التَّدافُع على الإمامة

- ‌55- بَابُ: مَن أحق بالإمامة

- ‌56- بَابُ: إمامة النِّساءِ

- ‌57- بَاب: في الرجل يَؤمُّ القومَ وَهُمْ لهُ كَارِهُونَ

- ‌59- بَابُ: إمامة الزائر

- ‌60- بَابُ: الإِمَام يَقُوم مكانا أَرْفعَ مِن مكان القَوْم

- ‌62- باب: الإمام يصلي من قعود

- ‌63- بَابُ الرَّجُلَيْن يَؤمُّ أحدُهما صاحبه كَيْفَ يقومانِ

- ‌64- بَابٌ: إذا كانوا ثلاثة كيف يقومون

- ‌65- بَابُ: الإمام ينحرف بعد التسليم

- ‌66- بَابُ: الإِمَام يتطوعُ في مكَانه

- ‌67- بَابُ: الإمام يُحْدثُ بَعْدَ ما يَرْفعُ رأسَه

- ‌68- بَابُ: ما يؤمر به المأموم من اتباع الإمام

- ‌69- بَابُ: التَشْديد فيمَنْ يَرْفعُ قبل الإِمام أو يضع قبله

- ‌70- بَابٌ: فيمَنْ يَنصرفُ قبل الإمام

- ‌72- بَابُ: الرجل يَعْقدُ الثوب في قفاه ثم يصلي

- ‌ 73- بَابٌ: في الرَّجُل يُصَلي في ثَوْب بَعْضُه عَلى غَيْره [

- ‌74- بَابُ: الرَّجل يُصَلي في قميصٍ واحد

- ‌75- بَاب: إذا كان ثوبا ضيقا

- ‌76- بَابُ: مَنْ قالَ: يتّزرُ به إذا كَان ضيقا

- ‌77- بَابُ: الإِسْبَال فِي الصَّلاة

- ‌78- بَاب: فِي كم تُصلِي المرأة

- ‌79- بَابُ المرأةِ تُصَلّي بغَيْر خِمَار

- ‌81- بَابُ الصَلاة في شُعُرِ النسَاء

- ‌82- بَابُ: الرّجُل يُصَلي عَاقصاً شَعْرَه

- ‌83- بَاب: فِي الصَّلاة في النعْلِ

- ‌84- بَاب: المُصَلِّي إذا خَلع نَعْليْه أينَ يضعهما

- ‌85- بَاب: الصلاة عَلَى الخُمْرة

- ‌86- بَابُ: الصلاة على الحصير

- ‌87- بَابُ: الرجل يَسْجُد على ثَوْبه

- ‌88- بَابُ: تفْريع أبْواب الصُّفُوفِ

- ‌89- تَسْويةُ الصُّفوف

- ‌90- بَابُ: الصفُوف بيْن السواري

- ‌91- بَابُ: مَنْ يستحب أن يَلِي الإِمامَ في الصف وكراهية التَّأخُّرِ

- ‌92- بَابُ: مقام الصِّبْيان مِن الصَّفِّ

- ‌94- بَابُ: مَقام الإِمَام مِنَ الصَّفّ

- ‌95- بَابُ: الرَّجُل يُصَلِّي وَحْدهَ خَلفَ الصَّفِّ

- ‌96- بَابُ: الرَّجُل يَركعُ دونَ الصَّف

- ‌97- بَابُ: مَا يَسْتُر المُصلي

- ‌98- بَابُ: الخَطَّ إذا لم يَجِدْ عَصى

- ‌99- باب: الصّلاةِ إلَى الرَّاحلةِ

- ‌100- باب: إذا صلى إلى سارية أو نحوها أين يجعلها منه

- ‌101- باب: الصَّلاةِ إلى المتحدثين والنِّيام

- ‌102- باب: الدنو من الستْرة

- ‌103- باب: مَا يُؤمر المُصلي أَنْ يَدْرأ عن الممر بينَ يديه

- ‌104- باب: مَا يُنهى عنه منَ المُرور ِبين يَدَي المُصلي

- ‌105- باب: مَا يَقْطعُ الصّلاةَ

- ‌106- باب: سترة الإِمَام سترة لِمَنْ خَلفَه

- ‌107- باب: مَنْ قال: المرأةُ لا تَقْطعُ الصَّلاةَ

- ‌108- باب: مَنْ قال: الحمارُ لا يقطعُ الصلاةَ

- ‌109- باب: من قال: الكلبُ لا يَقْطعُ الصلاة

- ‌110- باب: مَنْ قال: لا يقطعُ الصّلاةَ شيءٌ

- ‌111- باب: في رَفع اليدين

- ‌112- باب: افتتاح الصلاة

- ‌113- باب: مَن لم يذكر الرفع عند الركوع

- ‌114- باب: وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة

- ‌115- باب: ما يستفتح به الصلاة من الدعاء

- ‌116- باب: من رأى الاستفتاح بـ " سبحانك

- ‌117- باب: السكتة عند الاستفتاح

- ‌118- باب: من لم ير الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم

- ‌119- باب: من جهر بها

- ‌120- باب: تخفيف الصلاة

- ‌ 121- باب: تخفيف الصلاة للأمر يحدث

- ‌ 122- باب: القراءة في الظهر [

- ‌123- باب: تخفيف الأخريين

- ‌124- باب: قدر القراءة في صلاة الظهر والعصر

- ‌125- باب: قدر القراءة في المغرب

- ‌126- باب: من رأى التخفيف فيها

- ‌127- باب: القراءة في الفجر

- ‌128- باب: الرجل يعيد سورة واحدة في الركعتين

- ‌129- باب: من ترك القراءة في صلاته

الفصل: ‌83- باب: في الصلاة في النعل

قوله: " وهو مكتوف " حال- أيضاً- المكتوف: الذي شذت يداه من

خلفه، فشبّه به الذي يَعْقدُ شَعَره في رأسه. والحديث: أخرجه النسائي.

وفي " المصنف ": نا ابن مهدي، عن زهير بن محمد، عن زيد بن

اسلم، عن أبان بن عثمان قال: رأى عثمان رجلاً يُصلي وقد عقد شعره

فقال: يا ابن أخي، مثل الذي يصلي وقد عقص شعره، مثل الذي

يصلي وهو مكتوف.

نا أبو معاوية، عن الأعمش، عن زيد بن وهب /، عن عبد الله أنه (1/220-1) دخل المسجد، فإذا فيه رجل يُصلّي عاقصٌ شعرَه، فلما انصرف قال عبد الله:

إذا صلّيت فلا تعقص شعرك، فإن شعرك يَسْجد معك، ولك بكُل شعرةٍ

اجر، فقال الرجل: إني أخاف أن يتترّب، فقال: تَتْريبُه خير لك.

* * *

‌83- بَاب: فِي الصَّلاة في النعْلِ

أي: هذا باب في بيان الصلاة في النعْلَ، وفي بعض النسخ: " باب

فيما جاء في الصلاة في النعل ".

629-

ص- نا مسدد: نا يحيى، عن ابن جريج: حدثني محمّد بن

عباد بن جَعْفر، عن ابن سفيان، عن عبد الله بن السائب قال: رأيتُ

رسولَ الله يُصلي يومَ الفتح ووَضع نعلَيْهِ عن يَسارِه (1) .

ش- ابن سُفيان: اسمه: عبد الله أبو مسلمة، سماه أبو حاتم، وكناه

البخاري ولم يسمه، وكذا سماه أبو بكر في " مصنفه ". روى عن:

عبد الله بن السائب، وأبي أمية بن الأخنس (2) . روى عنه: محمد بن

عباد، ويحيى بن صيفي، وعمر بن عبد العزيز، وغيرهم.

(1) النسائي: كتاب القبلة، باب: أين يضع الإمام نعليه إذا صلى بالناس (2 / 74)، ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: ما جاء في أين توضع النعل إذا خلعت في الصلاة (1431) .

(2)

في الأصل: " الأخفش ".

ص: 189

قال أحمد: ثقة مأمون. روى له: مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه (1) .

وعبد الله بن السائب: ابن أبي السائب- واسمه: صيفي- بن عابد (2) - بالباء الموحدة- ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي القارئ، يكنى أبا السائب، وقيل: أبا عبد الرحمن، رُوِيَ له عن رسول الله- عليه السلام سبعة أحاديث، روى له مسلم حديثاً وأحداً. توفي بمكة قبل ابن الزبير بيسير. روى له: أبو داود، والنسائي، والترمذي، وابن ماجه (3) .

وفي الحديث من الأدب: أن تصان الميامن عن كل شيء مما يكون محلاً للأذى. ومن الأدب: أن يضع المصلي نعله عن يَسارِه إن كان وَحْده. والحديث: رواه أبو بكر بن أبي شيبة.

630-

ص- نا الحسنُ بن عليّ: نا عبد الرزاق، وأبو عاصم قالا: أنا ابن جريج قال: سمعتُ محمد بن عباد بن جعفر يَقولُ: أخبرني أبو سلمة ابن سفيان، وعبد الله بن المُسيب العَابدي، وعبد الله بن عَمْرو، عن عبد الله ابن السائب قال: صلى بنا رسول الله الصبحَ بمكة فاستفتح سُورةَ المؤمنين، حتى إذا جاء ذكر موسى وهارون وذكر مُوسَى وعيسى- ابنُ عباد شكّ أو اختلفوا- أخذت النبيَّ- عليه السلام سَعْلة فحذف " فركعَ، وعبدُ الله بن السائب حاضر لذلك (4) .

(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (15 / 3310) .

(2)

كذا، وفي مصادر الترجمة عدا تهذيب الكمال:" عائذ "

(3)

انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (2 /380) ، وأسد الغابة (3 /254) ، وا لإصابة (2 /314) .

(4)

البخاري تعليقاً كتاب الأذان، باب: الجمع بين السورتين في الركعة والقراءة بالخواتيم وسورة قبل سورة وبأول سورة (2 /255)، مسلم: كتاب الصلاة، باب: القراءة في الصبح (163 / 455)، النسائي: كتاب الافتتاح، باب: قراءة بعض السور (2 /175)، ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: القراءة في صلاة الفجر (820) .

ص: 190

ش- عبد الله بن المُسيّب: ابن أبي السائب العابدي القرشي. روى عن: عبد الله بن السائب، وعن: عمر، وابن عمر. روى عنه: ابن أبي مليكة، وعبد الله بن أبي جميلة (1)، والعابدي: بالباء الموحدة. وعبد الله بن عَمرو هذا: ليس عبد الله بن عمرو بن العاص الصحابي،

بل هو عبدُ الله بن عَمرو الحجازي. روى عن: عبد الله بن السائب. روى عنه: أبو سلمة بن سفيان. روى له: مسلم، وأبو داود (2) . قوله:" ابن عباد شك " أي: محمد بن عَباد المذكور شكّ بين ذكر موسى وهارون وبين ذكر موسى وعيسى.

قوله: " أو اختلفوا " أي: الرواةُ، منهم مَن قال: حتى إذا جاء ذكر مُوسى وهارون أخذت النبيَّ سَعْلة، ومنهم من قال: حتى إذا جاء ذكر موسى وعيسى أخذت النبيَّ سَعْلَة، والسَّعْلة- بفتح السن وسكون العن المُهملتين- وهي مرة من السُّعَالِ.

قوله: " فحذفَ "- بفتح الحاء المهملة والذال المعجمة وفاءِ- أي: ترك بقية القراءة، وحذف الشيء: إسقاطه.

والحديث: أخرجه مسلم، والنسائي، وابن ماجه بنحوه، وعند ابن ماجه:" فلما بلغ ذكر عيسى وأمّه أخذته سَعْلة أو قال: شَهْقة "، وفي رواية:" شرْقة ". وأخرجه الطبراني ولفظهُ: " يوم الفتح ". وأخرجه البخاري تعليقاً.

ويُستفادُ من الحديث فوائد، الأولى: استحباب القراءة الطويلة في صلاة الصبح، ولكن على قدر حال الجماعة.

الثانية: جواز قطع القراءة، وهذا لا خلاف فيه ولا كراهة إن كان القطع لعذر، وإن لم يكن عذر فلا كراهة- أيضاً - وهذا مذهب الجمهور، وعن مالك في المشهور: كراهته

(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (16 / 3572) .

(2)

المصدر السابق (15 / 3461) .

ص: 191

الثالثة: جواز القراءة ببعض السورة.

631-

ص- نا موسى بن إسماعيل: نا حماد، عن أبي نعامة السعْدي، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري قال: بينما رسولُ الله ص يُصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يَساره، فلما رأى ذلك القوم ألقوا نِعالهم، فلما قضى رسول الله صلاتَه قال:" ما حملكم على إلقائكم (1) / [1/220 - ب] نعالكم؟ " قالوا: رأيناك ألقيتَ نعلكَ (2) فألقينا نعالنا، فقال رسول الله عليه السلام:" إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهمَا قذراً (3) ، وقال: إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر، فإن رأى في نعْليْه قذراً أو أذى فليَمْسَحْه، وليُصلي فيهما "(4) .

ش- حماد: ابن سلمة.

وأبو نعامة: اسمه: عبدْ ربه البصري السَّعْدي. روى عن: أبي عثمان النهدي، وشهر بن حوشب، وأبي نضرة. روى عنه: أيوب السختياني، وشعبة، وحماد بن سلمي، ومرحوم بن عبد العزيز العطار. قال ابن معين: هو ثقة. وقال أبو حاتم: لا بأس به. روى له: مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي (5) .

وأبو نَضْرة: المنذر بن مالك العَبْدي البصري.

قوله: " إذ خلع نعليه " جواب قوله: " بينما "، وقد مر الكلام في "بينما" غير مرة.

قوله: " أو أذى " أي: نجاسةً. والحديث: رواه ابن حبان في "صحيحه " في النوع الثامن والسبعة من القسم الأول، إلا أنه لم يقل فيه:

(1) في سنن أبي داود: " إلقاء ".

(2)

في سنن أبي داود: " نعليك "

(3)

في سنن أبي داود: " أو قال أذى ".

(4)

تفرد به أبو داود.

(5)

انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (34 / 7671) .

ص: 192

" وليُصل فيهما ". ورواه عبد بن حُميد، وإسحاق بن راهوَيه، وأبو يعلى المَوْصلي في " مسانيدهم " بنحو أبي داود.

وبالحديث استدل أبو يوسف (1) أن الخف أو النعل ونحوهما إذا أصابته نجاسة فَدلكه بالأرض ومسَحه يَطهرُ، سواء كان رطباً أو يابساً، وسواء كان لها جرمٌ أو لم يكن، لإطلاق الحديث، وبه أفتى مشايخ ما وراء النهر، لعموم البلوى. وقال أبو حنيفة: المراد من الأذى: النجاسة العينية اليابسة، لأن الرطبة تزداد بالمسْح انتشاراً أو تلوثاً. وقال محمد: لا يطهر إلا بالغسل، وبه قال زفر، والشافعي، ومالك، وأحمد. والحديث حجة عليهم.

ويُستفاد من الحديث فوائد، الأولى: المسألة المذكورة.

الثانية: ذكرها الخطابي (2) أن من صلى وفي ثوبه نجاسة لم يعلم بها، فإن صلاته مجزئة ولا إعادة علي.

وقال أصحابنا: ولو رأى في ثوبه نجاسةَ، ولم يدر متى أصابته لا يُعيد صلاته حتى يتحقق بالإجماع، وفي رواية: يُعيد صلاة يوم وليلةِ.

فإن قيل: هذا إذا علم بها بعد أن صلى، وأما إذا علم بها وهو في الصلاة، فلا خلاف فيه أن صلاته تبطل، وعليه أن يستأنفها، فكيف يكون الجواب عن الحديث؟ لأنه- عليه السلام علم بالنجاسة وهو في الصلاة ولم يُعدها. قلت: الجواب عن ذلك من وجهن، الأول: أن الحظْر مع النجاسة نزل حينئذ.

والثاني: يحتمل أنه كان أقل من الدرهم.

الثالثة: أن الأدب للمصلي إذا صلى وحده فخلع نعليه أن يضعها عن يساره، وأما إذا كان مع غيره في الصف وكان عن يمينه وعن يساره ناس، فإنه يضعها بين رجليه. وفي " المصنف،: نا وكيع: نا ابن أبي ذئب،

(1) في الأصل:" أبو سف"

(2)

معالم الحق (1 / 157) .

13 شرح سنن أبى داود 3

ص: 193

عن سعيد المقبري، عن أبيه قال: قلت لأبي هريرة: كيف أصنع بنعلي إذا صليتُ؟ قال: اجعلهما بين رجليك ولا تؤذ بهما مسلماً.

ونا وكيع، عن إسرائيل، عن عبد العزيز بن حكيم الحضرمي قال: رأيت ابن عمر خلع نعليه فجعلهما خلفه.

نا شبابة: نا ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: " إذا صلى أحدكم فليجعل نعليه بين رجليْه ". الرابعة: أن العمل اليسير لا يقطع الصلاة، وهو الذي لا يحتاج فيه إلى استعمال اليدين.

الخامسة: ذكرها الخطابي (1) : أن الاقتداء برسول الله- عليه السلام في أفعاله واجب كهو في أقواله، وهو أنهم لما رأوا رسول الله خلع نعله خلعوا نعالهم.

وقد قال الشيخ جلال الدين الخبازي في كتابه " المغني ": إن الأمر يتوقف على الصيغة عندنا خلافاً للشافعي حتى لا تكون أفعال النبي- عليه السلام مُوجبة، لأنه يصح أن يقال: فلان يفعل كذا ويأمر بخلافه، ولو كان الفعل أمراً لكان هذا تناقضاً. انتهى.

قلت: كأنه بنى على هذا الاختلاف أن أفعال النبي- عليه السلام غير موجبة.

فإن قيل: يرد عليه أن النبي- عليه السلام إذا فعل فعلاً وواظب عليه من غير تركه مرة، تكون واجبة، مع أنه لم توجد فيه صيغة الأمر، قلت: يمكن أن يقال: المواظبة أمر زائد على نفس الفعل، والنزاع ليس إلا فيه، ثم تحرير / الخلاف في هذا الموضع أنه إذا نقل إلينا فعل من أفعاله- عليه السلام، التي ليست بسَهو مثل الزلات ولا طبع مثل الأكل والشرب، ولا من خصائصه مثل وجوب التهجد والضحى، ولا ببيان

(1) معالم السنن (1 / 157) .

ص: 194

لمجمل مثل المسح على الناصية، هل يَسَعُنا أن نقول فيه: أمَر النبي- عليه السلام بكذا؟ وهل يجب علينا اتباعُه في ذلك أم لا؟ فعند مالك في رواية وبعض الشافعية: يصح إطلاق الأمر عليه بطريق الحقيقة، ويجب علينا الاتباع، وعندنا: لا، من وجوه ثلاثة (1)، الأول: يلزم التناقض في قولنا: فلان يفعل كذا ويأمر بخلافه على تقدير كون الفعل أمراً، والتناقض محال، وكل تقدير يلزم منه المحال فهو محال.

الثاني: لو كان الأمر حقيقة في الفعل لاطرد في كل الفعلِ، إذ لاطراد من غير مانع من أمارات الحقيقة، ولكنه لم يَطرد، إذ لا يقال: الآكل أو الشارب آمِر، فوجب أن لا يكون حقيقة فيه، لأن كل مقصود من مقاصد الفعل كالماضي والحال والاستقبال، مختصة بصيَغ وُضعَت لها، والمراد بالأمر من أعظم المقاصد لحصول الابتلاء به، فاختصاصُه بالعبارة أحق من غيره، فإذا ثبت أصل الموضوع كان حقيقةَ، ولا يكون حقيقة في غيره وإلا يلزم الاشتراك، وهو خلاف الأصل، ويُؤيدُ هذا كله: أنه- عليه السلام لما خلع نعليه في الصلاة خلع الناسُ نعالهم، فقال عليه السلام منكراً عليهم بعد فراغه من الصلاة:" ما حملكم على إلقائكم نعالكم؟ " فلو كان الفعلُ موجباً وأمراً لصَار كأنه أمَر بخلع النعال، ثم أنكر عليهم وهو باطل، وفيه نظر، لأنه- عليه السلام عقل الإنكار في خلع النعال بأن جبريل- عليه السلام قد أتاه وأخبره بأن فيهما قذراً، فالإنكار وقع لأمر زائد على الاتباع، وكيف يجوز الإنكار على نفس الاتباع؟ وقدْ أمِرنا بالاتباع والتأسي به لقوله تعالى:{فَاتبعُوني} (2)، ولقوله:{لَقَدْ كانَ لَكُمِْ فِي رَسُول الله أسوَة حَسَنَة} (3)،َ ولقوله تعالى:{وَمَا آتَاكُمُ الرسُولُ فخُذوهُ} (4) وَفعله مما أتى به.

قلت: الصحيح المختار عند فخر الإسلام وشمس الأئمة ما قاله الإمام

(1) كذا، وسيذكر المصنف وجهين فقط.

(2)

سورة آل عمران: (31)

(3)

سورة الأحزاب: (21)

(4)

سورة الحشر: (7)

ص: 195

أبو بكر الرازي والجصاص: أن ما علمنا من أفعال النبي- عليه السلام واقعاً على صفة من كونها واجبةً أو مَندوبةً أو مباحةً علينا اتباعُه، والاقتداء على تلك الصفة، وما لم نعلم من أفعاله على أي صفة فعلها قلنا: متابعته على أدنى منازل أفعاله وهي الإباحة، لأن الاتبَاع والاقتداء برسول الله هو الأصل لما تلونا.

362-

ص- نا موسى: نا أبان: نا قتادة: حدَّثني بكر بن عبد الله، عن النبي- عليه السلام بهذا (1) قال:" فيهما خبَث ". قال في الموضعين: خبث (2) .

ش- موسى: ابن إسْماعيل، وأبان: ابن يزيد، وبكر بن عبد الله: ابن عمر بن هلال أبو عبد الله المصري.

قوله: " قال: فيهما خبث " أي: في النعلين، والخبث- بفَتْحتين-: النجس.

قوله: " قال في الموضعين " وهما: قوله: " فأخبرني أن فيهما "، وقوله:" فإن رأى في نعليه "، وهذه رواية مُرْسلة.

633-

ص- نا قتيبة بن سعيد: نا مروان بن معاوية الفزاري، عن هلال ابن ميمون الرملي، عن يَعْلى بن شداد بن أوس، عن أبيه قال: قال رسولُ الله: " خالِفوا اليهود، فإنهم لا يُصلون في نعالهم ولا خفافهم "(3) .

ش- مروان بن معاوية: أبو عبد الله الوزاري الكوفي، وهلال بن ميمون: أبو علي الجهني الفِلَسطيني.

ويَعْلى بن شداد بن أنس: ابن ثابت الأنصاري الخزرجي التجاري المقدسي. روى عن: أبيه، روى عنه: عيسى بن سنان، والحسن بن الحسن، وهلال بن ميمون. روى له: أبو داود، وابن ماجه (4) . وشداد بن أوس بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناف بن

(1) في الأصل: " بها "

(2)

تفرد به أبو داود.

(3)

تفرد به أبو داود.

(4)

انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (32 / 4 1 71) .

ص: 196

عدي بن عمرو بن مالك بن النجار، وشداد هو ابن أخي حسان بن ثابت

شاعر النبي- عليه السلام الأنصاري النجاري المدني، يكنى أبا يعلى،

سكن بيْت المقدس وأعقب بها، رُوِيَ له عن رسول الله- عليه السلام

خمسون حديثاً، وأخرج له البخاري حديثاً ومسلم آخر. روى عنه: ابنه:

يعلى، وأبو إدريس الخولاني، ومحمود بن لبيد، وعبد الرحمن / بن [1/221-ب]

عمرو، وأبو الأشعث الصنعاني، وجماعة آخرون. مات ببَيْت المقدس

سنة ثمان وخمسين، وقيل: سنة إحدى وأربعين، وقيل: سنة أربع

وستين، وهو ابن خمس وسبعين سنة، وقبره بظاهر باب الرحمة باقِ إلى

الآن. روى له الجماعة (1) .

قوله: " خالفوا اليهودَ " يعني: خالفوا اليهودَ في لُبس النعال والخفاف

في الصلاة " فإنهم " الفاء فيه للتعليلَ، والخفاف جمع " خُف " وفيه

جواز الصلاة في النعل والخف إذا كانا طاهرَين، وكذلك كل ما يَلبسه

الرجل في رجْله تجوز الصلاة فيه إذا كان طاهراً.

634-

ص- نا مسلم بن إبراهيم: نا علي بن المبارك، عن حُسين المعلم،

عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: رأيتُ رسولَ الله يُصَلي

حافياً ومُنتعِلاً (2) .

ش- مسلم بن إبراهيم: القصّاب البصري، وعلي بن المبارك: الهنائي

البصري، وحُسَن المعلم: ابن أكوان المكتب البصري.

قوله: " حافياً ومنتعلاً " حالاًن من الضمير الذي في " يُصفي " والحافي

مِن حفِي يَحْفَى من باب علم يعلم، وهو الذي يَمشِي بلا خُف ولا نعلِ،

وقال الكسائي: رجل حافِ بَين الحِفْوة والحِفْية والحِفاية والحِفاءِ بالمد،

(1) انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (2 / 135) ، وأسد الغابة

(2 / 570) ، والإصابة (2 / 139) .

(2)

ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: الصلاة في النعال (1038) .

تنبيه: سيذكر المصنف أن النسائي أخرج هذا الحديث، وقد عزاه الحافظ المزي

في (تحفة الأشراف: 6 / 8686) إلى. ابن ماجه فقط، والله أعلم،

ص: 197