الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نا يحيى بن سعيد، عن وقاء قال: كان سعيد بن جبير يؤمنا بين
ساريتين.
نا محمد بن فضيل، عن يزيد بن أبي زياد قال: رأيت إبراهيم التيمي يؤم قومه بين أسطوانتين.
نا وكيع: نا سفيان وإسرائيل، عن إبراهيم بن عبد الأعلى قال: كان سُويد بن غفلة يؤمنا بين أسطوانتين.
***
91- بَابُ: مَنْ يستحب أن يَلِي الإِمامَ في الصف وكراهية التَّأخُّرِ
أي: هذا باب في بيان من يستحب أن يقرب من الإمام في الصف وكراهة التأخر عنه، وفي بعض النسخ، "باب ما جاء فيما يستحب "، وفي بعضها:"باب مَن يلي الإمام " إلى آخره.
655-
ص- نا ابن كثير: نا سفيان، عن الأعمش، عن عمارة بن عُمير، عن أبي معمر، عن أبي مَسْعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ليَلِني منكُم أولُو
[1/226-ب] الأحْلام والنهى، ثم الذين / يَلُونهم، ثم الذين يلونهم " (1) .
ش- ابن كثير: هو محمد بن كثير البصري، وسفيان: الثوري، وسليمان: الأعمش.
وعُمارة بن عمير: التيمي تيم الله بن ثعلبة الكوفي، رأى عبد الله بن عُمر. وسمع: علقمة بن قيس، والأسود بن يزيد، وأبا معمر، وغيرهم. روى عنه: الأعمش، ومنصور بن المعتمر، والحكم بن عُتَيْبة وغيرهم. قال أحمد وابن معين وأبو حاتم: ثقة. روى له الجماعة (2) .
(1) مسلم: كتاب الصلاة، باب: تسوية الصفوف وإقامتها وفضل الأول منها والازدحام على الصف الأول والمسابقة عليها وتقديم أولي الفضل وتقريبهم من الإمام (122/432)، النسائي: كتاب الإمامة، باب: من يلي الإمام ثم الذي يليه (2 / 87)، ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: من يستحب أن
يلي الإمام (976) .
(2)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (21/4193) .
وأبو مَعْمر: عبد الله بن سَخْبرة الأزدي من أزد شنُوءة، ويُقال: الأسْدي- بسكون السن- الكوفي. روى عن: أبي بكر الصديق مُرسلاً. وروى عن: عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب. وسمع: عبد الله بن مسعود، وخباب بن الأرَت، وأبا مسعود البدري، والمقداد ابن الأسود. روى عنه: مجاهد، ويزيد بن شريك، وإبراهيم النخعي، وعمارة بن عُمير. قال ابن معين: هو ثقة. روى له الجماعة (1) .
وأبو مَسْعُود: عقبة بن عمرو البدري.
قوله: " لِيلني منكم " بكسر اللامين وتخفيف النون، من غير ياء قبل النون، من وَلي يلي أصله: يَوْلِي، حذفت الواو لوقوعهما بين الياء والكسرة فصار " يلي" وأمر الغائب منه " لِيَلِ" لان الياء تسقط للجزم، وأمر الحاضر "لِ" مثل " ق " على وزن " ع ". وقال الشيخ محيي الدين: ويجوز إثبات الياء مع تشديد النون على التأكيد.
قلت: القاعدة: أن النون المؤكدة إذا دخلت الناقص تعود الياء والواو المحذوفتان فيصيرُ " ليليني منكم أولو الأحلام " أي: العُقلاء، وقيل: البالغون، والأحلام جمع حُلم- ب " م الحاء وسكون اللام- وهو ما يراه النائم، تقول: حلَم- بالفتح- واحتلم، وتقول: حلَمتُ بكذا وحلمتُه - أيضاً ولكن غلب استعماله فيما يراه النائم من دلالة البلوغ، فكان المراد هاهنا، ليلني البالغون. وذكر في " الفائق ": أمَر معاذا أن يأخذ من كل حالم دينارا، قيل: المراد: مَنْ بلغ وقت الحُلْم حَلَم أو لم يَحلُمْ. قوله: " والنهى "- بضم النون- جمع نُهْية- بضم النون وسكون الهاء- وهي العقل، ويقال: بفتح النون- أيضاً-، لأنه ينهى صاحبه عن الرذائل، وكذلك العقل لعَقْله، وهو مأخوذ من عقال البعير، وكذلك الحكمة من حكمة البعير، وهي حديدة لجامها التي تمنعها من العدول عن الاستقامة. وقيل: " أولو النهى " لأنه ينتهي إلى رأيهم واختياراتهم
(1) المصدر السابق (15 / 3291) .
15* شرح سنن في داوود3
لعقلهم، ويُقالُ: رَجل نَه ونَهِي من قوم نهين. وقال أبو علي الفارسي: يجوز أن يكون" النُّهَى"مصدرا كالهُدى، وأن يكون جمعا كالظلَم، قال: والنهى معناه في اللغة: الثبات والحَبْس، ومنه النهْيُ والنَهْيُ- بكسر النون وفتحها- والتَنْهِيَةُ للمكان الذي ينتهي إليه الماء فيُسْتنقع. قال الواحدي: فيرجع القولان في اشتقاق النُهْية إلى قول واحد وهو الحَبْس، فالنُهْية هي التي تَنْهى وتَحْبس عن القبائح.
قلت: التنهية- بفتح التاء المثناة من فوق، وسكون النون، وكسر الهاء، وفتح الياء آخر الحروف- وقال في" الصحاح ": تنهية الوادي بحيث ينتهي إليه الماء من حروفه، والجمع: التناهِي.
فإن قيل: ما وجه هذا العطف؟ قلت: إن فسر أولو الأحلام بالعُقلاء يكون عطف قوله:" والنهى" على " الأحلام " للتأكيد، لأن المعنى واحد وإن اختلف اللفظ، وإن فسر أولو الأحلام بالبالغين يكون المعنى: ليَقْرُبْ مني البالغون العقلاء.
فإن قيل: ما وجه تخصيصهم بذلك؟ قلت: لاستخلافه إن احتاج، ولتبليغ ما سمعوه منه، وضبط ما يحدث عنه، والتنبيه على سَهْو إن وقع، ولأنهم أحق بالتقدّم، وليقتدي بهم مَن بعدهم. وكذا ينبغي لسائر الأمة الاقتداء بسيرته- عليه السلام في كل حال من جموع الصلاة، ومجالس العلم والذكر، ومجالس الرأي ومعارك القتال.
قوله: " ثم الذين يلونهم " معناه: الذين يقربون منهم في هذا الوصف. واستدل بهذا الحديث أصحابنا في ترتيب الصفوف، فقال صاحب " الهداية": ويصف الرجال ثم الصبيان ثم النساء، لقوله- عليه السلام:
[1/227-أ]" ليلني منكم أولو الأحلام والنهى". / واستدلّ- أيضاً بهذا الحديث أن محاذاة المرأة الرجلَ وهما مشتركان في صلاةِ تُفسِدُ صلاة الرجل.
فإن قيل: كيف تثبت الفرضية بهذا وهو خبر الآحاد؟ قلنا: إنه من المشاهير، فتثبت به فرضيّة تمييز مقام المرأة من مقام الرجل، ويجور به
الزيادة على الكتاب. وقال صاحب " الأسرار ": إن لم تثبت فروض الصلاة بخبر الواحد ففروض الجماعة تثبت، لأن أصل الجماعة ثبت بالسنة فافهم.
والحديث: أخرجه مسلم، والنسائي، وابن ماجه. وروى الحاكم في " المستدرك " في كتاب " الفضائل" من حديث عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء بن عازب قال: كان رسول الله- عليه السلام يأتينا إذا أقيمت الصلاة، فيَمْسحُ عواتقنا ويَقولُ:" أقيموا صفوفكم، ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم، وليلني منكم أولو الأحلام والنُهى" انتهى. وسكتَ عنه.
656-
ص- نا مسدّد: نا يزيد بن زريع: نا خالد، عن أبي معشر، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، عن النبي- عليه السلام مثله، وزاد:" ولا تختلفوا فَتخْتلفَ قلوبكم، وإياكم وهَيْشاتِ الأسْواق"(1) .
ش- خالد: الحذاء، وأبو معشر: زيادُ بن كليب، وإبراهيم: النخعي، وعلقمة: ابن قيس النخعي، وعبد الله: ابن مسعود.
قوله: " مثله " أي: مثل الحديث المذكور.
قوله: (فتختلف" بالنصب جواب النهي، وقد مر نظيرُه.
قوله: " وإياكم وهيشات الأسواق " أي: اتقوا أنفسكم ابن تتعرض لهَيْشات الأسواق، وهذا من المنصوبات باللازم إضمارُه كما في قولك: إياك والأسَدَ. والهيشات- بفتح الهاء، وسكون الياء آخر الحروف وبالشين المعجمة- وروية "هَوْشات" وأصله من الهَوْش وهو الاختلاط، والهَوْشة: الفتنة، وبينهم تهاون أي: اختلاط واختلاف، والمعنى:
(1) مسلم: كتاب الصلاة، باب: تسوية الصفوف وفضل الأول فالأول منها
…
إلخ (123 / 432)، الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء ليلني منكم أولو الأحلام والنهى (228)، النسائي في الكبرى: كتاب الشروط.