الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشعبي، عن ابن عُمر، أنه كره إذا صلى الإمام أن يتطوع في مكانه،
ولم ير به لغير الإمام بأساً.
حدَّثنا أبو معاوية، عن حجاج، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد،
عن عبد الله بن عمرو، أنه كره للإمام أن يصلي في مكانه الذي صلى فيه
[1/ 210 - أ] الفريضة. وكذا / بإسناده عن ابن أبي ليلى، وابن المسيب، والحسن، وإبراهيم- رحمهم الله.
ص- قال أبو داود: عطاء الخراساني لم يدرك المغيرة بن شعبة.
ش- لأن عطاء الخراساني مولى المهلب بن أبي صُفْرة، ولد في السنة
التي مات فيها المغيرة بن شعبة، وهي سنة خمسين من الهجرة على المشهور، أو يكون ولد قبل وفاته بسنة على القول الآخر.
***
67- بَابُ: الإمام يُحْدثُ بَعْدَ ما يَرْفعُ رأسَه
(1)
أيْ: هذا باب في بيان حكم الإمَام الذي يُحْدث بعد ما يرفع رأسه من
آخر الركعة، وفي بعض النسخ: " باب ما جاءَ في الإمام يُحدث بعد ما
يرفع رأسه من آخر ركعة ".
598-
ص- نا أحمد بن يونس: نا زهير: نا عبد الرحمن بن زياد بن
أنعُم، عن عبد الرحمن بن رافع، وبكر بن سوادة، عن عبد الله بن عَمرو أن
رسول الله- عليه السلام قال: " إذا قضى الإمامُ الصلاةَ وقَعدَ فأحْدث (2)
قبل أن يتكلم فقد تمت صلاته، ومَنْ كان خلفه ممن أتم الصلاة " (3) .
ش- زُهير: ابن معاوية.
-------------------
(1)
في سنن أبي داود: "
…
رأسه من آخر ركعة "، وسيذكر المصنف أنها نسخة.
(2)
سقطت كلمة " فأحدث " من سنن أبي داود.
(3)
الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في الرجل يحدث في التشهد (408) .
وعبد الرحمن بن رافعِ: التنوخي قاضي إفريقية، يكنى أبا الجَهْم. روى عن: عبد الله بن عمرو، وعقبة بن الحارث. روى عنه: عبد الرحمن ابن زياد بن أنعم الإفريقي، وسليمان بن عوسجة، وغيرهم. قال البخاري: في حديثه مناكير. توفي سنة ثلاث عشرة ومائة. روى له: أبو داود، والترمذي، وابن ماجه (1) .
وبكر بن سوادة: ابن ثمامة المصْري.
قوله: " إذا قضى الإمامُ الصّلاةَ " مَعْناه: إذا فرغ منها وقعد في آخرها، فأحدث قبل أن يتكلم، فقد تمت صلاته، لأنه لم يبق علي شيء من الفروض.
قوله: " ومَنْ كان خلفه " أي: وصلاة من كان خلفه- أيضاً ممن أتم الصلاة، والمرادُ منه: صلاة المدركين بخلاف المَسبوقين فإن حَدَثَ. الإمام يكون في أثناء صلاتهم فتفسدُ. وبهذا الحديث استدل أصحابنا أن المصلي إذا سبقه الحدث بعد ما قعد قدر التشهد، لا يضر ذلك صلاته، فيقوم ويتوضأ ويُسلم، لأنه لم يبق عليه إلا التسليم فيأتي به، وإن تعمد الحدث في هذه الحالة أو تكلم، أو عمل عملاً ينافي الصلاة تمت صلاته لأنه لم يبق علي شيء من الأركان، وإن رأى المتيمم (2) الماء، أو كان ماسحاً فانقضت مدة مسحه، أو خلع خفيه بعمل يسيرِ، أو كان أمّيا فتعلم سورة، أو عرياناً فوجد ثوبا أو مُومئاً قَمَرَ على الركوع والسجود، أو تذكر فائتةَ علي قبل هذه، أو القارئ اسَتخلف أمياً في هذه الحالة، أو طلعت الشمس في الفجر، أو دخل وقت العصر في الجمعة، أو كان ماسحا على الجبيرة فسقطت عن بُرء، أو كان صاحب عُذر فانقطع عذره كالمستحاضة ومن بمعناها، لم تبطل الصلاة في الكل عند أبي يوسف ومحمد بهذا الحديث. وقال أبو حنيفة: تبطل في الكل، وذلك لأن الخروج
-------------------
(1)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (17 / 3811) .
(2)
في الأصل: " التيمم ".
من الصلاة بصُنعه فرض عنده، ولم يُوجَدْ صُنْعه، وفسروا ذلك: بأن
يَبْني على صلاته إما فرضاً، أو نفلاً أو يضحك قهقهة، أو يُحدث عمداً
أو يكلم، أو يَذهب أو يُسلم، وهاهنا بحث كبير ومحله كتب الفروع.
والحديث: أخرجه الترمذي، وقال: هذا حديث ليس إسناده بالقوي،
وقد اضطربوا في إسناده. وأخرجه الدارقطني (1) ثم البيهقي في " سننهما "
قال الدارقطني: عبد الرحمن بن زياد ضعيف لا يحتج به. وقال البيهقي:
وهذا الحديث إنما يُعرف بعبد الرحمن بن زياد الإفريقي وقد ضعفه يحيى
ابن معين ويحيى بن سعيد القطان وأحمد بن حنبل وعبد الرحمن بن
مهدي. قال: وإن صح فإنما كان قبل أن يفرض التسليم.
وقال الخطابي (2) : هذا حديث ضعيف، وقد تكلم الناس في بعض
نقلته، وقد عارضته الأحاديث التي فيها إيجاب التشهد والتسليم، ولا
أعلم أحداً من الفقهاء قال بظاهره، لأن أصحاب الرأي لا يرون أن صلاته
قد تمت بنفس القعود حتى يكون ذلك بقدر التشهد على ما رووه عن ابن مسعود، ثم لم يقودوا قولهم في ذلك، لأنهم قالوا: إذا طلعت علي الشمس، أو كان متيمما فرأى الماء وقد قعد مقدار التشهد قبل أن يُسلم، [1/ 210 - أ] فقد فسدت صلاته، وقالوا فيمن قهقه بعد الجلوس / قدر التشهد لا ينقض " الوضوء إلا أن يكون في صلاة، والأمرُ في اختلاف هذه الأقاويل ومخالفتها الحديث بين.
قلت: هذا الحديث حجة عليهم، فلذلك يُثبتون له أنول الضعْف،
فعبد الرحمن بن زياد وإن كان ضيفه البعضُ فقد وحقه آخرون. قال
أبو داود: قلت لأحمد بن صالح: يحتج بحديث الإفريقي؟ قال: نعم،
قلت: صحيح الكتاب؟ قال: نعم. ونقل أحمد بن محمد بن الحجاج
ابن رشد، عن أحمد بن صالح قال: من يتكلم في ابن أنعام فليس
بمقبول، ابن أنعام من الثقات. وقال عباس بن محمد: سمعت ابن معين
----------------
(1)
سنن الدارقطني (1 / 379) .
(2)
معالم الحق (1 / 151) .
يقول: ليس به بأس. وقال إسحاق بن راهويه: سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول: هو ثقة. وقال البخاري: روى عنه الثوري. وقال أبو عبد الرحمن: ليس به بأس. وقال أحمد: رأيت محمد بن إسماعيل يُقوي أمره ويقول: هو مقارب الحديث. وقد عرفت بهذا تحامل البيهقي وطعنه الواسع في الناس. وروى الحديث- أيضاً إسحاقُ بن راهويه في " مسنده ": أخبرنا جعفر بن عون: حدثني عبد الرحمن بن رافع، وبكر ابن سوادة قالا: سمعنا عبد الله بن عَمْرو مرفوعاً، فذكره، ورواه الطحاوي - أيضاً بسَند السنن ولفظه: قال: " إذا قضى الإمام الصلاة فقعد فأحدث هو، أو أحد ممن أتم الصلاة معه قبل أن يُسلم الإمام، فقد تمت صلاته فلا يُعيدها ". ومما يؤيده: حديث رواه أبو نعيم الأصبهاني في كتاب " الحلية " في ترجمة عمر بن ذر: حدثنا محمد بن المظفر: ثنا صالح بن أحمد: ثنا يحمى بن مخلد- المعنى-: ثنا عبد الرحمن بن الحسن أبو مسعود الزجاج، عن عمر بن ذر، عن عطاء، عن ابن عباس أن رسول الله- عليه السلام كان إذا فرغ من التشهد أقبل علينا بوجهه وقال:" مَنْ أحدَث بعد ما فرغ من التشهد فقد تمت صلاته "، وما رواه ابن أبي شيبة في " مصنفه ": حدثنا أبو معاوية، عن حجاج، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي قال: إذا جلس الإمام في الرابعة ثم أحدث فقد تمت صلاته، فليقم حيث شاء. وأخرجه البيهقي، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي، فذكره، وراد فيه: قدر التشهد. وأخرج ابن أبي شيبة- أيضاً نحوه، عن الحسن، وابن المسيب، وعطاء، وإبراهيم النخعي.
وقول البيهقي:" وان صح فإنما كان قبل أن يفرض التسليم " غير مسلم، لأنه مجرد دعوى، ولا نسلم أن التسليم فرض لحديث ابن مسعود، ولا يصح الاستدلال على فرضيته بقوله- عليه السلام:" وتحليلها التسليم " لأنه ليس فيه نفي التحليل بغير التسليم، إلا أنه خص التسليم لكونه واجباً، ويُرد بهذا التقرير قول الخطابي- أيضاً " وقد عارضته الأحاديث" إلى آخره.
وقول الخطابي: أولا أعلم أحداً من الفقهاء قال بظاهره، إلى آخره
غير صحيح، لأن علماءنا ولا سيما أبا يوسف ومحمداً قالا به، وليس المراد من قوله في الحديث:" وقَعد " نفس القعود، بل القعود قدر التشهد كما فسر به في حديث عمر بن ذر وفي حديث علي وغيرهما. وقوله: لا لأنهم قالوا: إذا طلعت الشمس إلى آخره غير صحيح - أيضاً-، لأن بطلان الصلاة من هذه الصُوَر عند أبي حنيفة بناء على أن الخروج من الصلاة بفعل المصلي فرض، وليس لهذا تعليق بالحديث المذكور عند أبي حنيفة، وأما أبو يوسف ومحمد فلا يريان بطلان الصلاة في هذه الصور بهذا الحديث- كما ذكرناه مفصلاً- وكيف يلتئم كلام الخطابي؟ أم كيف يكون حجة لتضعيف هذا الحديث؟
599-
ص- نا عثمان بن أبي شيبة: نا وكيع، عن سفيان، عن ابن عقيل، عن محمد ابن الحنفية، عن علي- رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه السلام: " مفتاح الصلاة: الطهور، وتحريمها: التكبير، وتحليلها: التسليم "(1) .
ش- ابن عقيل: هو عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب.
" (2) رُوي هذا من حديث علي، ومن حديث الخدري، ومن حديث عبد الله بن زيد، ومن حديث ابن عباس.
أما حديث علي: فأخرجه أبو داود، والترمذي، وقال الترمذي: هذا الحديث أصح شيء في هذا الباب وأحسَن. وقال النووي في " الخلاصة ": / هو حديث حسَنٌ، وقال في " الإمام ": ورواه الطبراني ثم البيهقي (3) من جهة أبي نعيم، عن سفيان الثوري، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن ابن الحنفية رفعه إلى النبي- عليه السلام قال: لا مفتاح الصلاة: الطهور " الحديث قال: وهذا على هذا الوجه مرسل.
وأما حديث أبي سعيد: فرواه الترمذي، وابن ماجه من حديث طريف
----------------
(1)
الترمذي: كتاب الطهارة، باب: ما جاء مفتاح الصلاة الطهور (3)، ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب: مفتاح الصلاة الطهور (275) .
(2)
انظر: نصب الراية (1 / 307- 308) .
(3)
السنن الكبرى (2 / 173، 379) ، وأخرجه كذلك أحمد (1 / 123، 9 2 1) ، وا أد " ربطني (1 / 360، 379) ، والدارمي (63) .
ابن شهاب أبي سفيان السعْدي، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مفتاح الصلاة: الطهور، وتحريمها: التكبير، وتحليلها: التسليم " أخرجه الترمذي في الصلاة (1)، ورواه الحاكم في " المُسْتدرك " (2) وقال: حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه.
وأما حديث عبد الله بن زيد: فأخرجه الدارقطني في " سننه "(3)، والطبراني في " معجمه الوسَط " (4) عن محمد بن عمر الواقدي: ثنا يعقوب بن محمد بن أبي صعصعة، عن أيوب بن عبد الرحمن، عن عباد بن تميم، عن عمه: عبد الله بن زيد، عن النبي نحوه سواء. ورواه ابن حبان في كتاب " الضعفاء " من حديث محمد بن موسى بن مسكين قاضي المدينة، عن فليح بن سليمان، عن عبد الله بن أبي بكر، عن (5) عباد بن تميم به، وأعفَه بابن مسكين وقال: إنه يَسْرق الحديث ويَروي الموضوعات عن الأثبات.
وأما حديث ابن عباس: فرواه الطبراني في " معجمه الكبير "(6) : ثنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم القرشي: ثنا سليمان بن عبد الرحمن: ثنا سَعدان بن يحيى: ثنا نافع مولى يوسف السلَمي، عن عطاء، عن ابن عباس، عن النبي- عليه السلام نحوه سواء. وهذا الحديث ذكره أبو داود مرةَ في (باب فرض الوضوء بهؤلاء الرواة بأعيانهم، وقد تكلمنا فيه بما فيه الكفاية فليراجع فيه الطالب.
----------------------
(1)
الترمذي: باب ما جاء في تحريم الصلاة وتحليلها (238)، ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب: مفتاح الصلاة الطهور (276) .
(2)
(1 / 132) ، وأخرجه كذلك الدارقطني (1 / 359) ، والطبراني في الأوسط (3 / 2390) من طريق سعيد الثوري، عن أبي نضرة به.
(3)
(1 / 1 36)
(4)
(7 / 175 7) .
(5)
في الأصل: " بن " خطأ.
(6)
(11369)، وكذا في معجمه الأوسط (9/ 9267) قال: حدثنا الوليد بن حماد: نا سليمان بن عبد الرحمن به.
وقال الخطابي (1) : في هذا الحديث بيان أن التسليم ركن للصلاة كما
أن التكبير ركن لها، وأن التحليل منها إنما يكون بالتسليم دون الحدث والكلام، لأنه قد عرفه بالألف واللام وعينه كما عين الطهور وعرفه، فكان ذلك منصرفا إلى ما جاءت به الشريعة من الطهارة المعروفة، والتعريف بالألف واللام معِ الإضافة يوجب التخصيص، كقولك: فلان مَبيتُه المَساجد تُريدُ أنه لا مبيت له يأوي إليه غيرها. وفيه دليل على أن افتَتاح الصلاة لا يكون إلا بالَتكبير دون غيره من الأذكار.
قلتُ: قوله: " إن التسليم ركن للصلاة كما أدق التكبير ركن لها " ممنوع، لأن هذا الحديث خبر الآحاد، وبمثله لا تَثبت الفرضية (2) ، وقياسه على التكبير فاصد، لأن التكبير ما فرض بهذا الحديث، بل بقوله تعالى:" {ربكَ فكبر} (3) .
وقوله:"وأن التحليل منها إنما يكون بالتسليم " غير مُسلم، لأنه ليس فيه نفي التحليل بغير التسليمِ، والألف واللام إذا دخلا في اسم سواء كان ذلك الاسم مفرداً أو جمعا يصرفه إلى الجنس، والجنس فرد من وجه حتى يقع على الأقل، وجمع من وَجه، لأن الجنس يتضمن معنى الجمع، فيكون المراد: جنس السلام من جنس التحليل، فكما أنه يقع بالسلام يقع بالكلام ونحوه، ولكن لما عين التسليم يكون واجبا.
وقوله: " وفيه دليل على أن افتتاح الصلاة " إلى آخره غير صحيح، لأن الأصل في النصوص: التعليل، وقال تعالى:{وَذَكَرَ اسْمَ ربه فصلى} (4) والمراد: ذكر اسم الرب لافتتاح الصلاة، لأنه عقيب الصلاةَ الذكرَ بحرف التعقيب بلا فصل، والذكر الذي يتعقبه الصلاة بلا فصل هو تكبيرة الافتتاح، فقد شرع الدخول في الصلاة بمطلق الذكر فلا يجور تقييده باللفظ المشتق من الكبرياء بأخبار الآحاد، والحديث معلولٌ به، وقد استوفينا الكلام فيه في " باب فرض الوضوء " عند هذا الحديث.
-------------
(1)
معالم الحق (1 / 151- 152) .
(2)
انظر لحجية خبر الآحاد (1 / 184) .
(3)
سورة المدثر: (3) .
(4)
سورة الأعلى: (15) .