الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والحديث: رواه النسائي. وقال: وقد اختلف على ابن أبي ليلى في
هذا الحديث، فرواه بعضهم عنه مُرْسلاً.
قلت: ورواه الحاكم في " المستدرك " وصححه.
***
44- بَاب: في فضل صلاة الجماعة
أي: هذا باب في بيان فضيلة الصلاة بالجماعة، وفي بعض النسخ:
" باب ما جاء في نضل صلاة الجماعة "، وفي بعضها:" صلاة الجميع"
موضع " الجماعة ".
536-
ص- نا حرص بن عمر: نا شعبة، عن أبي إسحاق، عن عبد الله
ابن أبي بَصير، أُبي بن أبي كعب قال: صلى بنا رسول الله- عليه السلام
يوما الصبح فقال: " أشاهد فُلانٌ؟ " قالوا: لا. قال: " أشاهد فلان؟ "
قالوا: لا، قال: " إن هاتَينِ الصلاتَيْنِ أثقلُ الصلوات على المنافقينَ، ولو
تعلمونَ ما فيهما لأتيتُمُوهُما ولو حبواً على الركَبِ، وان الصفَّ الأوَّلَ على
مثلِ صف الملائكةِ، ولو علمتم ما فضيلَتُهُ / لابْتَدَرْتُموه، وأن صلاةَ الرجلِ [1/189- ب] مع الرجلِ أزكَى من صَلاِته وحده، وَصلاته مع الرجلينِ أزْكَى من صلاته
مع الرجلِ، وما كثُرَ فهو أحب إلى اللهِ عز وجل " (1) .
ش- حفص بن عُمر: ابن الحارث البَصْري، وأبو إسحاق: السبِيعي.
وعبد الله بن أبي بَصِير. روى عن: أبي بن كعب، وعن: أبيه.
روى عنه: أبو إسحاق، ولا نعلم روى عنه غيره. روى له: أبو داود، والنسائي، وابن ماجه (2) .
(1) النسائي: كتاب الإمامة، باب: الجماعة إذا كانوا اثنين (2 / 104)، ابن ماجه: كتاب المساجد والجماعات، باب: صلاة العشاء والفجر في جماعة (796) عن عائشة مختصراً
(2)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (14 / 3184) .
قوله: "أشاهد فلان؟ " أي: أحاضر مع القوم؟ وارتفاع " شاهد " على أنه مبتدأ.
وقوله: " فلان " فاعله سد مسَد الخبر، وقد علم أن الصفة الواقعة بعد حرف الاستفهام أو حَرْف النفي يكون مبتدأ، ولكن لا تتعين الصفة في هذه الصورة للابتداء، وإنما تتعين إذا أسندت إلى التثنية أو الجمْع، نحو: أقائم الزيدان؟ وأقائم الزيدون؟ وأما في هذه الصورة: يجوز أن يكون " فلان " مبتدأ، ويكون " شاهد " خبره مقدماً كما في: أقائم زيد؟ قوله: " إن هاتين الصلاتين " أراد بهما صلاة الصبح والعشاء، وإنما كانتا أثقل الصلوات، لأن كلا منهما مكتنف بوقت النوم والثقالة والكسَل. قوله:" ولو حَبْو "، الحَبْو: حَبْو الصغير على يدَيْه ورجليه. وقال ابن الأثير (1) :" الحَبْو: أن يمشي على يدَيه وركبتَيْه أو إسته، وحَبَا البعير إذا برك ثم زحف من الإِعْياء، وحبا الصبي إذا زحف على إسته " انتهى. والمعنى: لو تعلمون ما في صلاة الصبح والعشاء من الفضل والخير،
ثم لم تستطيعوا الإتيان إليهما إلا حَبوا، لحبَوتم إليهما، ولم تُفَوتوا جماعتيهما في المسجد، ففيه الحث البليغ على حضورهما.
فإن قلت: بم انتصب حَبْواً؟ قلت: انتصب على أنه صفة لمصدر محذوف أي: ولو كان إتياناً حَبْوا، ويجور أن يكون خبر كان المقدر، والتقدير: ولو كان إتيانكُم حَبْواً.
وقوله: "على الركب، متعلق به، وهي جمع رُكبةِ ".
قوله: "وإن الصف الأولى على مثل صف الملائكة " كلمة "على " هاهنا للاستعلاء المعنوي، نحو:{وفَضلنا بَعْضَهُم عَلَى بَعض} ، وقد جاء عن سيبويه أنه " على " لا يكون إلا اسما، فيكون المعنَى على هذا: الصف الأول من الجماعة أعلى وأفضل من صف الملائكة.
(1) النهاية (1 / 336) .
قوله: " ما فضيلته؟ " أي: فضيلة الصف الأول.
قوله: " لابتدرتموه " جواب " لوْ " أي: لسارَعْتم إليه، من الابتدار وهو الإسراع، وهو فعل متعدي، كما يقال: ابتَدَرُوا السلاح، أي: تَسَارعوا إلى أخذه.
قوله: " أزكى " يعني: اْبْركُ وأنْمى بمعنى: أكثر ثوابا وفضِيلةً.
قوله: " ومَا كثُر "" ما " هاهنا شرطية، فلذلك دخلت الفاء في جوابه، والمعنى: كلما كثر الناسُ فهو أحبّ إلى الله عز وجل، لأن الجماعة رَحْمة. والحديث: أخرجه النسائي مطولاً وابن ماجه بنحوه مختصراً وقال النووي في " الخلاصة ": إسناده صحيح، إلا أن ابن [أبي] بَصِير سكتوا عنه ولم يضعفه أبو داود. وروى البيهقي معناه من حديث قَبَاث بن أشيم الصحابي، عن النبي- عليه السلام وهو بضم القاف وفتحها بَعْدها باء موحدة وآخره ثاء مثلثة.
537-
ص- نا أحمد بن حنبل: نا إسحاق بن يوسف: نا سفيان، عن أبي سهل- يعني: عثمان بن حكيم-: نا عبد الرحمن بن أبي عَمْرةَ، عن عثمانَ بن عفان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مَن صَلى العشاءَ في جَمَاعة كان كَقِيَام نِصفِ لَيلةٍ، ومَن صَلى العِشاءَ والفَجْرَ في جَمَاعةٍ كَان كقيام لَيلةٍ "(1)
ش- إسحاق بن يوسف: ابن مرْداس الأزرَق، أبو محمد الواسطي القرشي المخزومي. سمع: الأعمش، والثوري، وشريكا (2) النخعي، وغيرهم. روى عنه: أحمد بن حنبل، وقتيبة بن سعيد، ويحي بن معين، وغيرهم. قال ابن معين وأحمد العجلي: هو ثقة. وقال
(1) مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: فضل صلاة العشاء والصبح في جماعة (260 / 656)، الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في فضل العشاء والفجر في جماعة (221) .
(2)
في الأصل:" شريك ".
أبو حاتم: هو صحيح الحديث، صدوق، لا بأس به. توفي سنة ست وتسعن ومائة. روى له الجماعة (1) .
وأبو سَهْل: عثمان بن حكيم بن عبادة بن عثمان بن حنيف الأنصاري الأوسي المدني ثم الكوفي، أخو حكيم. روى عن: عبد الله بن سَرْجس، وعامر بن سَعْد بن أبي وقاص، ومحمد بن كعب القرظي، وغيرهم. روى عنه: الثوري، وشريك النخعي، وعيسى بن يونس، وغيرهم. قال ابن معين: / ثقة. وقال أبو زرعة: صالح. روى له الجماعة (2) .
وعبد الرحمن بن أبي عَمْرةَ، واسم أبي عروة: عمرو بن محصن. وقال ابن سَعْد: اسمه: بشير بن عمرو بن محصن بن عتيق بن عمرو بن مبذول، وهو عامر بن مالك بن النجار النجاري الأنصاري المدني. سمع: أباه- وله صحبة-، وعثمان بن عفان، وعبادة بن الصامت، وأبا هريرة، وغيرهم. روى عنه: مجاهد، وعثمان بن حكيم، وعبد الرحمن الأعرج، وغيرهم. وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث. روى له: الجماعة إلا النسائي (3) .
والحديث: أخرجه مسلم، والترمذي، ولفظ مسلم:"من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله"، فحمل بعضهم حديث مسلم على ظاهره، وأن جماعة العتمة توازي في فضيلتها قيام نصف ليلة، وجماعة الصبح توازي في فضيلتها قيام ليلة. واللفظ الذي خرجه به أبو داود يُفسره، ويُبين أن المراد بقوله:" ومن صلى الملمح في جماعة فكأنما صلى الليل كله " يعني: ومن صلى الصبح والعشاء، وطرق هذا الحديث كلها مُصرحة بذلك، وأن كلا منهما يقوم مقام نصف ليلة، وأن اجتماعهما يقوم مقام
ــ
(1)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (2 / 395) .
(2)
المصدر السابق (9 1 / 4 0 38) . (3) المصدر السابق (17 / 0 392) .