الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
69- بَابُ: التَشْديد فيمَنْ يَرْفعُ قبل الإِمام أو يضع قبله
أي: هذا باب في بيانَ التشديد فيمَنْ يرفع رأسه قبل الإمام أو يضعها قبل وضعه، وفي بعض النسخ:" باب ما جاء في التشديد ".
604-
ص- نا حفص بن عُمر: نا شعبة، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم " أمَا يخشىِ أو [أ] لا يَخشى أحدُكم إذا رفع رأسَه والإمامُ ساجداً أن يُحول الله رأسه رأسَ حمار، أو صُورتَه صورةَ حمارٍ "(1) .
ش- محمد بن زياد: أبو الحارث القرشي الجُمحي مولى عثمان بن مَظعون، مديني الأصل، سكن البصرة. سمع: أبا هريرة، وعبد الله ابن الزبير، وعبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي. روى عنه: شعبة، وقرة بن خالد، والحمادان، وغيرهم. وقال أحمد، ويحيى، والترمذي: هو ثقة. روى له الجماعة (2) .
قوله: " أو [أ] لا يخشى " شك من الراوي.
قوله: " والإمام ساجد " جملة اسمية وقعت حالاً.
قوله: " أن يُحول اللهُ " في محل النَصْب على أنه مفعول " [أ] ، لا يخشى و " أنْ " مصدرية، والتقدير: لا يخشى أحدكم تحويلَ اللهِ رأسَه.
قوله: " رأس حمار" منصوب بنزع الخافض أي، كرأس حمار ولا يجور أن يكون منصوبا بقوله:" يُحول " لأن حَول لا يتعدى إلى مفعولَين،
----------------------
(1)
البخاري: كتاب الأذان، باب: إثم من يرفع رأسه قبل الإمام، رقم (691)، مسلم: كتاب الصلاة، باب: تحريم سبق الإمام بركوع أو سجود ونحوهما،
رقم (427)، الترمذي: كتاب الجمعة، باب: ما جاء في التشديد في الذي يرفع رأسه قبل الإمام (582)، النسائي: كتاب الإمامة، باب: مبادرة الإمام (2 / 96)، ابن ماجه: كتاب " قامة الصلاة والمنَة فيها، باب: النهي أن بسبق الإمام بالركوع والسجود (961) .
(2)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (25 / 5222) .
بل الغالب فيه اللزوم، وقد يجيء متعديا إلى مفعول واحد، وهاهنا قد تعدى إلى قوله:" رأسَه ".
قوله: " أو صورتَه " شك من الراوي- أيضاً- أي: أن يحولَ الله صُورتَه.
فإن قيل: ما المراد من الصُّورة؟ قلت: الصُّورَة تطلَقُ على الوَجْه كما في قوله: " الصُّورة محرمة " أراد بها الوجه، وتُطلق على معنى حقيقة الشيء وهيئاته وعلى مَعنى صفته، يُقال: صورة الفعل كذا وكذا، أي: هيئاته، وصورة الأمر كذا وكذا أي: صفته، ثم إنه يجوز أن يكون المراد من الصورة هاهنا معنى الوجه؟ والمعنى: يحولَ الله وَجْهه وجه حمار، ويجوز أن يكون بالمعنى الثاني بمعنى يُحول الله حقيقته وهيئته، ثم هذا الكلام يحتمل أن يكون حقيقةً وهو تغيير الصُورة الظاهرة، ويحتمل أن يكون مجازا على سبيل الاستعارة وذلك أن الحمار موصوف بالبلادة، فاستعير هذا المعنى للجاهل بما يجب علي من فرض الصلاة ومُتابعة الإمام. فإن قيل: كيف وجه احتمال الحقيقة في هذا الكلام، ولم يقع ذلك مع كثرة رفع المأمومين قبل الإمام؟ قلت: ليس في الحديث ما يدل على وقوع ذلك؛ وإنما يدل على كون فاعله متعرضا لذلك، وكون فعله صالحا لأن يقع عنه ذلك الوعيدُ، ولا يلزم من التعرض للشيء وقوع ذلك الشيء، وأيضا- فالمُتوعدُ به لا يكون موجوداً في الوقت الحاضِر أعني: عند الفِعْل.
ثم اعلم أن في الحديث دليلاً على منع تقدّم المأموم على الإمام، لأنه توعد على هذا الفعل، ولا يكون التوعد إلا على ممنوع.
فإن قيل: المنع المذكور مخصوص في حالة السجدة بظاهر الحديث أو عام؟ قلت: بل عام، والدليل على ذلك: ما روي عن ابن مسعود أنه نظر إلى من سَبق إمامَه فقال: " لا وَحْدك صليت، ولا بإمامك اقتديت " وعن ابن عمر نحوه، وأمره بالسعادة، ولكن خصّ في الحديث حالة