الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُقال: اختال فهو مُختال وفيه خُيلاء ومَخيلة أي: كبر، ويُقال: خَال الرجلُ فهو خَائل أي: مُختال.
قوله: " فليس من الله في حل ولا حَرامٍ " الحل- بكسر الحاء- بمعنى الحلال والمعنى (1) ، وكلمة
" من " هاهنا بمعنى: " عند " كما في قوله تعالى: {لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أمْوَالُهُمْ وَلا أوْلادهم مَّنَ الله شيئاً} (2)، [1/216 - ب] والمعنى: / فليْس عند الله في شيء، وقد شاع بَيْنَ العَرب ضربُ المثل بقولهم: فلان لا ينفع للحلال ولا للحرام، ويُريدون به أنه سَاقط من الأعْين، لا يُلْتفتُ إليه، ولا يُعبا به وبأفْعاله، وكذلك معنى الحدَيث: من أسْبل إزاره في صلاته خُيلاء فليْس هو عند الله في شيء، ولا يَعْبا الله به ولا بصلاته، ثم إسبالُ الثوْب خارج الصلاة إن كان لأجل الاختيال يكره- أيضاً-َ، وإن لم يكن للاختيال لا يكره، وكرهه البعض " مطلقا في الصلاة وغَيْرها للاختيال وغيرها.
ص- قال أبو داود: روى هذا جماعة عن عاصم موقوفا على ابن مسعود ، منهم: حماد بن سلمة، وحماد بن زيد، وأبو الأحوص، وأبو معاوية.
ش- أي: روى هذا الحديث جماعة من أهل الحديث عن عاصم الأحول غيرَ مرفوع إلى النبي- عليه السلام، بل موقوفا على عبد الله ابن مَسعود، منهم: الحمادان، وأبو الأحوص: عوفُ بن مالك، وأبو مُعاوية الضرير.
***
78- بَاب: فِي كم تُصلِي المرأة
؟
أي: هذا باب في بيان حكم المرأة تصلي في كم من الثياب؟ وفي بعض النسخ: " باب ما جاء في كم تصلي المرأة؟ ".
(1) كذا، ولعلها مقحمة.
(2)
سورة آل عمران: (10) .
اعلم أن " كم " في كلام (1) العرب على وَجْهين، بمعنى:" كثيرِ " واستفهاميّة يعني: أيُ عدد؟ ويشتركان في خمسة أمور: الاسمية، والإبهام، والافتقار إلى التمَييز، والبناء، ولزوم التصدير، ويفترقان في خمسة أمور: الأول: أن الكلام مع الخبرية يحتمل الصدق والكذب، بخلاف الاستفهامية، الثاني: أن المتكلم بالخبريّة لا يستدعي من مخاطبه جواباً، لأنه مخبر، بخلاف المتكلم بالاستفهامية، لأنه مُستخبِرْ، الثالث: أن الاسم المبدل من الخبريّة لا يقترن بالهمزة، بخلاف المبدل من الاستفهامية، يُقال في الخبرية: كم عبيد لي خمسون بل ستون، وفي الاستفهامية: كم مالك: عشرون أم ثلاثون؟ الرابع: أن تمييز الخبرية مفرد أو مجموع تقول: كم عبد ملكت؟ وكم عبيد ملكتُ؟ ولا يكون تمييز الاستفهامية إلا مفرداً، خلافاً للكوفيين، والخامسُ: أن تمييز الخبرية واجب الخفض وتمييز الاستفهامية منصوب، ولا يجوز جرة مطلقاً، خلافاً للفراء الزجاج وابن السِّراج، بل بشرط أن تجر " كم " بحرف جر، فح (2) يجوز في التمييز وجهان: النصب- وهو الكثير- والجرّ خلافاً للبعض. وإنما طولت الكلام- وإن كان هذا ليس بمناسب لهذا المقام- ليعرف المُحدّث كل " كم " تقع في هذا الكتاب من أي قسم هو؟ وما حالُه من الإعراب؟ فيَسْهلَ علي المعنى.
620-
ص- نا القعنبي، عن مالك، عن محمد بن زَيْد بن قنفذ، عن أمه، أنها سألت أم سلمة: ماذا تصلي فيه المرأة من الثياب؟ فقالت (3) : تصلي في الخمار والدرع السابغ الذي يُغيب ظهور قدمَيْها (4) .
ش- مالك: ابن أنس.
ومحمد بن زيد: ابن المهاجر بن قنفذ التيمي الجُدْعاني المدني. روى عن: عبد الله بن عمر، وعُمير مولى آبي اللحم، وأبي سلمة بن
(1) في الأصل: " كلاب " كذا.
(2)
أي: "فحينئذ"
(3)
في الأصل: " فقال "
(4)
تفرد به أبو داود.
عبد الرحمن، وأمّه. روى عنه: مالك بن أنس، ويعقوب بن عبد الرحمن الإسكندراني، وحفص بن غياث، وغيرهم. روى له: مسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه (1) .
قوله: " ماذا تصلي فيه " اعلم أن " ماذا " على أوجه، أحدها: أن تكون " ما " استفهاماً، و" ذا " إشارةً نحو: ماذا الوقوف؟ والثاني: أن تكون " ما " استفهاماً، و " ذا " موصولة، نحو قوله تعالى:" ماذَا يُنفقُونَ "(2) في أحد الوجهين، الثالث: أن يكون " ماذا " كله استفهاماً علَى التركيب، كقولك: لماذا جئت؟ الرابع: أن يكون " ماذا " كله اسم جنس بمعنى " شيء " أو موصولاً بمعنى " الذي "، الخامس: أن تكون "ما" زائدة و " ذا " للإشارة، السادسُ: أن تكون " ما " استفهاماً و" ذا " زائدة؟ أجازه جماعة ، منهم: ابن مالك في نحو: ماذا صنعتَ؟
قوله: " في الخمار " الخمار- بكسر الخاء- للمرأة، يُسمّى به لتخمير المرأة رأسَها به، أي: تُغطِيها به، ومنه الخمرُ، لأنها تغطي العَقْل. والخُمُر- بتحريك الميم- وهو كل ما سَتَرك من شجر أو بناء أو غيره، ومكان خِمرٌ - بكسر الميم- أي: ساتِرٌ، وخُمارُ الناس- بالضم- رَحمتهم.
قوله: "الدرع السابغ " الدرعْ- بكسر الدال- القمِيصُ، والسابغ - بالغين المعجمة- بمعنى الشامل على جميع بدنها، يقال: شيء سابغ، أي: كامل وافِ.
قوله: " الذي يُغيّب ظهور قدمَيْها " تفسير السابغ بمعنى الشامل- كما ذكرنا- لأنه / إذا كان شاملَا يكون ساتراً ظهور قدمَيْها. [1/217 - ب]
ويُسْتفادُ من الحديث: أن المرأة إذا صلّت وظهور قدميها مكشوفة لا تجور صلاتها، وبه قال مالك، والشافعي، وقال مالك: إن صلت
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (25 / 5227) .
(2)
سورة البقرة: (219) .
وقدمها مكشوفة أعادت في الوقت، وكذلك إن صلت وشعرها مكشوف. وقال الشافعي: تعيد أبداً. وقال أحمد: كل شيء من المرأة عورة حتى ظفرها. وقال أبو حنيفة، والثوري: قدم المرأة ليست بعورة، فإن صلت وقدمها مكشوف لم تُعدْ. ويروى عن أبي حنيفة أن قدميها عورة- أيضاً- لعموم قوله- عليه السلام:" الحرة عَوْرة "، واستثني عنها الوجهُ والكفان ت لقوله تعالى:{ولا يبدينَ زِينَتَهُن إِلا مَا ظَهَرَ منْهَا " (1) . وقال ابن عباس: هو الكحل والخاتمَ. وأخرج البيهقي عن عَقبة الأصم، عن عطاء بن أبي رباح، عن عائشة في قوله تعالى: {ولا يبدينَ زينَتَهُن إِلا مَا ظَهَرَ منْهَا} قالت: ما ظهر منها: الوجه والكفّان. قالَ الشيَخ في " الإمام ":َ وعقبة تكلم فيه.
621-
ص- نا مجاهد بن موسى: نا عثمان بن عمر: نا عبد الرحمن بن عبد الله- يعني: ابن دينار-، عن محمد بن زيد بهذا الحديث قال عن أم ، سلمة، أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتصلي المرأةُ في درعْ وخمار ليس عليها إزار؟ قال: " إذا كان الدرعُ سابغاً يُغطي ظهور قدمَيْها "(2) .
ش- مجاهد بن موسى: أبو علي الخوارزمي.
وعثمان بن عمر: ابن فارس بن لقيط بن قيس أبو محمد أو أبو عدي العبدي البصري. روى عن: عبد الله بن عون، وداود بن قيس، ويونس بن يزيد، وغيرهم. روى عنه: البخاري، والترمذي، وابن ماجه، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، ومجاهد بن موسى، وغيرهم. قال أحمد بن حنبل: ثقة رجل صالح. توفي ليلة الأحد لثمان بقين من ربيع الأول سنة تسع ومائتين. وروى له: أبو داود، والنسائي (3) .
وعبد الرحمن بن عبد الله: ابن دينار المديني العدوي مولى عبد الله بن
(1) سورة النور: (31) .
(2)
تفرد به أبو داود.
(3)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (19/ 3848) .
عمر بن الخطاب. روى عن: أبيه، وزيد بن أسلم، وأبي حازم بن دينار. روى عنه: يحيى القطان، ومعن بن عيسى، وأبو الوليد الطيالسي، وغيرهم. قال ابن معين: في حديثه ضعْف. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال ابن عدي: بعض ما يرويه منكر لا يُتابع علي. روى له: البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي (1) . ومحمد بن زيد: قد مر الآن.
قوله: " اتُصلي المرأة " الألف فيه للاستفهام.
قوله: " إذا كان الدرع " إلى آخره جوابُه محذوف تقديره: إذا كان القميص شاملَا على جميع بدنها يُغطي ظهور قدميها تُصلي فيه وإلا لا. وفي " المصنف ": نَا أبو أسامة، عن الجريري، عن عكرمة قال: تصلي المرأة في درع وخمار حَصِيف.
ونا أبان بن صَمْعة، عن عكرمةَ، عن ابن عباس قال: لا بأس بالصلاة في القميص الواحد إذا كان صَفيقاً.
ونا أبو أسامة، عن الجُريري، عن عكرمة أنه كان لا يرى بأساً بالصلاة في القميص الواحد حصيفاً.
وذكر عن ميمونة بسند صحيح أنها صلت في درع وخمارٍ. ومن طريق أخرى صحيحة أنها صلت في درع واحد فُضُلاً، وقد وضعتْ بعض كمها على رأسها.
ومن طريق مكحول، عن " عائشة وعلي- رضي الله عنهما: تُصلي في درع سابغ وخمارِ. وعن ابن عمر بسند صحيح: في الدرع والخمار والملحفة. وعن عبيدة ومحمد بن سيرين: الدرع والخمار والحَقوة. وعن إبراهيم: في الدرع والجلباب. وعن عروة، وقتادة، وجابر بن زيْد،
(1) المصدر السابق (17 / 3866) .
وعطاء: في درع وخمار حَصيف. وعن الحكم: في درع وخمار. وعن
حماد: درع وملحفة تُغطِي رأسهَا. ومن حديث ليْث، عن مجاهد: لا
تصلي المرأة في أقل من أربعة أثواب. وعن مجاهد، وعطاء، وابن
سيرين: إذا حضرتها الصلاة وليس لها إلا ثوب واحد، قالوا: تتزر به.
وفي " صحيح البخاري ": قال عكرمة: لو وارَت جسَدها في ثوب
جار- وفي نسخة: لأجْزأها (1) . وقوله: " وخمار حَصِيف " أي:
محكم، من أحْصفتُ الأمرَ أحكمتُه- بالحاء والصاد المهملتين- والمرادُ
منه: الصفيق. وقوله:" في درع واحد فُضُلَا " أي: زيادة عليها.
قوله: " والجلباب " الإزار والر داء، وقيل: الملحفة، وقيل: هو كالمقنعة
تُغطي به المرأة رأسها وظهرها وصَدْرها، وجمعها: جلابيب.
ص- قال أبو داود: روى هذا الحديث: / مالك بن أنس، وبَكْرُ بن [11/ 217] مضر، وحفص بن غياث، وإسماعيل بن جَعْفر، وابن أبي ذئب، وابن إسحاق، عن محمد بن زيد، عن أمه، عن أم سلمة، لم يذكر أحد منهم
النبي- عليه السلام، قصَرُوا به على أم سلمة.
ش- بكرُ بن مُضر: ابن محمد المصري، وحفص بن غياث: ابن
طلق النخعي قاضي الكوفة، وإسماعيل بن جَعْفر: ابن أبي كثير الأنصاري المدني، وابنُ أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن، وابن إسحاق: هو محمد بن إسحاق.
قوله:" قصرُوا به " أي: بهذا الحديث على أم سلمة، ولم يرفعوه
إلى النبي- عليه السلام.
" وسئل (2) الدارقطني عن هذا الحديث فقال: يَرويه محمد بن زيد بن
المهاجر بن قنفذ، عن أمه، عن أم سلمة، واختلف عنه في رفعه، فرواه
عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عنه مرفوعا إلى النبي- عليه السلام
(1) في الأصل: " لأجزأته"
(2)
انظر: نصب الراية (1 / 299- 300) .