الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصحابة، فإنهم اتفقوا على قبول روايات ابن عباس- رضي الله عنه مع أنه لم يسمع من النبي- عليه السلام إلا أربع أحاديث لصغر سنه - كما ذكره الغزالي- أو بضع عشر حديثاً- كما ذكره شمس الأئمة السرخسي. وقال ابن سيرين: ما كنا نُسند الحديث إلى أن وقعت الفتنة. وقال بعضهم: ردّ المراسيل بدعة حادثة بعد المائتين، والشعبي والنخعي من أهل الكوفة وأبو العالية والحسن من أهل البصرة ومكحول من أهل الشام كانوا يُرْسلون ولا يظن إلا الصدق، فدل على كون المرسل حجة، نعم وقع الاختلاف في مراسيل من دون القرن الثاني والثالث، فعند أبي الحسن الكرخي: نقبل إرسال كل عدل في كل عصر، لأن العلة الموجبة لقبول المراسيل في القرون الثلاثة وهي العدالة والضبط يَشمل سائر القرون، فبهذا التقرير انتقض قوله:" وفي هذا نقض الشريعة ".
وأما قوله: " والعجب من أبي حنيفة " إلى آخره، فكلائم فيه مجرد تشنيع بدون دليل جلي، فإن أبا حنيفة من اْين احتج بحديث جابر الجُعْفي في كونه ناسخا ومَنْ نقلَ هذا من الثقات عن أبي حنيفة حتى يكون مُتناقضاً في قوله وفعله؟ بل احتج أبو حنيفة في نسخ هذا الباب بمثل ما احتج به غيره كالشافعي والثوري وأبي ثور وجمهور السلف- كما مر مستوفى.
ص- قال أبو داود: هذا الحديث ليس بمتصل.
ش- أي: حديث حُصَين، لأنه يَرْوى عن التابعين، لا يحفظ له رواية عن الصحابة، سيما أسيد بن حضير، فإنه قديم الوفاة، توفي سنة عشرين، وقيل: سنة إحدى وعشرين- كما ذكرناه- وحصين هذا توفي سنة ست وعشرين ومائة- كما ذكرناه.
***
63- بَابُ الرَّجُلَيْن يَؤمُّ أحدُهما صاحبه كَيْفَ يقومانِ
؟
أي: هذا باب في بيان الرجلة يؤم أحدهما صاحبَه كيف يقومان؟
وفي بعض النسخ: " يؤم أحدهما الآخر "، وفي بعضها:" باب ما جاء في الرجلين ".
589-
ص- نا موسى بن إسماعيل: نا حماد: أنا ثابت، عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم حَرام فأتوه بسَمْن وتمر فقالَ:" رُدّوا هذا في وعائه وهذا في سقائه فإني صائمٌ "، ثم قام فصلى بنا ركعتين تطوعا، فقامت أم سُليم وأم حرام خلفنا. قال ثابت: ولا أعلمه إلا قال: أقامني عن يمينه على بساط؟ (1) .
ش- حماد: ابن سلمي، وثابت: البناني.
وأم حرام أخت أم سليم بنت ملحان، ويقال: اسمها: الغُميصاء. وقال أبو عمر النمري: لا أقف لها على اسم صحيح. وفي " الكمال ": اسم حرام بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم ابن مالك بن النجار، يقال: اسمها: الرميصاء، ويُقال: الغُميصاء. روى عنها: اْنس بن مالك، وعطاء بن يَسار، ويعلى بن شداد. روى لها: البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه (2) .
وأم سليم بنت ملحان المذكور [ة] وهي أم أنس بن مالك، اسمها: سُهَيْلة، وقد ذكرناها، ويقال اسم ملحان: مالك.
قوله: " هذا في وعائه" أي: ردوا التمر في ظرفه.
قوله: " وهذا في سقائه " أي: ردوا السمن في سقائه، السقاء- بكسر السين- ظرف من الجلد يجعل فيه الماء واللبن ونحوهما والجمع: أسقية. قوله: " قال ثابت " أي: ثابت البناني، " ولا أعلمه " أي: ولا أعلم أنساً " إلا قال: أقامني رسول الله عن يمينه على بساط ".
{1/ 208 - أ] ويُستفاد من / الحديث فوائد، الأولى: جواز دخول الرجل في بَيْت صاحبه ومَن بَيْنه وبينه انْبساط.
--------------------------
(1)
تفرد به أبو داود.
(2)
انظر ترجمتها في: تهذيب الكمال (35 / 7962) .
الثانيةُ: استحباب تقديم الطعام لمنْ ينزل عنده.
الثالثة: جواز ترك الإفطار إذا كان صائماً، إلا إذا كان مَدْعوا فح (1) الإفطار أفضل.
الرابعة: جواز الجماعة في التطوع.
الخامسة: أن السُّنَّة فيمن يُصفي إماماً للرجال والنساء يجعل النساء وراء الرجال، فإن كان الرجل وأحداً يُوقفُه على يمينه متساوياً، فإن كان اثنان غير، يتقدم عليهما كما يجيء إن شاء الله تعالى.
590-
ص- نا حَفْصُ بن عمر: نا شعبة، عن عبد الله بن المختار، عن موسى بن أنس يُحدث عن أنس أن رسولَ الله- عليه السلام أمه وامرأةً منهم فجعله عن يمينه والمرأة خلفً ذلك (2) .
ش- حفص بن عمر: النمري البصري.
وعبد الله بن المختار: البصري. روى عن: موسى بن أنس، والحسن البصري، وابن سيرين، وغيرهم. روى عنه: شعبة وغيره. قال ابن معين: ثقة. وقال أبو حاتم: لا بأس به. روى له: مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه (3) .
وموسى بن أنس: ابن مالك الأنصاري قاضي البصرة، سمع: أباه. روى عنه: حميد الطويل، ومكحول، وابن عون، وشعبة، وغيرهم. قال ابن سعد: كانت أقه من أهل اليمن، وكان ثقة قليل الحديث. روى له: الجماعة (4) .
-------------------------
(1)
أي: فحينئذ.
(2)
مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: جواز الجماعة في النافلة والصلاة على حصير وخمرة وثوب وغيرها من الطاهرات (269 / 660)، النسائي: كتاب الإمامة، باب: موقف الإمام إذا كان معه صبي وامرأة
(2 / 86)، ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: الاثنان جماعة (975) .
(3)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (16 / 3556) .
(4)
المصدر السابق (29 / 6237) .
قوله: " وامرأةً " عطف على الضمير المنصوب في " أمه ".
قوله: " والمرأةَ " أي: جعل المرأةَ خلف ذلك. وأخرجه مسلم، والنسائي، وابن ماجه.
591-
ص- نا مسند: نا يحيى، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن ابن عباس قال: بت في بيت خالتي ميمونة فقام رسولُ الله من الليل فأطلق القِربةَ فتوضأ ثم أوكأ القربة، ثم قام إلى الصلاة، فقمتُ فتوضأتُ كما توضأ، ثم جئت فقمتُ عن يَسارِه فأخذني بيمينه فأدَارني من ورائه، فأقامني عن يمينه فصليتُ معه (1) .
ش- يحيى: القطان.
وعبد الملك بن أبي سليمان العَرزمي (2) أبو محمد أو أبو عبد الله الكوفي، واسم أبي سليمان: ميْسرة، نزل حارة عرْزم (2) بالكوفة فنُسب إليها. روى عن: انس بن مالك، وعطاء، وسعيد بن جبير، وغير هم. روى عنه: الثوري، وشعبة، وابن المبارك، ويحمى القطان، وغيرهم. قال أحمد: ثقة. قال ابن معين: ضعيف. مات سنة خمس وأربعين ومائة. روى له: الجماعة إلا البخاري (3) .
وعطاء: ابن أبي رباح. وميمونة: بنت الحارث أخت أم ابن عباس
أم الفضل بنْت الحارث.
قوله: " فأطلق القربةَ " أي: أرسلها بمعنى: حل شدها
------------------------
(1)
البخاري: كتاب الأذان، باب: يقوم عن يمين الإمام بحذائه سواء إذا كانا اثنين (697)، مسلم: كتاب صلاة المسافرين، باب: الدعاء في صلاة الليل وقيامه (763)، الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في الرجل يصلي ومعه رجل (232)، النسائي: كتاب الإمامة، باب: الجماعة إذا كانوا اثنين
(2 / 104)، ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة والسُنة فيها، باب: الاثنان جماعة (973)
(2)
في الأصل: " العزرمي- عزرم " خطأ.
(3)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال له (18 / 3532) .
قوله: " ثم أوْكأ القربة " أي: شد رأسها بالوِكاء، وهو الخيط الذي تشدُ به القربة والكيس ونحوهما، يُقال: أوكيتُ السقاء أوكِيه إيكاء فهو موكى.
ويُستفاد من الحديث فوائد، الأولى: جواز مبيت الرجل عند محارمه
مع الزوج، وقيل: إن ابن عباس- رضي الله عنه تحرى وقتاً لذلك لا يكون فيه ضرر بالنبي- عليه السلام، وهو وقت الحيض، وقيل: إنه بات عندها لينظر إلى صلاة رسول الله- عليه السلام.
الثانية: جواز الائتمام بمنْ لم ينو الإمامة.
الثالثة: أن الصبي له موقف في الصف مع الإمام.
الرابعة: أن موقف المأموم الواحد مع الإمام يمين الإمام.
الخامسة: أن العمل اليَسيرَ في الصلاة لا يُبْطلها.
السادسة: جواز الجماعة في التطوع.
السابعة: استحباب القيام من الليل. والحديث: أخرجه الستة مُطولاً ومختصراً.
592-
ص- نا عمرو بن عون: نا هُشيم، عن أبي بشْر، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس في هذه القصّة قال: فأخذ برأسي أول بذؤابتي، فأقامني عن يمينه (1) .
ش- عمرو بن عون: أبو عثمان الواسطي البزاز، وهُشيم: ابن بَشير السُّلَمي الواسطي، وأبو بِشر: جَعْفر بن أبي وَحْشيّة.
قوله: " في هذه القصة " أي: القصة المذكورة.
قوله: " أو بذؤابتي " شك من الراوي، والذؤابة- بضم الذال المعجمة- من الشعر، وهو مهموز العين، وجمعها: ذوائب، فافهم.
*****
(1)
البخاري: كتاب اللباس، باب: الذوائب (5919) .