الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: " إن من أشراط الساعة " الأشراط: جَمع شرَط- بفتح الراء-
وهو العلامة، والأشراط: العلامات، ومنه سفيت شُرَط السلطان،
لأنهم جعلوا لأنفسهم علامات يُعْرفُون بها، كذا قال أبو عبيد. وحكى
الخطابي عن بعض أهل اللغة أنه أنكر هذا التفسير وقال: أشراط الساعة:
ما ينكره الناسُ من صغار أمُورها قبل أن تقوم الساعة، وشُرَطُ السلطان:
نُخبة أصحابه الذين يقدمهم على غيرهم من جُنْده. وقال "ابن الأعرابي:
هم الشُرَط- بالفتح- والنسبة إليهم: شُرَطي، والشُرطة والنسبةُ إليهم:
شُرطي. و " لساعة ": القيامة، وا لساعة: الوقت الحاضر، والجمع:[1/ 199 - أ] الساع والساعات، وأصلَ ساعة: سَوَعَة؟ قلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، والدليلُ علي إذا صغرتها تقول:" سُوَيْعة ".
قوله: " أن يتدافع " من باب التفاعل وهي للمشاركة نحو: تقاسم
القومُ، والمعْنى: كل واحد منهم يدفع الإمامة إلى الآخر، ولا يَرْضى
أحد أن يتقدم إما لجهلهم بأحوال الإمامة، وإما لاختلافهم وعدم اتفاقِهم
على إمامة واحدٍ، وإما لعدم مَنْ يَؤُم حسْبة لله تعالى، أو غير ذلك من الوجوه. َ والحديث: أخرجه ابن ماجه- أيضاً.
55- بَابُ: مَن أحق بالإمامة
أي: هذا باب في بيان من أحق بالإمامة، وفي بعض النسخ: " باب
ما جاء فيمن أحق بالإمامة
564-
ص- نا أبو الوليد الطيالسي: نا شعبة: أخبرني إسماعيل بن
رجاء قال: سمعت أوْس بن ضَمْعجٍ يُحدث عن أي مَسْعود البدري قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" يؤمُّ القومَ أقرؤهُم لكتاب الله وأقدمُهُم قراءةً، فإن
كانوا في القراءة سواءً فليؤمهم أقدمهم هجرةً، فإن كانوا في الهِجرة سواءً
فليؤمَّهم أكبرهم سنا، ولا يُؤَمُّ الرجلُ في بَيْته ولا في سُلطانه، ولا يُجلسُ
على تكْرمته إلا بإذنه " (1) .
(1) مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: من أحق بالإمامة (ْ29 / 673) ،=
ش- إسماعيل بن رجاء: ابن ربيعة الزبيدي أبو إسحاق الكوفي. سمع: أباه، والمْعْرور بن سُوَيد، وأوس بن ضمعج، وغيرهم. روى عنه: الأعمش، وشعبة، وإدريس، وغيرهم. قال ابن معين وأبو حاتم: ثقة. روى له: مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه (1) . وأوْس بن ضمعج- بفتح الضاد المعجمة، وإسكان الميم، وفتح العين- الحضرمي الكوفي. روى عن، سلمان الفارسي، وأبي مسعود البدري، وعائشة. روى عنه: أبو إسحاق السبيعي، وإسماعيل بن رجاء الزبيدي، وابنه: عمران بن أوس، والسُدي. َ مات سنة أربع وسبعن في ولاية بشر بن مروان. روى له: الجماعة إلا البخاري (2) .
وأبو مسعود: عُقْبة بن عَمرو؟ وقد ذكرناه.
قوله: " أقرؤهم لكتاب الله، أي: أعلمهم بعلم القراءة، يقف في مواضع الوقف، ويصل في مَوْضع الوصل، ونحو ذلك من التشديد والتخفيف، وغير ذلك من وجوه القراءة، وبه تمسك أبو يوسف: إن الأقرب مقدم على الأفْقه، وبه قال أحمد وإسحاق. وهو وجه عند الشافعية، وعند أبي حنيفة ومالك والشافعي: الأفقه مقدم على الأقرب، لأن الذي يحتاج إليه من القراءة مضبوط، والذي يحتاج إليه من الفقه غير مضبوط، وقد يعرض في الصلاة احمر لا يَقْدر على مراعاة الصواب فيه إلا كامل الفقه؟ قالوا: ولهذا قدم النبي- عليه السلام أبا بكر في الصلاة على الباقين (3) ، مع أنه- عليه السلام نصر على أن غيره أقراص منه، قاله النووَي. كذا قلتُ: ولأن أبا بكر ممن كان قد جمع القرآن في حياته
الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء من أحق بالإمامة (235)، النسائي: كتاب الإمامة، باب: من أحق بالعمامة، وباب: اجتماع القوم وفيهم الوالي (2 /77)، ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب: من أحق
بالإمامة (980) .
(1)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (3 / 443) .
(2)
المصدر السابق (3 / 579) . (3) في الأصل: " الباقيين ".
- عليه السلام. ذكر ذلك أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني في كتاب
لا فضائل الخلفاء "، وكذا ذكره أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني المقرئ،
فقد اجتمع فيه جميع ما قاله رسول الله في هذا الحديث. وفي حديث
مسلم- أيضاً الذي أخرجه عن (1) أبي مسعود البدري ولفظه: " يؤمُ
القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم
بالسُّنَّة، فإن كانوا في السُنَة سواء فأقدمهم هجرةً، فإن كانوا في الهجرة
سواء فأقدمهم سنا". وأخرجه الترمذي، والنسائي، وابن ماجه- أيضاً
وكذا أبو داود في رواية لما نذكره إن شاء الله تعالى. وأجاب أبو حنيفة
ومن معه عن الحديث: أن الأقرأ من الصحابة كان هو الأفقه. لكن
يُشكل على هذا قوله: د " فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسُّنَّة لما فإن
هذا دليل على تقديم الأقرإ مطلقاً. وقد نسب الشيخ محيي الدين مذهب
أبي يوسف إلى أبي حنيفة في " شرح مسلم " وليس كذلك، بل مذهب
أبي حنيفة هاهنا: أن الأفقه مقدم- كما ذكرنا- كما هو مذهب الشافعي.
قوله: " فإن كانوا في القراءة سواءً " أي: مُتساويين؛ تقول: هما في
هذا الأمر سواءٌ، وإن شئت: سواءان، وهم سَواءٌ للجمع، وهم
أسْواء، وهم سَوَاسيةٌ، أي: أشباه، مثل ثمانية على غير قياس.
قوله: " أقدمهم هجرةً " الهجرة في الأصل: الاسم من الهجر ضد
الوصل، وقد هجره هجرا وهجراناً، ثم غلب على الخروج من أرض [1/199-ب] ، إلى أرض، وترك الأولى للثانية / تقول منه: هاجر مهاجرة. وقال الخطابيّ: الهجرة قد انقطعت اليوم إلا أن فضيلتها موروثة، فمن كان من
أولاد المهاجرين أو كان في آبائه وأسلافه من له قدم أو سابقة في الإسلام أو
كان آباؤه أقدم إسلاماً، فهو مقدم على من لا يعدّ لآبائه سابقة أو كانوا
قريبي العهد بالإسلام، فإذا كانوا متساويين في هذه الخلال الثلاث فأكبرهم
سنا مقدم على من هو أصغر سنا لفضِيلة السن ولأنه إذا تقدم أصحابَه في
(1)
في الأصل: "من".
السن فقد تقدّمهم في الإسلام، فصار بمنزلة من تقدمت هجرته. وقال أصحابنا: لما لم تبق الهجرة لقوله- عليه السلام:" لا هجرة بعد الفتح " أقيم الورع مقامها، لقوله عليه السلام:" المهاجرُ مَنْ هجر ما نهى الله عنه ".
قوله: " فليؤمهم كبرهم سنا " يعني، بعد التساوي في الهجرة يقدّم الأسن، ولكن كان هذا قبل انقطاع الهجرة، وأما في هذا الزمان فالأورع يُقام مقام الهجرة- لما ذكرنا- فإذا تساووا في الورع يُقدّم أكبرهم سنا، فإن تساووا فيه فأصبحهم وَجْهاً، ثم أشرفهم نسباً، ثم يُقْرع أو الخيار إلى القوم. وقوله:" سنا " و" هجرةً " و" قراءةً " منصوبات على التمييز. قوله:" ولا يُؤم الرجل في بَيْته " على صيغة المجهول، و" الرجل " مرفوع لإسناد الفعل إليه، والمعنى: صاحب البيت أوْلى من غيره- إذا كان من القراءة والعلم بمحل يمكنه أن يقيم الصلاة.
قوله: " ولا في سُلطانه " هذا في الجمعات والأعياد لتعلّقهما بالسلاطين، وأما الصلوات المكتوبات فأعلمهم أوْلى بالإمامة، فإن جمع السلطانُ الفضائل كلها فهو أولاهم، وقد يتأول على معنى ما يتسلط عليه الرجل من ملكه في بَيْته أو يكون إمامَ مَسْجده.
قوله: " ولا يُجلسُ على تكرمته " على صيغة المجهول- أيضاً- وفي رواية مسلم: "ولا يقعد في بَيْته على تكرمته إلا بإذنه "، وفي رواية أخرى:"ولا تجلس على تكرمته في بيْته إلا أن يأذن لك ".
ص- قال شعبة: فقلتُ لإسماعيل: ما تكرمته؟ قال: فراشُه.
ش- أي: قال شعبة بن الحجاج: قلت لإسماعيل بن رَجَاء المذكور: ما تكرمته؟ أي: ما تكرمة الرجل؟ وهي بفتح الراء وكسر الراء، وهي الفراش ونحوه مما يُبْسطُ لصاحب البيْت (1) ويختص به. وقال ابن الأثير:
(1) في الأصل: " اللبيت ".
6.
شرح سنن أبي داوود 3
التكرمة: الموضع الخاص لجلوس الرجل من فراشِ وسرِيرِ مما يُعدّ لإكرامه، وهي تفعلة من الكرامة.
قلت: ذكره في باب الكاف، لأن التاء فيه زائدة.
ص- قال (1) أبو داود: كذا قال يحيى القطان، عن شعبة:" أقدمهم قراءةَ ".
ش- أي: كما روى أبو الوليد الطيالسي، عن شعبة في روايته المذكورة:" يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، وأقدمهم قراءة " كذلك قال يحيى القطان، عن شعبة:" أقدمهم قراءةَ ".
565-
ص- نا ابن معاذ: نا أبي، عن شعبة بهذا الحديث قال فيه:" ولا يؤم الرجلُ الرجلَ (2) "(3) .
ش- ابن معاذ: هو عُبيد الله بن معاذ بن معاذ العنبري البصري.
قوله: "بهذا الحديث " أي: الحديث المذكور، وقال فيه:" ولا يَؤم الرجلُ الرجلَ في بَيْته " الرجل الأول مرفوع بالفاعلية، والثاني منصوب على المفعولية.
566-
ص- نا الحسن بن علي: نا عبد الله بن نُمير، عن الأعمشِ، عن إسماعيل بن رجاء، عن أوس بن ضمعج الحَضْرمي قال: سمعت أبا مسعود، عن النبي- عليه السلام بهذا الحديث قال:" فإن كانوا في القراءة سواءَ فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرةَ "، ولم يَقُل:" فأقدمهم قراءةَ (4) "(5) .
(1) يأتي هذا النص في سنن أبي داود بعد الحديث الآتي.
(2)
زاد في سنن أبي داود: " في سلطانه ".
(3)
مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: من أحق بالإمامة (1 9 2 / 673) . (4) زيد في سنن أبي داود: " قال أبو داود: رواه حجاج بن أرطأة، عن إسماعيل قال: "ولا تقعد على تكرمة أحد إلا بإذنه ".
(5)
مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: من أحق بالإمامة=
ش- الحسن بن عليّ: الخلال الحلواني، وعبد الله بن نُمير:
أبو هشام الخارفي (1) الكوفي.
وهذه الرواية مثل رواية مسلم، وكذا رواه ابن حبان في " صحيحه "،
والحاكم في " مُسْتدركه" إلا أن الحاكم قال عوض قوله: " فأعلمهم بالسنة": " فأفقههم (2) فقهاً، فإن كانوا في الفقه سواء فأكبرهم سنا ".
وفي بعض رواية مسلم: " فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سِلْماً "
مكان: " سنا ". وقال ابن أبي حاتم في " العلل ": اختلفوا في متنه،
فرواه فِطْر، والأعمش، عن إسماعيل بن رجاء، عن أوس بن ضمعج،
عن أبي مسعود. ورواه شُعْبة / والمسعودي، عن إسماعيل فلم يقولا:[1/200-أ]"أعلمهم بالسنة " قال أبي: وكان شعبة يهاب هذا الحديث يقول: حكم
من الأحكام لم يشارك إسماعيل فيه أحد؟ ! فقلت لأبي: أليس قد رواه
السديّ عن أوْس؟ فقال: إنما هو من رواية الحسن بن يزيد الأصم، عن السديّ، وهو شيخ، أين كان الثوري وشعبة عن هذا الحديث؟ وأخاف
أن لا يكون محفوظاً. وقد قال بعضهم: لو أطاع الناسُ أبا حاتم في هذا
التعنت الزائد لبطلت السنَنُ.
567-
ص- نا موسى بن إسماعيل: نا حماد: أنا أيوب، عن عَمرو بن
سلمة قال: كنا بحاضر يمر بنا الناسُ (3) إذا أتوا النبي- عليه السلام
فكَانوا إذا رجعوا مروا بنًا فأخبرونا أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال كذا وقال (4) كذا،
وكنتُ غلاما حافظا فحفظت من ذلك قرآنا كثيراً، فانطلق أبي وافدا إلى
= (290/674) الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء من أحق بالإمامة (235)، النسائي: كتاب الإمامة، باب: من أحق بالإمامة (2 / 75)، ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: من أحق بالإمامة (. 98) .
(1)
في الأصل: " الجارفي " خطأ. (2) في الأصل: " فأفقهم"
(3)
كلمة " الناس "غير موجودة في سنن أبي داود.
(4)
كلمة " وقال"غير موجودة في سنن أبي داود.
رسول الله صلى الله غليه وسلم في نفر من قومه، فعلمهم الصلاةَ وقال (1) :" يَؤمكُم أقرؤكم" فكنتُ (2) أقَرأهم لما كنتُ أحفَظ فقدموني، فكنتُ أؤُمهُم وعلي بُرْدة لي صفراء صغيرةٌ (3) فَكنتُ إذا سجدتُ انكشفَتْ (4) عني. فقالت امرأة من النساء: وارُوا عنا عورة قارِئكمَ، فاشْترَوْا لي قميصاً عُمَانيا، فما فرحتُ بشيء بعد الإسلام ما فرحتُ (5) به، فكنتُ أؤمُهم وأنا ابن سبع سنين أو ثمان سنين (6) .
ش- حماد: ابن سلمة، وأيوب: السختياني.
وعَمْرو بن سلمة- بكسر اللام- بن نُفَيع، وقيل: سلمة بن قَيْس، وقيل: عمرو بن سلمة بن لائم (7) ، يكنى أبا بريدة (8) - بالباء الموحدة، وبالراء- الجَرْمي، روى قصته في صلاته بقومه على عهد النبي عليه السلام، وهو مَعدودٌ فيمنْ نزل البَصْرة ولم يَلْق النبي- عليه السلام ولم يثبت له سماع منه، وقد وفد أبوه: سلِمة على النبي- عليه السلام وأسْلم، وقد رُوِيَ من وجه غريب أن عَمْراً- أيضاً- قدم على النبي- عليه السلام. روى عنه: أبو قلَابة عبد الله بن زيد الجرمي، وأيوب السختياني، وعاصم الأحول، وغيرهم. روى له: أبو داود، وا لنسائي (9) .
قوله: " كنا بحاضر" الحاضرُ: القومُ النزولُ على ماء يُقيمون به ولا يرحلون عنه، ويقال للَمناهل: المَحاضِر للاجتماع والحضور عليها.
(1) في سنن أبي داود: " فقال ". (2) في سن أبي داود: " وكنت ".
(3)
في سنن أبي داود: " صغيرة صفراء ".
(4)
في سنن أبي داود: " تكشفت ". (5) في سن أبي داود: " فرحي به "
(6)
البخاري: كتاب الأذان، باب: إمامة العبد والمولى تعليقاً، النسائي: كتاب الإمامة، باب: إمامة الغلام قبل أن يحتلم (2 / 80) .
(7)
كذا، وفي أسد الغابة:" لاي ".
(8)
كذا، وفي تهذيب الكمال: " بريدة.
(9)
انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (2 / 544) ، وأسد الغابة (4 / 234) ، وا لإصابة (2 / 1 54) .
قال الخطابي (1) : ربما جَعلوا الحاضر اسماً للمكان المَحْضور، يقال: نزلنا حاضِرَ بني فلان، فهو فاعل بمعنى مفعول.
قوله: " وكنتُ غلاماً " الغلام الذي لم يَحْتلم.
وقوله: " حافظاً " أي: ذا قوةِ حافظةِ.
قوله: " فحفَظتُ من ذلك " أي: منْ قرآنهم الذي حفظوه من النبي
عليه السلام.
قوله: " وافداَ " نصب على الحال من قوله: " أبي"وهو فاعل من وفد يفد إذا قصد أميراً أو كبيراً للزيارة أو الاسترفاد أو غير ذلك، وقد ذكر غير مرة.
قوله: " في نفر " النفر- بالتحريك- عدة رجال من ثلاثة إلى عشرة، والنَّفيرُ مثله.
قوله: " لما كنتُ أحفظ " أي: لأجل الذي كنتُ أحْفظ ما أسمع منهم من القراءة التي كانوا يحفظونه من النبي- عليه السلام أو لكوني أحْفظُ منهم، فتكون " ما " مَصْدريةَ.
قوله:" فقدموني" أي للإمامة.
قوله:" وعلي بردة لي صفراءُ" جملة اسمية وقعت حالاً من الضمير الذي في " أؤمهم "، والبُردة- بضم الباء- الحملة المخططة، وقيل: كساء أسود مربع فيه صِفر تلبَسُه الأعرابُ، وجمعها: بُرَد، وقوله "صفراء" صفتها، وكذا قوله:" صغيرة ".
قوله: " واروا " أي: استروا، من الموارة
قوله: " عمانيا "- بضم العن المهملة وتخفيف الميم- مَنْسوب إلى عمان بلدة كبيرة من بلاد اليمن، وقيل: صُقْع عند البَحْرين، وقيل: كُورة.
(1) معالم السنن (1 / 146) .
قوله: " وأنا ابن سبع سنين " جملة اسمية وقعت حالاً من الضمير الذي
في " أؤمهم".
واستدل الشافعي بهذا الحديث في جوار إمامة الصبي للبالغين في جميع
الصلوات، وله في الجمعة قولان. وقال أبو حنيفة: المكتوبة لا يصح (1)
خلفه. وهو قول أحمد، وإسحاق، وفي النفل روايتان عن أبي حنيفة وأحمد. وقال داود: لا يصح فيهما، وحكاه ابن أبي شيبة، عن الشَعْبي، ومجاهد، وعمر بن عبد العزيز، وعطاء، وجوزها مالك في
[1/200-ب] النافلة دون الفريضة. وقال الزهري: إذا / اضْطروا إليه أمهم. وقال صاحب " الهداية": وأما الصبي فلأنه متنفل فلا يجور اقتداء المفترض به.
وفي التراويح والسنن المطلقة جوزه مشايخ بلخ، ولم يجوزه مشايخنا،
أي: علماء بخارى وسمرقند. والسنن المطلقة كالسنن الرواتب قبل الفرائض وبعدها وصلاة العيد في إحدى الروايتين والوتر على قولهما
وصلاة الكسوف والخسوف والاستسقاء.
والجواب عن الحديث: أن ذلك كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في
ابتداء الإسلام، حين لم تكن صلاة المقتدي متعلقة بصلاة الإمام. وقال
ابن حزم: لو علمنا أن النبي- عليه السلام عرف بإمامته وأقره لقلنا به.
وقال الخطابي (2) : إن الإمام أحمد كان يضعف حديث عمرو بن
سلمة. وقال مرةَ: دَعه ليس بشيء بينِ.
وقال أبو داود: قيل لأحمد: حديث عمرو بن سلِمة، قال: لا أدري
ما هذا، ولعله لم يتحقق بلوغ أمره النبي- عليه السلام وقد خالفه
أفعال الصحابة، قال: وفيه قال عمرو: وكنت إذا سجدتُ خرجت استي
قال: وهذا غير سائغ. وذكر الأثرم بسند له عن ابن مسعود أنه قال: لا
يؤلم الغلام حتى تجب علي الحدود. وعن ابن عباس: لا يؤم الغلام حتى
يَحتلم
(1) كذا.
(2)
معالم السنن (1 / 146) .
568-
ص- نا النفيلي: نا زهير، نا عاصم الأحول، عن عمرو بن سلمة في هذا الخبر (1) قال: فكنتُ أؤمهم في بُرْدة مُوصلة فيها فتق، قال: فكَنتُ إذا سجدتُ خرجت اسْتي (2) .
ش- النفيلي: عبد الله بن محمد بن نفيل، وزهير: ابن معاوية بن حُديج، وعاصم: ابن سليمان الأحول.
قوله: "في هذا الخبر " أي: الخبر المذكور.
قوله: " مُوصّلة " وهي العتيقة التي وُصِل بعضها ببَعضِ.
قوله: "خرجت اسْتي" الاسْت: العجُز، وقد يراد به حلقة الدُبر، وأصلها: سَتَهْ على فعل بالتحريك، يدل على ذلك أن جمْعه: أسْتاه، مثل جَمل وأجْمال.
569-
ص- نا قتيبة: نا وكيع، عن مسْعر بن حبيب الجَرْمي: حدثني عمرو بن سلمة، عن أبيه أنهم وفدوا إلى النبي- عليه السلام فلما أرادوا أن ينصرفوا قَالوا: يا رسول الله، مَنْ يَؤُمنا؟ فقال:" أكثرُكُم جمْعا للقرآن، أو أخذاً للقرآن ". قال: فلم يكن أحد من القوم جَمَع ما جمَعْتُ، قالَ: فقدمُوني وأنا غلام وعلي شَملة لي، فما شهدتُ مجمعاً من جَرْمٍ إلا كنتُ إمامَهم، وكنتُ أصلي على جنائزهم إلى يَوْمي هذا (3) .
ش- مسعر بن حبيب: أبو الحارث الجرمي البصري. سمع: عمرو ابن سلمة. روى عنه: يحيي بن سعيد القطان، ووكيع بن الجراح، ويزيد بن هارون، وحماد بن زيد، وعبد الصمد. قال ابن معين: ثقة. روى له: أبو داود (4) .
قوله:" مَنْ يؤمنا؟ ""من" للاستفهام هاهنا.
(1) في سنن أبي داود:" بهذا الحبر". (2) انظر الحديث السابق. (3) تفرد به أبو داود.
(4)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (27 / 5905) .
قوله: " من جَرْم "- بفتح الجيم وسكون الراء وبعدها ميم- هو جَرْم ابن ربان من قضاعة، وربان: بفتح الراء، وتشديد الباء الموحدة، وبعد الألف نون. وفي بَجيلة: جَرْم، وفي عاملة: جَرْم- أيضاً-، وفي طيء: جرمٌ - أيضاً.
قوله: " على جنائزهم " جمع جنازة، الجنَازة بالكسْر والفتح: الميّت بسريره، وقيل: بالكسْر: السر ير، وبالفتح: الميّت.
صِ- قال أبو داود: رواه يزيد بن هارون، عن مسْعر بن حبيب الجرْمي، عن عمرو بن سلِمة قال: لما وفد قومي إلى النبي- عليه السلام لم يَقُل: عن أبيه.
ش- أي: روى هذا الحديث يزيد بن هارون السلمي أبو خالد الواسطي، ولم يَقُل في روايته: عن أبيه.
570-
ص- نا القعنبي: نا أنس- يعني: ابن عياض ح، ونا الهيثم بن خالد الجهني- المَعْنى- نا ابن نُمير، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر أنه لما قدم المهاجرون الأولون نزلوا العُصْبةَ قبل مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان يؤمهم سالم مولى أبي حذيفة، وكان أكثرهم قرآنا. زادَ الهيثم: وفيهم: عمر بن الخطاب، وأبو سلمة بن عبد الأسد (1) .
ش- أنس بن عياض: ابن ضمرة المدني.
والهيثم بن خالد: أبو الحسن الجهني. روى عن: حسين بن عليّ الجُعْفي، ووكيع بن الجراح. روى عنه: أبو داود (2) .
وابن نمير: هو عبد الله بن نمير الخارفي (3) الكوفي، وعبيد الله: ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، ونافع: مولى ابن عمر.
[1/201-أ] قوله: " نزلوا العَصْبة " العَصْبة- بفتح العين المهملة، / وسكون
(1) تفرد به أبو داود.
(2)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (30/4646) .
(3)
في الأصل: " الجارفي، خطأ.
الصاد، وفتح الباء الموحدة- وهو موضع بقُباء. وروي:" المُعصب " - بضم أوله، وفتح ثانيه، وتشديد الصاد المهملة، بعدها باء مُوَحدة- ويقال: العُصْبة بضم العن وسكون الصاد. وقال ابن الأثير: وضبطه بعضهم بفتح العَيْن والصاد.
قوله: " قبل مقدم رسول الله " المقدم- بفتح الدال- مصدر ميمي بمعنى
القدوم.
قوله: " سالم مولى أبي حذيفة " وكنية سالم: أبو عبد الله، كان من فضلاء الموالي ومن خيار الصحابة وكبارهم، كان من أهل فارس من إصطخر، وقيل: إنه من العجم من سَبْي كرمان، وكان يعد في قريش لتبني أبي حذيفة له، ويعد في العجم لأصله، ويُعد في المهاجرين لهجرته ويُعد للأنصار (1) لأن مُعتِقته أنصارية، ويُعد في القراء، وقيل: عُد في المهاجرين لِتَبني أبي حذيفة له، قتل يوم اليمامة شهيداً هو وأبو حذيفة، فوجد رأس سالم عند رجل أبي حذيفة ورأس أبي حذيفة عند رجل (2) سالم.
571-
ص- نا مُسدد: نا إسماعيل ح، ونا مسدد: نا مسلمة بن محمد
- المعنى واحد- عن خالد، عن أبي قلابة، عن مالك بن حُويرث أن النبي عليه السلام قال له أو لصاحب له:" إذا حَضَرت الصلاةُ فأذنا ثم أقيما ثم ليؤمكما أكبركما (3) "(4) .
(1) كذا، والجادة وفي الأنصار ". (2) في الأصل:" رأس ".
(3)
في سنن أبي داود:" أكبركما سنا ".
(4)
البخاري: كتاب الأذان، بابَ: الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة وكذلك بعرفة وجمع (630)، مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: من أحق بالإمامة (292 / 674)، الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما
جاء في الأذان في السفر (205)، النسائي: كتاب الأذان، باب: أذان المنفردين في السفر (2 / 9)، ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: من أحق بالإمامة (979) .
ش- إسماعيل: ابن عُلية.
ومسلمة بن محمد: الثقفي البصري. روى عن: داود بن أبي هند، ويونس بن عبيد، وخالد الحذاء، روى عنه: مُسدد. قال ابن معين: ليس حديثه بشيء. وقال أبو حاتم: ليس بمشهور يكتب حديثه. روى له: أبو داود، والنسائي (1) .
وخالد: ابن مهران الحذاء. وأبو قلابة: عبد الله بن زيد الجرمي البصري.
ومالك بن حُويرث: ابن حُشَيْش (2) بن عوف بن جندع أبو سُليمان الليثي، قدم على النبي- عليه السلام وأقام عنده أياماً، ثم أذن له في الرجوع إلى أهله، رُوِي له عن رسول الله خمسة عشر حديثاً، اتفقا على حديثين وللبخاري حديث واحد. روى عنه: أبو قلابة، ونصر بن عاصم، نزل البصرة، روى له: الجماعة (3) .
والحديث أخرجه الأئمة الستة، ولفظ البخاري في "باب من قال: ليؤذن
في السفر مؤذن واحد ": حدَثنا مُعلى بن أسد: حدثنا وهيب، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن مالك بن الحويرث قال: أتيتُ النبي- عليه السلام في نفرٍ من قومي، فأقمنا عنده عشرين ليلةً، وكان رحيما رقيقا، فلما رأى شوقنا إلى أهلينا قال: " ارجعوا فكونوا فيهم، وعلموهم وصلُوا، فإذا حَضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم". ولفظ خالد، عن أبي قلابة في " باب الأذان للمسافرين إذا كانوا جماعه ": أتى رجلاًن النبي- عليه السلام يُريدان السفر فقال: " إذا أنتما خرَجتما فأذنا ثم أقيما، ثم ليؤمكما أكبركما"، وفي باب اثنان فما فوقهما جماعة": " إذا حضرت الصلاة فأذنا "، وفي "باب
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (27 / 5961) .
(2)
في أسد الغابة: "حسيس" بمهملات.
(3)
انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش " الإصابة (3 / 374) ، وأسد الغابة (5 / 20) ، والإصابة (3/ 342) .
إذا استووا في القراءة فليؤمهم أكبرهم": قدمْنا على النبي- عليه السلام
ونحنُ شبَبَة متقاربُون، وفيه: " لو رجعتَم إلى بلادكم فعلمتموهم،
فليصلوا صلاة كذا في حين كذا، وصلاة كذا في حين كذا "،ْ وفي
"إجازة خبر الواحد ": فلما ظن أنا قد اشتَقْنا أهلنا، سألنا عمن تركنا
بعدنا فأخبرناه فقال:" ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم، وعلموهم ومُرُوهم " وذكر أشياء أحفظها و" صلوا كما رأيتموني أصلي"، وفي
" باب رحمة النساء والبهائم " نحوه.
قوله: "فأذنا ثم أقيما " عام للمسافر وغيره. وقال قاضي خان: رجل
صلى في سفر أو في بيته بغير أذان وإقامة يكره، قال: الكراهة مقصورة
على المسافر، ومن صلى في بيْته فالأفضل له أن يؤذن ويقيم، لتكون على
هيئة الجماعة، ولهذا كان الجهر بالقراءة في حقه أفضل.
قوله: " ليؤمكما أكبركما " قال القرطبي: يدل على تساويهما في
شروط الإمامة ورجح أحدهما بالسن.
قلت: لأن هؤلاء كانوا مستوين في باقي الخصال، لأنهم هاجروا
جميعاً وأسلموا جميعاً وصحبوا رسول الله- عليه السلام ولازموه
عشرين ليلةَ، فاستووا في الأخذ عنه، فلم يبق ما يقدم به إلا السن.
وفيه حجة لأصحابنا في تفضيل الإمامة على الأذان، لأنه- عليه السلام
قال: " ليؤمكما أكبركما " خص الإمامة بالأكبر، وفيه دليل أن الجماعة
تصح بإمام ومأموم، وهو إجماع المسلمين / وفيه الحض على المحافظة [1/201-ب] على الأذان في الحضر والسفر، وفيه أن الأذان والجماعة مشروعان على
المسافرين
ص- وقال في حديث مسلمة: قال: وكنا يومئذ متقاربتين في العِلم.
ش- أي: مسلمة بن محمد.
قوله:" قال: وكنا يومئذ " أي: قال مالك بن الحويرث: وكنا يوم قال
لنا النبي- عليه السلام قوله ذلك متقاربَيْن- بفتح الباء الموحدة- أي:
مُتساوِيَيْن في العلْم، وفي رواية ابن حزْم:" مُتقارنَيْن " بالنون في الموضعين من المقارنة، تقول: فلان قرين فلان إذا كان قريبَه في السِن، وكذا إذا كان في العلم.
ص- وقال في حديث إسماعيِل: قال خالد: قلت لأبي قلابة: فأينَ القراءةُ (1) ؟ قال: إنهما كانا مُتقارِبيْن.
ش- أي: في حديث إسماعيل بن عُلية: قال خالد بن مهران الحذاء: قلت لأبي قلابة عبد الله بن زيد: فأين القراءة؟ قال: إنهما- أي: مالك بن الحويرث وصاحب له، وفي رواية ابن أبي شيبة: وابن عم له- كانا متقاربَيْن أي: في القراءة، ولما كانا متقاربَين في العلم والقراءة لم يبق إلا أن يؤمهما أكبرهما سنا- كما ذكرنا-.
572-
ص- نا عثمان بن أبي شيبة: نا حُسين بن عيسى الحنفي: نا الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليؤذن لكم خياركم، وليؤمكم أقرؤكم (2) "(3) .
ش- الحسين بن عيسى الحنفي: أخو سُلَيم القارئ الكوفي. روى عن: الحكم بن أبان، ومعمر بن راشد. روى عنه: عثمان بن أبي شيبة، وإسماعيل بن موسى السُّدِّي، وأبو سعيد الأشج وغيرهم، سئل عنه أبو حاتم (4) فقال: ليس بالقوي، روى عن الحكم أحاديث منكرة. وقال أبو زرعة: منكر الحديث. روى له: أبو داود، وابن ماجه (5) والحكم بن أبان: العدني أبو عيسى. سمع: عكرمة، وطاوساً، وعبد الرحمن بن زامرد العدني. روى عنه: معمر، وابن عيينة، وابن جريج، وابنُ علية، والحُسين بن عيسى الحنفي، وغيْرهم. قال ابن
(1) في سنن أبي داود: " القرآن ". (2) في حق أبي داود:" قراؤكم ". (3) ابن ماجه: كتاب الأذان، باب: فضل الأذان وثواب المؤذنين (726) . (4) في الأصل: "سئل عن أبي حاتم " خطأ.
(5)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (6 / 1329) .