الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حدا إلا أن ذلك بقدر ما يركع فيه ويسجد، ويتمكن من دفع من يمر بين
يديه، وقيده بعض الناس بشبر، وآخرون بثلاثة أذرع، وبه قال الشافعي وأحمد، وهو قول عطاء، وآخرون بستة أذرع، ذكر السفاقسي: قال
أبو إسحاق: رأيت عبد الله بن مغفل يصلي بينه وبين القبلة ستة أذرع،
وفي نسخة: " ثلاثة أذرع " وفي " مصنف ابن أبي شيبة " بسند صحيح
نحوه.
ص- قال أبو داود: الخبرُ للنفيلي.
ش- أي: الخبر المذكور لعبد الله بن محمد النفيلي.
***
103- باب: مَا يُؤمر المُصلي أَنْ يَدْرأ عن الممر بينَ يديه
أي: هذا باب في بيان ما يؤمر المصلي أن يدرأ- أي: يدفع- عن
الممر- أي: المرور- بيْن يدَيْه، وفي بعض النسخ:" عن المرور ".
678-
ص- نا القعنبي، عن مالك، عن زيد بن أسلم، عن
عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال: " إذا كان أحدكم يُصلي فلا يدع أحداً يمر بين يمَيْه وليَدرأه ما استطاع، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان "(1) .
ش- مالك: ابن أنس، وزيد بن أسلم: أبو أسامة القرشي.
قوله: " وليدرأه ما استطاع " أي: وليدفعه قدر استطاعته. قال الشيخ [1 / 233- أ] محيي الدين (2) : هذا أمر ندب متأكد / ولا أعلم أحداً من الفقهاء أوجبه، قال القاضي عياض: وأجمعوا أنه لا يلزمه مقاتلته بالسلاح، ولا
(1) مسلم: كتاب الصلاة، باب: منع ا"ر بين يدي المصلي (505)، النسائي: كتاب القبلة، باب: التشديد في المرور بين يدي المصلي وسترته (2 / 67) ،
ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: اقرأ ما استطعت (954) .
(2)
شرح صحيح مسلم (223 / 4) .
ما يؤدي إلى هلاكه، فإن دفعه بما يجوز فهلك من ذلك فلا قوَد عليه باتفاق العلماء، وهل تجب ديته أم يكون هدراً؟ فيه مذهبان للعلماء وهما قولان في مذهب مالك.
قال ابن شعبان: عليه الدية في ماله كاملة، وقيل: هي على عاقلته، وقيل: هدر، ذكره ابن التين. قال عياض: واتفقوا على أنه لا يجوز له المشي إليه من موضعه ليرده؛ إنما يدافعه ويرده من مَوقفه، لأن مفسدة المشي في صلاته أعظم من مروره بين يديه، وإنما أبيح له قدر ما يَناله من موقفه، وإنما يرده إذا كان بعيداً منه بالإشارة والتسبيح، واتفقوا على أنه إذا مر لا يرده لئلا يصير مروراً ثانياً، وقد رُوِيَ عن البَعض أنه يَردُه، واختلفوا إذا جاز بين يَديه وأدركه هل يرده أم لا؟ فقال ابن مسعود: يردهُ، ورُوِيَ ذلك عن سالم، والحسن. وقال أشهب: يرده بإشارة ولا يمشي إليه، لأن مشيه أشد من مروره، فإن مشى إليه ورده لم تفسد صلاته. وقال بعضهم: معنى فليُقاتله: فليلعنه. قال تعالى: " قتِلَ الخَراصُونَ "(1) أي: لعنوا، وأنكره بعضهم.
قوله: " فإنما هو شيطان " قال القرطبي: يحتمل أن يكون معناه: الحامل له على ذلك شيطان، يؤيده حديث ابن عمر من عند مسلم:" لا يدع أحداً يمر بين يديه، فإن أبى فليُقاتله فإن معه القرين "، وعند ابن ماجه:" فإن معه القرين ". وفي " الأوسط ": " فرُدَه فإن عاد فرده، فإن عاد الرابعة فقاتله، فإنما هو الشيطان ". وقيل: فعل الشيطان لشغل قلب المصلي كما يخطر الشيطان بين المرء ونفسه.
قلت: الشيطان اسم لكل متمرد، قال في " الصحاح ": كل عات متمرد من الإنْس والجن والدواب فهو شيطان، فعلى هذا يحمل الكلام على ظاهره، أو يكون هذا من باب التشبيه البليغ، نحو: زيد أسد، شبه ا"ر بين يديه بالشيطان لاشتراكهما في شغل قلب المصلي والتشْويش عليه.
(1) سورة الذاريات: (10) .
فإن قيل: المقاتلة لخلل يقع في صلاة المصلي أو هو من أجل ا"رّ؟ قلت: الظاهر أنه من أجل ا"ر؛ يدل عليه قوله عليه السلام: " لأن يقف أربعين خير له من أن يمرّ بين يديْه "(1) . وقال في حق المصلي- أي الصلاة -: " لا يقْطعها شيء " ثم المقاتلة إنما تكون بعد الدفع، لاحتمال أن يكون ا"ر ساهياً، أو لم ير المصلي، أو لم يتبين له أنه يُصلي، أو فعله عامداً، فإن رجع حصل المقصود، فإن لم يرجع قُوتل. وحكى السفاقسي عن أبي حنيفة بطلان الصلاة بالدفع، وهو قول الشافعي في " القديم ". وقال ابن المنذر: يدفع في نحره أول مرة ويُقاتله في الثانية، وقيل: يُؤاخذه على ذلك بعد إتمام الصلاة ويُؤنّبه، وقيل: يدفعه دفعاً أشد من الردّ منكراً عليه، وهذا كله ما لم يكثر، فإن كثر فسدت صلاته. وضمّن عمر بن عبد العزيز رجلاً دفع آخر وهو يُصلي فكسر أنفه دية ما جنى على أنفه. والحديث: أخرجه مسلم، والنسائي، وابن ماجه. 679- ص- نا محمد بن العلاء: نا أبو خالد، عن ابن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه قال: رسولُ الله- عليه السلام: " إذا صلّى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن منها ثم ساق معناه (2) .
ش- أبو خالد: الأحمر، ومحمد: ابن عجلان.
قوله: " وليدن منها " أي: ليقرب من السترة.
قوله: " ثم ساق معناه " أي: بمعنى الحديث المذكور. ورواه ابن حبان في " صحيحه " من حديث زيد بن أسلم، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبيه قال: قال رسول الله- عليه السلام: " إذا صلى
(1) يأتي بعد ثلاثة أحاديث.
(2)
مسلم: كتاب الصلاة، باب: منع ا"ر بين يدي المصلي (258 / 505)، النسائي: كتاب القبلة، باب: التشديد في المرور بين يدي المصلي وبين سترته (2 / 66)، ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: ادرأ ما استطعت (954) .
أحدكم إلى سترة فليدن منها، فإن الشيطان يمرّ بينه وبينها، ولا يدع أحداً
يمر بين يديْه ". انتهى.
قلت: وإسناد أبي داود صحيح- أيضاً- وكذا قال الشيخ محي الدين
في " الخلاصة ".
680-
ص- نا أحمد بن أبي سُريج الرازي: أنا أبو أحمد الزبيري: أنا
مَسَرَّةُ بن مَعْبد اللخمي- لقِيتُه بالكوفة- / قال: حدثني أبو عبيد حاجب [1 / 233- ب] سليمان قال: رأيتُ عطاء بن يزيد الليثي قائماً يُصلّي فذهبتُ أمُرُّ بين يدَيْه فَردّني ثم قال: حدثنى أبو سعيد الخدريّ أن رسول الله قال: " من استطَاع منكم أن لا يحول بَيْنه وبين قِبْلته أحد فليَفْعَل "(1) .
ش- أحمد بن أبي سُريج: هو أحمد بن الصباح النهشلي، وأبو أحمد
الزبيري [](2) .
ومَسرة بن معبد اللخمي: من بني أبي الحرام الفلسطيني، كان يسكُن
كورة بيْت جبرين، وهي على فراسخ من بيت المقدس. سمع: أبا عبيد
حاجب سليمَان بن عبد الملك، والزهري، ونافعاً، وغيرهم. روى
عنه: أبو أحمد الزبيري، وضمرة بن ربيعة الرملي، والوليد بن النضر الرملي، وغيرهم. قال أبو حاتم: شيخ ما به بأس. روى له:
أبو داود (3) .
وأبو عُبيد: اسمه: حُيى، ويقال: حُوَي حاجب سليمان ومولاه.
روى له: البخاري، وأبو داود (4) .
قوله: " أن لا يحول " أي: أن لا يفصل بينه وبين قبْلته أحد فليفعل
ذلك. وفي " المصنف ": حدَثنا أبو معاوية، عن عَاصم، عن ابن
سيرين قال: كان أبو سعيد قائماً يُصلي، فجاء عبد الرحمن بن الحارث
(1) تفرد به أبو داود.
(2)
بياض قدر كلمة.
(3)
انظر ترجمته في تهذيب الكمال (27 / 5900) .
(4)
المصدر السابق (34 / 7492) .
ابن هشام يمر بين يديْه فمنعه وأبى إلا أن يجيء، فدفعه أبو سعيد فطرحه، فقيل له: تصنع هذا بعبد الرحمن؟ ! فقال: والله لو أبى إلا أن آخذ بشعره لأخذتُ.
681-
ص- نا موسى بن إسماعيل: نا سليمان- يعني: ابن المغيرة -، عن حميد- يعني: ابن هلال- قال: قال أبو صالح: أحدثك عما رأيتُ من أبى سعيد وسمعتُه منه، دخل أبو سعيد على مروان فقال: سمعت رسولَ الله- عليه السلام يَقُول: " إذا صلى أحدُكم إلى شيء يَسْتُره من الناسِ فأراد أحد أن يجتاز بن يدَيْه فليَدْفعه (1) في نَحره، فإن أبى فليُقاتله، فإنما هو شيطان "(2) .
ش- حُميد: ابن هلال بن هُبيرة البصري، أبو نصر العَدوي- عدي تميم-، روى عن: عتبة بن غزوان، وعبد الله بن مغفل. وسمع: أنس بن مالك، وأبا قتادة العدوي، وعبد الله بن الصلت، وأبا صالح السمان، وغيرهم. روى عنه: قتادة، وأيوب السختياني، وشعبة، وسليمان بن المغيرة، وغيرهم. قال ابن معين: ثقة. روى له الجماعة (3) .
وأبو سعيد الخدري، ومروان بن الحكم بن أبي العاص، وقد ذكرناه. والحديث: أخرجه البخاري، ومسلم بمعناه أتم منه، فقال البخاري:
نا أبو معمر: نا عبد الوارث: نا يونس، عن حميد بن هلال، عن أبي صالح، أن أبا سعيد قال: قال النبي- عليه السلام[ح]، ونا آدم: نا سليمان بن المغيرة: نا حُميد بن هلال: نا أبو صالح قال: رأيت أبا سعيد الخدري في يوم جمعة يصلي إلى شيء يَستره من الناسِ، فأراد شاب من بني أبي مُعَيط أن يجتاز بين يديه، فدفع أبو سعيد في
(1) في سنن أبي داود: " فليدفع"
(2)
البخاري: كتاب الصلاة، باب: إثم ا"ر بين يدي المصلي (501) ، مسلم: كتاب الصلاة، باب: منع ا"ر بين يدي المصلي (259 / 505) .
(3)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (7 /1542) .