الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صدره، فنظر الشاب فلم يجد مساغاً إلا بين يديْه فعاد ليجتاز فدفعه أبو سعيد أشد من الأولى، فنال من أبي سعيد ثم دخل على مروان فشكى إليه ما لقي من أبي سعيد، ودخل أبو سعيد خلفه على مروان فقال: مالك ولابن أخيك يا أبا سعيد؟ فقال: سمعتُ رسولَ الله يقول: " إذا صلى أحدكم إلى شيء يَستره من الناس، فأراد أحد أن يجتاز بين يديْه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان ".
وعند مسلم: " فليدفع في نحره، وَلْيدرأه ما اسْتطاع ". وعند ابن ماجه: " إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن منها، ولا يدع أحداً يمر بين يديه، فإن جاء أحد يمر فليُقاتله فإنه شيطان ". وفي " صحيح ابن حبان ": " فليدن منها " - يعني. السترة - " فإن الشيطان يَمر بينه وبَيْنها ".
ص- قال أبو داود: قال سُفيان الثوريّ: يَمر الرجلُ يتبَخْترُ بَيْنَ يدي وأنا أصلي فأمْنعُه، ويَمرّ الضعِيفُ فلا أمْنعه.
ش- هذا ليس بمَوْجُود في النسخ الصحيحة.
قوله: " يَتبخْترُ، حَال من الرجل، التبختر في المشي: هو مشْية المتكبر المُعْجب بنفسه. وفهم من كلام سفيان أن منعه لم يكن لأجلَ كونه مارا بين يديه مطلَقا. وقد ورد ترك التعرض إلى ا"ر على ما روى أبو بكر بن أبي شيبة: نا أبو خالد الأحمر، وابن فضيل، عن داود بن أبي هند /، [1/234- أ] عن الشعبي قال: إن مرّ بين يديك فلا ترده. وقد قلنا: إن الأمر بالدفع ندب، فذا ترك الندب لا يُلام عليه، والله أعْلم.
* * *
104- باب: مَا يُنهى عنه منَ المُرور ِبين يَدَي المُصلي
أي: هذا باب في بيان ما نُهِي عنه من الجواز بين يدي المُصلي، وفي بعض النسخ:" باب النهي عن المرور بين يدي المصلي ".
682-
ص- نا القعنبي، عن مالك، عن أبي النضر مولى عُمر بن
عُبيد الله، عن بُسْر بن سعيد، أن زيد بن خالد الجُهني أرسله إلى أبي جُهَيْم يَسْأله ماذا سمع من النبي صلى الله عليه وسلم في ا"رّ بين يدي المُصلي، فقال أبو جُهيم: قال رسولُ الله: " لو يَعلمُ ا"رُّ بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يَقفَ أربعين خيرٌ له من أن يَمرّ بين يديه "(1) .
قال أبو النضر: لا أدْري قال: أربعين يوماً أو شهرا أو سنةً.
ش- مالك: ابن أنس، وأبو النضر: اسمه سالم بن أميّة المدني القرشي. وبُسْر بن سعيد: بالسين المهملة، المدني، مولى ابن الحضرمي. سمع: عثمان بن عفان، وسعد بن أبي وقاص، وزيد بن ثابت، وأبا هريرة، وغيرهم. روى عنه: أبو النَّضْر سالم، وبكير بن عبد الله الأشج، ويعقوب بن عبد الله الأشج، وغيرهم. قال ابن معين: ثقة. وقال ابن سَعْد: وكان من العُباد المنقطعين، وأهل الزهد في الدنيا، وكان ثقة كثير الحديث ورعاً. مات بالمدينة سنة مائة. روى له الجماعة (2) . وزَيْد بن خالد الجهني: الصحابي قد ذكر مرةً.
وأبو جُهَيْم: هو ابن الحارث بن الصمّة بن عمرو بن عتيك بن عمرو ابن مبذول- وهو عامر- بن مالك بن النجار الأنصاري، قيل: اسمه: عبد الله، اتفقا له على حديثين. روى عنه: بُسْر بن سعيد، وعُمير مولى ابن عباس. روى له الجماعة (3) .
(1) البخاري: كتاب الصلاة، باب: إثم ا"ر بين يدي المصلي (510) ، مسلم: كتاب الصلاة، باب: منع ا"ر بين يدي المصلي (261 / 507)، الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في كراهية المرور بين يدي المصلي (336)، النسائي: كتاب القبْلة، باب: التشديد في المرور بين يدي المصلي وبين سترته (2 / 65)، ابن ماَجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: المرور بين يدي المصلي (945)
(2)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (4/688) .
انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (4 / 36) ، وأسد الغابة (6 / 59) والإصابة (4 / 36) .
قوله: " ماذا عليه " محله نصبٌ على أنه مفعول لقوله: " لو يعلم " أي: ماذا عليه من الإثم والخطيئة.
قوله: " لكان" جوابُ " لو".
قوله: " أن يقف " أن مصدرية، والتقدير: لكان وقوفه، وهو في محل الرفع على أنه اسم كان وخبره: قوله: " خيراً " في رواية نصب " خيراً " وأما في رواية رفع " خيرٌ " فيكون ارتفاعه على أنه اسم " كان "، ويكون " أن يقف " في محل النصب خبره، والتقدير: لكان خيرٌ وقوفَه.
قوله: " من أن يمر " أن مصدرية - أيضا ً- مجرور بمنْ، والتقدير: منْ مروره. ومعنى الحديث: النهي الأكيد والوعيد الشديد.
قوله: " لا أدري قال: أربعين يوماً " أي: لا أدري قال أبو الجهيم عن الرسول: أربعين يوماً أو أربعين شهرا أو أربعين سنة، وذلك لأنه لا بد من مميّز للعدد المذكور ولايح (1) ذلك عن هذه الأشياء.
والحديث: أخرجه الستة في كتبهم، وعند ابن ماجه: نا هشام بن عمار: نا ابن عيينة، عن أبي النضر، عن بُسْر قال: أرسلوني إلى زيد ابن خالد أسأله عن المرور بين يدي المصلي، فأخبرني عن النبي- عليه السلام قال:" لأن يقوم أربعين خير له من أن يمرّ بين يديه " قال سفيان: فلا أدري: أربعين سنة أو شهرا أو صباحا أو ساعةً؟
، وفي (2) " مسند البزار ": أخبرنا أحمد بن عَبْدة: حدثنا سفيان، عن سالم أبي النضر، عن بُسْر بن سعيد قال: أرسلني أبو جَهيم إلى زيد ابن خالد أسأله عن ا"ر بين يدي المُصلي ماذا عليه؟ فقال: سمعت رسول الله يَقولُ: " لو يعلم ا"ر بين يدي المصلي ماذا عليه من الإثم لكان أن يقفَ أربعين خريفاً خير له من أن يقوم بين يدَيه ". انتهى.
(1) كذا، ولعلها بمعنى:" لا يخرج ".
(2)
انظر: نصب الراية (2 / 79) .
قلت: وفيه شيئان، أحدهما: قوله: " أربعين خريف"، الثاني: أن مَتْنه عكس متن " الصحيحين "، فالمسئول في لفظ " الصحيحين " هو أبو الجهيم، وهو الراوي عن النبي- عليه السلام، وعند البزار: المسئول: زيد بن خالد. ونسب ابن القطان، وابن عبد البر الوهم فيه إلى ابن عيينة، وقال ابن القطان في كتابه بعد أن ذكره من جهة البزار: وقد خطأ الناسُ ابن عُيينة في ذلك لمخالفته رواية مالك، وليس خطؤه بمتعين، لاحتمال أن يكون أبو جهيم بعث بُسر بن سعيد إلى زيد بن خالد، وزيد ابن خالد بعثه إلى أبي جُهيم بعد أن أخبره بما عنده ليَستثبته فيما عنده، [1/234-ب] فأخبر كل واحد منهما بمحفوظه، وشك أحدهما وجزم الأخر بأربعين / خريفاً، واجتمع ذلك كله عند أبي النضر وحدث به. وقال ابن عبد البر في " التمهيد ": روى ابن عُيينة هذا الحديث مقلوبا، فجعل في موضع زيد بن خالد أبا جهيم، وفي موضع أبي جهيم زيد بن خالد، والقول عندنا قول مالك ومن تابعه، وقد تابعه الثوري وغيرُه. وروى ابن حبان في " صحيحه " من حديث أبي هريرة مرفوعا:" لو يعلمُ أحدكم ما له في أن يمر بين يدي أخيه معترضا في الصلاة كان لأنْ يُقيم مائة عام خير له من الخطوة التي خطى "(1) .
وقال الطحاوي: وهذا عندنا متأخر عن حديث أبي جهيم. وروى الطبراني في " الأوسط " عن عبد الله بن عمرو مرفوعا: " إن الذي يمر بين يدي المصلي عمدا يتمنى يوم القيامة أنه شجرة يابسة ".
وفي " المصنف " عن عبد الحميد عامل عمر بن عبد العزيز قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو يعلم ا"ر بين يدي المُصلي ما عليه لأحب أن ينكسر فخذه ولا يمر بين يديه ". وقال عمر: لكان يقوم حولا خير له من مروره. وقال كعب الأحبار: لكان أن يخسف به خير له من أن يمر بين يديْه.
* * *
(1) إلى هنا انتهى النقل من نصب الراية.