المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌115- باب: ما يستفتح به الصلاة من الدعاء - شرح سنن أبي داود للعيني - جـ ٣

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌40- بَاب: فِي المؤذن يَنْتظرُ الإِمَامَ

- ‌41- بَاب: في التَّثوِيْب

- ‌42- بابٌ: في الصَّلاة تقامُ ولمْ يأت الإمَامُ يَنْتظرُونه قُعُوداً

- ‌43- بَاب: التشْدِيد في ترك الجماعة

- ‌44- بَاب: في فضل صلاة الجماعة

- ‌45- بَاب: فَضل المشي إلى الصّلاة

- ‌ 46- بَابُ: الهَدْئ في المَشْي إلَى الصَّلاةِ

- ‌47- بَاب: فيمَنْ خَرج يُريدُ الصّلاة فسُبِق بها

- ‌48- بَاب: في خروج النساء إلى المَسجد

- ‌49- بَابُ: السعْي إلى الصّلاة

- ‌50- بَابُ: الجمع في المَسْجد مرتين

- ‌51- بَاب: فيمَن صَلى في مَنْزله ثم أدرك الجماعةَ يُصَلِي معَهُمْ

- ‌52- بَاب: إذا صَلّى ثم أدرَكَ جَماعةً يُعيدُ

- ‌53- بَابُ: جِمَاع الإمامة وفَضْلِها

- ‌54- بَابُ: كراهية التَّدافُع على الإمامة

- ‌55- بَابُ: مَن أحق بالإمامة

- ‌56- بَابُ: إمامة النِّساءِ

- ‌57- بَاب: في الرجل يَؤمُّ القومَ وَهُمْ لهُ كَارِهُونَ

- ‌59- بَابُ: إمامة الزائر

- ‌60- بَابُ: الإِمَام يَقُوم مكانا أَرْفعَ مِن مكان القَوْم

- ‌62- باب: الإمام يصلي من قعود

- ‌63- بَابُ الرَّجُلَيْن يَؤمُّ أحدُهما صاحبه كَيْفَ يقومانِ

- ‌64- بَابٌ: إذا كانوا ثلاثة كيف يقومون

- ‌65- بَابُ: الإمام ينحرف بعد التسليم

- ‌66- بَابُ: الإِمَام يتطوعُ في مكَانه

- ‌67- بَابُ: الإمام يُحْدثُ بَعْدَ ما يَرْفعُ رأسَه

- ‌68- بَابُ: ما يؤمر به المأموم من اتباع الإمام

- ‌69- بَابُ: التَشْديد فيمَنْ يَرْفعُ قبل الإِمام أو يضع قبله

- ‌70- بَابٌ: فيمَنْ يَنصرفُ قبل الإمام

- ‌72- بَابُ: الرجل يَعْقدُ الثوب في قفاه ثم يصلي

- ‌ 73- بَابٌ: في الرَّجُل يُصَلي في ثَوْب بَعْضُه عَلى غَيْره [

- ‌74- بَابُ: الرَّجل يُصَلي في قميصٍ واحد

- ‌75- بَاب: إذا كان ثوبا ضيقا

- ‌76- بَابُ: مَنْ قالَ: يتّزرُ به إذا كَان ضيقا

- ‌77- بَابُ: الإِسْبَال فِي الصَّلاة

- ‌78- بَاب: فِي كم تُصلِي المرأة

- ‌79- بَابُ المرأةِ تُصَلّي بغَيْر خِمَار

- ‌81- بَابُ الصَلاة في شُعُرِ النسَاء

- ‌82- بَابُ: الرّجُل يُصَلي عَاقصاً شَعْرَه

- ‌83- بَاب: فِي الصَّلاة في النعْلِ

- ‌84- بَاب: المُصَلِّي إذا خَلع نَعْليْه أينَ يضعهما

- ‌85- بَاب: الصلاة عَلَى الخُمْرة

- ‌86- بَابُ: الصلاة على الحصير

- ‌87- بَابُ: الرجل يَسْجُد على ثَوْبه

- ‌88- بَابُ: تفْريع أبْواب الصُّفُوفِ

- ‌89- تَسْويةُ الصُّفوف

- ‌90- بَابُ: الصفُوف بيْن السواري

- ‌91- بَابُ: مَنْ يستحب أن يَلِي الإِمامَ في الصف وكراهية التَّأخُّرِ

- ‌92- بَابُ: مقام الصِّبْيان مِن الصَّفِّ

- ‌94- بَابُ: مَقام الإِمَام مِنَ الصَّفّ

- ‌95- بَابُ: الرَّجُل يُصَلِّي وَحْدهَ خَلفَ الصَّفِّ

- ‌96- بَابُ: الرَّجُل يَركعُ دونَ الصَّف

- ‌97- بَابُ: مَا يَسْتُر المُصلي

- ‌98- بَابُ: الخَطَّ إذا لم يَجِدْ عَصى

- ‌99- باب: الصّلاةِ إلَى الرَّاحلةِ

- ‌100- باب: إذا صلى إلى سارية أو نحوها أين يجعلها منه

- ‌101- باب: الصَّلاةِ إلى المتحدثين والنِّيام

- ‌102- باب: الدنو من الستْرة

- ‌103- باب: مَا يُؤمر المُصلي أَنْ يَدْرأ عن الممر بينَ يديه

- ‌104- باب: مَا يُنهى عنه منَ المُرور ِبين يَدَي المُصلي

- ‌105- باب: مَا يَقْطعُ الصّلاةَ

- ‌106- باب: سترة الإِمَام سترة لِمَنْ خَلفَه

- ‌107- باب: مَنْ قال: المرأةُ لا تَقْطعُ الصَّلاةَ

- ‌108- باب: مَنْ قال: الحمارُ لا يقطعُ الصلاةَ

- ‌109- باب: من قال: الكلبُ لا يَقْطعُ الصلاة

- ‌110- باب: مَنْ قال: لا يقطعُ الصّلاةَ شيءٌ

- ‌111- باب: في رَفع اليدين

- ‌112- باب: افتتاح الصلاة

- ‌113- باب: مَن لم يذكر الرفع عند الركوع

- ‌114- باب: وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة

- ‌115- باب: ما يستفتح به الصلاة من الدعاء

- ‌116- باب: من رأى الاستفتاح بـ " سبحانك

- ‌117- باب: السكتة عند الاستفتاح

- ‌118- باب: من لم ير الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم

- ‌119- باب: من جهر بها

- ‌120- باب: تخفيف الصلاة

- ‌ 121- باب: تخفيف الصلاة للأمر يحدث

- ‌ 122- باب: القراءة في الظهر [

- ‌123- باب: تخفيف الأخريين

- ‌124- باب: قدر القراءة في صلاة الظهر والعصر

- ‌125- باب: قدر القراءة في المغرب

- ‌126- باب: من رأى التخفيف فيها

- ‌127- باب: القراءة في الفجر

- ‌128- باب: الرجل يعيد سورة واحدة في الركعتين

- ‌129- باب: من ترك القراءة في صلاته

الفصل: ‌115- باب: ما يستفتح به الصلاة من الدعاء

الكبير " من حديث إبراهيم بن أبي معاوية، عن أبيه، عن الأعمش، عن مجاهد، عن مورق، عن أبي الدرداء: " من أخلاق النبيين صلى الله عليهم أجمعين وضع اليمين على الشمال في الصلاة ". وقال الترمذي: نا قتيبة، نا أبو الأحوص، عن سماك بن حرب، عن قبيصة ابن هُلب، عن أبيه قال: كان رسول الله يؤمنا، فيأخذ شماله بيمينه. قال: وفي الباب عن وائل بن حجر وغطيف بن الحارث، وابن عباس، وابن مسعود، وسهل بن سعد. قال أبو عيسى: حديث هلب حديث حسن، والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي- عليه السلام والتابعين ومَن بعدهم، يرون أن يضع الرجل يمينه على شماله في الصلاة، ورأى بعضهم أن يضعها فوق السرة. ورأى بعضهم أن يضعها تحت السرة، وكل ذلك واسع عندهم.

***

‌115- باب: ما يستفتح به الصلاة من الدعاء

أي: هذا باب في بيان ما يستفتح به الصلاة من الدعاء، وفي بعض النسخ:" باب فيما يستفتح به ".

738-

ص- نا عُبيد الله بن معاذ، نا أبي، نا عبد العزيز بن أبي سلمة، عن عمه الماجشون بن أبي سلمة، عن عبد الرحمن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن على بن أبي طالب قال: " كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا قَامَ إلى الصلاة كبرَ ثم قال: وَجهتُ وَجْهِي للذي فَطَرَ السمواتِ واَلأرض حنيفا (1) ومَا أنَاَ من المشركينَ، إن صَلاتي ونُسُكِي ومَحيايَ ومماتي لله رب العالمَينَ، لا شريكَ له، وبذلك أمرتُ وأنا أولُ المسلمينَ، اللهم أنت الملكُ لا إلهَ إلا أنتَ ربي (2) ، وأنا عبدُكَ، ظلمتُ نَفْسِي فاعْترفْتُ بذنبِي، فاغفر لي ذُنُوبي

(1) في سنن أبي داود: "حنيفا مسلماً ".

(2)

في سنن أبي داود: " لا إله لي إلا أنت، أنت ربي"

ص: 357

جميعا، لا (1) يَغفرُ الذنوبَ إلا أنتَ، واهدني لأحسن الأخلاقِ، لا يَهْدِي (2) لأحسنِهَا إلا أنتَ، واصرف عنَّي سَيئَها، لا يصرف سَيئَها إلا أنت لبيكَ وسعْديْكَ، والخيرُ كله في يديكَ (3) ، أنا بكَ وإليكَ، تباركتَ وتَعاليتَ، أَستغْفِرُكَ وأتوبُ إليكَ، وإذا ركعِ قال: اللهم لكَ رَكَعْتُ، وبكَ آمنت، ولك أسلمتُ خشعَ لك سَمعِي وبَصرِي ومُخَّي وعظامِي وعَصَبِي، وإذا رفعَ قال: سَمِعَ اللهُ لمن حَمدَهُ، رَبّنا ولكَ الحمدُ مِلءَ السموات والأرضِ وما بينهما (4) ، ومِلءَ مَا شئتَ من شيء بعدُ، وإذا سَجَدَ قال. اللهم لك سجدتُ، وبك آمنت، ولك أسلمتُ، سُجَدَ وَجْهِي للذي خَلَقَهُ فَصَوَّرَهُ (5) فأحسنَ صُورتَه، فَشَق (6) سَمْعَهُ وبَصَرَهُ، وتباركَ اللهُ أحسنُ الخالقينَ، وإذا سَلَمَ من الصلاة قال: اللهم اغفر لي ما قدمتُ وما أخرتُ وما أسررتُ وما أعلنتُ، وما أَسرفتُ، وما أنتَ أعلمُ به مني، أنتَ المقدمُ والمؤخرُ لا إله إلا أنتَ " (7) .

ش- عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة ميمون الماجشون، قد ذكرناه، وعمه الماجشون اسمه: يعقوب بن أبي سلمة، أبو يوسف، المدني القرشي التيمي، أخو عبد الله بن أبي سلمة. روى عن: عبد الله بن،

[1/252-ب] عمر /، وقيل: سمع منه، وسمع من عمر بن عبد العزيز، وعبد الرحمن الأعرجْ، وغيرهم. قال ابن سعد: كان ثقة، وهؤلاء كلهم يعرفون

(1)

في سنن أبي داود:" إنه لا".

(2)

في سنن أبي داود: " لا يهد ني".

(3)

في سنن أبي داود بعد هذا: " والشر ليس إليك".

(4)

في سنن أبي داود: " وملء ما بينهما".

(5)

في سنن أبي داود: " وصوره".

(6)

في سنن أبي داود:" وشق".

(7)

مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب: الدعاء في صلاة الليل وقيامه (1 77 / 1 0 2، 2 0 2)، الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع (266)، النسائي: كتاب الافتتاح، باب: نوع آخر من الذكر والدعاء بين التكبير والقراءة (2 / 129)، وباب: نوع آخر منه (2/292)، وباب: نوع آخر (2 / 0 22- 221)، ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: رفع اليدين إذا ركع 00. (864) ، وباب: سجود القرآن (1054) .

ص: 358

الماجشون، مات سنة أربع وستين ومائة، روى له: مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.

وعبيد الله بن أبي رافع أسلم أو إبراهيم، مولى النبي- عليه السلام. قوله:" وجهت وجهي " أي: قصدت بعبادتي "للذي فطر السموات " والأرض، أي: ابتدأ خلقهما، وقيل: معناه: أخلصت ديني وعملي. قوله: " حنيفا " أي: مستقيما مخلصا. وقال أبو عبيد: الحنيف عند العرب من كان على دين إبراهيم- عليه السلام، ويقال: معناه مائلاً إلى الدين الحق وهو الإسلام، وأصل الحنَف: الميل، ويكون في الخير والشر، ومنه يصرف إلى ما تقتضيه القرينة، والنسبة إليه حنيفي، وأما الحنفي بلا ياء فهو الذي ينسب إلى أبي حنيفة في مذهبه، حذف هاهنا الياء ليكون فرقأ بينهما، وانتصاب " حنيفا " على أنه حال من الضمير الذي في " وجهت " أي: حال كوني في الحنيفية.

قوله: ما وما أنا من المشركين " بيان للحنيف بإيضاح لمعناه، والمشرك يطلق على كل كافرِ من عابد وثن وصنم ويهودي، ونصراني ومجوسي، ومرتد وزنديق، وغيرهم.

قوله: " إن صلاتي " يعني: عبادتي" ونسكي " يعني: تقربي كله، وقيل: وذبحي، وجمع بين الصلاة والذبح كما في قوله تعالى:(فَصَل لرَبّكَ وَانْحَرْ) وقيل: صلاتي وحجي، وأصل النسك: العبادة من الَنسيكة، وهي الفضة المذابة المصفاة من كل خلط، والنسيكة أيضاً: كل ما يتقرب به إلى الله عز وجل.

قوله: " ومحياي ومماتي " أي: وما آتيه في حياتي وأموت علي من الإيمان والعمل الصالح، خالصة لوجهه لا شريك له، وبذلك من الإخلاص أمرت في الكتاب " وأنا أول المسلمين "، ويقال: ومحياي ومماتي، أي: حياتي وموتي، ويجور فتح الياء فيهما وإسكانها، والأكثرون على فتح ياء محياي وإسكان ياء مماتي، واللام في " لله " لام الإضافة، ولها معنيان: الملك والاختصاص، وكلاهما مراد هاهنا، والرب ا"لك، والسيد، والمدبر، والمربي، والمصلح، فإن وصف الله

ص: 359

برب لأنه مالك، أو سيد فهو من صفات الذات، وإن وصف بأنه [المدبر] ، لأنه مدبر خلقه ومربيهم، ومصلح لأحوالهم فهو من صفات فعله، ومتى دخلته الألف واللام اختص بالله تعالى، وإذا حذفنا جار إطلاقه على غيره فيقال: رب ا"ل ورب الدار ونحو ذلك، والعالَمون جمع عالَم، وليس للعالَم واحد من لفظه، والعالَم اسم " سوى الله تعالى، ويقال: الملائكة والجن والإنس، وزاد أبو عبيدة: والشياطين. وقيل: بنو آدم خاصة. وقيل: الدنيا وما فيها، ثم هو مشتق من العَلامة لأن كل مخلوق علامة على وجود صانعه، وقيل: من العِلم، فعلى هذا يختص بالعقلاء. وذكر ابن مالك أن العالمين اسم جمع لمن يعقل، وليس جمع عالم، لأن العالَم عام، والعالَمين خاص، ولهذا منع أن يكون الأعراب جمع عرب، لأن العرب للحاضرين والبادين، والأعراب خاص بالبادين. وقال الزمخشري: إنما جمع ليشمل كل جنس مما سُمي به.

فإن قلت: فهو اسم غير صفة، وإنما يجمع بالواو والنون صفات العقلاء، أو ما في حكمها من الأعلام. قلت: ساغ ذلك لمعنى الوصفية فيه، وهي الدلالة على معنى العلم فيه.

قوله: " وأنا أول المسلمين" من هذه الأمة، قاله قتادة، أو في هذا الزمان، قاله الكلبي، أو بروحي مذ كنتُ، كقوله- عليه السلام:" كنت نبيا وآدم بين الماء والطين"، وفي رواية:" وأنا من المسلمين" بلا " أول".

قوله: " اللهم أنت الملك " قد ذكرنا معنى " اللهم" مستوفى، ومعنى أنت الملك، أي: ا"لك الحقيقي لجميع المخلوقات.

فإن قلت: ما الفرق بين الملك وا"لك؟ قلت: الملك أمدح، " إذ كل ملك مالك، وليس كل مالك ملك". قال أبو عبيدة: لأن الملك ينفد على ا"لك دون عكسه. وقال أبو حاتم: ا"لك أمدح، لأنه في صفة الله يجمع المُلك والملك، لأن مالك الشيء ملكُه ومَلكه قد لا يملكه وهما

[1/253-أ] جميعا من الملكَ وهو الشد والربط، ومنه مَلْكَ العجين /. وقال

ص: 360

الزمخشري: المُلك يعم، أراد بضم الميم، والمِلك يخص، أراد بكسرها. قلت: ليس مراده العموم والخصوص المنطقيان فإنهما على العكس، بل المراد بالعموم كثرة الشمول، والتوابع والتعلقات، فإن الملك كثر بسطة وسلطة من ا"لك ويقال: المُلك بالضم عبارة عن القدرة الحَسية العامة، فإذا قلت: هذا مُلك فلان يدخل فيه ما يملكه، وما لا يملكه، وإذا قلت: هذا مِلك فلان- بالكسر- لا يدخل فيه ما لا يملكه فافهم.

قوله: " وأنا عبدك " أي: معترف بأنك مالكي ومدبري، وحكمك نافذ في.

قوله: " ظلمت نفسي " اعتراف بالتقصير، قلله على سؤال المغفرة أدبا كما قال آدم وحواء- عليهما السلام: (ربّنا ظَلَمْنَا أنفُسَنَا

) الآية (1)، ومعنى ظلمت نفسي: أوردتها موارد المعاصي.

قوله: " واعترفت بذنبي " يعني: رجعت عن ذنبي، لأن الاعتراف بالذنب بمنزلة الرجوع منه.

قوله: "فاغفر لي " أمر صورةْ، وسؤال وطلب معنى.

قوله: " جميعا " حال من الذنوب.

قوله:" لا يغفر الذنوب إلا أنت " بمنزلة التعليل، يعني: لأن مغفرة الذنوب بيدك، وليس هي إلا إليك، ولا يتولاها غيرك، ولا يقدر عليها أحد غيرك.

قوله: " واهدني لأحسن الأخلاق " أي: أرشدني لصوابها ووفقني للتخلق به.

قوله:" واصرف عني سيئها " أي: قبيحها.

(1) سورة الأعراف: (23) .

ص: 361

قوله: " لبيك " أصله: لبين تثنية لبَّ، فحذفت النون للإضافة. وقد

مر الكلام فيه مستوفى.

قوله: " وسعديك" معناه: مساعدة لأمرك بعد مساعدة، ومتابعة لديك بعد متابعة، أو إسعادا بعد إسعاد، ونصبه على المصدر والمعنى: ساعدت طاعتك يا رب مساعدة بعد مساعدة.

قوله: " والخير كله في يديك " أي: في تصرف قدرتك الباسطة.

قوله: " أنا بك" مبتدأ وخبر، والمعنى: أنا مستجير بك، أو أنا موفق بك، أو نحو ذلك، فعلى جميع التقدير " بك " متعلق بمحذوف في محل الرفع على الخبرية.

قوله: " وإليك " عطف على قوله: " بك " أي: أنا إليك، والمعنى:

أنا ملتجئ إليك، أو متوجه إليك ونحو ذلك.

قوله: " تباركت" أي: استحققت الثناء عليك. وقيل: ثبت الخير عندك. وقال ابن الأنباري: تبارك العباد بتوحيدك.

قوله: " وتعاليت" أي: تعاظمتَ عن متوهم الأوهام، ومتصور الأفهام.

قوله: " اللهم لك ركعت " تأخير الفعل للاختصاص، والركوع: الميلان والخرور، يقال: ركعت النخلة إذا مالت، وقد يذكر ويراد به الصلاة من إطلاق اسم الجزء على الكل.

قوله: " وبك آمنت " أي: صدقت.

قوله: " ولك أسلمت " أي: انقدت وأطعت.

قوله: " خشع لك سمعي " أي: خشي وخضع، وخشوع السمع والبصر والمخ والعظم والعصب كالخضوع في البدن. فإن قلت: كيف يتصور الخشوع من هذه الأشياء؟ قلت: ذكر الخشوع وأراد به الانقياد والطاعة، فيكون هذا من قبيل ذكر اللازم وإرادة الملزوم.

ص: 362

فإن قلت: ما وجه تخصيص السمع والبصر من بين الحواس،

وتخصيص المخ والعظم والعصب من بين سائر أجزاء البدن؟ قلت: أما تخصيص السمع والبصر فلأنهما أعظم الحواس، وكثرها فعلاً، وأقواها

عملاً، وأمسها حاجة، ولأن كثر الآفات للمصلي بهما فإذا خشعت قَلَّت الوساوس الشيطانية، وأما تخصيص المخ والعظم والعصب فلأن ما في

أقصى قعر البدن المخ، ثم العظم، ثم العصب، لأن المخ يمسكه العظم،

والعظم يمسكه العصب، وسائر أجزاء البدن مركبة عليها، فهذه عمد بنية

الحيوان وأطنابها، وأيضا العصب خزانة الأرواح النفسانية واللحم والشحم

غاد ورائح، فإذا حصل الانقياد والطاعة من هذه فمما الذي يتركب عليها

بالطًريق الأولى.

فإن قلت: ما معنى انقياد هذه الأشياء؟ قلت: أما انقياد السمع،

فالمراد به قبول سماع الحق، والإعراض عن سماع الباطل، وأما انقياد

البصر فالمراد / به صرف نظره إلى كل ما ليس فيه حرمة، والاعتبار به في [1/253-أ] المشاهدات العلوية والسفلية، وأما انقياد المخ، والعظم، والعصب،

فالمراد به انقياد باطنه كانقياد ظاهره، لأن الباطن إذا لم يوافق الظاهر لا

يكون انقياد الظاهر مفيدا معتبرا، وانقياد الباطن عبارة عن تصفيته عن دنس

الشرك والنفاق، وتزيينه بالإخلاص والعلم والحكمة، وترك الغل والغش

والحقد والحسد والظنون والأوهام الفاسدة، ونحو ذلك من الأشياء التي

تخبث الباطن، وانقياد الظاهر عبارة عن استعمال الجوارح بالعبادات،

كل جارحة بما يخصها من العبادة التي وضعت لها.

فإن قلت: ما وجه ارتباط قوله: " خشع لك سمعي " بما قبله؟ وما

وجه ترك العاطف بين الجملتين؟ قلت: كأن هذا وقع بيانا لقوله: "ولك أسلمت "، ولذلك ترك العاطف، لأن معنى:" لك أسلمت ": انقدت وأطعت، ومعنى " خشع سمعي " إلى آخره: الانقياد والإطاعة كما

قررناه، فكأنه- عليه السلام بريق نوعي الانقياد والإطاعة بقوله:

" خشع سمعي" إلى آخره. بعد الإجمال. فقوله: " خشع سمعي

ص: 363

وبصري " بيان الانقياد الظاهر. وقوله: ما ومخي وعظمي وعصبي " بيان الانقياد الباطن، فهذه الأسئلة والأجوبة قد لاحت لي في هذا المقام من الأنوار الربانية، من نتيجة الأفكار الرحمانية.

قوله: " سمع الله لمن حمده " أي: تقبل الله منه حمده وأجَابَه، تقول: اسمع دعائي، أي: أجب، وَضَعَ السمع موضع القبول والإجابة للاشتراك بين القبول والسمع، والغرض من الدعاء القبول والإجابة، والهاء في " لمن حمده " هاء السكتة لا هاء الكتابة، فلذلك لا يجوز تحريكه فيسكن دائما.

قوله: " ربنا ولك الحمد " بالواو، وفي رواية بلا واو، والأكثر على أنه بالواو وكلاهما حسن، ثم قيل: هذه الواو زائدة. وقيل: عاطفة تقديره: ربنا حمدناك ولك الحمد.

قوله: " ملء السموات وملء الأرض وما بينهما " إشارة إلى الاعتراف بالعجز عن أداء حق الحمد بعد استفراغ المجهود فيه، فإنه- عليه السلام حمده ملء السموات والأرض، وهذه نهاية أقدام السابقين، وهذا تمثيل وتقريب. والكلام لا يقدر بالمكاييل، ولا تسعه الأوعية، وإنما المراد منه تكثير العدد، حتى لو قدر أن تكون تلك الكلمات أجساما تملأ الأماكن، ولبلغت من كثرتها ما يملأ السموات والأرض، المِلء- بكسر الميم-: ما يأخذه الإناء إذا امتلأ، والمَلء- بالفتح- مصدر ملأت الإناء فهو مملوء، ودلو ملأى على فعلى، وكوز ملآن ماء. والعامة تقول: ملأى ماءً. وهاهنا بكسر الميم، وأما انتصابه على أنه صفة لمصدر محذوف، أي: حمداً ملء السموات والأرض، ويجوز الرفع على أنه خبر مبتدإ محذوف، أي: هو ملء السموات والأرض.

قوله: " وملء ما شئت من شيء بعد " إشارة إلى أن حمد الله أعز من أن يعتوره الحسبان، أو يكتنفه الزمان والمكان، فأحال الأمر فيه على المشيئة،

ص: 364

وليس وراء ذلك الحمد منتهى، ولم ينته أحد من خلق الله في الحمد مبلغه ومنتهاه، وبهذه الرتبة استحق أن يُسمى أحمد لأنه كان أحمد من سواه.

وقوله: "بعدُ" مبني على الضم، لأنه قطع عن الإضافة فبني على

الضم كما قد عرف في موضعه.

قوله: " وشق سمعه وبصره" من الشَق- بفتح الشن- أي: فلق

وفتح، والشق- بكسر الشين- نصف الشيء. واستدل الزهري بقوله:

" سجد وجهي للذي خلقه وصوره، وشق سمعه وبصره " على أن الأذنين

من الوجه. وعند أبي حنيفة هما من الرأس، لقوله- عليه السلام:

" الأذنان من الرأس "، والمراد به: بيان الحكم لا الخلقة. قال جماعة:

أعلاهما من الرأس وأوسطهما من الوجه. وقال آخرون: ما أقبل على

الوجه فمن الوجه، وما أدبر فمن الرأس. وقال الشافعي: هما عضوان

مستقلان لا من الرأس ولا من الوجه.

والجواب للجمهور عن احتجاج الزهري: أن المراد بالوجه جملة

الذات، / كقوله تعالى:(كل شَيْء هَالك إلا وَجْهَه)(1) ، ويؤيد هذا [1/254-أ] أن السجود يقع بأعضاء أخر مع الوجه، والثاني: أن الشيء يضاف إلى ما يجاوره، كما يقال: بساتين البلد.

قوله: " تبارك الله أحسن الخالقين " أي: المقدرين والمصورين، ومعنى

تبارك: تعالى وتعاظم، وقد مر الكلام فيه مستوفى.

قوله: " ما قدمت" أي: من الذنوب.

قوله: " وما أخرت " أي: من الأعمال، قال الله تعالى: (ينَبأ

الإِنسَانُ يَوْمَئِذ بِمَا قَدمَ وأخرَ) (2) .

قوله: " وما أسررت " أي: وما أخفيت من الأعمال، و " ما أعلنت "

بها أي: جهرت بها.

(1) سورة القصص: (88) .

(2)

سورة القيامة: (13) .

ص: 365

قوله: " وما أسرفتُ " أي: وما بذرت من الأوقات والساعات التي في غير الطاعة.

قوله: " وما أنت أعلم به مني" من الذنوب التي نسيتها وأغفلتها.

فإن قيل: النبي- عليه السلام مغفور له ومعصوم عن الذنوب، فما وجه هذا القول؟ قلت: هذا تواضع منه- عليه السلام وهضم النفس، أو هو عد على نفسه فوات الكمال من الذنوب، فكل ما وقع في أدعية الرسول من هذا القول، فالجواب فيه هكذا، ويجوز أن يكون هذا تعليما لأمته وإرشاداً إلى طريق الدعاء، لأنهم غير معصومين وهم مبتلون بالذنوب والتقصير في الطاعات.

قوله: " أنت المقدم وأنت المؤخر " بكسر الدال والخاء، والمعنى: تقدم من شئت بطاعتك وغيرها، وتؤخر من شئت عن ذلك كما تقتضيه حكمتك، وتعز من تشاء وتذل من تشاء، ثم هذا الدعاء وأمثاله محمولة عندنا على صلاة الليل النافلة. وقال ابن الجوزي: كان ذلك في أول الأمر أو في النافلة. وقال أبو محمد ابن قدامة: العمل به متروك، فإنا لا نعلم أحدا استفتح بالحديث كله، وإنما يستفتحون بأوله.

وفي " شرح المسند ": الذي ذهب إليه الشافعي في " الأم " أنه يأتي بهذه الأذكار جميعها من أولها إلى آخرها في الفريضة والنافلة. والمنقول عن المزني أنه يقول: " وجهت وجهي " إلى قوله: " من المسلمين". وقال الشيخ محيى الدين: وفي هذا الحديث استحباب دعاء الافتتاح في كل الصلوات حتى في النافلة، وهو مذهبنا ومذهب الأكثرين إلا أن يكون إماما لقوم لا يؤثرون التطويل. وفيه استحباب الذكر في الركوع والسجود. والحديث أخرجه مسلم والترمذي والنسائي مطولا. وأخرجه ابن ماجه مختصرا.

739-

ص- نا الحسن بن علي، نا سليمان بن داود، ما عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة، عن عبد الله بن الفضل بن ربيعة بن

ص: 366

عبد المطلب، عن الأعرج، عن عبيد الله بن أي رافع، عن عليّ بن أبي طالب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه كان إذا قامَ إلى الصلاة المكتوبة كَبر ورفعَ يديه حَذوَ مَنكبيه، يَصنعُ (1) مثلَ ذلك إذا قَضَى قراءتَه، وإذا أرَادَ أن يركعَ، ويصنعُهُ إذا رفعً من الركوع، ولا يرفعُ يديه في شيء من صلاِتهِ وهو قاعا، وإذا قَامَ من السجدتين رفعَ يديه كذلك وكَبر ودَعَى نحو حديث عبد العزيز في الدعاء، يزيدُ وينقصُ الشيء لم (2) يذكر:" والخير (3) في يديك، والشر ليس إلَيك"، وزاد فيه:" وبقولُ عندَ انصرافه من الصلاة: " اللهم اغفر لي ما قدمتُ وأخرتُ وأسررتُ وأعلنتُ، أنت إلَهَي، لا إله إَلا أنت " (4) . ش- سليمان بن داود بن داود أبو أيوب القرشي الهاشمي، وموسى ابن عقبة، أبو محمد الأسدي.

قوله: " إذا قضى قراءته " أي: إذا فرغ منها.

قوله: " وهو قاعد " حال من الضمير الذي في " ولا يرفع".

قوله: " وإذا قام من السجدتين " أي: الركعتين.

قوله: " نحو حديث عبد العزيز " أي: الحديث الذي رواه عبد العزيز ابن أبي سلمة الذي مر آنفاً

قوله: " يزيد وينقص " حال من " عبد العزيزة ".

(1) في سنن أبي داود:" ويصنع".

(2)

في سنن أبي داود:" ولم ".

(3)

في سنن أبي داود: "والخير كله ".

(4)

مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب: الدعاء في صلاة الليل وقيامه (201 / 771)، الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع (266)، النسائي: كتاب الافتتاح، باب: نوع آخر من الذكر والدعاء بين التكبيرة والقراءة (2 / 129)، وباب: نوع آخر منه (2 / 292)، وباب: نوع آخر (2 / 220)، ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: رفع

اليدين إذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع (864)، وباب: سجود القرآن (1054)

ص: 367

قوله: " لم يذكر " أي: لم يذكر الحسن بن علي في روايته، أو لم

يذكر عبد العزيز في هذه الرواية: " والخير في يديك، والشر ليس

إليك "، ولكن راد في هذا الحديث: " ويقول عند انصرافه " أي: خروجه

من الصلاة:" اللهم اغفر لي " إلى آخره. وأخرجه الدارقطني هكذا.

وفي رواية لمسلم عن عبد العزيز بعد قوله: " والخير كله في يديك، والشر

ليس إليك "، وكذا في رواية أحمد في " مسنده "، ولم أجد في غالب

نسخ أبي داود المصححة: " والشر ليس إليك ".

واعلم أن مذهب أهل الحق من المحدثين والفقهاء والمتكلمين من

الصحابة والتابعين ومَن بعدهم من علماء المسلمين: أن جميع الكائنات

خيرها وشرها، نفعها وضرها كلها من الله سبحانه وتعالى، وبإرادته [1/254-ب]

وتقديره، وإذا ثبت هذا فلابد من تأويل هذه اللفظة /، فذكر العلماء فيه أجوبة، أحدها: وهو الأشهر قاله النضر بن شميل والأئمة بعده

معناه: والشر لا يتقرب به إليك. والثاني: لا يصعد إليك إنما يصعد

الكلم الطيب. والثالث: لا يضاف إليك أدبا فلا يقال: نا خالق الشر،

وإن كان خالقه، كما لا يقال: يا خالق الخنازير وإن كان خالقها.

والرابع: ليس شرا بالنسبة إلى حكمتك، فإنك لا تخلق شيئاً عبثا.

740-

ص- نا عمرو بن عثمان، نا شريح بن يزيد قال: حدثني شعيب

ابن أبي حمزة: فقال لي ابن المنكدر وابن أبي فروة وغيرهما من فقهاء أهل

المدينة: فإذا قُلتَ أنتَ ذاكَ فقل: وأنا من المسلمينَ- يعني: قوله: " وأنا

أولُ المسلمينَ " (1) .

ش- عمرو بن عثمان القرشي الحمصي، وشريح بن يزيد الحضرمي

أبو حيوة الحمصي، وابن المنكدر هو محمد بن المنكدر القرشي التيمي.

وابن أبي فروة إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، أبو سليمان المدني

الأموي، مولى عثمان بن عفان أخو عبد الحكيم، وعبد الأعلى،

(1) تفرد به أبو داود.

ص: 368

ومحمد. أدرك معاوية. روى عن: ابن المنكدر، ونافع مولى ابن عمر، الزهري، وغيرهم روى عنه: الليث بن سعد، وعبد السلام بن حرب وشعيب بن أبي حمزة، وغيرهم. قال الترمذي: تركه بعض أهل العلم منهم: أحمد بن حنبل. قال أبو حاتم والنسائي متروك متروك. وقال أبو زراعة ذاهب الحديث. وقال ابن معين: ليس بشيء، لا يكتب حديثه. مات بالمدينة سنة أربعة وأربعين ومائة. وروى له: الترمذي، وابن ماجة

741-

ص -نا موسى ابن إسماعيل نا حماد عن قتادة وثابت وحميد، عن أنس ابن مالك، أن رجلا جاء إلى الصلاة وقد حفزه النفس فقال: الله أكبر، والحمد لله (1) كثيرا طيبا مباركا فيه، ف" قضى رسول الله صلاته قال:" أيكم المتكلم بالك"ت، فإنه لم بقل بأسا؟ "، فقال: أنا يا رسول الله جئت وقد حفزني النفس فقالتها. قال: " لقد رأيت اثنى عشر ملكا يبتدرونها أيهم يرفعها "

ش - حماد بن سلمة وقتادة بن دعامة وثابت البناني وحميد الطويل

قوله: " وقد حفزه " جملة وقعت حالا من الضمير الذي في " جاء " وهو بالحاء المهملة المفتوحة والفاء، والزاي، أي: جهده النفس من شدة السعي إلى الصلاة، وأصل الحفز الدفع: الدفع العنيف.

قوله: " كثيرا " نصب على انه صفة لمصدر محذوف، أي: حمداً كثيراً، وكذلك انتصاب " طيبا مباركا فيه "، ومعنى طيبا خالصا صالحا أو نظيفا من الرياء.

ــ

(1)

في سنن أبي داود: " الحمد لله حمدا

"

(2)

مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب: ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة (600)، والنسائي: كتاب الافتتاح، باب: نوع آخر من الذكر بين افتتاح وبين القراءة (2/ 131)

42 هـ شرح سنن أبي داوود 3

ص: 369

قوله: " يبتدرونها " من الابتدار وهو الاستباق، ومعناه: يستبقونها أيهم يرفعها ويكتبها في ديوانه، أو يرفع إلى الله سبحانه وتعالى، ووجه تخصيص العدد في الملائكة بالمقدار المذكور مفوض إلى علم الله تعالى وعلم رسوله وقد وقع في خاطري هاهنا من الأنوار الإلهية في تعيين العدد " اثني عشر " أن كلمات " الحمد لله كثيرا طيبا مباركا فيه " ست كلمات فبعث الله لكل كلمة منها ملكين تعظيما لشأنها وتكثيرا لثواب قائلها وإنما لم نعتبر كلمتي " الله أكبر " لأن هذا المعني الذي في زاده الرجل من عنده وهو لم يزد إلا هذه الكلمات الست، وكان يمكن أن يقال: إن حروف هذه الكلمات جميعها بإسقاط المكرر منها اثني عشر حرفا إذا جعلنا " كبيرا " بالباء الموحدة، فأنزل الله لكل حرف من حروفها ملكها ولكن الرواية بالثناء المثلثة.

والحديث: أخرجه مسلم، والنسائي، وقد مر أن مثل هذا كان في أول الأمر. ويستفاد من هذا الحديث فوائد، الأولى: أن الرجل إذا قال هذا في صلاته عند الشروع لا باس عليه

والثانية: أن الحسنات تضاعف بأمثالها.

الثالثة: أن هذا يدل على كثرة الملائكة، وأنه لا يجوز أن يكون هؤلاء الملائكة من الكرام الكاتبين، لأنه ورد أن مع كل مؤمن ملكان، وقيل: ستون وقيل مائة وستون ويحتمل أن يكون من غيرهم

الرابعة: أن الملائكة يرون كما يرى يرى بنو آدم، لأنه عليه السلام قال:" لقد رأيت "، ولكنه مخصوصة بالنبي عليه السلام حيث رآهم رسول الله ولم يرهم غيره كما في قضية بدر.

[1/ 255 - أ] / الخامسة: فيه دليل أن الكلام في الصلاة حرام، حيث سأل رسول الله عليه السلام عن هذا المتكلم بعد انصرافه من الصلاة، ولم يسأل وهو في الصلاة.

ص: 370

ص - وزاد حميد فيه:" وإذا جاء أحدكم فليمش نحو ما كان يمشي، فليصل ما أدرك (1) ، وليقض ما سبقه.

ش - أي زاد: حميد الطويل في الحديث في روايته، والراد: أن يأتي الصلاة بسكينة ووقار، ولا يأتها سعيا كما جاء:" إذا أقمت الصلاة فلا تأتوها تسعون، وأتوها تمشون عليكم السكينة، ف" أدركتم فصلوها وما فاتكم فاقضوا " وقد مر هذا في بابه

742 -

ص - نا عمرو بن مرزوق، أنا شعبة، عن عمرو بن مرة عن عاصم العنزي، عن ابن جبير بن مطعم عن أبيه أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الصلاة - قال عمرو: لا أدري أي صلاة هي - قال (3) : الله أكبر كبيرا، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، والحمد لله كثيرا، والحمد لله كثيرا، والحمد لله كثيرا (4) ، سبحان الله بكرة وأصيلا ثلاثا أعوذ بالله من الشيطان من نفخه ونفثه وهمزه " (5)

ش- عاصم بن عمير العنزي. روى عن.انس بن مالك ونافع بن جبير بن مطعم. وروى عنه: عمرو بن مرة، ومحمد بن أبي إسماعيل، وشعبة. وروى له: الترمذي، وأبو داود، وابن ماجة.

ابن جبير هو نافع ابن جبير.

قوله: " قال عمرو " أي: عمرو بن مرزوق: " لا أدري أي صلاة هي " فرضا أو نفلا وهو معترض بين قوله: " صلاة " وبين قوله " الله أكبر كبيرا " يعني: كان يقول بعد الشروع قبل القراءة، وانتصاب " كبيرا " بالباء الموحدة بإضمار فعل كأنه قال: أكبر كبيرا، وقيل: منصوب على

ــ

(1)

في سنن أبي داود: " ما أدركه "

(2)

انظر الحديث السابق.

(3)

في سنن أبي داود " فقال "

(4)

في سنن أبي داود ذكر قوله: " والحمد لله كثيرا "

(5)

ابن ماجة: كتاب إقامة الصلاة، باب: الاستعاذة في الصلاة (807، 808)

ص: 371

القطع من اسم الله تعالى، وانتصاب " كثيرا " بالثناء المثلثة على أنه صفة لمصدر محذوف، وأي: حمدا كثيرا

قوله: " سبحان الله " أي: أسبح الله تسبيحا، وانتصاب " بكرة " أي: غدوة، و " أصيلا " أي: عشيا على الظرفية،والعامل فيهما " سبحان " وخص هذين الوقتين لاجتماع ملائكة الليل والنهار فيهما.

قوله: " ثلاثا " من الراوي، أي: قالها ثلاث مرات.

قوله: " أعوذ بالله " أي: ألتجئ به من شر الشيطان.

قوله: " من نفخه " بدل اشتمال من الشيطان.

ص - قال: نفثه: الشعر، ونفخه: الكبر، وهمزه: الموتة

ش- أي نفث الشيطان الشعر،إنما سمي النفث شعرا لأنه كالشيء ينفثه الإنسان من فيه كالرقية، قيل: إن كان هذا التفسير من متن الحديث فلا معدل عنه، وإن من قول بعض الرواة فلعله يراد منه السحر، فإنه أشبه " شهد له التنزيل قال الله تعالى {ومن شر النفاثات في العقد} (1)

قوله: " ونفخه " بالخاء المعجمة: الكبر، ونفخه كناية عما يسوله للإنسان من الاستكبار والخيلاء فيتعاظم في نفسه كالذي نفخ فيه ولهذا قال عليه السلام للذي رآه قد استطار غضبا " نفخ فيه الشيطان ".

قوله: " وهمزه الموتة " بضم الميم، وسكون الواو، وفتح التاء المثناة من فوق: وهي الجنون، وسماه همزا لأنه جعل من النخس والغمز، ومعدل عنه وإلا فالأشبه أن همزه ما يوسوس به قال الله تعالى:{وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين} (2) ، وهمزاته خطراته التي يخطرها بقلب الإنسان، وهي جمع المرة من الهمز.

ــ

(1)

سورة الفلق: (4)

(2)

سورة المؤمنين: (97)

ص: 372

734 -

ص - نا مسدد، نا يحيى، عن مسعر، عن عمرو بن مرة عن رجل عن ابن جبير، عن أبيه قال: سمعت النبي عليه السلام يقول في التطوع ذكر نحوه

ش يحيى القطان، ومسعر بن كدام

قوله: " نحوه " أي: نحو الحديث المذكور، ولكنه عين في هذه الرواية أن هذه كان في صلاة التطوع دون الفرض والرواية الأخرى محمولة على هذا المعنى، وهذه الرواية أخرجها ابن ماجة، وفيها رجل مجهول

744 -

ص - نا محمد بن رافع نا زيد بن حباب قال: أخبرني معاوية ابن صالح قال: أخبرني أزهر بن سعيد الحرازي، عن عاصم بن حميد قال: سألت عائشة: بأي شيء كان يفتتح رسول الله قيام الليل؟ فقالت: لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك، كان إذا قام كبر عشرا وحمد الله عشرا، وسبح عشراً وهلل عشراً واستغفر عشراً، وقال: اللهم اغفر لي واهدني وارزقني وعافني، ويتعوذ / من ضيق (2) المقام يوم القيامة " (3)[1/ 255- ب]

ش- أزهر بن سعيد الحرازي - بفتح الحاء المهملة والراء المخففة، وكسر الزاي -: نسبة إلى حراز بن عوف بن عدي بن مالك الحميري. سمع: أبا أمامة الباهلي، وعاصم بن حميد السكوني. روى عنه: معاوية بن صالح. قال ابن سعد: كان قليل الحديث، مات سنة تسع وعشرين ومائة. وروى له: أبو داود، والنسائي، وابن ماجة.

قوله: " قيام الليل " أي: صلاة الليل، أطلق القيام عليها من باب إطلاق الجزء على الكل.

ــ

(1)

انظر التخريج المتقدم.

(2)

قوله: " من ضيق " مكررة في الأصل.

(3)

النسائي: كتاب قيام الليل، باب: ذكر ما يستفتح به القيام (2/ 208)، ابن ماجة: كتاب إقامة الصلاة، باب: ما جاء في الدعاء إذا قام الرجل من الليل (1356)

ص: 373

قوله: " عشراً " أي: عشر مرات سأل فيه الغفران لذنوبه، والهداية في طريقه، والرزق في معاشه، والعافية في بدنه، ثم تعوذ من ضيق المقام يوم القيامة، وهذا كله تعليم وإرشاد للأمة، والحديث أخرجه النسائي، وابن ماجه.

ص- قال أبو داود: رواه خالد بن معدان عن ربيعة الجُرَشي عن عائشةَ نحوه.

ش- أي: روى هذا الحديث خالد بن معدان الحمصي، عن ربيعة بن عمر، ويقال: ابن الغاز القرشي الشامي، ويقال: إن له صحبة. روى عن: أبي هريرة، وعائشة. روى عنه: ابنه الغاز، وبشير بن كعب، ويحيي بن ميمون، وغيرهم. وكان يقضي في زمن معاوية. وروى عن النبي حديثاً وقال الدارقطني: في صحبته نظر. روى له: أبو داود، والترمذي، والنسائي.

745-

ص- نا ابن المثنى، نا عمر بن يونس، نا عكرمة قال: حدثني يحيى بن أبي كثير قال: حدَّثني أبو سلمي بن عبد الرحمن بن عوف قال: سألتُ عائشةَ بأيِّ شيء كان نَبي الله- عليه السلام يَفتتحُ صَلاتَهُ إذا قامَ من الليلِ؟ قالت (1) : كانت إذا قَامَ من الليلِ كان (2) يَفتتحُ صَلاته: اللَّهُمَّ رَب جبريلَ ووميكائيل ووإسرافيل، فَاطِرَ السمَوَات وَالأرْضِ، عَالمَ الغَيب وَالشهادة، أنتَ تحكُم بينه عبادٍكَ فيما كانوا فيه يَخَتلفُونَ، اهدنِي " اختلَفُواَ فيه من الَحقّ بإِذنِكَ، إنك (3) تهْدِي من تَشَاءُ إلى صَراطِ مُستقيمِ "(4) .

ــ

(1)

في الأصل:" قال".

(2)

كلمة " كان " غير موجودة في سنن أبي داود.

(3)

في سنن أبي داود: " إنك أنت ".

(4)

مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب: الدعاء في صلاة الليل وقيامه (770)، الترمذي: كتاب الدعوات، باب: ما جاء في الدعاء عند افتتاح الصلاة بالليل (3420)، النسائي: كتاب قيام الليل، باب: بأي شيء يستفتح صلاة الليل (2 / 212)، ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: ما

جاء في الدعاء إذا قام الرجل من الليل (1357) .

ص: 374

ش- عمر بن يونس بن القاسم الحنفي اليمامي، أبو حفص. سمع: أباه، وعكرمة بن عمار. روى عنه: إسحاق بن وهب، وزهير بن حرب، ومحمد بن المثنى، وغيرهم.

قوله: " رب جبريل " رب " منصوب على النداء، وحرف النداء محذوف، والتقدير: يا رب جبريل، إنما خص هؤلاء الملائكة بالذكر من بين سائر المخلوقات كما جاء في القرآن والسُّنَة من نظائره من الإضافة إلى كل عظيم المرتبة، وكبير الشأن، دون ما يستحقر ويستصغر، فيقال له: رب السموات والأرض، ورب الملائكة والروح، ورب المشرقين، ورب المغربين ورب الناس، ورب كل شيء. وكل ذلك وشبهه وصف له سبحانه وتعالى بدلائل العظمة وعظم القدرة والملك، ولم يستعمل ذلك فيما يحتقر ويستصغر، فلا يقال: رب الحشرات، خالق القردة والخنازير، وشبه ذلك على الانفراد، وأنما يقال: خالق المخلوقات، وخالق كل شيء، فيدخل فيه كل ما قل وجل، وصغر وكبر، ومعنى جبريل: عبد الله، لأن "جبر" معرب "كبر "، وهو العبد و" إيل" هو الله، وهو ملك متوسط بين الله ورسوله، وهو أمين الوحي، وكذلك ميكائيل معناه: عبد الله. وقيل: إنما خص هؤلاء الملائكة تشريفا لهم، إذ بهم تنتظم أمور العباد، أما جبريل فإنه- عليه السلام كان هو الذي أنزل الكتب السماوية على أنبياء الله- عليهم السلام، وعلمهم الشرائع وأحكام الدين. وأما ميكائيل فإنه- عليه السلام موكل على جمع القطر والنبات وأرزاق بني آدم، وغيرهم. وأما إسرافيل فإنه- عليه السلام على اللوح المحفوظ، الذي فيه ما كان وما يكون إلى يوم القيامة، وهو صاحب الصور الذي ينفخ فيه.

قوله: " فاطر السموات" أي: خالقها.

قوله: " عالم الغيب والشهادة " أي: ما غاب عن العباد وما شاهدوه.

- قوله: " اهدني " بكسر الهمزة معناه: ثبتني على الحق، كقوله تعالى:

(اهْدنَا الصرَاطَ المُسْتَقِيمَ) .

ص: 375

قوله: " من الحق" بيان " في قوله: "" اختلف ".

قوله: " بإذنك" أي: بتيسيرك وفضلك.

قوله: " إلى صراط مستقيم " أي: طريق الحق والصواب. والحديث أخرجه مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.

746-

ص- نا محمد بن رِافع أنا أبو نوح قراد، نا عكرمة بإسناده بلا [1/256-أ] إخبار، / ومعناه: قال: " إذا قَام كبر وبقولُ "(1) .

ش- أبو نوح قراد اسمه: عبد الرحمن بن غزوان المعروف بقراد

أبو نوح، مولى عبد الله بن مالك الخزاعي، سكن بغداد. سمع: الليث بن سعد، وشعبة، وعكرمة بن عمار، وغيرهم. روى عنه: أحمد بن حنبل، وأبو خيثمة، وحجاج بن الشاعر، وغيرهم. قال ابن معين: ليس به بأس صالح. وقال ابن سعد: كان ثقة. مات سنة سبع ومائتين. روى له: البخاري، وأبو دا ود، والترمذي، والنسائي.

قوله: " ومعناه "عطف على قوله: " بإسناده " أي: قال قراد: حدثنا عكرمة بن عمار بهذا الحديث بإسناده بلا إخبار، وفي بعض النسخ:" بالإخبار ومعناه" قال: إذا قام، أي: رسول الله من الليل كبّر ويقول: " اللهم رب جبريل

" إلى آخره.

747-

ص- نا القعنبي قال مالك: لا بأس بالدعاء في الصلاة في أوله، وفي (2) أوسطِه، وفي آخره في الفريضَةِ وغيرِها (3) .

ش- حدَث عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك بن أنس أنه قال: لا بأس بأن يدعو هذه الأدعية في الصلوات كلها، سواء كان في أولها، أو في أوسطها، أو في آخرها. وكذا رُوي عن الشافعي، وقال البغوي: وبأي دعاء من هذه الأدعية استفتح حصل سُنَن الاستفتاح، وقال أصحابنا:

(1) انظر الحديث السابق.

(2)

كلمة " في" غير موجودة في سنن أبي داود.

(3)

تفرد به أبو داود.

ص: 376

لا يستفتح إلا بقوله: " سبحانك اللَهُمَّ" إلى آخره. " نذكره إن شاء الله تعالى عن قريب. وأما هذه الأدعية فإن (1) أراد يدعو بها في آخره صلاته بعد الفراغ من التشهد في الفرض، وأما باب النفل فواسع، وكل ما جاء في هذه الأدعية فمحمول على صلاة الليل.

748-

ص- نا القعنبي، عن مالك، عن نعيم بن عبد الله المجمر، عن علي بن يحيى الشرقي، عن أبيه، عن رفاعة بن رافع الشرقي قال: كنا يوماً نُصَلي وراءَ رسول الله، ف" رفع رسولُ الله من الركوع (2) قال:" سَمِعَ اللهُ لمن حَمدَهُ ". قالَ رجل وراءَ رسولِ الله: ربنا (3) ولكَ الحمدُ حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ف" انصرفَ رسولُ الله قال:" مَنِ المتكلمُ بها (4) ؟ " قال (5) الرجلُ: أنا يا رسولَ الله، فقالَ رسولُ الله:" لقدْ رأيتُ بضعا وثلاثينَ ملكا يَبتَدِرُونَها، أيُّهُم يكتُبُهَا أولُ "(6) .

ش- نعيم بن عبد الله أبو عبد الله المجمر العدوي المدني، مولى

آل عمر بن الخطاب، سُمي المجمر لأنه كان يجمر المسجد. سمع: أبا هريرة، وابن عمر، وأنس بن مالك، وعلي بن يحيى، وسالماً مولى شداد، وغيرهم. روى عنه: مالك بن أنس، وعمارة بن غزير، وابن عجلان، وغيرهم. روى له الجماعة.

وعلي بن يحيى بن خلاد بن رافع بن مالك بن العجلان الشرقي الأنصاري المدني. روى عن: أبيه. روى عنه: شريك بن عبد الله بن

(1) كذا، ولعلها:" فإنه"

(2)

في سنن أبي داود: "رأسه من الركوع".

(3)

في سنن أبي داود: " اللهم ربنا".

(4)

في سنن أبي داود: "بها آنفاً".

(5)

في سنن أبي داود: " فقال ".

(6)

البخاري: كتاب الأذان، باب: حدثنا معاذ بن فضالة (799)، النسائي: كتاب التطبيق، باب: ما يقول ا"موم (2 / 196) .

ص: 377

أبي نمر، وبكير بن عبد الله بن الأشج، وابنه يحيى بن علي، ونعيم بن عبد الله المجمر، وغيرهم. قال ابن معين: ثقة. روى له: البخاري، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.

ويحيى بن خلاد الزرقي الأنصاري المدني، قيل: إنه ولد في عهد النبي- عليه السلام فحنَّكه وسماه يحيى. روى عن: عمر بن الخطاب وعمه رفاعة بن رافع. روى عنه: ابنه علي بن يحيى. توفي سنة تسع وعشرين ومائة. روى له الجماعة إلا مس"

ورفاعة بن رافع بن مالك بن العجلان الشرقي أبو معاذ، شهد بدرا هو وأبوه، وكان أبوه نقيباً رُوي له عن رسول الله أربعة وعشرون حديثاً روى له البخاري ثلاثة أحاديث. روى عنه: ابنه معاذ، ويحيى بن خلاد الزرقي، وعبد الله بن الشداد بن الهاد، مات في أول خلافة معاوية. روى له الجماعة إلا مس"

قوله: " ف" رفع رسول الله " أي: رأسه من الركوع.

قوله: " بضعة وثلاثين " البضعة- بكسر الباء- في العدد- وقد يفتح-

ما بين الثلاث إلى التسع، َ وقيل: ما بين الواحد إلى العشرة. وقال الجوهري: تقول: بضع سنين، وبضعة عشر رجلاً، وبضع عشرة امرأة، وإذا جاوزت لفظ العشر ذهب البضع، لا نقول: بضع وعشرون. انتهى. وهذا الحديث الصحيح يدفع ما قاله، فإن قيل: ما الحكمة في تخصيص هذا العدد بهذا المقدار؟ قلت: قد استُفتح علي هاهنا أيضاً من الفيض الإلهي، أن حروف هذه الكلمات أربعة وثلاثون حرفاً وبالمكرر ستة وثلاثون حرفاً فأنزل الله بعدد حروف هذه الكلمات ملائكة. وقد

[1/256-ب] عرفت أن / البضعة ما بين الواحد إلى العشرة، فتكون الملائكة أيضاً ما بين الثلاثة والأربعة عدد حروف هذه الكلمات، لأن عددها ما بين الثلاثة والأربعة، وذلك تعظيما لهذه الكلمات، حيث أنزل في مقابلة كل حرف منها ملك من الملائكة.

قوله: " أول " بالضم من الظروف كما تقول: أبدأ بهذا الفعل أول كل

ص: 378

شيء، ثم تحذف المضاف إليه، ويبنى " أول" على الضم. وفيه من الفوائد ما ذكرناه في حديث حميد، عن أنس عن قريب. وفيه: أن وظيفة الإمام التسميع، ووظيفة المقتدي التحميد، حيث استحسن رسول الله فعل الرجل، وأخبر بثوابه. والحديث: أخرجه البخاري، ومسلم.

749-

ص- نا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن أبي الزبير، عن طاوس، عن ابن عباس، أن رسولَ الله كان إذا قامَ إلى الصلاة من جوف الليلِ يقولُ: اللهمَ لكَ الحمدُ، أنتَ نُور السمواتِ والأرضِ، وَلك الحمدُ، أنتَ قَيامُ السموات والأرض، ولك الحمدُ، أنتَ رافع السموات والأرض ومَن فيهن، أنتَ الحق، وقَولكَ الحق، وَوَعْدُكَ الحق، ولقاؤُكَ حق، والجنة حق والنارُ حَق، والسَاعَةُ حَق، اللهم لكَ أسلمتُ، وبَكَ آمَنتُ، وعليكَ تَوكلتُ، وإليكَ أنبتُ، وبكَ خَاصَمْتُ، وإليكَ حَاكَمْتُ، فاكفر لي ما قدمتُ وأخرتُ، وأسررتُ وأعلنتُ، أنتَ إِلهِي، لا إله إلا أنتَ " (1) .

ش- أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس، وطاوس بن كيسان اليماني. قوله:" أنت نور السموات " معناه: أن كل شيء استنار فيها واستضاء وتقدر بك، والأجرام النيرة بدائع فطرتك، والحواس والعقل خلقك وعطيتك، وأضاف النور إلى السموات والأرض للدلالة علي سعة إشراقه، وفشل إضاعته، وعلى هذا فسر قوله تعالى:(اللهُ نُورُ السمَوَات وَالأرْضِ)(2) ، وقد فسر كثير من العلماء النور في أسمائه تعالى بمعنىَ المنور، وجدوا في الهرب عن إطلاق هذا الاسم على الله إلا من هذا الوجه، وقالوا: إن النور يضاده الظلمة ويعاقبه، فتعالى الله أن يكون له ضد ونِد، وقال بعضهم: معنى النور الهادي.

(1) البخاري: كتاب التهجد، باب: التهجد بالليل (1120)، مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب: الدعاء في صلاة الليل وقيامه (769)، النسائي: كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب: ذكر ما يستفتح به القيام (3 /209)، ابن ماجه: كتاب أقامة الصلاة والسنة فيها، باب: ما جاء في

الدعاء إذا قام الرجل من الليل (1355) .

(2)

سورة النور: (35) .

ص: 379

قلت: قد ثبت أن الله تعالى سمى نفسه النور بالكتاب والسُّنَة، وقد

ورد في الكتاب على صفة الإضافة، وفي الحديث الصحيح الذي رواه أبو ذر من غير إضافة، وذلك قوله:" نور أنى أراه " حين سأله أبو ذر: "هل رأيت ربك؟ "، وقد أحصى أهل الإسلام النور في جملة الأسماء الحسنى، وقد عرفنا في أصول الدين أن حقيقة ذلك ومعناه يختص بالله سبحانه، ولا يجوز أن يفسر بالمعاني المشتركة، وصح لنا إطلاقه على الله بالتوقيف، ونقول في بيان ما أشير إليه: إن الله سبحانه سمى القمر نوراً وسمى النبي- عليه السلام نورا وهما مخلوقان، وبينهما مباينة ظاهرة في المعنى، فتسمية القمر نورا للضوء المنتشر منه في الأبصار، وتسمية النبي- عليه السلام به للدلالات الواضحة التي لاحت منه للبصائر، وسمى القرآن لمعانيه التي تخرج الناس من ظلمات الكفر والجهالة، وسمى نفسه نورا " اختص به من إشراق الجلال وسبحات العظمة، التي تضمحل الأنوار دونها، وهذا الاسم على هذا المعنى لا استحقاق فيه لغيره بل هو المستحق له المدعو به، (وللهِ الأسْمَاءُ الحُسْنَى فَادْعُوه ُبِهَا) (1) . قوله: " قيام السموات "، وفي رواية:" قيم السموات" قالت العلماء: من صفاته القيَام والقيم كما صرح به الحديث، والقيوم بنص القرآن وقائم، ومنه قوله تعالى: (أفَمَنْ هُوَ قَائم عَلَى كُلِّ نَفْس بمَا كَسَبَتْ) (2) . قال الهروي: ويقال: قوام. قالَ ابن عباس، القيَوم الذي لا يزول. وقال غيره: هو القائم على كل شيء ومعناه: مدبر أمر خلقه. وقال الجوهري: القيوم اسم من أسماء الله. وقرأ عُمر: الحي القيام، وهو لغة، وفي" المطالع ": أنت قيام السموات والأرض، كذا للجماعة وهو القائم بأمرهما. وعند أبي عتاب: قيام. والقَيام والقَيوم والقوام والقيم والقائم سواء.

[1/257-أ] قوله: " أنت رب السموات والأرض " أي: أنت مالك / السموات والأرض ومن فيهن، وقد مر الكلام في معنى" الرب ".

(1) سورة الأعراف: (180) .

(2)

سورة الرعد: (33) .

ص: 380

قوله: " أنت الحق " الحق: اسم من أسماء الله تعالى، ومعناه: الوجود حقيقة، المتحقق وجوده وإلاهيته.

قوله: " وقولك الحق " أي: غير كذب، بل هو صدق حقا وجزمت. قوله:" ووعدك الحق " أي: الثابت غير الباطل، قال الله تعالى:(إِن اللهَ لا يُخْلِفُ المِيعَادَ)(1) .

قوله: " ولقاؤك حق " أي: واقع كائن لا محالة، والمراد من لقاء الله تعالى: المصير إلى الدار الآخرة، وقيل: المراد به الموت. وقال الشيخ محيى الدين: " وهذا القول باطل في هذا الموضع، إنما نبهت علي لئلا يغتر به، والصواب البعث، فهو الذي يقتضيه سياق الكلام وما بعده، وهو الذي يرد به على الملحد، لا بالموت. قلت: يمكن أن يفسر اللقاء بالموت، ويرد على الملحد بقوله: " والساعة حق ".

قوله: " والجنة حق " أي: موجود معد للمؤمنين.

قوله: " والنار حق " أي: موجود معد للكافرين.

قوله: " والساعة حق " أي: واقع كائن لا محالة، والمراد من الساعة يوم القيامة.

قوله: " اللَّهمَّ لك أسلمت " أي: انقدت، وأطعت.

قوله: " وبك آمنت " أي: صدقت بك، وبكل ما أخبرت، وأمرت، ونهيت. قال الشيخ محيى الدين:" فيه الإشارة إلى الفرق بين الإيمان، وا لا سلام ".

قلت: المراد من الإسلام والإيمان هاهنا: معناهما اللغوي، لا الشرعي، ولا نزاع لأحد أن بينهما فرقا من حيث اللغة، ولكن الخلاف هل بينهما فرق من حيث اَلشرع أم لا؟ وقد ذكرناه.

قوله: " وعليك توكلت " أي: فوضت أمري إليك في كل شيءِ.

(1) سو رة آل عمران: (9) .

ص: 381

قوله: " واليك أنبت" أي: أقبلت بهمتي وطاعتي، وأعرضت عضا سواك.

قوله: " وبك خاصمت " أي: بك أحتج وأدافع وأقاتل من عاند فيك وكفر بك، وقمعته بالحجة والسيف.

قوله: " واليك حاكمت " أي: رفعت محاكمتي إليك في كل من جحد الحق، وجعلتك الحكم بيني وبينه لا غيرك، مما كانت تحاكم إليه الجاهلية وغيرهم من صنم ونارٍ وكاهنٍ وشيطان وغيرها، فلا الرضى إلا بحكمك، ولا أعتمد على غيره.

قوله: " فاغفر لي ما قدمت " أي: من الذنوب، " وما أخرت" أي:

من الأعمال، " وما أسررت " أخفيت من الأعمال، " وما أعلنتُ " بها أي: جهرت بها، وقد مَر قبلُ هذا عن قريب، والحديث: أخرجه مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وأخرجه البخاري، ومسلم من رواية سليمان الأحول، عن طاوس.

750-

ص- نا أبو كامل، نا خالد- يعني: ابن الحارث- نا عمران بن مسلم، أن قيس بن سعد، حَدَّثه قال: لا طاوس، عن ابن عباس:" أن رسول الله- عليه السلام كان في التهجد يقول بعد ما يقول الله أكبر"، ثم ذكر معناه (1) .

ش- أبو كامل الجحدري، وخالد بن الحارث البصري.

وعمران بن مسلم: أبو بكر القصير المقرئ البصري. سمع: أبا رجاء العطاردي، والحسن البصري، وابن سيرين، وأنس بن سيرين، وقيْس ابن سعد. روى عنه: الثوري، ويحيى القطان، ومهْدي بن ميمون، وغيرهم. قال أحمد، وابن معين. ثقة. وقال يحيى بن سعيد: كان مستقيم الحديث. روى له: البخاريّ، ومسلم، وأبو داود (2) .

(1) انظر التخريج المتقدم.

(2)

انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (22 / 4502) .

ص: 382

وقيس بن سعد أبو عبد الملك المكي، مولى نافع بن علقمة. روى عن: عطاء بن أبي رباح، وطاوس بن كيسان، ومجاهد بن جبر، وعمرو بن دينار. روى عنه: هشام بن حسَان، والحمادان، وغيرهم. قال أحمد، وأبو زرعة: ثقة. وقال ابن معين: ليس به بأس. مات سنة تسع عشرة ومائة. روى له: مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه (1) .

قوله: " في التهجد " والتهجد: صلاة الليل، وهجد يهجد، أي:

نام (2) ليلاً، وهجد وتهجد، أي: سهر، وهو من الأضداد.

قوله: " ثم ذكر معناه " أي: معنى الحديث.

751-

ص- نا عتيبة بن سعيد، وسعيد بن عبد الجبار نحوه.

ش- أي: نحو ما روى سعيد بن عبد الجبار.

ص- قال قتيبة: نا رفاعة بن يحيى بن عبد الله بن رفاعة بن رافع، عن عم أبيه معاذ بن رفاعة بن رافع (3)، عن أبيه قال:" صليتُ خلفَ رسول الله، فعَطَسَ رفاعةُ " لم يقل قتيبة:" رفاعة "، فقلت: الحمدُ لله حمداً كثيراً طَيبا، مباركا عليه (4) ، كما يُحبُّ ربنا ويرضَى، ف" صَلَّى رسولُ الله انصرفَ، فقالَ: مَنِ المتكلمُ في الصَلاةِ؟ "، ثم ذكر نحو حديث مالك، وأَتم منه (5) . ش- رفاعة بن يحيى بن عبد الله بن رفاعة بن رافع بن مالك بن العجلان بن عمرو بن عامر (6) بن زُريق بن عبد حارثه بن غصب بن

(1) المصدر السابق (24 / 4907) .

(2)

مكررة في الأصل.

(3)

في الأصل: " عن معاذ بن رفاعة بن رافع، عن عم أبيه معاذ بن رفاعة بن رافع " كذا بالتكرار.

(4)

في سنن أبي داود:" فيه"

(5)

الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في الرجل يعطس في الصلاة (404) النسائي: كتاب الافتتاح، باب: قول ا"موم إذا عطس خلف الإمام (2 / 145) .

(6)

في الأصل: " عاصم " خطأ.

ص: 383

[1/257-ب] جشم بن الخزرج / الأنصاري الشرقي، إمام مسجد بني زريق. روى عن: عم أبيه معاذ بن رفاعة. روى عنه: عتيبة بن سعيد، وسعيد ابن عبد الجبار. روى عنه: أبو داود، والترمذي، والنسائي (1) .

ومعاذ بن رفاعة بن رافع بن مالك بن العجلان بن عمرو الشرقي الأنصاري المدني، أبو عبيد. سمع: أباه، وجابر بن عبد الله، وخولة بنت حكيم. روى عنه: يحيى بن سعيد الأنصاري، وعبد الله بن محمد ابن عقيل. روى له: البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي (2) . ورفاعة بن رافع بن مالك بن عجلان الصحابي الشرقي، أبو معاذ،

وقد ذكرناه.

قوله: " ثم ذكر نحو حديث مالك" أي: الحديث الذي رواه القعنبي،

عن مالك بن أنس، الذي سلف الآن، وأخرجه أيضاً الترمذي، والنسائي، وتمامه بعد قوله:" من المتكلم في الصلاة؟ فقال رفاعة بن رافع: أنا يا رسول الله. قال: كيف قلت؟ قال: قلت: الحمد لله حمدا كثيرا طيباً مباركا فيه، مباركا عليه، كما يحب ربنا ويرضى، فقال النبي- عليه السلام: والذي نفسي بيده لقد ابتدروها بضعة وثلاثون ملكاً أيهم يصعد بها". قال: وقيل: الحديث مطلق، ويقال: وكان هذا الحديث في التطوع. وقال صاحب" الهداية": ومن عطس، فقال

له آخر: يرحمك الله وهو في الصلاة فسدت صلاته، لأنه يجري في مخاطبات الناس، فكان من كلامهم بخلاف ما إذا قال العاطس، أو السامع: الحمد لله، على ما قالوا، لأنه لم يتعارف جواباً

قلت: فعلى هذا لا يحتاج أن يحمل حديث قتيبة على التطوع، لأنه

إذا عطس، وقال:" الحمد لله" فقط، أو قال:" الحمد لله حمدا كثيرا " إلى آخره كما في الحديث، ينبغي أن لا تفسد صلاته، سواء كان

(1) انظر ترجمته في، تهذيب الكمال (9/1919) .

(2)

المصدر السابق (28 / 25 0 6) .

ص: 384

في الفرض، أو النفل، لأن مثل هذا لم يتعارف جواباً ورُوي عن أبي حنيفة أنه يحمد الله في نفسه، ولا يحرك لسانه، ولو حرك تفسد صلاته، كذا في " المحيط "، والصحيح ما قاله برهان الدين صاحب " الهداية ". وقال الترمذي:" وكأن هذا الحديث عند بعض أهل العلم أنه في التطوع، لأن غير واحد من التابعين قالوا: إذا عطس الرجل في الصلاة المكتوبة إنما يَحمدُ الله في نفسه، ولم يوسعوا في أكثر من ذلك. وفي والمصنف،: نا إسماعيل ابن علية، عن سعيد بن أبي صدقة، قال: قلت لابن سيرين:" إذا عطست في الصلاة ما أقول؟ قال: قل: الحمد لله رب العالمين.

نا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم:" في الرجل يعطس في الصلاة، قال: يحمد الله في المكتوبة وغيرها ".

752-

ص- نا العباس بن عبد العظيم، نا يزيد بن هارون، أنا شريك، عن عاصم بن عبيد الله، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه، قال:"عَطسَ شاب من الأنصار خلفَ رسول الله- عليه السلام وهو في الصلاة فقال: " الحمدُ لله [حمداً](1) كثيرا طيبا مباركا فيه، حتى يرضى ربنا، وَبعدَ ما يرضَى من أَمرِ الدنيا والآخرة، ع" انصرفَ رسولُ الله عمليه السلام- قال: مَنِ القائلُ الكلمةَ؟ قال: فسكتَ الشاب، ثم قالَ: مَنِ القائلُ الكلمةَ؟ فإنه لم يقلْ بأساً فقال: يا رسولَ الله، [أنا](1) قلتُها، لم أرِدْ بها إلا خيراً، قال: ما تَناهَتْ دونَ عرشِ الرحمنِ جَل ذكره (2) " (3) .

ش- شريك بن عبد الله، وعاصم بن عبيد الله بن عاصم بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي المدني. روى عن: أبيه عبيد الله، وجابر بن عبد الله، وابن عمر، وجماعة آخرين. روى عنه: الثوري، وشعبة،

(1) زيادة من سنن أبي داود.

(2)

في سنن أبي داود: " تبارك وتعالى ".

(3)

تفرد به أبو داود.

*2. شرح سنن أبي، داود 3

ص: 385

وشريك، وابن عجلان، ويحيى القطان، وغيرهم. قال البخاري: هو

منكر الحديث. وقال ابن معين: ضعيف. وقال ابن سعد: كان كثير الحديث، ولا يحتج به. ومات في أول خلافة بني العباس. روى له:

أبو داود، والترمذي، وابن ماجه (1) .

وعبد الله بن عامر بن ربيعة بن عامر بن مالك بن ربيعة. روى عن:

أبيه، وعن: عائشة. روى عنه: يحيى بن سعيد الأنصاري، وعاصم

ابن عبيد الله (2) .

وعامر بن ربيعة بن عامر بن مالك بن ربيعة العنزي، أسلم قبل عمر

ابن الخطاب، وهاجر إلى أرض الحبشة، ثم هاجر إلى المدينة، وشهد

بدراً وسائر المشاهد، روي له عن رسول الله اثنان وعشرون حديثاً

اتفقا على حديثين، وقد روى عن أبي بكر، وعمر. روى عنه: ابنه:

عبد الله بن عامر، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعيسى الحكمي. توفي سنة ثلاث وثلاثين. روى له: أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه (3) .

قوله: " من القائل الكلمة " انتصاب " الكلمة " بقوله: " القائل"،

وأطلق الكلمة على الكلام مجارا كما في قوله: (وكَلمَةُ الله هيَ

العُليَا) (4)

قوله: " ما تناهت دون عرش الرحمن " كناية عن قبولها، وكونها عملاً [1/258-أ]، صالحاً. قال تعالى: / (إلَيْه يَصْعَدُ الكلمُ الطيب وَالعَمَلُ الصَالِحُ يَرْفَعه (ْ (5) ، والحديث معلول بعاَصم، وشريك.

(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (13 / 3014) .

(2)

المصدر السابق (15 / 3352) .

(3)

انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (3 / 4) ، وأسد الغابة (3 / 121) ، وا لإصابة (2 / 249) .

(4)

سورة التوبة: (40) .

(5)

سورة فاطر: (10) .

ص: 386