الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن يساره، ويكون الإمامُ وسْطهم، وليس المعنى أن يقوم مساويا معهم في وسطهم، لأن وظيفة الإمام التقدم على القوم.
قوله: " وسدُوا الخلل " أي: الفُرْجة التي تكون في الصفوف. وقال أبو بكر: نا وكيع، عن ابن جريج، عن عطاء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من سد فرجةً في صَفّ رفعه الله بها درجةً، أو بنى له بيتاً في الجنّةِ ". وقال- أيضاً-: نا ابن أبي عدي، عن محمد بن عون قال: سألت محمداً عن الإمام يُصلي بالقوم يقوم في راوية ولا يقوم وسَطاً؟ فقال: لا أعلم به بأساً. فإن قيل: هذا يُخالفُ حديث أبي هريرة. قلت: حديث أبي هريرة محمول على الفضيلة دون الوجوب، حتى إذا قامت الجماعة كلهم عن يمين الإمام أو عن يساره تجوز صلاتهم، ولكن يكونون تاركين للسُنَّة والفضيلة.
***
95- بَابُ: الرَّجُل يُصَلِّي وَحْدهَ خَلفَ الصَّفِّ
أي: هذا باب في بيان حكم الرجل الذي يُصلي وحده خلف الصفّ، وفي بعض النسخ:" باب ما جاء في الرجل " إلى آخره.
663-
ص- ما سليمانُ بن حرب، وحفصُ بن عُمر قالا: نا شعبة، عن عمرو بن مُرة، عن هلال بنِ يَساف، عن عمرو بن راشد، عن وابصة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يُصلي خلف الصف وَحْده فأمرَه أن يُعيدَ. قال سليمان: الصلاةَ (1) .
ش- عمرو بن راشد: الأشجعي أبو راشد الكوفي. روى عن: عمر
(1) الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في الصلاة خلف الصف وحده (230، 231)، ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: صلاة الرجل خلف الصف وحده (1004) .
ابن الخطاب، وعليّ بن أبي طالب، ووابصة. روى عنه: هلال بن
يِسَاف. روى له: أبو داود، والترمذي (1) .
ووابصة- بكسر الباء الموحدة وبالصاد المهملة- ابن معبد بن عتبة بن
الحارث بن مالك الأسدي أبو سالم أو أبو الشعثاء، أو أبو سعيد، قدم
على النبي- عليه السلام في عشرة رهط من بني أسد سنة تسع،
فأسلموا ورجع إلى بلاد قومه، ثم نزل الجزيرة وسكن الرقة، وقدم
دمشق وكانت له بها دار بقنطرة سنان. روى عن النبي- عليه السلام،
وعن: ابن مسعود، وغيره. روى عنه: ابناه: سالم وعمرو، والشعبي،
وعمرو بن راشد، وغيرهم. توفي بالرقة وقبره بها عند منارة مسجد
جامع الرقة. روى له: أبو داود، والترمذي، وابن ماجه (2) .
قوله: " قال سليمان " أي: ابن حرب. وأخذ بظاهر الحديث:
أحمد، وإسحاق، والنخعي، وعن بعض أصحاب أحمد: إذا افتتح
صلاته منفرداً خلف الإمام، فلم يلحق به أحد من القوم حتى رفع رأسه
من الركوع، فإنه لا صلاة له، ومن تلاحق به بعد ذلك فصلاتهم كلهم
فاسدة وإن كانوا مائة أو كثر. وقال أبو حنيفة والشافعي ومالك: صلاة
المنفرد خلف الإمام جائزة، / وتأولوا أمره إياه بالإعادة على الاستحباب [1/ 229 - أ] ، دون الوجوب. وفي حديث أبي بكرة الذي يأتي الآن دلالة على أن صلاة
المنفرد خلف الصف جائزة، لأن جزءاً من الصلاة إذا جاز على حال
الانفراد جاز سائر أجزائها، ويدل- أيضاً - حديث المرأة المصلية خلفه في
حديث أنس منفردةً، وحكم الرجل والمرأة في هذا واحد. وروى الطبراني
في " الأوسط "(3) من حديث يونس بن عُبيد، عن ثابت، عن
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (22 / 4363) .
(2)
انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (3 / 641) ، وأسد الغابة (5 / 427) ، والإصابة (3 / 626) .
(3)
(3 /2711)، وفيه زيادة:" بعدُ " بعد " الناس ".
أنس أنه صلى خلف النبي- عليه السلام وحده ووراءه امرأة حتى جاء الناسُ، وقال: تفرد به: إسماعيل.
وحديث وابصة: أخرجه الترمذي، وابن ماجه، عن حُصين، عن هلال بن يساف قال: أخذ زياد بن أبي الجعد بيدي ونحن بالرقة فقام بي على شيخَ يُقال [له] ، وابصة، فقال زياد: حدثني هذا الشيخ- والشيخ يَسْمع- أن رجلاً صلى، فذكره، وقال: حديِث حسن. قال: واختلف أهل العلم فقال بعضهم: حديث عمرو بن مرة أصحِ، وقال بعضهم: حديث حصين أصح، وهو عندي أصح من حديثِ عمرو، لأنه رُوِيَ من غير وجه عن هلال، عن زياد، عن وابصة. انتهى، وليس في حديث ابن ماجه:" أخبرني هذا الشيخ " فكأن هلالاً، (1) رواه عن وابصة نفسه، وقال ابن حبان: سمع هذا الخبر هلال، عن عمرو، عن وابصة، وسمعه من زياد عن وابصة، فالطريقان جميعاً محفوظان، وليس هذا الخبر مما تفرد به هلال بن يساف، ثم أخرجه عن يزيد بن أبي زياد بن أبي الجعد، عن عم عبيد الله بن أبي الجعد، عن أبيه: زياد بن أبي الجعد، عن وابصة، فذكره. ورواه البزار (2) في " مسنده " بالأسانيد الثلاثة المذكورة، ثم قال: أما حديث عمرو بن راشد: فإن عمرو بن راشد رجل لا نعلم حدث إلا بهذا الحديث، وليس معروفاً بالعدالة، فلا يحتج بحديثه، وأما حديث حُصين: فإن حُصيناً لم يكن بالحافظ، فلا يحتج بحديثه في الحكم، وأما حديث يزيد بن أبي زياد: فلا نعلم أحداً من أهل العلم إلا وهو يضعف أخباره فلا يحتج بحديثه، وقد روُيَ عن شمر بن عطية، عن هلال بن يساف، عن وابصة، وهلال لم يَسمع من وابصة فأمسكنا عن ذكره لإرسالهَ. انتهى.
وقال الشافعي: سمعت بعض أهل العلم بالحديث يذكر أن بعض المحدثين يُدخِل بين هلال ووابصة رجلاً، ومنهم مَن يَرويه عن هلال، عن وابصة سمعه منه.
(1) في الأصل: " هلال ".
(2)
في الأصل: " البزاز " خطأ.
قلتُ: كأنه يُوهنُه بذلك. وقال البيهقي: لم يُخرجاه لما حكاه
الشافعي من الاختلاف في سنده، ولما في حديث علي بن شيباَن من أن
رجاله غير مشهورين. وقال الشافعي في موضع آخر: لو ثبت الحديثُ
لقلتُ به. وقال الحاكم: إنما لم يخرج الشيخان لوابصة في كتابيهما
لفساد الطريق إليه. وقال ابن المُنذر: بينه أحمدُ وإسحاق. وقال أبو عمر:
فيه اضطراب ولا يُثْبتُه جماعة. وقال: الإشبيلي: غيرُ أبي عُمر يَقولُ:
الحديث صحيحْ، لأن حُصَيناً ثقة، وهلالَاً مثله وزياداً كذلك، وقد
أسْندوه والاختلاف فيه لا يضره.
فإن قيل: أخرج ابن ماجه، عن عبد الله بن بدر، عن عبد الرحمن
ابن علي بن شيبان، عن أبيه قال: صلينا وراء النبي- عليه السلام،
فلما قضى الصلاة رأى رجلاً فرداً يصلي خلف الصف، قال: فوقف علي
نبي الله حتى انصرف ثم قال له: " استقبل صلاتك، فإنه لا صلاة لمن
صلى خلف الصف وحده " (1) . قلتُ: رواه ابن حبان في " صحيحه،
والبزار في " مُسْنده " وقال: وعبدُ الله بن بدر ليس بالمعروف، إنما حَدث
عنه ملازمُ بن عمرو، ومحمدُ بن جابر، فأما ملازم: فقد احتُمل حديثُه
وإن لم يُحتج به، وأما محمد بن جابر: فقد سكت الناسُ عن حديثه،
وعلي بن شيبان: لم يحدث عنه إلا ابنه، وابنه هذا صفته، وإنما ترتفع
جهالة المجهول إذا روى عنه ثقتان مشهوران، فأما إذا روى عنه من لا
يحتج بحديثه لم يكن ذلك الحديث حجةً، ولا ارتفعت جهالته. فإن
قلتَ: حديث آخر أخرجه البزار فيه مسنده عن النضر بن عبد الرحمن،
عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي- عليه السلام نحو حديث ابن شيبان /. قلت: قال البزار: ولا نعلم رواه عن عكرمة إلا النضرُ وهو [1/229 - ب] لين الحديث، وقد روى أحاديث لا يتابع عليها وهو عند بعض أهل العلم
ضعيف جداً فلا يحتج بحديثه. انتهى. وسئل أبو عبد الله عن حديث ابن
(1)
ابن ماجه: كتاب أقامة الصلاة، باب: صلاة الرجل خلف الصف وحده (1003) .