الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيه خلاف الشافعي رحمه الله بناء على ما تقدم، ونحن نعتبر معنى التضمن، وذلك في الجواز والفساد
وإذا صلى أمي بقوم يقرءون وبقوم أميين فصلاتهم فاسدة عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وقالا: صلاة الإمام ومن لم يقرأ تامة؛ لأنه معذور أم قوما معذورين وغير معذورين، فصار كما إذا أم العاري عراة ولابسين، وله أن الإمام ترك فرض القراءة مع القدرة عليها فتفسد صلاته، وهذا لأنه لو اقتدى بالقارئ تكون قراءته له
ــ
[البناية]
وهو جنب فقد مضت صلاتهم ثم يغتسل هو ثم ليعد صلاته، فإن صلى بغير وضوء فمثل ذلك» ".
قلت: قال أبو الفرج: لا يصح هذا الحديث؛ لأن في طريقه بقية وهو مدلس، وعيسى بن إبراهيم وهو ضعيف وجرير وهو متروك، والضحاك بن مزاحم ضعفه الأكثرون وهو لم يلق البراء رضي الله عنه.
م: (وفيه خلاف الشافعي بناء على ما تقدم) ش: أي وفي حكم هذه المسألة خلاف الشافعي بناء على ما تقدم عن قريب، وهو أن الاقتداء عنده على سبيل الموافقة لا بناء على صلاة الغير م:(ونحن نعتبر معنى التضمن) ش: في قوله صلى الله عليه وسلم: «الإمام ضامن» م: (وذلك) ش: أي معنى التضمن م: (وفي الجواز والفساد) ش: أي لا في الوجوب والأداء وقد قررناه عن قريب.
[إمامة الأمي]
م: (وإذا صلى أمي بقوم يقرءون وبقوم أميين فصلاتهم فاسدة عند أبي حنيفة) ش: قد قررنا الأمي عند قوله: ولا يصلي القارئ خلف الأمي، مع خلاف الشافعي فيه.
م: (وقالا: صلاة الأمي ومن لم يقرأ تامة) ش: أي قال أبو يوسف ومحمد صلاة الأمي وصلاة من لا يقرأ تامة م: (لأنه معذور) ش: أي؛ لأن الأمي معذور م: (أم قوما معذورين) ش: وهم الأميون م: (وغير معذورين) ش: وهم القارئون م: (فصار) ش: أي فصار حكم هذه المسألة م: (كما إذا أم العاري عراة) ش: جمع عار كقضاة جمع قاض م: (ولابسين) ش: بالنصب عطف على عراة أي وقوما عليهم الثياب، هما قاسا المسألة المذكورة على هذه المسألة، فإن في هذه كان لكل فريق حكم نفسه اعتبار الكل بالبعض، فتصح صلاة العراة فكذلك في تلك المسألة تصح صلاة الأميين. والحاصل أن صلاة من يمثل هذا الإمام تصح، ولا تصح ممن هو أعلى منه.
م: (وله) ش: أي ولأبي حنيفة م: (أن الإمام ترك فرض القراءة مع القدرة عليها) ش: أي على القراءة بتقديم القارئ م: (فتفسد صلاته) ش: أي صلاة الإمام ثم بين وجه ذلك بقوله م: (وهذا) ش: أي ترك الإمام فرض القراءة الذي هو موجب لفساد صلاته م: (لأنه) ش: أي؛ لأن هذا الإمام الأمي م: (لو اقتدى بالقارئ تكون قراءته) ش: أي قراءة القارئ م: (قراءة له) ش: أي لهذا الإمام
بخلاف تلك المسألة وأمثالها؛ لأن الموجود في حق الإمام لا يكون موجودا في حق المقتدي،
ولو كان يصلي الأمي وحده والقارئ وحده جاز
ــ
[البناية]
وذلك بالحديث فلما لم يقدمه لزم ترك القراءة مع القدرة، ففسدت صلاته كما لو كان قارئا فلم يقرأ، فإذا فسدت صلاته فسدت صلاة الكل، وعن الشيخ أبي الحسن الكرخي أنه كان يقول القارئ والأمي يتساويان في فرض التحريمة ويختلفان في القراءة، فإذا اقتدى القارئ صحت تحريمته وقد ألزم الإمام تصحيح صلاة المؤتم فصار ملزوما للقراءة التي تصح صلاة المؤتم بها وقد تركناها فتبطل صلاته.
فإن قلت: كيف يلزم فرض القراءة على الأمي وهو غير قادر؟
قلت: يلزمه بالتزامه وإن لم يلزمه الشرع كنذر القراءة.
فإن قلت: لم لا يلزم القضاء على المقتدي إذا أفسد وقد صح شروعه؟.
قلت: لما شرع في صلاة الأمي أوجبها على نفسه بغير قراءة فلم يلزمه القضاء كنذر صلاة بغير قراءة لا يلزمه إلا في رواية أبي يوسف في ظاهر الرواية، لأنه فصل بين العلم وعدمه، وعن الشيخ أبي عبد الله الجرجاني أن صلاة الأمي إنما تفسد عنده إذا علم أن خلفه قارئا، أما إذا لم يعلم فلا على ما يجيء عن قريب.
م: (بخلاف تلك المسألة) ش: أراد بها مسألة إمامة العاري للعراة واللابسين م: (وأمثالها) ش: أي وبخلاف أمثال تلك المسألة كإمامة الجريح بمثله والصحيح، وإمامة المومئ بمثله والقادر على الأركان وإمامة المستحاضة بمثلها والطاهرة م:(لأن الموجود في حق الإمام) ش: في هذه الصورة وهو الجراحة والإيماء والاستحاضة م: (لا يكون موجودا في حق المقتدي) ش: لأن أصحاب هذه الأعذار لا يكونون قادرين على إزالة هذه بتقديم من لا عذر له، بخلاف مسألة إمامة الأمي لأميين والقارئين.
فإن قلت: هذا على أصل أبي حنيفة لا يستقيم؛ لأنه لا يعتبر قدرة الغير حتى لا يوجب الحج والجمعة على الأعمى، وإن وجد قائدا.
قلت: الفرق أن الأعمى لا يقدر على إتيان الحج والجمعة بدون اختيار القائد، وهاهنا قادر على الاقتداء بالقارئ بدون اختيار، ولأبي حنيفة وجه آخر وهو أن افتتاح الكل قد صح؛ لأنه أوان التكبير والأمي قادر عليه فيصح الاقتداء وصار الأمي متحملا فرض القراءة عن القارئ، فإذا جاء أوان القراءة وهو عاجز عن الوفاء بما تحمل فتفسد صلاته، وبفساد صلاته تفسد صلاة القوم بخلاف سائر الأعذار فإنها قائمة عند الافتتاح فلا يصح اقتداء من عذر به ابتداء.
م: (ولو كان يصلي الأمي وحده والقارئ وحده جاز) ش: لأن الأصل أن لا تكون قراءة الإمام
هو الصحيح؛ لأنه لم يظهر منهما رغبة في الجماعة،
ــ
[البناية]
قراءة المقتدي إلا أن الشرع جعل قراءة المقتدي إذا اقتدى، فإذا لم يقتد فلا فإذا لا يلزم ترك فرض القراءة فيجوز صلاة الأمي م:(هو الصحيح) ش: احترز به عما روي عن أبي حازم أن قياس قول أبي حنيفة لا تجوز صلاته ثم علل المصنف وجه التصحيح بقوله م: (لأنه) ش: أي؛ لأن الشأن م: (لم يظهر منهما) ش: أي من الأمي والقارئ م: (رغبة في الجماعة) ش: لأنهما لم يرغبا في الجماعة، وصلى كل واحد وحده، لم يعتبر وجوب القارئ في حق الأمي؛ لأن تضمن قراءة الإمام قراءة المقتدي مقصور على الجماعة وحضور من ليس بينه وبين المصلي جامع الاقتداء كلا حضور، والمراد من صلاة الأمي وحده والقارئ وحده أن يكونا في مكان واحد بأن صلى الأمي وحده بجنب القارئ فحينئذ تفسد صلاته، وقيل: لا، وبه قال مالك.
وفي " الذخيرة ": القارئ إذا كان على باب المسجد أو بجوار المسجد والأمي في المسجد يصلي فصلاة الأمي جائزة بلا خلاف، وكذا إذا كان القارئ في غير صلاة الأمي جاز للأمي أن يصلي وحده ولا ينتظر فراغ الإمام.
وفي " المحيط ": ذكر الكرخي في "مختصره" لو اقتدى القارئ بالأمي، ولم ينو إمامته لا تفسد صلاته؛ لأنه يلحقه فساد صلاته من جهة القارئ فلا بد من التزامه كالمرأة، وقيل: تفسد وإن لم ينو إمامته. وفي " المحيط " لو تعلم الأمي سورة في خلال صلاته تفسد صلاته خلافا للشافعي، ولو اقتدى بالقارئ ثم تعلم سورة قيل: لا تفسد، وقيل: تفسد عند عامة المشايخ.
وفي " الذخيرة " ذكر لهذه المسألة في الكتب المشهورة.
فالأول: قاله أبو بكر بن محمد بن الفضل.
والثاني: قاله أبو بكر محمد بن حامد وعامة المشايخ.
وإن كان إماما أو منفردا فتعلم سورة في وسط صلاته لا يبني، وروى هشام عن محمد أنه قال: عامة أصحابنا على أن الأخرس إذا أم الأميين والقارئين فصلاتهم تامة، وقال الفقيه أبو جعفر: لم ير ذلك أبا حنيفة؛ لأنه خالفهم في ذلك القارئ إذا اقتدى بالأمي هل يصير شارعا في الصلاة، ذكر محمد هذا في " الجامع الصغير " وهذا فصل اختلف فيه الأصحاب، قال بعضهم: لا يصير شارعا حتى لو كان في التطوع لا يجب القضاء، وقال بعضهم: يصير شارعا ولم تفسد ويجب قضاء التطوع.
قال في " الذخيرة ": والصحيح هو الأول، وذكر القدوري في "شرحه " أن القارئ إذا دخل في صلاة الأمي متطوعا ثم أفسدها يلزمه القضاء عند زفر رحمه الله قال: ولا رواية عن أبي حنيفة، يعني سبقه الحدث فقدم الأمي في الركعتين الأخيرتين. وقال زفر: لا تفسد في هذا الفصل.
فإن قرأ الإمام في الأوليين، ثم قدم في الأخريين أميا فسدت صلاتهم، وقال زفر رحمه الله: لا تفسد لتأدي فرض القراءة. ولنا أن كل ركعة صلاة حقيقة فلا تخلو من القراءة إما تحقيقا أو تقديرا، ولا تقدير في حق الأمي، لانعدام الأهلية، وكذا على هذا لو قدمه في التشهد، جائزة عند الكل. والله تعالى أعلم بالصواب.
ــ
[البناية]
م: (فإن قرأ الإمام في الأوليين ثم قدم في الأخريين أميا فسدت صلاتهم) ش: وكذا روي عن أبي يوسف في غير رواية الأصول. م: (وقال زفر: لا تفسد لتأدي فرض القراءة) ش: يعني أن القراءة فرض في الأوليين وقد تأدى فصار الأمي والقارئ بعده سواء.
م: (ولنا أن كل ركعة صلاة حقيقة فلا تخلو من القراءة إما تحقيقا أو تقديرا) ش: يعنى لا يجوز خلوها من القراءة بالحدث فتشترط فيها القراءة إما حقيقة وإما تقديرا وكلاهما منتف في حق الأمي فصار استخلافه استخلاف من لا يصح للإمامة فأشبه استخلاف الصبي والمرأة ففسدت صلاتهم.
م: (ولا تقدير في حق الأمي لانعدام الأهلية) ش: أي لا يمكن تقدير القراءة في حق الأمي ولا شيء منها موجود في حق الأمي إما حقيقة فظاهر وإما تقديرا فلعدم الأهلية والشيء إنما يقدر إذا أمكن تقديره م: (وكذا على هذا لو قدمه في التشهد) ش: أي وكذا على هذا الاختلاف لو قدم الأمي في التشهد يعني فسدت صلاتهم خلافا لزفر، هذا إذا لم يقعد قدر التشهد، أما إذا قعد قدر التشهد فصحيح بالإجماع كذا ذكر فخر الإسلام؛ لأن هذا من فعله وهو مناف فانقطعت صلاته، وإنما الاختلاف فيما ليس من فعله مثل طلوع الشمس، وقيل تفسد صلاتهم عند أبي حنيفة وعندهما لا تفسد والصحيح هو الأول.
ولو أن القارئ قرأ في الأوليين ثم نسي القراءة في الأخريين وصار أميا فسدت صلاته عند أبي حنيفة ويستقبلها، وعلى قولهما لا تفسد ويبني عليهما استحسانا وهو قول زفر. وفي الأصل: الأمي إذا افتتح صلاته قعد قدر التشهد وسلم ثم تعلم السورة ثم تذكر أن عليه سجود السهو فإنه لا يعيد صلاته.
م: (جائزة عند الكل) ش: يجب أن لا يترك الأمي الاجتهاد إن ليله أو نهاره حتى يعلم مقدار ما تجوز به الصلاة، فإن قصر لم يعذر عند الله تعالى وبه قالت الأئمة الثلاثة، ذكر التمرتاشي ولو حضر الأمي على قارئ يصلي فلم يقتد به وصلى وحده اختلفوا فيه: والأصح أن صلاته فاسدة، نوى الاقتداء بإمام على ظن أنه صلى فإذا هو خليفة جاز، ولو نوى الاقتداء بالأصلي فإذا هو خليفة لم يجز.
وفي " فتاوى الصغرى ": اقتدى بإمام وفي زعمه أنه فلان ثم ظهر أنه غيره يجزئه، وإن اقتدى بفلان بعينه ثم ظهر أنه غيره لا يجزئه، اقتدى مسبوق بمسبوق في قضاء ما سبق لا يجوز،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
وكذا لا يجوز اقتداء اللاحق باللاحق كذا في " الخلاصة "، شك في إتمام وضوء إمامه جاز اقتداؤه به.
اشتركا في نافلة ثم أفسدها صح اقتداء أحدهما بصاحبه وإن لم يشتركا لم يصح شرع في ظهر الإمام متطوعا ثم قطعها واقتدى يصلي ظهر ذلك اليوم جاز.
تكلم الإمام في شفع التراويح، ثم أمهم في ذلك جاز، وكذا لو اقتدى في سنة العشاء بمن يصلي التراويح وفي سنته بعد الظهر بمن يصلي الأربع قبل الظهر صح، ولو صليا الظهر ونوى كل واحد إمامة صاحبه صحت صلاتهما، ولو نويا الاقتداء فسدت.
وفي " الخلاصة " و " الخزانة " أربعة مواضع لا يتابع المقتدي الإمام إذا فعله، لو زاد سجدة في صلاته لا يتابعه، ولو زاد في تكبيرات العيد يتابعه ما لم يخرج عن أقاويل الصحابة، ولو خرج لا يتابعه ولو كبر خمسا في صلاة الجنازة لا يتابعه، ولو قام إلى الخامسة ساهيا بعدما قعد قدر التشهد على الرابعة لا يتابعه، فإن لم يقيد الإمام الخامسة بالسجدة وعاد وسلم سلم المقتدي معه، وإن قيد الإمام الخامسة بالسجدة سلم المقتدي ولا يتابعه، ولو لم يقعد على الرابعة وقام إلى الخامسة ساهيا وتشهد المقتدي وسلم ثم قيد الإمام الخامسة بالسجدة فسدت صلاتهم، وتسعة أشياء إذا لم يفعلها الإمام يفعلها المقتدي إذا لم يرفع يديه عند الافتتاح يرفعهما وركع ولم يكبر يكبر المقتدي ولم يسبح في الركوع والسجود يسبح المقتدي ولم يقل سمع الله لمن حمده يقولها المقتدي ولم يكبر عند الانحطاط يكبر المقتدي ولم يقرأ التشهد يتشهد المقتدي، ولم يسلم يسلم المقتدي، ونسي الإمام تكبيرة التشريق يكبر المقتدي والله تعالى أعلم بالصدق والصواب.