الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأول وقت المغرب إذا غربت الشمس
ــ
[البناية]
الاحتراز عنه مع الإقبال على الصلاة متعذر.
وأما الحديث الذي هو حجة عليه فهو ما رواه مسلم عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وقت صلاة الصبح من صلاة الفجر ما لم تطلع الشمس فإذا طلعت الشمس فأمسك عن الصلاة فإنها تطلع بين قرني الشيطان» وقال الطحاوي: ورد هذا الحديث أي حديث من أدرك كان قبل نهيه صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في الأوقات المكروهة.
[وقت صلاة المغرب]
[أول وقت المغرب وآخره]
م: (وأول وقت المغرب إذا غربت الشمس) ش: أي أول وقت صلاة المغرب وقت غروب الشمس، قال بعض الشراح: وهذا إجماع، وعند الشيعة: لا يدخل وقتها حتى تشتبك النجوم.
قلت: وعند طاوس وعطاء بن رباح ووهب بن منبه رحمهم الله أول وقت المغرب حين طلوع النجم، وإنما احتجت الشيعة بما روي أنه صلى الله عليه وسلم صلى المغرب عند اشتباك النجوم، واحتج طاوس ومن معه بما رواه مسلم من حديث أبي بصرة الغفاري قال:«صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر بالمحمض فقال: " إن هذه الصلاة عرضت على من كان قبلكم فضيعوها، فمن حافظ عليها كان له من الأجر مرتين، ولا صلاة بعدها حتى يطلع الشاهد» والشاهد النجم، وأخرجه النسائي والطحاوي أيضا، وأبو بصرة بفتح الباء الموحدة وسكون الصاد المهملة، واسمه حميل بضم الحاء والمهملة وفتح الميم وسكون الياء آخر الحروف، وقيل: جميل بالجيم والأول أصح.
قوله: بالمَحْمَض، بفتح الميم وسكون الحاء المهملة وفي آخره ضاد معجمة، وهو الموضع الذي ترى فيه الإبل الحمض وهو ما ملح وأمر من النبات.
والجواب: عن حديث الشيعة ما قال النووي: باطل لا يعرف، ولو عرف يحمل على الجواز، وعن حديث مسلم ما قاله الطحاوي، وكان قوله عندنا والله أعلم: ولا صلاة بعدها حتى يرى الشاهد، يحتمل أن يكون هذا هو آخر الحديث من قول النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكره الليث، وهو من روايته، ويكون الشاهد هو الليل، ولكن الذي رواه عن الليث فأول أن الشاهد هو النجم، فقال ذلك من رأيه لا عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد تواترت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي المغرب إذا تواترت الشمس بالحجاب.
فإن قلت: إذا كانت الزيادة عن ثقة يعمل بها حينئذ إذا لم تخالفها الآثار الصحيحة، وقد تكاثرت الآثار الصحيحة أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي المغرب عقيب غروب الشمس، وحث أمته على تعجيله حيث قال ":«لا تزال أمتي بخير أو قال: على الفطرة ما لم يؤخروا المغرب إلى أن تشتبك النجوم» رواه أبو داود والحاكم في " مستدركه " وقال: صحيح على شرط مسلم، وآخر وقتها ما
وآخر وقتها ما لم يغب الشفق. وقال الشافعي رحمه الله: مقدار ما يصلي فيه ثلاث ركعات، لأن جبريل عليه السلام أم في اليومين في وقت واحد، ولنا قوله عليه السلام:«أول وقت المغرب حين تغرب الشمس، وآخر وقتها حين يغيب الشفق» .
ــ
[البناية]
لم يغب الشفق. [وقال الشافعي رحمه الله: مقدار ما يصلي فيه ثلاث ركعات] .
وبه قال الثوري وأحمد وأبو ثور وإسحاق وداود وابن المنذر، وهو قول الشافعي في القديم، واختاره من نسب إلى الحديث من أصحابه كابن خزيمة والخطابي والبيهقي والبغوي في " التهذيب " والغزالي في " الأخبار " وصححه العجلي وابن الصلاح، وقال النووي: وهو الصحيح.
م: (وقال الشافعي رحمه الله مقدار ما يصلي فيه ثلاث ركعات) ش: أي قال الشافعي رحمه الله: وقت صلاة المغرب قدر ما يصلي فيه ثلاث ركعات وهو قوله الجديد. وقال الغزالي: في وقت المغرب قولان:
أحدهما: أنه يمتد إلى غروب الشفق، وإليه ذهب أحمد.
والثاني: إذا مضى بعد الغروب وقت وضوئه وأذان وإقامة وقدر خمس ركعات فقد انقضى الوقت كذا في " الوسيط "، ويقال: وينبغي أن يكون سبع ركعات؛ لأنه يصلي ركعتين عندهم قبل فرض المغرب، ومقدار ما يكسر سورة الجوع من الأكل في حق الصائم لقوله صلى الله عليه وسلم:«إذا وضع العشاء وأحدكم صائم فابدءوا به قبل أن تصلوا» وهو قول الأوزاعي، وقال الأكمل: ما ذكره المصنف من جهة الشافعي رضي الله عنه ليس بكاف.
قلت: ما التزم المصنف أن يذكر مذهب الشافعي رضي الله عنه وغيره من المخالفين على وجه الكفاية على أن الذي ذكره هو الذي ذكره في " الحلية "، وعن الإمام مالك رضي الله عنه ثلاث روايات أحدها: كقولنا، والثانية: كقول الشافعي رضي الله عنه في الجديد، والثالثة: تبقى إلى طلوع الفجر وهي قول عطاء وطاووس رضي الله عنهما. م: (لأن جبريل عليه السلام أم في اليومين في وقت واحد) ش: " ولو كان الوقت يمتد لم يؤم جبريل عليه السلام في اليومين في وقت واحد؛ لأنه كان يعلم أول الوقت وآخره.
م: (ولنا قوله صلى الله عليه وسلم «أول وقت المغرب حين تغرب الشمس وآخر وقتها حين يغيب الشفق» ش: هذا الحديث بهذه العبارة لم يذكره أحد، ولكن بمعناه رواه مسلم رضي الله عنه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: عن وقت الصلاة. الحديث، وفيه:«ووقت صلاة المغرب إذا غابت الشمس ما لم يسقط الشفق» ، وفي رواية:«ما لم يغب الشفق» .
وما رواه كان للتحرز عن الكراهة.
ثم الشفق هو البياض الذي في الأفق بعد الحمرة عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا: وهو الحمرة، وهو رواية عن أبي حنيفة رحمه الله وهو قول الشافعي رحمه الله.
ــ
[البناية]
ولمسلم أيضا من حديث أبي موسى رضي الله عنه أن سائلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن مواقيت الصلاة الحديث، فأقام المغرب حين وقعت الشمس، ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق، وله أيضا من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«وقت صلاة الظهر إذا زالت الشمس» الحديث، وفيه «ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق» .
م: (وما رواه) ش: أي والذي رواه الشافعي رضي الله عنه من إمامة جبريل عليه السلام في اليومين في وقت واحد. م: (كان للتحرز عن الكراهة) ش: لأن تأخير المغرب إلى آخر الوقت مكروه فسقط التعلق به. وجواب آخر أن معناه بدأها في اليوم الثاني حتى غربت الشمس، ولم يذكر وقت الفراغ فيحتمل أن يكون الفراغ عند مغيب الشفق، ويكون بين هذين إشارة إلى ابتداء الفعل في اليومين وإلى آخر الفعل في اليوم الثاني، وفي " المبسوط " و " الأسرار ": وحجتنا ما روي عن ابن عمر رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: «وقت المغرب ما لم يسقط ثور الشفق» - بالثاء المثلثة - أي ثورانه وانتشاره، وفي رواية أبي داود:" فور الشفق " - بالفاء - وهو بمعناه، وهو صريح في امتداد وقت المغرب حتى يغيب الشفق.
قال النووي: وهو الصواب الذي لا يجوز غيره إلا أن التأخير عن أول الغروب مكروه، فلذلك لم يؤخره جبريل عليه السلام فإنه أتاه ليعلمه المباح من الأوقات، ألا ترى أنه لم يؤخر العصر إلى الغروب والوقت باق، ولا العشاء إلى الثلث فكان بعد وقت العشاء بالإجماع على أن المصير على ما روينا أولى لأنه كان بالمدينة، وما رواه كان بمكة، وآخر ابن عمر رضي الله عنه رواها حتى يرى نجما طالعا أعتق رقبة، وعمر رضي الله عنه رأى نجمتين أعتق رقبتين.
م: (ثم الشفق هو البياض الذي في الأفق بعد الحمرة عند أبي حنيفة رحمه الله) ش: وهو قول أبي بكر الصديق وأنس ومعاذ بن جبل وعائشة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أجمعين - ورواية ابن عباس وأبي هريرة رضي الله عنهما، وبه قال عمر بن عبد العزيز والأوزاعي وزفر والمزني وابن المنذر والخطابي واختاره المبرد وثعلب رضي الله عنهم. م:(وقالا) ش: أي أبي يوسف ومحمد رضي الله عنهما (وهو) أي الشفق هو (الحمرة) وبه قال مالك وأحمد وداود وعن أحمد أنه في البياض والحمرة في الصحراء.
م: (وهو) ش: أي قولهما هو كون الشفق حمرة م: (رواية عن أبي حنيفة رحمه الله) ش: رواه عنه أسد بن عمرو.
م: (وهو) ش: أي قولهما هو م: (قول الشافعي رحمه الله) ش: وعن الصحابة قول عمر
لقوله عليه السلام: «الشفق الحمرة» . ولأبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قوله عليه السلام:
«وآخر وقت المغرب إذا اسود الأفق»
ــ
[البناية]
وابنه عبد الله وشداد بن أوس وعبادة بن الصامت رضي الله عنهم، والصفرة التي بين البياض والحمرة، المذهب عندهم أنها تلحقه بالبياض، وقيل الشفق اسم للحمرة والبياض لكن يطلق على أحمر غير قاني، وبياض غير واضح كالفراء، ونقل الحربي عن أحمد رضي الله عنه: إذا غاب الشفق وهو الحمرة في السفر والبياض في الحضر، ونقلوا عن الخليل: والفراء أنه الحمرة، وقال الأزهري: الشفق عند العرب الحمرة، وقال الفراء: يقول العرب على فلان ثوب مصبوغ كأنه الشفق.
م: (لقوله صلى الله عليه وسلم: «الشفق الحمرة» ش: هذا الحديث رواه الدارقطني في " سننه " من حديث عتيق بن يعقوب حدثني مالك عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الشفق الحمرة» وذكره كذلك في كتابه " غرائب مالك " غير موصول بالإسناد، فقال: قرأت في أصل أبي بكر أحمد بن عمرو بن جابر المكي رضي الله عنهم بخط يده نبأ علي بن عبد الله الطالبي ثنا هارون بن سفيان السلمي حدثني عتيق به. وقال: حديث غريب، ورواته كلهم ثقات.
وأخرجه في " سننه " موقوفا على ابن عمر وعلى أبي هريرة رضي الله عنهم.
وقال البيهقي في " المعرفة ": روي هذا الحديث عن عمر وعلي [وابن] ابن عباس وعبادة بن الصامت وشداد بن أوس وأبي هريرة رضي الله عنهم ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه شيء.
ورواه ابن عساكر من حديث ابن [عمر] خلافه وجعله مثالا لما رفعه المخرجون من الموقوفات.
وقال النووي: وروي هذا الحديث مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وليس بثابت.
م: (وله) ش: أي ولأبي حنيفة رضي الله عنه.
م: (قوله صلى الله عليه وسلم «وآخر وقت المغرب إذا اسود الأفق» ش: هذا الحديث بهذا اللفظ غريب، لم يرد هكذا، وإنما روى أبو داود رضي الله عنه قال:«نزل جبريل عليه السلام وأخبرني بوقت الصلاة» الحديث، وفيه يصلي العشاء حين اسود الأفق.
ورواه ابن حبان في " صحيحه "، وقد استدل غيره لأبي حنيفة رضي الله عنه بحديث النعمان بن بشير رضي الله عنه أنه قال:«أنا أعلم الناس بوقت هذه الصلاة - صلاة العشاء - كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها حين يسقط القمر لثالثه» .
رواه أبو داود والنسائي وأحمد رضي الله عنهم، ويروى بسقوط القمر لثالثه. اللام في الموضعين للتوقيت أي: لوقت سقوط القمر ليلة ثالثة كما في قَوْله تَعَالَى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78]
وما رواه موقوف على ابن عمر رضي الله عنهما
ــ
[البناية]
(الإسراء: الآية 78) أي: لوقت دلوكها. وسقوط القمر: وقوعه للغروب ويغرب القمر في الليلة الثالثة من الشهر على مضي ستة وعشرين درجة من غروب الشمس.
وقال السروجي: وقد جاء في الحديث وقت العشاء إذا ملأ الظلام الضراب، قيل هي الجبال الصغار. وقال صاحب " الدراية ": وفي رواية إذا داراهم الليل يستوي الأفق في الظلام، وإنما يكون ذلك إذا ذهب البياض كله.
قلت: لم يبين كل منهما حال الحديث الذي رواه ولا من رواه، وقال: الشفق بالبياض أليق لأنه مشتق من الرقة، ومنه شفقة القلب، وهي رقة القلب، ويقال ثوب شفيق إذا كان رقيقا، ولأن الفجر يكون قبله حمرة يتلوها بياض الفجر فكانت الحمرة والبياض في ذلك وقتا لصلاة واحدة وهي الفجر فإذا خرجا خرج وقتها، فالنظر على ذلك أن تكون الحمرة والبياض في ذلك المغرب وقتا واحدا، وقالوا: البياض يبقى إلى نصف الليل، وقيل لا يذهب البياض في ليالي الصيف بل يتفرق في الأفق ثم يجتمع عند الصبح.
وقال الخليل بن أحمد: رأيت البياض بمكة ليلا فما ذهب إلا بعد نصف الليل: قلنا إن صح هذا فهو محمول على بياض الجو وذلك يغيب آخر الليل.
وأما البياض الذي هو رقيق الحمرة فذلك يتأخر بعدها ثم يغيب، وفي " المبسوط " قال أبو حنيفة رضي الله عنه: الحمرة أثر الشمس، والبياض أثر النهار، فما لم يذهب قبل ذلك لا يصير ليلا مطلقا، وقولهما أوسع للناس، وقول أبي حنيفة رضي الله عنه أحوط.
وقيل: يؤخذ بقولهما في الصيف لقصر الليل، ويقال البياض إلى ثلث الليل أو نصفه وفي الشتاء لقوله بطولها وعدم بقاء البياض البتة كذا في " المجتبى ".
م: (وما رواه موقوف على ابن عمر رضي الله عنهما) ش: أي وما رواه الشافعي رضي الله عنه موقوف على عبد الله بن عمر رضي الله عنهما غير مرفوع على ما ذكرناه.
قال الأترازي: وإنما قال المصنف، وما رواه ولم يقل وما رووه بضمير الجمع، وإن كان أبو يوسف ومحمد رضي الله عنهما أيضا يرويان هذا الحديث إلزاما للحجة على الشافعي رضي الله عنه، لأن المرسل عنده ليس بحجة فكيف يحتج بما ليس بحجة على الخصم، بخلاف أبي يوسف ومحمد رضي الله عنهما فإنهما يقولان بحجة المرسل والمسند جميعا فإن كونه موقوفا على الصحابي لا يكون قادحا عندهما.
وأيضا قول الصحابي محمول على السماع عندنا وعند الشافعي رضي الله عنه لا يقلد أحدا منهم أصلا فافهمه فقد غفل عنه الشارحون.