الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عورة الرجل
ما تحت السرة إلى الركبة، لقوله عليه الصلاة والسلام:«عورة الرجل ما بين سرته إلى ركبته» .
ــ
[البناية]
فإن قلت: الحديث خبر الواحد فلا يفيد الفرض.
قلت: هو قطعي الدلالة لأداة الحصر ظني الثبوت لكونه خبر الواحد، فبالمجموع تحصل الدلالة على الافتراض، وأما الآية فهي قطعية الثبوت دون الدلالة، ولهذا يرد ما قيل أن الآية تفيد الوجوب في حق الطواف فلو أفادت الفريضة في حق الصلاة لكان لفظ خذوا مستعملا في الوجوب والافتراض، وهذا لا يجوز.
قوله: بخمار بكسر الخاء المعجمة هو ما تغطي به المرأة رأسها.
قوله: أي - البالغة - تفسير الحائض، وليس من متن الحديث، وهو مجاز عن البالغة لأن الحديث يستلزم البلوغ فيكون هذا إطلاق اسم الملزوم على اللازم. ويقال إن حقيقة الحائض مهجورة حيث لا يجوز للحائض الصلاة أصلا، فيصير إلى المجاز بطريق إطلاق اسم السبب وهو الحيض على المسبب وهو البلوغ.
[عورة الرجل]
م: (وعورة الرجل ما تحت السرة إلى الركبة) ش: سميت العورة عورة لقبح ظهورها، ومنه الكلمة العوراء وهي القبيحة. وعور العين نقص وعيب فيها.
قوله: عورة الرجل كلام إضافي مبتدأ. وقوله: ما تحت السرة خبره. وكلمة إلى بمعنى مع على ما يذكر وجهه عن قريب.
م: (لقوله عليه الصلاة والسلام: «عورة الرجل ما بين سرته إلى ركبته» ش: في هذا الباب أحاديث كثيرة منها ما أخرجه الدارقطني في " سننه " عن سوار بن داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مروا صبيانكم» . الحديث، وفيه:«فلا ينظر إلى ما دون السرة وفوق الركبة من العورة» وهذا المعنى يقرب لفظ نقل المصنف.
ورواه أحمد في " مسنده " ولفظه: «فإن ما أسفل من سرته إلى ركبته من العورة» . وسوار بن داود كنية العقيلي، ورفعه ابن معين وابن حبان. وقال أحمد: شيخ بصري لا بأس به. ومنها ما أخرجه الحاكم في " المستدرك " من حديث عبد الله بن جعفر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما بين السرة إلى الركبة عورة» وسكت عنه. وقال: الذهبي في " مختصره ": أظنه مرفوعا فإن إسحاق بن واصل متروك، وأصرم بن حوشب متهم بالكذب، وهما من رواته. ومنها ما أخرجه
ويروى: «ما دون سرته حتى تجاوز ركبته» وبهذا يتبين أن السرة ليست من العورة خلافا لما يقوله الشافعي رحمه الله: والركبة من العورة، خلافا له أيضا، وكلمة " إلى " نحملها على كلمة مع، عملا بكلمة حتى،
ــ
[البناية]
الدارقطني في " سننه " من حديث أبي أيوب قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم: «يقول ما فوق الركبتين من العورة، وما أسفل السرة من العورة» .
م: (ويروى ما دون سرته حتى تجاوز ركبته) ش: هذا غريب بهذا اللفظ ولكن معناه لا يخرج من الأحاديث المذكورة.
م: (وبهذا) ش: أي وبالحديث المذكور م: (يتبين أن السرة ليست من العورة) ش: لأنه قال: ما بين سرته إلى ركبتيه ما دون سرته والمقصود من ذلك أن لا تكون السرة عورة م: (خلافا لما يقوله الشافعي في أن السرة من العورة) ش: قال النووي: في عورة الرجل خمسة أوجه: صحيحها المنصوص أنها ما بين السرة والركبة وليست من العورة.
ثانيها: أنها عورة أيضا كالرواية عن أبي حنيفة.
ثالثها: السرة دون الركبة.
رابعها: عكسه الظاهر قول الثلاثة من أصحابنا.
خامسها: القبل والدبر فقط، حكاه الرافعي عن الإصطخري. قال النووي: هو شاذ منكر، وهو رواية عن أحمد حكاه عنه في " المغني " وقال: وهو قول ابن أبي ذئب، وداود، ومحمد بن جرير. قال ابن حزم: الذكر وخلفه الدبر.
م: (والركبة من العورة خلافا له أيضا) ش: أي خلافا للشافعي، فإن الركبة ليست من العورة عنده في قوله كما ذكرنا.
م: (وكلمة إلى نحملها على كلمة مع عملا بكلمة حتى) ش: وكلمة إلى كلام إضافي مبتدأ وقوله نحملها جملة من الفعل والفاعل والمفعول في محل الرفع على الجزئية. قوله: على كلمة مع التي هي للمصاحبة.
قوله: عملا منصوب على المصدرية، وهذا جواب عن سؤال مقدر تقديره: أن يقال إن كلمة إلى في قوله - إلى ركبته - في الحديث للغاية وهي في هذا الموضع لمد الحكم إليها فلا يدخل، وتقرير الجواب أن إلى هاهنا تحمل على معنى مع، كما في قَوْله تَعَالَى:{أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} [النساء: 2]
أو عملا بقوله عليه الصلاة والسلام: «الركبة من العورة» .
ــ
[البناية]
(النساء: آية 2) أي مع أموالكم، دفعا للتعارض عن كلام صاحب الشرع، والتعارض ظاهر بين قوله ما بين سرته إلى ركبتيه، وبين قوله ما دون سرته حتى يجاوز ركبته.
وقال بعض المشايخ: قوله إلى ركبتيه غاية للإسقاط لأن قوله ما بين سرته، يتناول ما تحت السرة فأخرجه ما تحتها فبقيت الركبة تحت العورة. وفي " شرح المجمع " و " الغاية " قد تدخل وقد لا تدخل والوضع موضع الاحتياط. فقلنا بأنها عورة تخرج بتغطيتها عن العهدة بيقين. وفي " الدراية "" وجامع الكردي " الركبة مركبة من عظم الساق والفخذ فيكون المحرم مختلطا مع المبيع والمباح فرجح المحرم.
وقال المصنف في " التجنيس ": الركبة إلى آخر القدم عضو واحد، والأول أصح، لأنها في الحقيقة لنفي عظم الفخذ والساق، وإنما حرم النظر إليها من الرجال لتعذر التمييز أو عملا بقوله عليه السلام:«الركبة من العورة» .
م: (أو عملا) ش: عطف على قوله عملا بكلمة حتى، وهذا جواب ثان، وتقديره أن قوله عليه الصلاة والسلام:«ما بين سرته إلى ركبته» يدل على أن الركبة ليست من العورة لقضية إلى وقوله عليه الصلاة والسلام «حتى يجاوز ركبته» يدل على أن الركبة من العورة وبينهما تعارض ظاهر، فإذا أبقينا إلى على حالها تساقطا ويعمل حينئذ في كون الركبة من العورة بحديث آخر وهو م: (بقوله عليه السلام: «الركبة من العورة» ش: وقال الأكمل: وفيه نظر لأن حتى إذا دخلت على الفعل كانت بمعنى إلى في مثل هذا الموضع، فلا فرق بينهما، وكان ينبغي أن يقول وعملا بقوله عليه السلام بالواو؛ لأن المعارضة قائمة بكل منهما.
والجواب عن الأول: أنه بمعنى إلى لكن مع دخول الغاية.
وعن الثاني: بأن كلمة أو لمنع الخلو، لا لمنع الجمع فلا يكون منافيا.
قلت: لحتى الداخلة على المضارع المنصوب ثلاثة معان مرادفة إلى نحو {حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى} [طه: 91](طه: آية 91) ، ومرادفة في التعليلية نحو أسلم حتى تدخل الجنة، ومرادفة إلا في الاستثناء.
وقوله: مع دخول الغاية لا طائل تحته لأنه إذا كان بمعنى إلى يكون للغاية، ثم عند كونها للغاية لا بد من قرينة على دخول ما بعدها وعلى عدم الدخول أيضا، وإن لم تكن قرينة، الأصح أن لا يدخل كما عرف في موضعه. ثم الفرق بينهما بجواز وقوع المنصوب بعدها كما في الحديث وعدمه في إلى، والنصب بأن مضمرة لا بنفس حتى لا ينتصب إذا كان مستقبلا. ثم إن كان استقباله بالنظر إلى زمان المتكلم فالنصب واجب وإلا فيجوز الرفع أيضا. وفي الحديث النصب