الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن قرأ في العشاء في الأوليين السورة، ولم يقرأ بفاتحة الكتاب، لم يعد في الأخريين، وإن قرأ الفاتحة ولم يزد عليها قرأ في الأخريين الفاتحة والسورة.
ــ
[البناية]
ما قال من السبب؛ لأن الحكم جاز أن يكون معلولا بعلل شتى، وكيف يقال مثل هذا؟ والقضاء يحكي الفائت والمنفرد كما سئل عن الجهر حال الأداء فكذا حال القضاء ألا ترى أنه يؤذن ويقيم في القضاء فكما في الأداء، قلت: أخذ الأكمل كلام الأترازي هذا ثم أجاب عنه بعبارة غير عبارته، فقال بعد ذكر تعليل المصنف: ويمنع بأن السبب ليس بمنحصر في ذلك لم لا يجوز أن يكون موافقة القضاء الأداء سببا للجواز أيضا في حق المنفرد؟
ويمكن أن يجاب عنه بأن ما ذكره المصنف من سبب الجهر ثابت بالإجماع ولا نص يدل عليها فجعلها سببا يكون إثبات سبب بالرأي ابتداء وهو ينزع إلى الشركة في وضع الشرع وهذا باطل، ولعل هذا حمل المصنف على الحكم بكونه حتما، وهو الصحيح فيكون معنى قوله: هو الصحيح يعنى الصحيح دراية لا رواية، فإن أكثر الروايات على الجواز.
قلت: في دعوى الإجماع في الأول نظر لا يخفى، وفي بقية من الثاني كذلك، فإن عند الشافعي الاعتبار لوقت القضاء، وعند الحلوائي الاعتبار لوقت الأداء. وقال بعضهم: القول بأن الجهر سنة الوقت مردود بفعل النبي عليه السلام وقوله: فإن أكثر الروايات على الجواز يدل على وجود الرواية على الجواز، فكيف يقول: معنى الصحيح دراية لا رواية.
[حكم من قرأ في العشاء في الأوليين السورة ولم يقرأ بالفاتحة]
م: (ومن قرأ في العشاء في الأوليين السورة ولم يقرأ بفاتحة الكتاب لم يعد في الأخريين) ش: أي لم يعد قراءة الفاتحة في الركعتين الأخريين. وفي " الذخيرة" يعني قوله: - لم يعد - أي لم يقض. وقال عيسى بن أبان: ينبغي أن يكون الجواب على العكس؛ لأن قراءة الفاتحة واجبة فيقضي، وقراءة السورة سنة فلا تقضى إلا تبعا، فالواجب أولى بالقضاء.
وعن الحسن أنه روى عن أبي حنيفة أنه يقضيهما، أما الفاتحة فكما قال عيسى رحمه الله: وأما السورة فلأنها مرتبة على الفاتحة على وفق السنة وهي واجبة أيضا بدليل وجوب سجود السهو بتركها.
م: (وإن قرأ الفاتحة ولم يزد عليها) ش: أي على الفاتحة يعنى لم يقرأ السورة م: (قرأ في الأخريين الفاتحة والسورة وجهر) ش: يعني بالفاتحة والسورة في ظاهر الرواية. وروى ابن سماعة عن أبي حنيفة وأبي يوسف أنه جهر بالسورة خاصة؛ لأنه في الفاتحة مؤد فراعى صفة أدائها، وفي السورة قاض فيجهر بالسورة كما يجهر في الأداء ولا يكون جمعا بين الجهر والمخافتة في ركعة واحدة صورة وحقيقة، وذلك غير مشروع، ووجه ظاهر الرواية وهو الجهر بهما أن قراءة السورة واجبة، وقراءة الفاتحة في الشفع الثاني غير واجبة، فكان مراعاة صفة الواجب أولى، فإذا جهر بالسورة يجهر بالفاتحة كيف يختلف صورة القراءة في قيام واحد، كذا في " الجامع الصغير " للقاضي خان، وذكر شيخ الإسلام في " المبسوط " أن الظاهر من الجواب الجهر بالسورة والمخافتة
وهذا عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - وقال أبو يوسف رحمه الله: لا يقضي واحدة منهما؛ لأن الواجب إذا فات عن وقته لا يقضى إلا بدليل، ولهما وهو الفرق بين الوجهين: أن قراءة الفاتحة شرعت على وجه يترتب عليها السورة فلو قضاها في الأخريين تترتب الفاتحة على السورة، وهذا خلاف الموضوع بخلاف ما إذا ترك السورة؛ لأنه أمكن قضاؤها على الوجه المشروع،
ــ
[البناية]
بالفاتحة؛ لأن السورة قضاء وقد قامت بصفة الجهر فيقضي كذلك، والفاتحة أداء وقد شرع أداؤها على سبيل المخافتة وكذلك ذكره الإمام التمرتاشي فقال: وهو الصحيح ما ذكره البلخي وهو جهر السورة دون الفاتحة، فكان ما ذكره المصنف من الجهر بهما جميعا مخالفا لرواية هذين الكتابين ورواية فخر الإسلام أيضا، وموافقا لما ذكره الإمام قاضي خان " ومبسوط شمس الأئمة ".
م: (وهذا) ش: أي قضاء السورة دون قضاء الفاتحة م: (عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - وقال أبو يوسف " رحمه الله " لا يقضي واحدة منهما) ش: أي من الفاتحة والسورة م: (لأن الواجب إذا فات عن وقته لا يقضى إلا بدليل) ش: وهاهنا لم يوجد الدليل؛ لأن من شرط الدليل أن يكون له مثل حتى يصرف ما له إلى ما عليه، والسورة غير مشروعة في الأخريين حتى يصرف إلى ما عليه، ألا ترى أن الصلاة إذا فاتت عن أيام التشريق يقضيها في غير أيام التشريق بلا تكبير له في سائر الأيام. م:(ولهما) ش: أي لأبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - م: (وهو الفرق بين الوجهين) ش: أحد الوجهين هو قراءة السورة في أول العشاء دون الفاتحة، والوجه الأخير هو قراءة الفاتحة وحدها في الأوليين.
م: (أن قراءة الفاتحة شرعت على وجه يترتب عليها السورة) ش: يعني شرعت قراءة الفاتحة في الركعتين الأوليين على وجه يترتب على قراءتها قراءة السورة، ألا ترى أنه إذا نسي الفاتحة فذكرها قبل الركوع أو فيه يقرأها ويعيد السورة.
م: (فلو قضاها) ش: أي الفاتحة م: (في الأخريين تترتب الفاتحة على السورة) ش: يعني تقع الفاتحة عقيب السورة م: (وهذا) ش: أي ترتب الفاتحة على السورة م: (خلاف الموضوع) ش: لأن الموضوع ترتب السورة على الفاتحة، قال الأكمل: ونوقض بترتب الفاتحة التي في الشفع الثاني أي آخره. قلت: هذا أخذ من السغناقي ملخص بيان النقض في منع قوله خلاف الموضوع هو أن ترتيب الفاتحة في الشفع الثاني على السورة في الركعة الثانية من الشفع الأول مشروع، وملخص الجواب أن الذي ذكرتم على وجه الدعاء، وليس الكلام فيه وإنما الكلام في قراءة الفاتحة على وجه قراءة القرآن.
م: (بخلاف ما إذا ترك السورة) ش: في الأوليين، فإنه يقرأ في الأخريين الفاتحة والسورة أيضا م:(لأنه أمكن قضاؤها) ش: أي قضاء السورة في الأخريين م: (على الوجه المشروع) ش:
ثم ذكر هاهنا ما يدل على الوجوب، وفي الأصل بلفظة الاستحباب؛ لأنها إذا كانت مؤخرة فغير موصولة بالفاتحة فلم يمكن مراعاة موضوعها من كل وجه،
ويجهر بهما، هو الصحيح؛ لأن الجمع بين الجهر والمخافتة في ركعة واحدة شنيع، وتغيير النفل وهو الفاتحة أولى، ثم المخافتة: أن يسمع نفسه والجهر: أن يسمع غيره، وهذا عند الفقيه أبي جعفر الهندواني رحمه الله
ــ
[البناية]
وهو أن ترتب السور على الفاتحة وانضمامها إليها.
م: (ثم ذكر) ش: أي ذكر محمد رحمه الله م: (هاهنا) ش: أي في " الجامع الصغير " م: (ما يدل على الوجوب) ش: وهو قوله: قرأ في الأخريين الفاتحة والسورة.
فإن قلت: كيف يدل هذا على الوجوب؟ قلت: لأنه ذكر بلفظ الخبر والأخبار في الوجوب دليل الأمر على ما عرف، فدل على أن قضاء السورة في الشفع الثاني واجب. م:(وفي الأصل بلفظ الاستحباب) ش: أي وذكر في " المبسوط "، وهو قوله: أحب إلي أن يقضي السورة في الأخريين م: (لأنها) ش: أي؛ لأن السورة، وهذا بيان وجه الاستحباب، وهو أن السورة م:(إذا كانت مؤخرة) ش: عن الفاتحة م: (فغير موصولة بالفاتحة) ش: الأولى لوقوع الفصل بالفاتحة الثانية، أي فهي غير موصولة بالفاتحة؛ لأن السورة في الثانية والفاتحة في الأولى.
م: (فلم يمكن مراعاتها) ش: أي مراعاة السورة م: (من كل وجه) ش: في القضاء ولم يذكر الوجه الآخر وهو أن تكون متقدمة على الفاتحة لبعده؛ لأنه يفضي إلى أمر غير مشروع آخر وهو تقديم السورة على الفاتحة، وإن ذهب إليه بعضهم.
م: (ويجهر بهما) ش: أي بالفاتحة والسورة إذا قضى السورة في الشفع الثاني م: (هو الصحيح) ش: احترز به عما روى ابن سماعة عن أبي حنيفة وأبي يوسف أنه يجهر بالسورة لا الفاتحة، وقد مر الكلام فيه مستقصى م:(لأن الجمع بين الجهر والمخافتة في ركعة واحدة شنيع) ش: أي غير موجه بحسب الظاهر م: (وتغيير النفل وهو الفاتحة أولى) ش: هذا جواب عن سؤال مقدر تقديره أن يقال: سلمنا أن الجمع بين الأمرين شنيع. لكن لا نسلم أن ارتفاع هذا الشنيع ينحصر فيما قلتم؛ لأنه لا يلزم الجمع بينهما فيما قال هشام في روايته عن محمد: أنه لا يجهر أصلا.
وتقرير الجواب أن فيما قال هشام تغيير صفة الواجب إلى صفة النفل، وفيما قلتم تغيير صفة النفل إلى الواجب وتغيير صفة النفل أحق، فكان هذا التغيير أولى من ذلك التغيير.
م: (ثم المخافتة أن يسمع نفسه) ش: أشار بهذا إلى بيان الاختلاف. في حد المخافتة والجهر فقال: حد المخافتة أن يسمع القارئ نفسه؛ لأن ما دون ذلك حمحمة وليس بقراءة م: (والجهر أن يسمع غيره) ش: سواء كان ذلك الغير في الصلاة بجنبه أو خارج الصلاة م: (وهذا) ش: أي الذي ذكرنا من حد المخافتة والجهر م: (عند الفقيه أبي جعفر الهندواني رحمه الله) ش: أي عند الإمام أبي جعفر، ونسبته إلى هِنْدوان بكسر الهاء قلعة ببلخ.
لأن مجرد حركة اللسان لا يسمى قراءة بدون الصوت، وقال الكرخي: أدنى الجهر أن يسمع نفسه، وأدنى المخافتة تصحيح الحروف؛ لأن القراءة فعل اللسان دون الصماخ، وفي لفظ الكتاب إشارة إلى هذا.
ــ
[البناية]
م: (لأن مجرد حركة اللسان لا تسمى قراءة بدون الصوت) ش: الواصل إلى أذنه فهو كما ترى جعل كل واحد من المخافتة والجهر من الكيفيات المسموعة. وقال الأكمل: قال الهندواني: مجرد حركة اللسان لا يسمى بدون الصوت قراءة، يعني لا لغة ولا عرفا وفيه نظر، فإن من رأى المصلي الأطرش يحرك شفتيه يخبر عنه أنه يقرأ، وإن لم يسمع منه شيئا.
قلت: في نظره نظر؛ لأن الهندواني ما قيد قوله باللغة، ولا بالعرف كليهما؛ لأنه ليس المراد من القراءة إفادة المخاطب. والأطرش قارئ وإن لم يفهم المخاطب قراءته، وبقول الهندواني قال الفضل، والشافعي، وشرط بشر المريسي وأحمد رحمه الله خروج الصوت من الفم وإن لم يصل إلى أذنه، ولكن بشرط أن يكون مسموعا في الجملة حتى لو أدنى أحدهما عنه إلى فيه يسمع.
م: (وقال الكرخي: أدنى الجهر أن يسمع نفسه، وأدنى المخافتة تصحيح الحروف) ش: وبه قال أبو بكر البلخي المعروف بالأعمش، وهو قول مالك أيضا، واكتفوا بتصحيح الحروف. وفي " الذخيرة " ولا بد من تحريك اللسان وتصحيح الحروف حتى قال الكرخي: لا يجزئه بلا تحريك اللسان. قالوا: وقول الكرخي أقيس وأصح.
م: (لأن القراءة فعل اللسان دون الصماخ) ش: بكسر الصاد وتخفيف الميم، وهو خرق الأذن، ويقال الأذن نفسها. قال الجوهري: وبالسين نفسه، فالكرخي كما ترى جعل المخافتة من الكيفيات المبصرة، والجهر من الكيفيات المسموعة. قال الأكمل: واعترض عليه بأن الكتابة يوجد بها تصحيح الحروف ولا تسمى قراءة لعدم الصوت، وهذا فاسد؛ لأنه لم تجعل تصحيح الحروف مطلقا قراءة بل تصحيح الحروف باللسان قراءة، ألا ترى إلى قوله: لأن القراءة فعل اللسان قلت: المراد من فعل اللسان تحريكه كما ذكرنا.
م: (وفي لفظ الكتاب) ش: أي وفي لفظ " مختصر القدوري "، وقيل: المراد منه " المبسوط "، وقيل:" الجامع الصغير " والأول أظهر م: (إشارة إلى هذا) ش: أي قول الكرخي حيث قال في " مختصر القدوري ": وإن كان مفردا فهو مخير، إن شاء جهر وأسمع نفسه، وإن شاء خافت.
وجه الإشارة إليه أنه جعل أدنى المخافتة ما دون إسماع النفس كما ترى فعلم أن تصحيح الحروف كاف.
وثمرة الخلاف تظهر فيما إذا صحح الحروف ولم يسمع نفسه هل تجوز صلاته أم لا؟ فعند الكرخي يجوز وعند الهندواني لا. وأما عبارة محمد في الأصل إن شاء قرأ في نفسه، وإن شاء جهر وأسمع نفسه، وهذا يدل على أن القراءة في نفسه غير إسماع نفسه لوجهين: