المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

علق التمام بالفعل، قرأ أو لم يقرأ. قال: وما سوى ذلك - البناية شرح الهداية - جـ ٢

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصلاة

- ‌[تعريف الصلاة]

- ‌باب المواقيت

- ‌أول وقت الفجر

- ‌[وقت صلاة الفجر]

- ‌[آخر وقت صلاة الفجر]

- ‌أول وقت الظهر

- ‌[وقت صلاة الظهر]

- ‌[آخر وقت الظهر]

- ‌أول وقت العصر

- ‌[وقت صلاة العصر]

- ‌[آخر وقت العصر]

- ‌[وقت صلاة المغرب]

- ‌[أول وقت المغرب وآخره]

- ‌أول وقت العشاء

- ‌[وقت صلاة العشاء]

- ‌آخر وقت العشاء

- ‌[وقت صلاة الوتر]

- ‌فصل ويستحب الإسفار بالفجر

- ‌[الإبراد بالظهر وأخير العصر في الصيف]

- ‌[تعجيل المغرب]

- ‌تأخير العشاء إلى ما قبل ثلث الليل

- ‌فصل في الأوقات التي تكره فيها الصلاة

- ‌باب الأذان

- ‌[حكم الأذان]

- ‌صفة الأذان

- ‌[ما يشرع له الأذان من الصلوات]

- ‌[زيادة الصلاة خير من النوم في أذان الفجر]

- ‌[ما يسن في الأذان والإقامة]

- ‌[شروط المؤذن]

- ‌[ما يستحب لمن سمع الأذان]

- ‌[التثويب في أذان الفجر]

- ‌[الفصل بين الأذان والإقامة]

- ‌[ما ينبغي للمؤذن والمقيم]

- ‌[أذان الجنب]

- ‌[الأذان قبل دخول الوقت]

- ‌المسافر يؤذن ويقيم

- ‌باب شروط الصلاة التي تتقدمها

- ‌ الطهارة من الأحداث والأنجاس

- ‌[ستر العورة]

- ‌عورة الرجل

- ‌[عورة الحرة]

- ‌[عورة الأمة]

- ‌[صلاة العريان]

- ‌[النية من شروط الصلاة]

- ‌[تعريف النية]

- ‌[استقبال القبلة من شروط الصلاة]

- ‌ حكم من اشتبهت عليه القبلة

- ‌باب في صفة الصلاة

- ‌فرائض الصلاة

- ‌[تكبيرة الإحرام]

- ‌[القيام في صلاة الفرض]

- ‌[قراءة القرآن والركوع والسجود في الصلاة]

- ‌[القعدة في آخر الصلاة والتشهد والسلام]

- ‌[سنن الصلاة]

- ‌[رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام]

- ‌[وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة]

- ‌[دعاء الاستفتاح]

- ‌[حكم الاستعاذة في الصلاة]

- ‌[البسملة في الصلاة]

- ‌[الواجب من القراءة في الصلاة]

- ‌[قول المأموم آمين]

- ‌[التكبير قبل الركوع وبعد الرفع منه]

- ‌[قول سبحان ربي العظيم في الركوع]

- ‌قول: سمع الله لمن حمده

- ‌[قول سبحان ربي الأعلى في السجود]

- ‌[الافتراش عند التشهد الأوسط]

- ‌[التشهد الأوسط وصيغته]

- ‌[القراءة في الأخيرتين بفاتحة الكتاب فقط]

- ‌[الصلاة على النبي في التشهد الأخير]

- ‌[حكم الصلاة على النبي خارج الصلاة]

- ‌[الدعاء بعد التشهد الأخير وقبل السلام]

- ‌[كيفية الصلاة على النبي]

- ‌[الحكم لو ترك بعض التشهد وأتى بالبعض]

- ‌فصل في القراءة

- ‌[الصلوات التي يجهر فيها بالقراءة والتي يسر فيها]

- ‌[المنفرد هل يجهر بصلاته أم يسر فيها]

- ‌[الإسرار بالقراءة في الظهر والعصر]

- ‌[الجهر في الجمع بعرفة]

- ‌[الجهر في الجمعة والعيدين]

- ‌[تطوعات النهار سرية]

- ‌[حكم من قرأ في العشاء في الأوليين السورة ولم يقرأ بالفاتحة]

- ‌أدنى ما يجزئ من القراءة في الصلاة

- ‌[مقدار القراءة في الصلوات الخمس]

- ‌[قراءة نفس السورة مع الفاتحة في الركعة الثانية]

- ‌[تعيين سورة أو آية من القرآن لشيء من الصلوات]

- ‌[قراءة المؤتم خلف الإمام]

- ‌باب في الإمامة

- ‌[حكم صلاة الجماعة]

- ‌أولى الناس بالإمامة

- ‌[إمامة العبد والفاسق والأعمى وولد الزنا]

- ‌[تخفيف الإمام في الصلاة]

- ‌[إمامة المرأة للنساء في صلاة الجماعة]

- ‌[موقف الإمام والمأموم في الصلاة]

- ‌[إمامة المرأة والصبي في الصلاة]

- ‌[إمامة الصبي في النوافل كالتراويح ونحوها]

- ‌[كيفية ترتيب الصفوف في الصلاة]

- ‌[محاذاة المرأة للرجل في الصلاة]

- ‌[حضور النساء للجماعات]

- ‌[صلاة الصحيح خلف صاحب العذر]

- ‌[صلاة القارئ خلف الأمي]

- ‌[صلاة المكتسي خلف العاري]

- ‌[إمام المتيمم للمتوضئين]

- ‌[صلاة القائم خلف القاعد]

- ‌[صلاة المفترض خلف المتنفل والعكس]

- ‌ اقتدى بإمام ثم علم أن إمامه محدث

- ‌[إمامة الأمي]

- ‌باب الحدث في الصلاة

- ‌[حكم من ظن أنه أحدث فخرج من المسجد ثم علم أنه لم يحدث]

- ‌[حكم الحدث من الإمام أو المأموم في الصحراء]

- ‌[الحكم لو حصر الإمام عن القراءة فقدم غيره]

- ‌[رؤية المتيمم للماء أثناء الصلاة]

- ‌[حكم من أحدث في ركوعه أو سجوده]

- ‌[حكم من أم رجلا واحدا فأحدث]

- ‌باب ما يفسد الصلاة، وما يكره فيها

- ‌[حكم الكلام في الصلاة]

- ‌[التنحنح في الصلاة]

- ‌[تشميت العاطس في الصلاة]

- ‌[الفتح على الإمام]

- ‌[حكم الفتح على الإمام]

- ‌[حكم من صلى ركعة من الظهر ثم افتتح العصر]

- ‌[حمل المصحف والنظر فيه وتقليب الأوراق في الصلاة]

- ‌[اتخاذ السترة ومرور المرأة ونحوها بين يدي المصلي]

- ‌[اتخاذ المصلي للسترة في الصحراء]

- ‌ وسترة الإمام سترة للقوم

- ‌[دفع المصلي المار بين يديه]

- ‌[فصل في العوارض التي تكره في الصلاة]

- ‌ العبث في الصلاة

- ‌[التخصر في الصلاة]

- ‌ الالتفات في الصلاة

- ‌[الإقعاء في الصلاة]

- ‌[رد السلام للمصلي]

- ‌[التربع للمصلي]

- ‌[لا يصلي وهو معقوص الشعر]

- ‌[كف الثوب في الصلاة]

- ‌[الأكل والشرب في الصلاة]

- ‌[الحكم لو صلى وفوقه أو بين يديه أو بحذائه تصاوير]

- ‌[اتخاذ الصور في البيوت وقتل الحيات في الصلاة]

- ‌فصل ويكره استقبال القبلة بالفرج في الخلاء

- ‌ المجامعة فوق المسجد والبول والتخلي

- ‌[أحكام المساجد]

- ‌[إغلاق باب المسجد]

- ‌باب صلاة الوتر

- ‌[حكم صلاة الوتر]

- ‌[عدد ركعات الوتر]

- ‌[أحكام القنوت في الصلاة]

- ‌[القراءة في صلاة الوتر]

- ‌[القنوت في الوتر]

- ‌[حكم من أوتر ثم قام يصلي يجعل آخر صلاته وترا أم لا]

- ‌باب النوافل

- ‌[عدد ركعات التطوع المرتبطة بالصلوات وكيفيتها]

- ‌فصل في القراءة

- ‌[حكم القراءة في الفرض]

- ‌[حكم القراءة في صلاة النفل]

- ‌[صلاة النافلة على الدابة وفي حال القعود]

- ‌[حكم السنن الرواتب]

- ‌فصل في قيام شهر رمضان

- ‌[حكم صلاة التراويح وكيفيتها]

- ‌[صلاة الوتر جماعة في غير رمضان]

- ‌باب إدراك الفريضة

- ‌[حكم من أقيمت عليه الصلاة وهو في صلاة نفل]

- ‌[حكم من انتهى إلى الإمام في صلاة الفجر وهو لم يصل ركعتي الفجر]

- ‌باب قضاء الفوائت

- ‌[كيفية قضاء الفوائت]

- ‌باب سجود السهو

- ‌[كيفية سجود السهو]

- ‌[متى يلزم سجود السهو]

- ‌[حكم الشك في عدد ركعات الصلاة]

- ‌باب صلاة المريض

- ‌[كيفية صلاة المريض]

- ‌[حكم من أغمي عليه خمس صلوات أو دونها]

- ‌باب سجود التلاوة

- ‌[عدد سجدات القرآن]

- ‌[من تلزمه سجدة التلاوة]

- ‌[قضاء سجدة التلاوة]

- ‌[تكرار تلاوة سجدة التلاوة في المجلس الواحد]

الفصل: علق التمام بالفعل، قرأ أو لم يقرأ. قال: وما سوى ذلك

علق التمام بالفعل، قرأ أو لم يقرأ.

قال: وما سوى ذلك فهو سنة، أطلق اسم السنة وفيها واجبات: كقراءة الفاتحة، وضم السورة إليها. ومراعاة الترتيب فيما شرع مكررا من الأفعال،

ــ

[البناية]

م: (علق التمام بالفعل) ش: أي علق صلى الله عليه وسلم إتمام الصلاة بالفعل م: (قرأ أو لم يقرأ) ش: قرأ التشهد أو لم يقرأ، فكان الفعل هو اللازم دون القول، لأن الفعل أقوى من القول، فكان اعتباره أولى، بدليل أن القادر على الفعل والعاجز عن القول يلزمه الفعل، كالأمي، والعاجز عن الفعل والقادر على القول لا يلزمه القول، كالعاجز عن القعدة، فتعلقت الفرضية بالأقوى وهو الفعل دون القول، ولأنه ثبت باتفاق الأخبار أنه صلى الله عليه وسلم ما سلم إلا بعد القعدة، والأمر بالصلاة مجمل، فيكون فعله بيانا، كذا في " الأسرار " وفي " الجنازية ": ذكر في القرآن: {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [الأنعام: 72] ولم يعلم تمامها في أي وقت، فالحديث يبين تمامها في القعدة.

فإن قلت: فعلى هذا كان ينبغي أن تكون القعدة الأولى فرضا أيضا لأنه عليه الصلاة والسلام أتى بها وقال: «صلوا كما رأيتموني أصلى» فصار بيانا لمجمل الكتاب أيضا.

قلت: روي أنه عليه الصلاة والسلام سها عن القعدة الأولى، فأعلم بذلك فلم يفعل فسجد للسهو، فدل على أنها ليست بفرض. وفي " الدراية ": أن الفريضة لا تثبت ابتداء بخبر الواحد، أما البيان به فيصح، كما في مسح الرأس، والتحقيق في هذا الموضع أن القعدة فرض، عملا لا اعتقادا؛ إذ بخبر الواحد يثبت هذا الفرض، كالوتر عند أبي حنيفة لأنه في درجة الواجب، ولهذا لا يكفر منكر فرضيتها، كمالك وأبي بكر الأصم والزهري؛ لأنه عندهم سنة إلا مقدار إيقاع السلام، ولأن الإتيان بالسلام واجب ومحله القعدة، فيراد القعود لغيره فيتعذر به.

[سنن الصلاة]

م: (قال) ش: أي القدوري م: (وما سوى ذلك فهو سنة) ش: أي وما سوى ما ذكرنا من الفرائض الستة فهو سنة. وفي " المجتبى " يحتمل أن يكون ذلك إشارة إلى الفرائض المذكورة، وإليه ذهب أكثر الشارحين، ويحتمل أن يكون إشارة إلى قدر التشهد، فيكون إخبارا عن القعود الذي يصلي فيه على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو ويسلم وهو الأشبه، لأن الفقهاء جعلوا أفعال الصلاة أقساما وواجبات. فالواجبات ثمانية، وهي مذكورة في الكتاب، والسنن ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم على المواظبة ولم يترك إلا بعذر: كالثناء والتعوذ في تكبيرات الركوع والسجود، والآداب ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم مرة أو مرتين، كزيادة التسبيحات فيها والزيادة على القراءة المستوية.

م: (أطلق) ش: أي القدوري م: (اسم السنة وفيها) ش: أي والحال أن في السنة م: (واجبات كقراءة الفاتحة وضم السورة إليها) ش: أي إلى الفاتحة أو ثلاث آيات، ويكره ضم آية أو آيتين إليها، نص على ذلك في " الذخيرة " و " المرغيناني " م:(ومراعاة الترتيب فيما شرع مكررا من الأفعال) ش: أي في الذي شرع حال كونه مكررا، أراد به السجود؛ لأنه شرع في كل ركعة مكررا ومراعاة الترتيب فيه واجبة، حتى ترك سجدة من الركعة الأولى لا تفسد صلاته، ويجوز قضاؤه في الثانية.

ص: 161

والقعدة الأولى، وقراءة التشهد في القعدة الأخيرة، والقنوت في الوتر، وتكبيرات العيدين، والجهر فيما يجهر والمخافتة فيما يخافت فيه، ولهذا تجب عليه سجدتا السهو بتركها، هذا هو الصحيح،

ــ

[البناية]

وفي " الحواشي ": لو تذكر في الركوع الثاني: أنه ترك سجدة من الركعة الأولى، فانحط من ركوعه فسجد، لا يلزمه إعادة الركوع، وكذا الترتيب فيما بين الركعات ليس بفرض، فإن المسبوق إذا قام إلى قضاء ما سبق به يصلي أول الثانية عن أبي حنيفة وأبي يوسف.

وفي " الجنازية ": الترتيب فرض فيها، اتخذت شرعيته في كل ركعة، كالقيام والركوع، أو اتخذت شرعيته في جميع الصلاة كالقعدة، حتى لو قعد قدر التشهد ثم عاد إلى السجدة الثانية، أو تذكر في الركوع أنه لم يقرأ السورة نقض ما أدى قبله من الركوع.

م: (والقعدة الأولى) ش: عند المتأخرين وعند الطحاوي والكرخي سنة. وفي " التحرير " القعدة الأولى في الفرض واجبة، وكذا قراءة التشهد فيها، وهو المختار، وقيل: سنة، وهو الأقيس، وعند بعضهم واجبة. قال في " المحيط ": وهو الأصح، وقال مالك: الجلسة الأولى سنة، ولو تعمد تركها تفسد صلاته، ذكره في " التمهيد ".

فإن قلت: لو لم يذكر قراءة التشهد في القعدة الأولى، وهي واجبة أيضا، كذا ذكره في باب سجود السهو من الكتاب.

قلت: لم يلزم ذلك جميع الواجبات، قاله السغناقي. قلت: يجوز أن يكون تركه ههنا إشارة إلى أنها سنة، كما قاله البعض، كما ذكرنا.

م: (وقراءة التشهد في القعدة الأخيرة) ش: وكعن أبي يوسف روايتان م: (والقنوت في الوتر) ش: في " المبسوط ": قنوت الوتر سنة م: (وتكبيرات العيدين) ش: وفي " المبسوط " سنة م: (والجهر فيما يجهر) ش: أي في الصلاة التي يجهر فيها، كالمغرب والعشاء والصبح م:(والمخافتة فيما يخافت فيه) ش: أي في الصلاة التي يخافت فيها بالقراءة، كالظهر والعصر، هذا في حق الإمام دون المنفرد.

م: (ولهذا) ش: أي ولأجل وجوب هذه الأشياء المذكورة م: (تجب سجدة السهو بتركها) ش: أي بترك هذه الأشياء المذكورة ساهيا تجب سجدتا السهو لأن سجود السهو لا يجب إلا بترك الواجب. م: (هذا هو الصحيح) ش: أي وجوب سجود السهو بترك كل واحد من الأشياء المذكورة هو الصحيح. واحترز به عما ذكر في " المبسوط " من جواب القياس في تكبيرات العيدين والقنوت إذا تركهما لا يجب سجود السهو. وكذا القياس في قراءة التشهد في القعدة الأولى لما أنها أذكار، وبنى الصلاة على الأفعال فلا يدخل كثير نقصان.

وفي " الاستحسان " وجوب سجود السهو تضاف إلى الصلاة، حيث قال: تكبيرات العيد

ص: 162

وتسميتها سنة في الكتاب

لما أنه ثبت وجوبها بالسنة. قال: وإذا شرع في الصلاة كبر؛

ــ

[البناية]

وقنوت الوتر وتشهد الصلاة. فإذا تحصل النقصان بتركها فتجبر بالسهو، وثناء الافتتاح لا يضاف إلى الصلاة. وفي " الجنازية ": قوله: هو الصحيح، احتراز عن قول البعض: إن ترك الجهر والمخافتة مما يجهر ويخافت، لا يجب السهو؛ لأنهما ليسا بمقصودين، فكانا كالقومة بين الركوع والسجود، وقيل: تعلق بالجهر الاستماع، وهو مقصود، وبالمخافتة دفع إيذاء الكفرة، فإذا تعلق بهما معنى مقصود فصارا مقصودين بنفسيهما فيتعلق بتركهما سجود السهو، وفيه نظر. ونص أيضا في " المحيط " على وجوب سجود السهو بترك القومة، ولم يحك فيه خلافا.

م: (وتسميتها سنة) ش: أي تسمية هذه الواجبات سنة م: (في الكتاب) ش: أي في القدوري (لما أنه ثبت وجوبها بالسنة) ش: أي لأجل أن الشأن يثبت وجوب هذه الأشياء معنى بطريق إطلاق اسم السبب على المسبب مجازا. وقال الأكمل: وقيل: قوله: وتسميتها سنة اهـ. ليس بجيد لأنه يلزم منه الجمع بين الحقيقة والمجاز، لأنه حينئذ يكون المراد السنة والواجب أيضا لأنه ثبت بالسنة أيضا.

قلت: هذا السؤال للأترازي، حيث قال في شرح بيانه، أن لفظ السنة إذا أريد به السنة تكون الحقيقة، وإذا أريد به الواجب يكون مجازا. وههنا أراد صاحب القدوري بقوله: وما سوى ذلك فهو سنة، الواجب والسنة جميعها؛ لأنه لم يرد به الواجب وحده أو السنة وحدها، فالجواب عنه، وقد سكت عنه الشارحون، ثم قال الأكمل: وأجيب، إلى آخره، هو جواب الأترازي، فقال: قلت: والجمع بين الحقيقة والمجاز في محلين مختلفين يجوز على مذهب بعض العراقيين من أصحابنا، والشيخ أبو الحسن العراقي منهم، فلا يرد على هذا السؤال أيضا، ثم قال الأكمل: وخلله ظاهر، والحق أنه ليس من باب الجمع بينهما، بل المراد بقوله: فهو سنة، ثابتة بالسنة والواجبات، والسنن المذكورة في هذا الباب داخلة تحت هذه اللفظة بطريق الحقيقة.

م: (قال: وإذا شرع في الصلاة كبر) ش: أي إذا أراد الشروع في الصلاة قال: الله أكبر، لأن التحريمة ليست بعد الشروع بل الشروع يتحقق بها. وقوله: في الصلاة، أعم من أن تكون فرضا أو نفلا، وهذا عند العامة. وقال ابن المنذر: وشذ الزهري وقال: يدخل فيها بمجرد النية، قال: ولم يقله أحد.

قلت: قال في " المبسوط " و " شرح مختصر الكرخي ": هو قول إسماعيل بن علي وأبي بكر الأصم، وقال أبو عمر في" التمهيد ": وهو قول الأوزاعي وطائفة، قال في " المبسوط " و " الوتري ": الأخرس والأمي الذي لا يحسن شيئا فيصير شارعا فيها بالنية ولا يلزمه تحريك اللسان، وهو الصحيح من قول أحمد خلافا للشافعي. وعن الحسن وعطاء وابن المسيب وقتادة والحكم والأوزاعي فيمن نسي التكبير أن تكبير الركوع يقوم مقامه.

ص: 163

لما تلونا، وقال عليه السلام:«تحريمها التكبير»

ــ

[البناية]

\ وللأترازي هنا سؤال، وهو أن استعارة المسبب للسبب لا يجوز، فكيف جاز ههنا، وأجاب بأن عدم الجواز إنما يكون إذا لم يكن المسبب خاصا بذلك. وأما إذا اختص به فيجوز، والشروع في الصلاة تختص بالإرادة، لا يكون بدونها، فجاز إرادة الإرادة منه مجازا.

قلت: هذا من قبيل قَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ} [الإسراء: 45](الإسراء: الآية 45) أي إذا أردت قراءته، فيكون إطلاق اسم الملزوم على اللازم.

م: (لما تلونا) ش: أراد به قَوْله تَعَالَى: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: 3](المدثر: الآية 3) . م: (وقال صلى الله عليه وسلم «تحريمها التكبير» ش: هو عطف على قوله: لما تلونا. والحديث رواه خمسة من الصحابة رضي الله عنهم.

الأول: علي بن أبي طالب رضي الله عنه أخرج حديثه أبو داود والترمذي وابن ماجه عن وكيع عن سفيان عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن محمد بن الحنفية عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم» .

وقال الترمذي: هذا الحديث أصح شيء في هذا الباب وأحسن، وعبد الله بن عقيل صدوق، وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبيل حفظه، وسمعت محمد بن إسماعيل يقول: كان أحمد بن حنبل وإسحاق والحميدي يحتجون بحديثه، قال محمد: هو مقارب الحديث. رواه أحمد وابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه والبزار في "مسانيدهم"، وقال النووي في " الخلاصة ": وهو حديث حسن.

الثاني: أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أخرج حديثه الترمذي وابن ماجه من حديث طريف بن شهاب، أبي سفيان السعدي، عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم» . ورواه الحاكم في " المستدرك " وقال: حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه.

الثالث: عبد الله بن زيد، أخرج حديثه الدارقطني في سننه والطبراني في " معجمه الأوسط " عنه نحوه، وفيه الواقدي، وتفرد به، ورواه ابن حبان في كتاب " الضعفاء " وفيه محمد بن موسى بن

ص: 164

وهو شرط عندنا، خلافا للشافعي رحمه الله حتى إن من يحرم للفرض كان له أن يؤدي بها التطوع عندنا،

ــ

[البناية]

سليمان قاضي المدينة وأعله به، وقال أنس: يسرق الحديث، ويروي الموضوعات عن الأثبات.

الرابع: عبد الله بن عباس رضي الله عنه أخرج حديثه أحمد والبزار والطبراني من حديث مجاهد عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه أبو يحيى العتاب وهو ضعيف.

قوله: تحريمها، مبتدأ، وخبره: التسليم، والتحريم مصدر من حرم بالتشديد، وهو مضاف إلى فاعله، وهو الصلاة، ولا يقدر له مفعول، لأن المقصود إثبات التحريم لها لا إيقاعه على شيء آخر لأن ذلك غير شرط، وكذلك الكلام في قوله: وتحليلها التسليم.

فإن قلت: كيف قلت: إنه مضاف إلي فاعله.

قلت: لأن الصلاة هي التي تحرم وتحلل. وقال الأزهري: أصل التحريم المنع، يسمى التكبير تحريما لأنه يمنع المصلي من الكلام والأكل والشراب وغيرهما.

م: (وهو شرط عندنا) ش: أي تكبير الشروع شرط في خارج الصلاة م: (خلافا للشافعي) ش: فإنه عنده ركن، وبه قال مالك وأحمد وآخرون م:(حتى إن من يحرم للفرض جاز أن يؤدي بها) ش: أي بتلك التحريمة م: (التطوع) ش: لأن التحريمة لما كانت شرطا جاز أداء النفل بتحريمة الفرض، وعند الشافعي لما كانت ركنا فلم يجز به، وكذلك إذا كبر وفي يده نجاسة فألقاها عند فراغه منها، أو شرع في التكبيرة قبل ظهور زوال الشمس ثم ظهر الزوال عند فراغه منها، أو مكشوف العورة فسترها بعمل يسير عند الفراغ منها، أو شرع في السنة قبل السلام من غير تحريمة يصير شارعا فيها عندنا، خلافا له.

وقال شرف الأئمة: يصح بناء العصر على تحريمة الظهر وبناء الفرض على تحريمة النفل، وعلى العكس، والقضاء على الأداء لأن التكبير شرط، وبما قاله شرف الأئمة يحصل الجواب عما قاله الأكمل ناقلا عن السغناقي، وهو أن الأقسام العقلية أربعة: بناء الفرض على الفرض، وبناء النفل على النفل، وبناء النفل على الفرض، وهو المذكور في الكتاب، فهل يجوز غيره من الأقسام

ص: 165

وهو يقول: إنه يشترط لها ما يشترط لسائر الأركان، وهذا آية الركنية، ولنا أنه عطف الصلاة عليه في قَوْله تَعَالَى:{وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: 15] ومقتضاه المغايرة، ولهذا لا يتكرر كتكرار الأركان ومراعاة الشرائط لما يتصل به من القيام.

ــ

[البناية]

الباقية أو لا؟.

وأما قوله: وأما بناء الفرض على النفل، قيل: لم توجد فيه رواية، والظاهر عدم الجواز، فرد أيضا بما ذكرنا. وقوله: لم توجد فيه رواية، غير صحيح؛ لأنه روي عن أبي الرجاء جواز ذلك، ذكره في " الدراية ".

م: (وهو يقول) ش: أي الشافعي يقول: الاستدلال فيما ذهب إليه م: (إنه يشترط لها) ش: أي للتحريمة م: (ما يشترط لسائر الأركان) ش: مثل استقبال القبلة وستر العورة والطهارة والنية والوقت م: (وهذا آية الركنية) ش: أي الاشتراط لها مثل ما يشترط لسائر أركان الصلاة علامة كونها ركنا كسائر الأركان.

م: (ولنا أنه عطف الصلاة عليه) ش: الضمير في أنه يجوز أن يعود إلى الله، وعطف أيضا على صيغة المعلوم؛ أي ولنا أن الله تعالى عطف الصلاة عليه، أي على التكبير، ويجوز أن يكون الضمير ضمير الشأن وعطف على صيغة المجهول في النص، م:(في قَوْله تَعَالَى: {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: 15] ش: (الأعلى: 15) وعطف الصلاة بحرف الفاء على الذكر، والذكر الذي تعقبه الصلاة بلا فصل ليس إلا التحريمة بالاتفاق، فيقتضي هذا النص أن يكون التكبير خارج الصلاة، إذ التكبير لا يجب مرتين بالإجماع فتكون الصلاة المعطوفة خارجة عنه، وهو معنى قوله.

م: (ومقتضاه المغايرة) ش: بين المعطوف والمعطوف عليه، ولو كان ركنا لما جاز ذلك لأنه يلزم عطف الكل على الجزء، وفيه عطف الشيء على نفسه لاشتمال الكل على جزئه م:(ولهذا) ش: أي ولأجل أن تكبير الشروع شرط م: (لا يتكرر كتكرار الأركان) ش: في كل صلاة كالركوع والسجود، فلو كان ركنا تكرر كما تكرر الأركان.

فإن قلت: القراءة ركن فلا يشترط تكرارها.

قلت: القراءة متكررة أيضا بدليل افتراضها في الركعة الثانية كما في الأولى في الفرض وفي غيره كل الركعات.

م: (ومراعاة الشرائط لما يتصل به من القيام) ش: هذا جواب عما قاله الشافعي يشترط للتكبير ما يشترط لسائر الأركان، يعني مراعاة الشرائط لأجل القيام الذي يتصل بالتكبير لأجله عملا بموجب الفاء في النص، فلو لم يشترط فيه ما يشترط في الصلاة يؤدي ذلك إلى الفصل بينه وبينها، وهذا كعبد اشتراه الهاشمي فإنه يأخذ حكم المولى في حرمان الزكاة للاتصال به لا لذاته

ص: 166