الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6]
ويستر عورته لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31] . أي ما يواري عوراتكم عند كل صلاة.
ــ
[البناية]
وقال المصنف رحمه الله في " تفسيره ": وأمر الله أن تكون ثيابه طاهرة لأن طهارة الثياب شرط في الصلاة لا تصح إلا بها، وهي الأولى والأحب في غير الصلاة. ويقبح للمؤمن الطيب أن يحمل نجسا. وقيل: أمر بتقصيرها ومخالفة العرب في تطويلهم الثياب وجرهم الذيول، وذلك مما لا يؤمن معه إصابة النجاسة. وقال إبراهيم وقتادة والضحاك والشعبي والزهري:{وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4] من الرجس والإثم والمعصية. وقيل أراد طهر نفسك من الذنوب فكنى عن الجسم بالثياب لأنها تشتمل عليه. وقال ابن سيرين وابن زيد: نق ثيابك واغسلها بالماء وطهرها من النجاسة، وذلك المشركين كانوا لا يتطهرون فأمر بتطهير ثيابه، وذكر فيها وجوها كثيرة.
م: (وقال الله تعالى {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] ش: (المائدة: الآية 6) ذكر هذه الدلالة بعبارته على تقديم الطهارة على الأحداث. وقال الأترازي: لو لم يورد صاحب الهداية قَوْله تَعَالَى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4](المدثر: الآية 4) وقَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] لكان أحسن للاختصار يفهم ذلك من قوله على ما قدمناه وكان من حقه حيث أورد أن يورد الدليل على مجموع مدعاه لئلا يكون البيان متنافيا وهو ليس كذلك لأن قَوْله تَعَالَى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4] دليل تقديم الطهارة من الأنجاس وقَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] دليل تقديم الطهارة من الحدث الأكبر، وبقي تقديم الطهارة من الحدث الأصغر ولم يذكره وهو أنه الوضوء.
قلت: الدليل على جميع مدعاه قائم وبيانه شاف، وذلك فهم من قوله:{وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4] لأنا قلنا إن بعباراته تدل على تقديم الطهارة من الأنجاس، وبدلالته على تقديمها على الأحداث، وهي تتناول الحدث الأصغر والأكبر، وقوله: ولم يذكره ليس كذلك بل ذكره على طريقة ما ذكرنا ولكنه لم يتذكره.
[ستر العورة]
م: (ويستر عورته) ش: بنصب الراء، لأنه عطف على قوله أن يقدم وتقديره وأن يستر.
م: (لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31] أي ما يواري عوراتكم عند كل صلاة) ش: (الأعراف: 31) أراد بالزينة ما يواري العورة وبالمسجد والصلاة. ففي الأول: إطلاق اسم الحال على المحل. وفي الثاني: إطلاق اسم المحل على الحال لوجود الاتصال الذي بين الحال والمحل، وهذا لأن أخذ الزينة نفسها وهي عرض بحال فأريد محلها وهو الثوب مجازا. وكانوا يطوفون عراة يقولون لا نعبد الله في ثياب أذنبنا فيها فنزلت. لا يقال: نزول الآية في الطواف فكيف يثبت الحكم في الصلاة لأنا نقول العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وهنا اللفظ عام لأنه قال:{عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31] ولم يقل عند مسجد الحرام فدل بعمومه، ويقال:{خُذُوا زِينَتَكُمْ} [الأعراف: 31] من قبيل إطلاق المسبب على السبب لأن الثوب سبب الزينة ومحل الزينة الشخص.
وقال عليه الصلاة والسلام: «لا صلاة لحائض إلا بخمار» أي لبالغة.
ــ
[البناية]
وقيل: الزينة ما يتزين به من ثوب وغيره كما في قَوْله تَعَالَى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} [النور: 31](النور: آية 31) فعلى هذا يصح ما ذكروه من التأويل. وقال الزمخشري: الزينة ما زينت به المرأة من حلي أو كحل وإنما نهى عن ابتداء الزينة نفسها ليعلم أن النظر لم يحل إليها.
وقيل: أراد موضع الزينة لأن النظر إلى الزينة حلال بالإجماع والستر لا يجب لغير المسجد بدليل جواز الطواف عريانا هنا فعلم من هذا أن ستره للصلاة لا لأجل الناس، حتى لو صلى وحده ولم يستر عورته لا تجوز صلاته وإن لم يكن عنده أحد.
م: (وقال عليه السلام: «لا صلاة لحائض إلا بخمار» أي لبالغة) ش: هذا الحديث أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه عن حماد بن سلمة عن قتادة عن محمد بن سيرين عن صفية بنت الحارث عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار» . وقال الترمذي: حديث حسن.
ورواه ابن خزيمة وابن حبان في " صحيحيهما " ولفظهما: «لا يقبل الله صلاة امرأة قد حاضت إلا بخمار» . رواه الحاكم في " المستدرك "، وقال حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه. وأظنه بخلاف فيه على قتادة ثم أخرجه عن سعيد عن قتادة عن الحسن عن النبي عليه الصلاة والسلام قال:«لا صلاة لحائض إلا بخمار» . قلت: هذا مثل لفظ المصنف وهذا قد دل على افتراض ستر العورة في الصلاة وستر العورة شرط لصحة الصلاة فرضها ونفلها عندنا، وبه قال الشافعي وأحمد وعامة الفقهاء وأهل الحديث. وقال بعض المالكية: هو واجب وليس بشرط لصحة الصلاة. وقال ابن رشيد في " القواعد ": ظاهر مذهب مالك أن ستر العورة من سنن الصلاة. وقال بعضهم: هو شرط عند الذكر دون النسيان. وعن أشهب: من صلى عريانا أعاد في الوقت. وحكى أبو الفرج المالكي: أنه يجب ستر جميع الجسد، قالوا: وجوابه لا يخص الصلاة.
قلت: ستر العورة عن العيوب واجب بلا خلاف.