المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[صلاة النافلة على الدابة وفي حال القعود] - البناية شرح الهداية - جـ ٢

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصلاة

- ‌[تعريف الصلاة]

- ‌باب المواقيت

- ‌أول وقت الفجر

- ‌[وقت صلاة الفجر]

- ‌[آخر وقت صلاة الفجر]

- ‌أول وقت الظهر

- ‌[وقت صلاة الظهر]

- ‌[آخر وقت الظهر]

- ‌أول وقت العصر

- ‌[وقت صلاة العصر]

- ‌[آخر وقت العصر]

- ‌[وقت صلاة المغرب]

- ‌[أول وقت المغرب وآخره]

- ‌أول وقت العشاء

- ‌[وقت صلاة العشاء]

- ‌آخر وقت العشاء

- ‌[وقت صلاة الوتر]

- ‌فصل ويستحب الإسفار بالفجر

- ‌[الإبراد بالظهر وأخير العصر في الصيف]

- ‌[تعجيل المغرب]

- ‌تأخير العشاء إلى ما قبل ثلث الليل

- ‌فصل في الأوقات التي تكره فيها الصلاة

- ‌باب الأذان

- ‌[حكم الأذان]

- ‌صفة الأذان

- ‌[ما يشرع له الأذان من الصلوات]

- ‌[زيادة الصلاة خير من النوم في أذان الفجر]

- ‌[ما يسن في الأذان والإقامة]

- ‌[شروط المؤذن]

- ‌[ما يستحب لمن سمع الأذان]

- ‌[التثويب في أذان الفجر]

- ‌[الفصل بين الأذان والإقامة]

- ‌[ما ينبغي للمؤذن والمقيم]

- ‌[أذان الجنب]

- ‌[الأذان قبل دخول الوقت]

- ‌المسافر يؤذن ويقيم

- ‌باب شروط الصلاة التي تتقدمها

- ‌ الطهارة من الأحداث والأنجاس

- ‌[ستر العورة]

- ‌عورة الرجل

- ‌[عورة الحرة]

- ‌[عورة الأمة]

- ‌[صلاة العريان]

- ‌[النية من شروط الصلاة]

- ‌[تعريف النية]

- ‌[استقبال القبلة من شروط الصلاة]

- ‌ حكم من اشتبهت عليه القبلة

- ‌باب في صفة الصلاة

- ‌فرائض الصلاة

- ‌[تكبيرة الإحرام]

- ‌[القيام في صلاة الفرض]

- ‌[قراءة القرآن والركوع والسجود في الصلاة]

- ‌[القعدة في آخر الصلاة والتشهد والسلام]

- ‌[سنن الصلاة]

- ‌[رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام]

- ‌[وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة]

- ‌[دعاء الاستفتاح]

- ‌[حكم الاستعاذة في الصلاة]

- ‌[البسملة في الصلاة]

- ‌[الواجب من القراءة في الصلاة]

- ‌[قول المأموم آمين]

- ‌[التكبير قبل الركوع وبعد الرفع منه]

- ‌[قول سبحان ربي العظيم في الركوع]

- ‌قول: سمع الله لمن حمده

- ‌[قول سبحان ربي الأعلى في السجود]

- ‌[الافتراش عند التشهد الأوسط]

- ‌[التشهد الأوسط وصيغته]

- ‌[القراءة في الأخيرتين بفاتحة الكتاب فقط]

- ‌[الصلاة على النبي في التشهد الأخير]

- ‌[حكم الصلاة على النبي خارج الصلاة]

- ‌[الدعاء بعد التشهد الأخير وقبل السلام]

- ‌[كيفية الصلاة على النبي]

- ‌[الحكم لو ترك بعض التشهد وأتى بالبعض]

- ‌فصل في القراءة

- ‌[الصلوات التي يجهر فيها بالقراءة والتي يسر فيها]

- ‌[المنفرد هل يجهر بصلاته أم يسر فيها]

- ‌[الإسرار بالقراءة في الظهر والعصر]

- ‌[الجهر في الجمع بعرفة]

- ‌[الجهر في الجمعة والعيدين]

- ‌[تطوعات النهار سرية]

- ‌[حكم من قرأ في العشاء في الأوليين السورة ولم يقرأ بالفاتحة]

- ‌أدنى ما يجزئ من القراءة في الصلاة

- ‌[مقدار القراءة في الصلوات الخمس]

- ‌[قراءة نفس السورة مع الفاتحة في الركعة الثانية]

- ‌[تعيين سورة أو آية من القرآن لشيء من الصلوات]

- ‌[قراءة المؤتم خلف الإمام]

- ‌باب في الإمامة

- ‌[حكم صلاة الجماعة]

- ‌أولى الناس بالإمامة

- ‌[إمامة العبد والفاسق والأعمى وولد الزنا]

- ‌[تخفيف الإمام في الصلاة]

- ‌[إمامة المرأة للنساء في صلاة الجماعة]

- ‌[موقف الإمام والمأموم في الصلاة]

- ‌[إمامة المرأة والصبي في الصلاة]

- ‌[إمامة الصبي في النوافل كالتراويح ونحوها]

- ‌[كيفية ترتيب الصفوف في الصلاة]

- ‌[محاذاة المرأة للرجل في الصلاة]

- ‌[حضور النساء للجماعات]

- ‌[صلاة الصحيح خلف صاحب العذر]

- ‌[صلاة القارئ خلف الأمي]

- ‌[صلاة المكتسي خلف العاري]

- ‌[إمام المتيمم للمتوضئين]

- ‌[صلاة القائم خلف القاعد]

- ‌[صلاة المفترض خلف المتنفل والعكس]

- ‌ اقتدى بإمام ثم علم أن إمامه محدث

- ‌[إمامة الأمي]

- ‌باب الحدث في الصلاة

- ‌[حكم من ظن أنه أحدث فخرج من المسجد ثم علم أنه لم يحدث]

- ‌[حكم الحدث من الإمام أو المأموم في الصحراء]

- ‌[الحكم لو حصر الإمام عن القراءة فقدم غيره]

- ‌[رؤية المتيمم للماء أثناء الصلاة]

- ‌[حكم من أحدث في ركوعه أو سجوده]

- ‌[حكم من أم رجلا واحدا فأحدث]

- ‌باب ما يفسد الصلاة، وما يكره فيها

- ‌[حكم الكلام في الصلاة]

- ‌[التنحنح في الصلاة]

- ‌[تشميت العاطس في الصلاة]

- ‌[الفتح على الإمام]

- ‌[حكم الفتح على الإمام]

- ‌[حكم من صلى ركعة من الظهر ثم افتتح العصر]

- ‌[حمل المصحف والنظر فيه وتقليب الأوراق في الصلاة]

- ‌[اتخاذ السترة ومرور المرأة ونحوها بين يدي المصلي]

- ‌[اتخاذ المصلي للسترة في الصحراء]

- ‌ وسترة الإمام سترة للقوم

- ‌[دفع المصلي المار بين يديه]

- ‌[فصل في العوارض التي تكره في الصلاة]

- ‌ العبث في الصلاة

- ‌[التخصر في الصلاة]

- ‌ الالتفات في الصلاة

- ‌[الإقعاء في الصلاة]

- ‌[رد السلام للمصلي]

- ‌[التربع للمصلي]

- ‌[لا يصلي وهو معقوص الشعر]

- ‌[كف الثوب في الصلاة]

- ‌[الأكل والشرب في الصلاة]

- ‌[الحكم لو صلى وفوقه أو بين يديه أو بحذائه تصاوير]

- ‌[اتخاذ الصور في البيوت وقتل الحيات في الصلاة]

- ‌فصل ويكره استقبال القبلة بالفرج في الخلاء

- ‌ المجامعة فوق المسجد والبول والتخلي

- ‌[أحكام المساجد]

- ‌[إغلاق باب المسجد]

- ‌باب صلاة الوتر

- ‌[حكم صلاة الوتر]

- ‌[عدد ركعات الوتر]

- ‌[أحكام القنوت في الصلاة]

- ‌[القراءة في صلاة الوتر]

- ‌[القنوت في الوتر]

- ‌[حكم من أوتر ثم قام يصلي يجعل آخر صلاته وترا أم لا]

- ‌باب النوافل

- ‌[عدد ركعات التطوع المرتبطة بالصلوات وكيفيتها]

- ‌فصل في القراءة

- ‌[حكم القراءة في الفرض]

- ‌[حكم القراءة في صلاة النفل]

- ‌[صلاة النافلة على الدابة وفي حال القعود]

- ‌[حكم السنن الرواتب]

- ‌فصل في قيام شهر رمضان

- ‌[حكم صلاة التراويح وكيفيتها]

- ‌[صلاة الوتر جماعة في غير رمضان]

- ‌باب إدراك الفريضة

- ‌[حكم من أقيمت عليه الصلاة وهو في صلاة نفل]

- ‌[حكم من انتهى إلى الإمام في صلاة الفجر وهو لم يصل ركعتي الفجر]

- ‌باب قضاء الفوائت

- ‌[كيفية قضاء الفوائت]

- ‌باب سجود السهو

- ‌[كيفية سجود السهو]

- ‌[متى يلزم سجود السهو]

- ‌[حكم الشك في عدد ركعات الصلاة]

- ‌باب صلاة المريض

- ‌[كيفية صلاة المريض]

- ‌[حكم من أغمي عليه خمس صلوات أو دونها]

- ‌باب سجود التلاوة

- ‌[عدد سجدات القرآن]

- ‌[من تلزمه سجدة التلاوة]

- ‌[قضاء سجدة التلاوة]

- ‌[تكرار تلاوة سجدة التلاوة في المجلس الواحد]

الفصل: ‌[صلاة النافلة على الدابة وفي حال القعود]

ويصلي النافلة قاعدا مع القدرة على القيام، لقوله عليه السلام:«صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم» ،

ــ

[البناية]

بقوله تعالى {فَاقْرَءُوا} [المزمل: 20] ، والحديث بيان أنها فرض في التطوع ركعة فركعة. قلت هذا مثله وليس بشيء، لأن نص القرآن ظاهر مستغن عنه من البيان، وليس بمجمل إذ لو كان مجملا لقيل بفرضية الفاتحة وضم السورة، على أن يكون هذا حديثا لم يثبت كما ذكرنا. وفي " الجنازية ": تفسير الحديث على الوجه المنقول بأن كل شفع من النوافل محل فرض من القراءة باعتبار أنه صلاة على حدة فرضت فيه القراءة بقوله تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ} [المزمل: 20] وهذا كما يقال: باعتبار المسح بالربع، ثبت بخبر المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، وفرضيته ثبتت بقوله تعالى:{فَامْسَحُوا} [المائدة: 6] .

قلت: هذا أيضا من المشرب المذكور في كونه اعتمد على كون الحديث مرفوعا، وأيضا فإن قوله بيان أن كل القيام.. إلخ لا يحتاج إلى هذه المقالة، لأنه لما ثبت أن كل شفع من النوافل صلاة على حدة فبرهنت فيه القراءة بقوله تعالى {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: 20] (المزمل: الآية 20) لأن الأمر بالقراءة في مطلق الصلاة، فكانت في الركعة الأولى من الفرض بالأمور، وفي الثانية بدلالة النص، فكذلك في الشفع من النفل، لأنه صلاة والقراءة فرض في الصلاة، ولأجل ما ذكرنا من الأمور حمل بعضهم هذا الخبر على النهي عن إعادة الصلاة بسبب الوسوسة، ذكره في " الذخيرة "، وقيل كانوا يصلون الفريضة بعدها أخرى يطلبون بذلك زيادة الأجر، فنهي عن ذلك، وقال «لا يصلي بعد صلاة مثلها» وحمله الشافعي على المماثلة في العدد وليس بشيء، فإنه شرع بالإجماع في ركعتي الفجر مع الفجر ونحوه كذا ذكرنا.

وفي " جامع فخر الإسلام ": ولو حمل على تكرار الجماعة في مسجد له أهل أو على قضاء صلاة عند توهم الفساد يكون صحيحا. وفي الجنازية فإن ذلك مكروه لما فيه من تسليط الوسوسة على القلب، وقال بعضهم: هذا حكم ظهر بعد سبب وهو ما روي «أنه عليه السلام ليلة التعريس دعا بماء فأوتر ثم صلى الفجر بجماعة فقال له أصحابه أونقضي بها بين الركعتين في وقت الصلاة من اليوم الثاني؟ فقال عليه السلام: إن الله تعالى نهاكم عن الرياء فلا يأمركم به، لا يصلي بعد صلاة مثلها» معناه أن الفائنة إذا قضيت لا تقضى في اليوم الثاني في وقت تلك الصلاة من غير دليل، قلت فيه نظر لا يخفى.

[صلاة النافلة على الدابة وفي حال القعود]

م: (ويصلي النافلة قاعدا مع القدرة على القيام) ش: معناه يجوز له أن يصلي النافلة حال كونه قاعدا مع القدرة على الصلاة قائما م: (لقوله عليه السلام: «صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم» ش: هذا الحديث أخرجه البخاري والأربعة عن عمران بن حصين قال: «سألت النبي عليه السلام عن صلاة الرجل قاعدا، فقال: من صلى قائما فهو أفضل ومن صلى قاعدا فله نصف أجر القائم، ومن صلى نائما فله نصف أجر القاعد» وفي رواية مسلم: قال عليه

ص: 540

ولأن الصلاة خير موضوع وربما يشق عليه القيام فيجوز له تركه كيلا ينقطع عنه،

واختلفوا في كيفية القعود، والمختار أن يقعد في حالة التشهد؛

ــ

[البناية]

السلام: «صلاة الرجل قاعدا نصف الصلاة» أي في حق الأجر. فإن قلت: هذا الحديث لم يتعرض للنفل ولا للفرض ولا لحالة العذر وغيرها فكيف وجه التمسك به قلت قال الشراح هنا ما حاصله إن الإجماع منعقد على أن صلاة القاعد بعذر مساوية لصلاة القائم في حق الأجر فلم يبق حينئذ إلا صلاة النفل قاعدا بدون العذر، لأن الفرض لم يجز قاعدا بلا عذر.

قلت: هذا غير مخلص على ما لا يخفى، لأنهم ما ذكروا شيئا يدل على ما قالوا، فأقول وبالله التوفيق: إن أبا بكر بن أبي شيبة روى في " سننه " عن المسيب بن رافع الكاهلي قال: صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم إلا من عذر، وروى أيضا عن «عبد الله بن شقيق قال سألت عائشة رضي الله عنه لكان رسول الله عليه السلام يصلي قاعدا قالت بعدما حطته السن» هذا دليل على أن المراد من قوله عليه السلام «صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم» غير حال العذر. وقال الترمذي وقال سفيان الثوري هذا الحديث «من صلى جالسا فله نصف أجر القائم» قال: هذا للصحيح ومن ليس له عذر، وأما من كان له عذر من مرض أو غيره فصلى جالسا فله مثل أجر القائم، وقد روي في بعض الحديث مثل قول سفيان الثوري. فإن قلت: هذا الذي ذكرته [منها] لا يدل على المدعى.

قلت: روي أنه عليه السلام «كان يصلي بعد الوتر قاعدا» . وعن عائشة رضي الله عنها أنه عليه السلام «كان يصلي ليلا طويلا قائما، وليلا طويلا قاعدا» ، الحديث رواه الجماعة إلا البخاري، فهذا يدل على أن النفل قاعدا من غير عذر يجوز، وأما الأحاديث المذكورة فتدل على أن الصلاة قاعدا في الفرض لا تجوز إلا عن عذر.

م: (ولأن الصلاة خير موضوع) ش: أي مشروع لك مرفوع عنك لكونها غير واجبة، وروى أحمد في " مسنده " والبزار في " سننه " من حديث عبيد بن الخشخاش عن أبي ذر عن النبي عليه السلام «الصلاة خير موضوع، فمن شاء أكثر، ومن شاء أقل» . ورواه ابن حبان في " صحيحه " والطبراني في " الأوسط " م: (وربما يشق عليه) ش: أي على المصلي م: (القيام فيجوز له تركه) ش: أي ترك القيام م: (كيلا ينقطع عنه) ش: أي عن فعل النافلة، وفي بعض النسخ كيلا ينقطع به أي بسبب القيام عن الخبر، لأن القيام ربما يفضي إلى ذلك.

م: (واختلفوا في كيفية القعود) ش: أي اختلف العلماء في كيفية القعود وحالة القراءة، قال المصنف م:(والمختار أن يقعد كما يقعد في حالة التشهد) ش: وهو الذي اختاره الفقيه أبو الليث السمرقندي وشمس الأئمة السرخسي وهو قول زفر رحمه الله، وفي " الخلاصة ": عن أبي حنيفة ثلاث روايات: في رواية يجلس كما يجلس في التشهد، وفي رواية: يتربع، وفي رواية:

ص: 541

لأنه عهد مشروعا في الصلاة وإن افتتحها قائما ثم قعد من غير عذر جاز عند أبي حنيفة رحمه الله وهذا استحسان، وعندهما لا يجوز به وهو قياس، لأن الشروع معتبر بالنذر له أنه لم يباشر القيام فيما بقي، ولما باشر صحت بدونه

ــ

[البناية]

يحتبي، وفي " شرح الطحاوي ": وفي قول زفر يجلس كما يجلس في التشهد وفي حال التشهد يجلس كما يجلس في التشهد بالإجماع. وفي " الذخيرة ": يقعد في التشهد كما يقعد في سائر الصلاة إجماعا، وعن أبي حنيفة في حالة القراءة روايتان إن شاء قعد كذلك، وإن شاء تربع وإن شاء احتبى وعن أبي يوسف أنه يحتبي، وعنه أنه يتربع إن شاء، وعن محمد أنه يتربع، وذكر خواهر زادة في باب الحدث أنه يخير بين التربع والاحتباء، وروي عن أبي حنيفة أنه يتربع في صلاة الليل من أول الصلاة إلى آخرها. وقال أبو يوسف إذا جاء وقت الركوع والسجود يقعد كما يقعد في تشهد المكتوبة.

وفي " مختصر الكرخي " عن أبي حنيفة يقعد كيف شاء وبه قال محمد وغيرهما من السلف. وروى الحسن أنه يتربع وإذا أراد الركوع يثني رجله اليسرى وافتراشها، وهو رواية عن أبي يوسف وعنه أنه يركع متربعا، وذكر شيخ الإسلام الأفضل له أن يقعد في موضع القيام محتبيا، لأن عامة صلاة رسول الله عليه السلام في آخر عمره كان محتبيا، وفي " شرح الوجيز " الافتراش أفضل في قول، والتربع أفضل في قول، وقيل ينصب ركبته اليمنى ويفترش رجله اليسرى، وقيل: ينصب رجله اليمنى كالقارئ يجلس بين يدي المقرئ. وعند مالك يتربع، وعند أحمد يتربع في حال القيام ويثني رجليه في الركوع والسجود، وتفسير الاحتباء أن ينصب ركبتيه ويجمع يديه عند ساقيه وفي الصحاح: احتبى الرجل إذا جمع ظهره وساقيه بعمامته أو بيديه والمراد هاهنا جمعها بيديه.

م: (لأنه) ش: أي لأن قعود التشهد م: (عهد مشروعا في الصلاة) ش: فكان أولى من غيره م: (وإن افتتحها) ش: أي وإن افتتح النافلة حال كونه م: (قائما ثم قعد من غير عذر) ش: قيد به، لأنه إذا قعد بعذر جاز بالاتفاق وبغير عذر م:(جاز عند أبي حنيفة) ش: وبه قال مالك والشافعي م: (وهذا استحسان) ش: أي قول أبي حنيفة هو استحسان.

م: (وعندهما) ش: أي عند أبي يوسف ومحمد م: (لا يجوز به) ش: وبه قال بعض أصحاب الشافعي م: (وهو قياس) ش: أي قولهما هو القياس م: (لأن الشروع معتبر بالنذر) ش: هذا وجه القياس، لأن المشروع ملزم كالنذر، فإذا نذر أن يصلي قائما لا يجوز له أن يصلي قاعدا، فكذا إذا شرع قائما لا يجوز له أن يتم قاعدا.

م: (وله) ش: أي ولأبي حنيفة وهو وجه الاستحسان م: (أنه) ش: أي أن المفتتح قائما م: (لم يباشر القيام فيما بقي) ش: من الصلاة م: (ولما باشر صحت بدونه) ش: أي لما باشر من القيام في

ص: 542

بخلاف النذر، لأنه التزمه نصا، حتى لو لم ينص على القيام لا يلزمه القيام عند بعض المشايخ رحمهم الله،

ــ

[البناية]

الأولى صحة بدون القيام في الثانية بدليل حالة العذر فلا يكون الشروع في الأولى قائما موجبا للقيام في الثانية م: (بخلاف النذر لأنه التزمه نصا) ش: أراد أن القياس على النذر غير صحيح، لأنه التزم القيام من حيث إنه نص عليه بتسليمة فيلزمه م:(حتى لو لم ينص على القيام) ش: في نذره م: (لا يلزمه القيام عند بعض المشايخ) ش: أراد به فخر الإسلام ومن وافقه، قال فخر الإسلام البزدوي في " شرح الجامع الصغير " وإذا نذر أن يصلي مطلقا لم يلزمه القيام، ثم قال: هذا هو الصحيح من الجواب. وقال الفقيه أبو جعفر الهندواني: لا رواية فيما إذا نذر أن يصلي صلاة ولم يقل قائما أو قاعدا، أما إذا قاله يجب قائما أو قاعدا.

ثم اختلف المشايخ قال فخر الإسلام: لم يلزمه القيام لأنه في النفل وصف زائد فلا يلزم إلا بالشرط وقال بعضهم: يلزمه قائما؛ لأن إيجاب العبد معتبر بإيجاب الله تعالى، وأسماء أوجبها الله تعالى قائما، وقال الأكمل وفي قوله حتى لو لم ينص.. إلخ نظر لأنه لا يستقيم في الاستدلال على قول أبي حنيفة أخذ قوله بعض من تأخر عنه بأزمنة كثيرة. قلت: ليس الأمر كذلك لأن قوله حتى لو لم ينص إلخ عنه بأزمنة نتيجة قول أبي حنيفة الذي يفهم منه، وكيف لا يستقيم الاستدلال فيها بقول متأخر بقول متقدم، ومع هذا لا رواية عنه فيما إذا نذر صلاة مطلقا هل يصلي قائما أو قاعدا كما ذكرنا، وقال الأكمل أيضا واعلم أن الدليل المذكور في الكتاب يفيد أنه لو قعد في الركعة الأولى بعد افتتاحها لا يجوز، لأن الشروع يلزم ما باشره وما باشره إلا قائما. وذكر في " الفوائد الظهيرية " ما يدل على جوازه حيث قال المتطوع في الابتداء. كانت له الخيرة بين الافتتاح قائما وبين الافتتاح قاعدا فكذلك في الانتهاء بالطريق الأولى، لأن حكم الاستدامة أخف.

قلت: هذا الذي قاله من كلام السغناقي، ثم قال الأكمل وفيه نظر، لأن كون البقاء أسهل من الابتداء من المسلمات لا نزاع فيه، لكن عارضه أصل آخر وهو أن الشروع فيما باشره يلزمه.

قلت: المتطوع مخير بين القيام والقعود، ولأن القيام صفة زائدة، والصلاة تجوز بدونه صفة القيام، فبالنظر إلى هذا الشروع فيما باشره غير ملزم والاستحقاق هذا الجزء الذي شرع فيه اسمية الصلاة إنما يكون بانضمام أجزاء أخر.

فروع: لو توكأ على عصا أو حائط بغير عذر لا يكره عنده، وعندهما يكره. ولو نذر صلاة وهو راكب فقد ذكر الكرخي أنه يجوز أداؤها راكبا، وفي الأصل: لو نذر أن يصلي فصلى راكبا لم يجزئه، ولم يفصل بينهما إذا كان الناذر راكبا على الدابة أو الأرض، وذكر ابن أبي شيبة عن السلف منهم الحسن البصري أنه قال: لا بأس من أن يصلي الرجل ركعة قائما وركعة قاعدا،

ص: 543

ومن كان خارج المصر تنفل على دابته إلى أي جهة توجهت يومئ إيماء؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنه قال: «رأيت رسول صلى الله عليه وسلم يصلي على حمار وهو متوجه إلى خيبر يومئ إيماء»

ــ

[البناية]

وكذا روي عن شعبة عن الحكم وحماد، ولم يذكر عن غيرهم خلاف وذهب بعض الناس إلى أنه إذا افتتحها قاعدا لا يتمها قائما، والصحيح جواز ذلك. ومن العلماء من كره أن يصلي الإنسان النافلة قاعدا من غير عذر. وفي " مبسوط بكر ": أطلق النذر قيل يلزمه نصف القيام وقيل: لصفة القعود، وقيل: يتخير، وعلى الثلاثة لا يجوز. وعن الكرخي لو نذر راكبا يجزئه.

ولو نذر أن يصلي بغير وضوء أو بغير قراءة فعند أبي يوسف يلزمه ويلغو ذكر الوصف وعند زفر لا يلزمه، وعند محمد لو سمى ما لا يجوز أداء الصلاة إلا معه كالصلاة من غير طهارة لا يلزمه وإلا يلزمه كالصلاة من غير قراءة. ولو شرع في الأوقات المكروهة وقطعها لزمه القضاء، فإن قضاها فيها أو في مثلها سقط القضاء.

م: (ومن كان خارج المصر تنفل على دابته إلى أي جهة توجهت دابته يومئ إيماء) ش: جملة حالية، أي يتنفل حال كونه مومئا، وفي المحيط من الناس من يقول إنما يجوز التطوع على الدابة إذا توجهت إلى القبلة عند افتتاحها ثم يترك التوجه والتحرف عن القبلة. أما لو افتتح الصلاة إلى غير القبلة لا يجوز لأنه لا ضرورة في حال الابتداء، وإنما الضرورة في حالة البقاء، وعند العامة يجوز كيفما كان، وصرح في الإيضاح بأن القائل به الشافعي وقال ابن بطال استحب ابن حنبل وأبو ثور أن يفتتحها متوجها إلى القبلة ثم لا يبالي حيث توجهت. وقال الشافعية القعود في الركوب على الدابة إن كانت سهلة يلزمه أن يدير رأسها عند الإحرام إلى القبلة في أصح الوجهين، وهو رواية ابن المبارك ذكرها في " جوامع الفقه "، وفي الوجه الثاني لا يلزمه، وفي القطار والدابة الصعبة لا يلزمه، وفي " العمادية " و " المجمل الواسعي " يلزمه التوجه للقبلة. وقيل في الدابة يلزمه في السلام أيضا، والأصح أن الماضي يتم ركوعه وسجوده ويستقبل فيهما وفي إحرامه ولا يمشي إلا في قيامه، ومذهبنا هو قول الجمهور وهو قول علي وابن الزبير وأبي ذر وأنس وابن عمر، وبه قال طاوس وعطاء والأوزاعي والثوري ومالك والليث.

م: (لحديث ابن عمر رضي الله عنه قال: «رأيت رسول الله عليه السلام يصلي على حمار وهو متوجه إلى خيبر يومئ إيماء» ش: الحديث في هذا الباب روي عن ابن عمر وجابر وأنس وعامر بن ربيعة وأبي سعيد ولم يرو بلفظ الكتاب إلا عن أنس رضي الله عنه أخرجه الدارقطني في " غرائب مالك " عن مالك عن الزهري عن أنس، قال:«رأيت النبي عليه السلام وهو متوجه إلى خيبر على حمار يصلي يومئ إيماء» وسكت عنه.

أما حديث ابن عمر فأخرجه مسلم وأبو داود والنسائي عن عمرو بن يحيى المازني عن سعيد بن يسار عن عبد الله بن عمر قال «رأيت رسول الله عليه السلام يصلي على حمار وهو متوجه إلى

ص: 544

ولأن النوافل غير مختصة بوقت، فلو ألزمناه النزول والاستقبال تنقطع عنه النافلة أو ينقطع هو عن القافلة،

أما الفرائض فمختصة بوقت،

ــ

[البناية]

خيبر» قال النسائي: عمر بن يحيى لا يتابع على قوله على حمار وإنما هو على راحلته، قيل وقد غلط الدارقطني وغيره عمرو بن يحيى في ذلك والمعروف على راحلته وعلى البعير، وقوله يومئ إيماء ليس في الحديث.

وأما حديث جابر فإن ابن حبان أخرجه في صحيحه عنه قال «رأيت النبي عليه السلام يصلي النوافل على راحلته في كل وجه يومئ إيماء، ولكنه يخفض السجدتين من الركعتين» وأخرجه أبو داود والترمذي ولفظه: «بعثني النبي عليه السلام في حاجة فجئت وهو يصلي على راحلته نحو المشرق السجود أخفض من الركوع» وقال الترمذي: حسن صحيح وأخرجه البخاري عنه قال «كان النبي عليه السلام يصلي على راحلته حيث توجهت به، فإذا أراد الفريضة نزل فاستقبل القبلة» .

وأما حديث عامر بن ربيعة فإن البخاري ومسلما أخرجاه عنه، قال:«رأيت رسول الله عليه السلام وهو على الراحلة يسبح يومئ برأسه، قبل أي وجه توجه ولم يكن يصنع ذلك في المكتوبة» . وأما حديث أبي سعيد فأخرجه.

م: (ولأن النوافل غير مختصة بوقت فلو ألزمناه النزول) ش: عن الدابة م: (والاستقبال) ش: إلى القبلة م: (تنقطع عنه النافلة) ش: بالنون لأنه إذا لزم النزول لا يقدر أن يتطوع راكبا، والنافلة خبر موضوع مشروع على حسب [......] ففي إلزام النزول بعذر ضرر م:(أو ينقطع هو) ش: أي المتطوع م: (عن القافلة) ش: بالقاف على تقدير النزول وفيه ضرر لا يخفى.

م: (أما الفرائض فمختصة بوقت) ش: فلم يجز أن يؤديها راكبا لعدم لزوم الحرج في النزول.

وفي " خلاصة الفتاوى ": أما صلاة الفرض على الدابة لعذر فجائزة، ومن الأعذار المطر عن محمد إذا كان الرجل في السفر فأمطرت السماء لم يجد مكانا ما يشاء ينزل للصلاة فإنه يقف على الدابة مستقبل القبلة ويصلي بالإيماء إذا أمكنه إيقاف الدابة، فإن لم يمكنه يصلي مستدبر القبلة، وهذا إذا كان الطين بحال يصيب وجهه، فإن لم تكن هذه المثابة لكن الأرض ندية صلى هنالك ثم قال وهذا إذا كانت الدابة تسير بنفسها، أما إذا سيرها صاحبها فلا يجوز التطوع ولا الفرض. ومن الأعذار اللص والمرض، وأما في البادية فتجوز ذلك كذا ذكر صاحب " الخلاصة "، ومن الأعذار أن تكون الدابة جموحا، ولو نزل لا يمكنه الركوب ومن الأعذار كون المسافر شيخا كبيرا لا يجد من يركبه إذا نزل، وفيها الخوف من السبع. وفي المحيط تجوز الصلاة على الدابة في هذه الأحوال ولا تلزمه الإعادة بعد زوال العذر.

ص: 545