المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[حكم الشك في عدد ركعات الصلاة] - البناية شرح الهداية - جـ ٢

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصلاة

- ‌[تعريف الصلاة]

- ‌باب المواقيت

- ‌أول وقت الفجر

- ‌[وقت صلاة الفجر]

- ‌[آخر وقت صلاة الفجر]

- ‌أول وقت الظهر

- ‌[وقت صلاة الظهر]

- ‌[آخر وقت الظهر]

- ‌أول وقت العصر

- ‌[وقت صلاة العصر]

- ‌[آخر وقت العصر]

- ‌[وقت صلاة المغرب]

- ‌[أول وقت المغرب وآخره]

- ‌أول وقت العشاء

- ‌[وقت صلاة العشاء]

- ‌آخر وقت العشاء

- ‌[وقت صلاة الوتر]

- ‌فصل ويستحب الإسفار بالفجر

- ‌[الإبراد بالظهر وأخير العصر في الصيف]

- ‌[تعجيل المغرب]

- ‌تأخير العشاء إلى ما قبل ثلث الليل

- ‌فصل في الأوقات التي تكره فيها الصلاة

- ‌باب الأذان

- ‌[حكم الأذان]

- ‌صفة الأذان

- ‌[ما يشرع له الأذان من الصلوات]

- ‌[زيادة الصلاة خير من النوم في أذان الفجر]

- ‌[ما يسن في الأذان والإقامة]

- ‌[شروط المؤذن]

- ‌[ما يستحب لمن سمع الأذان]

- ‌[التثويب في أذان الفجر]

- ‌[الفصل بين الأذان والإقامة]

- ‌[ما ينبغي للمؤذن والمقيم]

- ‌[أذان الجنب]

- ‌[الأذان قبل دخول الوقت]

- ‌المسافر يؤذن ويقيم

- ‌باب شروط الصلاة التي تتقدمها

- ‌ الطهارة من الأحداث والأنجاس

- ‌[ستر العورة]

- ‌عورة الرجل

- ‌[عورة الحرة]

- ‌[عورة الأمة]

- ‌[صلاة العريان]

- ‌[النية من شروط الصلاة]

- ‌[تعريف النية]

- ‌[استقبال القبلة من شروط الصلاة]

- ‌ حكم من اشتبهت عليه القبلة

- ‌باب في صفة الصلاة

- ‌فرائض الصلاة

- ‌[تكبيرة الإحرام]

- ‌[القيام في صلاة الفرض]

- ‌[قراءة القرآن والركوع والسجود في الصلاة]

- ‌[القعدة في آخر الصلاة والتشهد والسلام]

- ‌[سنن الصلاة]

- ‌[رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام]

- ‌[وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة]

- ‌[دعاء الاستفتاح]

- ‌[حكم الاستعاذة في الصلاة]

- ‌[البسملة في الصلاة]

- ‌[الواجب من القراءة في الصلاة]

- ‌[قول المأموم آمين]

- ‌[التكبير قبل الركوع وبعد الرفع منه]

- ‌[قول سبحان ربي العظيم في الركوع]

- ‌قول: سمع الله لمن حمده

- ‌[قول سبحان ربي الأعلى في السجود]

- ‌[الافتراش عند التشهد الأوسط]

- ‌[التشهد الأوسط وصيغته]

- ‌[القراءة في الأخيرتين بفاتحة الكتاب فقط]

- ‌[الصلاة على النبي في التشهد الأخير]

- ‌[حكم الصلاة على النبي خارج الصلاة]

- ‌[الدعاء بعد التشهد الأخير وقبل السلام]

- ‌[كيفية الصلاة على النبي]

- ‌[الحكم لو ترك بعض التشهد وأتى بالبعض]

- ‌فصل في القراءة

- ‌[الصلوات التي يجهر فيها بالقراءة والتي يسر فيها]

- ‌[المنفرد هل يجهر بصلاته أم يسر فيها]

- ‌[الإسرار بالقراءة في الظهر والعصر]

- ‌[الجهر في الجمع بعرفة]

- ‌[الجهر في الجمعة والعيدين]

- ‌[تطوعات النهار سرية]

- ‌[حكم من قرأ في العشاء في الأوليين السورة ولم يقرأ بالفاتحة]

- ‌أدنى ما يجزئ من القراءة في الصلاة

- ‌[مقدار القراءة في الصلوات الخمس]

- ‌[قراءة نفس السورة مع الفاتحة في الركعة الثانية]

- ‌[تعيين سورة أو آية من القرآن لشيء من الصلوات]

- ‌[قراءة المؤتم خلف الإمام]

- ‌باب في الإمامة

- ‌[حكم صلاة الجماعة]

- ‌أولى الناس بالإمامة

- ‌[إمامة العبد والفاسق والأعمى وولد الزنا]

- ‌[تخفيف الإمام في الصلاة]

- ‌[إمامة المرأة للنساء في صلاة الجماعة]

- ‌[موقف الإمام والمأموم في الصلاة]

- ‌[إمامة المرأة والصبي في الصلاة]

- ‌[إمامة الصبي في النوافل كالتراويح ونحوها]

- ‌[كيفية ترتيب الصفوف في الصلاة]

- ‌[محاذاة المرأة للرجل في الصلاة]

- ‌[حضور النساء للجماعات]

- ‌[صلاة الصحيح خلف صاحب العذر]

- ‌[صلاة القارئ خلف الأمي]

- ‌[صلاة المكتسي خلف العاري]

- ‌[إمام المتيمم للمتوضئين]

- ‌[صلاة القائم خلف القاعد]

- ‌[صلاة المفترض خلف المتنفل والعكس]

- ‌ اقتدى بإمام ثم علم أن إمامه محدث

- ‌[إمامة الأمي]

- ‌باب الحدث في الصلاة

- ‌[حكم من ظن أنه أحدث فخرج من المسجد ثم علم أنه لم يحدث]

- ‌[حكم الحدث من الإمام أو المأموم في الصحراء]

- ‌[الحكم لو حصر الإمام عن القراءة فقدم غيره]

- ‌[رؤية المتيمم للماء أثناء الصلاة]

- ‌[حكم من أحدث في ركوعه أو سجوده]

- ‌[حكم من أم رجلا واحدا فأحدث]

- ‌باب ما يفسد الصلاة، وما يكره فيها

- ‌[حكم الكلام في الصلاة]

- ‌[التنحنح في الصلاة]

- ‌[تشميت العاطس في الصلاة]

- ‌[الفتح على الإمام]

- ‌[حكم الفتح على الإمام]

- ‌[حكم من صلى ركعة من الظهر ثم افتتح العصر]

- ‌[حمل المصحف والنظر فيه وتقليب الأوراق في الصلاة]

- ‌[اتخاذ السترة ومرور المرأة ونحوها بين يدي المصلي]

- ‌[اتخاذ المصلي للسترة في الصحراء]

- ‌ وسترة الإمام سترة للقوم

- ‌[دفع المصلي المار بين يديه]

- ‌[فصل في العوارض التي تكره في الصلاة]

- ‌ العبث في الصلاة

- ‌[التخصر في الصلاة]

- ‌ الالتفات في الصلاة

- ‌[الإقعاء في الصلاة]

- ‌[رد السلام للمصلي]

- ‌[التربع للمصلي]

- ‌[لا يصلي وهو معقوص الشعر]

- ‌[كف الثوب في الصلاة]

- ‌[الأكل والشرب في الصلاة]

- ‌[الحكم لو صلى وفوقه أو بين يديه أو بحذائه تصاوير]

- ‌[اتخاذ الصور في البيوت وقتل الحيات في الصلاة]

- ‌فصل ويكره استقبال القبلة بالفرج في الخلاء

- ‌ المجامعة فوق المسجد والبول والتخلي

- ‌[أحكام المساجد]

- ‌[إغلاق باب المسجد]

- ‌باب صلاة الوتر

- ‌[حكم صلاة الوتر]

- ‌[عدد ركعات الوتر]

- ‌[أحكام القنوت في الصلاة]

- ‌[القراءة في صلاة الوتر]

- ‌[القنوت في الوتر]

- ‌[حكم من أوتر ثم قام يصلي يجعل آخر صلاته وترا أم لا]

- ‌باب النوافل

- ‌[عدد ركعات التطوع المرتبطة بالصلوات وكيفيتها]

- ‌فصل في القراءة

- ‌[حكم القراءة في الفرض]

- ‌[حكم القراءة في صلاة النفل]

- ‌[صلاة النافلة على الدابة وفي حال القعود]

- ‌[حكم السنن الرواتب]

- ‌فصل في قيام شهر رمضان

- ‌[حكم صلاة التراويح وكيفيتها]

- ‌[صلاة الوتر جماعة في غير رمضان]

- ‌باب إدراك الفريضة

- ‌[حكم من أقيمت عليه الصلاة وهو في صلاة نفل]

- ‌[حكم من انتهى إلى الإمام في صلاة الفجر وهو لم يصل ركعتي الفجر]

- ‌باب قضاء الفوائت

- ‌[كيفية قضاء الفوائت]

- ‌باب سجود السهو

- ‌[كيفية سجود السهو]

- ‌[متى يلزم سجود السهو]

- ‌[حكم الشك في عدد ركعات الصلاة]

- ‌باب صلاة المريض

- ‌[كيفية صلاة المريض]

- ‌[حكم من أغمي عليه خمس صلوات أو دونها]

- ‌باب سجود التلاوة

- ‌[عدد سجدات القرآن]

- ‌[من تلزمه سجدة التلاوة]

- ‌[قضاء سجدة التلاوة]

- ‌[تكرار تلاوة سجدة التلاوة في المجلس الواحد]

الفصل: ‌[حكم الشك في عدد ركعات الصلاة]

ومن شك في صلاته فلم يدر أثلاثا صلى أم أربعا، وذلك أول ما عرض له استأنف؛ لقوله عليه السلام:«إذا شك أحدكم في صلاته أنه كم صلى فليستقبل الصلاة» .

ــ

[البناية]

التقدير.

[حكم الشك في عدد ركعات الصلاة]

م: (ومن شك في صلاته) ش: الشك في اللغة خلاف اليقين، وقد شككت في كذا ربت م:(فلم يدر أثلاثا صلى أم أربعا) ش: ذكره بالفاء تنبيها على معنى الشك بأنه عبارة عن تساوي الطرفين فإن عدم دراية صلاته بثلاث ركعات مثل عدم درايته بأربع ركعات فالطرفان متساويان وإلا فالتركيب كان يقتضي بواو الحال والهمزة فيه للتسوية لأنها خرجت عن الاستفهام الحقيقي، فعند ذلك ترد لمعان كثيرة منها التسوية وانتصاب ثلاثا بقوله صلى م:(وذلك) ش: أي الشك م: (أول ما عرض له) ش: اختلفوا في معناه، وقال صاحب " الأجناس " معناه أول ما سها في عمره، وقال شمس الأئمة السرخسي: معناه أن السهو ليس بعادة له لا أنه لم يشتبه في عمره، قال الفقيه: أول ما سها في هذه الصلاة، وقيل: أول السهو وقع له ولم يكن سها في صلاته قط من حين بلغ.

م: (استأنف) ش: أي استقبل الصلاة، وهذه الجملة وقعت جوابا م: (لقوله عليه السلام: «إذا شك أحدكم في صلاته أنه كم صلى فليستقبل الصلاة» ش: هذا بهذا اللفظ غريب ولم يبين أحد من الشراح حال هذا الحديث، فهذا عجيب منهم، وأعجب من ذلك ما قاله الأترازي ولنا ما روى خواهر زاده وغيره في " المبسوط " عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «إذا شك أحدكم» .. إلخ، وروى ابن أبي شيبة في " مصنفه " من حديث ابن سيرين عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: أما أنا فإذا لم أدر كم صليت فإني أعيد، وروي عن سعيد بن جبير عن ابن عمر في الذي لا يدري ثلاثا صلى أو أربعا قال: يعيد حتى يحفظ، وعن جرير عن منصور قال: سألت ابن جبير عن الشك في الصلاة، فقال: أما أنا فإذا كنت في المكتوبة فإني أعيد، وعن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال: يعيد. وكان شريح يقول يعيد، وعن ليث وعن طاوس قال: إذا صليت فلم تدر كم صليت فأعدها مرة، فإن التبست عليك مرة أخرى فلا تعدها، وقال عطاء: يعيد مرة، وروي ذلك عنه عن مالك وعبد الملك.

ومذهب الشافعي أنه يبني على الأقل وبه قال مالك في الأحوال كلها وبه قال أحمد في المنفرد، وعن أحمد في الإمام روايتان أحدهما أنه يبني على الأقل، والثانية أنه يبني على غالب الظن ويسجد للسهو، واحتج الشافعي بما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه، أنه عليه السلام قال:«إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر أثلاثا صلى أم أربعا فليلق الشك وليبن على اليقين» ، رواه مسلم وأبو داود والنسائي، وابن ماجه أمر بالبناء على اليقين ولم يفصل، ونحن نقول: إن إلقاء الشك كما يكون بالبناء على الأقل يكون بالاستئناف بل الاستئناف أولى، لأنه أبعد من الشك، لكونه خروجا عن العهدة بيقين، والعجب أن أكثر الشراح يحتجون للشافعي بحديث أبي سعيد

ص: 630

وإن كان يعرض له كثيرا

ــ

[البناية]

المذكور، ثم يحتجون لهم بما ذكره المصنف، فما أبعد هذا من القواعد!

أقول: قال القدوري: قال أصحابنا: الشك يتحرى ولم يفصلوا وهذه رواية الأصول، ووجهه حديث ابن مسعود مرفوعا:«وإذا شك أحدكم فليتحر الصواب فليتم عليه» ، أخرجه البخاري ومسلم، وروى الحسن عن أبي حنيفة رضي الله عنه أنه يبني على اليقين كما في حديث أبي سعيد الخدري الذي احتج به الشافعي، ووفق أصحابنا بين الأحاديث، وحملوا حديث الاستقبال على الشك في أول أمره، لأنه لا حرج عليه فيه وحملوا حديث ابن مسعود على ما إذا كان يعرض له الشك كثيرا، أوله رأي لأن في الاستئناف في كل مرة حرجا بينا، وفي البناء على اليقين احتمال خلط النافلة بالفرض قبل تمامه، وحملوا حديث أبي سعيد على من تكرر له الشك وليس له ظن وترجيح.

وقال النووي: قال أبو حنيفة: إن حصل له الشك أول مرة بطلت صلاته، وإن صار عادة له اجتهد وعمل بغالب ظنه، وإن لم يظن شيئا عمل بالأقل، ثم قال: قال أبو حامد: قال الشافعي في القديم: ما رأيت قولا أقبح من قول أبي حنيفة هذا، ولا أبعد من السنة.

قلت: قد ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم في كل واحدة من الأحوال الثلاث حديث، فكيف يقبح الشافعي القول المؤيد بالحديث ويقول: ولا أبعد من السنة، مع كونه قول ابن عمر كما ذكرنا عن قريب، فذكرنا قوله أيضا عن جماعة من السلف الصالحين أئمة الهدى ممن بعده أبا حنيفة، فحينئذ ليس في تخصيصه قول أبي حنيفة بالتقبيح والتبعيد عن السنة معنى، وليس هذا من دأب أهل العلم.

ونقل النووي وابن قدامة وغيرهما من المخالفين لنا عن أبي حنيفة أنه قال إن حصل له الشك أول مرة بطلت صلاته ليس بصحيح، ولا يوجد هذا في أمهات كتب أصحابنا المشهورة، بل المشهور فيها أنهم قالوا استقبل لتقع صلاته على وصف الصحة بيقين.

وقال أبو نصر البغدادي المعروف بالأقطع: الاستئناف أولى لأنه يسقط به الشك بيقين، وفي " الذخيرة " عطف على مسألة الكتاب بقوله أو هل أحدث أم لا؟، أو هل أصاب ثوبه نجاسة؟ إن كان ذلك أول مرة استقبل ولا شك أن صلاته لا تبطل بالشك.

م: (وإن كان) ش: الشك م: (يعرض له كثيرا) ش: أي غالب أحواله ذلك، وقال القدوري في " شرح مختصر الكرخي " كان أبو الحسن يقول معناه إن الشك يعتاده حتى يصير غالب حاله كلما أعاد شك ولا يتوصل إلى أداء فرضه باليقين إلا بمشقة، فجاز أن يرجع إلى الاجتهاد، وقال شيخ الإسلام: معناه أن السهو في صلاة واحدة مرتين، وقيل مرتين في عمره، وقيل: مرتين في

ص: 631

بنى على أكبر رأيه؛ لقوله عليه السلام: «من شك في صلاته فليتحر الصواب» .

وإن لم يكن له رأي بنى على اليقين

ــ

[البناية]

سنة م: (بنى على أكثر رأيه) ش: إن كان له رأي، وعند الشافعي ومالك بنى على الأقل كما ذكرناه م: (لقوله عليه السلام «من شك في صلاته فليتحر الصواب» ش: هذا الحديث أخرجه البخاري ومسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا، ولفظهما «إذا شك أحدكم فليتحر الصواب فيتم عليه» .

فإن قلت: قال البيهقي في " المعرفة " حديث ابن مسعود هذا رواه الحاكم بن عتيبة والأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله دون لفظ التحري، ورواه إبراهيم بن سويد عن علقمة عن عبد الله دون لفظ التحري، فأشبه أن يكون من جهة ابن مسعود أو من دونه فأدرج في الحديث.

قلت: تمام الحديث عن عبد الله بن مسعود «صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فزاد أو نقص فلما سلم قيل يا رسول الله أحدث في الصلاة شيء؟، قال: وما ذاك؟، قالوا صليت كذا وكذا، قال فثنى رجليه واستقبل القبلة وسجد سجدتين ثم سلم، ثم أقبل علينا بوجهه، فقال: " إنه لو حدث في الصلاة شيء أنبأتكم به، ولكني أنا بشر أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني، وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه ثم ليسلم ثم ليسجد سجدتين» ، هذا لفظ البخاري في أوائل كتاب الصلاة في باب التوجه إلى القبلة حيث كان ولم يذكر مسلم السلام، ولفظه:" فليتم عليه ثم ليسجد سجدتين "، وأخرجه أبو داود بلفظ البخاري، ولفظ ابن ماجه فيه بالواو، ولفظه:«ويسلم، ويسجد سجدتين» وأما النسائي فلم يذكر فيه وإذا شك أحدكم.. إلخ. وقد رأيت لفظ التحري مضافا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد رواه جماعة من الحفاظ كمسعود والثوري وشعبة ووهب بن خالد وفضيل بن عياض وجرير وغيرهم، والزيادة من الثقة مقبولة إذا لم يكن فيها خلاف الجماعة، والتحري طلب ما هو الأحرى وهو الصواب، هكذا فسره الأترازي والأكمل.

قلت: هذا من باب التفعل فلا يدل على الطلب المطلق، وإنما هو تكلف وإظهار التجلد فيه، ومعنى التحري تكلف ما هو الأحرى، والأحرى هو ما يكون أكثر رأيه عليه، وكيفيته إذا شك وهو قائم أو راكع أو ساجد يتم تلك الركعة ثم يقعد لاحتمال الرابعة والقعدة فيها فرض، ثم يصلي ركعة أخرى لاحتمال أنها كانت الثالثة فيحتاج إلى الرابعة ثم يتشهد ويسلم ويسجد للسهو.

م: (فإن لم يكن له رأي بنى على اليقين) ش: أي على الأقل لأنه هو المتيقن صورته إذا وقع له الشك بين الركعة والركعتين يجعلها ركعة، وإن وقع بين الركعتين والثلاث يجعلها ركعتين، وإن وقع بين الثلاث والأربع يجعلها ثلاثا فيتم صلاته على ذلك هكذا رواه البيهقي من حديث عبد الرحمن بن عوف في " سننه الكبرى "، وفي " المنتقى " رواه أحمد وابن ماجه والترمذي

ص: 632

لقوله عليه السلام: «من شك في صلاته فلم يدر أثلاثا صلى أم أربعا بنى على الأقل» . والاستقبال بالسلام أولى؛ لأنه عرف محللا دون الكلام.

ــ

[البناية]

وصححه وعليه أن يتشهد عقيب الركعة التي يقع الشك أنها آخر صلاته احتياطا، ثم يقوم ويضيف إليها ركعة أخرى ولو شك بعد الفراغ منها فلا إعادة عليه، ويجعل كأنه صلى أربعا أو خمسا، وإن شك أنه صلى فردا أو اثنتين أو ثلاثا، وفي الأربع أنه صلى أربعا أو خمسا، فإن كان قائما يقعد بجواز أن تكون هذه آخر صلاته، ثم يصلي ركعة أخرى احتياطا، وإن كان قاعدا فإن رأى أنها ثانية تجزئه، وإن لم يكن له رأي تفسد لجواز أنه ترك القعدة في الثانية فيحتمل الفساد ليفسد احتياطا ذكر هذا كلها في " المحيط ".

وفي " المجتبى " بنى على الأقل، أي يأخذ بالأقل لكن يقعد حتما في كل موضع يوهم أنه آخر صلاته، وفي القعدة الأولى اختلاف المشايخ حتى إن من شك في قيام ذوات الأربع أنها الثالثة أو الرابعة يأتي بركعتين بقعدتين، فلو شك أنها الثانية أو الثالثة أو الرابعة فثلاث ركعات بثلاث قعدات، وإن شك أنها الأولى أم الثانية أم الثالثة أم الرابعة فأربع ركعات بأربع قعدات، ولو شك في الخامسة يجلس بعد الركوع فيتشهد ثم يسجد سجدتين ثم يتشهد ثم يتم ثلاث ركعات بثلاث قعدات، ولو كان الشك في الخامسة بعد السجود فسدت، وكذا في الرابعة والخامسة، إلا أنه إذا ذكر أنه ترك سجدتين من ركعة وركوعا.

م: (لقوله عليه السلام: «من شك في صلاته فلم يدر أثلاثا صلى أم أربعا بنى على الأقل» ش: هذا الحديث أخرجه الترمذي وابن ماجه عن عبد الرحمن بن عوف، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا سها أحدكم في صلاته فلم يدر واحدة صلى أو اثنتين فليبن على واحدة، فإن لم يدر ثنتين صلى أم ثلاثا فليبن على ثنتين، فإن لم يدر ثلاثا صلى أو أربعا فليبن على ثلاث ويسجد سجدتين من قبل أن يسلم» هذا لفظ الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، ولفظ ابن ماجه:«إذا سها أحدكم في صلاته فلم يدر واحدة صلى أم اثنتين فليجعلها واحدة، وإذا شك في اثنتين أو ثلاث فليجعلها اثنتين وإذا شك في الثلاث والأربع فليجعلها ثلاثا ثم ليتم ما بقي من صلاته حتى يكون الوهم في الزيادة ثم يسجد سجدتين وهو جالس قبل أن يسلم» ، وأخرجه الحاكم في المستدرك ولفظه:«فلم يدر أثلاثا صلى أم أربعا فليتم، فإن الزيادة خير من النقصان» ، وقال صحيح على شرط الشيخين، وتعقبه الذهبي في " مختصره "، فإن فيه عمار بن مطرز الرهاوي، وقد تركوه. قلت: عمار ليس في " السنن ".

م: (والاستقبال بالسلام أولى) ش: هذا متعلق بقوله: استأنف يعني إذا استأنف الصلاة وفيها إذا عرض له السهو أول مرة استأنف بالسلام وهو أولى م: (لأنه) ش: أي لأن السلام م: (عرف محللا دون الكلام) ش: لأن السلام عرف محللا للصلاة شرعا، ولم يعلم ذلك بأن الكلام

ص: 633

ومجرد النية لغو، وعند البناء على الأقل يقعد في كل موضع يتوهم آخر صلاته، كيلا يصير تاركا فرض القعدة، والله أعلم.

ــ

[البناية]

موضع السلام شرعا، وإنما ذكر الكلام لدفع شبهة، فإنه عسى أن يهم الوهم بأن هذا لما كان قطعا للصلاة لاستقبال الصلاة من الابتداء لا يتفاوت الحكم من السلام والكلام، إذ كل منهما قاطع للصلاة، فإن استأنف بالكلام أيضا يجوز، لأنه أيضا قاطع كالسلام م:(ومجرد النية تلغو) ش: أي نفس النية بقطع الصلاة من غير اقتران السلام بها ليست بكافية للقطع، لأن النية بوصف التجرد لا تأثير لها في الشيء الذي يتوقف تحققه على النية، وعمل الجوارح وقطع الصلاة من هذا فلا يثبت بمجرد النية.

م: (وعند البناء على الأقل يقعد في كل موضع يتوهم آخر صلاته كيلا يصير تاركا فرض القعدة) ش: هذا متعلق بقوله شك في صلاته.. إلخ، وقد بيناه مفصلا عن قريب.

فروع: شك في صلاته أنه صلاها أم لا، فإن كان في الوقت يعيد، ولو شك خارج الوقت لا يعيدها شك في الركوع والسجود، وإن كان بعدما يأتي بهما وبعد الخروج منها، فالظاهر أنه لم يتركها، شك في الحدث وأيقن بالطهارة فهو متطهر وبالعكس فحدث شك في بعض وضوئه وهو أول ما عرض له غسل ذلك الموضع، وإن كان يعرض له كثيرا لا يلتفت إليه، وكذا لو شك أنه كبر للافتتاح، فإن كان أول ما عرض له استقبل، وإن كثر وقوعه يمضي، صلى يقوم شهرا ثم قال لهم صليت على غير وضوء لا يصدق، ولو عرض وغلب على ظنهم صدقه يجب عليهم القضاء قام المسبوق في قضاء ما سبق ثم تذكر الإمام أن عليه سجدة التلاوة، فعاد فسجدها، فإن عاد المسبوق إلى متابعته فسدت صلاته، وإن مضى على صلاته ففي فسادها روايتان.

وفي " الروضة " فالواجب على المسبوق بعد سلام الإمام القعود ولا يقوم إلى قضاء ما سبق، حتى يوجد من الإمام ما يفسد صلاته من الانحراف والكلام والشروع في صلاة أخرى، قال أبو شجاع: إذا قال في القعدة الأولى: اللهم صل على محمد يلزمه السهو، وعن أبي حنيفة إذا زاد حرفا يجب سجود السهو، وقال الإمام أبو منصور الماتريدي: لا يجب ما لم يقل وعلى آل محمد وعن الصفار: لا سهو عليه في هذا، وعن محمد أنه استقبح إن أوجب سجود السهو بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ولو قرأ فاتحة الكتاب قبل التشهد يلزمه السهو وبعده لا.

ص: 634