الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والسنن الرواتب نوافل، وعن أبي حنيفة رحمه الله أنه ينزل لسنة الفجر، لأنها آكد من سائرها، والتقييد بخارج المصر ينفي اشتراط السفر، والجواز في المصر. وعن أبي يوسف رحمه الله أنه يجوز في المصر أيضا
ــ
[البناية]
[حكم السنن الرواتب]
م: (والسنن الرواتب نوافل) ش: يعني حكم السنن الرواتب حكم النوافل في جواز الأداء على الدابة في أي جهة توجهت، من الدليل على كون السنن الرواتب نوافل أنها تؤدى بمطلق النية.
م: (وعن أبي حنيفة ينزل لسنة الفجر) ش: ولهذا لا يجوز فعلها قاعدا عند أبي حنيفة، وقد مر أنها واجبة عنده في رواية، وعن محمد بن شجاع يجوز أن يكون هذا لبيان الأولى يعني أن الأولى أن ينزل لركعتي الفجر، وعلل ذلك بقوله م:(لأنها) ش: أي لأن سنة الفجر م: (آكد من غيرها) ش: أي أقواها حتى يجوز للعالم أن يترك سائر السنن لتحصيل العلم دون سنة الفجر، وفي قول للشافعي وأحمد أنها آكد من الوتر م:(والتقييد بخارج المصر) ش: ينتفل على دابته م: (ينفي اشتراط السفر) ش: لأنه أعم من أن يكون سفرا وغير سفر، وفيه إشارة إلى ما روي عن أبي حنيفة وأبي يوسف أن جواز التطوع على الدابة للمسافر خاصة لأن الجواز بالإيماء للضرورة ولا ضرورة في الحضر، والصحيح أن المسافر وغيره سواء بعد أن يكون خارج المصر.
واختلفوا في مقدار البعد عن المصرِ، والمذكور في الأصل مقدار فرسخين أو ثلاثة، وقدر بعضهم بالميل، ومنع الجواز في أقل منه، وفي " فتاوى المرغيناني " والأصح أن في كل موضع يجوز للمسافر قصر صلاته فيه يجوز التطوع فيه على الدابة. وقيل: إن كان بينهما قدر ما يكون بين المصر ومصلى العبد يجوز، وأقل من ذلك لا يجوز، وعند الشافعي يجوز في طويل السفر وقصيره، وقال مالك: لا يصلي أحد على دابته في السفر ولا يقصر فيه الصلاة، ويرد عليه الآثار الواردة فيها من غير تحديد سفر ولا تخصيص مسافر، فصار كالمتيمم، وقال الطبري: لا أعلم من خالف ذلك إلا مالك رحمه الله.
م: (والجواز في المصر) ش: بالنصب عطفا على قوله اشتراط التقييد أيضا بخارج المصر ينفي جواز التطوع على الدابة في المصر.
فإن قلت: التخصيص بالذكر لا يدل على النفي.
قلت: ذلك في النصوص دون الروايات، وذكر في المرويات عن أبي حنيفة لا يجوز التطوع على الدابة في المصر، وعند محمد: يجوز ويكره.
م: (وعن أبي يوسف أنه يجوز في المصر أيضا) ش: حكي أن أبا يوسف لما سمع هذا الجواب عن أبي حنيفة قال حدثني فلان ورفع الإسناد إلى «رسول الله عليه السلام ركب الحمار في المدينة يعود سعد بن عبادة وكان يصلي» فلم يرفع أبو حنيفة رأسه قيل إنما لم يرفع رأسه إظهارا للرجوع
ووجه الظاهر أن النص ورد خارج المصر والحاجة إلى الركوب فيه أغلب،
فإن افتتح التطوع راكبا ثم نزل يبني، وإن صلى ركعة نازلا ثم ركب استقبل؛ لأن إحرام الراكب انعقد مجوزا
ــ
[البناية]
عن قوله إلى الحديث وإلا معنا أدلة، وقيل: هذا حديث شاذ. والشاذ فيما عم به البلوى لا يكون حجة وإنما لم يرفع أبو حنيفة رأسه لعدم مبالاته به وهو الأصح، لأن رفع الرأس عبارة عن المبالاة بالشيء يقال لم يرفع لحديثي رأسه، أي لم يصغ له ولم يتأمله ولم يقع موقع القبول عنده، فأبو يوسف أخذ بالحديث ومحمد " رحمه الله " كذلك إلا أنه كره في الحضر، لأن اللفظ والأصوات تكثر فيه فيكثر الخطأ والغلط في القراءة وترتيب أفعال الصلاة فيؤدي ذلك إلى إبطال العمل وفساد العبارة ظاهر. قلت: ولأبي يوسف أن يحتج بما رواه أنس رضي الله عنه «أن رسول الله عليه السلام صلى على حمار في أزقة المدينة يومئ إيماء» ذكره ابن بطال في شرح البخاري.
م: (ووجه ظاهر الرواية أن النص ورد خارج المصرِ، والحاجة إلى الركوب فيه) ش: أي في خارج المصر م: (أغلب) ش: حاصله أن الصلاة على الدابة بالإيماء مع القدرة على الركوع والسجود خلاف القياس فاقتصر جوازها على مورد النص وهو خارج المصر فبقي الحكم في المصر على أصل القياس.
م: (فإن افتتح التطوع راكبا ثم نزل يبني) ش: على افتتاحه ويكمل فإن قلت هذا بناء القوي على الضعيف فلا يجوز كالمريض يصلي بالإيماء ثم قدر على الأركان لا يجوز له البناء.
قلت: بينهما فرق، لأن الإيماء من المريض بدل من الأركان ومن الراكب لا لأن البدل في العادات ما يصار إليه عند العجز، والراكب لا يعجز عن الأركان بأن ينتصب على الركابين فيكون ذلك قياما منه، وإن كان يمكنه أن يخر راكعا وساجدا ومع هذا أطلقه الشارع في الإيماء فكان قويا في نفسه فلا يؤدي إلى بناء القوي على الضعيف كما في الضعيف.
فإن قلت: إذا كان الإيماء قويا لماذا يجوز البناء إذا تحرم بالإيماء ثم ركب.
قلت: أما إذا راكب فلأن الركوب عمل كثير وأنه قاطع للتحريمة، وأما إذا أركب فلأن الدليل يأبى جواز الصلاة راكبا، لأن سير الدابة يضاف إلى راكبها فيتحقق الأداء في أماكن مختلفة فحينئذ يتحقق الأداء في حالة المشي وذا لا يجوز، إلا أن الشرع جعل الأماكن المختلفة كمكان واحد للحاجة إلى قطع المسافة وصيانة نفسه وماله عن [....] التلف، فكان ابتداء التحريم نازلا دليل استغنائه عما ذكرنا فلا يجوز له البناء بعد ذلك.
م: (وإن صلى ركعة نازلا) ش: قول الركعة وقع اتفاقا، لأنه لو لم يصل ركعة فالحكم كذلك. وقوله نازلا حال ومعناه صلى ركعة وهو على الأرض م:(ركب استقبل) ش: صلاته م: (لأن إحرام الراكب انعقد مجوزا) ش: بكسر الواو ونصبا على الحال وهذا تعليل المسألة الأولى
للركوع والسجود قدرته على النزول، فإذا أتى بهما صح، وإحرام النازل انعقد لوجوب الركوع والسجود فلا يقدر على ترك ما لزمه من غير عذر. وعن أبي يوسف رحمه الله أنه يستقبل إذا نزل أيضا، وكذلك عن محمد رحمه الله إذا نزل بعدما صلى ركعة، والأصح هو الأول وهو الظاهر
ــ
[البناية]
م: (للركوع والسجود لقدرته على النزول فإذا أتى بهما) ش: أي بالركوع والسجود م: (صح) ش: لأن الراكب بالخيار إن شاء ترك وأتمها بالركوع والسجود وهذا تعليل المسألة الثانية م: (وإحرام النازل انعقد لوجوب الركوع والسجود، ولا يقدر على ترك ما لزمه) ش: بطريق الوجوب م: (من غير عذر) ش: وهذا الفرق الذي ذكره المصنف هو الصحيح.
وقيل في الفرق بأن النزول عمل قليل والركوب عمل كثير، ورد بأنه لو رفع ووضع على السرج لا يبني مع أن العمل لم يوجد فصلا عن العمل الكثير.
م: (وعن أبي يوسف أنه مستقبل إذا نزل أيضا) ش: لأن بناء القوي على الضعيف فصار كالمريض إذا قدر على الركوع والسجود في أثناء الصلاة م: (وكذا عند محمد " رحمه الله ") ش: أي كذا روي عن محمد " رحمه الله " أنه يستقبل م: (إذا نزل بعدما صلى ركعة) ش: قيل لهذا لأنه لو لم يصل ركعة قائما ثم نزل أتمها نازلا، لكن هذا على أصل محمد غير مستقيم، لأن تحريمة الصلاة انعقدت للإيماء فلا يصح إتمامها بركوع وسجود لأنه يكون بناء القوي على الضعيف كذا نقل عن أبي بشر م:(والأول أصح وهو الظاهر) ش: أي ظاهر الرواية وهو أن الراكب المتطوع إذا نزل يبني والراكب إذا ركب يستقبل.
فروع: لو افتتح التطوع على الدابة خارج المصر ثم دخل مصرا قبل أن يفرغ منها ذكر في غير رواية الأصول أنه يتمها، واختلفوا في معناه، فقيل يتمها قاعدا على الدابة ما لم يبلغ منزله. وقيل يتمها بالنزول على الأرض ذكره المرغيناني، وفي " المبسوط " يصلي على الدابة، وإن كان سرجه قذرا. وكان محمد بن مقاتل الرازي وأبو جعفر [.....] يقولان لا يصح إذا كانت النجاسة في موضع جلوسه أو في موضع ركابته أكثر من قدر الدرهم كالأرض، وأكثر المشايخ على الجواز. وقالوا: الدابة أشد من ذلك يعني أن باطنها لا يخلو عن النجاسة ويقال لا اعتبار لنجاسته بدليل أن من حمل حيوانا طاهرا يصلي به يجوز مع نجاسة باطنه.
والجواب الصحيح: أن فيها ضرورة، وقد ترك الركوع والسجود مع إمكان النزول والأداء على الأرض للضرورة، والأركان أقوى من الشرائط، فإذ سقطت فشرط طهارة المكان أولى، وقيل: إن كانت النجاسة على الركابين فلا بأس بها، وإن كانت في موضع جلوسه منع الجواز.
حمل امرأة من القرية إلى المصر لها أن تصلي على الدابة في الطريق، وأما الصلاة على العجلة إن كان طرفها على الدابة وهي تسير أو لا تسير فهي صلاة على الدابة تجوز في حالة العذر
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
في الفرض، وإن لم يكن يجوز بمنزلة السرير. رجلان في محل واحد فاقتدى أحدهما بالآخر في التطوع أجزأهما، وإن كان في شقين وأحدهما مربوط بالآخر فكذلك وإلا لا يجوز، وقيل يجوز كيفما كان إذا كانا على دابة واحدة. وفي المحيط لو صلى في شق محمل لا يجوز إلا أن يركن تحت محمله خشبة لأنه يكون قرار المحمل على الأرض لا على الدابة فيكون سجوده في المحمل كالسجود على الأرض والسرير، وحكي أن أبا يوسف أمر هارون الرشيد أن يفعل ذلك، ومثلها صلاة الجنازة والنقل الذي أفسده والمنذور والوتر عنده والسجدة التي تليت على الأرض.
وفي " جوامع الفقه ": لو حرك رجليه أو أحديهما متداركا أو ضربها بخشبة فسدت صلاته، بخلاف النجس إذا لم تسر، وفي الذخيرة إن كانت تساق بنفسها فليس له ذلك، وإن كانت لا تساق فرفع سوطه فضربها به ونجسها لا تفسد صلاته.