الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والسجدة الثانية في الحج للصلاة عندنا، وموضع السجدة في حم السجدة عند قوله:{لَا يَسْأَمُونَ} [فصلت: 38] في قول عمر رضي الله عنه وهو المأخوذ للاحتياط،
والسجدة واجبة في هذه المواضع
ــ
[البناية]
وأما حديث أبي الدرداء ففي إسناده عثمان بن فائد، قال فيه ابن حبان: لا يحتج به ووهاه ابن عدي وقال أبو داود في "سننه" وروي «عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة سجدة.» وإسناده واه.
م: (والسجدة الثانية في الحج) ش: وهي قَوْله تَعَالَى: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: 77] م: (للصلاة عندنا) ش: يعني لأجل الصلاة عندنا، لأنها مقرونة بالركوع، وهي سجدة الصلاة لأنه يجمع بينهما في الصلاة، واحترز بقوله عندنا عن مذهب الشافعي، فإن عنده في الحج سجدتان وقد ذكرناه مفصلًا م:(وموضع السجود في حم السجدة عند قوله: {وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ} [فصلت: 38] ش: يعني إذا قرأ آية السجدة في حم السجدة وهي قَوْله تَعَالَى: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [فصلت: 37] {فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ} [فصلت: 38] (فصلت: الآيتان 37، 38) ، فموضع السجود عندنا قوله وهم لا يسأمون وهو مذهب ابن عباس وابن مسعود وبه قال النخعي وابن المسيب وابن سيرين وأبو وائل والثوري وطلحة بن مصرف والشافعي في الصحيح وأحمد وإسحاق.
وقال الشافعي: في القديم عند قوله {إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [فصلت: 37] وبه قال مالك، وحكى ابن المنذر عن عمر والحسن البصري والنخعي والليث م: (في قول عمر رضي الله عنه ش: هذا وهم وليس قول عمر، وإنما هو قول ابن عباس رضي الله عنهما أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" عنه أنه كان يسجد في آخر الآيتين في حم السجدة عند قوله {وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ} [فصلت: 38] ، وزاد في لفظ وأنه رأى رجلا سجد عند قوله:{إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [فصلت: 37] فقال بعد عجلت، وإنما قال ذلك لأنه لا يجوز التعجيل قبل السبب، ويجوز التأخير بعده لأن وقت أدائها موسع، فمتى أتى بها يكون مؤديًا لا قاضيًا، ذكره في " الفتاوى الظهيرية ".
م: (وهو المأخوذ) ش: أي قول عمر الذي يؤخذ به م: (للاحتياط) ش: أي لأجل الاحتياط، وذلك لأنه لا يخلو إما أن يكون موضع السجود في الواقع عند قوله:{إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [فصلت: 37] أو عند قوله: {وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ} [فصلت: 38] فإن كان عند الأول يجوز أداء السجدة عند الشافعي، لأنه لا يضره التأخير، وإن كان عند الثاني فلا يجوز أداؤها عند الأول، لأنه يلزم تقديم المسبب على السبب وهو فاسد، ولأن تمام الكلام يقع بما قلنا، والسجود عند تمام الكلام أولى.
[من تلزمه سجدة التلاوة]
م: (والسجدة واجبة في هذه المواضع) ش: الأربعة عشر المذكورة في الدراية، والسجدة واجبة أي عندنا، وعند الشافعي ومالك وأحمد، وعند جماعة سنة، وقال النووي قال مالك فيما
على التالي، والسامع سواء قصد سماع القرآن أو لم يقصد، لقوله عليه السلام:«السجدة على من سمعها، وعلى من تلاها» ،
ــ
[البناية]
حكاه القاضي أبو محمد: هي فضيلة.
وقال الأترازي: سجدة التلاوة واجبة عند علمائنا.
وقال الشافعي: إنها سنة، وذكر النووي في "المهذب " أنها سنة للقارئ والمستمع بلا خلاف عند الشافعية.
وفي " المبسوط" سنة مؤكدة.
قلت: هذا مذهبنا على ما اختاره البعض في حد الواجب م: (على التالي والسامع سواء قصد) ش: أي السامع م: (سماع القرآن أو لم يقصد) .
ش: وقال الأكمل: وإنما قيل بهذا لأن في بعض لفظ الآثار السجدة على من جلس لها، وفيه إيهام أن من لم يجلس له فليست عليه فقيل بذلك دفعًا لذلك.
قلت: هذا أخذه من السغناقي، وتبعه أيضًا صاحب الدراية وليس كل منهم بين راوي الأثر ولا من أخرجه، وهل هو صحيح أم لا وليس هذا دأب من يتصدى لشرح كتاب أو لبيان مذهب.
وقال الوبري: سبب وجوب سجدة التلاوة ثلاثة التلاوة والسماع والاقتداء بالإمام، وإن لم يسمعها ولم يقرأها، وللشافعية أوجه:
الأول: أنه في حق السامع من غير فصل يستحب وهو الصحيح المنصوص في البويطي وغيره، ولا يتأكد في حقه.
والوجه الثاني: هو كالمستمع.
والثالث: لا يسن له، وبه قطع أبو حامد والمنبجي، وعند أحمد هي سنة في حق القارئ والمستمع دون السامع، وعنه إذا قرأ شيئًا في الصلاة يجب أن لا يدع السجود وهو في الصلاة أوكد.
م: (لقوله صلى الله عليه وسلم: «السجدة على من سمعها وعلى من تلاها» ش: هذا غريب لم يثبت، وإنما روى ابن أبي شيبة في مصنفه عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال السجدة على من سمعها.
وفي البخاري قال عثمان رضي الله عنه: إن السجود على من استمع، وهذا التعليق رواه عبد الرزاق في "مصنفه" أنا معمر عن الزهري عن ابن المسيب أن عثمان مر بقارئ فقرأ سجدة ليسجد معه عثمان، فقال عثمان: إنما السجود على من استمع ثم مضى ولم يسجد.
وهي كلمة إيجاب وهو غير مقيد بالقصد.
ــ
[البناية]
وفي "المبسوط" و" الأسرار " و" المحيط " و" شروح الجامع الصغير " جعل هذا الذي رفعه المصنف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من ألفاظ الصحابة لا من الحديث، فقال في " المبسوط ": وعن عثمان وعلي وابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم أنهم قالوا: السجدة على من تلاها وعلى من سمعها وعلى من جلس لها، اختلفت ألفاظهم في هذه، وكذا في غيره، وقد غمز الأكمل هاهنا على السغناقي في قوله من أقوال الصحابة، لأمن الحديث، ثم قال، ولولا أنه ثبت عنده أنه من الحديث لما نعده حديثًا.
قلت: كلامه هذا صادق من غير تأمل، فإن غيره أيضًا ادعى أنه ليس بحديث. غاية ما في الباب أن المصنف قلد غيره، وإلا فر من التقليد له.
م: (وهي كلمة إيجاب) ش: أي لفظه على كلمة إيجاب، يعني يدل على الوجوب م:(وهو) ش: أي الحديث المذكور م: (غير مقيد بالقصد) ش: يعني أن الإيجاب مطلق عن قيد القصد يجب على كل سامع سواء كان قاصدًا للسماع أو لم يكن.
وقال الأكمل: اعترض بأنها لو كانت واجبة
…
إلخ أخذه من السغناقي فإنه جعله سؤالًا وجوابًا وما كان ينبغي إيراده على هذا الوجه، لأن السؤال حاصل دلائل من يذهب إلى أن سجدة التلاوة غير واجبة.
والجواب: حاصل ما قاله أئمتنا في الرد عليهم، فبقول الخصم استدل على ما ذهب إليه أولًا بحديث زيد بن ثابت رضي الله عنه، قال:«قرأ النبي صلى الله عليه وسلم والنجم فلم يسجد فيها» أخرجه البخاري ومسلم، وبحديث الأعرابي:«هل على غيرها؟ قال: "لا إلا أن تتطوع» أخرجه البخاري ومسلم، وبما روي عن عمر أنه قرأ سورة النحل وفيه في الجمعة القابلة قرأ آية السجدة، وفي الموطأ عن عمر فيه أن الله لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء، وبما رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" ثنا ابن فضيل عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن قال: دخل سلمان الفارسي رضي الله عنه المسجد وفيه قوم يقرؤون فقرؤوا السجدة فسجدوا، فقال له صاحبه يا أبا عبد الله لولا أثنيت هؤلاء القوم، فقال ما لهذا غدونا، وأخرجه البخاري والطحاوي أيضًا.
واستدلوا: إثباتًا بالمعقول من وجوه:
الأول: أنها لو كانت واجبة لما جازت بالركوع كالصلاتية.
الثاني: أنها لو كانت واجبة لما تداخلت.
الثالث: ما أديت بالإيماء من راكب يقدر على النزول.
الرابع: أنها تجوز على الراحلة، فصار كالتأمين.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
الخامس: لو كانت واجبة بطلت الصلاة بتركها كالصلاتية.
الجواب: عن حديث زيد بن ثابت قد مر فيما مضى، وعن حديث الأعرابي أنه في الفرائض ونحن ندعي أن سجدة التلاوة فرض.
وعن حديث عمر رضي الله عنهم أنه موقوف وهو ليس بحجة عندهم، وقول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله أولى. وعن حديث سلمان كذلك.
والجواب: عن دليلهم العقلي:
أما عن الأول: فإن أداءها في ضمن شيء لا يتأتى وجوبها في نفسها كالسعي إلى الجمعة يتأتى بالسعي إلى التجارة.
وعن الثاني: إنما جاز التداخل لأن المقصود منها إظهار الخضوع والخشوع، وذلك يحصل بمرة واحدة.
وعن الثالث: لأنه أداها كما وجبت، فإن تلاوتها على الدابة مشروعة، فكان كالشروع على الدابة في التطوع.
وعن الرابع: لأن تلاوتها على الراحلة مشروعة، فلا ينافي الوجوب.
وعن الخامس: أن القياس على الصلاتية فاسدة لأنها جزء الصلاة، والسجدة ليست بجزء الصلاة.
وأما دليلنا على الوجوب فقوله تعالى: {فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [الانشقاق: 20]{وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ} [الانشقاق: 21](الانشقاق: الآية 21) ، فذمهم على ترك السجود، وإنما يستحق الذم بترك الواجب وقوله تعالى في سورة النجم:{فَاسْجُدُوا} [النجم: 62] وقوله تعالى في سورة اقرأ: {وَاسْجُدْ} [العلق: 19] ومطلق الأمر للوجوب، ولأن في بعض آي السجدة ذكر طاعة الأنبياء عليهم السلام والأولياء وفي بعضها ذكر استنكاف الكفار وموافقة الأنبياء والأولياء واجبة؛ لقوله تعالى:{فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} [الأنعام: 90](الأنعام: الآية 90) ، وكذا مخالفة الأعداء، ولأنها لو لم تكن واجبة لما جاز أداؤها في الصلاة لأن أداء زيادة سجدة وهي تطوع توجب الفساد، وعند الخصم إذا كان عمدًا، وعندنا يكره، ولأنه ركن مفرد عن أركان الصلاة الأصلية شرعت قربة خارج الصلاة، فوجب أن تكون واجبة قياسًا على القيام في صلاة الجنازة.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه «قال: "إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي ويقول يا ويله» وروي: «يا ويلتي أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة وأمرت
وإذا تلا الإمام آية السجدة سجدها وسجدها المأموم معه لالتزامه متابعته، وإذا تلا المأموم لم يسجد الإمام، ولا المأموم في الصلاة، ولا بعد الفراغ عند أبي حنيفة رحمه الله، وأبي يوسف رحمه الله.
ــ
[البناية]
بالسجود فأبيت فلي النار» .
ورواه مسلم وأحمد وابن ماجه، ووجه التمسك به أنه قال: أمر ابن آدم والأمر للوجوب. ووجه آخر أنه قربة فالسجدة التي أمر بها وتلك كانت واجبة فكذا هذه.
فإن قلت: هذا حكاية قول إبليس وهو ليس بحجة كما في قوله: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف: 12](الأعراف: الآية 12) .
قلت: قد أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه، ولم ينكره، بل قرره واستصوبه، فكان ما قاله صوابًا وحقًّا، وعن ابن عباس رضي الله عنهما «أنه صلى الله عليه وسلم سجد، في النجم سجد معه المسلمون والمشركون والجن الإنس» رواه البخاري والترمذي وصححه.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه «أنه صلى الله عليه وسلم قرأ والنجم وسجد فيها، وسجد من كان معه غير أن شيخًا من قريش أخذ كفا من حصى أو تراب فرفعه إلى جبهته قال: يكفيني هذا، قال عبد الله فلقد رأيته بعدا أن قتل كافرًا» متفق عليه، والشيخ قبل الوليد بن المغيرة.
ولأن آيات السجدة كلها دالة على الوجوب لأنها ثلاث أقسام، قسم هو أمر صريح مثل التي في النجم، وفي اقرأ باسم ربك، والأمر للوجوب. وقسم فيه ذكر طاعة الأنبياء كما قلنا. وقسم فيه استنكار الكفار عن السجود ومخالفتهم في ذلك واجبة.
فإن قلت: لا يجب الاقتداء فيما فعلوه على وجه الاستحباب.
قلت: جهة الاستحباب غير معلومة، فيجب الاقتداء مطلقًا.
م: (وإذا تلا الإمام آية السجدة سجدها) ش: وفي بعض النسخ وإذا تلا الإمام السجدة أي آية السجدة على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه سجدها أي سجدها الإمام م: (وسجدها المأموم معه لالتزامه متابعته) ش: لأنه إذا لم يسجد معه يلزم المخالفة بين الأصل والتبع، فلا يجوز، وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما «قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا القرآن، فإذا قرأ سجدة سجد وسجدنا معه.» رواه البخاري ومسلم.
م: (وإذا تلا المأموم) ش: يعني المقتدي إذا قرأ آية السجد وسمعها الإمام والقوم م: (لم يسجد الإمام ولا المأموم في الصلاة) ش: هذا بالاتفاق م: (ولا بعد الفراغ) ش: أي لا يسجد الإمام والمأموم أيضًا بعد فراغهم من الصلاة م: (عند أبي حنيفة وأبي يوسف) ش: وبه قال الشافعي ومالك وأحمد، وقال مجد الدين بن تيمية الحراني: وهذا إجماع إلا عند محمد بن الحسن.
وقال محمد رحمه الله: يسجدونها إذا فرغوا؛ لأن السبب قد تقرر، ولا مانع بخلاف حالة الصلاة؛ لأنه يؤدي إلى خلاف وضع الإمامة، أو التلاوة. ولهما أن المقتدي محجور عن القراءة لنفاذ تصرف الإمام عليه، وتصرف المحجور لا حكم له، بخلاف الجنب والحائض؛ لأنهما منهيان عن القراءة إلا أنه لا يجب على الحائض بتلاوتها
ــ
[البناية]
م: (وقال محمد: يسجدونها إذا فرغوا) ش: من الصلاة م: (لأن السبب قد تقرر) ش: أي سبب وجوب السجدة وهو التلاوة أو السماع قد تقرر ووجب م: (ولا مانع) ش: معناه زال المانع، وهو كونهم في الصلاة كما لو سمع من غيره وهو في الصلاة.
وفي " الدراية" وقال الشافعي: حيث قال: ويستحب أن يسجد بعد الفراغ من الصلاة م: (بخلاف حالة الصلاة، لأنه يؤدي إلى خلاف موضوع الإمامة) ش: أن يسجد التالي وتابعة الإمام، وذا لا يجوز بتقلب المتبوع تبعًا م:(أو التلاوة) ش: أي يؤدي إلى خلاف موضوع التلاوة إن سجد الإمام وتابعه الباقي فلا يجوز.
لحديث رواه الشافعي وأبو بكر بن أبي داود من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم «قال لرجل قرأ آية السجدة عنده: "إنك كنت إمامنا لو سجدت لسجدنا» .
قلت: هذا مرسل، ورفعه أبو بكر بن أبي داود من حديث أبي هريرة، وفي سنده إسماعيل بن عياش وإسحاق بن عبد الله بن أبي فروة وهما ضعيفان، وإن سجد التالي وحده فلا يجوز أيضًا، لأنه يصير منفردًا بأداء سجدة في موضع الاقتداء، وتحريمته انعقدت على أن يؤدي مع الإمام، فلا يجوز أن ينفرد بشيء.
م: (ولهما) ش: أي لأبي حنيفة وأبي يوسف م: (أن المقتدي محجور عن القراءة) ش: وراء الإمام شرعًا م: (لنفاذ تصرف الإمام عليه) ش: أي على المقتدي في حق القراءة، لقوله صلى الله عليه وسلم:«من كان له إمام فقراءة الإمام قراءة له» م: (وتصرف المحجور لا حكم له) ش: لأنه لا ينعقد مقيدًا لحكمه كما عرف في موضعه.
م: (بخلاف الجنب والحائض) ش: جواب عما يقال المقتدي في كونه ممنوعًا عن القراءة، كالحائض والجنب والسجدة تجب على من سمعها، فكذا على من سمع المقتدي، وتقرير الجواب قوله م:(لأنهما) ش: أي لأن الجنب والحائض م: (منهيان عن القراءة) ش: وتصرف النهي له حكم كالملك بالبيع الفاسد بعد القبض، فأثر الحجر في تعطيل السبب، وأثر النهي في حرمة الفعل دون التعطيل.
م: (إلا أنه) ش: استثناء من قوله لأنهما منهيان أشار بهذا إلى بيان الفرق بين الجنب والحائض، أي إلا أن البيان م:(لا يجب على الحائض بتلاوتها) ش: أي لا يجب السجدة عليها
كما لا يجب بسماعها لانعدام أهلية الصلاة بخلاف الجنب، ولو سمعها رجل خارج الصلاة سجدها هو الصحيح؛ لأن الحجر ثبت في حقهم فلا يعدوهم، وإن سمعوا وهم في الصلاة سجدة من رجل ليس معهم في الصلاة لم يسجدوها في الصلاة؛ لأنها ليست بصلاتية؛
ــ
[البناية]
بسبب تلاوتها. م: (كما لا يجب بسماعها) ش: أي كما لا تجب السجدة بسماعها من غيرها م: (لانعدام أهلية الصلاة) ش: في حقها، لأن السجدة ركن من أركان الصلاة والحائض لا تلزمها الصلاة مع تعذر السبب، فلا تلزمها السجدة أيضًا م:(بخلاف الجنب) ش: لأن الصلاة تلزمه، فكذلك السجدة.
وقال تاج الشريعة: على أنا نقول: الجنب والحائض ليسا بممنوعين عن قراءة ما دون الآية على ما ذكره الطحاوي، وما دون الآية يوجب السجدة، ذكره شمس الأئمة السرخسي رحمه الله في شرح الصلاة، وهو ظاهر المذهب، أما المقتدي فلما حجر عليه في قراءة الآية فما دونها حجر عليه في قراءة ما دونها، فجاز أن يختص قراءتها بإيجاب السجدة.
م: (ولو سمعها رجل) ش: ولو سمع آية السجدة رجل حال كونه م: (خارج الصلاة سجدها) ش: يعني بالاتفاق م: (هو الصحيح) ش: احترز به عن قول بعض المشايخ الذين قالوا بعدم الوجوب.
وفي " الدارية ": احترز عن قول بعض المشايخ حيث قالوا: لا يسجدها على قولهما، خلافًا لمحمد.
وقال الأترازي: وهذا الذي قاله صاحب " الهداية " ضعيف، لأنه لما سلم أن هذا الشخص محجوب وجب عليه أن يقول بعدم وجوب السجدة على السامع خارج الصلاة، لأن قد ثبت من أصولنا أن تصرف المحجور لا حكم له، قلت: هذا المحجور بالنسبة إلى وجه في حق من عليه الحجر، وغير محجور أولى.
فالأول: مستلزم شمول العدل.
والثاني: شمول الوجوب فافهم.
م: (لأن الحجر ثبت في حقهم) ش: هذا تعليل الصحيح، أي في حق المقتدين والإمام، وهو أن علة الحجر هي الاقتداء، وهو مختص بهم فلا يعدوهم، أي فلا يتجاوز الحجر غيرهم، فلا جرم يجب السجود بقراءة المقتدي على من هو خارج الصلاة.
م: (وإن سمعوا وهم) ش: أي والحال أنهم م: (في الصلاة سجدة من رجل ليس معهم) ش: يعني المقتدي إذا سمعوا آية السجدة من رجل خارج الصلاة م: (لم يسجدوها في الصلاة لأنها) ش: أي لأن هذه السجدة م: (ليست بصلاتية) ش: يعني ليس من أفعال هذه الصلاة، لأن أفعال الصلاة
لأن سماعهم هذه السجدة ليس من أفعال الصلاة، وسجدوها بعدها لتحقق سببها، ولو سجدوها في الصلاة لم يجزئهم؛ لأنه ناقص لمكان النهي فلا يتأدى به الكامل. قال: وأعادوها لتقرر سببها ولم يعيدوا الصلاة؛ لأن مجرد السجدة لا ينافي إحرام الصلاة. وفي " النوادر " أنها تفسد؛ لأنهم زادوا فيها ما ليس منها، وقيل: هو قول محمد رحمه الله
ــ
[البناية]
إما واجب أو فرض، وسماعها ليس بواجب ولا فرض فلا يؤتى بها في الصلاة م:(وسجدوها بعدها) ش: أي بعد الصلاة يعني بعد فراغها لتحقق سببها وهو السماع ممن ليس بمحجور م: (ولو سجدوها في الصلاة لم يجزئهم لأنه) ش: أي لأن السجود م: (ناقض لمكان النهي) ش: لأنه نهي عن إدخال ما ليس من الصلاة فيها، وقد وجبت السجدة كاملة، فإذا فعلها وقعت ناقصة م:(فلا يتأدى به) ش: أي بالناقص م: (الكامل) ش: لأن ما وجب كاملًا لا يتأدى ناقصًا.
م: (قال: وأعادوها) ش: أي قال المصنف، وأعادوا السجدة التي سجدوها في الصلاة م:(لتقرر سببها) ش: وهو السماع من غير محجور م: (ولم يعيدوا الصلاة، لأن مجرد السجدة لا ينافي إحرام الصلاة) ش: لأن سجدة التلاوة عبادة والصلاة لا تنافيها، فصار كمن أتى سجدة زائدة متطوعًا فلا تفسد الصلاة م:(وفي: " النوادر " أنها تفسد) ش: أي ذكر في " النوادر "، رواه ابن سماعة عن أبي حنيفة وأبي يوسف أنه، أي أن السجود يفسد الصلاة.
وقوله: - يفسد - بضم الياء من الإفساد م: (لأنهم زادوا فيها) ش: أي في الصلاة م: (وما ليس منها) ش: وذلك أنهم اشتغلوا في صلاتهم بشيء حكمه أن يقعدوا بعد الصلاة فصاروا ناقضين صلاتهم، كمن صلى النفل في حال الفرض.
م: (وقيل: هو قول محمد) ش: أي قال بعضهم الذي ذكر في " النوادر " هو قول محمد، وفي "مبسوط خواهر زاده " ذكر الفساد على قول محمد، ثم قال: والصحيح أن لا تفسد الصلاة عند الكل، ثم قال: هكذا قال على العمى، ويقال: قول محمد هو جواب القياس، وما ذكر هنا وهو وقولهم جواب الاستحسان بناء على أن زيادة ما دون الركعة لا يفسدها عندهما، وعلى قوله: زيادة السجدة يفسدها.
وهذا الاختلاف بناء على اختلافهم في سجدة الشكر، فعند محمد السجدة الواحدة عبادة مقصودة، لهذا حكم بأن سجدة الشكر مسنونة، فتفسد لشروعه في واجب قبل إكمال الفرض.
وعند أبي حنيفة وإحدى الروايتين عن أبي يوسف أنها غير مسنونة، والسجدة الواحدة بمنزلة الركعة، وفي كونها ركنًا من أركان الصلاة غير مستقلة عبادة.
وفي " المختلف " و" ملتقى البحار " قول أبي يوسف مع محمد في مشروعية سجدة الشكر، وفي "قاضي خان " عن أبي يوسف روايتان فيها.
فإن قرأها الإمام، وسمعها رجل ليس معه في الصلاة، فدخل معه بعدما سجدها الإمام، لم يكن عليه أن يسجدها؛ لأنه صار مدركا لها بإدراك الركعة، وإن دخل معه قبل أن يسجدها سجدها معه؛ لأنه لو لم يسمعها سجدها معه، فهاهنا أولى، وإن لم يدخل معه سجدها وحده، لتحقق السبب
ــ
[البناية]
م: (فإن قرأها الإمام وسمعها رجل ليس معه في الصلاة فدخل معه بعدما سجدها الإمام، لم يكن عليه أن يسجدها، لأنه صار مدركًا لها بإدراك تلك الركعة) ش: أي صار الرجل المذكور مدركًا للسجدة، بإدراك الركعة التي قرأها الإمام فيها، لأنه لما صار مدركًا للقراءة بإدراكه في تلك الركعة صار مدركًا لما تعلق بالقراءة.
وقال شيخ الإسلام خواهر زاده: ذكر في " زيادات الزيادات " أنه لا يسقط عنه ما لزمه بالسماع، ويسجد بعد الفراغ، ثم قال وذلك قياس ما ذكر في " نوادر الصلاة " لأبي سليمان، ثم هذا الذي ذكرنا فيما إذا أدرك الإمام في تلك الركعة، كما ذكرنا، أما إذا أدركه في الركعة الأخرى قيل ينبغي أن يسجدها خارج الصلاة، وقال الإمام العتابي، وأشار في بعض النسخ إلى أنها تسقط عنه لأنها صارت صلاتية.
فإن قلت: يشكل على هذا لو أدرك الإمام في الركوع في صلاة العيدين حيث لم يصر مدركًا لتلك الركعة، ويأتي بالتكبيرات في حال الركوع خلافًا لأبي يوسف.
قلت: الأصل في جنس هذه أن كل ما لا يمكن أن يؤدى به في الركوع أو الركعة فبإدراك الإمام في الركوع يصير مدركًا لتلك الركعة وما يتعلق بها، وكلما يمكن له أن يؤتى به فيها فبإدراك الإمام في الركوع لا يصير مدركًا له إليه وهاهنا الإدراك ممكن.
فإن قلت: السجدة من أفعال الصلاة ولا يجزي فيها النيابة.
قلت: لا نسلم ذلك، لأن الفعل إذا وجب لسبب يجري فيه النيابة، والسبب هو القراءة.
م: (وإن دخل معه قبل أن يسجدها) ش: أي وإن دخل مع الإمام قبل أن يسجد الإمام سجدة تلاوة م: (سجدها معه) ش: أي مع الإمام: م (لأنه) ش: أي لأن هذا الداخل م: (لو لم يسمعها) ش: أي سجدة التلاوة من الإمام م: (سجدها معه) ش: أي كان عليه أن يسجدها معه لوجوب السبب.
م: (فهاهنا أولى) ش: أي في هذه الصورة قد سمعها من الإمام، فأولى أن يسجد م:(وإن لم يدخل معه سجدها) ش: أي لم يدخل الرجل مع الإمام في صلاته سجدها هو خارج الصلاة م: (لتحقق السبب) ش: وهو التلاوة الصحيحة والسماع للتلاوة الصحيحة على اختلاف المشايخ.
وقال مالك: لا يسجد لأن السماع بناء على التلاوة وهي وجدت في الصلاة، فكانت صلاتية، فلا تؤدى خارجها.