الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأول وقت الوتر بعد العشاء، وآخره ما لم يطلع الفجر؛
ــ
[البناية]
السلام يدل على آخر الوقت هو ثلث الليل فتعارضا، فإذا تعارضت الآثار لا ينفي الوقت الثابت يقينا بالشك أو يقول إمامة جبريل عليه السلام لنفي ما وراء وقت الإمامة عن وقت الصلاة بل لإثبات ما كان فيه، ألا ترى أنه صلى الله عليه وسلم أم في اليوم الثاني حين أسفر، والوقت يبقى بعده إلى طلوع الشمس، وإذا لم يكن للنفي بقى ما روينا سالما عن المعارض فيكون حجة.
قلت: الذي قاله كله غير محرر ولا مطابق لنفس الأمر من وجوه:
الأول: أن يمنع المعارضة لأن الحديث الذي ذكره المصنف غريب، والذي استدل به الشافعي رضي الله عنه، من إمامة جبريل عليه السلام في اليوم الثاني من ثلث الليل صحيح فكيف يتأتى فيه المعارضة.
الثاني: أن الشافعي رضي الله عنه لم يقل أن وقت العشاء مقدر بذهاب ثلث الليل في الجواز. وتحرير مذهبه ما ذكر في " الحلية " أن آخر وقت العشاء المختار إلى نصف الليل في القديم، وبه قال أحمد رحمه الله في رواية، وفي الجديد " إلى ثلث الليل " وبه قال مالك وأحمد - رحمهما الله - في رواية - وقت الجواز إلى طلوع الفجر ما لم يكن بيننا وبينه خلاف في الجواز، فكيف يكون ذلك الحديث الغريب حجة عليه.
وذكر في " شرح الوجيز " أن وقت العشاء ممتد إلى طلوع فجر.
وقال السروجي رضي الله عنه: وآخر وقت العشاء إلى طلوع الفجر الثاني إجماع لم يخالف فيه غير الاصطخري فلا يعتبر خلافه.
فإن قلت: قالوا قال الشافعي رضي الله عنه في باب استقبال القبلة إذا مضى ثلث الليل فلا أراها إلا فائتة، وهو يؤيد قول الاصطخري.
قلت: في خلوه على فوات وقت الاختياري وما مراد الأكمل إلا قول المصنف وهو حجة على الشافعي رضي الله عنه ولم يتأمل فيه ورجع فيه إلى كتب مذهب الشافعي رضي الله عنه بما قاله من غير تحقيق.
الثالث: أن قوله وإذا لم يكن للنفي بقي ما روينا سالما عن المعارض، وما بقي بالمعارض من المعارضة التي هي مقابلة الشيء بالشيء بالرد والمنع، وإنما بقي معنى الرد والمنع فافهم، والأترازي أيضا حكم هاهنا قريبا من كلام الأكمل، وما قلنا فيه نفي ذلك كذلك.
[وقت صلاة الوتر]
م: (وأول وقت الوتر بعد العشاء وآخره ما لم يطلع الفجر) ش: قال في " الينابيع " و " المنافع " و " المنتقى ": قوله - أول وقت الوتر بعد العشاء - على قولهما أما عند أبي حنيفة رضي الله عنه فأول وقتها إذا غاب الشفق ووقتها واحد، فالفرض فرض على حدة عملا عنده، وأما عندهما
لقوله عليه السلام في الوتر: «فصلوها ما بين العشاء إلى طلوع الفجر» ، قال رضي الله عنه: هذا عندهما، وعند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وقته وقت العشاء إلا أنه لا يقدم عليه عند التذكير؛ للترتيب.
ــ
[البناية]
سنة على ما يجيء البحث فيه محررا في باب الوتر. (لقوله صلى الله عليه وسلم في الوتر: «فصلوها ما بين العشاء إلى طلوع الفجر» ش: الحديث رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه رضي الله عنهما من حديث خارجة بن حذافة قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إن الله أمركم بصلاة خير لكم من حمر النعم وهي الوتر فجعلها لكم فيما بين العشاء إلى طلوع الفجر» وبقريب من لفظ المصنف، أخرجه الحاكم في " المستدرك " في كتاب الفضائل من طريق ابن لهيعة حدثني عبد الله بن هبيرة أن أبا تميم أتى إلى عبد الله بن مالك رحمهما الله أخبره أنه سمع عمرو بن العاص رضي الله عنه يقول سمعت أبا بصرة الغفاري يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«إن الله تعالى زادكم صلاة وهي الوتر فصلوها فيما بين صلاة العشاء إلى صلاة الصبح» وسيجيء مزيد الكلام في باب الوتر إن شاء الله تعالى.
م: (قال رحمه الله) ش: أي قال المصنف رحمه الله م: (هذا عندهما وأما عند أبي حنيفة رحمه الله وقته وقت العشاء) ش: أي وقت الوتر وقت العشاء، والوقت إذا جمع صلاتين واجبتين كان وقتا لهما إلا أنه يرد عليه سؤال وهو أن وقت الوتر لو كان وقت العشاء لجاز تقديمه على العشاء، فأجاب عن ذلك بقوله م:(إلا أنه) ش: أي إلا أن الوتر م: (لا يقدم عليه) ش: أي على العشاء م: (عند التذكير للترتيب) ش: يعني إذا لم يكن ناسيا للترتيب، وعلى هذا إذا أوتر قبل العشاء متعمدا أعاد الوتر بلا خلاف، وإن أوتر ناسيا للعشاء ثم تذكر لا يعيد عنده؛ لأن بالنسيان يسقط الترتيب ويعيده عندهما، لأنه سنة العشاء، ولو قدم الركعتين على العشاء لم يجز عامدا كان أو ناسيا فكذلك الوتر.
وقال السغناقي: عدم جواز تقديم الوتر على صلاة العشاء لأجل وجوب الترتيب عنده لا لأن وقت الوتر لم يدخل، وهذا الاختلاف يبقى على اختلاف آخر بينهما وهو أن الوتر فرض عملا عند أبي حنيفة رحمه الله، والترتيب بين الفرائض واجب عند التذكير عندنا، وعندهم الوتر سنة فكان تبعا للعشاء.