الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويكره أن يغلق باب المسجد؛ لأنه يشبه المنع من الصلاة، وقيل: لا بأس به إذا خيف على متاع المسجد في غير أوان الصلاة، ولا بأس بأن ينقش المسجد بالجص والساج وماء الذهب.
ــ
[البناية]
النوافل والسنن، قال الله تعالى في قصة موسى عليه السلام {وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً} [يونس: 87] (يونس: الآية 87)، وعن عائشة رضي الله عنها قالت:«أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور وأن تنظف وتطيب» ، رواه أبو داود [في " سننه "] ، وابن ماجه.
وروى الترمذي مرسلا فقال صلى الله عليه وسلم: «لا تتخذوا بيوتكم قبورا» وهو عبارة عن ترك الصلاة في البيت.
[إغلاق باب المسجد]
م: (ويكره أن يغلق باب المسجد؛ لأنه يشبه المنع من الصلاة) ش: أي لأن الإغلاق شبه المنع فيكره؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} [البقرة: 114](البقرة: الآية 114) ، وقوله أن يغلق من الإغلاق، ولا يقال: غلق فهو مغلوق إلا في لغة رديئة متروكة، وفي " الجامع الصغير " ويكره غلق باب المسجد وهو على اللغة المتروكة، وصوابه إغلاق باب المسجد.
م: (وقيل: لا بأس به) ش: أي بإغلاق باب المسجد م: (إذا خيف على متاع المسجد) ش: من السرقة م: (في غير أوان الصلاة) ش: أي في غير وقتها للاحتياط وهو حسن، وقيل: إذا تقارب الوقتان كالعصر والمغرب والعشاء لا يغلق، وبعد العشاء يغلق إلى طلوع الفجر، ومن طلوع الشمس إلى وقت الزوال، ذكره شمس الأئمة وقاضي خان، والتدبير في الإغلاق وتركه إلى أهل المحلة، فإنهم إذا اجتمعوا على رجل جعلوه متوليا بغير أمر القاضي يكون متوليا.
م: (ولا بأس بأن ينقش المسجد بالجص والساج وماء الذهب) ش: الجص بفتح الجيم وتشديد الصاد المهملة، قال الجوهري: الجص والجص ما يبنى به وهو معرب.
قلت: هو معرب - كج - بالكاف والجيم وهو الكلس، وهو النورى، يقال له في لغة المصريين الجير، والساج بالجيم شجر يغلظ جدا، ينبت بالهند وله قيمة، وهذه المسألة في خواص مسائل " الجامع الصغير "، وقال فخر الإسلام البزدوي، ولفظ لا بأس دليل على أن المستحب غيره وهو الصرف إلى آخره. وقال شمس الأئمة في قوله: لا بأس إشارة إلى أنه لا يؤجر ويكفيه أن يجوز لسائر الناس.
قلت: البأس: الشدة، فقوله - لا بأس - وفي الشدة روايتان والإنسان إنما يفتقر إلى نفسه حيث يتصور الشدة، وجاء في الآثار أن «من أشراط الساعة تزيين المساجد» وعلي رضي الله
وقوله: لا بأس يشير إلى أنه لا يؤجر عليه، لكنه لا يأثم به، وقيل: هو قربة
ــ
[البناية]
عنه بمسجد مزوق بالكوفة فقال: لمن هذه البيعة، فقيل: هذا مصلى للمسلمين، فقال: ما هكذا يكون مصلى المسلمين. وبعث الوليد بن عبد الملك بمال يزين به مسجد رسول الله عليه السلام فمر به على عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه فقال: المساكين أحوج من الأساطين، إلا أن محمدا رحمه الله نفى البأس بقوله لا بأس بدلائل لاحت عنده منها قَوْله تَعَالَى:{فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ} [النور: 36](النور: الآية 36) ، ورفعها تعظيمها والتعظيم [رفع شأنها وتطهيرها من الأنجاس والأقذار لا زخرفتها] .
وروي عن داود عليه السلام بنى مسجد بيت المقدس، وأتم بناه سليمان عليه السلام وزينه حتى نصب على أعلى قبته الكبريت الأحمر، وكان يضيء من سبعة أميال، وقيل من اثني عشر ميلا، وكانت الغزالات يغزلن في ضوئها.
وقال تاج الشريعة: الكبريت الأحمر مثل لكل ما يعز وجوده أو يتناقص، قلت: المراد هنا الياقوت الأحمر، وكذا الكعبة باطنها من خزف بماء الذهب وظاهرها مستور بالديباج، وكساها عمر رضي الله عنه أيضا، وفي تزيين المسجد ترغيب الناس في الجماعة، وتعظيم بيت الله، والدخول في أمارة من مدحه الله تعالى بقوله:{إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [التوبة: 18](التوبة: الآية 18) .
ثم إن تزيين المسجد لما دار مرة بين الاستحباب وبين الكراهة، قال أصحابنا بالجواز، ولم يقولوا بالاستحباب كما قال به بعضهم، [ولا بلفظ الكراهة، لما ذكرنا، كما قال به بعضهم، ثم اختلفوا في كيفية التزيين، فقيل:] ولا ينبغي التكلف لدقائق النقش، وقيل: إن كان بحيث يشتغل به المصلي يكره، وإلا فلا، وقيل: إن كثر يكره، وإن قل لا، وقيل: يكره في المحراب دون السقف.
م: (وقوله) ش: أي وقول محمد في " الجامع الصغير " م: (لا بأس يشير إلى أنه لا يؤجر عليه) ش: أي لا يثاب عليه م: (لكنه لا يأثم به) ش: أي تزيين المسجد لما ذكرنا م: (وقيل هو قربة) ش: أي التزيين تقرب إلى الله تعالى لما ذكرنا من الدلائل الدالة على أنه قربة.
وأجاب هؤلاء عن الأثر المذكور بأن كونه من أشراط الساعة لا يدل على البطلان، وعن قول علي رضي الله عنه: من ألزم محمول على أنه كانت فيه تماثيل أو أعاجيب نقش يشغل المصلين عن الخشوع والخضوع، وعن قول عمر بن عبد العزيز أنه عرف أنه كان من مال الصدقة، والمسجد لا يصلح مصرفا لذلك، ومنع أبو إسحاق المروزي تحلية الكعبة والمساجد والمشاهد بقناديل الذهب والفضة.
وقال الغزالي: لا يبعد مخالفته حملا على الإكرام كما في تحلية المصحف ذكره في
وهذا إذا فعل من مال نفسه، أما المتولي، فيفعل من مال الوقف ما يرجع إلى أحكام البناء دون ما يرجع إلى النقش حتى لو فعل يضمن، والله أعلم بالصواب.
ــ
[البناية]
الوسيط، وذكر صاحب " الطراز " عن المالكية كراهة ذلك كله، وذكر في " الرعاية " عن أحمد أن المسجد يصان عن الزخرفة وهم محجوجون بما ذكرناه من إجماع المسلمين في الكعبة.
م: (وهذا) ش: أشار به إلى قوله لا بأس يعني لا يكره النقش م: (إذا فعل من مال نفسه) ش: لأنه يقصد به القربة م: (أما المتولي) ش: وهو الذي ينظر في أمر المسجد وأمر أوقافه م: (فيفعل من مال الوقف ما يرجع إلى أحكام البناء) ش: مثل التجصيص م: (دون ما يرجع إلى النقش) ش: يعني ليس له أن يفعل ذلك م: (حتى لو فعل يضمن) ش: لأنه تعدى، وقيل يضمن في التجصيص أيضا، وعن الشيخ بكر الزرنجري أنه يقول: هذا في زمانهم، أما في زماننا لو صرف ما يفضل من العمارة إلى النقش يجوز قطعا؛ للأطماع الفاسدة من الظلمة.