الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا إذا كان على عجلة من السير، وإن كان في أمنة وقرار يقرأ في الفجر نحو سورة البروج، وانشقت؛ لأنه يمكنه مراعاة السنة مع التخفيف. ويقرأ في الحضر في الفجر الركعتين بأربعين آية، أو خمسية آية سوى فاتحة الكتاب، ويروى من أربعين إلى ستين
ــ
[البناية]
م: (وهذا) ش: يعني ما ذكرنا من قوله: وفي السفر يقرأ بفاتحة الكتاب وأي سورة شاء. م: (إذا كان) ش: أي المسافر الذي يصلي م: (على عجلة من السير) ش: أي على استعجال في سيره لوصول المنزل، أو كان وراءه عدو، أو سبع يخافه، فيستعجل للحوق بجماعته.
م: (وإن كان في أمنة) ش: بفتح الميم أي أمن ومنه قَوْله تَعَالَى: {أَمَنَةً نُعَاسًا} [آل عمران: 154](آل عمران: الآية 154) ، والأمنة أيضا الذي يثق بكل أحد، وكذلك الأُمنة بضم الهمزة م:(وقرار) ش: وفي مكان م: (يقرأ في الفجر سورة البروج وانشقت) ش: يعني {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ} [البروج: 1] وهي ثنتان وعشرون آية، وسورة {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق: 1] وهي خمس وعشرون آية.
م: (لأنه يمكنه مراعاة السنة مع التخفيف) ش: مراعاة السنة هي أنه عليه السلام قرأ في الحضر بمثل سورة (البروج) ، و (انشقت) في صلاة الفجر، فإذا كان المسافر في أمن يقرأ بمثل هذه السورة في صلاة الفجر، فيكون مراعيا للسنة مع حصول التخفيف المطلوب في السفر، الذي هو عين المشقة.
[مقدار القراءة في الصلوات الخمس]
م: (ويقرأ في الحضر في الفجر في الركعتين بأربعين آية، أو خمسين آية سوى فاتحة الكتاب) ش: في هذه العبارة إشارة إلى أن الأربعين آية، أو الخمسين تكون في الركعتين، لا في ركعة واحدة، فيكون في كل ركعة من الفجر عشرون آية في رواية الأربعين، وخمسة وعشرين آية في رواية الخمسين.
فإن قلت: هذا خلاف الآثار فإنه ذكر في " المبسوط " عن «مسروق العجلي قال: بلغت سورة "ق" و {اقْتَرَبَتِ} [القمر: 1] من فيّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لكثرة قراءته إياهما في صلاة الفجر» ولا يمكن حمله على أنه قرأ بعض سورة (ق) في ركعة؛ لأن المستحب قراءة سورة تامة في ركعة، وقد أمر به النبي صلى الله عليه وسلم بلالا رضي الله عنه.
قلت: يحمل على ما رواه العجلي على ما في الكتاب من ستين إلى مائة فإنه صلى الله عليه وسلم لما قرأ سورة (ق) في الركعة الأولى وهي أربع وخمسون آية كأن يقرأ في الثانية ما يعادلها أو يقاربها، فكان مجموعهما يقرب إلى مائة؛ ولهذا فسر في " مبسوط شيخ الإسلام " وقال: إنه صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة (ق)، أو {اقْتَرَبَتِ} [القمر: 1] في الركعة الأولى. والحاصل أن الاختلاف الواقع في هذا الباب لاختلاف الأخبار والآثار، على ما يجيء عن قريب إن شاء الله تعالى.
م: (ويرى من أربعين إلى ستين) ش: أراد بهذا أنه روي عن أبي حنيفة أنه يقرأ في الفجر في
ومن ستين إلى مائة وبكل ذلك ورد الأثر ووجه التوفيق أنه يقرأ بالراغبين مائة وبالكسالى أربعين، وبالأوساط ما بين خمسين إلى ستين، وقيل: ينظر إلى طول الليالي وقصرها، وإلى كثرة الأشغال وقلتها
ــ
[البناية]
الحضر في الركعتين من أربعين آية إلى ستين: م: (ومن ستين إلى مائة) ش: أي ويروى عن أبي حنيفة أيضا رواها الحسن عنه أنه يقرأ من ستين آية إلى مائة آية م: (وبكل ذلك ورد الأثر) ش: أي بكل ما ذكرنا من المقادير في القراءة في الفجر في السفر والحضر ورد الأثر، ألا ترى أن أبا بكر رضي الله عنه قرأ في الفجر سورة البقرة، فلما قال له عمر رضي الله عنه كادت الشمس تطلع يا خليفة رسول الله، فقال: لو طلعت لم تجدنا غافلين، وعمر رضي الله عنه قرأ سورة يوسف، فلما انتهى {أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 86] (يوسف: الآية 86) ، خنقته العبرة فركع، وروي عن أبي سويد أنه قال: خرجنا مع عمر رضي الله عنه حجاجا فصلى بنا الفجر ب {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ} [الفيل: 1]، {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} [قريش: 1] .
وعن ابن ميمون قال: صلى بنا عمر رضي الله عنه الفجر في السفر فقرأ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] ، وعن الأعمش، عن إبراهيم قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأون في السفر بالسور القصار.
وعن أبي وائل قال: صلى بنا ابن مسعود في السفر الفجر بآخر بني إسرائيل {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا} [الإسراء: 111](الإسراء: الآية 111) ، ثم ركع، كذا ذكر ذلك ابن أبي شيبة.
م: (ووجه التوفيق) ش: أي بين الروايات التي رويت، وقد ذكر وجه ذلك بثلاثة أوجه: أحدها: قوله م: (أنه) ش: أي الإمام م: (يقرأ بالراغبين) ش: في سماع طول القراءة والإمام م: (مائة) ش: أي مائة آية أو أكثر؛ لأن الراغبين هم الزهاد والعباد، فلا يثقل عليهم التطويل، ويجمع الإمام في هذا بين التغليس والإسفار.
م: (وبالكسالى) ش: أي ويقرأ بالكسالى، وهو جمع كسلان م:(من أربعين إلى خمسين) ش: أي من أربعين آية إلى خمسين آية، ولا يزيد على هذا؛ لأنه يثقل عليهم، لقلة رغبتهم م:(وبالأوساط) ش: أي ويقرأ بأوساط الناس، وهم لا راغبون ولا كسالى جدا، بل بين هؤلاء وهؤلاء، وهو جمع وسط م:(ما بين خمسين إلى ستين) ش: أي ما بين خمسين آية إلى ستين آية.
م: (وقيل: ينظر إلى طول الليالي وقصرها) ش: وأقصرها ليالي الصيف، ويقرأ فيها أربعين آية. وفي الخريف خمسين آية أو ستين آية م:(وإلى كثرة الأشغال وقلتها) ش: هو الوجه الثالث من وجوه التوفيق، وهو أنه ينظر إلى كثرة أشغال الناس وقلتها؛ لأن التطويل عند الاشتغال الكثير يؤدي إلى ترك السنة، وهاهنا وجوه أخرى.
قال وفي الظهر مثل ذلك لاستوائهما في سعة الوقت وقال في الأصل أو دونه لأنه وقت الاشتغال فينقص عنه تحرزا عن الملال
والعصر والعشاء سواء يقرأ فيهما بأوساط المفصل
وفي المغرب دون ذلك يقرأ فيها بقصار المفصل، والأصل فيه كتاب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن اقرأ في الفجر والظهر بطوال المفصل وفي العصر والعشاء بأوساط المفصل وفي المغرب بقصار المفصل،
ــ
[البناية]
الأول: ينظر إلى حال الإمام في الطول والقصر بحسب القدرة.
الثاني: ينظر إن كان الإمام حسن الصوت يقرأ مائة، وإن كان خلاف ذلك لا يزيد على الأربعين.
الثالث: ينظر إلى حال الوقت بحسب الأمن والخوف.
م: (قال) ش: أي في " الجامع " م (وفي الظهر مثل ذلك) ش: أي يقرأ في صلاة الظهر مثل ما قرأ في صلاة الفجر، وقد روي أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر {الم} [السجدة: 1] {تَنْزِيلُ} [السجدة: 2] السجدة، وروي أنه كان يقرأ في الفجر {الم} [السجدة: 1] {تَنْزِيلُ} [السجدة: 2] فدل على أنه كان يقرأ في ركعتي الظهر مثل ما يقرأ في الفجر م (لاستوائهما في سعة الوقت) ش: أي لاستواء الظهر والعصر في سعة الوقت.
م: (وقال في الأصل) ش: أي قال محمد في " المبسوط " م: (أو دونه) ش: أي أو يقرأ في الظهر دون ما يقرأ في الفجر م: (لأنه) ش: أي؛ لأن الظهر م: (وقت الاشتغال) ش: بخلاف الفجر م: (فينقص عنه) ش: أي عن الفجر م: (تحرزا عن الملال) ش: أي احتراز عن الملالة المفضية إلى تقليل الجماعة.
م: (والعصر والعشاء سواء) ش: يعني يتساويان في حكم القراءة م: (يقرأ فيهما بأوساط المفصل) ش: وأوساط المفصل من كورت إلى الضحى، وطوال المفصل من الحجرات إلى {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ} [البروج: 1] والقصار من الضحى إلى آخر القرآن، كذا في " جامع المحبوبي " و " قاضي خان " إلا أنه ذكر في " جامع قاضي خان " قيل: أول الطوال من قاف، قال الخطابي: روي هذا في حديث مرفوع. وحكى القاضي عياض أنه من الجاثية وهو غريب، وسمي المفصل؛ لكثرة الفصول فيه، وقيل: لقلة المنسوخ فيه.
م: (وفي المغرب دون ذلك يقرأ فيها بقصار المفصل والأصل فيه) ش: أي في تقدير القراءة في الصلاة م: (كتاب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن اقرأ في الفجر والظهر بطوال المفصل، وفي العصر والعشاء بأوساط المفصل، وفي المغرب بقصار المفصل) ش: هذا له أصل، ولكن بغير هذا الوجه، فروى عبد الرزاق في "مصنفه " أخبرنا سفيان الثوري عن علي بن زيد بن جدعان عن الحسن رضي الله عنه وغيره قال: كتب عمر رضي الله عنه إلى أبي
ولأن مبنى المغرب على العجلة والتخفيف أليق بها، والعصر والعشاء يستحب فيهما التأخير، وقد يقعان بالتطويل في وقت غير مستحب، فيوقف فيهما بالأوساط.
ــ
[البناية]
موسى الأشعري أن اقرأ في المغرب بقصار المفصل، وفي العشاء بأوساط المفصل، وفي الصبح بطوال المفصل. وروى ابن شاهين ولفظه: أن اقرأ في الصبح بطوال المفصل، وفي الظهر بأوساط المفصل، وفي المغرب بقصار المفصل.
وقال الترمذي في كتابه في آيات القراءة في الصبح، وروي عن عمر رضي الله عنه أنه كتب إلى أبي موسى أن اقرأ في المغرب بقصار المفصل، وأبو موسى الأشعري اسمه عبد الله بن قيس، مات سنة اثنين وأربعين، وهو ابن ثلاث وستين سنة.
م: (ولأن مبنى المغرب على العجلة والتخفيف أليق بها، والعصر والعشاء يستحب فيهما التأخير) ش: أراد بالعجلة الاستعجال خوفا من وقوعها إلى اشتباك النجوم، وروي عن ابن عمر رضي الله عنه «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] » رواه ابن ماجه.
فإن قلت: في حديث «جبير بن مطعم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور» وعنه صلى الله عليه وسلم «قرأ في المغرب الأعراف وقسمها في ركعتين» رواه النسائي.
قلت: هذا بحسب الأحوال، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم من أحوال المؤمنين في وقت أنهم يؤثرون التطويل فيطول، وفي وقت غير مستحب قد ذكر المصنف في باب المواقيت، ويستحب تأخير العصر ما لم تتغير الشمس في الشتاء والصيف؛ لما فيه من تكثير النوافل لكراهتها بعده، وذكر في العشاء أنه يستحب تأخيره إلى ما قبل ثلث الليل. ثم تعليل المصنف حينئذ بقوله م:(وقد يقعان بالتطويل في وقت غير مستحب) ش: ماش ظاهر في العصر وغير ماش في العشاء؛ لأن تأخيره إلى نصف الليل مباح والتعليل الصحيح فيه أن وقتها وقت النوم فبالتطويل في القراءة يحصل التأخير، وبالتأخير يحصل التنفير والتقليل في الجماعة لغلبة النوم عليهم حينئذ م:(فيوقت فيهما) ش: أي في وقت العصر والعشاء م: (بالأوساط) ش: أي بأوساط المفصل، وعن أبي بريدة:«كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في العشاء الآخرة: والشمس وضحاها ونحوها» ، ورواه النسائي والترمذي، وقال: حديث حسن.
وعن جابر بن سمرة: «أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر والعصر {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ} [البروج: 1] و {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ} [الطارق: 1] » رواه أبو داود والنسائي والترمذي وحسنه.
م:
وقال: ويطيل الركعة الأولى من الفجر على الثانية، إعانة للناس على إدراك الجماعة.
قال: وركعتا الظهر سواء، وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله - وقال محمد رحمه الله: أحب إلي أن يطيل الركعة الأولى على غيرها في الصلوات كلها؛ لما «روي أن النبي عليه السلام: "كان يطيل الركعة الأولى على غيرها في الصلوات كلها» ، ولهما أن الركعتين استويا في استحقاق القراءة فيستويان في المقدار،
بخلاف الفجر؛ لأنه وقت نوم وغفلة
ــ
[البناية]
(وقال) ش: أي محمد في الأصل م: (ويطيل الركعة الأولى من الفجر على الثانية) ش: وفي بعض النسخ ويطول وهذا بالاتفاق بين أصحابنا، وعند الشافعي رحمه الله يسوي بين الركعتين في الصلاة كلها ذكر في " المهذب " وبه قال الأكثرون من الشافعية رحمهم الله واختار النووي قول محمد وفي " الروضة " والأصح التسوية بينهما وبين الثالثة والرابعة، واتفقوا على كراهية إطالة الثانية على الأولى إلا مالكا، فإنه قال: لا بأس بأن يطول الثانية على الأولى.
م: (إعانة للناس على إدراك الجماعة) ش: أي لأجل الإعانة للناس على إدراك الجماعة؛ لأن وقت الفجر وقت نوم وغفلة، فاستحب تطويل الركعة الأولى ليدرك الناس الجماعة.
م: (قال: وركعتا الظهر سواء) ش: أي الركعتان الأوليان من الظهر مستويتان في الإطالة والقصر، لأنهما استويا في وجوب القراءة ويستويان في مقدارها إذ الترجيح خلاف الأصل بخلاف صلاة الفجر لما ذكرنا وقد ذكرنا عن قريب حديث جابر بن سمرة وقراءته صلى الله عليه وسلم في الظهر والعصر {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ} [البروج: 1] و {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ} [الطارق: 1] وهما متقاربتان.
م: (وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله -) ش: يعني استواء ركعتي الظهر وغيره م: (وقال محمد رحمه الله أحب إلي أن يطول الركعة الأولى على الثانية في الصلوات كلها) ش: وبه قال الثوري وأحمد - رحمهما الله - م: (لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطيل الركعة الأولى على الثانية في الصلوات كلها) ش: روى البخاري ومسلم من حديث أبي قتادة، واللفظ للبخاري «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين، وفي الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب ويطول في الركعة الأولى ما لا يطيل في الثانية وهكذا في العصر» وهكذا في الصبح وزاد أبو داود والعشاء؛ لأنه يريد بذلك أن يدرك الناس الركعة. م: (ولهما) ش: أي ولأبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله - م: (أن الركعتين استويا في حق استحقاق القراءة فيستويان في المقدار) ش: يعني أن القراءة كما فرضت في الأولى فرضت في الثانية، فثبت استواؤهما في استحقاق القراءة، فينبغي أن يستويا في حق المقدار أيضا.
م: (بخلاف الفجر؛ لأنه وقت نوم وغفلة) ش: هذا جواب عن قياس محمد رحمه الله حيث قاس سائر الصلوات بالفجر، فإن إطالة الأولى على الثانية مسنونة بالإجماع، وأما الفجر فإنه في وقت نوم وغفلة بخلاف غيرها، فإن الناس فيها على علم ويقظة، فلا يقاس على الفجر
والحديث محمول على الإطالة من حيث الثناء والتعوذ والتسمية،
ولا معتبر بالزيادة والنقصان بما دون ثلاث آيات؛ لعدم إمكان الاحتراز عنه من غير حرج.
ــ
[البناية]
لوجود الفارق، وفي " جامع المحبوبي ": الجمعة والعيد وغيرهما في هذا الحكم سواء.
م: (والحديث محمول على الإطالة من حيث الثناء والتعوذ والتسمية) ش: هذا جواب من جهة أبي حنيفة وأبي يوسف عن الحديث الذي احتج به محمد وهو ظاهر، وفيه نظر من وجهين، أحدهما: أنه احتج لمحمد بالحديث المذكور، ولم يحتج لأبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله - إلا بالمعقول، وكان ينبغي له أن يذكر لهما حديثا ثم يجيب عن حجته. والثاني: أن المراد من الإطالة هي الإطالة في نفس القراءة، والثناء، والتعوذ، والتسمية ليست من القراءة، وهذا جواب شاف.
وقد احتج أبو حنيفة وأبو يوسف بما رواه أبو سعيد الخدري «أنه عليه السلام كان يقرأ في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر ثلاثين آية، وفي الأخريين خمس عشرة آية، وقال: نصف ذلك في العصر، في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر خمس عشرة آية، وفي الأخريين قدر نصف ذلك» . رواه مسلم وأحمد - رحمهما الله.
م: (ولا معتبر بالزيادة والنقصان بما دون ثلاث آيات؛ لعدم إمكان الاحتراز عنه من غير حرج) ش: أي ولا عبرة في زيادة آية أو آيتين في الركعة الأولى على القراءة في الركعة الثانية، وكذلك على العكس وكذا لا عبرة في نقصان آية أو آيتين عن ذلك، والحاصل أن المقدار في الزيادة والنقصان بما دون ثلاث آيات من غير حرج في اعتبار التساوي على الحقيقة، «وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب بالمعوذتين» والثانية أطول من الأولى بآية، وإطالة الركعة الثانية على الأولى بثلاث آيات فصاعدا في الفرائض مكروه بالإجماع، وفي السنن والنوافل لا يكره؛ لأن أمرها أسهل كذا في " جامع المحبوبي "، وفي " جامع التمرتاشي " هكذا إذا كان إماما، أما إذا كان منفردا قرأ ما شاء؛ لأن على الإمام أن يراعي حق القوم، قال المرغيناني: في التطويل يعتبر بالآي إن كان بينهما مقاربة، بأن كانت الآيات متقاربة من حيث الطول والقصر معتبرا بالكلمات والحروف، وقيل: ينبغي أن يكون التقرب بالثلاث والثلاثين.
وقال الطحاوي: يقرأ في الأولى ثلاثين آية، وفي الثانية عشر آيات، أو عشرين آية، وهذا بيان الأولوية.
وفي " المجرد " قال أبو حنيفة رضي الله عنه: المنفرد كالإمام في جميع ما وصفنا من القراءة إلا أنه ليس عليه الجهر، وقيل: يستحب للمنفرد رجلا كان أو امرأة تطويل القراءة؛ لقول محمد رحمه الله: طول القراءة أحب إلي من كثرة الركوع والسجود، وقَوْله تَعَالَى:{وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238](البقرة: الآية 238)، قيل: القنوت طول القيام، وفي " القنية ": القراءة المسنونة يستوي