المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[حكم من انتهى إلى الإمام في صلاة الفجر وهو لم يصل ركعتي الفجر] - البناية شرح الهداية - جـ ٢

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصلاة

- ‌[تعريف الصلاة]

- ‌باب المواقيت

- ‌أول وقت الفجر

- ‌[وقت صلاة الفجر]

- ‌[آخر وقت صلاة الفجر]

- ‌أول وقت الظهر

- ‌[وقت صلاة الظهر]

- ‌[آخر وقت الظهر]

- ‌أول وقت العصر

- ‌[وقت صلاة العصر]

- ‌[آخر وقت العصر]

- ‌[وقت صلاة المغرب]

- ‌[أول وقت المغرب وآخره]

- ‌أول وقت العشاء

- ‌[وقت صلاة العشاء]

- ‌آخر وقت العشاء

- ‌[وقت صلاة الوتر]

- ‌فصل ويستحب الإسفار بالفجر

- ‌[الإبراد بالظهر وأخير العصر في الصيف]

- ‌[تعجيل المغرب]

- ‌تأخير العشاء إلى ما قبل ثلث الليل

- ‌فصل في الأوقات التي تكره فيها الصلاة

- ‌باب الأذان

- ‌[حكم الأذان]

- ‌صفة الأذان

- ‌[ما يشرع له الأذان من الصلوات]

- ‌[زيادة الصلاة خير من النوم في أذان الفجر]

- ‌[ما يسن في الأذان والإقامة]

- ‌[شروط المؤذن]

- ‌[ما يستحب لمن سمع الأذان]

- ‌[التثويب في أذان الفجر]

- ‌[الفصل بين الأذان والإقامة]

- ‌[ما ينبغي للمؤذن والمقيم]

- ‌[أذان الجنب]

- ‌[الأذان قبل دخول الوقت]

- ‌المسافر يؤذن ويقيم

- ‌باب شروط الصلاة التي تتقدمها

- ‌ الطهارة من الأحداث والأنجاس

- ‌[ستر العورة]

- ‌عورة الرجل

- ‌[عورة الحرة]

- ‌[عورة الأمة]

- ‌[صلاة العريان]

- ‌[النية من شروط الصلاة]

- ‌[تعريف النية]

- ‌[استقبال القبلة من شروط الصلاة]

- ‌ حكم من اشتبهت عليه القبلة

- ‌باب في صفة الصلاة

- ‌فرائض الصلاة

- ‌[تكبيرة الإحرام]

- ‌[القيام في صلاة الفرض]

- ‌[قراءة القرآن والركوع والسجود في الصلاة]

- ‌[القعدة في آخر الصلاة والتشهد والسلام]

- ‌[سنن الصلاة]

- ‌[رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام]

- ‌[وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة]

- ‌[دعاء الاستفتاح]

- ‌[حكم الاستعاذة في الصلاة]

- ‌[البسملة في الصلاة]

- ‌[الواجب من القراءة في الصلاة]

- ‌[قول المأموم آمين]

- ‌[التكبير قبل الركوع وبعد الرفع منه]

- ‌[قول سبحان ربي العظيم في الركوع]

- ‌قول: سمع الله لمن حمده

- ‌[قول سبحان ربي الأعلى في السجود]

- ‌[الافتراش عند التشهد الأوسط]

- ‌[التشهد الأوسط وصيغته]

- ‌[القراءة في الأخيرتين بفاتحة الكتاب فقط]

- ‌[الصلاة على النبي في التشهد الأخير]

- ‌[حكم الصلاة على النبي خارج الصلاة]

- ‌[الدعاء بعد التشهد الأخير وقبل السلام]

- ‌[كيفية الصلاة على النبي]

- ‌[الحكم لو ترك بعض التشهد وأتى بالبعض]

- ‌فصل في القراءة

- ‌[الصلوات التي يجهر فيها بالقراءة والتي يسر فيها]

- ‌[المنفرد هل يجهر بصلاته أم يسر فيها]

- ‌[الإسرار بالقراءة في الظهر والعصر]

- ‌[الجهر في الجمع بعرفة]

- ‌[الجهر في الجمعة والعيدين]

- ‌[تطوعات النهار سرية]

- ‌[حكم من قرأ في العشاء في الأوليين السورة ولم يقرأ بالفاتحة]

- ‌أدنى ما يجزئ من القراءة في الصلاة

- ‌[مقدار القراءة في الصلوات الخمس]

- ‌[قراءة نفس السورة مع الفاتحة في الركعة الثانية]

- ‌[تعيين سورة أو آية من القرآن لشيء من الصلوات]

- ‌[قراءة المؤتم خلف الإمام]

- ‌باب في الإمامة

- ‌[حكم صلاة الجماعة]

- ‌أولى الناس بالإمامة

- ‌[إمامة العبد والفاسق والأعمى وولد الزنا]

- ‌[تخفيف الإمام في الصلاة]

- ‌[إمامة المرأة للنساء في صلاة الجماعة]

- ‌[موقف الإمام والمأموم في الصلاة]

- ‌[إمامة المرأة والصبي في الصلاة]

- ‌[إمامة الصبي في النوافل كالتراويح ونحوها]

- ‌[كيفية ترتيب الصفوف في الصلاة]

- ‌[محاذاة المرأة للرجل في الصلاة]

- ‌[حضور النساء للجماعات]

- ‌[صلاة الصحيح خلف صاحب العذر]

- ‌[صلاة القارئ خلف الأمي]

- ‌[صلاة المكتسي خلف العاري]

- ‌[إمام المتيمم للمتوضئين]

- ‌[صلاة القائم خلف القاعد]

- ‌[صلاة المفترض خلف المتنفل والعكس]

- ‌ اقتدى بإمام ثم علم أن إمامه محدث

- ‌[إمامة الأمي]

- ‌باب الحدث في الصلاة

- ‌[حكم من ظن أنه أحدث فخرج من المسجد ثم علم أنه لم يحدث]

- ‌[حكم الحدث من الإمام أو المأموم في الصحراء]

- ‌[الحكم لو حصر الإمام عن القراءة فقدم غيره]

- ‌[رؤية المتيمم للماء أثناء الصلاة]

- ‌[حكم من أحدث في ركوعه أو سجوده]

- ‌[حكم من أم رجلا واحدا فأحدث]

- ‌باب ما يفسد الصلاة، وما يكره فيها

- ‌[حكم الكلام في الصلاة]

- ‌[التنحنح في الصلاة]

- ‌[تشميت العاطس في الصلاة]

- ‌[الفتح على الإمام]

- ‌[حكم الفتح على الإمام]

- ‌[حكم من صلى ركعة من الظهر ثم افتتح العصر]

- ‌[حمل المصحف والنظر فيه وتقليب الأوراق في الصلاة]

- ‌[اتخاذ السترة ومرور المرأة ونحوها بين يدي المصلي]

- ‌[اتخاذ المصلي للسترة في الصحراء]

- ‌ وسترة الإمام سترة للقوم

- ‌[دفع المصلي المار بين يديه]

- ‌[فصل في العوارض التي تكره في الصلاة]

- ‌ العبث في الصلاة

- ‌[التخصر في الصلاة]

- ‌ الالتفات في الصلاة

- ‌[الإقعاء في الصلاة]

- ‌[رد السلام للمصلي]

- ‌[التربع للمصلي]

- ‌[لا يصلي وهو معقوص الشعر]

- ‌[كف الثوب في الصلاة]

- ‌[الأكل والشرب في الصلاة]

- ‌[الحكم لو صلى وفوقه أو بين يديه أو بحذائه تصاوير]

- ‌[اتخاذ الصور في البيوت وقتل الحيات في الصلاة]

- ‌فصل ويكره استقبال القبلة بالفرج في الخلاء

- ‌ المجامعة فوق المسجد والبول والتخلي

- ‌[أحكام المساجد]

- ‌[إغلاق باب المسجد]

- ‌باب صلاة الوتر

- ‌[حكم صلاة الوتر]

- ‌[عدد ركعات الوتر]

- ‌[أحكام القنوت في الصلاة]

- ‌[القراءة في صلاة الوتر]

- ‌[القنوت في الوتر]

- ‌[حكم من أوتر ثم قام يصلي يجعل آخر صلاته وترا أم لا]

- ‌باب النوافل

- ‌[عدد ركعات التطوع المرتبطة بالصلوات وكيفيتها]

- ‌فصل في القراءة

- ‌[حكم القراءة في الفرض]

- ‌[حكم القراءة في صلاة النفل]

- ‌[صلاة النافلة على الدابة وفي حال القعود]

- ‌[حكم السنن الرواتب]

- ‌فصل في قيام شهر رمضان

- ‌[حكم صلاة التراويح وكيفيتها]

- ‌[صلاة الوتر جماعة في غير رمضان]

- ‌باب إدراك الفريضة

- ‌[حكم من أقيمت عليه الصلاة وهو في صلاة نفل]

- ‌[حكم من انتهى إلى الإمام في صلاة الفجر وهو لم يصل ركعتي الفجر]

- ‌باب قضاء الفوائت

- ‌[كيفية قضاء الفوائت]

- ‌باب سجود السهو

- ‌[كيفية سجود السهو]

- ‌[متى يلزم سجود السهو]

- ‌[حكم الشك في عدد ركعات الصلاة]

- ‌باب صلاة المريض

- ‌[كيفية صلاة المريض]

- ‌[حكم من أغمي عليه خمس صلوات أو دونها]

- ‌باب سجود التلاوة

- ‌[عدد سجدات القرآن]

- ‌[من تلزمه سجدة التلاوة]

- ‌[قضاء سجدة التلاوة]

- ‌[تكرار تلاوة سجدة التلاوة في المجلس الواحد]

الفصل: ‌[حكم من انتهى إلى الإمام في صلاة الفجر وهو لم يصل ركعتي الفجر]

ومن انتهى إلى الإمام في صلاة الفجر؛ وهو لم يصل ركعتي الفجر إن خشي أن تفوته ركعة ويدرك الأخرى يصلي ركعتي الفجر عند باب المسجد ثم يدخل لأنه أمكنه الجمع بين الفضيلتين.

ــ

[البناية]

فأتي بهما ترعد فرائصهما قال ما منعكما أن تصليا معنا، قال: يا رسول الله إنا كنا صلينا في رحالنا قال فلا تفعلا إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة» رواه أبو داود والترمذي والنسائي، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح واستدل الأترازي للشافعي بحديث السبحة وهو ما روي عن النبي عليه السلام «إذا صلى أحدكم في رحله ثم أدرك الإمام ولم يصل فليصل معه فإنها له نافلة» ثم يجاب عنه بقوله، ونحن نحمله على غير هذه الصلوات كيلا يلزم التعارض بينه وبين حديث النهي عن الصلوات بعد الفجر والعصر وحديث التيسير.

قلت: كيف نحمله على غير هذه الصلوات، وقد صرح في حديث يزيد بن الأسود المذكور آنفا بصلاة الصبح، والجواب عنه أنه قد روي هذا في صلاة الظهر فتعارضت روايتا فعله فأخذنا بقوله عليه السلام «لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس» ثم إذا صلى العصر أو الفجر فعندنا فرضه الأول، وبه قال الشافعي في الجديد وأحمد، لأن الخطاب سقط عنه بالأولى، وقال في القديم فالفرض أكملها وقال بعض أصحابه والشعبي والأوزاعي فالفرض كلاهما وقد مر الكلام فيهما مرة.

[حكم من انتهى إلى الإمام في صلاة الفجر وهو لم يصل ركعتي الفجر]

م: (ومن انتهى إلى الإمام في صلاة الفجر وهو لم يصل ركعتي الفجر) ش: أي والحال أن هذا المنتهي لم يكن صلى سنة الفجر فلا يخلو حاله عن أمرين الأول: م: (إن خشي أن تفوته ركعة) ش: من صلاة الفجر لاشتغاله بالسنة م: (ويدرك الأخرى) أي الركعة الأخرى وهي الثانية، وتخصيص الركعة لما أن النبي عليه السلام جعل أداء الركعة مع الإمام عند العذر بمنزلة أداء الكل في إدراك ثواب الجمعة حتى تتم صلاة الخوف ركعة ركعة م:(يصلي ركعتي الفجر عند باب المسجد ثم يدخل) ش: أي يدخل المسجد م: (لأنه أمكنه الجمع بين الفضيلتين) ش: فضيلة السنة وفضيلة الجماعة، وإنما قيد عند باب المسجد لأنه لو صلاهما في المسجد كان مشتغلا فيه مع اشتغال الإمام بالفرض وأنه مكروه لقوله عليه السلام «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة» وخصت سنة الفجر بقوله عليه السلام «لا تدعوهما وإن طردتكم الخيل» رواه أبو داود وعن أبي هريرة رضي الله عنه وقد مر فيما مضى هذا إذا كان عند باب المسجد موضع لذلك، فإن لم يكن يصليهما في المسجد خلف سارية من سواريه خلف الصفوف. وذكر فخر الإسلام وأشدها كراهة أن يصلي مخالطا للصف مخالفا للجماعة والذي يصلي خلف الصف من غير حائل بينه وبين الصف. وفي " الذخيرة " السنة في ركعتي الفجر أن يأتي بهما في بيته، فإذا لم يفعل فعند باب المسجد إذا كان الإمام يصلي فيه، فإن لم يمكنه ففي المسجد الخارج إذا كان الإمام في المسجد الداخل، وفي الداخل إذا كان الإمام في الخارج. وفي " المحيط ": وقيل: يكره ذلك كله، لأن ذلك بمنزلة

ص: 569

وإن خشي فوتها دخل مع الإمام ولم يصل؛ لأن ثواب الجماعة أعظم والوعيد بالترك ألزم بخلاف سنة الظهر حيث يتركها في الحالين لأنه يمكنه أداؤها في الوقت بعد الفرض هو الصحيح.

ــ

[البناية]

مسجد واحد. وفي قاضي خان إن كان الإمام في الصيفي يصليهما في الشتوي وإن كان في الشتوي يصليهما في الصيفي، وإن كان الصيفي والشتوي واحدا يقوم خلف الصف وعند سارية أو خلف أسطوانة أو نحوهما. وقال الثوري: إن خشي فوت ركعة دخل مع الإمام ولم يصليهما وإلا صلاهما في المسجد، وقول مالك مثله إلا أنه قال يصليهما خارج المسجد في غير الأفنية اللاصفة به. وعن شمس الأئمة يحكي عن الفقيه إسماعيل الزاهد أنه كان يقول ينبغي أن يفتح ركعتي الفجر ثم يقطعهما ويدخل مع الإمام حتى يلزمه بالشروع فيتمكن من القضاء بعد الفجر ولكن هذا ليس بقوي، فإن ما وجب بالشروع لا يكون أقوى مما يجب بالنذر، وقد نص في الزيادات الزيادة أن المنذورة لا تؤدى بعد الفجر قبل طلوع الشمس.

الحال الثاني: أن يخاف فوت الفرض كله وأشار إليه بقوله م: (وإن خشي فوتهما) أي فوت ركعتي الفجر م: (دخل مع الإمام ولم يصل) أي لم يصل السنة يعني بتركها لأن ثواب الجماعة أعظم من ثواب السنة لما روى مسلم في " صحيحه " عن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة» م: (والوعيد بالترك ألزم) الوعيد منصوب لأنه عطف على اسم إن، وألزم مرفوع على الخبرية، والوعيد هو قوله عليه السلام:«لقد هممت أن آمر رجلا [يصلي بالناس، ثم آمر فتية] أن يجمعوا حزما من حطب، ثم آتي قوما يصلون في بيوتهم ليست بهم علة فأحرقها عليهم» رواه مسلم وأبو داود عن أبي هريرة، قوله: هممت أي قصدت، والفتية جمع فتى، قوله أن يجمعوا وفي رواية: تجمعوا قوله ثم آتي بالنصف عطف على قوله أن آمر، واستدل بهذا الحديث من قال: إن الجماعة فرض عين، وقد مر الكلام فيه في باب الإمامة.

فإن قلت: إذا أدرك الإمام في التشهد ماذا يفعل؟

قلت: ظاهر كلام المصنف ترك على أنه يدخل مع الإمام لأنه قال: إن خاف أن تفوته الركعتان دخل مع الإمام، كذا قال شمس الأئمة السرخسي في " شرح الجامع الصغير " ثم قال: وكان الفقيه أبو جعفر يقول: يصلي سنة الفجر ثم يشرع مع الإمام عندهما وعند محمد يترك السنة، وهذا فرع اختلافهم في المدرك في التشهد في صلاة الجمعة م:(بخلاف سنة الظهر حيث يتركها في الحالتين) أي في حال خشية الفوات، وحال عدمها م:(لأنه يمكنه أداؤها في الوقت) أي لأن الشأن يمكنه أداء سنة الظهر في وقت الظهر م: (بعد الفرض) أي بعد أداء فرض الظهر م: (هو الصحيح) أي أداء بعض الظهر بعد الفرض في الوقت هو الصحيح واحترز به عن قول بعض

ص: 570

وإنما الاختلاف بين أبي يوسف رحمه الله، ومحمد رحمه الله في تقديمها على الركعتين وتأخيرها عنهما،

ولا كذلك سنة الفجر على ما نبين إن شاء الله تعالى، والتقييد بالأداء

ــ

[البناية]

المشايخ أن سنة الظهر لا تقضى إذا فاتت لأن في سنة الفجر ورد الشرع بالقضاء غداة ليلة التعريس، ولم يرد مثل ذلك في سنة الظهر، وهذا القول غير صحيح، لأن عائشة رضي الله عنها روت «أنه عليه السلام فاتته الأربع قبل الظهر فقضاها بعده» . وقال الأترازي: وهذا القول غير صحيح، يعني قول بعض المشايخ أن سنة الظهر لا تقضى، وورد الاختلاف بين أبي يوسف ومحمد في أنه هل يقدم الأربع أو الركعتين، قال أبو يوسف: يقدم الركعتين ثم يقضي الأربع، وقال محمد: يقدم الأربع، ثم يقضي الركعتين، كذا ذكر اختلافها في " الجامع الصغير " الحسامي، وفي " الجامع الصغير " العتابي، و " المنظومة "، و " شروحها " ذكر الاختلاف على العكس، ويحتمل أن يكون عن كل واحد من الاثنين روايتان. انتهى.

قلت: اختلافهما في التقديم والتأخير في القضاء لا يدل على أن سنة الظهر تقضى في الفرض بعد ولا يدل على ذلك إلا الحديث الذي ذكرناه، والعجب من الأترازي أنه يستدل باختلاف الإمامين في التقديم والتأخير على قضاء سنة الظهر في الوقت، ثم اختلفوا هل تكون الأربع التي يقضيها بعد الظهر في الوقت سنة أو نفلا. قلت: قال في " الذخيرة ": وعن أبي حنيفة أن يكون نفلا، وهو قول بعضهم، وقيل يكون سنة، وهو قول صاحبيه، وهو الأظهر، وهل ينوي القضاء؟، فعندهما ينوي القضاء لحديث عائشة المذكور آنفا، وعند أبي حنيفة لا ينوي القضاء لأن ذلك عن النبي عليه السلام يكون قضاء لأنه إذا وجب على الشيء كتب عليه، وفعل غيره يكون تطوعا مبتدأ، فلا حاجة إلى نية القضاء م:(وإنما الاختلاف بين أبي يوسف ومحمد رحمهما الله في تقديمها) أي في تقديم الأربع م: (وتأخيرها عنهما) أي عن الركعتين فالتقديم عند أبي يوسف ومحمد والتأخير عند محمد، وفي " المحيط " ذكر أبو حنيفة مع أبي يوسف، في " فتاوى السغناقي " قول أبي يوسف هو المختار، وفي " مبسوط شيخ الإسلام " هو الأصح لحديث عائشة المذكور فإن أبا يوسف يعتبر المحل، ومحمد يعتبر ما يقع فيه فالركعتان في محلهما فيقدمان، ولمحمد أن الأربع قبل الركعتين لتقدمها على الأربع الفرض المتقدم عليهما، وقد تعذر التقديم على الظهر ولم يتعذر على السنة، وفي " الخلاصة " ولو صلى سنة الفجر أو الأربع قبل الظهر ثم اشتغل بالبيع والشراء والأكل، فإنه يعيد السنة أما بأكل لقمة أو شربة لا تبطل السنة، وذكر في " جامع التمرتاشي " قيل لا يعيد ولكن ثوابه أنقص من ثوابه قبل التكلم، قال الجلالي: الظاهر أنه لا يعيد.

م: (ولا كذلك سنة الفجر على ما نبين إن شاء الله تعالى) ش: يعني ليس سنة الفجر مثل سنة الظهر، لأن سنة الفجر لا يمكن أداؤها بعد الفرض فحصل الفرق بين السنتين م:(والتقييد بالأداء)

ص: 571

عند باب المسجد يدل على الكراهة في المسجد إذا كان الإمام في الصلاة، والأفضل في عامة السنن والنوافل المنزل هو المروي عن النبي عليه السلام قال: وإذا فاتته ركعتا الفجر لا يقضيهما قبل طلوع الشمس، لأنه يبقى نفلا مطلقا وهو مكروه بعد الصبح،

ــ

[البناية]

ش: أي تقييد محمد بن الحسن بأداء ركعتي الفجر م: (عند باب المسجد يدل على الكراهة في المسجد) ش: أي على كراهة أدائه إياهما م: (في المسجد إذا كان الإمام في الصلاة) ش: لمخالفة الإمام عيانا.

م: (والأفضل في عامة السنن والنوافل المنزل) ش: أي الأفضل في أكثر السنن والنوافل إقامتها في المنزل، وإنما قدرنا هكذا لأن لفظ المنزل لا يصح أن يقع خبرا لقوله الأفضل، وإنما قال في عامة السنن تنبيها على أن بعض المشايخ قالوا يصلي الركعتين بعد الظهر والركعتين بعد المغرب في المسجد وما سواهما في البيت. قال في " المحيط " م:(والمروي عن النبي عليه السلام) ش: أي روى البخاري ومسلم عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: «احتجز رسول الله عليه السلام حجرة.. الحديث، وفي آخره فعليكم بالصلاة في بيوتكم إلا المكتوبة فإن خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة» وأخرج أبو داود والترمذي والنسائي مختصرا ولفظ أبي داود: «صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة» به قال.

فإن قلت: يعارض هذا قوله عليه السلام: «صلاة في مسجدي هذا أفضل من صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام» . قلت: يحتمل هذا على الفرض أي صلاة مفروضة في مسجدي هذا يدل على لفظ أبي داود «صلاة المرء» .. الحديث، وفي " الذخيرة " والسنن بعد الفرائض لا بأس بإتيانها في المسجد في مكان الصلاة، والأولى أن يتنحى عنه خطوة أو خطوتين والإمام يتنحى عن المكان الذي يصلي فيه الفريضة لا محالة، وفي " الجامع الصغير ": إذا صلى الرجل المغرب في المسجد وخاف أن يرجع إلى بيته أن يشتغل عن السنة صلاها في المسجد، والأخير صلاة الرجل في بيته إلا المكتوبة، وفي " شرح الآثار للطحاوي " يأتي بالركعتين بعد الظهر وركعتين عند المغرب في المسجد وما سواهما لا ينبغي أن يصلي في المسجد وهو قول البعض، والبعض يقول التطوع في المسجد حسن وفي البيت أحسن، وذكر الحلواني: أن من فرغ من الظهر والمغرب والعشاء وإن شاء صلى السنة في المسجد وإن شاء في بيته.

م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع الصغير " م: (وإذا فاتته ركعتا الفجر لا يقضيهما قبل طلوع الشمس؛ لأنه يبقى نفلا مطلقا وهو مكروه وبعد صلاة الفجر) ش: أي التنفل مكروه بعد أن يصلي فرض الفجر لما مر بيانه. وقال النووي في " شرح المهذب " في قضاء السنة الراتبة قولان أحدهما وهو القديم لا يقضي كالكسوف والاستسقاء وتحية المسجد، والثاني وهو الجديد يقضي أبدا، وفي قول حكاه الخراسانيون إن فاتت في النهار يقضي ما لم تغرب الشمس، وإن فاتت في الليل

ص: 572

قال: ولا بعد ارتفاعها عند أبي حنيفة رحمه الله، وأبي يوسف رحمه الله وقال محمد رحمه الله: أحب إلي أن يقضيهما إلى وقت الزوال؛ لأنه عليه السلام قضاهما بعد ارتفاع الشمس غداة ليلة التعريس،

ــ

[البناية]

يقضي ما لم يطلع الفجر. قال: والصحيح استحسان قضاء الجميع أبدا. وفي " المغني " قال ابن حامد يقضي ركعتا الفجر وغيرهما من السنن في الأوقات كلها ما خلا أوقات النهي وهو إحدى الروايتين عن أحمد، وعنه أنه قال ركعتا الفجر تقضى إلى وقت الضحى. قال ابن قدامة: والأول أصح.

م: (قال) ش: أي المصنف م: (ولا بعد ارتفاعها) ش: أي ولا يقضي أيضا بعد ارتفاع الشمس م: (عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال محمد أحب إلي أن يقضيهما إلى وقت الزوال) ش: قال الحلواني والفضلي ومن تابعهما لا خلاف بينهم، فإن محمدا يقول: أحب إلي أن يقضي وإن لم يفعل فلا شيء عليه، وهما يقولان ليس عليه أن يقضي، وإن فعل فلا بأس به. ومن المشايخ من حقق الخلاف، وقال الخلاف في أنه لو قضى يكون نفلا مبتدأ أو سنة كذا في " المحيط " م:(لأنه عليه السلام قضاهما بعد ارتفاع الشمس غداة ليلة التعريس) ش: هذا الحديث روي عن جماعة من الصحابة أبو قتادة وذو مخمر وعمران بن حصين وجبير بن مطعم وبلال وأنس وابن مسعود وعمرو بن أمية الضمري وابن عباس ومالك بن ربيعة السلولي وأبو هريرة رضي الله عنهم.

فحديث أبي قتادة عند مسلم، وحديث ذي مخمر الحبشي عند أبي داود في " سننه "، وحديث عمران بن حصين عند أبي داود أيضا والحاكم وابن خزيمة، وحديث جبير بن مطعم عند النسائي، وحديث بلال عند الطبراني في " معجمه " والبزار في " مسنده "، وحديث أنس عند البزار أيضا وحديث ابن مسعود عند البيهقي في كتاب " الأسماء والصفات " وحديث عمرو بن أمية وحديث ابن عباس عند البزار، وحديث مالك بن ربيعة عند النسائي، وحديث أبي هريرة عند مسلم عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: «عرسنا مع النبي عليه السلام فلم نستيقظ حتى طلعت الشمس فقال النبي عليه السلام: " ليأخذ كل إنسان برأس راحلته، فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان "، قال: ففعلنا، ثم دعا بالماء فتوضأ ثم صلى سجدتين ثم أقيمت الصلاة فصلى الغداة

ص: 573

ولهما أن الأصل في السنة أن لا تقضى لاختصاص القضاء بالواجب، والحديث ورد في قضائهما تبعا للفرض فبقي ما رواه على الأصل، وإنما تقضى تبعا له، وهو يصلي بالجماعة أو وحده إلى وقت الزوال، وفيما بعده اختلاف المشايخ رحمهم الله وأما سائر السنن سواها فلا تقضى بعد الوقت وحدها، واختلف المشايخ رحمهم الله في قضائها تبعا للفرض،

ــ

[البناية]

والتعريس في آخر الليل» ، وليلة التعريس كانت حين قفل النبي عليه السلام من غزوة خيبر. قوله ثم صلى سجدتين أي ركعتي الفجر.

م: (ولهما) ش: أي لأبي حنيفة ومحمد م: (أن الأصل في السنة أن لا تقضى لاختصاص القضاء بالواجب) ش: لأن القضاء تسليم مثل الواجب بالأمر م: (والحديث ورد في قضائهما تبعا للفرض) ش: ش: هذا جواب عن حديث ليلة التعريس تقديره أنه لما ورد بقضائها تبعا قلنا بقضائها م: (فبقي ما رواه على الأصل) ش: وهو عدم وجوب الزوال بالاتفاق م: (وإنما تقضى) ش: أي السنة م: (تبعا له) ش: أي للفرض م: (وهو يصلي بالجماعة) ش: أي والحال أنه يصلي بالجماعة م: (أو وحده) ش: أي أو يصلي وحده م: (إلى وقت الزوال) ش: أراد انتهاء وقت القضاء مع الجماعة أو كان منفردا إلى وقت زوال الشمس، توضيحه أن سنة الفجر تقضى تبعا للفرض سواء كان قضى الفرض بالجماعة أو قضاه وحده. وقال الأكمل هاهنا وكلامه واضح، قلت من أين يجيء الوضوح إن لم يشرح كلام المصنف كما هو المقصود؟

م: (وفيما بعده) ش: أي وفيما بعد الزوال م: (اختلاف المشايخ) ش: أي مشايخ ما وراء النهر، فاختلفوا في أنه هل تقضى سنة الفجر تبعا للفرض، فقال بعضهم تقضى تبعا وبه قال الشافعي في قول، وقال بعضهم لا تقضى إلا تبعا ولا مقصودة. وفي " المحيط " لا تقضى السنة بعد الزوال وإن تذكر مع الفرض من غير ذكر خلاف، وفي " جامع بدر الدين الورسكي " لا يقضى بعد الزوال، لأن السنة جاءت بالقضاء في وقت مجمل فلا يقاس عليه آخر.

م: (وأما سائر السنن سواها) ش: أي سوى سنة الفجر، وفي بعض النسخ سواهما بضمير التثنية أي سوى ركعتي الفجر م:(فلا تقضى بعد الوقت وحدها) ش: أي إذا كانت بدون الفرضية.

م: (واختلف المشايخ في قضائها) ش: أي في قضاء السنن م: (تبعا للفرض) ش: فقال بعضهم يقضيها تبعا لأنه كم من شيء يثبت ضمنا ولا يثبت قصدا. وقال بعضهم لا يقضيها تبعا كما لا يقضيها مقصودة وهو الأصح، لاختصاص القضاء بالواجب. وفي " مختصر البحر " ما سوى ركعتي الفجر من السنن إذا فاتت وحدها لا يقضى عندنا وإذا فاتت مع الفرض يقضي عند العراقيين كالأذان والإقامة، وعند الخراسانيين لا يقضي، ثم قيل لا بأس بترك سنة الفجر والظهر إذا صلى وحده لأنه عليه السلام لم يأت بها إلا إذا صلى بالجماعة وبدونها لا يكون سنة، وقيل لا يجوز تركها بكل حال، لأن السنة المذكورة كالواجبة، وللشافعي قولان في قول لا

ص: 574

ومن أدرك من الظهر ركعة ولم يدرك الثلاث فإنه لم يصل الظهر بجماعة، وقال محمد رحمه الله: قد أدرك فضل الجماعة؛ لأن من أدرك آخر الشيء فقد أدركه فصار محرزا ثواب الجماعة لكنه لم يصلها بالجماعة حقيقة، ولهذا يحنث به في يمينه لا يدرك الجماعة ولا يحنث في يمينه لا يصلي الظهر بالجماعة.

ــ

[البناية]

يقضي وبه قال مالك وأحمد في رواية، وفي قول يقضي كالفرائض هو اختيار المزني ورواية عن أحمد.

م: (ومن أدرك من الظهر ركعة) ش: أي من أدرك من صلاة الظهر التي يصليها الإمام ركعة واحدة م: (ولم يدرك الثلاث) ش: أي ثلاث ركعات م: (فإنه) ش: أي فإن هذا المدرك م: (لم يصل الظهر في جماعة) ش: ذكر هذه المسألة لبيان الحكم في مسألة أخرى ذكرها في " الجامع الكبير " رجل قال: إن صليت الظهر مع الإمام فعبدي حر، فأدرك ركعة مع الإمام فقط لا يحنث، لأن شرط حنثه أن يكون صلى الظهر مع الإمام وقد صلى ثلاثا من الظهر منفردا، لأن المسبوق فيما يقضي منفرد فلم يوجد شرط الحنث وهذا لأن المسمى يعتبر معدوما بفوات الحر وفي مقام الإثبات، وعلى هذا لو أدرك ثلاثا مع الإمام وفاتته الواحدة لم يحنث أيضا لفوات بعض المسمى وهو الصحيح، ولو قال عبده حر إن أدرك الظهر مع الإمام يحنث بإدراك الواحدة معه وبإدراك القعدة أيضا، لأن إدراك الشيء هو الوصول إلى آخر جزء منه يتحقق بإدراك القعدة فضلا عن الركعة إدراك الظهر بالجماعة يؤيده قوله عليه السلام «من أدرك ركعة من الفجر فقد أدرك الفجر» .

م: (وقال محمد: ومن أدرك فضل الجماعة) ش: إنما خص قول محمد بإدراك فضل الجماعة وإن كان يدرك ثواب الجماعة، عند صاحبيه أيضا لأن الشبهة وردت على قول أن مدرك الإمام في التشهد في صلاة الجمعة لا يكون مدركا للجماعة فيتمها أربعا فكان مقتضى قوله أن لا يدرك فضيلة الجماعة في هذه المسألة لأنه مدرك للأقل كما في الجمعة فأزال ذلك الوهم بقوله قال محمد قد أدرك فضل الجماعة، وأصل هذه المسألة مسألة " الجامع الكبير " وقد ذكرناها آنفا. وقال السغناقي: فإن قلت: الاختلاف إنما يكون عند اتحاد الموضوع ثم ذكر هنا قولهما في صلاة الظهر أي في جماعة، وقول محمد في إدراك فضل الجماعة وهما متغايران في الوضع فلا يتحقق الاختلاف بذلك، وحاصل الجواب أن تخصيص ذكر محمد لا لبيان الاختلاف فيما بينهم فإنهم اتفقوا في الموضعين وهو أنه لم يصل الظهر في جماعة وأنه أدرك فضل الجماعة، وإنما خص قول محمد بشبهة ترد على قوله وقد ذكرناه تحرزا. م (لأن من أدرك آخر الشيء فقد أدركه فصار محرزا ثواب الجماعةِ، لكنه لم يصلها بالجماعة حقيقة) ش: عدم صلاته بالجماعة ظاهر لكنه يحصل له ثواب الجماعة م: (ولهذا) ش: يعد مع على ذلك بالاتفاق م: (يحنث به في يمينه لا يدرك الجماعة ولا يحنث في يمينه لا يدرك الظهر بالجماعة) ش: الضمير في به يرجع إلى إدراك الذي يدل عليه قوله

ص: 575

ومن أتى مسجدا قد صلى فيه فلا بأس بأن يتطوع قبل المكتوبة ما بدا له ما دام في الوقت، ومراده إذا كان في الوقت سعة، وإن كان فيه ضيق تركه، وقيل: هذا في غير سنة الظهر والفجر؛ لأن لهما زيادة مزية، قال عليه السلام: في سنة الفجر «صلوهما ولو طردتكم الخيل» ،

ــ

[البناية]

أدرك، وهما صورتان قد بيناهما عن قريب، ومذهب الشافعي في الظاهر كمذهبنا أنه إذا أدرك الإمام في التشهد ينال فضل الجماعة، وعند بعض أصحابه لا ينال إذا أدركه فيما دون الركعة.

م: (ومن أتى مسجدا قد صلي فيه) ش: أي صلى أهله فيه بالجماعة وكان الرجل فاتته الجماعة م: (فلا بأس بأن يتطوع قبل المكتوبة ما بدا له) ش: أي ما ظهر يعني ما أراد من التطوع م: (ما دام في الوقت) ش: أي في وقت هذه الصلاة م: (ومراده) ش: أي مراد محمد بن الحسن بقوله في " الجامع الصغير " لا بأس بأن يتطوع قبل المكتوبة م: (إذا كان في الوقت سعة) ش: بفتح السين والعين يعني اتساع م " (وإن كان فيه) ش: أي في الوقت م: (ضيق تركه) ش: أي ترك التطوع، وروي عن الثوري والحسن البصري أنه لا يتطوع قبل المكتوبة لما أنه عليه السلام ما اشتغل به إذا صلى بالجماعة.

م: (قيل: هذا في غير سنة الظهر والفجر) ش: أشار بهذا إلى قول محمد رحمه الله لا بأس.

قال بعض المشايخ قول محمد لا بأس بأن يتطوع التطوع قبل العصر والعشاء دون التطوع قبل الفجر والظهر م: (لأن لهما) ش: أي لسنة الظهر ولسنة الفجر م: (زيادة مزية) أي زيادة خصوصية بالفضل، وزيادة الأجر وبين ذلك بقوله م: (قال عليه الصلاة والسلام في سنة الفجر «صلوهما وإن طردتكم الخيل» ش: أخرج هذا الحديث أبو داود في " سننه " عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: «لا تدعوهما وإن طردتكم الخيل» .

وأخرج مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: «ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد معاهدة منه على الركعتين قبل الفجر» .

وأخرج الطبراني عنها: «لم أره ترك الركعتين قبل صلاة الفجر في سفر ولا حضر ولا صحة ولا سقم» . وأخرج أبو يعلى الموصلي في " مسنده " عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله يقول: «لا تتركوا ركعتي الفجر فإن فيهما الرغائب " والمراد من الخيل حبس العدو» .

ص: 576

وقال في الأخرى: «من ترك الأربع قبل الظهر لم تنله شفاعتي» . وقيل: هذا في الجميع؛ لأنه عليه السلام واظب عليها عند أداء المكتوبات بالجماعة، ولا سنة دون المواظبة،

ــ

[البناية]

م: (وقال في الأخرى) ش: أي قال النبي في سنة الظهر م «من ترك الأربع قبل الظهر لم تنله شفاعتي» ش: هذا ليس له أصل، والعجب من الشراح ذكروا هذا ولم يتعرضوا إلى بيان حاله وسكتوا عنه. وقال الأكمل: وهذا وعيد عظيم، ودلالته على وكادة الأربع أقوى من الأول قلت: نعم يكون أقوى من الأول، إذا صح عن النبي عليه السلام، والذي لم يثبت كيف يكون أقوى من الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما، وروى أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن أم حبيبة زوجة النبي عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرم على النار» ، وروى أبو داود أيضا عن أبي أيوب عن النبي عيه السلام قالِ:«أربع قبل الظهر ليس فيهن تسليم تفتح لهن أبواب السماء» .

م: (وقيل هذا) ش: أي قول محمد لا بأس بأن يتطوع وهذا القول اختيار أبي الليث في " جامعه " م: (في الجميع) ش: أي عام في جميع السنن، وللمصلي الخيار بين أن يتطوع وبين أن لا يتطوع لأن السنة لا تثبت إلا بمواظبة النبي عليه السلام على السنن قبل المكتوبة عند أداء المكتوبات بالجماعة، وأشار إلى هذا بقوله: م: (لأنه عليه السلام واظب عليها) ش: أي على السنن م: (عند أداء المكتوبات بالجماعة) ش: وهاهنا في مسألتنا الجماعة متبقية لأن التقدير فيمن أتى مسجدا قد صلي فيه فلا يكون في حقه إتيان السنة سنة، فبقي نفلا مطلقا فيكون في خيرة من إتيانه وتركه، وأشار إلى هذا بقوله م:(لأنه عليه السلام واظب عليها) ش: أي على السنن م: (لا سنة دون المواظبة) ش: هذا معروف من الأحاديث، ولم يرو أنه عليه السلام ترك شيئا من الرواية المذكورة في النوافل إلا الركعتين بعد الظهر وقضاهما بعد العصر وركعتي الفجر وقضاهما مع الفرض بعد طلوع الشمس.

وقال قاضي خان: إن محمدا لم يذكر السنن في الكتاب، وإنما ذكر التطوع والإنسان إذا صلى وحده إن شاء أتى بالسنن وإن شاء تكرها، وهو قول أبي الحسن الكرخي، والأول أصح، والأخذ به أحوط فلا يتركها في الأحوال كلها إذ السنة بعد المكتوبة شرعت لجبر نقصان يمكن في الفرض وقبلها يقطع طمع الشيطان عن المصلي لأنه يقول: إذا لم يطعني في ترك ما لم يكتب عليه فكيف يطيعني في ترك ما كتب عليه والمنفرد إلى ذلك أحوج، إلا إذا خاف فوت الوقت، لأن أداء الفرض في وقته واجب. وفي " الحواشي " لو لم يرد جواز ترك الجميع لا يتبقى لقوله صلى الله عليه وسلم صلى فيه فائدة، لأن الاختيار بين الترك والإثبات كسنة العصر والعشاء ثابت سواء صلى

ص: 577

والأولى أن لا يتركها في الأحوال كلها أي لكونها مكملات للفرائض إلا إذا خاف فوت الوقت، ومن انتهى إلى الإمام في ركوعه فكبر ووقف حتى رفع الإمام رأسه لا يصير مدركا لتلك الركعة خلافا لزفر رحمه الله وهو يقول: أدرك الإمام فيما له حكم القيام، ولنا أن الشرط هو المشاركة في أفعال الصلاة ولم يوجد لا في القيام ولا في الركوع

ــ

[البناية]

بالجماعة أو منفردا. وأما إذا أريد بهذا في الجميع جاز ترك سنة الفجر والظهر حالة الانفراد ولم يثبت اختيار الترك عند أدائها بالجماعة فحينئذ تظهر فائدة قوله قد صلى فيه.

م: (والأولى أن لا يتركها في الأحوال كلها) ش: هذا اختيار المصنف أي الأولى أن لا يترك السنن الرواتب كلها في جميع الأحوال كلها، سواء كان مؤديا بالجماعة أو منفردا أو مقيما أو مسافرا م:(أي لكونها مكملات للفرائض) ش: أي لكون السنن الراتبة مكملات لما نقص من الفرائض وجبر النقصان يقع فيها، خصوصا في حق المنفرد، لأنه أحوج إليها لافتقاره إلى تكميل الثواب م:(إلا) ش: استثناء من قوله والأولى يعني الأولى أن يتركها م " (إذا خاف فوت الوقت) ش: فإنه إذا اشتغل بالسنة يفوته الوقت لضيقه.

م: (ومن انتهى إلى الإمام في ركوعه) ش: أي وصل إليه حال كون الإمام راكعا م: (فكبر) ش: للافتتاح م: (ووقف) ش: ولم يركع سواء تمكن من الركوع أو لا م: (حتى رفع الإمام رأسه لا يصير مدركا لتلك الركعة) ش: قيد بالركوع لأنه إذا انتهى إليه وهو قائم يكبر ولم يركع معه حتى رفع الإمام رأسه من الركوع ثم ركع أنه يدرك الركعة بالإجماع. وإذا انتهى إلى القومة بعد الركوع لا يكون مدركا لتلك الركعة بالإجماع، وبما قلنا قال الشافعي.

م: (خلافا لزفر) ش: فإنه يقول يصير مدركا لتلك الركعة، وبه قال الثوري وابن أبي ليلي وعبد الله بن المبارك م:(وهو) ش: أي زفر م: (يقول أدرك الإمام فيما له حكم القيام) وهو الركوع، وهذا لأن الركوع يشبه القيام لوجود استواء النصف الأسفل الذي به يمتاز القائم من القاعد، لأن استواء النصف الأعلى موجود في القاعد أيضا، ولهذا لو شاركه في الركوع صار مدركا.

م: (ولنا أن الشرط هو المشاركة في أفعال الصلاة) ش: لأن الاقتداء شركة، ولا شركة في الإحرام، وإنما الشركة في الفعل م:(ولم يوجد لا في القيام) ش: لأنه ليس من جنس الركوع م: (ولا في الركوع) ش: لأنه ليس من جنس القيام فلا يصير مدركا لتلك الركعة. فإن قلت: جاء في الحديث «من أدرك الإمام في الركوع فقد أدركه» ولهذا يأتي بتكبيرات العيد في الركوع، مع أنه يؤتى بها في حقيقة القيام. قلت: روى أبو داود أنه عليه السلام قال: «إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئا، ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة» . وظاهره أنه إذا أتى بالركوع وهذا لم يأت به. وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: إذا أدركت الإمام راكعا فركعت قبل أن يرفع رأسه فقد أدركت الركعة، وإن رفع قبل أن تركع فقد فاتتك تلك الركعة.

ص: 578

ولو ركع المقتدي قبل إمامه فأدركه الإمام فيه جاز، وقال زفر رحمه الله: لا يجزئه لأن ما أتى به قبل الإمام غير معتد به فكذا ما يبنيه عليه، ولنا أن الشرط هو المشاركة في جزء واحد كما في الطرف الأول. والله أعلم.

ــ

[البناية]

والجواب عن الحديث على تقدير صحته أن معناه أنه أدرك في تلك الصلاة لا في تلك الركعة، وفي المتشهد به وحديث المشاركة في القيام فافترقا، وفي " الخلاصة " أدرك الإمام في الركوع فقال الله أكبر، إلا أن قوله الله أكبر كان في قيامه، وأكبر وقع في ركوعه لا يكون شارعا في الصلاة. وقال المحبوبي دخل المسجد والإمام راكع فقال بعض مشايخنا ومالك ينبغي أن يكبر ويركع ثم يمشي حتى يلتحق بالصف لئلا يفوته الركوع، كما فعله أبو بكرة رضي الله عنه، فقال عليه السلام «زادك الله حرصا ولا تعد» . وقال شمس الأئمة وأكثر مشايخنا على أنه لا يكبر لكيلا يكون محتاجا إلى المشي في الصلاة، وبه قال الشافعي. وقال أحمد: إن علم بالنهي ومشى بطلت صلاته، وعندنا لو مشى ثلاث خطوات متواليات تبطل، فمن اختار القول الأول قال: يعني قوله " لا تعد " لا تؤخر المجيء إلى هذه الحالة، ومن اختار القول الثاني، قال معناه لا تعد إلى مثل هذا الصنع، وهو التكبير قبل الاتصال بالصف والمشي في الركوع، وإنما لم يأمره بالإعادة لأن ذلك كان في وقت كان العمل في الصلاة مباحا.

وفي " جامع التمرتاشي " ذكر الخلابي في صلاته، أدرك الإمام في الركوع قائما ثم ركع، أو شرع في الانحطاط وشرع الإمام في الرفع اعتد بها، وقيل: لو شاركه في الرفع قيل إن كان ِإلى القيام أقرب لا يعتد، والأصح أنه يعتد إذا وجدت المشاركة قبل أن يستقيم قائما وإن قل. وعن أبي يوسف قام شرعا فلم يتم القيام حتى كبر لم يجزه، وفي " النوازل " إن كان إلى القيام أقرب جاز، وإن كان إلى الركوع أقرب لا يجوز [وإن] أدرك الإمام في الركوع وهو يعلم أنه لو اشتغل بالثناء لا يفوته الركوع يثني، وإن علم أنه يفوته قال بعضهم: يثني لأن الركوع يفوت إلى خلف وهو القضاء، وإن شاء يفوته أصلا. وقال بعضهم: لا يثني وإذا أدرك الإمام في غير الركوع يكبر للافتتاح ويثني ثم يتابع الإمام في أي حالة كان.

م: (ولو ركع المقتدي قبل الإمام فأدركه الإمام فيه أي في الركوع جاز) ش: وبه قال الثلاثة م: (وقال زفر: لا يجزئه) ش: أي الصلاة إن لم يعد للركوع م: (لأن ما أتى به قبل الإمام غير معتد به) ش: لكونه سريعا عنه، قال عليه السلام «إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه» م:(فكذا ما يبنيه عليه) ش: لأن البناء على الفاسد فاسد.

م: (ولنا أن الشرط هو المشاركة في جزء واحد) ش: وقد وجد فجعل مبتدئا لا بانيا عليه م: (كما في الطرف الأول والله أعلم) ش: يعني صار كما في الطرف الأول، وهو أنه يركع معه ويرفع رأسه قبل الإمام، وهذا لأن الركوع طرفين والشركة في أحديهما كافية، بخلاف ما لو رفع رأسه من هذا الركوع قبل ركوع الإمام، لأنه لم يوجد للمشاركة في شيء من الطرفين.

ص: 579

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

فروع: لو أطال الإمام السجود فرفع المقتدي رأسه يظن أنه سجد ثانيا فسجد معه إن نوى الأول أو لم يكن له نية يكون عن الأول، وكذا إن نوى الثانية والمتابعة لرجحان المتابعة وتلغى نية الثانية للمخالفة وإن نوى الثانية لا غير كانت عن الثانية، فإن شاركه الإمام فيها جاز، وفيه خلاف زفر، وروي عن أبي حنيفة أنه لو سجد المقتدي قبل رفع الإمام رأسه من الركوع ثم أدرك الإمام فيها لا يجزئه، وعن أبي يوسف أنه يجزئه، وإن أطال المؤتم سجوده فسجد الإمام الثانية فرفع رأسه وظن أن الإمام في السجدة الأولى سجد ثانيا يكون عن الثانية، وإن نوى الأولى لا غير.

وفي " الذخيرة " للقرافي إن رفع المأموم، قبل أن يطمئن الإمام راكعا أو ساجدا فسدت صلاته، ويرجع ولا ينتظر رفع الإمام وعنه وعن أشهب لا يرجع؛ لأن الركوع أو السجود قد تم، فتكراره زيادة في الصلاة. وقال سحنون يرجع وبقي بعد الإمام بقدر ما يقوم الإمام، في " شرح المهذب " للنووي إن تقدم الإمام بركوع أو سجود، ولحقه الإمام قبل أن يرفع رأسه لا تبطل صلاته عمدا كان أو سهوا، وفي وجه شاذ ضعيف تبطل إن تعمده، وهل يعود فيه ثلاثة أوجه الصحيح استحباب عوده لقول أصحابنا، ثم يركع معه الثاني لزومه، للثالث حرمة العود، فإن تعمده بطلت صلاته وإن سبق بركعتين بطلت صلاته إن تعمد عالما بتحريمه، وإن كان جاهلا أو ساهيا لم تبطل، لكن لا يعتد بتلك الركعة فيأتي بها بعد سلام الإمام، وإن رفع والإمام بعد في القيام فتوقف حتى ركع الإمام ثم رفع من الركوع فاجتمعا في الاعتداد ففيه وجهان، أحدهما تبطل صلاته، والثاني أن التقدم بركن لا تبطل [....] ، وهو الصحيح المنصوص.

والحاصل أن المخلف بركن واحد لا تبطل على الصحيح، وفيه وجه للخراسانيين أنه تبطل، وإن تخلف بركنين بطلت، يكره عندنا تكرار الجماعة في مسجد واحد، كذا في " الذخيرة " و " الوبري " وغيرهما وبه قال مسلم وأبو قلابة وابن عوف وعثمان البتي والأوزاعي والثوري وأيوب والليث ومالك والشافعي. وقال النووي: إذا لم يكن إمام راتب للمسجد فلا كراهة للجماعة الثانية والثالثة بالإجماع، وأما إذا لم يكن راتب وليس المسجد مطروقا فمذهبنا كراهة الجماعة الثانية بغير إذنه ويصلون فيه أفرادا خلافا لأحمد وهو قول ابن مسعود وعطاء والحسن والنخعي والظاهرية، واختاره ابن المنذر.

وفي " المبسوط " وغيره جعل مذهب الشافعي مثل قول أحمد، وفي " الذخيرة " عن أبي يوسف أنه يكره ذلك إذا كان القوم كثيرا أما إذا صلى واحدا باثنين بعدما صلى فيه أهله فلا بأس به، وعن محمد أنه لم ير بأسا بالتكرار إذا صلوا في رواية في المسجد على سبيل الخفية لا التداعي والاجتماع، وقال القدوري في كتابه: إذا كان المسجد على قارعة الطريق يوم وليس له إمام معين فلا بأس بتكرار الجماعة فيه، ولو صلى فيه غير أهله جماعة فلأهله الإعادة إذا لم يؤدوا حقه،

ص: 580

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

فإن صلى فيه بعض أهله فليس لبقية أهله أو لغيرهم أن يصلوا جماعة، وفي " المبسوط " صلى فيه أهله أو أكثرهم، قال أبو يوسف: لا بأس بأن يصلوا جماعة في غير الموضع الذي صلى فيه الجماعة بغير أذان وإقامة، ذكره عن الوبري وغيره وإن فاتته الجماعة في مسجد، ويمكن أن يدركها في مسجد آخر إن شاء صلى في مسجده وحده، وإن شاء ذهب إلى غيره فصلى بجماعة فراعى حق المسجد وفضل الجماعة، وقيل: يذهب فيصلي بالجماعة لزيادة فضلها. وقال الحسن البصري رحمه الله كان أصحابه عليه السلام إذا فاتتهم الصلاة بالجماعة صلوا فرادى في المسجد، وقال مالك لو صلى إمام المسجد وحده صلوا فرادى بعده، ولو غاب الإمام وصلوا بغيره إن كان بإذنه لا تعاد وإلا أعيدت.

ص: 581