الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والقراءة؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: 20](المزمل: الآية 20) . والركوع والسجود؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: و {اركعوا واسجدوا} [الحج: 77](الحج: الآية 77) والقعدة في آخر الصلاة مقدار التشهد؛ «لقوله عليه السلام لابن مسعود رضي الله عنه حين علمه التشهد: "إذا قلت هذا أو فعلت هذا فقد تمت صلاتك".»
ــ
[البناية]
الطاعة لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ} [الأحزاب: 35](الأحزاب: الآية 35) . وقيل: القنوت الخشوع؛ أي خاشعين. وعن ابن عمر رضي الله عنه القنوت: طول القيام في الصلاة.
[قراءة القرآن والركوع والسجود في الصلاة]
م: (والقراءة) ش: أي الفريضة الثالثة قراءة القرآن.
م: (لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: 20] المزمل: الآية 20) ش: وجه الاستدلال أنه أمر بالقراءة، والأمر للوجوب، فلا وجوب خارج الصلاة بالإجماع، فثبت في الصلاة والاعتبار كما تقدم عن أبي بكر الأصم أن القراءة ليست بفرض في الصلاة لأنه خرق للإجماع، وكذا نقل عن الحسن، وسيجيء مزيد الكلام في آخر باب النوافل، وكذلك يجيء هل هي فرض في جميع الصلاة أو ههنا؟ ثم الأمر بالقراءة أعم من أن تكون قراءة الفاتحة أو غيرها، فلأن تشترط قراءة الفاتحة للجواز لأن مطلق القراءة كما يوجد في ضمن الفاتحة يوجد في ضمن غيرها من السور.
م: (والركوع) ش: أي الفريضة الرابعة الركوع م: (والسجود) ش: أي الفريضة الخامسة السجود م: (لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا} [الحج: 77] الحج: الآية 77) ش: الواو في قوله: واركعوا، سهو؛ لأنها ليست من القرآن، وجب الاستدلال على ما مر الآن، وقيل: كان الناس أول ما أسلموا يسجدون بلا ركوع ويركعون بلا سجود، فأمروا أن تكون صلاتهم بركوع وسجود لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ} [الحج: 77](الحج: الآية 77) . أي اقصدوا بعبادتكم في ركوعكم وسجودكم وجه الله تعالى، كذا قال الزمخشري.
[القعدة في آخر الصلاة والتشهد والسلام]
م: (والقعدة في آخر الصلاة) ش: أي الفريضة السادسة: القعود في آخر الصلاة. م: (مقدار التشهد) ش: أي مقدار ما يأتي فيه بكلمتي التشهد، والأصح قدر ما يمكن فيه من قراءة التشهد إلى قوله: عبده ورسوله، وذكر القولين في " الينابيع ". وقال في " المحيط ": هو من جملة الفروض دون الأركان، وبه قال الشافعي وأحمد وغيرهما، وقيل: هو سنة، وبه قال مالك م:«لقوله عليه السلام لابن مسعود رضي الله عنه حين علمه التشهد: إذا قلت هذا، أو فعلت هذا، فقد تمت صلاتك» ش: أخرجه أبو داود في "سننه " حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي ثنا زهير ثنا الحسن عن القاسم بن مخيمرة قال: «أخذ علقمة بيدي فحدثني أن عبد الله بن مسعود أخذه بيده وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيد عبد الله فعلمه التشهد في الصلاة، فذكر مثل حديث دعاء الأعمش: "إذا قلت هذا، أو قضيت هذا، فقد قضيت صلاتك، إن شئت أن تقوم فقم وإن شئت أن تقعد فاقعد» ، وكذا رواه أحمد في مسنده: ثنا الفضل بن دكين الملائي ويحيى بن آدم قالا: حدثنا زهير بن معاوية بن خديج به، فذكر التشهد
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
بحروفه وفي آخره: «فإذا قلت هذا فقد قضيت ما عليك، إن شئت أن تقوم فقم» .
وقول أبي داود: فذكر مثل دعاء حديث الأعمش، أراد به ما رواه أولا: حدثنا مسدد ثنا يحيى عن سليمان الأعمش قال: حدثني سفيان بن سليمان عن عبد الله بن مسعود قال: «كنا إذا جلسنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة قلنا: السلام على الله قبل عباده، السلام على فلان وفلان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقولوا السلام على الله؛ فإن الله هو السلام، ولكن إذا جلس أحدكم فليقل: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فإنكم إذا قلتم ذلك أصاب كل عبد صالح في السماء والأرض، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ثم يتخذ أحدكم من الدعاء أعجبه إليه فيدعو به» .
ثم اعلم أن أصحابنا استدلوا بالحديث الذي ذكره في الكتاب في مسائل، الأولى استدلوا به على فرضية القعدة الأخيرة، وذلك لأنه عليه الصلاة والسلام علق الصلاة بالقعود، وما لا يتم الفرض إلا به فهو فرض، وهو حجة على مالك حيث لم يفرض القعدة الأخيرة.
فإن قلت: كلمة أو لأجل السبق وليس فيه دلالة على ما ادعيتم.
قلت: معناه: إذا قلت هذا وأنت قاعد أو قعدت ولم تقل، فصار الخبر في القول لا في الفعل؛ إذ الفعل ثانيه في الحالين، وتحقيق وجه الاستدلال به أنه عليه السلام علق تمام الصلاة بالفعل قراءة ولم يقرأ لأنه علق بأحد الأمرين من قراءة التشهد والقعود، وأحدهما وهو القراءة لم تشرع بدون الآخر، حيث لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا فيه، وانعقد على ذلك الإجماع، فكان الفعل موجودا على تقدير القراءة البتة، وكان هو المعلق به في الحقيقة لاستلزامه الآخر، وكلما علق بشيء لا يوجد بدون الفعل، وتمام الصلاة واجب وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فالقعدة واجبة؛ أي فرض.
فإن قلت: هذا خبر واحد، وهو بظاهره لا يقيد الفرضية، فكيف مع هذا التكلف العظيم.
قلت: إن قَوْله تَعَالَى: {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [الأنعام: 72](البقرة: الآية 43) مجمل، وخبر الواحد لحق بيانا له، والمجمل من الكتاب إذا لحقه البيان الظني يفيد الفرضية، لأن الحكم بعده يكون مضافا إلى الكتاب لا إلى البيان في الصحيح.
فإن قلت: لم لا يكون الأمر في القراءة ويكون فرضا؟
قلت: لأن نص القراءة ليس بمجمل بل هو خاص، فتكون الزيادة عليه نسخا بخبر الواحد
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
وهو لا يجوز. وههنا جواب آخر، وهو أن خبر الواحد إن كان متعلقا بالقبول جاز إثبات الركنية به، فبالطريق الأولى أن يثبت به الفرضية لأن درجات الركنية أعلى، وقد بينا ركنية الوقوف بعرفات لقوله عليه السلام:«الحج عرفة» ، والوقوف معظم أركان الحج لا محالة، والقعدة الأخيرة فرض والمصنف صرح به حيث ذكرها في الفرائض، فجاز أن تثبت بخبر تُلقي بالقبول.
وذكر في " الإيضاح ": أما القعدة الأخيرة فمن جملة الفروض وليست من الأركان، لأن ركن الشيء ما يفسر به ذلك الشيء، وتفسير الصلاة لا يقع بالقعدة وإنما يقع بالقيام والقراءة والركوع والسجود، ووجه القعدة من جملة الأركان لتوقف الحنث عليها، وإنما تقدمت الركنية في القعدة لأنها اعتبرت بغيرها لا بعينها لأن الصلاة التعظيم وهو بالقيام، ويزداد بالركوع ويتناهى بالسجود والقعدة للخروج، فافهم.
فإن قلت: هذا الكلام، أعني قوله: إذا قلت هذا إلخ. مدرج وليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم فقال البيهقي: بين ذلك شبابة بن سوار في رواية عن زهير بن معاوية، وفصل كلام ابن مسعود من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وهو أصح من قول من جعله من كلام النبي عليه السلام ورواه ابن ثوبان عن الحسن بن الحر أنه من كلام ابن مسعود رضي الله عنه وقال ابن حبان بعد أن أخرج هذا الحديث في " صحيحه ": وقد أوهم هذا الحديث من لم يحكم الصناعة أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ليست بفرض، فإنه قوله.
إذا قلت: هذه زيادة أخرجها زهير بن معاوية في الخبر عن الحسن بن الحر قال: ذكر بيان أن هذه الزيادة من قول ابن مسعود لا من قول النبي عليه السلام وأن زهيرا أدرجه في الحديث، ثم أخرجه عن الحسن بن الحر عن القاسم بن مخيمرة به سندا ومتنا، وفي آخره قال ابن مسعود: فإذا فرغت من صلاتك فإن شئت فاثبت وإن شئت فانصرف.
ثم أخرجه عن حسين بن على الجعفي عن الحسن بن الحر، وفي آخره قال الحسن: وزاد محمد بن أبان بهذا الإسناد قال: فإذا قلت هذا فإن شئت فقم، قال: محمد بن أبان ضعيف. وقال الدارقطني في " سننه ": هذان أخرجا هذا الحديث هكذا، أدرجه بعضهم في الحديث عن زهير ووصله بكلام النبي صلى الله عليه وسلم وفصله شبابة بن سوار عن زهير بجعله من كلام ابن مسعود وهو أشبه بالصواب.
قلت: الجواب عن جميع ما ذكروه من وجوه:
الأول: أن أبا داود روى هذا الحديث وسكت عنه، ولو كان فيه ما ذكره لبينه، لأن عادته في كتابه أن يلوح على مثل هذه الأشياء.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
الثاني: أن أبا زيد الدبوسي من عم هو وغيره، وأن هذه الزيادة رواها أبو داود الطيالسي. وروى ابن داود العتبي وهشام بن القاسم ويحيى بن أبي بكر كثير، ويحيى بن يحيى النيسابوري في آخرين متصلا، فرواية من رواه مفصولا لا يقطع بكونه مدرجا؛ لاحتمال أن يكون نسيه ثم ذكره، فسمعه هؤلاء متصلا وهذا منفصلا، وجدنا في كتاب النسائي من حديث الإفريقي عن عبد الله بن عمر عن النبي عليه السلام أنه قال:«إذا أحدث الرجل في آخر صلاته قبل أن يسلم فجازت صلاته» .
الثالث: أن عبد الرحمن بن ثابت الذي ذكره البيهقي قد ضعفه ابن معين هو بنفسه، ذكره في باب التكبير أربعا. وكذلك عنان بن الربيع الذي روى عن عبد الرحمن بن ثابت، ضعفه الدارقطني وغيره، فمثل هذا لا يعلل رواية " الجامع الصغير " الذي جعلوا هذا الكلام بالحديث، وعلى تقدير صحة السند الذي روي فيه موقوفا، فرواية من وقف لا يعلل بها رواية من رفع؛ لأن الرفع زيادة مقبولة على ما عرف من مذاهب أهل الفقه والأصول، فيحمل على أن ابن مسعود رضي الله عنه سمعه من النبي عليه السلام فرواه بذلك مرة وأفتى به مرة أخرى، وهذا أولى من جعله من كلامه، إذ فيه تخطئة الجماعة الذين وصلوا.
ولئن سلمنا وصوله، فالوهم في رواية من أدرجه لا يتعين أن يكون الوهم من زهير، بل ممن رواه عنه موقوفا، والثانية أن هذا ينافي فرضية الصلاة على النبي عليه السلام في الصلاة؛ لأنه عليه الصلاة والسلام علق التمام بالقول، وهو حجة على الشافعي، وأيضا أنه صلى الله عليه وسلم علم التشهد لعبد الله بن مسعود ثم أمره عقبه أن يتخذ من الدعاء ما شاء ولم يعلمه الصلاة عليه، ولو كانت فرضا لعلمه، إذ موضع التعلم لا يؤخر لبيان الواجب.
وأيضا علم النبي صلى الله عليه وسلم الأعرابي أركان الصلاة، ولم يعلمه الصلاة عليه، ولو كانت فرضا لعلمه. وكذا لم يرو في تشهد أحد من الصحابة، فمن أوجبها فقد خالف الآثار. وقد قال جماعة من أهل العلم أن الشافعي خالف الإجماع في هذه المسألة مقتدى به، منهم ابن المنذر وابن جرير الطبري والطحاوي، وسيأتي مزيد الكلام فيه.
الثالثة: أن هذا ينافي فرضية السلام في الصلاة؛ لأنه عزم أمر المصلي بعد القعود بقوله: إن شئت أن تقوم وإن شئت أن تقعد، وهو حجة على الشافعي أيضا، حيث افترض السلام.
الرابعة: استدل به أبو يوسف ومحمد في المسائل الاثني عشرية أن الصلاة لا تبطل فيها لأنه عليه السلام علق تمام الصلاة بالقعود ولم يعلق عليه شيئا. واعتراض العوارض قبل السلام كاعتراضها بعد.