الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاختلاف، وفي الأذان يعتبر التعارف. ولو افتتح الصلاة باللهم اغفر لي لم يجز؛ لأنه مشوب بحاجته، فلم يكن تعظيما خالصا، ولو افتتح بقوله:"اللهم" فقد قيل: يجزئه؛ لأن معناه يا ألله، وقيل: لا يجزئه لأنه معناه يا ألله آمنا بخير، فكان سؤالا. قال: ويعتمد بيده اليمنى على اليسرى
ــ
[البناية]
الاختلاف) ش: يعني يجوز عند أبي حنيفة خلافا لهما م: (وفي الأذان يعتبر التعارف) ش: يعني عرف الناس، فإن كان عربيا فهو المعتبر، وإن كان بلسان آخر فذاك المعتبر لأن المقصود من الأذان الإعلام، وهو يحصل بما هو المتعارف، وقال الأكمل: قوله: وفي الأذان المعتبر المتعارف، قيل: جواب عما يقال: قراءة القرآن في الصلاة لكونها ركنا أعظم خطرا من الأذان لكونه سنة، والأذان لا يجوز بغير العربية، فكيف جازت قراءة القرآن؟ ووجهه أنا لا نسلم عدم جواز الأذان مطلقا، بل يعتبر فيه المتعارف، فإن الحسن رضي الله عنه روى عن أبي حنيفة: لو أذن بالفارسية والناس يعلمون أنه أذان جاز، وإن كانوا لا يعلمون لا يجوز لعدم حصول المقصود، وهو الإعلام.
قلت: نقله من كلام صاحب الدراية.
م: (قال) ش: أي المصنف، أو قال محمد في " الجامع " والقدوري لم يذكر هذه المسألة وليس في بعض النسخ: قال م: (ولو افتتح الصلاة باللهم اغفر لي لم يجز) ش: افتتاحه م: (لأنه) ش: أي لأن افتتاحه بهذا م: (مشوب) ش: أي مختلط م: (بحاجته فلم يكن تعظيما خالصا) ش: والاعتبار للتعظيم الخالص م: (ولو قال: اللهم) ش: يعني افتتح بقوله: اللهم م: (فقد قيل: يجزئه) ش: وهو قول أهل البصرة م: (لأن معناه يا ألله) ش: فيتمحض ذكرا م: (وقيل: لا يجزئه) ش: وهو قول أهل الكوفة م: (لأن معناه يا ألله آمنا بخير) ش: أي اقصدنا بالخير م: (فكان سؤالا) ش: فلم يكن تعظيما، وقد حققناه فيما مضى عن قريب.
[وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة]
م: (قال) ش: أي القدوري م: (ويعتمد بيده اليمنى على اليسرى) ش: الاعتماد: الاتكاء، قال الجوهري: اعتمدت على الشيء: اتكأت، وتفسير اعتماد هناك: وضع وسط كفه اليمنى على ظهر كفه اليسرى، وقال الأترازي: وما قيل يعتمد يعني يقصد والباء زائدة عند الأترازي، وما قيل يعتمد بمعنى يقصد وضع يده اليمنى، ففيه نظر.
قلت: قائله السغناقي، وفي هذا النظر ضعف لأن السغناقي نقل عن الديوان، يعني اعتمد قصد، وقصد يتعدى بدون الباء، فإذن تكون الباء زائدة، وزاغ النظر عن محله، ثم إن لوضع اليد أربعة أوجه: أصل الوضع، وصفته، ومكانه، ووقته.
أما الأول: فعندنا يضع، وبه قال الشافعي وأحمد وإسحاق وعامة أهل العلم، وهو قول علي وأبي هريرة والنخعي والثوري، وحكاه ابن المنذر عن مالك، وأشار المصنف إلى هذا بقوله: ويعتمد يده اليمنى على اليسرى، وعند مالك في المشهور: يرسل يديه، وهو قول ابن الزبير والحسن وابن سيرين، وعليه عمل أهل المغرب، وقال الأوزاعي: يخير بين الوضع والإرسال،
تحت السرة، لقوله عليه الصلاة والسلام:«إن من السنة وضع اليمين على الشمال تحت السرة»
ــ
[البناية]
وقال الليث بن سعد بن سلمة: فإن طال على ذلك وضع اليمنى على اليسرى للاستراح.
وأما الثاني: وهو صفة الوضع، وهي أن المصلي يضع بطن كفه اليمنى على رسغه اليسرى، يكون الرسغ وسط الكف، وقال الوبري: لم يذكر في ظاهر الرواية الوضع، قيل: يضع كفه اليمنى على كفه اليسرى، وقيل: ذراعه الأيسر، والأصح وضعها على المفصل، وقال الأسبيجابي: عن أبي يوسف يضع يده اليمنى على رسغ يده اليسرى، وقال محمد: يضعها كذلك ويكون الرسغ وسط الكف، وقال أبو جعفر الهندواني: قول أبي يوسف أحب إلي لأن فيه وضعا وزيادة، وفي " المفيد ": ويأخذ بالخنصر والإبهام وهو المختار لأنه يلزم من الأخذ الوضع، وفي " الدراية " يأخذ كوعه الأيسر بكفه الأيمن، وبه قال الشافعي وأحمد وداود، وقال أبو يوسف ومحمد: يضع باطن أصابعه على الرسغ طولا ولا يقبض، واستحسن كثير من مشايخنا الجمع بينهما بأن يضع باطن كفه اليمنى على اليسرى ويحلق بالخنصر والإبهام على الرسغ.
وأما الثالث: فكأنه أشار إليه بقوله: ويضعهما؛ أي يضع يديه م: (تحت السرة) ش: وعند الشافعي على الصدر، ذكره في " الحاوي "، وفي " الوسيط " تحت صدره، وفي رواية ابن الماجشون عن مالك: يضع اليمنى على المعصم والكوع من اليسرى تحت صدره، وهو مخير في رواية أشهب م:(لقوله صلى الله عليه وسلم: إن من السنة وضع اليمين على الشمال تحت السرة) ش: هذا قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه وإسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم غير صحيح.
وإنما رواه أحمد في " مسنده " والدارقطني ثم البيهقي من جهته في " سننيهما " وعزاه عند إسحاق في أحكامه لأبي داود وليس بموجود في أحد نسخ أبي داود، فلذلك لم يعزه ابن عساكر في " الأطراف " إليه ولا ذكره المنذر في " مختصره " وإنما يوجد في النسخة التي هي من رواية ابن داسة، ومن حديث عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي عن زيادة بن زيد السوائي عن أبي جحيفة عن علي رضي الله عنه أنه قال:«السنة وضع الكف على الكف تحت السرة» ، وقال أحمد وأبو حاتم: عبد الرحمن بن الحارث أبو شيبة الواسطي، منكر الحديث. وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال البخاري: فيه نظر، وزيادة بن زيد لا يعرف، وقال النووي في الخلاصة في " شرح مسلم ": هو حديث ضعيف متفق على ضعفه، وقول علي رضي الله عنه أي من السنة هذا اللفظ يدخل في المرفوع عندهم، وقال ابن عبد البر في " التقصي ": واعلم أن الصحابي إذا أطلق اسم السنة فالمراد به سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وكذا إذا أطلقها غيره ما لم تضف إلى صاحبها كقولهم: سنة العمرين، وما أشبه ذلك.
وهو حجة على مالك رحمه الله في الإرسال،
ــ
[البناية]
م: (وهو) ش: أي حديث علي رضي الله عنه م: (حجة على مالك في الإرسال) ش: أي في إرسال اليدين، وحجة على الشافعي في الوضع على الصدر، أي في وضع اليدين على الصدر.
فإن قلت: كيف يكون الحديث حجة على الشافعي وهو حديث ضعيف لا يقاوم الحديث الصحيح والآثار التي احتج بها مالك والشافعي، هو حديث وائل بن حجر أخرجه ابن خزيمة في " صحيحه " قال:«صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع يده اليمنى على اليسرى على صدره» ".
وفي " الإمام ": روى سليمان بن موسى عن طاوس قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع يده اليمنى على صدره في الصلاة» .
وروى أبو هريرة رضي الله عنه «أنه صلى الله عليه وسلم يضع يده على السرة» ومنها قَوْله تَعَالَى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2](الكوثر: الآية 2) أي ضع يدك على صدرك، وعن علي رضي الله عنه قرأ هذه الآية ووضع يده اليمنى على اليسرى على صدره، وأخرج الطبراني من حديث معاذ رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "كان إذا كان في صلاته رفع يديه قبال أذنيه، فإذا كبر أرسلهما ثم سكت، وربما أنه يضع يمينه على شماله» .
قلت: أما نفس الوضع فإنه ثبت من طرق كثيرة وكونه حجة على مالك، والحديث الذي تعلق به الذي أخرجه الطبراني عن الحصب بن جحد وكذبه شعبة ويحيى القطان، وأما كون الشافعي محجوجا بها فظاهر، لأن تعلقه بحديث وائل تعارضه الأحاديث الأخر، وحديث طاوس مرسل وهو لا يرى الاستدلال به، على أن حديث سليمان بن موسى يتكلم فيه، وحديث أبي هريرة غير ظاهر في كونه نصا في هذا الباب، واستدلاله بالآية غير ظاهر لأن المراد من قوله:(وانحر) الأضحية بعد صلاة العيد، والذي رواه عن علي رضي الله عنه يعارضه حديث الكتاب، وروى البيهقي من حديث عمر بن ميمونة [بن] مالك البكري عن أبي الجوزاء عن عبد الله بن عباس:{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2](الكوثر: الآية 2) وضع اليمنى على الشمال في الصلاة. وقال الترمذي بعد أن أخرج حديث قبيصة بن هلب عن أبيه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤمنا فيأخذ شماله بيمنه» : حديث هلب حسن، والعمل عليه عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم، يرون أن يضع الرجل يمينه على شماله في الصلاة، ورأى
وعلى الشافعي رحمه الله في الوضع على الصدر، لأن الوضع تحت السرة أقرب إلى التعظيم، وهو المقصود،
ثم الاعتماد سنة القيام عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى حتى لا يرسل حالة الثناء. والأصل أن كل قيام فيه ذكر مسنون يعتمد فيه وما لا فلا، وهو الصحيح، فيعتمد في حالة القنوت، وصلاة الجنازة،
ــ
[البناية]
بعضهم أن يضعهما فوق السرة، ورأى بعضهم أن يضعهما تحت السرة، وكل ذلك واسع عندهم، وهلب بضم الهاء واسمه يزيد بن قتادة، قاله الأترازي.
قلت: يزيد بن قتادة، ويقال: زيد وقنافة، بضم القاف بعدها النون وبعد الألف فاء، ويقال قتادة.
فإن قلت: الوضع على الصدر أبلغ في الخشوع، وفيه حفظ نور الإيمان في الصلاة فكان أولى من إشارته إلى العورة بالوضع تحت السرة، وقال الماوردي في " الحاوي ": وضع اليدين على الصدر أبلغ في الخضوع والخشوع من وضعهما على العورة.
قلت: الوضع تحت السرة أقرب إلى التعظيم وأبعد من التشبيه بأهل الكتاب وأقرب إلى سترة العورة وحفظ الإزار عن السقوط، وما قاله الماوردي ممنوع، ووضعهما على العورة لا يضر فوق الثياب، وكذا لو كان بغير حائل لأن العورة ليس لها حكم العورة في حق نفسه، ولهذا تضع المرأة يديها على صدرها، وإن كان عورة، وما قلنا أقرب إلى التعظيم كما يفعل بين يدي الملوك، وفي وضعهما على الصدر تشبه بالنساء قد يسن.
وأشار المصنف إلى ذلك بقوله: م: (لأن الوضع) ش: أي وضع اليدين م: (تحت السرة أقرب إلى التعظيم وهو المقصود) ش: أي التعظيم من وضع اليدين، وهو المقصود في هذا الباب.
م: (ثم الاعتماد) ش: هذه إشارة إلى بيان القسم الرابع وهو وقت وضع اليدين، وقد ذكرنا أن لوضع اليدين أربعة أوجه: نفس الوضع، وصفته، ومكانه، وقد ذكرناه، والرابع وقت الوضع، وأشار المصنف إلى ذلك بقوله: ثم الاعتماد؛ أي اعتماد يده اليمنى على اليسرى م: (سنة القيام عند أبي حنيفة وأبي يوسف، حتى لا يرسل حالة الثناء) ش: أي حالة قراءة سبحانك اللهم، وعن محمد: أنه سنة القراءة فإذا أخذ في القراءة اعتمد.
م: (والأصل) ش: في هذا الباب م: (أن كل قيام فيه ذكر مسنون يعتمد فيه وما لا فلا) ش: أي وما لا يكون فيه ذكر مسنون لا يعتمد فيه م: (وهو الصحيح) ش: احترز به عن قول أصحاب الفضلي كأبي علي النسفي والإمام أبي عبد الله الخيري وغيرهما، حيث قالوا: إنه يعتمد في كل قيام، سواء كان فيه ذكر مسنون أو لا؛ تحقيقا لخلاف الروافض لعنهم الله فإن مذهبهم إرسال اليد من أول الصلاة، فنحن نخالفهم من أول الصلاة م:(فيعتمد في حالة القنوت وصلاة الجنازة) ش: هذا بحسب الأصل المذكور، فلذلك ذكره بالفاء؛ أي فيضع يديه ولا يرسلهما في حالة قراءة القنوت