المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[آخر وقت الظهر] - البناية شرح الهداية - جـ ٢

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصلاة

- ‌[تعريف الصلاة]

- ‌باب المواقيت

- ‌أول وقت الفجر

- ‌[وقت صلاة الفجر]

- ‌[آخر وقت صلاة الفجر]

- ‌أول وقت الظهر

- ‌[وقت صلاة الظهر]

- ‌[آخر وقت الظهر]

- ‌أول وقت العصر

- ‌[وقت صلاة العصر]

- ‌[آخر وقت العصر]

- ‌[وقت صلاة المغرب]

- ‌[أول وقت المغرب وآخره]

- ‌أول وقت العشاء

- ‌[وقت صلاة العشاء]

- ‌آخر وقت العشاء

- ‌[وقت صلاة الوتر]

- ‌فصل ويستحب الإسفار بالفجر

- ‌[الإبراد بالظهر وأخير العصر في الصيف]

- ‌[تعجيل المغرب]

- ‌تأخير العشاء إلى ما قبل ثلث الليل

- ‌فصل في الأوقات التي تكره فيها الصلاة

- ‌باب الأذان

- ‌[حكم الأذان]

- ‌صفة الأذان

- ‌[ما يشرع له الأذان من الصلوات]

- ‌[زيادة الصلاة خير من النوم في أذان الفجر]

- ‌[ما يسن في الأذان والإقامة]

- ‌[شروط المؤذن]

- ‌[ما يستحب لمن سمع الأذان]

- ‌[التثويب في أذان الفجر]

- ‌[الفصل بين الأذان والإقامة]

- ‌[ما ينبغي للمؤذن والمقيم]

- ‌[أذان الجنب]

- ‌[الأذان قبل دخول الوقت]

- ‌المسافر يؤذن ويقيم

- ‌باب شروط الصلاة التي تتقدمها

- ‌ الطهارة من الأحداث والأنجاس

- ‌[ستر العورة]

- ‌عورة الرجل

- ‌[عورة الحرة]

- ‌[عورة الأمة]

- ‌[صلاة العريان]

- ‌[النية من شروط الصلاة]

- ‌[تعريف النية]

- ‌[استقبال القبلة من شروط الصلاة]

- ‌ حكم من اشتبهت عليه القبلة

- ‌باب في صفة الصلاة

- ‌فرائض الصلاة

- ‌[تكبيرة الإحرام]

- ‌[القيام في صلاة الفرض]

- ‌[قراءة القرآن والركوع والسجود في الصلاة]

- ‌[القعدة في آخر الصلاة والتشهد والسلام]

- ‌[سنن الصلاة]

- ‌[رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام]

- ‌[وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة]

- ‌[دعاء الاستفتاح]

- ‌[حكم الاستعاذة في الصلاة]

- ‌[البسملة في الصلاة]

- ‌[الواجب من القراءة في الصلاة]

- ‌[قول المأموم آمين]

- ‌[التكبير قبل الركوع وبعد الرفع منه]

- ‌[قول سبحان ربي العظيم في الركوع]

- ‌قول: سمع الله لمن حمده

- ‌[قول سبحان ربي الأعلى في السجود]

- ‌[الافتراش عند التشهد الأوسط]

- ‌[التشهد الأوسط وصيغته]

- ‌[القراءة في الأخيرتين بفاتحة الكتاب فقط]

- ‌[الصلاة على النبي في التشهد الأخير]

- ‌[حكم الصلاة على النبي خارج الصلاة]

- ‌[الدعاء بعد التشهد الأخير وقبل السلام]

- ‌[كيفية الصلاة على النبي]

- ‌[الحكم لو ترك بعض التشهد وأتى بالبعض]

- ‌فصل في القراءة

- ‌[الصلوات التي يجهر فيها بالقراءة والتي يسر فيها]

- ‌[المنفرد هل يجهر بصلاته أم يسر فيها]

- ‌[الإسرار بالقراءة في الظهر والعصر]

- ‌[الجهر في الجمع بعرفة]

- ‌[الجهر في الجمعة والعيدين]

- ‌[تطوعات النهار سرية]

- ‌[حكم من قرأ في العشاء في الأوليين السورة ولم يقرأ بالفاتحة]

- ‌أدنى ما يجزئ من القراءة في الصلاة

- ‌[مقدار القراءة في الصلوات الخمس]

- ‌[قراءة نفس السورة مع الفاتحة في الركعة الثانية]

- ‌[تعيين سورة أو آية من القرآن لشيء من الصلوات]

- ‌[قراءة المؤتم خلف الإمام]

- ‌باب في الإمامة

- ‌[حكم صلاة الجماعة]

- ‌أولى الناس بالإمامة

- ‌[إمامة العبد والفاسق والأعمى وولد الزنا]

- ‌[تخفيف الإمام في الصلاة]

- ‌[إمامة المرأة للنساء في صلاة الجماعة]

- ‌[موقف الإمام والمأموم في الصلاة]

- ‌[إمامة المرأة والصبي في الصلاة]

- ‌[إمامة الصبي في النوافل كالتراويح ونحوها]

- ‌[كيفية ترتيب الصفوف في الصلاة]

- ‌[محاذاة المرأة للرجل في الصلاة]

- ‌[حضور النساء للجماعات]

- ‌[صلاة الصحيح خلف صاحب العذر]

- ‌[صلاة القارئ خلف الأمي]

- ‌[صلاة المكتسي خلف العاري]

- ‌[إمام المتيمم للمتوضئين]

- ‌[صلاة القائم خلف القاعد]

- ‌[صلاة المفترض خلف المتنفل والعكس]

- ‌ اقتدى بإمام ثم علم أن إمامه محدث

- ‌[إمامة الأمي]

- ‌باب الحدث في الصلاة

- ‌[حكم من ظن أنه أحدث فخرج من المسجد ثم علم أنه لم يحدث]

- ‌[حكم الحدث من الإمام أو المأموم في الصحراء]

- ‌[الحكم لو حصر الإمام عن القراءة فقدم غيره]

- ‌[رؤية المتيمم للماء أثناء الصلاة]

- ‌[حكم من أحدث في ركوعه أو سجوده]

- ‌[حكم من أم رجلا واحدا فأحدث]

- ‌باب ما يفسد الصلاة، وما يكره فيها

- ‌[حكم الكلام في الصلاة]

- ‌[التنحنح في الصلاة]

- ‌[تشميت العاطس في الصلاة]

- ‌[الفتح على الإمام]

- ‌[حكم الفتح على الإمام]

- ‌[حكم من صلى ركعة من الظهر ثم افتتح العصر]

- ‌[حمل المصحف والنظر فيه وتقليب الأوراق في الصلاة]

- ‌[اتخاذ السترة ومرور المرأة ونحوها بين يدي المصلي]

- ‌[اتخاذ المصلي للسترة في الصحراء]

- ‌ وسترة الإمام سترة للقوم

- ‌[دفع المصلي المار بين يديه]

- ‌[فصل في العوارض التي تكره في الصلاة]

- ‌ العبث في الصلاة

- ‌[التخصر في الصلاة]

- ‌ الالتفات في الصلاة

- ‌[الإقعاء في الصلاة]

- ‌[رد السلام للمصلي]

- ‌[التربع للمصلي]

- ‌[لا يصلي وهو معقوص الشعر]

- ‌[كف الثوب في الصلاة]

- ‌[الأكل والشرب في الصلاة]

- ‌[الحكم لو صلى وفوقه أو بين يديه أو بحذائه تصاوير]

- ‌[اتخاذ الصور في البيوت وقتل الحيات في الصلاة]

- ‌فصل ويكره استقبال القبلة بالفرج في الخلاء

- ‌ المجامعة فوق المسجد والبول والتخلي

- ‌[أحكام المساجد]

- ‌[إغلاق باب المسجد]

- ‌باب صلاة الوتر

- ‌[حكم صلاة الوتر]

- ‌[عدد ركعات الوتر]

- ‌[أحكام القنوت في الصلاة]

- ‌[القراءة في صلاة الوتر]

- ‌[القنوت في الوتر]

- ‌[حكم من أوتر ثم قام يصلي يجعل آخر صلاته وترا أم لا]

- ‌باب النوافل

- ‌[عدد ركعات التطوع المرتبطة بالصلوات وكيفيتها]

- ‌فصل في القراءة

- ‌[حكم القراءة في الفرض]

- ‌[حكم القراءة في صلاة النفل]

- ‌[صلاة النافلة على الدابة وفي حال القعود]

- ‌[حكم السنن الرواتب]

- ‌فصل في قيام شهر رمضان

- ‌[حكم صلاة التراويح وكيفيتها]

- ‌[صلاة الوتر جماعة في غير رمضان]

- ‌باب إدراك الفريضة

- ‌[حكم من أقيمت عليه الصلاة وهو في صلاة نفل]

- ‌[حكم من انتهى إلى الإمام في صلاة الفجر وهو لم يصل ركعتي الفجر]

- ‌باب قضاء الفوائت

- ‌[كيفية قضاء الفوائت]

- ‌باب سجود السهو

- ‌[كيفية سجود السهو]

- ‌[متى يلزم سجود السهو]

- ‌[حكم الشك في عدد ركعات الصلاة]

- ‌باب صلاة المريض

- ‌[كيفية صلاة المريض]

- ‌[حكم من أغمي عليه خمس صلوات أو دونها]

- ‌باب سجود التلاوة

- ‌[عدد سجدات القرآن]

- ‌[من تلزمه سجدة التلاوة]

- ‌[قضاء سجدة التلاوة]

- ‌[تكرار تلاوة سجدة التلاوة في المجلس الواحد]

الفصل: ‌[آخر وقت الظهر]

وآخر وقتها عند أبي حنيفة رحمه الله إذا صار ظل كل شيء مثليه

ــ

[البناية]

رحمه الله، وأخرج مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا:«وقت صلاة الظهر إذا زالت الشمس ما لم يحضر وقت العصر» . وروى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: «أن للصلاة أولا وآخرًا وأول وقت صلاة الظهر حين زوال الشمس» . وأخرجه مسلم أيضا من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: «ثم أمر فأقام بالظهر حين زالت الشمس» .

فإن قلت: جاء عنه عليه السلام قال: «أمني جبريل عليه السلام عند البيت مرتين فصلى الظهر في المرة الأولى حين كان الفيء مثل الشراك» .

قلت: هذا محمول على الفراغ منها، والأحاديث المذكورة محمولة على الشروع فيها، توفيقا بين الأحاديث، ويدل عليه قَوْله تَعَالَى:{أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78](الإسراء: الآية 78) أي لزوالها، وهو قول ابن عمر وابن عباس وأنس وعائشة والحسن البصري.

وقال النووي: المراد به أنه حين زالت الشمس كان الفيء حينئذ مثل الشراك من ورائه، لا أنه أخر إلى أن صار مثل الشراك، وهو أحد سيور النعل، وهو يكون على وجهها، والمعنى أن الظل قد رجع حين وقع النعل، والظل من أول النهار إلخ. والفيء لا يكون إلا بعد الزوال لأنه ظل فاء أي رجع، والفيء مهموز معناه الرجوع، والمراد هاهنا رجوع الظل من جانب المغرب إلى جانب المشرق.

[آخر وقت الظهر]

م: (وآخر وقتها) ش: أي آخر وقت الظهر م: (عند أبي حنيفة رضي الله عنه إذا صار ظل كل شيء مثليه) ش: قال الأكمل: قوله آخر الوقت إذا صار ظل كل شيء مثليه فيه تسامح لأن آخر الشيء منه، فماذا صار ظل كل شيء مثليه خروج وقت الظهر عنده، وكذا إذا صار مثله عندهما قال: وتأويله آخر الوقت الذي يتحقق عنده خروج الظهر بدليل قوله فيما بعد - وآخر وقت المغرب حين يغيب الشفق يتحقق الخروج.

قلت: هذا كلام السغناقي فإنه أخذ منه، وملخص كلامه: أن آخر الشيء من أجزاء ذلك الشيء فيكون وقت الظهر باقيا عنده عند المثلين، وعندهما المثل. ورواية " المنظومة " يقتضي أن لا يبقى وقت الظهر على القولين على هذا التقدير، والذي في المنظومة هو قوله:

والعصر حين المرء يلقى ظله

قد صار مثليه وقالا مثله

فيحتاج إلى التوفيق بينهما. فأجاب عنه بجوابين: أحدهما ما ذكرناه، والآخر أن المراد بآخر الوقت هو القرب منه الذي يتحقق الخروج عنده وهو نظير قَوْله تَعَالَى:{فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ} [الطلاق: 2](البقرة: الآية 234) أي قارب بلوغ أجلهن، فكان لفظة آخر بمنزلة لفظ الأجل لأن كل منهما اسم لتمام الشيء، ثم يذكر الأجل ويراد به القرب، ويذكر ويراد به الانقضاء.

ص: 16

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

ثم اعلم أن قول أبي حنيفة رحمه الله هذا رواية محمد رحمه الله عنه وهي المشهورة.

وفي تأويل رواية الحسن وأبي حنيفة رضي الله عنهما: حتى يصير ظل كل شيء مثله وبه قال أبو يوسف ومحمد وزفر والشافعي وأحمد رحمهم الله واختاره الطحاوي.

وفي رواية أسد ين عمرو رضي الله عنه عن أبي حنيفة رضي الله عنه: إذا صار ظل كل شيء مثله خرج وقت الظهر ولا يدخل وقت العصر حتى يصير ظل كل شيء سوى فيء الزوال.

وروى المعلى عن أبي يوسف رحمه الله عنه إذا صار الظل أقل من قامتين يخرج وقت الظهر ولا يدخل وقت العصر حتى يصير قامتين، وصححه الشيخ أبو الحسن الكرخي.

وفي " المبسوط " جعل رواية الحسن رواية محمد عن أبي حنيفة رحمهم الله، وجعل المثلين رواية أبي يوسف عن أبي حنيفة رحمهم الله قال: وروي عن أبي حنيفة رحمه الله في رواية الحسن إذا صار ظل كل شيء قامته خرج وقت الظهر، ولا يدخل وقت العصر حتى يصير الظل قامتين وبينهما وقت مهمل وهو الذي سمته الناس بين الصلاتين.

وقال مالك: إذا صار ظل كل شيء مثله دخل وقت العصر، ولم يخرج وقت الظهر، يبقى بعد ذلك قدر أربع ركعات صالحا للظهر والعصر أداء. وحكي في " المغني " عن ربيعة: أن وقت الظهر والعصر إذا زالت الشمس.

وعن عطاء وطاوس: إذا صار ظل كل شيء مثله دخل وقت العصر، وما بعده وقت لهما على سبيل الاشتراك حتى تغرب الشمس. وقال إسحاق بن راهويه رضي الله عنه وأبو ثور والمزني وابن جرير الطبري: إذا صار ظل كل شيء مثله دخل وقت العصر وبقي وقت الظهر قدر ما يصلي أربع ركعات، ثم يتمحض الوقت للعصر وبه قال مالك رحمه الله وابن المبارك، حتى لو صلى رجل الظهر حين صار الظل مثل الشخص وآخر [صلى] فيه العصر كانا مؤديين.

وروى أبو نصير عن مالك: وقت الظهر إلى أن يصير ظل كل شيء مثله وقت المختار، وأما وقت الأداء يؤخر إلى أن يبقى إلى غروب الشمس قدر أربع ركعات في " المبسوط ".

وقال مالك: إذا زالت الشمس دخل وقت الظهر، فإذا مضى مقدار ما يصلى فيه أربع ركعات، دخل وقت العصر ولم يخرج وقت الظهر وكان الوقت مشتركا بينهما إلى أن يصير الظل قامتين، وهو فاسد لقوله صلى الله عليه وسلم:«لا يدخل وقت صلاة حتى تخرج وقت صلاة أخرى» .

وفي " الوجيز " ويروى هذا عن المزني أيضا، [و] عن ابن جرير وعطاء أنه لا يكون تأخير الظهر إلى صفرة الشمس مفرطا. وعن طاوس: لا تفوت حتى الليل.

ص: 17

سوى فيء الزوال، وقالا: إذا صار الظل مثله، وهو رواية عن أبي حنيفة رحمه الله

وفيء الزوال هو الفيء الذي يكون للأشياء وقت الزوال،

ــ

[البناية]

م: (سوى فيء الزوال) ش: وهو الظل الذي يكون للأشياء وقت الزوال. وفي " المجتبى ": زوال الشمس بفيء الزوال، وقد مر أن الفيء مهموز، وهو في اللغة الرجوع، فلا يكون إلا بعد الزوال.

م: (وقالا) ش: أي قال أبو يوسف ومحمد رضي الله عنهم.

م: (إذا صار الظل مثله) ش: أي إذا صار ظل كل شيء مثله.

م: (وهو) ش: أي قولهما م: (رواية عن أبي حنيفة رحمه الله) ش: رواه الحسن عنه.

م: (وفيء الزوال هو الفيء الذي يكون للأشياء وقت الزوال) ش: أي وقت زوال الشمس عن كبد السماء. وقال المرغيناني: قال أبو حنيفة: ما دام القرص في كبد السماء فإنه لم يزل وإن انحط يسيرا فقد زال.

وعن محمد رحمه الله أنه يقوم الرجل مستقبل القبلة، فإذا زالت الشمس عن يساره فهو الزوال. وأصح ما قيل في معرفة الزوال: قول محمد بن شجاع: أنه يغرز خشبة في أرض مستوية وتخط على رأس الظل خطا، فيجعل ما بلغ الظل علامة، [و] ما دام الظل ينقص عن الخط والعلامة فإنها لم تزل فإذا وقف ولم يزدد ولم ينقص فهو وقت الزوال والاستواء، فإذا أخذ في الزيادة فقد زالت الشمس. وقال السرخسي والمرغيناني: هذا هو الصحيح.

وفي " المبسوط ": الزوال يختلف باختلاف الأمكنة والأزمنة، وقد قيل: لا بد أن يبقى لكل شيء فيء الزوال في كل موضع إلا مكة وصنعاء والمدينة في أطول أيام السنة، فلا يبقى بمكة وصنعاء ظل على الأرض، وبالمدينة يأخذ الشمس الحيطان الأربعة، وحكي عن أبي جعفر: أن عند أطول النهار في الصيف لا يكون بمكة ظل من الأشخاص عند الزوال بستة وعشرين يوما قبل انتهاء الطول، وستة وعشرين يوما بعد انتهاء الطول، وفي هذه الأيام إذا لم ير للشخص ظل فإن الشمس لم تزل، فإذا رأى الظل بعد ذلك فإن الشمس قد زالت.

وعن أبي حامد: إنما يكون الظل في يوم واحد في السنة، وأما الزوال في نفس الأمر الذي لا يظهر فإنه يتقدم على ما يظهر لنا فلا اعتبار له ولا يتعلق به الحكم، ولو لم يجد ما تقرر لمعرفة الوقت والفيء والأمثال فيعتبر بقامته وقامة كل إنسان ستة أقدام ونصف بقدمه. وقال الطحاوي: عامة المشايخ سبعة أقدام من طرف سمت الساق، وستة ونصف من طرف الإبهام، وإليه أشار البقالي في " الأربعين ".

وحكى ابن قدامة في " المغني " عن أبي العباس السبخي على وجه التقريب: أن الشمس

ص: 18

لهما إمامة جبريل عليه السلام في اليوم الأول في هذا الوقت، ولأبي حنيفة رحمه الله قوله عليه السلام:«أبردوا بالظهر فإن شدة الحر من فيح جهنم» ، وأشد الحر في ديارهم في هذا الوقت، وإذا تعارضت الآثار لا ينقضي الوقت بالشك.

ــ

[البناية]

تزول في نصف حزيران وهو بئونة على قدم وثلث، وهو أقل ما تزول عليه الشمس، وفي نصف تموز وهو أبيب ونصف آذار وهو بشنس على قدم ونصف وثلث، وفي نصف آب وهو مسري ونيسان وهو برمودة على ثلاثة أقدام، وفي نصف آذار وأيلول وهما برمهات وتوت على أربعة أقدام ونصف، وفي نصف تشرين الأول وشباط وهما بابة وأمشير على ستة أقدام، وفي نصف تشرين ثاني وكانون ثاني وهما هاتور وطوبة على تسع أقدام، وفي نصف كانون الأول وهو كهيك على عشرة أقدام وسدس.

وهذا انتهى ما تزول عليه الشمس في إقليم العراق والشام وما بينهما من البلدان، فإذا أردت معرفة ذلك فقف على أرض مستوية وعلم الموضع الذي انتهى إليه ذلك، ثم ضع قدمك اليمنى بين يدي قدمك اليسرى وألصق عقبك بإبهامك فإذا بلغت ساعة هذا القدر بعد انتهاء النقص فهو الوقت الذي زالت عليه الشمس ووجبت صلاة الظهر قبل طول الآبار من ستة أقدام ونصف بقدم نفسه.

م: (لهما) ش: أي لأبي يوسف ومحمد رضي الله عنهما.

م: (إمامة جبريل عليه السلام في اليوم الأول في العصر في هذا الوقت) ش: أي الوقت الذي جعل أبي حنيفة رحمه الله وقت الظهر، وهو ما إذا صار ظل كل شيء مثله. واختلفت نسخ " الهداية " في هذا الموضع ففي بعضها في اليوم الأول في هذا الوقت، وفي بعضها في اليوم الثاني أي إمامته للظهر وفي بعضها إمامته للعصر في اليوم الثاني.

م: (وله) ش: أي لأبي حنيفة.

م: (قوله صلى الله عليه وسلم: «أبردوا بالظهر فإن شدة الحر من فيح جهنم» ش: هذا الحديث أخرجه جماعة عن خلق كثير من الصحابة وسنبين جميع ذلك في فصل بيان الأوقات المستحبة. وبلفظ المصنف رواه البخاري في " صحيحه " من حديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أبردوا بالظهر فإن شدة الحر من فيح جهنم» .

قوله: أبردوا، أمر من الإبراد والفيح بالفاء وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره حاء وهو سطوع الحر وزفراته. ويقال بالواو فاحت القدر تفوح إذا غلت. وقد أخرجه مخرج التنبيه والتمثيل أي كأنه نار جهنم في حرها.

م: (وأشد الحر في ديارهم في هذا الوقت) ش: يعني وقت صيرورة ظل كل شيء مثله. وأراد

ص: 19