الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وآخر وقتها عند أبي حنيفة رحمه الله إذا صار ظل كل شيء مثليه
ــ
[البناية]
رحمه الله، وأخرج مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا:«وقت صلاة الظهر إذا زالت الشمس ما لم يحضر وقت العصر» . وروى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: «أن للصلاة أولا وآخرًا وأول وقت صلاة الظهر حين زوال الشمس» . وأخرجه مسلم أيضا من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: «ثم أمر فأقام بالظهر حين زالت الشمس» .
فإن قلت: جاء عنه عليه السلام قال: «أمني جبريل عليه السلام عند البيت مرتين فصلى الظهر في المرة الأولى حين كان الفيء مثل الشراك» .
قلت: هذا محمول على الفراغ منها، والأحاديث المذكورة محمولة على الشروع فيها، توفيقا بين الأحاديث، ويدل عليه قَوْله تَعَالَى:{أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78](الإسراء: الآية 78) أي لزوالها، وهو قول ابن عمر وابن عباس وأنس وعائشة والحسن البصري.
وقال النووي: المراد به أنه حين زالت الشمس كان الفيء حينئذ مثل الشراك من ورائه، لا أنه أخر إلى أن صار مثل الشراك، وهو أحد سيور النعل، وهو يكون على وجهها، والمعنى أن الظل قد رجع حين وقع النعل، والظل من أول النهار إلخ. والفيء لا يكون إلا بعد الزوال لأنه ظل فاء أي رجع، والفيء مهموز معناه الرجوع، والمراد هاهنا رجوع الظل من جانب المغرب إلى جانب المشرق.
[آخر وقت الظهر]
م: (وآخر وقتها) ش: أي آخر وقت الظهر م: (عند أبي حنيفة رضي الله عنه إذا صار ظل كل شيء مثليه) ش: قال الأكمل: قوله آخر الوقت إذا صار ظل كل شيء مثليه فيه تسامح لأن آخر الشيء منه، فماذا صار ظل كل شيء مثليه خروج وقت الظهر عنده، وكذا إذا صار مثله عندهما قال: وتأويله آخر الوقت الذي يتحقق عنده خروج الظهر بدليل قوله فيما بعد - وآخر وقت المغرب حين يغيب الشفق يتحقق الخروج.
قلت: هذا كلام السغناقي فإنه أخذ منه، وملخص كلامه: أن آخر الشيء من أجزاء ذلك الشيء فيكون وقت الظهر باقيا عنده عند المثلين، وعندهما المثل. ورواية " المنظومة " يقتضي أن لا يبقى وقت الظهر على القولين على هذا التقدير، والذي في المنظومة هو قوله:
والعصر حين المرء يلقى ظله
…
قد صار مثليه وقالا مثله
فيحتاج إلى التوفيق بينهما. فأجاب عنه بجوابين: أحدهما ما ذكرناه، والآخر أن المراد بآخر الوقت هو القرب منه الذي يتحقق الخروج عنده وهو نظير قَوْله تَعَالَى:{فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ} [الطلاق: 2](البقرة: الآية 234) أي قارب بلوغ أجلهن، فكان لفظة آخر بمنزلة لفظ الأجل لأن كل منهما اسم لتمام الشيء، ثم يذكر الأجل ويراد به القرب، ويذكر ويراد به الانقضاء.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
ثم اعلم أن قول أبي حنيفة رحمه الله هذا رواية محمد رحمه الله عنه وهي المشهورة.
وفي تأويل رواية الحسن وأبي حنيفة رضي الله عنهما: حتى يصير ظل كل شيء مثله وبه قال أبو يوسف ومحمد وزفر والشافعي وأحمد رحمهم الله واختاره الطحاوي.
وفي رواية أسد ين عمرو رضي الله عنه عن أبي حنيفة رضي الله عنه: إذا صار ظل كل شيء مثله خرج وقت الظهر ولا يدخل وقت العصر حتى يصير ظل كل شيء سوى فيء الزوال.
وروى المعلى عن أبي يوسف رحمه الله عنه إذا صار الظل أقل من قامتين يخرج وقت الظهر ولا يدخل وقت العصر حتى يصير قامتين، وصححه الشيخ أبو الحسن الكرخي.
وفي " المبسوط " جعل رواية الحسن رواية محمد عن أبي حنيفة رحمهم الله، وجعل المثلين رواية أبي يوسف عن أبي حنيفة رحمهم الله قال: وروي عن أبي حنيفة رحمه الله في رواية الحسن إذا صار ظل كل شيء قامته خرج وقت الظهر، ولا يدخل وقت العصر حتى يصير الظل قامتين وبينهما وقت مهمل وهو الذي سمته الناس بين الصلاتين.
وقال مالك: إذا صار ظل كل شيء مثله دخل وقت العصر، ولم يخرج وقت الظهر، يبقى بعد ذلك قدر أربع ركعات صالحا للظهر والعصر أداء. وحكي في " المغني " عن ربيعة: أن وقت الظهر والعصر إذا زالت الشمس.
وعن عطاء وطاوس: إذا صار ظل كل شيء مثله دخل وقت العصر، وما بعده وقت لهما على سبيل الاشتراك حتى تغرب الشمس. وقال إسحاق بن راهويه رضي الله عنه وأبو ثور والمزني وابن جرير الطبري: إذا صار ظل كل شيء مثله دخل وقت العصر وبقي وقت الظهر قدر ما يصلي أربع ركعات، ثم يتمحض الوقت للعصر وبه قال مالك رحمه الله وابن المبارك، حتى لو صلى رجل الظهر حين صار الظل مثل الشخص وآخر [صلى] فيه العصر كانا مؤديين.
وروى أبو نصير عن مالك: وقت الظهر إلى أن يصير ظل كل شيء مثله وقت المختار، وأما وقت الأداء يؤخر إلى أن يبقى إلى غروب الشمس قدر أربع ركعات في " المبسوط ".
وقال مالك: إذا زالت الشمس دخل وقت الظهر، فإذا مضى مقدار ما يصلى فيه أربع ركعات، دخل وقت العصر ولم يخرج وقت الظهر وكان الوقت مشتركا بينهما إلى أن يصير الظل قامتين، وهو فاسد لقوله صلى الله عليه وسلم:«لا يدخل وقت صلاة حتى تخرج وقت صلاة أخرى» .
وفي " الوجيز " ويروى هذا عن المزني أيضا، [و] عن ابن جرير وعطاء أنه لا يكون تأخير الظهر إلى صفرة الشمس مفرطا. وعن طاوس: لا تفوت حتى الليل.
سوى فيء الزوال، وقالا: إذا صار الظل مثله، وهو رواية عن أبي حنيفة رحمه الله
وفيء الزوال هو الفيء الذي يكون للأشياء وقت الزوال،
ــ
[البناية]
م: (سوى فيء الزوال) ش: وهو الظل الذي يكون للأشياء وقت الزوال. وفي " المجتبى ": زوال الشمس بفيء الزوال، وقد مر أن الفيء مهموز، وهو في اللغة الرجوع، فلا يكون إلا بعد الزوال.
م: (وقالا) ش: أي قال أبو يوسف ومحمد رضي الله عنهم.
م: (إذا صار الظل مثله) ش: أي إذا صار ظل كل شيء مثله.
م: (وهو) ش: أي قولهما م: (رواية عن أبي حنيفة رحمه الله) ش: رواه الحسن عنه.
م: (وفيء الزوال هو الفيء الذي يكون للأشياء وقت الزوال) ش: أي وقت زوال الشمس عن كبد السماء. وقال المرغيناني: قال أبو حنيفة: ما دام القرص في كبد السماء فإنه لم يزل وإن انحط يسيرا فقد زال.
وعن محمد رحمه الله أنه يقوم الرجل مستقبل القبلة، فإذا زالت الشمس عن يساره فهو الزوال. وأصح ما قيل في معرفة الزوال: قول محمد بن شجاع: أنه يغرز خشبة في أرض مستوية وتخط على رأس الظل خطا، فيجعل ما بلغ الظل علامة، [و] ما دام الظل ينقص عن الخط والعلامة فإنها لم تزل فإذا وقف ولم يزدد ولم ينقص فهو وقت الزوال والاستواء، فإذا أخذ في الزيادة فقد زالت الشمس. وقال السرخسي والمرغيناني: هذا هو الصحيح.
وفي " المبسوط ": الزوال يختلف باختلاف الأمكنة والأزمنة، وقد قيل: لا بد أن يبقى لكل شيء فيء الزوال في كل موضع إلا مكة وصنعاء والمدينة في أطول أيام السنة، فلا يبقى بمكة وصنعاء ظل على الأرض، وبالمدينة يأخذ الشمس الحيطان الأربعة، وحكي عن أبي جعفر: أن عند أطول النهار في الصيف لا يكون بمكة ظل من الأشخاص عند الزوال بستة وعشرين يوما قبل انتهاء الطول، وستة وعشرين يوما بعد انتهاء الطول، وفي هذه الأيام إذا لم ير للشخص ظل فإن الشمس لم تزل، فإذا رأى الظل بعد ذلك فإن الشمس قد زالت.
وعن أبي حامد: إنما يكون الظل في يوم واحد في السنة، وأما الزوال في نفس الأمر الذي لا يظهر فإنه يتقدم على ما يظهر لنا فلا اعتبار له ولا يتعلق به الحكم، ولو لم يجد ما تقرر لمعرفة الوقت والفيء والأمثال فيعتبر بقامته وقامة كل إنسان ستة أقدام ونصف بقدمه. وقال الطحاوي: عامة المشايخ سبعة أقدام من طرف سمت الساق، وستة ونصف من طرف الإبهام، وإليه أشار البقالي في " الأربعين ".
وحكى ابن قدامة في " المغني " عن أبي العباس السبخي على وجه التقريب: أن الشمس
لهما إمامة جبريل عليه السلام في اليوم الأول في هذا الوقت، ولأبي حنيفة رحمه الله قوله عليه السلام:«أبردوا بالظهر فإن شدة الحر من فيح جهنم» ، وأشد الحر في ديارهم في هذا الوقت، وإذا تعارضت الآثار لا ينقضي الوقت بالشك.
ــ
[البناية]
تزول في نصف حزيران وهو بئونة على قدم وثلث، وهو أقل ما تزول عليه الشمس، وفي نصف تموز وهو أبيب ونصف آذار وهو بشنس على قدم ونصف وثلث، وفي نصف آب وهو مسري ونيسان وهو برمودة على ثلاثة أقدام، وفي نصف آذار وأيلول وهما برمهات وتوت على أربعة أقدام ونصف، وفي نصف تشرين الأول وشباط وهما بابة وأمشير على ستة أقدام، وفي نصف تشرين ثاني وكانون ثاني وهما هاتور وطوبة على تسع أقدام، وفي نصف كانون الأول وهو كهيك على عشرة أقدام وسدس.
وهذا انتهى ما تزول عليه الشمس في إقليم العراق والشام وما بينهما من البلدان، فإذا أردت معرفة ذلك فقف على أرض مستوية وعلم الموضع الذي انتهى إليه ذلك، ثم ضع قدمك اليمنى بين يدي قدمك اليسرى وألصق عقبك بإبهامك فإذا بلغت ساعة هذا القدر بعد انتهاء النقص فهو الوقت الذي زالت عليه الشمس ووجبت صلاة الظهر قبل طول الآبار من ستة أقدام ونصف بقدم نفسه.
م: (لهما) ش: أي لأبي يوسف ومحمد رضي الله عنهما.
م: (إمامة جبريل عليه السلام في اليوم الأول في العصر في هذا الوقت) ش: أي الوقت الذي جعل أبي حنيفة رحمه الله وقت الظهر، وهو ما إذا صار ظل كل شيء مثله. واختلفت نسخ " الهداية " في هذا الموضع ففي بعضها في اليوم الأول في هذا الوقت، وفي بعضها في اليوم الثاني أي إمامته للظهر وفي بعضها إمامته للعصر في اليوم الثاني.
م: (وله) ش: أي لأبي حنيفة.
م: (قوله صلى الله عليه وسلم: «أبردوا بالظهر فإن شدة الحر من فيح جهنم» ش: هذا الحديث أخرجه جماعة عن خلق كثير من الصحابة وسنبين جميع ذلك في فصل بيان الأوقات المستحبة. وبلفظ المصنف رواه البخاري في " صحيحه " من حديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أبردوا بالظهر فإن شدة الحر من فيح جهنم» .
قوله: أبردوا، أمر من الإبراد والفيح بالفاء وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره حاء وهو سطوع الحر وزفراته. ويقال بالواو فاحت القدر تفوح إذا غلت. وقد أخرجه مخرج التنبيه والتمثيل أي كأنه نار جهنم في حرها.
م: (وأشد الحر في ديارهم في هذا الوقت) ش: يعني وقت صيرورة ظل كل شيء مثله. وأراد