الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والقراءة واجبة في جميع ركعات النفل، وفي جميع ركعات الوتر، أما النفل فلأن كل شفع منه صلاة على حدة، والقيام إلى الثالثة كتحريمة مبتدأة، ولهذا لا تجب بالتحريمة الأولى إلا ركعتان في المشهور عن أصحابنا رحمهم الله ولهذا قالوا: يستفتح في الثالثة أي يقول: سبحانك اللهم وبحمدك،
ــ
[البناية]
مطلقا، ولا نسلم أنه يكون كقيام المقتدي لأن المقتدي قارئا حكما، لأن قراءة الإمام تنوب عن قراءته.
[حكم القراءة في صلاة النفل]
م: (والقراءة واجبة في جميع ركعات النفل وفي جميع ركعات الوتر، أما النفل فلأن كل شفع منه صلاة على حدة) ش: لأن تحريمة النفل لا توجب أكثر من ركعتين على ما يجيء الآن م: (والقيام إلى الثالثة) ش: يعني القيام إلى الركعة الثالثة كالنفل بأربع ركعات م: (كتحريمة مبتدأة) ش: يعني كتحريمة ابتداء وبالتحريمة ابتداء لا تجب أكثر من ركعتين.
م: (ولهذا) ش: أي ولكون كل شفع من النفل صلاة على حدة م: (لا تجب بالتحريمة الأولى إلا ركعتان في المشهور عن أصحابنا رحمهم الله) ش: هذا إذا نوى أربع ركعات حتى يحتاج إلى التقييد بالمشهور، فأما إذا شرع في التطوع بمطلق النية لا يلزمه أكثر من ركعتين بالاتفاق في جميع الروايات كذا في " المحيط " واحترز بالمشهور عن قول أبي يوسف أولا فإنه قال يلزمه جميع ما نواه اعتبارا للشروع بالنذر، وفي رواية عنه يلزمه أربع ركعات ولا يلزمه أكثر من ذلك اعتبارا للنفل بالفرض.
م: (ولهذا) ش: أي ولكون القيام إلى الثالثة بمنزلة تحريمة مبتدأة م: (قالوا) ش: أي قال علماؤنا رحمهم الله م: (يستفتح في الثالثة) ش: أي يقرأ في رأس الركعة الثالثة م: (سبحانك اللهم وبحمدك) ش: كما في الابتداء.
فإن قلت: إذا كان كل شفع من النفل صلاة على حدة وترك القعدة الأولى من الشفع الأول كان ينبغي أن لا يجوز هذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف مع أنهما يجوزان ترك القعدة الأولى من الشفع الأول.
قلت: الفساد هو القياس كما ذهب إليه زفر، وروي عن محمد لأن كل شفع بمنزلة صلاة الفجر وصلاة الظهر للمسافر، ولو ترك القعدة فيهما فسدت الصلاة، وإن ضم إليهما شفعا آخر فكذا هذا، ولكن الاستحباب عدم الفساد ووجوب سجدة السهو عند السهو والتطوع كما شرع ركعتين شرع أربعا أيضا، فإذا ترك القعدة وقام إلى الشفع الثاني يمكن أن يجعل الكل صلاة واحدة، وفي الصلاة الواحدة من ذوات الأربع لا تفرض من القعدة إلا الأخيرة وهي قعدة الختم كما في الظهر بخلاف صلاة الفجر، لأن الفجر شرع ركعتين لا غير، وبضم الشفع الثاني لا يصير الكل صلاة واحدة.
وأما الوتر فللاحتياط، قال: ومن شرع في النافلة ثم أفسدها قضاها، وقال الشافعي: لا قضاء عليه. لأنه متبرع فيه ولا لزوم على المتبرع، ولنا أن المؤدى وقع قربة فيلزم الإتمام ضرورة صيانة عن البطلان،
ــ
[البناية]
فإن قلت: ينبغي على هذا أن يكون في حق القراءة كذلك حتى لا تجب القراءة في الأخريين كما في الفرض.
قلت: اعتبر في حق القراءة بمنزلة صلاتين لأن القراءة ركن مقصود في الصلاة شرعت لنفسها بخلاف القعدة، لأنها شرعت للفصل بين الشفعين، فلا يكون فرضا، وفي الفرض شرطت للتحليل فيكون فرضا.
فإن قلت: لو صار هذا القيام إلى الشفع الثاني بمنزلة صلاة واحدة كالظهر لما أمرنا بالعودة إلى القعدة عند القيام إلى الثالثة كما في الظهر بل يؤمر هاهنا. قلت: له شبهان شبه للظهر لسريان الفساد إلى الأول عنه بترك القعدة وشبه للفجر في وجوب القراءة في الشفع الثاني، والشبه بالفجر يعود إليها ما لم يقيد بالسجدة، وبشبه الظهر لا يؤمر بالعود إذا قيد الثالثة بالسجدة ولم تفسد توفيرا للشبهين.
م: (وأما الوتر فللاحتياط) ش: أي وأما وجوب القراءة في جميع ركعات الوتر فلأجل الاحتياط لأن الوتر سنة اعتقادا، كذا في " الجامع البرهاني " فتجب القراءة في الكل نظرا إليه، وبالنظر إلى مذهب أبي حنيفة لا تجب ولكن يجب للاحتياط وهو قول أبي بكر الصديق وابن عباس ومالك وآخرين.
م: (قال: ومن شرع في النافلة ثم أفسدها قضاها، وقال الشافعي لا قضاء عليه) ش: وبه قال أحمد، وكذا الخلاف في صوم التطوع والعلماء أوردوا هذه المسألة في كتاب الصوم، القراءة سقطت مطلقا، ولا نسلم أنه يكون كقيام المقتدي لأن المقتدي قارئ حكما، لأن قراءة الإمام تنوب عن قراءته.
لأن الأخبار التي يحتج بها من الجانبين إنما وردت في الصوم، لكن القدوري لما رأى أن حكم المسألة فيهما كان واحدا أوردها في كتاب الصلاة وتابعه المصنف رحمه الله م:(لأنه متبرع فيه) ش: أي في فعله هذا م: (ولا لزوم على المتبرع) ش: لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} [التوبة: 91](التوبة: الآية 91) ، فصار كالمظنون.
م: (ولنا أن المؤدى) ش: بفتح الدال م: (وقع قربة) ش: بدليل أنه لو مات بعد هذا القدر من المؤدى يصير مثابا م: (فيلزمه الإتمام ضرورة صيانة عن البطلان) ش: وإبطال العمل حرام بقوله تعالى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33](محمد: الآية 33) ، والاحتراز عن إبطال العمل فيما
وإن صلى أربعا وقرأ في الأوليين وقعد ثم أفسد الأخريين قضى ركعتين؛ لأن الشفع الأول قد تم، والقيام إلى الثالثة بمنزلة تحريمة مبتدأة فيكون ملزما هذا إذا أفسد الأخريين بعد الشروع فيهما. ولو أفسد قبل الشروع في الشفع الثاني لا يقضي الأخريين. وعن أبي يوسف أنه يقضي اعتبارا للشروع بالنذر، ولهما أن الشروع يلزم ما شرع فيه، وما لا صحة له إلا به، وصحة الشفع الأول لا تتعلق بالثاني، بخلاف الركعة الثانية.
ــ
[البناية]
لا يحتمل الوجه بالتجزي لا يكون إلا بإتمام، ومن الدليل على أن الشروع ما يلزم كالنذر المشروع في الحج فإنه يلزم بالاتفاق، وقياسه على المظنون فاسد لأنه شرع مقطعا لا ملتزما، وكلامنا فيما إذا شرع ملتزما.
م: (وإن صلى أربعا) ش: أي إن شرع في الصلاة فأدى أربع ركعات، وإنما قيدنا هكذا لأنها لو كانت على حقيقتها لا يتصور إفساد الأخريين بعد تمامه م:(وقرأ في الأوليين وقعد) ش: قيد بالقعود، لأنه لو لم يقعد وأفسد الأخريين يجب عليه قضاء الأربع بالإجماع م:(ثم أفسد الأخريين قضى ركعتين) ش: يعني الشفع الثاني م: (لأن الشفع الأول قد تم) ش: بالقعود م: (والقيام إلى الثالثة) ش: أي إلى الركعة الثالثة م: (بمنزلة تحريمة مبتدأة) ش: أي بمنزلة تحريمة ابتداء م: (فيكون ملزوما فيقضي ركعتين) ش: كما إذا شرع في الركعتين ابتداء فأفسدهما قضى ركعتين فكذا هذا.
م: (هذا) ش: أي هذا الذي ذكرنا من قضاء الركعتين م: (إذا أفسد الأخريين بعد الشروع فيهما) ش: بأن قام إلى الأخريين فأفسدهما م: (ولو أفسد) ش: أي الأخريين م: (قبل الشروع في الشفع الثاني لا يقضي الأخريين) ش: عند أبي حنيفة ومحمد.
م: (وعن أبي يوسف أنه يقضي) ش: الأخريين م: (اعتبارا للشروع بالنذر) ش: وذلك لأن نية الأربع قارنت سبب الوجوب وهو الشروع فيلزم القضاء، كما إذا نذر، فإن نية الأربع قارنت سبب الوجوب وهو النذر.
م: (ولهما) ش: أي ولأبي حنيفة ومحمد م: (أن الشروع يلزم) ش: من الإلزام م: (ما شرع فيه) ش: جملة في محل نصب مفعول قوله يلزم م: (وما لا صحة له إلا به) ش: أي الشروع يلزم أيضا ما لا صحة له أي للشروع إلا به، كالركعة الثانية حيث لا صحة للأولى بدونها، لأن البتيراء منهي عنها م:(وصحة الشفع الأول لا يتعلق بالثاني) ش: أي الشفع الثاني لا يتعلق ولا يتوقف عليه فلا يلزم من لزوم الشفع الأول بسبب الشروع فيه لزوم الشفع الثاني، فإذا لم يلزم لا يكون واجبا، فإذا لم يكن واجبا لا يجب قضاؤه، فظهر من هذا أن النية لم تقارن سبب الوجوب وهو الشروع، لأن الفرض أنه لم يشرع م:(بخلاف الركعة الثانية) ش: بخلاف النذر فإن نية الأربع قارنت سبب الوجوب فيلزم القضاء بالإفساد.
وعلى هذا سنة الظهر، لأنها نافلة، وقيل: يقضي أربعا احتياطا، لأنها بمنزلة صلاة واحدة، وإن صلى أربعا ولم يقرأ فيهن شيئا أعاد ركعتين، وهذا عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله، وعند أبي يوسف رحمه الله يقضي أربعا وهذه المسألة على ثمانية أوجه. والأصل فيها أن عند محمد رحمه الله ترك القراءة في الأوليين. أو في أحديهما يوجب بطلان التحريمة، لأنها تقعد للأفعال،
ــ
[البناية]
ومن الدليل على أن الشفع الثاني ينفك عن الشفع الأول في التطوع أن المرأة إذا دخلت على زوجها وهو في الشفع الأول فانتقل إلى الشفع الثاني ثم خرجت فطلقها يجب كمال المهر لصحة الخلوة، وتبطل الشفعة أيضا إذا أخبر في الشفع الأول فانتقل إلى الشفع الثاني. أما في الفريضة وسنة الظهر لا تصح الصلاة ولا تبطل الشفعة.
م: (وعلى هذا) ش: أي وعلى هذا الخلاف الذي في النفل المطلق م: (سنة الظهر) ش: يعني لو أفسد الأخريين من سنة الظهر فعند أبي يوسف يقضيهما سواء أفسدهما قبل الشروع فيهما أو بعد الشروع. وعندهما يقضي إذا أفسدهما بعد الشروع لا قبله، لكن يقضي ركعتين م:(لأنها نافلة) ش: أي لأن سنة الظهر نافلة في الأصل.
م: (وقيل يقضي أربعا احتياطا لأنها) ش: أي لأن سنة الظهر م: (بمنزلة صلاة واحدة) ش: بدليل أن الزوج إذا خير امرأته وهي في الشفع الأول من هذه الصلاة، أو خيرت بشفعة لها فأتمت أربعا لا تبطل خيارها، ولا شفعتها بخلاف سائر التطوعات.
م: (وإن صلى أربعا) ش: أي أربع ركعات تطوعا م: (ولم يقرأ فيهن شيئا) ش: أي والحال أنه لم يقرأ في هذه الأربع شيئا من القرآن م: (أعاد ركعتين) ش: لأنا ذكرنا أن بالشروع الأول لا يلزم الشفع الثاني، فإذا لم يلزم يعيد الركعتين هاهنا م:(وهذا) ش: أي الاقتصار على إعادة الركعتين فقط م: (عند أبي حنيفة ومحمد) ش: بناء على ما ذكرنا من أصلهما.
م: (وقال أبو يوسف: يقضي أربعا) ش: بناء على أصله المذكور م: (وهذه المسألة على ثمانية أوجه) ش: إنما انحصرت على الثمانية لأن القسمة العقلية، وهذه الأقسام في الحقيقة في أقسام ترك القراءة لا في القراءة؛ لأن الفساد إنما جاء من قبل الترك، ولهذا لم يأت فيما إذا قرأ في الكل مع أن القسمة العقلية تقتضيه، ثم يذكر الكل راعيا المتن في ذلك واتباعا له، لأن الشرح لا أعلمه إلا إذا ساق المتن وأتبعه بالشرح وإلا فالمتن في واد والشرح في واد، ولا ينتفع به الناظر إلا بعد مشقة كثيرة بعد استعداد كامل.
م: (والأصل فيها) ش: أي في هذه المسألة المثمنة م: (أن عند محمد ترك القراءة في الأوليين أو في أحديهما يوجب بطلان التحريمة) ش: أي في حق الشفع الثاني م: (لأنها) ش: أي لأن التحريمة م: (تقعد للأفعال) ش: يعني المقصود منها الأفعال، ولهذا لا تسقط الصلاة عن العاجز عن
وعند أبي يوسف رحمه الله ترك القراءة في الشفع الأول لا يوجب بطلان التحريمة، وإنما يوجب فساد الأداء، لأن القراءة ركن زائد، ألا ترى أن للصلاة وجودا بدونها غير أنه لا صحة للأداء إلا بها وفساد الأداء لا يزيد على تركه.
ــ
[البناية]
القراءة، وإن قدر على الأذكار والأفعال قد فسدت بترك القراءة بالإجماع ومع صفة الفساد للأفعال لا بقاء للتحريمة، وفي " مبسوط شيخ الإسلام " إذا أفسد الأداء بحيث لا يمكن إصلاحه تنقطع التحريمة كالبيع إذا هلك قبل القبض انفسخ العقد لأنه فات المعقود عليه بحيث لا يرجى وجوده، فكذلك هاهنا التحريمة شرعت للأداء، فإذا فسد فقد فات المعقود عليه بحيث لا يرجى وجوده، فتنقطع التحريمة، وفي " مبسوط شيخ الإسلام " لما فسدت الأفعال صارت بمنزلة أفعال ليست هي من الصلاة، ومن فعل في صلاته أفعالا ليست من الصلاة تبطل بها التحريمة كالتكلم والحديث العمد.
م: (وعند أبي يوسف ترك القراءة في الشفع الأول لا يوجب بطلان التحريمة) ش: لأنه يوجب فساد الأداء لا بطلانه [وفساد الأداء لا يزيد على تركه] وهو معنى قوله م: (وإنما يوجب فساد الأداء) ش: لا بطلانه، وفساد الأداء لا يزيد على ترك الأداء بعد التحريمة م:(لأن القراءة ركن زائد ألا ترى أن للصلاة وجودا بدونها) ش: أي بدون القراءة حقيقة كما في الأمي والمقتدين م: (غير أنه) ش: أي غير أن الشأن هو استثناء من قوله ركن زائد تقريره أن القراءة وإن كانت ركنا زائدا م: (ولكن لا صحة للأداء إلا بها) ش: أي بالقراءة لأنها تؤثر في إزالة صفة الصلاة وهي صحة الأداء، وإن كانت لا تؤثر في إزالة [صحة] أصل الصلاة حتى تصير باطلة.
م: (وفساد الأداء لا يزيد على تركه) ش: أي على ترك الأداء بمعنى أن الفساد ليس بأقوى حالا من الترك لما أن الفساد عبارة عن زوال الوصف دون الأصل، وزوال الأصل أقوى من زوال الوصف فترك الأداء إذا لم يوجب بطلان التحريمة ففساد الأداء أولى أن لا يوجب، وصورة ترك الأداء أن يحرم للصلاة، فقام طويلا ولم يأت بشيء من الأركان، ولو عدم الأداء أصلا بقيت التحريمة، وهذا لأن مبتدأ التحريمة صحيحة قبل مجيء أوان القراءة لأنها شرعت بتحريم أعمال الدنيا، ثم يؤدي الأفعال في تلك التحريمة.
فإن قلت: ما ذكرتم تأخير لا ترك فلا يكون مفيدا. قلت هذا ترك قبل اشتغاله بأداء، وإنما يعرف كونه تأخيرا إذا اشتغل بالأداء فقيل اشتغاله به يصح إطلاق اسم الترك عليه. قال السغناقي: كذا قاله العلامة شمس الدين الكردري رحمه الله، قال الأكمل: وفيه نظر لأن للخصم حينئذ أن يقول لا نسلم أن الفساد لا يزيد على مثل هذا الترك. قلت لم تفرق بينه وبين إذا أسلم أن الترك لا يبطل التحريمة كيف يسلم زيادة الفساد على الترك.
فإن قلت: ما الفرق بينه وبين الكلام والحديث العمد فإنهما يبطلان التحريمة دون الترك.
فلا تبطل التحريمة، وعند أبي حنيفة رحمه الله ترك القراءة في الأوليين يوجب بطلان التحريمة، وفي إحداهما لا يوجب، لأن كل شفع من التطوع صلاة على حدة، وفسادها بترك القراءة في ركعة واحدة مجتهد فيه فقضينا بالفساد في حق وجوب القضاء، وحكمنا ببقاء التحريمة في حق لزوم الشفع الثاني احتياطا.
ــ
[البناية]
قلت: هما من محظورات التحريمة، وارتكاب المحظور يقطع التحريمة، لأنه يمنع انعقادها في الابتداء فيجوز أن يقطعها بعد الصحة، والفقه فيه أن التحريمة شرط الأداء، وبفساد الأداء لا يفسد الشرط كالوصف لا يفسد بفساد الصلاة.
م: (فلا تبطل التحريمة) ش: نتيجة ما قيل، وقد قررنا عدم بطلانها الآن: م (وعند أبي حنيفة رحمه الله ترك القراءة في الأوليين يوجب بطلان التحريمة وفي إحداهما لا يوجب) ش: أي ترك القراءة في إحدى الأوليين لا يوجب بطلان التحريمة وهاهنا أمران، أحدهما ترك القراءة في الأوليين، والآخر تركها في إحداهما، وعلل الأول بقوله م:(لأن كل شفع من التطوع صلاة على حدة) ش: فكان ترك القراءة فيه إخلاء للصلاة عن القراءة، فتكون فاسدة يجب قضاؤها وبطل تحريمها. وعلل الثاني بقوله م:(وفسادها) ش: أي فساد الصلاة م: (بترك القراءة في ركعة واحدة مجتهد فيه) ش: فإن عند الحسن البصري لا تجب القراءة إلا في الركعة الأولى كما ذكرناه م: (فقضينا بالفساد في حق وجوب القضاء) ش: أي قضاء الشفع الأول كما في الفجر، م:(وحكمنا ببقاء التحريمة في حق لزوم الشفع الثاني احتياطا) ش: في كل واحد من الحكمين.
فالحاصل أن الأداء يفسد بالنظر إلى دليلنا، ويصح بالنظر إلى ما تمسك به الحسن فيعمل بهما فقلنا ببقاء التحريمة حتى يصح شروعه في الشفع الثاني، وبفساد الشفع الأول حتى يجب القضاء ليكون العمل على الوثيقة في باب العبادة.
وفي " مبسوط " شيخ الإسلام ما قال أبو حنيفة هذا حيث أوجب الفساد بفساد الأداء ولم يرفع التحريمة لأنه لم يوجد ما يقطع فعليه قضاء الأخريين بالإجماع لبقاء التحريمة وصحة الشروع في الشفع الثاني، وهذا إذا قعد بينهما، فإن لم يقعد قضى أربعا، لأن عندهما لم يصح الشروع في الثاني والأخريان لا يكونان قضاء عن الأوليين لأنه بناهما على تلك التحريمة والتحريمة الواحدة لا يتسع فيها الأداء والقضاء.
فإن قلت: فساد الصلاة بترك القراءة في الركعتين أيضا مجتهد فيه، لأن أبا بكر الأصم وابن علية وابن عيينة لا يقولون بفسادها.
قلت: ذلك خلاف لا اختلاف، لكونه مخالفا للدليل القاطع وهو قَوْله تَعَالَى {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: 20] (المزمل: الآية 20) .
إذا ثبت هذا نقول: إذا لم يقرأ في الكل قضى ركعتين عندهما، لأن التحريمة قد بطلت بترك القراءة في الشفع الأول عندهما فلم يصح الشروع في الشفع الثاني، وبقيت عند أبي يوسف رحمه الله فصح الشروع في الشفع الثاني ثم إذا فسد الكل بترك القراءة فيه فعليه قضاء الأربع عنده، ولو قرأ في الأوليين لا غير فعليه قضاء الأخريين بالإجماع؛ لأن التحريمة لم تبطل فصح الشروع في الشفع الثاني، ثم فساده بترك القراءة لا يوجب فساد الشفع الأول، ولو قرأ في الأخريين لا غير فعليه قضاء الأوليين بالإجماع؛ لأن عندهما لم يصح الشروع في الشفع الثاني،
ــ
[البناية]
م: (إذا ثبت هذا) ش: يعني الأصل المذكور م: (فنقول إذا لم يقرأ في الكل) ش: شرع في بيان تلك المسائل الثمانية فلذلك قال فنقول بالبقاء الأولى إذا لم يقرأ في الأربع كلها م: (قضى ركعتين عندهما) ش: أي عند أبي حنيفة ومحمد م: (لأن التحريمة قد بطلت بترك القراءة في الشفع الأول عندهما، فلم يصح الشروع في الثاني) ش: أي في الشفع الثاني ولما لم يصح الشروع في الثاني لا يكون صلاة عندهما، وعند أبي يوسف يصح، لأن التحريمة باقية وهو معنى قوله م:(وبقيت) ش: أي التحريمة م: (عند أبي يوسف فصح الشروع في الشفع الثاني ثم إذا فسد الكل بترك القراءة فيه) ش: أي في الكل م: (فعليه قضاء الأربع عنده) ش: أي عند أبي يوسف، وثمرة الاختلاف تظهر في الاقتداء به في الشفع الثاني هل يصح أم لا، وفي القهقهة هل تكون ناقضة للوضوء أم لا، فعندهما لا يصح الاقتداء ولا تنتقض الطهارة خلافا لأبي يوسف. وفي " المحيط " قيل: هذا عند أبي يوسف فيما إذا أفسدها بترك القراءة، أما لو أفسدها بالكلام والحديث العمد لا يلزمه إلا ركعتان، قال: هذا مذكور في " المنتقى "، وفي " المبسوط ": في رواية ابن سماعة عن أبي يوسف يلزمه الأربع بالكلام أيضا.
م: (ولو قرأ في الأوليين لا غير) ش: هذه المسألة الثانية وهي أن يقرأ في الركعتين الأوليين من الأربع م: (فعليه قضاء الأخريين بالإجماع لأن التحريمة لم تبطل فصح الشروع في الشفع الثاني ثم فساده) ش: أي فساد الشفع الثاني م: (بترك القراءة لا يوجب فساد الشفع الأول) ش: لأن كل شفع صلاة على حدة، ثم لو اقتدى به إنسان في الشفع الثاني وصلاه معه قضى الأوليين ذكره في " المحيط " لأنه التزم ما التزم الإمام كاقتداء المتطوع بمصلي الظهر في آخرها.
م: (ولو قرأ في الأخريين) ش: هي المسألة الثالثة وهي أن يقرأ في الركعتين الأخريين م: (لا غير فعليه قضاء الأوليين بالإجماع) ش: هذا مما اتحد فيه الجواب، واختلف التخريج أشار إليه بقوله م:(لأن عندهما) ش: أي عند أبي حنيفة ومحمد م: (لم يصح الشروع في الشفع الثاني) ش: فلا تكون صلاة في قولهما حتى لو اقتدى به إنسان في الشفع الثاني لا يصح اقتداؤه، ولو قهقه لا تنقض طهارته كذا ذكره قاضي خان في " الجامع الصغير "، وذكر في " المبسوط " والأخريان لا يكونان قضاء عن الأوليين.
وعند أبي يوسف رحمه الله إن صح فقد أداها،
ولو قرأ في الأوليين وإحدى الأخريين فعليه قضاء الأخريين بالإجماع، ولو قرأ في الأخريين وإحدى الأوليين فعليه قضاء الأوليين بالإجماع، ولو قرأ في إحدى الأوليين وإحدى الأخريين، وعلى قول أبي يوسف رحمه الله قضى الأربع، وكذا عند أبي حنيفة؛ لأن التحريمة باقية، وعند محمد رحمه الله عليه قضاء الأوليين؛ لأن التحريمة قد ارتفعت عنده، وقد أنكر أبو يوسف رحمه الله هذه الرواية عنه، وقال رويت لك عن أبي حنيفة رحمه الله أنه يلزمه قضاء ركعتين، ومحمد رحمه الله لم يرجع عن روايته عنه،
ــ
[البناية]
م: (وعند أبي يوسف إن صح) ش: أي الشروع في الشفع الثاني م: (فقد أداها) ش: أي فقد أدى الأربع، وإن لم يصح فعليه قضاء الشفع الأول، وعلى كلا التقديرين لا خلاف في الجواب، وإنما الخلاف في التخريج.
م: (ولو قرأ في الأوليين) ش: هذه المسألة الرابعة وهي أن يقرأ في الركعتين الأوليين م: (وإحدى الأخريين) ش: أي وقرأ في إحدى الركعتين الأخريين م: (فعليه قضاء الأخريين بالإجماع) ش: يعني إذا قعد في الأوليين. م: (ولو قرأ في إحدى الأخريين) ش: هذه المسألة الخامسة وهي أن يقرأ في الركعتين الأخريين م: (وإحدى الأوليين) ش: أي قرأ في إحدى الركعتين الأوليين م: (فعليه قضاء الأوليين بالإجماع) ش: والأخريان صلاة عندهما خلافا لمحمد، ذكره في " المحيط ".
وفي " المبسوط " والتحريمة عندهما لم تحل فصار شارعا في الشفع الثاني وقد أتمه، وعليه قضاء ما أفسده وهو الشفع الأول. م:(ولو قرأ في إحدى الأوليين) ش: هذه المسألة السادسة، وهي أن يقرأ في إحدى الركعتين الأوليين، م:(وإحدى الأخريين) ش: أي وقرأ في إحدى الركعتين الأخريين م: (وعلى قول أبي يوسف قضى الأربع) ش: لبقاء التحريمة م: (وكذا عند أبي حنيفة) ش: أي كذا عنده يقضي الأربع، وإنما قال وكذا عند أبي حنيفة، ولم يقل على قول أبي يوسف وأبي حنيفة، لأنه أشار بذلك إلى أنه ليس قول أبي حنيفة باتفاق بينه وبين أبي يوسف، بل إنما قوله بناء على رواية محمد لأن عنده يقضي الركعتين على ما يجيء الآن، وإنما يقضي الأربع عند أبي حنيفة أيضا.
م: (لأن التحريمة باقية، وعند محمد عليه قضاء الأوليين، لأن التحريمة قد ارتفعت عنده) ش: وبه قال زفر لعدم صحة الشروع عندهما م: (وقد أنكر أبو يوسف عليه) ش: أي على محمد م: (هذه الرواية عنه) ش: أي عن أبي يوسف م: (وقال) ش: أي أبو يوسف م: (رويت لك عن أبي حنيفة أنه يلزمه قضاء ركعتين، ومحمد لم يرجع عن روايته عنه) ش: بأن قال لأبي يوسف بل رويت لي ما أقول وقلت أنت، وأصل هذه القضية ما ذكره فخر الإسلام البزدوي في أول شرح " الجامع الصغير " كان أبو يوسف يتوقع عن محمد أن يروي كتابا عنه فصنف محمد هذا الكتاب أي كتاب
ولو قرأ في إحدى الأوليين لا غير قضى أربعا عندهما،
ــ
[البناية]
" الجامع الصغير " وأسنده عن أبي يوسف إلى أبي حنيفة، فلما عرض على أبي يوسف استحسنه وقال حفظ أبو عبد الله مسائل خطأه في روايتها عنه، فلما بلغ ذلك محمدا قال: بل حفظها ونسي وهي ست مسائل:
إحداها: هذه المسألة وهي رجل صلى التطوع أربعا وقرأ في إحدى الأوليين وإحدى الأخريين لا غير، روى محمد أنه يقضي أربعا، وقال أبو يوسف إنما رويت له ركعتين. وقال فخر الإسلام واعتمد مشايخنا رواية محمد، وقال أيضا يحتمل أن يكون ما حكى أبو يوسف من قول أبي حنيفة، قياسا، وما ذكر محمد استحسانا ذكر القياس والاستحسان في الأصل ولم يذكر في " الجامع الصغير ".
والمسألة الثانية: مستحاضة توضأت بعد طلوع الشمس تصلي حين يخرج وقت الظهر، وقال أبو يوسف إنما رويت لك حتى يدخل وقت الظهر.
والثالثة: المشتري من الغاصب إذا أعتق ثم أجاز المالك البيع بعد العتق، وقال أبو يوسف إنما رويت لك لأنه لا ينفذ.
والرابعة: المهاجرة لا عدة عليها وتنكح، إلا أن تكون حبلى فلا يجوز نكاحها وقال أبو يوسف إنما رويته أنها تنكح ولكن لا يقربها زوجها حتى يضع حملها.
والخامسة: عبد بين اثنين قتل مولاهما عمدا فعفى أحدهما بطل الدم كله، قال أبو يوسف ومحمد يدفع ربعه إلى شريكه أو يفديه بربع الدية، وقال أبو يوسف إنما حكيت له عن أبي حنيفة كما حكى عنهما، وإنما الاختلاف الذي رويته في عبد قتل مولاه عمدا وله اثنان فعفى أحدهما، إلا أن محمدا ذكر الاختلاف فيهما، وذكر قوله تفسد مع أبي يوسف في المسألة الأولى، ومع أبي حنيفة في المسألة الثانية.
والسادسة: رجل مات وترك ابنا وعبدا له لا غير، فادعى العبد أن الميت كان أعتقه في صحته، وادعى رجل على الميت بألف درهم وقيمة العبد ألف، فقال الابن صدقتهما يسعى العبد في قيمته وهو حر ويأخذه الغريم بدينه. وقال أبو يوسف إنما رويت له أنه عبد ما دام يسعى في قيمته.
قال في " المبسوط " وغيره: اعتماد المشايخ على رواية محمد، والمذهب أن الراوي إذا أنكر روايته لا يبقى حجة خلافا لمحمد والشافعي ذكره السرخسي والبزدوي في أصول الفقه.
م: (ولو قرأ في إحدى الأوليين لا غير قضى أربعا عندهما) ش: أي عند أبي حنيفة وأبي يوسف هذه المسألة السابعة وهي أن يقرأ في أحد الركعتين الأوليين ولم يقرأ في الركعتين
وعند محمد رحمه الله قضاء ركعتين،
ولو قرأ في إحدى الأخريين لا غير قضى أربعا عند أبي يوسف رحمه الله وعندهما ركعتين. قال: وتفسير قوله عليه السلام: «لا يصلي بعد صلاة مثلها» يعني ركعتين بقراءة وركعتين بغير قراءة فيكون بيان فريضة القراءة في ركعات النفل كلها،
ــ
[البناية]
الأخريين يقضي عند أبي حنيفة وأبي يوسف أربع ركعات م: (وعند محمد قضاء ركعتين) ش: أي يقضي ركعتين.
م: (ولو قرأ في إحدى الأخريين لا غير) ش: هي المسألة الثامنة، وهي أن يقرأ في إحدى الركعتين الأخريين ولم يقرأ في غير ذلك شيئا م:(قضى أربعا عند أبي يوسف) ش: يعني عند أبي يوسف يقضي أربع ركعات لعدم بطلان التحريمة وصحة الشروع م: (وعندهما ركعتين) ش: أي يقضي عند أبي حنيفة ومحمد ركعتين لبطلان التحريمة وعدم صحة الشروع، وفي هذا الباب ستة عشر وجها، وهي قرأ في الأولى أو الثانية أو الثالثة أو الرابعة أو في الأوليين أو فيهما والثالثة أو فيهما والرابعة أو في الكل أو في الأخريين أو فيهما والأولى أو فيهما والثانية أو لم يقرأ فيهن شيئا أو قرأ في الأوليين ولم يتشهد أو تشهد ولم يقم إلى الثالثة أو قام إليها ولم يقيدها بالسجدة أو قيدها بالسجدة، فروع: لو دخل مع الإمام في الأوليين وتكلم قبل أن يدخل الإمام في الركعتين الأخريين يلزمه ركعتان عند أبي حنيفة ومحمد رضي الله عنه لأنه صار مقتديا به في الركعتين لا غير. ولو تكلم بعدما قام إمامه إلى الثالثة وقرأ في الأربع يقضي أربعا لأنه صار شارعا في الشفع الثاني مع الإمام، ولو اقتدى به في الشفع فرعف فذهب ليتوضأ فتكلم فصلى إمامه ستا يصلي هو أربعا لأنه لم يشرع معه في الشفع.
والثالث ذكره في " المحيط " ولا يجب بالتحريمة الأولى في النفل إلا ركعتان في ظاهر الرواية، وعن أبي يوسف يلزمه جميع ما نوى، ولو نوى بأنه ركعة وهو رواية بشر بن أبي الأزهر النيسابوري اعتبارا بالنذر، وعنه أنه يلزمه أربع ركعات دون ما زاد عليها، رواه محمد ابن سماعة عنه وبشر بن الوليد، وفي رواية عنه يلزمه ثمان ركعات ذكره في الينابيع، وفي " مختصر البحر " لو ترك القراءة في إحدى ركعتي الفجر أو صلاة السفر فسدت ولا يمكنه إصلاحها، بخلاف ما لو سجد على النجاسة فأعادها على موضع طاهر حيث يصح.
م: (قال) ش: أي قال محمد رحمه الله في " الجامع الصغير " م: (وتفسير قوله عليه السلام «لا يصلي بعد صلاة مثلها» يعني ركعتين بقراءة وركعتين بغير قراءة فيكون بيان فرضية القراءة في ركعات النفل كلها) ش: الكلام هاهنا في مواضع:
الأول: في حل التركيب فنقول قوله قال يقضي المقول وأن يكون المقول جملة إلا إذا كان القول بمعنى الحكاية، وهاهنا القول محذوف تقديره قال محمد رحمه الله في " الجامع الصغير "
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
تفسير قوله عليه السلام «لا يصلي بعد صلاة مثلها» كذا ولا يجوز أن يكون قوله وتفسيره قوله.. الخ مقول القول لوجود حرف العطف. قوله وتفسير قوله كلام إضافي مرفوع بالابتداء وخبره محذوف كما ذكرناه، وقوله يعني ركعتين.. إلخ بيان لما فسره محمد في " الجامع الصغير ".
الثاني: رفع هذا الخبر إلى النبي عليه السلام لم يثبت، وإنما هو موقوف على عمر وابن مسعود رضي الله عنهما، رواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " ثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم، قال: قال رضي الله عنه: لا يصلي بعد صلاة مثلها، وحديث عبد الله بن إدريس عن حصين عن إبراهيم والشعبي قالا: قال عبد الله: لا يصلي على إثر صلاة مثلها. وفي " جامع الأسبيجابي " هذا التفسير يروى عن عمر وابن مسعود وزيد بن ثابت رضي الله عنهم، وفي " البزازية " عن علي رضي الله عنه مكان زيد، وفي " شرح الجامع الصغير ": قال الفقيه أبو الليث: هذا الخبر يروى عن عبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم أنهم قالوا: لا يصلي بعد صلاة مثلها. وروى الطحاوي بإسناده في شرح الآثار عن عمر رضي الله عنه أنه كان يصلي بعد صلاة مثلها.
الثالث: أن المصنف أورد هذا بعد أن ذكر أن القراءة واجبة في جميع ركعات النفل وما ترتب على ذلك من المسائل الثمانية لبيان فرضية القراءة في جميع ركعات النفل يوضح ذلك أنه لما ورد هذا الخبر عاما وقد خص منه البعض لأنه يصلي سنة الفجر، ثم فرض الفجر وهما مثلان وكذا يصلي سنة الظهر أربعا ثم يصلي الظهر أربعا وهما مثلان، وكذا يصلي فرض الظهر ركعتين في السفر ثم يصلي السنة ركعتين، ولما لم يكن العمل بعمومه قال محمد المراد منه أن لا يصلي بعد أداء الظهر نافلة ركعتان بقراءة، وركعتان بغير قراءة يصلي، يعني لا يصلي النافلة كذلك حتى لا يكون مثلا للفرض، مثل يقرأ في جميع ركعات النفل فيكون الحديث بيانا بفرضية القراءة في جميع ركعات النفل.
فإن قلت: كيف بيان فرضية القراءة في جميع ركعات النفل والحال أنه غير مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولئن سلمنا رفعه وهو خبر الواحد فكيف يفسد الفرضية. قلت: أجاب الأترازي بقوله ما ثبت به الإتيان أن الأربع من النفل مجمل القراءة، وخبر الواحد يصلح أن يكون ثبتا لمجمل الكتاب، ثم الفرضية ثبتت بقوله تعالى:{فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: 20](المزمل: الآية 20) .
قلت: هو قال قبل هذا الكلام وعندي أنه ليس بثابت عن رسول الله عليه السلام، بل هو كلام عمر رضي الله عنه، فالذي لم يثبت عن النبي عليه السلام كيف يكون مبنيا بمجمل الكتاب، وقال الأكمل في الجواب: أجيب بأنه قال بيان الفرضية، ويجوز أن تكون الفرضية ثابتة