الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وينبغي أن يؤذن ويقيم على طهر، فإن أذن على غير وضوء جاز؛ لأنه ذكر وليس بصلاة، فكان الوضوء فيه استحبابا كما في القراءة.
ــ
[البناية]
وروي عن ابن مسعود أنه صلى بعلقمة والأسود بغير أذان ولا إقامة وقال يكفينا أذان الحي وإقامتهم.
وروي أبو يوسف عن أبي حنيفة في قوم صلوا في المصر في المنزل أو في مسجد منزل فأخبروا بأذان الناس وإقامتهم أجزأهم وقد أساءوا في تركهما. هذا في المقيمين، وأما المسافرون فالأفضل لهم أن يؤذنوا ويقيموا ويصلوا بالجماعة إذ السفر لا يسقط الجماعة فلا يسقط ما هو من لوازمها ولا يكره لهم ترك الإقامة.
والمسافر وحده لو ترك الإقامة يكره له. والمقيم لو تركها لا يكره لأن المقيم قد وجد الأذان في حقه والمسافر لم يوجد في حقه شيء من ذلك لأنه عزر في ترك الأذان دون الإقامة.
وفي " المغني " الذي يصلي في بيته يجزئه أذان المصر وإقامتها، وبه قال الشعبي والنخعي وعكرمة ومجاهد والأسود وأحمد. وقال ميمون تكفيه الإقامة. وهو قول مالك والأوزاعي وسعيد بن جبير.
وعند الشافعي يؤذن على المنصوص. ولو صلى في مسجد بأذان وإقامة لا يكره لأهله أن يعيدهما، وعند الشافعي لا يكره إن كان مسجدا ليس له أهل بأن كان على شوارع الطريق لا يكره له تكرار الأذان والإقامة فيه. وفي " المجتبى " قوم ذكروا فساد صلاتهم في المسجد في الوقت قضوها بجماعة فيه لا يعيدون الأذان والإقامة، وإن قضوها بعد الوقت في ذلك المسجد بأذان وإقامة.
[ما ينبغي للمؤذن والمقيم]
م: (وينبغي أن يؤذن ويقيم على طهر) ش: لأن الأذان والإقامة ذكر شريف فيستحب الطهارة.
م: (فإن أذان على غير وضوء جاز) ش: وبه قال الشافعي وأحمد وعامة أهل العلم. وعن مالك أن الطهارة شرط في الإقامة دون الأذان. وقال الأوزاعي وعطاء وبعض أصحاب الشافعي يشترط فيهما.
م: (لأنه ذكر وليس بصلاة فكان الوضوء فيه استحبابا كما في القراءة) ش: أي لأن الأذان ذكر فكان الوضوء فيه مستحبا كما في قراءة القرآن. ولا شك أن القراءة أفضل من الأذان فإذا جاز بلا طهارة فالأذان أولى.
قوله - استحبابا - بمعنى مستحبا، وذكر المصدر وإرادة الفاعل والمفعول من باب المبالغة.
فإن قلت: روى الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
ويكره أن يقيم على غير وضوء؛ لما فيه من الفصل بين الإقامة والصلاة. ويروى: أنه لا تكره الإقامة أيضا، لأنه أحد الأذانين، ويروى: أنه يكره الأذان أيضا، لأنه يصير داعيا إلى ما لا يجيب بنفسه. ويكره أن يؤذن وهو جنب، رواية واحدة، ووجه الفرق على إحدى الروايتين أن للأذان شبها بالصلاة، فتشترط الطهارة عن أغلظ الحدثين لا دون أخفهما؛ عملا بالشبهين.
ــ
[البناية]
قلت: قال الترمذي: الأصح أنه موقوف على أبي هريرة، وهو منقطع أيضا لأن الزهري لم يدرك أبا هريرة. ويعارضه أيضا ما رواه الشيخ الأصبهاني الحافظ عن وائل قال حق أو سنة ألا يؤذن إلا وهو طاهر وهذا يقتضي الاستحباب.
م: (ويكره أن يقيم على غير وضوء لما فيه) ش: أي لما في فعل الإقامة بغير وضوء. م: (من الفصل بين الإقامة والصلاة) ش: بالاشتغال بأعمال الوضوء والإقامة شرعت متصلا بالشروع في الصلاة. م: (ويروى) ش: الراوي وهو الكرخي م: (أنه) ش: أي ضمير الشأن م: (لا تكره الإقامة أيضا لأنه أحد الأذانين) ش: فالأذان لا يكره بلا وضوء وكذا الإقامة.
م: (ويروى) ش: الراوي هو الكرخي م: (أنه يكره الأذان أيضا لأنه يصير داعيا إلى ما لا يجيب بنفسه) ش: لأن المؤذن يدعو الناس إلى التأهب إلى الصلاة فإذا لم يكن متأهبا دخل تحت قوله: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 44](البقرة: آية 44) .
م: (ويكره أن يؤذن وهو جنب رواية واحدة) ش: قد ذكرنا أنه ذكر شريف فيكره مع أغلظ الحدثين. والواو في - وهو - للحال. ورواية منصوبة على المصدرية، وإنما وضعها بواحدة إشارة إلى أنه لم يرو عن أحد من الأصحاب عدم كراهة أذان الجنب.
م: (ووجه الفرق على إحدى الروايتين هو) ش: أي بين أذان الجنب والمحدث على الرواية التي لا يكره أذانه م: (أن للأذان شبها بالصلاة) ش: في أنهما يفتتحان بالتكبير، ويؤديان مع الاستقبال، وترتب كلمات الأذان كأركان الصلاة، ويختصان بالوقت ولا يتكلم فيها م:(فتشترط الطهارة عن أغلظ الحدثين) ش: وهو الجنابة م: (دون أخفهما) ش: وهو الحدث م: (عملا بالشبهين) ش: لم أر أحدا من الشراح بين الشبهين ما هو غاية ما في الباب أنهم قالوا ما ملخصه أن الأذان لا يكره مع الحدث فعمل بشبهه الصلاة مع الجنابة، فكره معها ولم يكره مع الحدث اعتبارا لجانب الحقيقة لأنه ليس بصلاة على الحقيقة.