الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا يرفع رأسه ولا ينكسه؛ «لأن النبي عليه الصلاة والسلام "كان إذا ركع لا يصوب رأسه ولا يقنعه» ،
ويقول: سبحان ربي العظيم، ثلاثا، وذلك أدناه،
ــ
[البناية]
ش: الحديث رواه أبو العباس محمد بن السراج في "مسنده " من حديث البراء قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ركع بسط ظهره وإذا سجد وجه أصابعه قبل القبلة» .
وروى ابن ماجه من حديث راشد قال: سمعت وابصة بن معبد يقول: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فكان إذا ركع سوى ظهره حتى لو صب عليه الماء لاستقر» . وروى الطبراني من حديث ابن عباس مثل وابصة سواء، وروى أيضا من حديث أبي بردة الأسلمي مثله.
م: (ولا يرفع رأسه) ش: أعلى من عجزه ولا عجزه أعلى من رأسه م: (ولا ينكسه) ش: أي ولا ينكس رأسه أي لا يطأطئه، يقال: نكست الشيء أنكسه نسكا: إذا قلبته على رأسه ونكسته تنكسيا، وإنما يسمى المطأطئ رأسه. وحاصله أنه يسوي رأسه بعجزه.
م: (لأن النبي عليه السلام كان إذا ركع لا يصوب رأسه ولا يقنعه) ش: والحديث رواه الترمذي من حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه مطولا وفيه: «ثم قال: الله أكبر، ثم اعتدل ولم يصوب رأسه ولم يقنع» وقال: حديث حسن صحيح. رواه ابن حبان في "صحيحه ".
وروى مسلم من حديث عائشة مطولا وفيه: «وكان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه، ولكن بين ذلك» . وفي البخاري في حديث: «ثم يركع ويضع راحتيه على ركبتيه ثم يعتدل فلا ينصب رأسه ولا يقنع» .
قوله: ولا يصوب، من صوب رأسه: إذا خفضه، وكذلك صبى، وفي رواية: لا يصبي رأسه، يقال: صبى رأسه يصبيه: إذا خفضه جدا.
قوله: ولا يقنعه، من " الإقناع " يقال: أقنع رأسه: إذا رفعه، ومنه قَوْله تَعَالَى:{مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ} [إبراهيم: 43](إبراهيم: الآية 43) .
[قول سبحان ربي العظيم في الركوع]
م: (ويقول: سبحان ربي العظيم ثلاثا) ش: أي ثلاث مرات، هذا قول عامة أهل العلم، يختارون التسبيح للركوع، وأن لا ينتقص عن ثلاث، وهو مذهب أحمد، وأشار إلى ذلك بقوله: م: (وذلك أدناه) ش: أي القول ثلاث مرات أدناه. واختلفوا في الضمير الذي في أدناه فقيل: يرجع إلى المصدر الذي دل عليه قوله: ويقول في أدنى القول المسنون، وقال الشيخ حافظ الدين: راجع إلى الاستحباب أو الندب، فإن الركوع بدون هذا الذكر جائز، وقيل: أدنى كمال التسبيح
لقوله عليه الصلاة والسلام: «إذا ركع أحدكم فليقل في ركوعه: سبحان ربي العظيم» ، ثلاثا، وذلك أدناه،
ــ
[البناية]
المسنون. وقيل: أدنى التسبيح المسنون.
قلت: على كل، التقدير هو إضمار قبل الذكر، ولكن يفتقر إلى هذا إذا دلت قرينة على ذلك كما في قوله صلى الله عليه وسلم:«من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت» . أي فبالسنة أحسن ونعمت الخصلة.
وفي " الذخيرة ": إذا زاد على الثلاث في تسبيحات الركوع والسجود فهو أفضل، هذا إن كان الختم على وتر فيقول خمسا أو سبعا، هذا في حق المنفرد، وأما الإمام فلا ينبغي له أن يطول على وجه يمل القوم.
وقال الثوري: يقول الإمام خمسا ليتمكن القوم أن يقولوا ثلاثا.
وفي " شرح الطحاوي ": قيل: يقول الإمام ثلاثا، وقيل: يقول أربعا ليتمكن المقتدي من أن يقول ثلاثا.
وفي " التحفة ": المقتدي يسبح إلى أن يرفع الإمام رأسه.
وفي " الغزنوي ": إن زاد على الثلاث حتى ينتهي إلى اثنتي عشرة فهو أفضل عند الإمام ليكون جمع الجمع.
قلت: ينبغي أن يكون تسعا. قال: وعند صاحبيه إلى سبع لأنها عدد كامل. وعند الشافعي: عشرة لانتهاء الركعة، وإذا ترك التسبيح أصلا أو أتى به مرة فقد روي عن محمد أنه يكره.
وفي " الحاوي ": التسبيح في الركوع لا يكون أقل من ثلاث، حتى لو رفع الإمام رأسه أتم المقتدي تسبيحه ثلاثا، روي كذا عن المرغيناني.
وقال أبو الليث: الصحيح أنه تابع للإمام، وقال الوبري: يقول الإمام في ركوعه: سبحان ربي العظيم، ثلاثا على تؤدة حتى يتمكن القوم من أن يقولوا ثلاثا قبل رفع رأسه، وعن الحسن البصري رحمه الله: التسبيح التام سبع والوسط خمس وأدناه ثلاث، وكان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنهم يسبح عشر تسبيحات.
وقال الشافعي وأحمد رحمهما الله: واحدة، ولو سبح مرة كان آتيا بسنة التسبيح عندهما، والكمال عند الشافعي أحد عشر.
م: (لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا ركع أحدكم فليقل في ركوعه: سبحان ربي العظيم، ثلاثا، وذلك أدناه» ش: هذا الحديث رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث عون بن عبد الله عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا ركع أحدكم فليقل ثلاث مرات سبحان ربي العظيم
أي أدنى كمال الجمع.
ــ
[البناية]
وذلك أدناه، وإذا سجد فليقل: سبحان ربي الأعلى، ثلاث مرات، وذلك أدناه» هذا لفظ أبي داود وابن ماجه.
وقال أبو داود: وهذا مرسل، وعون بن عبد الله لم يدرك عبد الله بن مسعود. وقال الترمذي: هذا الحديث ليس إسناده بمتصل، عون لم يلق عبد الله.
م: (أي أدنى كمال الجمع) ش: هذا تفسير المصنف معنى قوله: وذلك أدناه، بقوله: أي كمال الجمع؛ جمعا بين لفظي " المبسوطين "، فإن شمس الأئمة في "مبسوطه " لم يرد بهذا اللفظ أدنى الجواز إنما المراد به أدنى الكمال، فإن الركوع والسجود يجوز بدون هذا الذكر. وقال شيخ الإسلام في "مبسوطه": يريد به أدنى من حيث جمع العدد؛ فإن أقل جمع العدد ثلاثا، والمصنف جمع بينهما فقال: إن كمال الجمع قلته أخذ كلام السغناقي، وليس له وجه لأن الجمع ليس له ذكر في الحديث ولا له معنى، بل الصواب أدنى كمال السنة، أو أدنى كمال التسبيح، ثم قال الأكمل: فإن قيل: المشهور في مثله أدنى الجمع ثلاثة فما معنى كمال الجمع، فالجواب: أن أدنى الجمع لغة يتصور في الاثنين لأن فيه جمع واحد مع واحد، وأما كماله فهو ثلاثة لأن فيه معنى الجمع لغة واصطلاحا وشرعا.
فإن قيل: كمال الجمع ليس بمذكور ولا يحكمه فيرجع إلى غير مذكور، أجيب بأنه سبق ذكره دلالة بذكر الثلاث.
قلت: إذا أطلق الجمع لا يراد به المعنى اللغوي، وقوله: وأما كماله فهو ثلاثة. ليس كذلك بل الثلاث أقل الجمع وكماله ليس له نهاية.
فروع متعلقة بالركوع: قال مالك: ليس عندنا ذكر محدود في الركوع والسجود، وأنكر قول الناس في الركوع: سبحان ربي العظيم، وفي السجود: سبحان ربي الأعلى، وقال: لا أعرفه وإن قاله جاز، قال صاحب " المنظومة " في مقالة مالك: وترك تسبيح السجود يفسد، ليس مذهبه والنقل به عنه غير صحيح. وعند أبي صالح البلخي تلميذ أبي حنيفة: ذكر التسبيحتين في الركوع والسجود ثلاث مرات فرض، وتكره قراءة القرآن في الركوع والسجود بإجماع الأئمة
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
الأربعة.
وفي " المحيط ": متى محل القعدة؟ قال محمد رضي الله عنه: محلها عند الركوع، وقال أبو يوسف: عند السجود، وقيل: هذان بعيدان لأن وضع اليدين على الركبتين سنة فلا بد من محلها للوضع.
وفي " الروضة ": يكره أن يجيء ركبته فيها شبه القوس عند أهل العلم.
وفي " الذخيرة ": سمع الإمام في الركوع خفق النعال ينتشر، قال أبو يوسف: سألت أبا حنيفة رحمه الله وابن أبي ليلى عن ذلك فكرهاه، وقال أبو حنيفة: أخشى عليه أمرا عظيما، يعني الشرك. وروى هشام عن محمد رحمه الله أنه كره ذلك، وعن مطيع أنه كان لا يرى به بأسا، وبه قال الشعبي إذا كان ذلك مقدار التسبيحة أو التسبيحتين، وقال بعضهم: يطول التسبيحات ولا يزيد في العدد. وقال أبو القاسم الصفار: إن كان الجائي غريبا لا يجوز وإن كان مقيما يجوز انتظاره. وقال أبو الليث: إن كان الإمام عرف الجائي لا ينتظره، وإن لم يعرفه فلا بأس به إذ فيه إعانة على الطاعة، وقيل: إن طال الركوع لإدراك الجائي خاصة، ولا يزيد إطالة الركوع للتقرب إلى الله تعالى، فهذا مكروه، وقيل: إن كان الجائي شريرا ظالما لا يكره دفعا لشره، ومن أدرك الإمام في الركوع فقد أدرك الركعة بخلاف القومة.
وفي قول ابن أبي ليلى ورواية عن الحسن وظاهر قول أحمد: إذا أدركه في طمأنينة الركوع يصير مدركا للركعة. وعن ابن عمر، وزيد بن ثابت رضي الله عنهم قالا: إن وجدهم وقد رفعوا رءوسهم من الركوع كبر وسجد ولم يعتد بها.
وعن ابن عمر رضي الله عنه وابن المسيب وميمون: من يكبر قبل أن يرفعوا رءوسهم فقد أدرك الركعة، ويأتي بتكبيرة أخرى للركوع، فإن اقتصر على الأولى جاز، وروي ذلك عن عمر، وزيد بن ثابت، وابن المسيب، وعطاء، والحسن، والنخعي، وميمون بن مهران، والحكم، والثوري، ومالك، والشافعي، وأحمد.
وعن عمر بن عبد العزيز أن عليه تكبيرتين، وهو قول حماد بن سليمان، شيخ الإمام، هذا إذا نوى بالأولى الافتتاح، وكذا لو نوى بها الركوع عندنا جاز ولغت نيته، ذكره في " المحيط " و " المرغيناني ".
وعند أحمد رحمه الله لا يجوز، وإن لم ينو الركوع ولا الافتتاح جاز عنده، وإن نواهما جاز اتفاقا. وفي " الذخيرة ": إذا أدرك الإمام في السجدة الأولى والثانية أتى بالبناء وترك التعوذ ثم خر ساجدا.