الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والذكر يعتبر بانفراده، وكذا الأنثيان، وهذا هو الصحيح دون الضم. قال: وما كان عورة من الرجل فهو عورة من الأمة، وظهرها وبطنها عورة،
ــ
[البناية]
مذهبه، وعنه ابن قدامة في " المغني ". وقال ابن المنذر: يجب ستر العاتق في الصلاة مع القدرة عليه بقوله عليه الصلاة والسلام: «لا يصلي الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء» أخرجاه. قلنا: قد عارضه قوله عليه الصلاة والسلام: «إذا كان الثوب واسعا فالتحف به وإن كان ضيقا فاتزر به» رواه البخاري. «وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في ثوب واحد فقال: "ولكل منكم ثوبان» رواه مسلم.
م: (والذكر يعتبر بانفراده) ش: من غير أن يضم إلى الأنثيين، احتياطا، كما في الدية. م:(وكذا الأنثيان) ش: أي وكذا حكم الخصيتين مثل حكم الذكر، حيث لا يضم كل منهما إلى الآخر حتى يمنع انكشاف الربع من كل واحد من الذكر والأنثيين.
م: (وهذا هو الصحيح) ش: يعني اعتبار كل واحد منهما بانفراده من غير ضم إلى آخر هو الصحيح من المذهب، واحترز به عما ذكر بعض المشايخ أن الأنثيين مع الذكر عضو واحد فجعلوهما تبعا للذكر.
وأذن المرأة عضو على حدة، والركبة تبع للفخذ على ما هو المختار في الفتاوى، حتى إن ربع الركبة لو كان مكشوفا لا يمنع الصلاة. وكعب المرأة حكمها حكم الركبة. وما بين سرة الرجل وعانته حول جميع البدن عضو على حدة.
م: (دون الضم) ش: أي دون ضم الذكر إلى أنثيين على ما ذكرناه
[عورة الأمة]
م: (قال) ش: أي القدوري م: (وما كان عورة من الرجل فهو عورة من الأمة) ش: عورة منصوب لأنه خبر كان، قاله بعض الشراح.
قلت: يجوز الرفع أيضا على أن تكون (كان) تامة وإن كانت عورة الأمة، ما هو عورة الرجل؟ لأن حكم العورة في الإناث أغلظ، فإذا كان الشيء من الرجال عورة كان من الإناث عورة بالطريق الأولى م:(وظهرها وبطنها عورة) ش: يعني: هذان العضوان أيضا عورة من الأمة لأنهما محل من الشهوة. وقال المرغيناني: العورة من الأمة أربع: الظهر والبطن والفخذ والركبة.
قلت: ويضاف إليها المدبرة وأم الولد والمكاتبة والمستسعاة، ومن كان في رقبتها شيء من الرق فهي في معنى الأمة، والمستسعاة عندهما حرة، والمستسعاة المرهونة إذا أعتقها الراهن وهو معسر حرة بالاتفاق، ذكره في " الجامع "، وقال الشافعي في أصح أقواله: الأمة كالرجل، والتي بعضها حر فيها وجهان في " الحاوي " أحدهما: كالحرة، وعند أحمد فيما حكاه عن أبي حامد: عورة الأمة كعورة الرجل، وهو الأظهر عندهم، حتى لو انكشف فيها ما بين سرتها وركبتها فصلاتها باطلة، وإن انكشف ما عدا ذلك صحت.
وما سوى ذلك من بدنها ليس بعورة؛ لقول عمر رضي الله عنه ألق عنك الخمار يا دفار أتتشبهين بالحرائر
ــ
[البناية]
وفي " الجامع ": عورة الأمة ما عدا الرأس واليدين إلى المرفقين والرجلين إلى الكعبين. وعن ابن سيرين: أم الولد يلزمها ستر رأسها في الصلاة، وإذا زوج الأمة سيدها أو سواها قال الحسن البصري: يلزمها ستر رأسها، ولم يوافقه أحد من العلماء. وفي " المبسوط ": عتقت الأمة أو المدبرة أو المكاتبة أو أم الولد في صلاتها، فأخذت قناعها بعمل يسير قبل أن تؤدي ركنا، لا تفسد صلاتها وإلا فسدت، وكذا لو سقط قناع الحرة في صلاتها وإزار الرجل.
وقال زفر: تفسد في الكل، ولو صلت شهرا بغير قناع ثم علمت بالعتق منذ شهر تعيدها. وفي فتاوى العتابي السغناقي: ولو كان عليها ثوب أو مقنعة تصف ما تحته فهي عريانة، وبه قال الشافعي. وفي " الحلية ": عورة الأمة كعورة الرجل، على ظاهر المذهب. وبعض أصحابنا قال: جميع بدنها عورة إلا موضع التقليب منها في الشراء كالرأس والساعد والساق.
وقال بعضهم: عورتها كعورة الحرة، إلا أنها يجوز لها كشف رأسها ولو كان نصفها حرا ونصفها رقيقا فهي كالحرة على ظاهر المذهب. وعن ابن سيرين: أم الولد تصلي بخمار وهي عورة، رواية عن أحمد، ويحكى عن مالك أيضا: ولو أعتقت الأمة في الصلاة ورأسها مكشوف وهنا سترة بعيدة، بطلت صلاتها، وفي " الحاوي ": فيه اختلاف، والصحيح أنها تبطل لقدرتها على أخذ الثوب في الحال. والثاني يبطل بالمضي وبطول العمل، وإذا انتظرت من يناولها الستر فناولها من غير أن تحدث عملا ففيه وجهان، أحدهما: لا تبطل صلاتها، والثاني: تبطل. ولو علمت بالعتق بعد الصلاة ففي وجوب الإعادة قولان، وقيل: يجب الإعادة قولا واحدا، والأول أصح.
م: (وما سوى ذلك من بدنها) ش: أي وما سوى ذلك من عورتها مثل عورة الرجل وبطنها وظهرها م: (ليس بعورة لقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ألق عنك الخمار يا دفار أتتشبهين بالحرائر) ش: هذا الأثر غريب، قال السروجي: وفي الكتاب وغيره من كتب الفقه عن عمر رضي الله عنهم أنه قال لأمة: ألقي عنك الخمار.. إلخ. لم أجده في كتب الحديث والأثر.
قلت: معناه رواه عبد الرزاق في " مصنفه ": أخبرنا معمر عن قتادة عن أنس أن عمر رضي الله عنه ضرب أمة لآل أنس رأسها متقنعة فقال: اكشفي رأسك لا تتشبهي بالحرائر. وعن ابن جريج عن عطاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان نهى الإماء عن الجلابيب أن يتشبهن بالحرائر. قال ابن جريج: وجد أن عمر رضي الله عنه ضرب عقيلة أمة أبي موسى الأشعري في الجلباب أن تتجلبب. وعن ابن جريج عن نافع أن صفية بنت عبيد حدثته قالت: خرجت امرأة مخمرة سجلة فقال عمر رضي الله عنه: من هذه المرأة؟ فقيل له: جارية لفلان، رجل من بنيه
ولأنها تخرج لحاجة مولاها في ثياب مهنتها عادة، فاعتبر حالها بذوات المحارم في حق جميع الرجال دفعا للحرج.
قال: ومن لم يجد ما يزيل به النجاسة صلى معها ولم يعد،
ــ
[البناية]
فأرسل إلى حفصة فقال: ما حملك على أن تخرجي هذه الأمة وتجليها حتى هممت أن أقع لها [....
] لا تشبه الإماء من المحصنات.
وروى محمد بن الحسن في كتاب " الآثار " أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن سليمان عن إبراهيم النخغي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يضرب الإماء أن يتقنعن ويقول: لا يتشبهن بالحرائر.
وقال البيهقي: الآثار بذلك صحيحة. قوله يا دفار، بفتح الدال المهملة، وفي آخره راء مكسورة، ومعناه: يا منتنة، وهي معدولة عن دفرة أي منتنة وهي مبنية من الكسر، ويقال للدنيا: أم دفر.
قوله: ألقي، مجزوم عند الكوفيين وعلامة جزمه حذف النون، وعند البصريين مبني على الجزم.
م: (ولأنها) ش: أي ولأن الأمة م: (تخرج لحاجة مولاها في ثياب مهنتها) ش: بفتح الميم وكسرها، قاله صاحب " الدراية ". قال في " المغربين ": المهنة: الخدمة، بنصب الميم، وخفضه خطأ، قاله شمس الأئمة عن مشايخه. قال الأصمعي: المهنة بفتح الميم هي الخدمة، ولا يقال: مهنة بكسر، نقله الزمخشري عنه وهو من: مهن القوم خدمهم م: (عادة) ش: أي في عادة أصحاب الإمام.
م: (فاعتبر حالها بذوات المحارم في حق جميع الرجال) ش: يعني يجوز أن ينظر الرجل من ذوات محارمه إلى الوجه والرأس والصدر والساقين والعضدين، فكذا يجوز أن ينظر الأجنبي من الأمة إلى هذه المواضع م:(دفعا للحرج) ش: لأن البعض من غير استئذان واحتشام
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله م: (ومن لم يجد ما يزيل به النجاسة صلى معها) ش: أي مع النجاسة.
وكلمة ما بالقصر ليتناول المائعات، كذا ذكره الشراح، ويجوز أن يكون بالمد، ولكن الأول أولى للعموم م:(ولم يعد) ش: أي الصلاة. وقال الشافعي: يعيد، وفي قول: يصلي عريانا، وهو ظاهر مذهبه.
وقال مالك: يصلي في الثياب النجسة ولا يعيد، ثم المذهب عندنا أن إزالة النجاسة عن الثوب والبدن والمكان شرط لصحة الصلاة عند القدرة، ولا فرق بين العلم والجهل والنسيان في الفرض والنفل وصلاة الجنازة وسجدة التلاوة والشكر. وبه قال الشافعي وأحمد وجمهور الفقهاء من السلف والخلف.
وقال النووي: عن مالك فيها ثلاث روايات، أشهرها أنه لا تصح مع النسيان والجهل، وهو
وهذا على وجهين: إن كان ربع الثوب أو أكثر منه طاهرا يصلي فيه، ولو صلى عريانا لا يجزئه؛ لأن ربع الشيء يقوم مقام كله؛ وإن كان الطاهر أقل من الربع فكذلك عند محمد رحمه الله وهو أحد قولي الشافعي رحمه الله لأن في الصلاة فيه ترك فرض واحد، وفي الصلاة عريانا ترك للفروض، وعند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله: يتخير بين أن يصلي عريانا وبين أن يصلي فيه، وهو الأفضل؛ لأن كل واحد منهما مانع جواز الصلاة حالة الاختيار، ويستويان
ــ
[البناية]
قول الشافعي في القديم وفي الثانية معنا، وفي الثالثة إزالتها سنة عنده، ونقل عن ابن عباس وابن جبير وعطاء مثله.
م: (وهذا) ش: أي الحكم المذكور أو الجواب المذكور م: (على وجهين) ش: أحدهما هو قوله: م: (إن كان ربع الثوب أو أكثر منه) ش: أي أكثر من الربع م: (طاهرا يصلي فيه) ش: أي في هذا الثوب م: (ولو صلى عريانا لا يجزئه) ش: ولو قال فلو صلى، بالفاء، لكان أولى على ما لا يخفى م:(لأن ربع الشيء يقوم مقام كله) ش: فحينئذ عاره، وهو ظاهر، والوجه الثاني هو قوله: م: (وإن كان الطاهر أقل من الربع فكذلك) ش: أي فالحكم فيه كالحكم في الأول م: (عند محمد وهو أحد قولي الشافعي) ش: وقول مالك وأحمد.
وقال النووي: فإن وجد ما يستر به القبل أو الدبر ففيه وجهان، أصحهما يستر به القبل لأن الدبر يستر بالأليتين. والثاني: يستر به الدبر لأنه أفحش في حالة الركوع والسجود، ومثله في " المغني " عن الحنابلة حكما وتعليلا، وأصول أصحابنا يقتضي التخيير في ذلك لأن كل واحد منهما عورة غليظة.
م: (لأن في الصلاة فيه) ش: أي في الثوب الذي الطاهر منه أقل من الربع م: (ترك فرض واحد) ش: وهو إزالة النجاسة م: (وفي الصلاة عريانا) ش: أي حال كونه عريانا م: (ترك للفروض) ش: وهو ستر العورة والقيام والركوع والسجود، ولأن الستر أقوى لوجوبه في الصلاة وغيرها بخلاف النجاسة حيث لا يلزم إزالتها إلا للصلاة، ولهذا إذا طاف عرايا يلزمه دم، ولا يلزمه إذا طاف بثوب نجس.
م: (وعند أبي حنيفة وأبي يوسف: يتخير بين أن يصلي عريانا وبين أن يصلي فيه) ش: أي في الثوب الذي أقل من ربعه طاهر م: (وهو الأفضل) ش: أي فعله هذا هو الأفضل، وهو الصلاة بعد م:(لأن كل واحد منهما) ش: أي من ترك ستر العورة وإزالة النجاسة م: (مانع جواز الصلاة حالة الاختيار) ش: أي في حالة القدرة عليهما م: (ويستويان) ش: جملة في محل الرفع على أنها خبر مبتدأ محذوف، تقديره: وهما يستويان، وإنما قدرنا هكذا ليكون عطف جملة اسمية على جملة اسمية؛ أي تساوي العورة والنجاسة.