الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هكذا فعله أصحاب رسول الله عليه السلام، فإن صلى قائما أجزأه، لأن في القعود ستر العورة الغليظة وفي القيام أداء هذه الأركان، فيميل إلى أيهما شاء، إلا أن الأول أفضل؛ لأن الستر واجب لحق الصلاة وحق الناس، ولأنه لا خلف له، والإيماء خلف له عن الأركان.
قال: وينوي الصلاة التي يدخل فيها بنية لا يفصل بينها وبين التحريمة بعمل،
ــ
[البناية]
والمذهب الصحيح عندهم الأول.
م: (هكذا فعله أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم) ش: قال الزيلعي: غريب.
قلت: روى الخلال بإسناده عن ابن عمر رضي الله عنه أن قوما انكسرت بهم السفينة فخرجوا عراة وكانوا يصلون جلوسا يومئون بالركوع والسجود دائما برؤوسهم، ولم ينقل خلافه، وروى عبد الرزاق في " مصنفه ": أخبرنا إبراهيم ابن محمد عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال: الذي يصلي في السفينة والذي يصلي عريانا يصلي جالسا. أخبرنا إبراهيم عنه عن صلاة العريان فقال: إن كان حيث يراه الناس صلى جالسا، وإن كان حيث لا يراه الناس صلى قائما.
م: (فإن صلى قائما أجزأه لأن في القعود ستر العورة الغليظة، وفي القيام أداء هذه الأركان، فيميل إلى أيهما شاء) ش: أي إلى أي الوجهين، أحدهما الصلاة قاعدا مومئا بالركوع، والآخر قائما م:(إلا أن الأول) ش: أي الصلاة قاعدا مومئا بالركوع والسجود م: (أفضل) ش: من الصلاة قائما م: (لأن الستر واجب لحق الصلاة وحق الناس) ش: لأن ستر العورة فرض، سواء كان في الصلاة أو خارجها.
م: (ولأنه) ش: دليل بأن في أفضلية الصلاة قاعدا بالإيماء، ولأن فعله قائما م:(لا خلف له) ش: لأنه عريان والستر لا خلف له م: (والإيماء خلف له عن الأركان) ش: فالترك إلى خلف كلا ترك، كما عرف، ولا إعادة عليه. قال أبو حامد: لا أعلم خلافا بين المسلمين، ذكره النووي. وذكر الحسام وقاضي خان في الزيادات وأبو نصر في شرح " القدوري " أنه يصلي قائما، ولم يذكروا جوازها قائما، وعللوا أن ترك القيام جائز في حالة الاختيار كصلاة القاعد وعلى الدابة بالإيماء في النفل.
وكشف العورة لا يجوز في حال الاختيار حتى إنها لو صلت قائمة تنكشف قائمة ربع ساقها، وقاعدة لا تنكشف، تصلي قاعدة، وذكر جوازه قائما بالركوع والسجود في " المبسوط "" والمحيط " وغيرهما.
[النية من شروط الصلاة]
م: (قال) ش: أي القدوري م: (وينوي الصلاة التي يدخل فيها بنية لا يفصل بينها وبين التحريمة بعمل) ش: اجتمعت الأمة على أن الصلاة لا تصح بدون النية، وقطع الجمهور أن نية القلب كافية دون اللفظ، وفي قول أبي عبد الله الترمذي من الشافعية أنه لا يجوز حتى يجمع بين نية القلب
والأصل فيه قوله عليه الصلاة والسلام: «الأعمال بالنيات» . ولأن ابتداء الصلاة بالقيام إليها، وهو متردد بين العبادة والعادة، ولا يقع التمييز إلا بالنية، والمتقدم من النية على التكبير كالقائم عنده
ــ
[البناية]
وفعل اللسان، وليس بشيء. وفي " المفيد ": كره بعض مشايخنا النطق باللسان، ورواه الآخرون به.
وفي " المحيط ": النية شرط لصحة الصلاة، وهي إرادتها بالقلب فرض والذكر باللسان سنة، فينبغي أن يقول: اللهم إني أريد صلاة كذا فيسرها وتقبلها مني؛، فعلها مني، كما يقول في الحج من معرفة أي صلاة يؤديها، كذا في " المبسوط " قوله: بنية، إلى آخره، إشارة إلى أن الأصل في النية المقارنة بالشروع، والمراد بقوله: بعمل، أي عمل ينافي الصلاة حتى لم يكن المشي إليها فاصلا لعدم منافاته، وإذا فصل بينهما فعل مناف لا تكون النية موجودة عند التحريمة، فبقي بلا نية فلا يصح. وفي " الينابيع ": يشترط اتصال النية بالصلاة؛ تحقيقا لمعنى الإخلاص، وشرطت في ابتدائها لتقع كلها مستويا، ولم يشترط في حالته البقاء للحرج. والشرط أن يعلم بقلبه أية صلاة يصليها. وقيل: أدناها أنه لو سئل عنها لأمكنه أن يجيب بديهة من غير فكر.
م: (والأصل فيه) ش: أي في اشتراط النية م: (قوله عليه الصلاة والسلام: «الأعمال بالنيات» ش: هذا الحديث رواه الأئمة الستة في كتبهم عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات» ولفظ مسلم: «الأعمال بالنيات» ، مثل لفظ الكتاب، وفي رواية:«الأعمال بالنية» ومعنى الأعمال بالنيات: حكم الأعمال وثوابها يلصق بها، ومن جملة الأعمال عمل الصلاة، ولا يمتاز إلا بالنية، لأن ابتداء الصلاة بالقيام وهو يوجد كثيرا ولا عبادة، فاحتاج إلى النية المميزة للعبادة عن العادة، فاشترطت النية.
فإن قلت: كيف يصح الاستدلال على شرطية النية أو على عدم الفصل بينها وبين التحريمة بهذا الحديث؛ فإن قوله عليه السلام: الأعمال، من قبيل الاقتضاء، على مذهب أبي يزيد، ومن قبيل المحذوف على مذهب الشيخين. وعلى التقديرين لا عموم له، وحكم الآخرة وهو الثواب مراد بالإجماع، فلا يكون حكم الدنيا وهو الجواز والفساد مرادا لأنه لا عموم له ولا للمقتضي ولا للمنزل.
قلت: الجواز في حكم الآخرة أيضا؛ إذ الثواب يتعلق بالجواز، إذ لا ثواب بدونه. وقيل بعد كون العمل معتبرا بالنية: الحكم نوعان، فقلنا: يحتاج إلى النية بوقوعه معتبرا شرعا.
م: (ولأن ابتداء الصلاة بالقيام إليها، وهو متردد بين العبادة والعادة، ولا يقع التمييز إلا بالنية، والمتقدم من النية على التكبير كالقائم عنده) ش: أي كالموجود عند التكبير.
إذ لم يوجد ما يقطعه، وهو عمل لا يليق بالصلاة، فلا يعتبر بالمتأخرة منها عنه؛ لأن ما مضى لا يقع عبادة لعدم النية، وفي الصوم جوزت للضرورة،
ــ
[البناية]
م: (إذ لم يوجد ما يقطعه) ش: أي ما يقطع المتقدم من النية م: (وهو) ش: أي الذي يقطعه م: (عمل لا يليق بالصلاة) ش: مثل أن ينوي فيشتري شيئا مثلا م: (فلا يعتبر بالمتأخرة) ش: أي بالنية المتأخرة م: (منها) ش: أي من التحريمة م: (عنه) ش: أي عن التكبير، وفي بعض النسخ لم يذكر لفظة عنه، ومعناه على هذه النسخة: لا معتبر بالنية المتأخرة من التحريمة، وعلى النسخة الأولى جعل المتأخرة صفة مطلقة، ثم بينها بقوله: منها، كذا قاله الأترازي.
قلت: الأوجه ما ذكرته فلا يحتاج إلى التكلف.
فإن قلت: لفظة (عنه) تنافي ما ذكرته.
قلت: لا، لأن لفظة (عنه) على تقدير كونها من النسخة تكون بدلا عن الضمير الذي في (منها) الذي هو كناية عن التحريمة، فافهم.
م: (لأن ما مضى) ش: يعني من الأجزاء م: (لا يقع عبادة لعدم النية) ش: والأجزاء الباقية مبنية عليه فلم يجز، وبه قال الشافعي. وعن الكرخي: يجوز بالمتأخرة ما دام في الثناء. وقيل: إلى التعوذ. وقيل: إلى ما بعد الفاتحة. وقيل: إلى الركوع، وهو مروي عن محمد. وفي " القنية " عن الحلوائي: كبر ثم غفل عن النية ثم نواها يجوز.
وفي " المحيط ": لو نوى بعد قوله: الله، قبل قوله: أكبر، لا يجزئه عند أبي حنيفة، وفيه أيضا عن محمد: لو خرج من منزله يريد الفرض في الجماعة، فلما انتهى إلى الإمام كبر ولم تحضره النية وقت الشروع، يجوز. ومثله عن أبي حنيفة وأبي يوسف. وذكر الطحاوي أن النية تكون مخالطة للتكبير باللسان، قال: وهو الأحوط، ولا يجوز بعد التكبير ويكون متطوعا.
وقال الشافعي: يجب أن تكون النية مقارنة للتكبير لا قبله ولا بعده. وقال النووي: وفي كيفية المقارنة وجهان، أحدهما بحيث يبتدئ النية بالقلب مع ابتداء التكبير باللسان، ويفرغ منها مع فراغه منه. قال: وأصحهما لا يجب هذا، بل لا يجو لئلا يخلو أول التكبير عن إتمام النية. واختيار إمام الحرمين والغزالي أنه لا يجب التدقيق وتحقيق المقارنة، وأنه تكفي المقارنة العرفية العامية، حيث يعد مستحضر الصلاة غير غافل عنها.
م: (وفي الصوم جوزت للضرورة) ش: هذا جواب عن سؤال مقدر، تقديره أن يقال: كان القياس على ما ذكرت في الصلاة أن لا تجوز النية المتأخرة في الصوم أيضا؛ لاشتراط النية منهما، وتقرير الجواب أن ما ذكرت في الصوم جوزت النية المتأخرة لأجل الضرورة لأن قران النية بوقت انفجار الصبح فيه حرج عظيم لكونه وقت نوم وغفلة بخلاف الصلاة، فإن الشروع فيها حال اليقظة