الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واستبعده محمد رحمه الله لأن الناس سواسية في أمر الجماعة، وأبو يوسف رحمه الله خصهم بذلك، لزيادة اشتغالهم بأمور المسلمين، كيلا تفوتهم الجماعة، وعلى هذا القاضي والمفتي،
ويجلس بين الأذان والإقامة،
ــ
[البناية]
أبي يوسف هذا متعلق بالتثويب المحدث في سائر الصلوات بزيادة اختصاص بمن يكون مشتغلا بأمور المسلمين قال السرخسي والقدوري: عن عمر رضي الله عنه أنه لما كثر اشتغاله نصب من يحفظ عليه صلاته. وفي " جامع قاضي خان " ما قاله أبو يوسف في أمراء زمانه لا في أمراء زماننا، لأنهم مشغولون بالظلم لا بأمور المسلمين.
م: (واستبعده محمد رحمه الله) ش: أي استبعد محمد ما قاله أبو يوسف حتى قال: أنى لأبي يوسف، حيث خص الأمر بالتثويب والذكر ومال إليه. وقيل: إنما استبعده محمد لما بينهما من الوحشة، ويؤيده ما قال في " الجامع الصغير " محمد عن يعقوب ولم يقل عن أبي يوسف، ولكن لا يظن أنه لقي الله وهو كما قال بل تاب ورجع، والبشر لا يخلو عن هذه الحالات كذا في " الحميدية ".
م: (لأن الناس سواسية في أمر الجماعة) ش: أي متساوون في أمر الجماعة فلا يختص به الأمراء، وفي " المغرب " يقول هم سواسية أي سواء وهما سيان أي مثلان. وفي " الصحاح " هم سواء فلا يختص به الأمراء. وفي الجمع وأسواء وسواسية أي أشباه مثل ثمانية على غير قياس، وتقول هما في هذا الأمر سوى وإن شئت تقول أسواء وهم سوان للجميع وهم سواسية.
م: (وأبو يوسف خصهم بذلك) ش: هذا اعتذار من جهة أبي يوسف، يعني تخصيصه الأمراء بذلك أي يقول المؤذن السلام عليك أيها الأمير إلى آخره.
م: (لزيادة اشتغالهم بأمور المسلمين كيلا تفوتهم الجماعة) ش: أي الصلاة بالجماعة. وإنما قيد بقوله بأمور المسلمين لأن الأمراء المشتغلين باللهو والطرب، لا يثوب لهم إلا على وجه الأمر بالمعروف والنصيحة.
م: (وعلى هذا) ش: أي عل ما ذكره أبو يوسف من زيادة اشتغال الأمراء بأمور المسلمين م: (القاضي والمفتي) ش: لأنهما مشغولان بأمور المسلمين، القاضي: بفصل الأحكام والمفتي بكتابة الفتاوى والمراجعة إلى الكتب يثوب لهم كيلا تفوتهم الجماعة.
[الفصل بين الأذان والإقامة]
م: (ويجلس) ش: أي المؤذن م: (بين الأذان والإقامة) ش: أراد أن الوصل بينهما مكروه لأن المقصود بالأذان إعلام الناس بدخول الوقت ليتأهبوا للصلاة بالطهارة فيحضروا المسجد لإقامة الصلاة، وبالوصل ينتفي هذا المقصود.
وذكر التمرتاشي في " جامعه " أنه يقعد مقدار ركعتين أو أربع أو مقدار ما يفرغ الآكل من
إلا في المغرب، وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله، وقالا: يجلس في المغرب أيضا جلسة خفيفة؛
لأنه لا بد من الفصل، إذ الوصل مكروه، ولا يقع الفصل بالسكتة لوجودها بين كلمات الأذان، فيفصل بالجلسة كما بين الخطبتين، ولأبي حنيفة رحمه الله أن التأخير مكروه، فيكتفي بأدنى الفصل احترازا عنه، والمكان في مسألتنا مختلف، وكذا النغمة، فيقع الفصل بالسكتة،
ــ
[البناية]
أكله، والشارب من شربه، والحاقن من قضاء حاجته. وقيل " مقدار ما يقرأ عشر آيات ثم يثوب ثم يقيم كذا في " المجتبى ".
وفي " شرح الطحاوي " يفصل بين الأذان والإقامة مقدار ركعتين أو أربع، يقرأ في كل ركعة نحو عشر آيات وينظر المؤذن للناس ويقيم للضعيف المستعجل، ولا ينظر رئيس المحلة، ولا كبيرها، ولا يؤذن إلا في فناء المسجد وناحيته.
م: (إلا في المغرب) ش: يعني لا يفصل بين الأذان والإقامة في وقت صلاة المغرب لأن تأخيرها مكروه م: (وهذا عند أبي حنيفة) ش: أي استثناء المغرب عند أبي حنيفة م: (وقالا) ش: أي أبو يوسف ومحمد. م: (يجلس في المغرب أيضا جلسة خفيفة) ش: وهي مقدار الجلسة بين الخطبة.
م: (لأنه لا بد من الفصل إذ الوصل مكروه) ش: اتفاقا. م: (ولا يقع الفصل بالسكتة لوجودها بين كلمات الأذان فيفصل بالجلسة كما بين الخطبتين) ش: وحاصل المذهب أن العلماء اتفقوا على أنه لا يفصل الإقامة بالأذان، بل يفصل بينهما لكنهم اختلفوا في مقدار الفصل. فعند أبي حنيفة المستحب أن يفصل بينهما بسكتة يسكت قائما ساعة ثم يقيم، ومقدار السكتة عنده قدر ما يتمكن فيه بقراءة ثلاث آيات قصار أو آية طويلة. وروي عنه مقدار ما يخطو ثلاث خطوات. وعندهما يفصل بينهما بجلسة خفيفة مقدار الجلسة بين الخطبتين. وذكر الإمام الحلوائي الخلاف في الأفضلية حتى عند أبي حنيفة إن جلس جاز فالأفضل أن لا يجلس، وعندهما على العكس ذكره الإمام التمرتاشي.
م: (ولأبي حنيفة أن التأخير مكروه) ش: أي تأخير صلاة المغرب مكروه بلا خلاف. م: (فيكتفي بأدنى الفصل) ش: بين الأذان والإقامة وحده ما ذكرناه عن قريب. م: (احترازا عنه) ش: أي عن التأخير المكروه واحترازا منصوب على أنه مفعول مطلق بتقدير احتراز احترازا ونحو ذلك.
م: (والمكان في مسألتنا مختلف) ش: هذا جواب من جهة أبي حنيفة عن قولهما في الفصل بين الأذان والإقامة مقدار الجلسة بين الخطبتين، وتقديره أن القياس غير صحيح لأن المكان أي مكان الأذان والإقامة فيما نحن فيه، وهو معنى قوله في مسألتنا مختلف بكسر اللام، لأن مكان الأذان غير مكان الإقامة والمكان بين الخطبتين متحد فلا يقاس عليه.
م: (وكذا النغمة) ش: وهي الترسيل في الأذان والحدر في الإقامة شيئان مختلفان. م: (فيقع الفصل) ش: أي إذا كان الأمر كذلك فيقع الفصل بينهما م: (بالسكتة) ش: لوقوعها بين شيئين
ولا كذلك الخطبة. وقال الشافعي: يفصل بركعتين اعتبارا بسائر الصلوات،
والفرق قد ذكرناه. قال يعقوب:
ــ
[البناية]
مختلفين. م: (ولا كذلك الخبطة) ش: لأن مكانها متحد فلا يقع الفصل بين الخطبتين بمجرد السكتة لأنها توجد بين كلماتها أيضا فلا بد من الجلسة.
م: (وقال الشافعي: يفصل بركعتين) ش: أي يفصل بين الأذان والإقامة بصلاة ركعتين.
م: (اعتبارا بسائر الصلوات) ش: أي قياسا عليها، ومذهب الشافعي ما ذكره النووي فإنه قال: ويستحب أن يفصل بين أذان المغرب وإقامتها فصلا يسيرا بقعدة أو سكوت أو نحوها، هذا لا خلاف فيه عندنا. ونقل المصنف عن الشافعي ما ذكره فيه نظر.
فإن قلت: ما مقدار الفصل بين الأذان والإقامة في سائر الصلوات غير المغرب.
قلت: لم يذكر في ظاهر الرواية مقدار الفصل. وروى الحسن عن أبي حنيفة في الفجر مقدار عشرين آية، وفي الظهر مقدار ما يصلح أربع ركعات يقرأ في كل ركعة قدر عشر آيات وفي العصر مقدار ركعتين يقرأ فيهما عشرين آية، والعشاء كالظهر. وإن لم يصل يجلس مقدار ذلك، وهذا ليس بتقدير لازم فينبغي أن يؤخر الإقامة مقدار ما يحضر القوم مع مراعاة الوقت المستحب. وروى محمد بن حبان الأصبهاني بسنده عن أبي هريرة أنه عليه الصلاة والسلام قال لبلال:«اجعل بين أذانك وإقامتك وقتا بقدر ما يفرغ المتوضئ من وضوئه في مهل والمتعشي من عشائه» .
م: (والفرق قد ذكرناه) ش: هذا إشارة إلى قوله أن التأخير مكروه بخلاف سائر الصلوات فإن التأخير فيها ليس بمكروه، والاشتغال بالركعتين يؤدي إلى التأخير فلذلك لا يفصل بينهما.
وعن هذا قلنا أيضا ويتنفل بعد الغروب قبل الفرض لما فيه من تأخير المغرب. وذكر الإمام المحبوبي والمراد من قوله عليه الصلاة والسلام بين كل أذانين صلاة ما سوى المغرب.
قلت: هذا الحديث أخرجه الأئمة الستة في كتبهم عن عبد الله بن المغفل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بين كل أذان صلاة قال في الثالثة: لمن شاء» . وفي لفظ البخاري: «صلوا قبل المغرب ثم قال: صلوا قبل المغرب، ثم قال في الثالثة: لمن شاء» كراهة أن يتخذها الناس سنة وليس فيه هذا المغرب. والذي فيه إلا المغرب رواه الدارقطني ثم البيهقي في " سننهما " عن ابن حبان بن عبد الله العدوي ثنا عبد الله بن بريدة قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن عند كل أذانين ركعتين إلا المغرب» . ورواه البزار في " مسنده "، فقال: لا نعلم رواه عن ابن بريدة إلا حبان بن عبد الله، وهو رجل مشهور من أهل البصرة لا بأس به. وذكر ابن الجوزي هذا الحديث في " الموضوعات " ونقل سفيان القلاس أنه قال كان حبان هذا كذابا.
م: (قال يعقوب) ش: هو أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن سعد بن بحير بن
رأيت أبا حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يؤذن في المغرب ويقيم، ولا يجلس بين الأذان والإقامة، وهذا يفيد ما قلناه، وأن المستحب كون المؤذن عالما بالسنة لقوله عليه الصلاة والسلام:«ويؤذن لكم خياركم» ، ويؤذن للفائتة، ويقيم، لأنه عليه السلام قضى الفجر غداة ليلة التعريس بأذان وإقامة،
ــ
[البناية]
معاوية البجلي، وأم سعد حبتة بنت مالك من بني عمرو بن عوف، وسعد بن حبتة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. وإنما ذكر أبا يوسف باسمه دون كنيته لأنه ذكر محمد في " الجامع الصغير " كذلك حتى لا يتوهم التسوية في التعظيم بين الشيخين بذكر أبي حنيفة رضي الله عنه.
م: (رأيت أبا حنيفة يؤذن في المغرب ويقيم، ولا يجلس بين الأذان والإقامة، وهذا يفيد ما قلناه) ش: أي يفيد ما رواه عن أبي حنيفة رضي الله عنه من عدم جلوسه في أذان المغرب ما قلنا، وهو أن لا جلوس عنده في أذان المغرب.
م: (وأن المستحب) ش: ويفيد أيضا أن المستحب م: (كون المؤذن عالما بالسنة) ش: أي بأحكام الشرع. م: (لقوله صلى الله عليه وسلم: «ويؤذن لكم خياركم» ش: هذا الحديث رواه أبو داود وابن ماجه من حديث حسين بن عيسى عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ليؤذن لكم خياركم وليؤمكم أقرؤكم» . وفي " الإمام " وروى إبراهيم بن أبي يحيى عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «لا يؤذن لكم غلام حتى يحتلم وليؤذن لكم خياركم» . ولم يعزه. وعن عمر رضي الله عنه: " لو أطيق الأذان مع الخليفي لأذنت " والخليفي: الخلافة، وذكره في " الفائق "" والمغربين "، قوله خياركم من كان عالما بأحكام الشرع.
م: (ويؤذن للفائتة ويقيم) ش: يعني إذا فاتته صلاة وأراد أن يقضيها يؤذن ويقيم.
م: (لأنه عليه السلام قضى الفجر غداة ليلة التعريس بأذان وإقامة) ش: وروى هذا الحديث أبو هريرة وعمران بن حصين وعمرو بن أمية الضميري وذو مخبر وعبد الله بن مسعود وبلال رضي الله عنه فحديث أبي هريرة رواه أبو داود في " سننه " حدثنا موسى بن إسماعيل [ثنا أبان] ثنا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة في هذا الخبر يعني قصة التعريس قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تحولوا من مكانكم الذي أصابتكم فيه الغفلة» قال: فأمر بلالا رضي الله عنه فأذن وأقام وصلى. وحديث عمران [بن حصين] رواه أبو داود أيضا، وفيه «ثم أمر
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
مؤذنا فأذن وصلى ركعتين قبل الفجر ثم أقام فصلى الفجر» وحديث عمرو بن أمية رواه أبو داود أيضا وفيه «ثم أمر بلالا فأذان ثم توضئوا وصلوا ركعتي الفجر، ثم أمر بلالا فأقام الصلاة وصلى بهم صلاة الصبح» . وحديث ذي مخبر رواه أبو داود أيضا وفيه «ثم أمر بلالا فأذن ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم فركع ركعتين غير عجل، ثم قال لبلال: " أقم الصلاة " ثم صلى وهو غير عجل» . وحديث ابن مسعود رواه ابن حبان في " صحيحه " وفيه «ثم أمر بلالا فأذن ثم أقام فصلى بنا» . وحديث بلال رواه البزار في " مسنده " عن بلال «أنهم ناموا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر حتى طلعت الشمس فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قاموا بلالا فأذن، ثم صلى ركعتين، ثم أقام بلال فصلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر بعدما طلعت الشمس» .
فهذه الأحاديث كلها تدل صريحا على الأذان والإقامة معا. واستشهد الأترازي في " شرحه " بحديث أبي قتادة، وكذلك الأكمل في شرحه أخرجه البخاري، وفيه:«قم يا بلال فأذن بالصلاة " فتوضأ، فلما ارتفعت الشمس وأضاءت: قام فصلى بالناس جماعة» قلت: وليس فيه إلا الأذان واستشهادهما به غير واف.
فإن قلت: قد جاء في حديث أخرجه النسائي يدل على الاقتصار على الإقامة وهو ما رواه عن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه قال «شغلنا المشركون يوم الخندق عن صلاة الظهر حتى غربت الشمس فأنزل الله تعالى: {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ} [الأحزاب: 25] (الأحزاب: الآية 25) ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا فأقام لصلاة الظهر، فصلاها كما كان يصليها لوقتها، ثم أقام العصر فصلاها كما يصليها لوقتها» .
قلت: هذه لا يمنع الأذان، لجواز أن يكون قد اقتصر على بعضهم، والزيادة أولى بالقبول. وفيه إشارة إلى الأذان حيث قال كما كان يصليها لوقتها، وصلاته عليه الصلاة والسلام لوقتها بالأذان والإقامة لكل صلاة.
ثم اعلم أن - التعريس - هو النزول في آخر الليل نزلة للنوم والاستراحة، يقال منه عرس تعريسا، ويقال فيه أعرس، والمعرس بفتح الراء موضع التعريس.
فإن قلت: هذه القصة أين وقعت [وهل] وقعت مرة أو أكثر.
قلت: أخرج مسلم من حديث أبي هريرة ما يدل على أن القصة كانت بخيبر، وبذلك صرح ابن إسحاق وغيره من أهل المغازي، وقالوا إن ذلك كان حين قفل من خيبر، وقال ابن
وهو حجة على الشافعي رحمه الله في اكتفائه بالإقامة، فإن فاتته صلوات أذن للأولى وأقام، لما روينا وكان مخيرا في الباقي؛ إن شاء أذن وأقام، ليكون القضاء على حسب الأداء، وإن شاء اقتصر على الإقامة.
ــ
[البناية]
عبد البر هو الصحيح. وقيل مرجعه من حنين. وفي حديث ابن مسعود أن ذلك كان عام الحديبية. وفي حديث عطاء بن يسار أن ذلك في غزوة تبوك. قال ابن عبد البر: حسبه وهما، قال الأصل لم يعرض ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم إلا مرة. وقال ابن الحصاد: هي ثلاث نوازل مختلفة.
م: (وهو حجة على الشافعي في اكتفائه بالإقامة) ش: أي الحديث المذكور الذي فيه قضى النبي صلى الله عليه وسلم بأذان وإقامة حجة عليه فيما ذهب إليه.
فإن قلت: فللشافعي أن يستدل بما رواه النسائي الذي فيه الاكتفاء بالإقامة، وقد ذكرناه آنفا.
قلت: قد مر في حديث الصحابة المذكورة من ذكر الأذان والإقامة والعمل بالزيادة أولى.
والجواب عن حديث النسائي قد ذكرناه آنفا. وقال الأكمل: لا يقال قد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بلالا فأقام بدون ذكر الأذان، لأنا نقول العمل بالزيادة أولى لأن القصة واحدة وفيه نظر، لأن ذلك إنما يكون إذا كان راويهما واحد، ولم يثبت هاهنا ذلك.
والجواب: أن الراوي إذا كان متعددا إنما يعمل بالخبرين إذا كان يمكن العمل بهما، وهاهنا لا يمكن ذلك لكون القصة واحدة.
قلت: كون القصة واحدة غير صحيح لأن القصة متعددة كما ذكرنا آنفا.
قوله: وفيه نظر لأن أحدا لم يشترط في العمل بالزيادة عند اتحاد الراوي، بل الزيادة مقبولة إذا ثبت سواء كان الراوي واحدا أو متعددا.
م: (فإن فاتته صلاة أذن للأولى، وأقام لما روينا) ش: أشار به إلى الحديث الذي فيه قضاء النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر غداة ليلة التعريس بأذان وإقامة. م: (وكان مخيرا في الباقي إن شاء أذن وأقام) ش: يعني إن شاء أذن وأقام لكل صلاة من الفوائت. م: (ليكون القضاء على حسب الأداء) ش: لأن القضاء على الأداء.
م: (وإن شاء اقتصر على الإقامة) ش: لما روى الترمذي عن ابن مسعود رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم فاتته يوم الخندق أربع صلوات حتى ذهب ما شاء الله من الليل، فأمر بلالا فأذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العشاء» .
لأن الأذان للاستحضار وهم حضور.
قال رضي الله عنه: وعن محمد رحمه الله أنه يقيم لما بعدها ولا يؤذن، قالوا: يجوز أن يكون هذا قولهم جميعا.
ــ
[البناية]
فإن قلت: إذا كان الأمر كذلك فالتخيير من أين؟
قلت: جاء في رواية فصلى عليه السلام بأذان وإقامة. وفي رواية بأذان وإقامة للأول وإقامة لكل واحد من البواقي. وقال: الاختلاف خيرنا في ذلك.
فإن قلت: إذا كان الرفق متعينا في أحد الجانبين لا يخير بينهما، كما في قصر صلاة المسافر، وهاهنا الرفق متعين في الإقامة، فكيف يبقى التخيير؟
قلت: فإن ذلك في الواجب لا في السنن والتطوعات.
م: (لأن الأذان للاستحضار) ش: أي لاستحضار القوم إلى الصلاة بالجماعة. م: (وهم حضور) ش: أي والحال أنهم حاضرون فلا يحتاجون إلى الإعلام.
م: (قال رضي الله عنه) ش: أي قال المصنف. م: (وعن محمد رحمه الله أنه يقيم لما بعدها) ش: أي من غير اختيار الجمع بينهما وبين إفراد الإقامة.
وفي " التحفة " وروي في غير رواية الأصول عن محمد: إذا فاتت صلوات يقضي الأول بأذان وإقامة والثاني بالإقامة لا الأذان.
م: (قالوا: يجوز أن يكون هذا قولهم جميعا) ش: أي قال المشايخ عن أبي بكر الرازي: يجوز أن يكون ما قاله محمد قولهم جميعا. والمذكور في الكتاب محمول على الصلاة الواحدة فيرتفع الخلاف بين أصحابنا.
وقال الشافعي في " الإمام ": يقيم لهما ولا يؤذن وفي القديم يؤذن للأول ويقيم ويكفي في البواقي على الإقامة وبه قال أبو ثور.
وقال النووي في " شرح المهذب " يقيم لواحدة بلا خلاف، ولا يؤذن لغير الأولى منهن، وفي الأولى ثلاثة أقوال: في الأذان أصحها أنه يؤذن ولا يعتبر تصحيح الرافعي منع الأذان والإقامة، الأول: مذهب مالك والشافعي وأحمد وأبي ثور.
وقال ابن بطال: لم يذكر الأذان في الأول عن مالك والشافعي والأول قال أبو حامد.
وقال الثوري والأوزاعي وإسحاق: لا يؤذن لفائتة. وفي " البدائع " للشافعي قولان في قوله يصلي بغير أذان وإقامة.
قلت: هذا لا يصح عنده. وفي قول يقضي بالإقامة لا غير ولو صلى الرجل في بيته وحده فاكتفى بأذان الناس وإقامتهم جاز، وإن أقام فحسن، ذكره في الأصل.