المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل ويستحب الإسفار بالفجر - البناية شرح الهداية - جـ ٢

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصلاة

- ‌[تعريف الصلاة]

- ‌باب المواقيت

- ‌أول وقت الفجر

- ‌[وقت صلاة الفجر]

- ‌[آخر وقت صلاة الفجر]

- ‌أول وقت الظهر

- ‌[وقت صلاة الظهر]

- ‌[آخر وقت الظهر]

- ‌أول وقت العصر

- ‌[وقت صلاة العصر]

- ‌[آخر وقت العصر]

- ‌[وقت صلاة المغرب]

- ‌[أول وقت المغرب وآخره]

- ‌أول وقت العشاء

- ‌[وقت صلاة العشاء]

- ‌آخر وقت العشاء

- ‌[وقت صلاة الوتر]

- ‌فصل ويستحب الإسفار بالفجر

- ‌[الإبراد بالظهر وأخير العصر في الصيف]

- ‌[تعجيل المغرب]

- ‌تأخير العشاء إلى ما قبل ثلث الليل

- ‌فصل في الأوقات التي تكره فيها الصلاة

- ‌باب الأذان

- ‌[حكم الأذان]

- ‌صفة الأذان

- ‌[ما يشرع له الأذان من الصلوات]

- ‌[زيادة الصلاة خير من النوم في أذان الفجر]

- ‌[ما يسن في الأذان والإقامة]

- ‌[شروط المؤذن]

- ‌[ما يستحب لمن سمع الأذان]

- ‌[التثويب في أذان الفجر]

- ‌[الفصل بين الأذان والإقامة]

- ‌[ما ينبغي للمؤذن والمقيم]

- ‌[أذان الجنب]

- ‌[الأذان قبل دخول الوقت]

- ‌المسافر يؤذن ويقيم

- ‌باب شروط الصلاة التي تتقدمها

- ‌ الطهارة من الأحداث والأنجاس

- ‌[ستر العورة]

- ‌عورة الرجل

- ‌[عورة الحرة]

- ‌[عورة الأمة]

- ‌[صلاة العريان]

- ‌[النية من شروط الصلاة]

- ‌[تعريف النية]

- ‌[استقبال القبلة من شروط الصلاة]

- ‌ حكم من اشتبهت عليه القبلة

- ‌باب في صفة الصلاة

- ‌فرائض الصلاة

- ‌[تكبيرة الإحرام]

- ‌[القيام في صلاة الفرض]

- ‌[قراءة القرآن والركوع والسجود في الصلاة]

- ‌[القعدة في آخر الصلاة والتشهد والسلام]

- ‌[سنن الصلاة]

- ‌[رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام]

- ‌[وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة]

- ‌[دعاء الاستفتاح]

- ‌[حكم الاستعاذة في الصلاة]

- ‌[البسملة في الصلاة]

- ‌[الواجب من القراءة في الصلاة]

- ‌[قول المأموم آمين]

- ‌[التكبير قبل الركوع وبعد الرفع منه]

- ‌[قول سبحان ربي العظيم في الركوع]

- ‌قول: سمع الله لمن حمده

- ‌[قول سبحان ربي الأعلى في السجود]

- ‌[الافتراش عند التشهد الأوسط]

- ‌[التشهد الأوسط وصيغته]

- ‌[القراءة في الأخيرتين بفاتحة الكتاب فقط]

- ‌[الصلاة على النبي في التشهد الأخير]

- ‌[حكم الصلاة على النبي خارج الصلاة]

- ‌[الدعاء بعد التشهد الأخير وقبل السلام]

- ‌[كيفية الصلاة على النبي]

- ‌[الحكم لو ترك بعض التشهد وأتى بالبعض]

- ‌فصل في القراءة

- ‌[الصلوات التي يجهر فيها بالقراءة والتي يسر فيها]

- ‌[المنفرد هل يجهر بصلاته أم يسر فيها]

- ‌[الإسرار بالقراءة في الظهر والعصر]

- ‌[الجهر في الجمع بعرفة]

- ‌[الجهر في الجمعة والعيدين]

- ‌[تطوعات النهار سرية]

- ‌[حكم من قرأ في العشاء في الأوليين السورة ولم يقرأ بالفاتحة]

- ‌أدنى ما يجزئ من القراءة في الصلاة

- ‌[مقدار القراءة في الصلوات الخمس]

- ‌[قراءة نفس السورة مع الفاتحة في الركعة الثانية]

- ‌[تعيين سورة أو آية من القرآن لشيء من الصلوات]

- ‌[قراءة المؤتم خلف الإمام]

- ‌باب في الإمامة

- ‌[حكم صلاة الجماعة]

- ‌أولى الناس بالإمامة

- ‌[إمامة العبد والفاسق والأعمى وولد الزنا]

- ‌[تخفيف الإمام في الصلاة]

- ‌[إمامة المرأة للنساء في صلاة الجماعة]

- ‌[موقف الإمام والمأموم في الصلاة]

- ‌[إمامة المرأة والصبي في الصلاة]

- ‌[إمامة الصبي في النوافل كالتراويح ونحوها]

- ‌[كيفية ترتيب الصفوف في الصلاة]

- ‌[محاذاة المرأة للرجل في الصلاة]

- ‌[حضور النساء للجماعات]

- ‌[صلاة الصحيح خلف صاحب العذر]

- ‌[صلاة القارئ خلف الأمي]

- ‌[صلاة المكتسي خلف العاري]

- ‌[إمام المتيمم للمتوضئين]

- ‌[صلاة القائم خلف القاعد]

- ‌[صلاة المفترض خلف المتنفل والعكس]

- ‌ اقتدى بإمام ثم علم أن إمامه محدث

- ‌[إمامة الأمي]

- ‌باب الحدث في الصلاة

- ‌[حكم من ظن أنه أحدث فخرج من المسجد ثم علم أنه لم يحدث]

- ‌[حكم الحدث من الإمام أو المأموم في الصحراء]

- ‌[الحكم لو حصر الإمام عن القراءة فقدم غيره]

- ‌[رؤية المتيمم للماء أثناء الصلاة]

- ‌[حكم من أحدث في ركوعه أو سجوده]

- ‌[حكم من أم رجلا واحدا فأحدث]

- ‌باب ما يفسد الصلاة، وما يكره فيها

- ‌[حكم الكلام في الصلاة]

- ‌[التنحنح في الصلاة]

- ‌[تشميت العاطس في الصلاة]

- ‌[الفتح على الإمام]

- ‌[حكم الفتح على الإمام]

- ‌[حكم من صلى ركعة من الظهر ثم افتتح العصر]

- ‌[حمل المصحف والنظر فيه وتقليب الأوراق في الصلاة]

- ‌[اتخاذ السترة ومرور المرأة ونحوها بين يدي المصلي]

- ‌[اتخاذ المصلي للسترة في الصحراء]

- ‌ وسترة الإمام سترة للقوم

- ‌[دفع المصلي المار بين يديه]

- ‌[فصل في العوارض التي تكره في الصلاة]

- ‌ العبث في الصلاة

- ‌[التخصر في الصلاة]

- ‌ الالتفات في الصلاة

- ‌[الإقعاء في الصلاة]

- ‌[رد السلام للمصلي]

- ‌[التربع للمصلي]

- ‌[لا يصلي وهو معقوص الشعر]

- ‌[كف الثوب في الصلاة]

- ‌[الأكل والشرب في الصلاة]

- ‌[الحكم لو صلى وفوقه أو بين يديه أو بحذائه تصاوير]

- ‌[اتخاذ الصور في البيوت وقتل الحيات في الصلاة]

- ‌فصل ويكره استقبال القبلة بالفرج في الخلاء

- ‌ المجامعة فوق المسجد والبول والتخلي

- ‌[أحكام المساجد]

- ‌[إغلاق باب المسجد]

- ‌باب صلاة الوتر

- ‌[حكم صلاة الوتر]

- ‌[عدد ركعات الوتر]

- ‌[أحكام القنوت في الصلاة]

- ‌[القراءة في صلاة الوتر]

- ‌[القنوت في الوتر]

- ‌[حكم من أوتر ثم قام يصلي يجعل آخر صلاته وترا أم لا]

- ‌باب النوافل

- ‌[عدد ركعات التطوع المرتبطة بالصلوات وكيفيتها]

- ‌فصل في القراءة

- ‌[حكم القراءة في الفرض]

- ‌[حكم القراءة في صلاة النفل]

- ‌[صلاة النافلة على الدابة وفي حال القعود]

- ‌[حكم السنن الرواتب]

- ‌فصل في قيام شهر رمضان

- ‌[حكم صلاة التراويح وكيفيتها]

- ‌[صلاة الوتر جماعة في غير رمضان]

- ‌باب إدراك الفريضة

- ‌[حكم من أقيمت عليه الصلاة وهو في صلاة نفل]

- ‌[حكم من انتهى إلى الإمام في صلاة الفجر وهو لم يصل ركعتي الفجر]

- ‌باب قضاء الفوائت

- ‌[كيفية قضاء الفوائت]

- ‌باب سجود السهو

- ‌[كيفية سجود السهو]

- ‌[متى يلزم سجود السهو]

- ‌[حكم الشك في عدد ركعات الصلاة]

- ‌باب صلاة المريض

- ‌[كيفية صلاة المريض]

- ‌[حكم من أغمي عليه خمس صلوات أو دونها]

- ‌باب سجود التلاوة

- ‌[عدد سجدات القرآن]

- ‌[من تلزمه سجدة التلاوة]

- ‌[قضاء سجدة التلاوة]

- ‌[تكرار تلاوة سجدة التلاوة في المجلس الواحد]

الفصل: ‌فصل ويستحب الإسفار بالفجر

‌فصل ويستحب الإسفار بالفجر

ــ

[البناية]

[فصل ويستحب الإسفار بالفجر]

م: (فصل) ش: أي هذا فصل في بيان الأوقات التي تستحب فيها الصلوات، وقد قلنا: إن الفصل مهما قصر لا ينون، ومهما وصل ينون لأن الإعراب بعد العقد والتركيب.

ولما فرغ من بيان مطلق الأوقات وأصلها شرع في بيان الأوقات التي بها الكامل وبها الناقص، وجعل لكل منهما فصلا على حدة، وقدم الأوقات المستحبة على الأوقات المكروهة وهذه هي المناسبة، أو القول أن الاستحباب والكراهة صفتان للصلاة والموصوف ينبغي تقديمه على الصفة، والصفة المستحبة مقدمة على الصفة المكروهة، وهذا هو الوجه في تقديم مطلق الوقت، ثم ذكر الوقت المستحب بعده، ثم ذكر الوقت المكروه بعده.

م: (ويستحب الإسفار بالفجر) ش: الإسفار بكسر الهمزة من أسفر الصبح إذا أضاء، وأسفر بالصلاة: إذا صلاها في الإسفار، وفي المعارضة الإسفار: قوة السفر من سفر أي يكشف وتبين وسفرت المرأة وجهها أي: كشفت، ويقال: الإسفار قوة الضوء مأخوذ من الإسفار، يقال أسفر مقدم رأسه من الشعر: إذا بقي أصلع، والسفر: بياض النهار، وأسفر وجه حسنا: أي أشرق.

قلت: أسفر يجيء متعديا إلى ما يصله، ويجيء لازما فأسفر الصبح لازم، وأسفر بالصلاة متعد لأن الباء للتعدية ثم إن المصنف أطلق الإسفار بالفجر بناء على ما ذكره في " المبسوط " فإنه قال فيه وفي " المفيد " أيضا و " التحفة " و " القنية ": الإسفار بالفجر أفضل من التغليس في الأوقات كلها.

وفي " المحيط " و " البدائع " إذا كانت السماء مصحية الإسفار أفضل إلا للحاج بمزدلفة فإن التغليس هناك أفضل ولا يؤخرها بحيث يقع الشك في طلوع الشمس بل صفرتها حتى لو ظهر فساد صلاة أمكنه أداؤها في وقتها، وفي " فتاوى قاضي خان " قراءته مسنونة ما بين أربعين آية إلى ستين مع ترتيل القراءة، وقيل تؤخر جدا لأن الفساد موهوم فلا يترك المستحب لأجله.

وروى الطحاوي بإسناده عن السائب بن يزيد قال: صليت خلف عمر رضي الله عنه الصبح فقرأ بالبقرة فلما انصرفوا استشرفوا الشمس فقالوا: طلعت، فقال: لو طلعت لم تجدنا غافلين، ثم أطلق المصنف بقوله أيضا يدل على أن الدور الأحمر بالإسفار، ويجمع بينهما تطويل القراءة.

وفي " المبسوط " و " البدائع " قال الطحاوي: إن كان من عزمه التطويل بالقراءة شرع بالتغليس، ويخرج منها بالإسفار، وإلا يشرع بالإسفار، وزعم أنه قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد -

ص: 33

لقوله عليه الصلاة والسلام: «أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر» .

ــ

[البناية]

رحمهما الله -، وظاهر الرواية هو الأول وفي " الأسرار " لا يسع التأخير على أن ينام في بيته بعد الفجر بل يحضر المسجد أول الوقت ثم ينتظر الصلاة فيكون له ثواب المصلي بالانتظار، قال صلى الله عليه وسلم:«أما إنكم في صلاة ما انتظرتم [الصلاة] » .

وفي " الصحيحين " ويكف عن الكلام باللغو، والكلام فيه إثم عليه ويشتغل بالذكر والتسبيح بالخضوع ما دام متصفا بالنومة في المسجد، ثم يصلي آخر الوقت فسلمت الدعاء قليلا عادة فتطلع الشمس.

م: (لقوله: صلى الله عليه وسلم «أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر» ش: هذا الحديث روي عن جماعة من الصحابة بألفاظ مختلفة وبلفظ المصنف رواه البزار في " مسنده " من حديث بلال رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر» . وأخرجه الطبراني ولفظه: «يا بلال أصبحوا بالصبح فإنه خير لكم» في رواية أيوب بن سيار قال يحيى: ليس بشيء. وقال النسائي: متروك الحديث.

فإن قلت: كيف أخرج الطحاوي هذا واحتج به في مذهبه؟

قلت: كان مرضيا عنده. وقال ابن عدي: أظنه مزنيا.

قلت: ليست أحاديثه بمنكرة جدا، ونقول هذه زيادة وتأكيد لأن الأحاديث الصحيحة كثيرة، ومن الصحابة الذين رووا حديث هذا الباب أبو برزة الأسلمي أخرجه الطحاوي والنسائي والطبراني رحمهم الله ولفظه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم «ينصرف من الصبح فينظر الرجل إلى الجليس الذي يعرفه فيعرفه» .

وأبو برزة بالزاي المعجمة اسمه نضلة بن عبيد بن برزة.

ومنهم محمود بن لبيد رضي الله عنه أخرج حديثه أبو نعيم رضي الله عنه في كتاب الصلاة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أصبحوا بالصبح فكلما أصبحتم بالصبح كان أعظم لأجوركم أو لأجرها» . وذكر ابن أبي حاتم أن البخاري قال: محمود بن لبيد رضي الله عنه له صحبة،

ص: 34

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

وقال [......] لا تعرف صحبته، وقال أبو عمر رضي الله عنه: وقول البخاري أولى.

ومنهم قتادة بن النعمان أخرج حديثه البزار والطبراني في الكبير من حديث فليح بن سليمان ثنا عاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان رضي الله عنهم عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أسفروا بالفجر فإنه أعظم لأجركم أو للأجور» . ورجاله ثقات.

ومنهم أبو الدرداء أخرجه أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن عبيد ثنا أبو زرعة ثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي عن محمد بن شعيب سمعت سعيد بن يسار يحدث عن أبي الزاهرية عن [جبير بن نفير عن] أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أسفروا بالفجر تغنموا» .

ومنهم رافع بن خديج رضي الله عنه أخرج حديثه الطحاوي والطبراني في الكبير والترمذي عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أسفروا بصلاة الفجر فإنه أعظم للأجر» ولفظ الطحاوي: «أسفروا بالفجر فكلما أسفرتم فهو أعظم للأجر أو لأجركم» ، وفي لفظ له:«نوروا بالفجر فإنه أعظم للأجر» ، وأخرجه أبو داود ولفظه:«أصبحوا بالصبح فإنه أعظم لأجوركم أو أعظم للأجر» ، وأخرجه ابن ماجه مثل أبي داود.

وقال الترمذي: حديث رافع حسن صحيح. وأخرجه ابن حبان في صحيحه.

ومنهم رجال من الأنصار من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أخرج حديثهم الطحاوي والنسائي رضي الله عنهما كلاهما عن زيد بن أسلم عن عاصم بن عمر وعن رجال رضي الله عنهم من قومه من الأنصار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما أصبحتم بالصبح فهو أعظم للأجر» .

ص: 35

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

ومنهم ابن مسعود رضي الله عنه أخرج حديثه الطبراني مرفوعا: «أسفروا بالفجر فإنه أعظم لأجركم أو لأجوركم» .

ومنهم حواء الأنصارية أخرج حديثها الطبراني في الكبير قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر» وحواء هي بنت زيد بن السكن أخت أسماء بنت زيد بن السكن.

ومنهم مرة بن عبد الله رضي الله عنه أخرج حديثه الطبراني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أسفروا بصلاة الصبح فإنه أعظم للأجر» .

قوله: - أسفروا - أمر من الإسفار وقد فسرناه عن قريب، والأمر يفيد الوجوب فلا يترك عن الاستحباب.

قوله - أعظم - أفعل التفضيل فيقتضي أجرين أحدهما أكمل من الآخر، فإن صيغة أفعل تقتضي المشاركة في الأصل مع رجحان أحد الطرفين، ولفظ الإسفار يحمل على التبيين والظهور.

قلت: قد يخرج أول الوقت من أيديهم إلا اشتقاق الفجر وطلوعه يكون خفيا جدا لا يدركه الأطراف ممن يعلم علم المواقيت ثم يدركه الأمثل فالأمثل ثم يظهر لعموم الناس.

وقال أبو بكر بن العربي: من صلاها بالمنازل قبل تبينه وظهوره للإبصار فهو مبتدع فإن أوقات الصلاة علقت بالأوقات المتبينة للعامة والخاصة، والعالم والجاهل والحر والعبد، وإنما جعلت المنازل ليعلم أقرب الصباح فيكف الصائم ويتأهب المصلي، ولأنه لم يوجد من النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالتغليس قط، وأما الموجود منه فعل والفعل يتطرق إليه احتمالات كثيرة ووجد الأمر بالإسفار والأمر أولى بالعمل به.

فإن قلت: الأمر بالإسفار محمول على ليالي الفجر فإنه لا يتأتى الفجر إلا بالانتظار في الإسفار.

قلت: التقييد على خلاف الدليل ولا يجوز التخصيص بدون المخصص، ويبطل هذا أيضا ما رواه ابن أبي شيبة رضي الله عنه عن إبراهيم النخعي ما أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على

ص: 36

وقال الشافعي رحمه الله: يستحب التعجيل في كل صلاة،

ــ

[البناية]

شيء ما اجتمعوا على التنوير بالفجر.

فإن قلت: قال الخطابي: يحتمل أنهم لما أمروا بالتعجيل صلوا بين الفجر الأول والثاني طلبا للصواب، وقيل إنهم صلوا بعد الفجر الثاني وأصبحوا بها فإنه أعظم لأجوركم.

قلت: هذا باطل لا أصل له إذ لم يقل أنهم أمروا بالتعجيل ولم يقل أنهم صلوا صلاة الصبح قبل طلوع الفجر الثاني بعد الفجر الكاذب، ولو صلوا قبل الفجر لا يعتد بها فكيف يكون له أجر؟

فإن قلت: قال النووي: يؤجر على نيته ولا تصح صلاته.

قلت: رتب الأجر على الصلاة دون النية، والصلاة إذا لم تصح فلا أجر له فيها وعليه الوزر لبقاء الفرض، ولأن في الإسفار تكثير الجماعة وتوسع الحلال على النائم والضعيف في إدراك فضل الجماعة فكان أفضل وأولى.

م: (وقال الشافعي رضي الله عنه: يستحب التعجيل في كل صلاة) ش: يعني إقامتها في أول وقتها وهو إذا تحقق طلوع الفجر وبه قال أحمد: وفي " الحلية " الأفضل تقديم الفجر في أول الوقت وبه قال مالك وداود وأبو ثور ومحمد والحسن رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ -. في رواية. وفي " شرح الوجيز ": الأفضل عندنا تعجيل الصلوات ويستحب تعجيل العشاء على أحد القولين.

احتج الشافعي رحمه الله بقوله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: 133](آل عمران: الآية 133) وفيما قلنا إظهار المسارعة، وبحديث عائشة رضي الله عنها قالت:«إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي العشاء فتنصرف النساء متلففات بمروطهن ثم يظهرن لا يعرفن من الغلس» . رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أجمعين -، ويروى متلفعات بالعين المهملة بعد الفاء، والمعنى متقاربات إلا أن التلفع مستعمل مع تغطية الرأس، والمروط جمع مرط بكسر الميم وسكون الراء وهي ألبسة من صوف أو خز مربعة.

وقيل سداها شعر، قوله - إن كان - كلمة إن مخففة من الثقيلة عند البصريين، واللام هي الفارقة بينها وبين النافية، وقال الكوفيون: إن نافية، واللام بمعنى إلا كقوله:{وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ} [الأعراف: 102](الأعراف: الآية 102) .

والغلس: بفتحتين بقايا ظلمة الليل يخالطها بياض الفجر، والغليس مثله إلا أن الغلس لا يكون إلا في آخر الليل والغلس يكون في أوله وآخره، وهذا الحديث معتمد مذهبهم.

واحتج أيضاً بحديث أسامة بن زيد عن الزهري يسنده إلى أبي مسعود الأنصاري - رضي

ص: 37

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

الله عنه - سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «نزل جبريل عليه السلام فأخبرني بوقت الصلاة - الحديث - وفيه صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح مرة بغلس ثم صلى أخرى فأسفر بها، ثم كانت صلاته بعد ذلك التغليس حتى مات لم يعد إلى أن يسفر» ، رواه أبو داود رضي الله عنه، وقال الخطابي: هذا حديث صحيح الإسناد.

وبحديث هشام عن قتادة عن أنس عن زيد بن ثابت - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أجمعين - قال: «تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قمنا إلى الصلاة. قلت: كم كان قدر ما بينهما قال: خمسون آية» رواه مسلم.

وبحديث القاسم بن غنام رضي الله عنه عن أم فروة وكانت ممن بايعت النبي صلى الله عليه وسلم قالت: «سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة لأول وقتها» .

وبحديث علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يا علي ثلاث لا تؤخرها: الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت كفؤا» .

وبحديث نافع عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الوقت الأول رضوان الله ووسطه رحمة الله وآخر الوقت عفو الله» .

والجواب: عن الآية أن المسارعة لهذا أسباب العبادة لا لتعجيل فيها في غير وقتها الحسن، وأيضا المسارعة إلى المغفرة تكون في المسارعة إلى الشيء الذي هو أفضل عند الله. وذلك في تكثير الجماعة لا في تقليلها وذلك لا يكون إلا في التنوير لا في التغليس.

وعن مشايخنا أن للمرأة أن تصلي الفجر بغلس لأنه أقرب إلى الستر، وفي سائر الصلوات

ص: 38

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

ينتظرون حتى يفرغ الرجال من الجماعة، وقيل الأفضل لها في الصلوات كلها أن تنتظر فراغ جماعة الرجال، كذا في " القنية "، وعن حديث عائشة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - أجوبة:

الأول: أنه لا حجة لهم فيه لأنهم كانوا يصلون صلاة الصبح بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن له مصابيح يعرف بها الرجل جليسه في نصف الليل، والغلس حينئذ يتم إلى وقت الإسفار في الأبنية.

ويقال هذا بيت غلس في النهار إذا كانت فيه غلسة وظلمة يسيرة، والمرأة إذا تلفعت بمرطها وغطت رأسها لا تعرف فلذلك إذا كان مع قليل ظلمة الليل وهو الغلس المذكور.

الثاني: أن العلة لعدم معرفتهن التستر بالمرط لا الغلس دل عليه ما رواه البخاري من هذا الحديث فيه «يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد» .

الثالث: أن فعله صلى الله عليه وسلم قد اختلف في النقل في الإسفار كما ذكرنا من الأحاديث للطرفين فرجعت إلى الأمر بالإسفار في الصبح، والأمر يفيد الوجوب فلا يترك للاستحباب.

الرابع: أن حديث عائشة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - كان في الابتداء حين يحضر النساء الجماعة ثم انتسخ ذلك حين أمرن بالقرار في البيوت، وقول إبراهيم النخعي رضي الله عنه ما اجتمع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم على شيء مما اجتمعوا على التنوير يدل على النسخ لأن اجتماعهم على خلاف ما كان النبي صلى الله عليه وسلم فعله لم يكن إلا بعد نسخ ذلك وثبوته بخلافه.

وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال النسائي والدارقطني - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -: ليس بالقوي.

وعن الثاني أن يحيى بن سعيد حدث عن أسامة بن زيد ثم تركه بآخره فلم يبق حجة.

فإن قلت: قال الحازمي في كتاب " الناسخ والمنسوخ ": حديث الغلس ثابت وأنه صلى الله عليه وسلم داوم [عليه] إلى أن فارق الدنيا ولم يكن صلى الله عليه وسلم يداوم إلا على ما هو الأفضل، ثم روى حديث ابن مسعود رضي الله عنه الذي رواه أسامة بن زيد المذكور.

قلت: يرد هذا ما أخرجه البخاري ومسلم عن عبد الرحمن بن زيد عن ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أجمعين - قال: «ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة لغير وقتها إلا جمع فإنه يجمع بين المغرب والعشاء بجمع وصلى صلاة الصبح من الغد» . قيل: قالت العلماء ففي وقتها المعتاد كل يوم إلا أنه صلى الصبح قبل الفجر دائما غلس بها جدا ويوضحه رواية البخاري والفجر حتى

ص: 39