الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكان ما رواه تعليما فظنه ترجيعا،
ويزيد في أذان الفجر بعد الفلاح: الصلاة خير من النوم، مرتين؛ «لأن بلالا رضي الله عنه قال: الصلاة خير من النوم - مرتين -، حين وجد النبي عليه السلام راقدا. فقال عليه السلام: " ما أحسن هذا يا بلال! اجعله في أذانك» ،
ــ
[البناية]
وقال ابن الساعاتي: هذا التأويل أشبه فإن أبا محذورة أخلص في إيمانه من أن يبقى معه حياء من قومه أو كراهة، لكن ذكر مسلم في حديثه ثم قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يأمرني به وقال: إن أبا محذورة لما لقيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان كافرا وكارها لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأذانه أعاد عليه الشهادة وكررها لتثبت عنده ويحفظها ويكررها على أصحابه المشركين، فإنهم كانوا ينفرون منها خلاف نفورهم من غيرها وفيها من الأذان وليس الأمر كذلك بدليل أنه عليه الصلاة والسلام لم يأمر به بلالا رضي الله عنه.
وقال ابن الجوزي: لا يختلف في أن بلالا كان لا يرجع ويقال أذان أبي محذورة عليه أهل مكة وما ذهبنا إليه عليه أهل المدينة وهو أولى بوجهين أحدهما: كون العمل على المتأخرين من الأمور.
والثاني: أن أذان بلال بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم مطلع عليه فقرر له، وأذان أبي محذورة بمكة غائب عنه عليه الصلاة والسلام فلعله لا يعلم باطنه من الأذان. ونزد عليه أن الشافعي لم يجعله من أركان الأذان بل جعله من سننه على المذهب الصحيح عندهم.
فإن قلت: أذان أبي محذورة بعد فتح مكة وحديث عبد الله بن زيد في أول شروع الأذان فيكون منسوخا.
قلت: أليس قد رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وبلال يؤذن معه بالمدينة بعد رجوعه إلى أن توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا ترجيع، فقد أمره عليه الصلاة والسلام على الأذان الذي هو أذان عبد الله. وفي " المنافع ": تعارف من زمان النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا - يعني أذان بلال - من غير ترجيع، والعرف ما استقر في النفوس من جملة [......] المنقول وتلقته الطباع السليمة بالقبول.
م: (وكان ما رواه تعليما فظنه ترجيعا) ش: أي وكان ما رواه الشافعي من حديث أبي محذورة لأجل التعليم له حيث كرره له فظنه أبو محذورة أنه ترجيع وهو في أصل الأذان، وقد مر الكلام فيه مستوفى.
[زيادة الصلاة خير من النوم في أذان الفجر]
م: (ويزيد في أذان الفجر بعد الفلاح
…
) ش: أي المؤذن بالقرينة الحالية والمقالية دلت عليه فلا يكون إضمارا قبل الذكر م: (في أذان الفجر بعد الفلاح الصلاة خير من النوم مرتين؛ لأن بلالا رضي الله عنه قال الصلاة خير من النوم حين وجد النبي صلى الله عليه وسلم راقدا فقال عليه السلام «ما أحسن هذا يا بلال! اجعله في أذانك» ش: هذا الحديث رواه الطبراني في " معجمه الكبير " حدثنا محمد بن علي الصائغ المكي ثنا يعقوب بن حميد ثنا عبد الله بن وهب عن يوسف بن يزيد عن أبي هريرة
وخص الفجر به؛ لأنه وقت نوم وغفلة، والإقامة مثل الأذان، إلا أنه يزيد فيها بعد الفلاح: قد قامت الصلاة، مرتين هكذا فعل الملك النازل من السماء،
ــ
[البناية]
عن حفص بن عمر عن بلال رضي الله عنه «أنه أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم يؤذنه بالصبح فوجده راقدا فقال: الصلاة خير من النوم مرتين فقال عليه السلام: " ما أحسن هذا يا بلال اجعله في أذانك» .
وأخرجه الحافظ أبو الشيخ في " كتاب الأذان " ثم حدثنا عبدان حدثنا محمد بن موسى الجرشي حدثنا خلف الحزان يعني البكاء قال: قال ابن عمر رضي الله عنهما «جاء بلال إلى النبي صلى الله عليه وسلم يؤذنه بالصلاة فوجده راقدا قد أغفل فقال: الصلاة خير من النوم فقال " اجعله في أذانك إذا أذنت للصبح " فجعل بلال يقولها إذا أذن للصبح» .
وروى ابن ماجه في " سننه " حدثنا عمر بن رافع حدثنا عبد الله بن المبارك عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن بلال «أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم يؤذنه لصلاة الفجر فقيل هو نائم فقال: الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم فأقرت في تأذين الفجر» فثبت الأمر على ذلك.
وروى ابن خزيمة في " صحيحه " والدارقطني ثم البيهقي في "سننيهما" من حديث ابن سرين عن أنس قال: «من السنة إذا قال المؤذن في أذان الفجر حي على الفلاح قال الصلاة خير من النوم» .
م: (وخص الفجر به) ش: أي بقوله الصلاة خير من النوم.
م: (لأنه) ش: أي لأن الفجر.
م: (وقت نوم وغفلة) ش: لأن آخر الليل يحلى النوم ولا سيما إذا سهر أول الليل. م: (والإقامة مثل) ش: أي مثل الأذان في هيئته. م: (إلا أنه) ش: أي إلا أن المؤذن. م: (يزيد فيها) ش: أي في الإقامة.
م: (بعد الفلاح قد قامت الصلاة مرتين هكذا فعل الملك النازل من السماء) ش: يعني أقام بعد حد الأذان مثنى وفرادى بعد الفلاح قد قامت الصلاة مرتين. وروى أبو داود بإسناده إلى ابن أبي ليلى قال: الصلاة ثلاثة أحوال، قال: وحدثنا أصحابنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لقد أعجبني أن تكون صلاة المسلمين أو المؤمنين واحدة، حتى لقد هممت أن أبث رجلا في الدور ينادون بخير الصلاة حتى هممت أن آمر رجالا يقومون على الآطام ينادون المسلمين بخير الصلاة حتى يقضوا وكادوا أن ينقضوا " فجاء رجل من الأنصار فقال: يا رسول الله إني لما رجعت لما رأيت من اهتمامك رأيت
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
رجلا كان عليه ثوبين أخضرين فقام على المسجد فأذن ثم قعد ثم قام فقال مثلها إلا أنه يقول قد قامت الصلاة ولولا أن تقول الناس: قال - ابن المثنى - بعد إدراك خير أو لم يقل عمر وأخذ فَمُر بلالا فليؤذن قال: فقال عمر: أما أنا فقد رأيت مثل الذي رأى ولكن لما سبقت استحييت» .
وأخرجه أحمد في " مسنده " مطولا وفيه إني رأيت شخصا عليه ثوبان أخضران فاستقبل القبلة فقال الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله مثنى حتى فرغ من الأذان ثم أمهل ساعة ثم قال مثل الذي قاله غيره أنه يزيد في ذلك قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " علمها بلالا " فكان بلال رضي الله عنه أول من أذن بها. الحديث.
قوله: ابن أبي ليلى هو عبد الرحمن واسم أبي ليلى يسار.
قوله: أحلت الصلاة ثلاثة أحوال، أي غيرت ثلاث تغيرات أو حولت ثلاث تحويلات، وقد فسرها كما ينبغي في " مسند أحمد " وفيه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: أحلت الصلاة ثلاثة أحوال فإنها أحوال الصلاة فإن النبي عليه الصلاة والسلام قدم المدينة وهو يصلي سبعة عشر شهرا إلى بيت المقدس ثم إن الله عز وجل أنزل عليه {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} [البقرة: 144](البقرة: الآية 55) فتوجه إلى مكة فهذا حول وكانوا يجتمعون للصلاة ويؤذن بها بعضهم بعضا حتى نقضوا أو كادوا أن ينقضوا ثم إن رجلا من الأنصار يقال له عبد الله بن زيد أتى رسول صلى الله عليه وسلم فقال: «يا رسول الله إني رأيت شخصا عليه ثوبان أخضران إلى قوله فكان بلال أول من أذن بها كما ذكرنا عن قرب قال فمضى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه قد طاف بي» وهذا حولان.
قوله: وحديث أصحابنا إن أراد به الصحابة فهو قد سمع من جماعة من الصحابة فيكون الحديث مسندا وإلا فهو مرسل قاله المنذري.
قلت: بل أراد به الصحابة صرح بذلك ابن أبي شيبة في " مصنفه " فقال ثنا وكيع ثنا الأعمش عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم «أن عبد الله بن زيد الأنصاري جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله رأيت في المنام كأن رجلا قام وعليه بردان أخضران، فقام على حائط فأذن مثنى مثنى» وأخرجه البيهقي في " سننه " عن وكيع به قال في " الإمام ": وهذا رجاله رجال الصحيحين، وهو متصل على مذهب الجماعة في عدالة الصحابة رضي الله عنهم وأن جهالة أسمائهم لا تضر.
وهو المشهور، ثم هو حجة على الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - في قوله: إنها فرادى فرادى، إلا قوله: قد قامت الصلاة مرتين.
ــ
[البناية]
قوله: أو من المؤمنين شك من الراوي قوله: أن أبث أي لا فرق من البث وهو النشر وكلمة أن مصدرية.
قوله: في الدور أي القبائل.
قوله: يجيء الصلاة أي بوقتها.
قوله: على الآطام: جمع أطم بضم الهمزة والطاء وهو بناء مرتفع وآطام المدينة أبنيتهما المرتفعة. وفي الصحاح: الآطام: حصون أهل المدينة.
قوله: حتى نقض بفتح القاف من النقض وهو الضرب بالناقوس. قوله: أو كادوا أن ينقضوا بضم القاف لأنه من نَقَضَ يَنْقُضُ من باب نَصَرَ يَنْصُرُ وهو شك من الراوي والمعنى أو قربوا من نفس الناقوس؛ لأن كاد من أفعال المقاربة. قوله فجاء رجل من الأنصار هو عبد الله بن زيد الأنصاري وهو مفسر به في حديث أحمد.
قوله: كان عليه ثوبين أخضرين وفي رواية أحمد كما ذكرنا كان عليه ثوبان أخضران وهو القياس، لأن ثوبين فاعل كان وهو اسمه فيكون مرفوعا وخبره قوله عليه ووجهه رواية أبي داود وأن صحبا أن يكون كان زائدة وهي أي التي لا تخل بالمعنى الأصلي ولا يعمل في شيء أصلا، ويكون نصب ثوبين بالفعل المقدر والتقدير: رأيت رجلا ورأيت عليه ثوبين أخضرين. قلت: إذا كان بالتشديد لا يحتاج إلى هذه المكلفات اللهم إذا صحت الرواية فكان الناقض قوله ثم قعد قعدة بفتح القاف لأنه للمرة هاهنا وأما القعدة بالكسر فللهيئة. قوله: قال ابن المثنى هو محمد بن المثنى أحد مشايخ أبي داود. وقوله: ولم يقل عمرو هو عمرو بن مروان أحد شيوخ أبي داود. قوله: فمر بلالا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم يخاطب به عبد الله بن زيد الأنصاري. قوله: فقال هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه أما أنا بفتح الهمزة في أنا وبكسرها في إني سمعت على صيغة المجهول. قوله: استحييت أن أذكر ما يأتي.
فإن قلت: من هو الملك الذي قال المصنف هكذا فعل الملك النازل.
قلت: قد قيل جبريل عليه السلام.... غيره والأول أظهر.
م: (وهو المشهور) ش: أي قيل الملك النازل من السماء هو المشهور وفيه من تكرار كلمات الإقامة كما في قوله قد قامت الصلاة مرتين.
م: (ثم هو حجة على الشافعي في قوله: إنها فرادى فرداى، إلا في قوله قد قامت الصلاة مرتين)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
ش: أي ثم فعل الملك النازل من السماء في الإقامة مثنى مثنى حجة على الشافعي في قوله أن الإقامة فرادى فرادى بضم الفاء جمع فرد على غير القياس كأنه جمع فردان والفرد الوتر.
قوله: إلا قد قامت الصلاة يعني هي مرتان وبه قال أحمد. وقال الشافعي في القديم ثم لفظ الإقامة أيضا مرة، وبه قال مالك لما روي عن أبي محذورة أنه عليه السلام قال:«الأذان مثنى مثنى والإقامة فرادى فرادى» «وعن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال: كان الأذان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مرتين مرتين والإقامة فرادى فرادى» . ولما روي «أنه عليه السلام أمر بلالا أن يشفع فيه ويوتر في الإقامة» . ولأن المقصود بالأذان الإعلام ومع تكراره أبلغ والمقصود من الإقامة إقامة الصلاة بالإفراد أعجل لإقامتها.
ولنا ما ذكرنا من حديث عبد الله بن زيد الأنصاري ومشاهير أحاديث كبار الصحابة وما رواه محمول على الجمع بين الكلمتين في الإقامة والتفريق بينهما في الأول، وعلى إتيان قوله بحيث لا ينقطع الصوت لما روي أن عليا رضي الله عنه مر بمؤذن أوتر الإقامة فقال له اشفعها لا أبا لك كذا في " المحيط "، وما ذكروا من قولهم وبالإفراد إذا عجل يعني أسر إلى الشروع [......] بقد قامت وروي عن النخعي أنه قال: أول من أفرد معاوية وقال مجاهد: كانت الإقامة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مثنى مثنى حتى استحقه بعض أمراء الجواز لحاجة.
فإن قلت: أخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث أنس رضي الله عنه قال «أمر بلالا أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة» وأخرج أبو داود والنسائي وابن حبان عن ابن عمر قال: كان الأذان الحديث ذكرناه الآن وحديث أبي محذورة الذي احتج به الشافعي المذكور آنفا أخرجه الدارقطني في " سننه " وأخرج ابن ماجه عن معمر - بتشديد الميم - ابن محمد بن عبد الله بن أبي رافع حدثني أبي محمد عن أبيه عبد الله قال: «رأيت بلالا يؤذن بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم مثنى مثنى ويقيم» . وأخرج الدارقطني عن سلمة بن الأكوع قال: «كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مثنى مثنى والإقامة فرادى» .
وأخرج البيهقي عن محمد بن إسحاق عن عون عن ابن أبي حنيفة عن أبيه قال «كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مثنى مثنى والإقامة مرة واحدة» .
قلت: قد قلنا أحاديث مشاهير الصحابة مثل ما ذهبنا إليه، فهذا الترمذي روى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن زيد قال:«كان أذان رسول الله صلى الله عليه وسلم شفعا شفعا في الأذان والإقامة» وروى أبو داود وابن ماجه من حديث عبد الله بن محيريز عن أبي محذورة «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه الأذان» . وقال النسائي فيه: «ثم عدها أبو محذورة تسع عشرة كلمة» . وقال الترمذي: حديث حسن صحيح ورواه ابن خزيمة في " صحيحه " ولفظه: «فعلمه الأذان والإقامة
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
مثنى مثنى» وكذلك رواه ابن حبان في " صحيحه ".
فإن قلت: قال البيهقي: هذا الحديث عندي غير محفوظ بوجوه أحدها أن مسلما لم يخرجه، ولو كان محفوظا لم يتركه لأن هذا الحديث قد رواه هشام الدستوائي عن عامر الأحول دون ذكر الإقامة كما أخرجه مسلم في " صحيحه ".
والثاني: أن أبا محذورة قد روي عنه خلافه.
والثالث: أن هذا الخبر لم يدم عليه أبو محذورة، ولا أولاده ولو كان هذا حكما ثابتا لما فعل بخلافه.
قلت: عدم تخريج مسلم إياه لا يدل على عدم صحته، لأنه لم يلتزم إخراج كل الصحيح، ويتعين العدد بتسعة عشر وسبعة عشر ينفي الغلط في العدد بخلاف غيره من الروايات لأنه قد يقع فيها اختلاف وإسقاط وأيضا قد وجدت متابعة لهما.
ثم في رواية عن عامر كما أخرجه الطبراني عن سعيد بن أبي عروة عن عامر بن عبد الواحد عن مكحول عن عبد الله بن محيريز عن أبي محذورة قال: «علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذان تسع عشرة كلمة والإقامة سبع عشرة كلمة» .
والجواب عن الثالث أن هذا داخل في باب الترجيح لا في باب التضعيف؛ لأن عمدة التصحيح عدالة الراوي وترك العمل بالحديث لوجود ما هو أرجح منه لا يلزم منه ضعفه ألا ترى أن الأحاديث المنسوخة يحكم بصحتها إذا كانت رواتها عدولا ولا يعمل بها لوجود الناسخ، وإذا قال الأمر إلى الترجيح فقد يختلف الناس فيه.
قلت: وله طريق أخرى عند أبي داود أخرجه عن ابن جريج عن عثمان بن السائب وفيه «وعلمني الإقامة مرتين» ثم ذكرها مفسرة، وله طريق آخر عند الطحاوي أخرجه عن شريك بن عبد العزيز بن رفيع قال سمعت أبا محذورة يؤذن مثنى مثنى ويقيم مثنى مثنى.
وقال [في] الإمام عن يحيى بن معين عن عبد العزيز بن رفيع ثقة، وحديث [آخر] أخرجه عبد الرزاق في " مصنفه " أخبرنا معمر عن حماد عن إبراهيم عن الأسود «أن بلالا كان يثني الإقامة
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
وكان يبدأ بالتكبير ويختم بالتكبير» . ومن طريق عبد الرزاق رواه الدارقطني في " مصنفه " والطحاوي في " شرح الآثار ".
فإن قلت: قال ابن الجوزي في " التحقيق " والأسود: لم يدرك بلالا.
قلت: قال صاحب " التنقيح ": وفيما قاله نظر.
وقد روى النسائي للأسود عن بلال حديثا. وحديث آخر أخرجه الدارقطني في " سننه " بإسناده إلى بلال «أنه كان يؤذن للنبي صلى الله عليه وسلم مثني مثنى، ويقيم مثنى مثنى» وفيه زياد البكاء وثقه أحمد، وقال أبو زرعة: صدوق واحتج به مسلم.
ويرد بهذا تعليل ابن حبان في كتاب " الضعفاء " هذا الحديث بزياد وأيضا روى الطحاوي من حديث وكيع عن إبراهيم بن إسماعيل عن مجمع بن حارثة عن عبيد مولى سلمة بن الأكوع أن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه كان يثني الأذان والإقامة. حدثنا محمد عن خزيمة ثنا محمد بن سنان ثنا حماد بن سلمة عن حماد عن إبراهيم قال: كان ثوبان رضي الله عنه يؤذن مثنى ويقيم مثنى. حدثنا يزيد بن سنان حدثنا يحيى بن سعيد القطان ثنا فطر بن خليفة عن مجاهد قال: في الإقامة مرة مرة إنما هو شيء أحدثه الأمراء وأن الأصل التثنية.
قلت: قد ظهر لك بهذه الدلائل أن قول النووي في " شرح مسلم ": وقال أبو حنيفة الإقامة سبعة عشرة كلمة. وهذا المذهب شاذ.
قلت: رأيه لا يلتفت إليه، وكيف يكون شاذا مع وجود هذه الأحاديث والأخبار الصحيحة؟
فإن قلت: قول أنس رضي الله عنه بلال الحديث في حكم المرفوع. وقال النووي قول الصحابي أمرنا هكذا ونهينا عن كذا وأمر الناس بكذا ونحوه كلمة مرفوع سواء قال الصحابي ذلك في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بعد وفاته.
قلت: من الإطلاق هنا وجوه الاحتمالات.
قوله: - سواء - اهـ غير مسلم، لجواز أن يقول الصحابي بعد رسول الله أمرنا بكذا أو نهينا عن كذا ويكون الآمر والناهي أحد الخلفاء الراشدين.
فإن قلت: حديث أبي محذورة لا يوازي حديث أنس هذا من جهة واحدة، فضلا عن الجهات كلها مع أن الجماعة من الحفاظ ذهبوا إلى أن هذه اللفظة في تثنية الإقامة غير محفوظة، ثم رووا عن طريق أخرى عن عبد الملك بن أبي محذورة أنه سمع أباه أبا محذورة يقول: إن