الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويكره تقديم العبد؛ لأنه لا يتفرغ للتعلم، والأعرابي؛ لأن الغالب فيهم الجهل
ــ
[البناية]
بعضهم فإن تساووا فأحسنهم خلقا، وزاد بعضهم: فإن تساووا فأحسنهم وجها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار» ، وفي " المحيط ": اعتبر الحسب في المال على الأحسن وجها.
وفي " مختصر الجواهر ": يرجح بالفضائل الشرعية والخلقية والمكاتبية وكمال الصورة كالشرف في النسب والسن ويلحق بذلك حسن اللباس، وقيل: ونظافة الوجه وحسن الخلق وتملك رقبة المكان أو منفعته، قال المرغيناني: المستأجر أولى من المالك.
وفي " الخلاصة ": فإن تساووا في هذه الخصال يقرع أو الخيار إلى القوم، وقيل: إمامة المقيم أولى من العكس. وقال أبو الفضل الكرماني: هما سواء.
وللشافعي قولان في القديم: يقدم الأشرف ثم الأقدم هجرة ثم الأسن وهو الأصح. والقول الثاني: يقدم الأسن ثم الأشرف ثم الأقدم هجرة، وفي "تتمتهم" ثم بعد الكبر والشرف تقدم نظافة الثوب، والمراد النظافة عن الوسخ، والنجاسات؛ لأن الصلاة مع النجاسة لا تصح، ثم بعد ذلك حسن الصوت؛ لأن به تميل الناس إلى الصلاة خلفه فتكثر الجماعة ثم حسن الصورة.
وفي " المبسوط " و " المحيط " و " شرح الأقطع " لم تعتبر الهجرة لسقوط وجوبها على جميع الحاضرين، الأفقه والأقرأ والأورع والأسن وصاحب البيت وإمام المسجد.
قلت: هذا في الزمان الماضي؛ لأن الولاة كانوا علماء وغالبهم كانوا صلحاء، وفي زماننا أكثر الولاة ظلمة وجهلة.
[إمامة العبد والفاسق والأعمى وولد الزنا]
م: (ويكره تقديم العبد؛ لأنه لا يتفرغ للتعلم) ش: فيغلب عليه الجهل، وقال مالك: لا يؤتم به في جمعة ولا عيد. وقال الأوزاعي: لا يجوز أن يؤم الأحرار، قلنا: الإمامة أمر ديني فيستوي فيه الحر والعبد، ولهذا جوز الشافعي إمامته بلا كراهة، وقال: الحر أولى.
وفي "تتمتهم" تكره إمامته، ووجه الكراهة أن في تقديمه تقليل الجماعة؛ لأن الناس يستنكفون متابعته. م:(والأعرابي) ش: عطف على قوله العبد أي ويكره أيضا تقديم الأعرابي، وهو بفتح الهمزة البدوي، وهو من يسكن البادية عربيا كان أو أعجميا. وفي " الكافي ": ويستحب تقديم العربي؛ لأنه يسكن البدو م: (لأن الغالب فيهم الجهل) ش: وهو معنى: من بدا جفا.
فإن قلت: ما وجه رفع الضمير في قوله: فيهم، مع أن المذكور واحد، وإن كان مراده عود الضمير إلى الأعرابي والعبد، وما كان ينبغي أن يقول فيها بضمير التثنية؟
قلت: كان الأولى أن يقول: فيه أو فيهما، ولكن كأنه ينظر إلى أن في الأعرابي معنى الجمع؛ لأنه محلى بالألف واللام فيصدق على كل من يسكن البادية.
والفاسق؛ لأنه لا يتهم لأمر دينه
ــ
[البناية]
م: (والفاسق؛ لأنه لا يهتم لأمر دينه) ش: فيرد فيه الناس، وفيه تقليل الجماعة، وقال مالك: لا تجوز إمامة الفاسق بلا تأويل كالزاني وشارب الخمر، أما الفاسق بالتأويل كمن يسب السلف الصالح، فعنه فيه روايتان، وعن أحمد: فيه روايتان في جواز الاقتداء به مطلقا أصحهما المنع، وقلنا نحن والشافعي بجواز إمامته؛ لقوله عليه الصلاة والسلام:«صلوا خلف كل بر وفاجر» ؛ ولأن ابن عمر وأنسا وغيرهما من الصحابة رضي الله عنهم والتابعين صلوا خلف الحجاج الجمعة وغيرها مع أنه كان أفسق أهل زمانه.
وروي أن الحجاج كان يخطب يوم الجمعة، فأطال الجمعة حتى كاد يدخل وقت العصر فقام ابن عمر رضي الله عنهما وقال: أقصر يا مكار هداك الله، فلما فرغ الحجاج دعا ابن عمر ليقتله وقال: أما تخشى أن الله يسلطني على مالك ودمك فأهريقه، أو على نفسك فأخترمها، فقال ابن عمر: أما يكفيني أني صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم والآن أصلي خلفك، وأنت من أفسق الناس.
وأما وجه الكراهية فلما قلنا؛ ولهذا قال أصحابنا: لا ينبغي أن يقتدى بالفاسق إلا في الجمعة؛ لأن في سائر الصلوات يجد إماما غيره بخلاف الجمعة، وكان ابن مسعود رضي الله عنه يصلي خلف الوليد بن عقبة في صلاة الجمعة وسائر الصلوات، وكان الوليد واليا بالكوفة وكان فاسقا حتى صلى بالناس يوما وهو سكران، كذا في " شرح الإرشاد ". وفي " المحيط ": لو صلى خلف فاسق أو مبتدع يكون محرزا ثواب الجماعة؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «صلوا خلف كل بر وفاجر» .
وأما لا ينال ثواب من صلى خلف التقي، ثم الفاسق إذا كان يؤم، وعجز القوم عن منعه تكلموا فيه، قيل: يقتدى به في صلاة الجمعة، ولا يترك الجمعة بإمامته، أما في غيرها من المكتوبات فلا بأس بأن يتحول إلى مسجد آخر، ولا يصلي خلفه ولا يأثم بذلك، وفي " المجتبى " و" المبسوط ": يكره الاقتداء بصاحب البدعة، وفي " شرح بكر " فأصل الجواب أن من كان من أهل قبلتنا، ولم يعمل بقوله لم يحكم بكفره، وتجوز الصلاة خلفه، وإن كان يكفي حتى يكفر أهلها؛ كالجهمي والقدري الذي قال بخلق القرآن، والرافضي الغالي الذي ينكر خلافة أبي بكر رضي الله عنه والمشبهة لا تجوز، وبه قال أكثر أصحاب الشافعي رضي الله عنه وقال القفال ومن تابعه: يجوز الاقتداء بهم وأنهم لا يكفرون وهو ظاهر مذهب الشافعي كذا في " شرح الوجيز "، وعن أبي يوسف: من اتخذ من هذه الأهواء شيئا فهو صاحب بدعة.
وروى محمد عن أبي حنيفة، وأبي يوسف أن الصلاة خلف أهل الأهواء لا تجوز.
أما الصلاة خلف الشافعي إذا انحرف عن القبلة لا يجوز، أو لم يتوضأ من الخارج من غير
والأعمى؛ لأنه لا يتوقى النجاسة، "
وولد الزنا؛ لأنه ليس له أب يثقفه فيغلب عليه الجهل؛ ولأن في تقديم هؤلاء تنفير الجماعة، فيكره وإن تقدموا جاز؛ لقوله عليه الصلاة والسلام:«صلوا خلف كل برّ وفاجر» .
ــ
[البناية]
السبيلين، أو لم يغسل المني الذي هو أكثر من الدرهم لا تجوز على الأصح، وإلا فتجوز، وقيل: لكنه يكره، وقال أبو يوسف: لا تجوز الصلاة خلف المتكلم وإن تكلم بحق، وقال ابن حبيب من المالكية: من صلى وراء من شرب الخمر يعيد أبدا إلا أن يكون واليا.
وقال أبو بكر: من صلى خلف الفاسق من غير تأويل يعيد أبدا، وتكره إمامة الخصي والأقلف والمأبون وولد الزنا، وعند الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين تصح الصلاة خلف الفاسق، وعن أبي يوسف رحمه الله لا يؤمهم صاحب خصومة في الدين، ولو صلى خلفهم جازت.
وعن أبي يوسف رحمه الله من طلب الدين بالخصومات دعي زنديقا، ومن طلب الكساد دعي زعليا، ومن طلب غريب الحديث دعي كذابا، ولا بأس بأن يصلى وراء من في يديه تصاوير، وقيل: إن كانت مكشوفة يكره.
وفي " الفتاوى الظهيرية ": لا تصح إمامة الأحدب للقائم هكذا ذكره محمد بن شجاع في " النوازل "، وقيل: يجوز والأول أصح. وفي " الذخيرة ": ويؤم الأحدب القائم، كما يؤم القاعد القائم، ولا يؤم الراكب النازل.
م: (والأعمى) ش: عطف على قوله: والأعرابي أي: ويكره أيضا تقديم الأعمى م: (لأنه لا يتوقى النجاسة) ش: أي لا يتحفظ على النجاسة ولا يهتدي إلى القبلة، ولا يقدر على استيعاب الوضوء في أعضاء الطهارة غالبا، وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: كيف أؤمهم وهم بعيد، يعني إلى القبلة، وقال القاضي من الحنابلة: هو كالبصير إذ هو أخشع في الصلاة، قال: البصير يشغله ما يراه وقد ينظر إلى ما لا يحل. وفي " المحيط ": إذا لم يوجد غيره من البصير فهو أولى بالإمامة. وفي " البدائع " إذا كان لا يوازيه غيره في الفضل في المسجد فهو أولى.
م: (وولد الزنا) ش: عطف على قوله: والأعمى، أي: ويكره أيضا تقديم ولد الزنا م: (لأنه ليس له أب يثقفه) ش: أي يؤدبه ويعلمه فيبقى على ما حمل جاهلا م: (فيغلب عليه الجهل) ش: وبقولنا قال الشافعي ومالك، وقال أحمد: لا يكره، ورواه ابن المنذر عن مالك واختاره.
م: (ولأن في تقديم هؤلاء) ش: هذا دليل ثان يشتمل الكل، أي ولأن في تقديم العبد والأعرابي والفاسق والأعمى وولد الزنا م:(تنفير الجماعة فيكره) ش: لأن القوم يؤذون بهم ولا يرضون بهم أئمة فيكره.
وفي " المجتبي " والمراد من الكراهة في هذا الموضع كراهة تنزيه، فإنه قال محمد في الأصل: إمامة غيرهم أحب إلي، وأما الجواز فلا كلام فيه أشار إليه بقوله: م: (وإن تقدموا جاز؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلوا خلف كل بر وفاجر» ش: وهذا الحديث أخرجه الدارقطني في "سننه " عن معاوية بن صالح، عن العلاء بن الحارث، عن مكحول، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن