المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تأخير العشاء إلى ما قبل ثلث الليل - البناية شرح الهداية - جـ ٢

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصلاة

- ‌[تعريف الصلاة]

- ‌باب المواقيت

- ‌أول وقت الفجر

- ‌[وقت صلاة الفجر]

- ‌[آخر وقت صلاة الفجر]

- ‌أول وقت الظهر

- ‌[وقت صلاة الظهر]

- ‌[آخر وقت الظهر]

- ‌أول وقت العصر

- ‌[وقت صلاة العصر]

- ‌[آخر وقت العصر]

- ‌[وقت صلاة المغرب]

- ‌[أول وقت المغرب وآخره]

- ‌أول وقت العشاء

- ‌[وقت صلاة العشاء]

- ‌آخر وقت العشاء

- ‌[وقت صلاة الوتر]

- ‌فصل ويستحب الإسفار بالفجر

- ‌[الإبراد بالظهر وأخير العصر في الصيف]

- ‌[تعجيل المغرب]

- ‌تأخير العشاء إلى ما قبل ثلث الليل

- ‌فصل في الأوقات التي تكره فيها الصلاة

- ‌باب الأذان

- ‌[حكم الأذان]

- ‌صفة الأذان

- ‌[ما يشرع له الأذان من الصلوات]

- ‌[زيادة الصلاة خير من النوم في أذان الفجر]

- ‌[ما يسن في الأذان والإقامة]

- ‌[شروط المؤذن]

- ‌[ما يستحب لمن سمع الأذان]

- ‌[التثويب في أذان الفجر]

- ‌[الفصل بين الأذان والإقامة]

- ‌[ما ينبغي للمؤذن والمقيم]

- ‌[أذان الجنب]

- ‌[الأذان قبل دخول الوقت]

- ‌المسافر يؤذن ويقيم

- ‌باب شروط الصلاة التي تتقدمها

- ‌ الطهارة من الأحداث والأنجاس

- ‌[ستر العورة]

- ‌عورة الرجل

- ‌[عورة الحرة]

- ‌[عورة الأمة]

- ‌[صلاة العريان]

- ‌[النية من شروط الصلاة]

- ‌[تعريف النية]

- ‌[استقبال القبلة من شروط الصلاة]

- ‌ حكم من اشتبهت عليه القبلة

- ‌باب في صفة الصلاة

- ‌فرائض الصلاة

- ‌[تكبيرة الإحرام]

- ‌[القيام في صلاة الفرض]

- ‌[قراءة القرآن والركوع والسجود في الصلاة]

- ‌[القعدة في آخر الصلاة والتشهد والسلام]

- ‌[سنن الصلاة]

- ‌[رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام]

- ‌[وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة]

- ‌[دعاء الاستفتاح]

- ‌[حكم الاستعاذة في الصلاة]

- ‌[البسملة في الصلاة]

- ‌[الواجب من القراءة في الصلاة]

- ‌[قول المأموم آمين]

- ‌[التكبير قبل الركوع وبعد الرفع منه]

- ‌[قول سبحان ربي العظيم في الركوع]

- ‌قول: سمع الله لمن حمده

- ‌[قول سبحان ربي الأعلى في السجود]

- ‌[الافتراش عند التشهد الأوسط]

- ‌[التشهد الأوسط وصيغته]

- ‌[القراءة في الأخيرتين بفاتحة الكتاب فقط]

- ‌[الصلاة على النبي في التشهد الأخير]

- ‌[حكم الصلاة على النبي خارج الصلاة]

- ‌[الدعاء بعد التشهد الأخير وقبل السلام]

- ‌[كيفية الصلاة على النبي]

- ‌[الحكم لو ترك بعض التشهد وأتى بالبعض]

- ‌فصل في القراءة

- ‌[الصلوات التي يجهر فيها بالقراءة والتي يسر فيها]

- ‌[المنفرد هل يجهر بصلاته أم يسر فيها]

- ‌[الإسرار بالقراءة في الظهر والعصر]

- ‌[الجهر في الجمع بعرفة]

- ‌[الجهر في الجمعة والعيدين]

- ‌[تطوعات النهار سرية]

- ‌[حكم من قرأ في العشاء في الأوليين السورة ولم يقرأ بالفاتحة]

- ‌أدنى ما يجزئ من القراءة في الصلاة

- ‌[مقدار القراءة في الصلوات الخمس]

- ‌[قراءة نفس السورة مع الفاتحة في الركعة الثانية]

- ‌[تعيين سورة أو آية من القرآن لشيء من الصلوات]

- ‌[قراءة المؤتم خلف الإمام]

- ‌باب في الإمامة

- ‌[حكم صلاة الجماعة]

- ‌أولى الناس بالإمامة

- ‌[إمامة العبد والفاسق والأعمى وولد الزنا]

- ‌[تخفيف الإمام في الصلاة]

- ‌[إمامة المرأة للنساء في صلاة الجماعة]

- ‌[موقف الإمام والمأموم في الصلاة]

- ‌[إمامة المرأة والصبي في الصلاة]

- ‌[إمامة الصبي في النوافل كالتراويح ونحوها]

- ‌[كيفية ترتيب الصفوف في الصلاة]

- ‌[محاذاة المرأة للرجل في الصلاة]

- ‌[حضور النساء للجماعات]

- ‌[صلاة الصحيح خلف صاحب العذر]

- ‌[صلاة القارئ خلف الأمي]

- ‌[صلاة المكتسي خلف العاري]

- ‌[إمام المتيمم للمتوضئين]

- ‌[صلاة القائم خلف القاعد]

- ‌[صلاة المفترض خلف المتنفل والعكس]

- ‌ اقتدى بإمام ثم علم أن إمامه محدث

- ‌[إمامة الأمي]

- ‌باب الحدث في الصلاة

- ‌[حكم من ظن أنه أحدث فخرج من المسجد ثم علم أنه لم يحدث]

- ‌[حكم الحدث من الإمام أو المأموم في الصحراء]

- ‌[الحكم لو حصر الإمام عن القراءة فقدم غيره]

- ‌[رؤية المتيمم للماء أثناء الصلاة]

- ‌[حكم من أحدث في ركوعه أو سجوده]

- ‌[حكم من أم رجلا واحدا فأحدث]

- ‌باب ما يفسد الصلاة، وما يكره فيها

- ‌[حكم الكلام في الصلاة]

- ‌[التنحنح في الصلاة]

- ‌[تشميت العاطس في الصلاة]

- ‌[الفتح على الإمام]

- ‌[حكم الفتح على الإمام]

- ‌[حكم من صلى ركعة من الظهر ثم افتتح العصر]

- ‌[حمل المصحف والنظر فيه وتقليب الأوراق في الصلاة]

- ‌[اتخاذ السترة ومرور المرأة ونحوها بين يدي المصلي]

- ‌[اتخاذ المصلي للسترة في الصحراء]

- ‌ وسترة الإمام سترة للقوم

- ‌[دفع المصلي المار بين يديه]

- ‌[فصل في العوارض التي تكره في الصلاة]

- ‌ العبث في الصلاة

- ‌[التخصر في الصلاة]

- ‌ الالتفات في الصلاة

- ‌[الإقعاء في الصلاة]

- ‌[رد السلام للمصلي]

- ‌[التربع للمصلي]

- ‌[لا يصلي وهو معقوص الشعر]

- ‌[كف الثوب في الصلاة]

- ‌[الأكل والشرب في الصلاة]

- ‌[الحكم لو صلى وفوقه أو بين يديه أو بحذائه تصاوير]

- ‌[اتخاذ الصور في البيوت وقتل الحيات في الصلاة]

- ‌فصل ويكره استقبال القبلة بالفرج في الخلاء

- ‌ المجامعة فوق المسجد والبول والتخلي

- ‌[أحكام المساجد]

- ‌[إغلاق باب المسجد]

- ‌باب صلاة الوتر

- ‌[حكم صلاة الوتر]

- ‌[عدد ركعات الوتر]

- ‌[أحكام القنوت في الصلاة]

- ‌[القراءة في صلاة الوتر]

- ‌[القنوت في الوتر]

- ‌[حكم من أوتر ثم قام يصلي يجعل آخر صلاته وترا أم لا]

- ‌باب النوافل

- ‌[عدد ركعات التطوع المرتبطة بالصلوات وكيفيتها]

- ‌فصل في القراءة

- ‌[حكم القراءة في الفرض]

- ‌[حكم القراءة في صلاة النفل]

- ‌[صلاة النافلة على الدابة وفي حال القعود]

- ‌[حكم السنن الرواتب]

- ‌فصل في قيام شهر رمضان

- ‌[حكم صلاة التراويح وكيفيتها]

- ‌[صلاة الوتر جماعة في غير رمضان]

- ‌باب إدراك الفريضة

- ‌[حكم من أقيمت عليه الصلاة وهو في صلاة نفل]

- ‌[حكم من انتهى إلى الإمام في صلاة الفجر وهو لم يصل ركعتي الفجر]

- ‌باب قضاء الفوائت

- ‌[كيفية قضاء الفوائت]

- ‌باب سجود السهو

- ‌[كيفية سجود السهو]

- ‌[متى يلزم سجود السهو]

- ‌[حكم الشك في عدد ركعات الصلاة]

- ‌باب صلاة المريض

- ‌[كيفية صلاة المريض]

- ‌[حكم من أغمي عليه خمس صلوات أو دونها]

- ‌باب سجود التلاوة

- ‌[عدد سجدات القرآن]

- ‌[من تلزمه سجدة التلاوة]

- ‌[قضاء سجدة التلاوة]

- ‌[تكرار تلاوة سجدة التلاوة في المجلس الواحد]

الفصل: ‌تأخير العشاء إلى ما قبل ثلث الليل

قال: و‌

‌تأخير العشاء إلى ما قبل ثلث الليل

لقوله عليه الصلاة والسلام: «لولا أن أشق على أمتي لأخرت العشاء إلى ثلث الليل» .

ــ

[البناية]

قال: وليس بطائل.

قلت: هذا الاعتراض وجوابه للأترازي فإنه قال:

فإن قلت: قدم صاحب " الهداية " الدليل العقلي على النقلي وكان حقه أن يعكس.

قلت: وقع في خاطري الإلهام الرباني أن صاحب " الهداية " إنما أخر الحديث عن الدليل العقلي وذكره متصلا بما له تأخير العشاء، لأن الحديث فيه استحباب تأخير العشاء أيضا فكره أن يفصل بين الحديث وبين مسألة تأخير العشاء.

قلت: وقع في خاطري بالإلهام الرباني أن هذا الجواب غير طائل كما أشار إليه الأكمل، والجواب الطائل هو أنه إنما أخر الدليل العقلي لأنه دليل استحباب تعجيل المغرب ودليل أيضا للدليل اللفظي، لأنه علل كراهة التأخير لأجل التشبه باليهود؛ فإنهم يؤخرون المغرب إلى اشتباك النجوم، كما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال:«عجلوا بالمغرب ولا تشبهوا باليهود» ، فأخروا عنه حتى يشمل المدلول ودليله العقلي أيضا، وكان ذكره على الطريقة المعهودة من تقديم المدلول وتأخير الدليل فافهم.

[تأخير العشاء إلى ما قبل ثلث الليل]

م: (قال) ش " أي القدوري رحمه الله م: (وتأخير العشاء إلى ما قبل ثلث الليل) ش " أي يستحب تأخير صلاة العشاء إلى ما قبل ثلث الليل، وفي بعض نسخ القدوري إلى نصف الليل، وعن الطحاوي: التأخير إلى ثلث الليل مستحب وبه قال مالك، وأحمد رضي الله عنهما وأكثر أصحابه والتابعين ومن بعدهم قاله الأترازي، وإلى النصف مباح وما بعده مكروه.

وقال الشافعي رحمه الله في القديم: تقديمها أفضل، وهو لا يصح كسائر الصلوات، وفي الجديد: تأخيرها أفضل ما لم يجاز وقت الاختيار.

وحكى ابن المنذر: أن المنقول عن ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما إلى ما قبل ثلث الليل وهو مذهب إسحاق والليث أيضا، وبه قال الشافعي رضي الله عنه في كتبه الجديدة. وفي الإملاء القيم تقديمها، وقال النووي: وهو الأصح، وقطع الأترازي في " الكافي " بتفصيل التأخير، قال: وهو أقوى دليلا.

م: (لقوله صلى الله عليه وسلم «لولا أن أشق على أمتي لأخرت العشاء إلى ثلث الليل» ش: روي هذا عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني وعلي بن أبي طالب، وأبي سعيد الخدري - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أجمعين -، وروي أيضا في هذا الباب: عن ابن عباس وابن عمر وأنس وأبي هريرة وجابر بن سمرة رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ -.

ص: 46

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

فحديث أبي هريرة: رواه الترمذي وابن ماجه من حديث عبيد الله بن عمر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أجمعين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لولا أن أشق على أمتي لأخرت العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه» ، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وحديث زيد بن خالد رواه الترمذي في " الطهارة " والنسائي في " الصوم " قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة، وأخرت العشاء إلى ثلث الليل» الحديث، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وذكره الشيخ علاء الدين التركماني فعزى هذا الحديث بتمامه لأبي داود رضي الله عنه ولم يخرج منه إلا فضل السواك ولم يذكر فيه تأخير العشاء، والعجب من أصحاب الأطراف كابن عساكر والحافظ المزني حيث لم يتنبها إلى ذلك وما قصر الحافظ المنذري حيث بين ذلك، وقال: حديث الترمذي مشتمل فيه على الفضلين فضل السواك وفضل الصلاة.

وأعجب من ذلك ما ذكره النووي في " الخلاصة " مقتصرا على فضل تأخير العشاء وعزاه لأبي داود والتزمذي رضي الله عنهما.

وحديث علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - رواه البزار بسنده عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة، ولأخرت العشاء إلى ثلث الليل»

قال: ولا نعلمه يروى عن علي إلا بهذا الإسناد.

وحديث أبي سعيد: قال ابن أبي حاتم سمعت أبي وذكر حديث مروان الفزاري عن محمد بن عبد الرحمن بن مهران عن سعيد المقبري عن أبي سعيد الخدري - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أجمعين - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لولا أن أشق على أمتي لأخرت العشاء إلى ثلث الليل» قال أبي: إنما هو عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم. وروى ابن ماجه هذا الحديث من رواية داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم «صلى المغرب ثم لم يخرج حتى ذهب شطر الليل ثم خرج فصلى بهم، وقال: لولا الضعيف والسقيم لأحببت أن أؤخر هذه الصلاة

ص: 47

ولأن فيه قطع السمر

ــ

[البناية]

إلى شطر الليل»

وحديث ابن عباس: رواه البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أخر العشاء حتى ذهب من الليل ما شاء فقال له عمر رضي الله عنه: يا رسول الله نام النساء والصبيان والولدان، فقال حين خرج لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يصلوا هذه الساعة» .

وحديث ابن عمر رضي الله عنه: رواه مسلم قال: «مكثنا ذات ليلة ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء الآخرة، فخرج إلينا حين ذهب ثلث الليل أو بعضه، فلا يدري أي شيء شغله في أهله أو غير ذلك، فقال حين خرج: إنكم تنتظرون صلاة ما ينتظرها أهل دين غيركم ولولا أن أشق على أمتي لصليت بهم هذه الساعة ثم أمر المؤذن فأقام الصلاة وصلى» .

وحديث أنس رضي الله عنه: رواه البخاري ومسلم قال: «أخر النبي صلى الله عليه وسلم العشاء إلى نصف الليل ثم صلى ثم قال: صلى الناس وناموا أما إنكم في صلاة ما انتظرتموها» .

وحديث أبي بردة رضي الله عنه: رواه البخاري ومسلم قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحب أن يؤخر العشاء التي يدعونها العتمة» .

وحديث جابر بن سمرة رضي الله عنه: رواه مسلم قال: «كان صلى الله عليه وسلم يؤخر العتمة» .

فإن قلت: كيف ثبت الاستحباب هاهنا والسنة في السواك مع أن " لولا " فيهما على شق واحد.

قلت: انتفى الأمر في السواك لمانع المشقة، ولو أمر لكان واجبا، فلما انتفى الأمر لمانع المشقة، يلزم فوات ما دون نقص الأمر وهو السنة، والمنتفى لمانع هو التأخير، ومفسر التأخير لم يدل على الوجوب بل يدل على الندب والاستحباب.

وقال الأترازي وصاحب " الدراية ": وأيضا وجدت المواظبة في السواك ولم توجد في التأخير.

قلت: فعلى هذا كان ينبغي أن يكون السواك واجبا على مذهب بعضهم.

م: (ولأن فيه) ش: إي في تأخير العشاء م: (قطع السمر) ش: بفتح الميم وهو المحادثة لأجل المؤانسة. وقال ابن الأثير: السمر من المسامرة وهي الحديث بالليل، وأصل السمر ضوء القمر وسموه بضوء القمر لأنهم كانوا يتحدثون فيه، وجاء بسكون الميم فيكون مصدرا.

ص: 48

المنهي عنه

بعده، وقيل: في الصيف تعجل كيلا تتقلل الجماعة،

ــ

[البناية]

م: (المنهي عنه) ش: أي السمر هو الذي نهى عنه.

(بعده) ش: أي بعد العشاء، والحديث الذي فيه النهي عن السمر رواه الأئمة الستة في كتبهم من حديث أبي برزة رضي الله عنه:«أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستحب أن يؤخر العشاء التي يدعونها العتمة، وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها» .

وقال الطحاوي: إنما يكره النوم بعدها لمن حشي فوت وقتها أو فوت الجماعة منها، وأما من دخل [

] من يوقظه لوقتها يباح له النوم.

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «جدب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم السمر بعد العشاء» ، رواه ابن ماجه وقال: يعني زجرنا عنه، ونهانا عنه، وجدب بالجيم والدال المهملة وفي آخرها باء موحدة. قال ابن الأثير: وفي حديث عمر رضي الله عنه جدب السمر ذمه وعابه، وكل غائب جادب.

1 -

وقد أجاز العلماء السمر بعد العشاء في الخير، واستدلوا على ذلك بما أخرجه البخاري ومسلم عن سالم عن ابن عمر رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة صلاة العشاء في آخر حياته فلما سلم قال: «أرأيتكم ليلتكم هذه فإن على رأس مائة سنة لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض [أحد] ".»

وروى الترمذي في الصلاة والنسائي في المناقب عن إبراهيم عن علقمة عن عمر رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمر عند أبي بكر رضي الله عنه ليلة في الأمر من أمر المسلمين وأنا معهما» .

م: (وقيل في الصيف تعجل) ش: أي العشاء، وفي " المحيط " و " البدائع " ويؤخر العشاء إلى ثلث الليل أفضل وتعجل في الصيف.

م: (كيلا تتقلل الجماعة) ش: قال شيخ الإسلام: وتأخير العشاء إلى ثلث الليل أفضل عند علمائنا في الشتاء من التعجيل في الوقت، وفي الصيف التعجيل من التأخير. وكذلك ذكر التفضيل بين الشتاء والصيف في " فتاوي قاضي خان " م:(كيلا تتقلل الجماعة) ش: لأن الليل قصير والنوم غالب.

وقال الأترازي: قال بعض الشارحين كان من حق هذا القول أن يؤخر عن التقاسم أجمع من قوله وتأخير العشاء إلى ما قبل ثلث الليل، وقوله والتأخير إلى نصف الليل وقوله وإلى نصف الأخير مكروه، أو يقوم على القاسم أجمع.

أقول: ليس كما قال الشارح، بل كلام المصنف وقع موقعه، وأجاب نحوه لأنه لو أخر عن

ص: 49

والتأخير إلى نصف الليل مباح؛ لأن دليل الكراهة - وهو تقليل الجماعة - عارضه دليل الندب وهو قطع السمر بواحدة، فتثبت الإباحة إلى النصف، وإلى النصف الأخير مكروه؛ لما فيه من تقليل الجماعة،

ــ

[البناية]

جميع التقاسم يظن ظان أن المراد من هذا التعجيل هو التأخير إلى ما قبل ثلث الليل، لأنه تعجيل أيضا بالسنة إلى نصف الليل وإلى نصف الأخير، فلما ذكر هذا القول بعد ذكر ثلث الليل لأنه تعجيل لم يفهم منه إلا التعجيل في أول الوقت، أما التقديم فلا معنى له، لأن المصنف إنما قال بلفظ قيل في المصنف، وإنما يستعمل لفظ قيل إذا سبق قبله قوله آخر، يعني أن تأخير العشاء إلى ما قبل ثلث الليل مستحب في الصيف والشتاء، وقيل في الصيف يعجل ولا يؤخر انتهى.

قلت: أراد ببعض الشارحين السغناقي فإنه قال: نقل ما نقله عنه لكنه قال في آخر كلامه: لما أن هذه التقاسم في حق الشتاء لا في حق الصيف، وترك بقية كلام السنغاقي وبقي كلامه، وليس كذلك على ما لا يخفى.

م: (لأن دليل الكراهة وهو تقليل الجماعة عارضه دليل الندب وهو قطع السمر بواحدة) ش: بتاء التأنيث أي سمرة واحدها بالخلاف للموصوف، وفسره تاج الشريعة بقوله: أي بالكلية ومعناه بالفارسية - يكبار - وأخذ عنه هذا التفسير الأكمل وصاحب " الدراية ". وفي بعض النسخ بواحد بغير تاء التأنيث. وقال صاحب " الدراية ": أي بواحد من الناس وهذا عبارة عن المبالغة في قطع السمر، لأنه لما انقطع بواحد كان منقطعا باثنين وما فوقه أيضا. وقال الأترازي: بواحد أراد به نفي السمر عن شخص واحد، مبالغة في نفي السمر على وجه العموم، لأن السمر إذا كان منفيا عن واحد كان منفيا عن الجميع لأن النكرة إذا وقعت في موضع النفي عمت.

قلت: هذه التفاسير كلها ليست بظاهرة، أما تفسير " تاج الشريعة " فإنه ليس مما يقتضيه معنى الكلمة إلا إذا قدرنا الموصوف كما ذكرنا. وأما تفسير صاحب " الدراية " لفظ بواحد بغير التاء بقوله بغير واحد من الناس فهو أيضا خلاف الظاهر، وأما تفسير الأترازي فأبعد من الكل لأنه أين النكرة التي وقعت في موضع النفي حتى تعم.

م: (فتثبت الإباحة إلى النصف) ش: هذه نتيجة الكلام الذي قبله، أي إباحة التأخير إلى نصف الليل.

م: (وإلى النصف الأخير مكروه) ش: أي تأخيره إلى النصف الأخير من الليل مكروه.

م: (لما فيه) ش: أي في التأخير إلى نصف الليل الأخير م: (من تقليل الجماعة) ش: وفي

ص: 50

وقد انقطع السمر قبله،

ويستحب في الوتر لمن يألف صلاة الليل أن يؤخره إلى آخر الليل، فإن لم يثق بالانتباه أوتر قبل النوم؛ لقوله عليه الصلاة والسلام:«من خاف أن لا يقوم آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخر الليل فيوتر آخره» .

ــ

[البناية]

" القنية ": كراهة التأخير إلى النصف الأخير للتحريم م: (وقد انقطع السمر قبله) ش: الواو فيه للحال، والغالب أن السمر لا يكون في النصف الأخير يثبت الكراهة لبقاء دليلها سالما عن المعارض.

وقال الأكمل: واعترض بتعجيل النحر في أول الوقت فإنه مباح ودليل الكراهة وهو تقليل الجماعة سالم عن معارضة دليل النجم.

وأجيب: بأن المعارض هناك أيضا موجود وهو قَوْله تَعَالَى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: 133](آل عمران: الآية 133) فإن المسارعة إلى العبادة بعد وجوب السبب مندوب إليها لو لم يكن فيها التأخير يعني تكثير الجماعة، فكان فيه تعارض دليل الندب وهو المسارعة إلى العبادة مع دليل الكراهة وهو تقليل الجماعة؛ فثبتت الإباحة لذلك بخلاف تأخير العشاء إلى النصف الأخير، فإن دليل الكراهة فيه سالم عن معارضة دليل الندب أصلا؛ لأنه ليس فيه المنازعة لأداء العبادة ولا تكثير الجماعة ولا قطع السمر لانقطاعه قبله.

قلت: أخذ الأكمل هذا من السغناقي. وقال صاحب " الدراية ": فيه تأمل.

م: (ويستحب في الوتر لمن يألف صلاة الليل) ش: أي لمن له إلفة وعادة بالصلاة في الليل أن يؤخر الوتر إلى: م: (آخر الليل) ش: في غالب النسخ، ويستحب في الوتر لمن يألف الصلاة آخر الليل فعلى هذا يجوز في لفظ آخر النصب على الظرفية، والتقدير، يوتر في آخر الليل وهذا روي، ويجوز الرفع أيضا بأن يكون مفعولا أقيم مقام فاعل يستحب، وهذا روي أيضا. وقال الأترازي وغيره: عندي الأول هو الأولى لأن في الثاني يحتاج إلى التأويل والأصل عدم التأويل.

قلت: أراد بالأول: الرفع، وبالثاني: النصب ونحوه من كلامه بأن الإسناد في الأول على وجه المجاز، فلا يخرج عن التأويل.

م: (وإن لم يثق بالانتباه أوتر قبل النوم) ش: لأن من ليس له إلفة بصلاة الليل آناء آخر الوقت لا بأس من الفوات لغلبة النوم.

م: (لقوله صلى الله عليه وسلم: «من خاف أن لا يقوم آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخر الليل فليوتر آخره» ش: الحديث رواه مسلم عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر رضي الله عنهما قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: " متى توتر؟ قال: أول الليل بعد العتمة قال

ص: 51

فإذا كان يوم غيم، فالمستحب في الفجر والظهر والمغرب تأخيرها،

وفي العصر والعشاء تعجيلهما؛ لأن في تأخير العشاء تقليل الجماعة على اعتبار المطر، وفي تأخير العصر توهم الوقوع في الوقت المكروه، ولا توهم في الفجر؛ لأن تلك المدة مديدة وعن أبي حنيفة رحمه الله التأخير في الكل للاحتياط،

ــ

[البناية]

أخذت بالوثقى، ثم قال لعمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - متى توتر؟ قال آخر الليل. قال: أخذت بالقوة» .

م: (فإذا كان يوم غيم) ش: يوم: مرفوع لأنه اسم كان، والغيم: السحاب، وفيه إشارة إلى أن الذي ذكره قبله من استحباب فيما إذا كانت السماء مضحية، أما إذا كان يوم غيم م:(فالمستحب في الفجر والظهر والمغرب تأخيرها) ش: قوله فالمستحب خبر كان ودخول الفاء عليه لتوهم معنى الشرط في كلمة. أما قوله تأخير الصلاة في هذه الأوقات الثلاثة.

وفي " الينابيع "" والمحيط "" والتحفة "" والقنية " وغيرها: إن كانت السماء مغيبة فكل صلاة أولها حين عجلت، يقال: غابت السماء وأغامت بالإعلال، وأغمته بالتصحيح على الأصل إذا كان بها غيم.

وفي " المبسوط ": المستحب تعجيل المغرب في كل وقت ولم يذكر التأخير في يوم الغيم، وقال القاضي: نص العمل في رواية الجماعة على استحباب تأخير الظهر والمغرب في الغيم وتعجيل العصر والعشاء. قال ابن المنذر: عن عمر رضي الله عنه إذا كان يوم غيم فأخروا الظهر وعجلوا العصر. وقال المهلب: لا يصح التبكير في الغيم إلا بصلاة العصر والعشاء.

م: (وفي العصر والعشاء تعجيلهما) ش: أي يستحب في صلاة العصر والعشاء تعجيلها، وتوحيد الضمير باعتبار لفظ الصلاة المقدرة وفي العصر والعشاء كما قدرنا.

(لأن في تأخير العشاء تقليل الجماعة على اعتبار المطر) ش: أي على اعتبار وقوع المطر، وحصول الطين والغيم الرطب سبب المطر وتكاسل الناس في الخروج إلى المسجد مترخصين بقوله صلى الله عليه وسلم:«إذا بلت النعال فالصلاة في الرحال» .

م: (وفي تأخير العصر توهم الوقوع في الوقت المكروه) ش: وهو وقت اصفرار الشمس.

" ولا توهم في الفجر لأن تلك المدة مديدة " يعني ما بين التنوير وطلوع الشمس مدة مديدة يؤمن أن يقع الأداء وقت طلوع الشمس.

م: (وعن أبي حنيفة رضي الله عنه التأخير في الكل) ش: أي في الصلاة، روى الحسن عن أبي حنيفة رضي الله عنهما إذا كان يوم غيم فالمستحب في جميع الصلوات التأخير كذا في " المبسوط "، وفي " البدائع " وهو اختيار الفقيه الجليل أبي أحمد العياضي لأن في التردد ترددا بين الأداء والقضاء، وفي التعجيل بين الصحة والفساد وأشار إلى ذلك بقوله (للاحتياط) ش: في

ص: 52

ألا ترى أنه يجوز الأداء بعد الوقت لا قبله.

ــ

[البناية]

الصحة والفساد.

م: (ألا ترى أنه يجوز الأداء بعد الوقت لا قبله) ش: وصح بذلك وجه الاحتياط وذلك لأنه إذا أخر في يوم الغيم صلاة من الصلوات بوقت بعد خروج الوقت، فصلاته جائزة تسقط عنه الفرض، بخلاف ما إذا عجل ووقعت قبل دخول الوقت فإنها فاسدة فيجب عليه الإعادة.

ص: 53