الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
15- الوعد بنصره صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة:
قال تعالى: مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ [الحج: 15] .
فالآية أثبتت أن الله- عز وجل ناصر نبيّه صلى الله عليه وسلم لا محالة في الدنيا والآخرة، وأن كيد أعدائه لن يستطيع أن يرد نصر الله له، قال ابن كثير في شرح هذه الآية الكريمة:(من كان يظن أن الله ليس بناصر محمدا وكتابه ودينه فليذهب فليقتل نفسه إن كان ذلك غائظه فإن الله ناصره لا محالة) . انتهى «1» .
وقد ذكر القرطبي عن النحاس «2» معنى آخر للآية فقال: (من كان يظن أن لن ينصر الله محمدا وأنه يتهيأ له أن يقطع النصر الذي أوتيه فليطلب صلة يصل بها إلى السماء ثم ليقطع النصر إن تهيأ له)«3» .
والحاصل أن كل التفاسير تتفق في معنى واحد للآية، وهو أن الله ناصر نبيه صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة.
وفي الآية عدة فوائد منها:
الفائدة الأولى:
أن الله، عز وجل، قد وعد نبيه- وهو في مكة قبل الهجرة، وهو لا يزال مستضعفا- بالنصرة في الدنيا والآخرة، وهذه البشرى من أعظم دلائل نبوته، صلى الله عليه وسلم، ولولا أن هذا الوعد من الله، ولولا صدق النبي صلى الله عليه وسلم، في التبليغ عن ربه، ما أحرج نفسه أمام أصحابه رضي الله عنهم بإعلان هذا الوعد، ولكان اكتفى بذكر النصر في الآخرة دون الدنيا، لأن تحقق الوعد من عدمه لن يخفى على أحد في الدنيا بعكس الآخرة، وبعد أن تحققت هذه البشرى في الدنيا كأحسن ما يكون، لم يبق للكفار حجة على الله في تكذيب نبوة النبي صلى الله عليه وسلم.
الفائدة الثانية:
إذا كان النصر في الدنيا للنبي صلى الله عليه وسلم يكون بالظهور على الأعداء وانتشار دينه والتمكين لأهله في الأرض، فكيف يكون نصره صلى الله عليه وسلم في الآخرة؟، أقول: يكون بمنحه أعظم المنح والمقامات، كالشفاعة العظمى واللواء المعقود ونهر الكوثر، وإسكانه
(1) تفسير ابن كثير (3/ 21) .
(2)
هو أحمد بن محمد المفسر توفي عام (338 هـ) . انظر الأعلام للزركلي (8/ 14) .
(3)
الجامع لأحكام القرآن (12/ 21) .