الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أولا: سبب نزول الآية الكريمة:
روى البخاري في صحيحه، عن ابن عبّاس: أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم خرج إلى البطحاء فصعد إلى الجبل فنادى يا صباحاه، فاجتمعت إليه قريش فقال:«أرأيتم إن حدّثتكم أنّ العدوّ مصبّحكم أو ممسّيكم أكنتم تصدّقوني؟» ، قالوا: نعم، قال:«فإنّي نذير لكم بين يدي عذاب شديد» فقال أبو لهب: ألهذا جمعتنا؟! تبّا لك. فأنزل الله- عز وجل: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ إلى آخرها.
بعض فوائد الآية الكريمة والحديث الشريف:
الفائدة الأولى:
أوجه تسلية النبي صلى الله عليه وسلم في الآية الكريمة ومظاهر حب الله له:
1-
نزول سورة قرآنية كاملة، تتلى إلى يوم القيامة، فيمن أساء للنبي صلى الله عليه وسلم، ومن علم قدر هذا الكتاب العظيم، علم قدر النبي صلى الله عليه وسلم عند ربه، أن أنزل سورة في القرآن يسليه بها ويرفع عنه حزنه وضيق صدره مما يجد من أعدائه.
2-
نزلت السورة الكريمة مباشرة بعد مقولة أبي لهب الشنيعة، ورد في الحديث:
(فأنزل الله تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ [المسد: 1] ) . والفاء للتعقيب، وهذا يدل على عظيم غيرة الله على نبيه صلى الله عليه وسلم وشدة غضبه على من آذاه وناوأه.
3-
افتتحت السورة الكريمة بالدعاء على عدو النبي صلى الله عليه وسلم أبي لهب-: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ ثم ورد في نفس الآية تحقق ذلك الدعاء بقوله تعالى: وَتَبَّ. واللافت للنظر أن يأتي الدعاء على أبي لهب بنفس الصيغة التي نطق بها لسانه المشئوم، وهذا يؤكد ما ذكرته في الفقرة السابقة. قال الإمامان الطبري وابن كثير- رحمهما الله تعالى-:(تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ دعاء عليه من الله وقوله: وَتَبَّ فإنه خبر) . انتهى «1» . وتب أي: خسر وهلك.
4-
نزول السورة بالدعاء على أبي لهب والإخبار بتحقق ذلك الدعاء، قطع كل أمل في نجاة الرجل وزوجه، كما أن إغلاق باب التوبة على الرجل وزوجه في زمن الإمهال- أي في الحياة الدنيا وقبل غرغرة الموت- يدل على غضب الله الشديد عليهما، فلم يذكر القرآن العظيم سوء خاتمة أحد بكنيته إلا أبي لهب. وهذا من شؤم عمله واستعجاله العذاب بإيذاء النبي صلى الله عليه وسلم.
(1) انظر تفسير الطبري (30/ 336) ، وتفسير ابن كثير (4/ 565) .