الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفائدة الرابعة:
لا يحكم أحد على قلبه بالطهارة إلا إذا كان قلبه بعيدا عن حب ارتكاب الفواحش أو حتى تمنى مواقعتها، مع حرصه على البعد عن أسباب ودوافع الوقوع فيها.
هـ- تحريم الزواج منهن:
قال تعالى: وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً [الأحزاب: 53] .
من أعظم مظاهر تعظيم أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، اللاتي هن أمهات المؤمنين، تحريم الزواج منهن بعد النبي صلى الله عليه وسلم، ومما يوضح مظاهر ذلك من الآية الكريمة:
1-
بدأت الآية الحديث عن تحريم الزواج من أمهات المؤمنين- رضي الله عنهن بتأسيس قاعدة عظيمة، وهي تحريم إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ [الأحزاب: 53] ، أي ما كان ينبغي لكم أو يليق بكم، وهو أشد أنواع النهي في القرآن الكريم، وهي صيغة مشعرة بأن جميع أنواع الإيذاء في جميع الأحوال محرمة في حق النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا استقر هذا المفهوم في القلوب والأذهان جاء ذكر تحريم الزواج من أمهات المؤمنين.
2-
ورد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في سياق تحريم إيذائه بأعظم صفاته وهي رَسُولَ اللَّهِ، فلم يذكر باسمه ولم يذكر بصفة النبوة، بل ذكر صلى الله عليه وسلم بصفة الرسالة، وإضافة لفظ الجلالة إلى الرسول لها مغزى عظيم، وهو تعظيم أمر الرسول صلى الله عليه وسلم لكونه رسولا من الله- تبارك وتعالى، والإشعار بأن إيذاءه يسبب- قطعا- إيذاء لله- تبارك وتعالى؛ لأنه هو الذي أرسله، والغرض من ذلك كله هو تعظيم أمر الإيذاء، ولو جاءت الآية بعبارة:(وما كان لكم أن تؤذوا الرسول) ما أفادت هذا المعنى.
3-
لفظ: مِنْ بَعْدِهِ يفيد إحدى العلل الرئيسة في تحريم الزواج من أمهات المؤمنين، وهو أن هذا الزواج سيكون بعد نكاح النبي صلى الله عليه وسلم لهن، وكفى بذلك تعظيما لتحريم أمر هذا الزواج كما سيأتي- إن شاء الله- عند بيان علل التحريم.
4-
قوله تعالى: أَبَداً وهو لفظ يفيد إرادة الله- سبحانه وتعالى إغلاق جميع أبواب هذا الزواج، وإفادة عدم وجود أي استثناآت أو حالات يمكن القول فيها بحلّ هذا الزواج، فلفظ (أبدا) زادت من تعظيم هذا التحريم، للحكم باستحالة حله في أي زمان أو مكان أو حالة من الحالات.