الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1-
وجوب إجابة دعوته وندائه، حتى ولو كان المنادى في الصلاة، التي هي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهو قول الشافعية، على اختلاف عندهم هل تبطل الصلاة بهذه الإجابة أم لا، ذكره الحافظ في الفتح «1» ، وموطن الخلاف: هل هذه الإجابة تخرج الصحابيّ من الصلاة لبطلانها بتكلمه، أم يجيب ويستمر في الصلاة وأعتقد أن الرأي الأخير هو قول الشافعي- رحمه الله فقد نقل عنه الإمام القرطبي قوله في شرح الآية:(هذا دليل على أن الفعل الفرض أو القول الفرض إذا أوتي به في الصلاة لا تبطل؛ لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإجابة وإن كان في الصلاة)«2» .
وأقول: إجابة دعوته صلى الله عليه وسلم واجبة سواء كان الصحابي في صلاة فريضة أم نافلة، والدليل على ذلك عدم سؤال النبي صلى الله عليه وسلم الصحابيّ عن نوع الصلاة التي كان يصليها، وإلا لأوضح النبي صلى الله عليه وسلم للصحابي وجوب استجابة دعائه في صلاة النافلة دون الفريضة لما استدل صلى الله عليه وسلم بالآية الكريمة.
2-
إجابة دعوته صلى الله عليه وسلم فرض على الفور وليس على التراخي، ولو كانت على التراخي ما عاتب النبي صلى الله عليه وسلم أبا سعيد رضي الله عنه لعدم إجابته وهو في الصلاة.
3-
مما يعظم أمر وجوب استجابة دعائه صلى الله عليه وسلم ولو كان المرء في صلاة. أن هذا الأمر قد ورد في القرآن الكريم، والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم استدل بالآية وهو أعلم الخلق بمراد الله. سبحانه وتعالى. كما أن من أوجه تعظيم أمر إجابة دعائه صلى الله عليه وسلم أن الله قد قرن بين وجوب طاعته. سبحانه وتعالى.
وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم في أمر واحد، فقال تعالى: اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ.
يتفرع على ما ذكر، وجوب تعظيم المسلم لنداء النبي صلى الله عليه وسلم. نداؤه على سبيل الحقيقة وهو بين أصحابه صلى الله عليه وسلم، ونداؤه صلى الله عليه وسلم لأمته بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى، ويتمثل في اتباع سنته القولية والفعلية، يصدّق ذلك قوله تعالى: لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (63)[النور: 63] .
الفائدة الثانية:
امتثال سنة النبي صلى الله عليه وسلم في كل ما أمر به ونهى عنه، واجب على كل مسلم ومسلمة- وجوبا على الفور- والدليل على ذلك الآية الكريمة التي استدل بها النبي صلى الله عليه وسلم ومعاتبته الصحابي على عدم إجابة دعوته وهو في الصلاة.
الفائدة الثالثة:
تفاضل سور القرآن العظيم، والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «لأعلمنك
(1) انظر فتح الباري (8/ 158) .
(2)
انظر الجامع لأحكام القرآن (7/ 390) .